ح1وج2وج3.تهذيب الآثار للطبري
{3 صفحات في صفحة}
ج1. تهذيب الآثار للطبري
تهذيب الآثار للطبري بسم الله الرحمن الرحيم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل
ذكر ما صح عندنا سنده من حديث أبي سعيد الخدري ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم نذكره فيما مضى
1 - حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري رضي الله عنه قال : حدثني القاسم بن بشر بن معروف ، حدثنا الأسود بن عامر ، أنبأنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، عن عمر أنه قال : يا رسول الله ، لقد سمعت فلانا وفلانا يذكران خيرا ، يزعمان أنك أعطيتهما دينارين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ولكن فلانا ما هو كذلك - أو ما يقول ذاك - لقد أعطيته من عشرة إلى مائة فما يقول ذاك ، وإن أحدهم يخرج بمسألته من عندي متأبطها » يعني نارا ، فقال عمر : يا رسول الله ، فلم تعطيهم ؟ قال : « يأبون إلا ذاك ، ويأبى الله لي البخل »
2 - حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، عن عمر بن الخطاب ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، إني رأيت فلانا يحسن الثناء ، قال : « إني كنت أعطيته دينارين ، ولكن فلانا أعطيته ما بين الدينارين إلى الثمانية ، فما أثنى ولا قال خيرا » ، قال : قلت : بأبي وأمي ، فلم تعطيهم ؟ قال : « يسألوني ، يريدون لي البخل ، ويأبى الله لي إلا السخاء »
ذكر علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا سبب يضعفه ، ولا علة توهنه ؛ لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون سقيما غير صحيح ؛ لعلل : إحداها : أن هذا الحديث قد حدث به جماعة من الثقات من أصحاب أبي بكر بن عياش ، عن أبي بكر ، فجعلوا هذا الخبر عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخلوا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر ، وأخرى : أنه حدث به عن الأعمش غير أبي بكر ، فجعل الخبر عنه عن غير أبي صالح ، والثالثة : أنه حدث به جماعة من التابعين عن أبي سعيد ، فجعلوا الخبر عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخلوا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا ، والرابعة : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن أبي سعيد ، عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا من هذا الوجه الذي ذكرناه
ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي بكر بن عياش فلم يدخل بين أبي سعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمر
3 -
حدثني عيسى بن يوسف بن الطباع ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا سليمان الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
والله إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي متأبطها (1) ، وما هي له إلا نار » ، فقال
عمر : فلم تعطيهم يا رسول الله وهي نار ؟ قال : « ما أصنع ؟ يسألوني وأنا كاره
فأعطيهم ، يأبى (2) الله لي البخل » ، حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا أحمد بن عبد
الله بن يونس ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، قال :
قال عمر : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت فلانا يثني خيرا ، ثم ذكر نحوه
__________
(1) تأبط الشيء : جعله تحت إبطه ، والإبط : باطن الذراع
(2) يأبى : يمتنع ويرفض
ذكر من حدث بهذا الحديث عن الأعمش ، فجعله عن غير أبي صالح
4 - حدثنا تميم بن المنتصر ، أنبأنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، أنبأنا شريك ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : أتى رجلان رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهما دينارين ، فخرجا من عنده فلقيا عمر ، فأثنيا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قالا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ولكن فلانا أعطيته ما بين عشرة إلى مائة فلم يثن بذلك » قال : يعني أبا سفيان قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أما إن أحدكم يخرج من عندي متأبطا مسألته وهي نار » ، فقال عمر : فلم تعطيناها يا رسول الله وهي نار ؟ قال : « إنكم تسألوني ، وإن الله يأبى لي البخل »
ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي سعيد غير من ذكرت ، فلم يدخل بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا
5 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا فضيل بن سليمان النميري ، حدثنا محمد بن أبي يحيى الأسلمي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ذهبا ، إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله أعطني ، فأعطاه ، ثم قال : زدني . فزاده مرارا . قال : ثم ولى مدبرا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الرجل ليأتيني فيسألني فأعطيه ، ثم يسألني ، فأعطيه ، يقولها ثلاث مرات ، ثم يولي مدبرا وقد أخذ بيده نارا ، ووضع في ثوبه نارا ، وانقلب إلى أهله بنار »
6 - حدثني أبو عميرة عبد العزيز بن أحمد بن سويد الرملي ، حدثنا أيوب بن سويد ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعطاهم ، ثم سألوه فأعطاهم ، ثم سألوه فأعطاهم ، حتى إذا نفد ما عنده قال : « ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر »
7 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : أرسلني أهلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله لهم طعاما ، قال : فجئت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس ، فسمعته يقول في خطبته : « من يتصبر يصبره الله ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، وما رزق العبد رزقا أوسع من الصبر » وقد وافق عمر في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روي عنه من كراهته مسألة الناس أموالهم جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نذكر ما صح منها عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان عنه إن شاء الله عز وجل
ذكر ذلك
8 - حدثني أحمد بن المقدام العجلي ، حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي ، قال : سمعت أبي يحدث ، عن قتادة ، عن هلال أخي بني مرة بن عباد ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال أبو سعيد الخدري : أعوزنا إعوازا شديدا ، فأمرني أهلي أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله شيئا فأقبلت ، فكان أول ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « من استغنى أغناه الله ، ومن استعفف أعفه الله ، ومن سألنا لم ندخر عنه شيئا وجدنا » ، أو كما قال . قال : فقلت في نفسي : لأستغنين فيغنيني الله ، ولأتعففن فيعفني الله ، فلم أسأل نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئا
9 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن هلال بن حصن أحد بني مرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : أعوزنا مرة ، فقال لي رجل : لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته ، فأتيته فإذا هو يقول : « من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن سألنا لا نبخل عليه بما نجد ، أو لا نبخل عليه شيئا نجده » ، قال : قلت في نفسي : ألا أستعفف فيعفني الله أو لا أستغني فيغنيني الله قال : فرجعت إلى أهلي ، فسالت علينا الدنيا ، وغرقنا إلا ما عصم الله «
10 -
حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا جمرة
يحدث عن هلال بن حصن ، قال : نزلت دار أبي سعيد الخدري ، فضمني وإياه المجلس ، قال
: فحدث أنه أصبح ذات يوم وقد عصب (1) على بطنه حجرا من الجوع ، فقالت له امرأته أو
أمه : إيت النبي صلى الله عليه وسلم فسله ؛ فقد أتاه فلان فسأله فأعطاه ، وأتاه
فلان فسأله فأعطاه ، قال : قلت : حتى ألتمس شيئا ، قال : فالتمست شيئا ، فأتيته
وهو يخطب ، قال : فأدركت من قوله وهو يقول : « من يستعف يعفه الله ، ومن يستغن
يغنه الله ، ومن سألنا إما أن نبذل له أو نواسيه - أبو جمرة الشاك - ومن يستعف عنا
أو يستغن أحب إلينا ممن يسألنا » ، قال : فرجعت فما سألته شيئا ، فما زال الله
يرزقنا حتى ما أعلم أحدا في الأنصار أهل بيت أكثر أموالا منا
__________
(1) عصب : ربط
11 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من استعف أعفه الله ، ومن استغنى أغناه الله ، ومن سألنا شيئا فوجدنا أعطيناه »
12 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا بشير بن سلمان ، عن سيار أبي الحكم ، عن طارق بن شهاب ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تستد فاقته ، ومن أنزلها بالله أوشك الله له بالغنى ، إما غنى عاجلا ، وإما أجلا عاجلا » ، حدثني سليمان بن عبيد الله الغيلاني ، حدثنا أبو قتيبة ، وأبو أحمد الكوفي ، قالا : حدثنا بشير بن سلمان ، حدثنا سيار ، عن طارق ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، حدثنا بشير بن سلمان أبو إسماعيل ، عن سيار ، عن طارق بن شهاب ، عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه
13 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن معمر ، عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم »
14 -
حدثني محمد بن معمر البحراني ، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي ، وحدثنا محمد بن عبد
الله المخرمي ، حدثنا أبو هشام المخزومي ، قالا جميعا : أنبأنا وهيب ، حدثنا
النعمان بن راشد ، عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري قال : حدثني حمزة بن عبد الله
بن عمر ، قال : أقبلنا من الشام ، فقال عبد الله بن عمر : أتيتم الشام تسألوني ،
أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تزال المسألة بالعبد حتى
يلقى الله وليس في وجهه مزعة (1) لحم »
__________
(1) مزعة لحم : قطعة يسيرة من اللحم ، والمراد أنه يجيء ذليلا لا جاه له ولا قدر
15 - حدثنا ابن حميد ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا جرير ، عن عبد الملك بن عمير ، عن زيد بن عقبة ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن هذه المسائل كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل سلطانا ، أو في أمر لا بد منه »
16 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، وابن بشار ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن زيد بن عقبة ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « المسائل كد يكد بها الرجل وجهه ، فمن شاء أبقى على وجهه ، ومن شاء ترك ، إلا أن يسأل رجل ذا سلطان ، أو يسأل في شيء لا يجد منه بدا »
17 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن زيد بن عقبة ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن هذه المسائل كد يكد بها الرجل وجهه ، إلا أن يسأل ذا سلطان ، أو في أمر لا بد منه » ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مسألة الرجل شين يوم القيامة في وجهه خدوش ، أو كدوح »
18 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن بشر ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن زيد بن عقبة ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن المسائل كد يكد بها الرجل وجهه ، من شاء كدح ، ومن شاء ترك ، إلا أن يسأل رجل ذا سلطان في شيء لا يجد منه بدا » فحدثت به الحجاج فقال : إني ذو سلطان فسلني
19 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، عن زائدة ، قال : حدثنا عبد الملك بن عمير ، قال : قال زيد بن عقبة : قلت للحجاج : ألا أحدثك بشيء حدثنيه سمرة بن جندب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هلم ، قال : « المسائل كد يكد بها الرجل وجهه وخدوش ، فمن شاء أبقى على وجهه ، ومن شاء ترك ، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان ، أو ينزل به أمر لا يجد منه بدا فيسأل فيه » فقال الحجاج : سلني ، قال : قلت : ولد لي غلام ، قال : فألحقه في العطاء
20 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، والعباس بن أبي طالب ، قالا : حدثنا ثابت بن محمد ، حدثنا الحارث بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من سأل الناس في غير فاقة نزلت به ، أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم »
21 - حدثنا محمد بن عمارة ، حدثنا ثابت بن محمد ، حدثنا الحارث بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به ، أو عيال لا يطيقهم فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب »
22 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا عمرو بن مجمع ، حدثنا يونس بن خباب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما فتح رجل على نفسه باب مسألة يسأل الناس إلا فتح الله عليه باب فقر ؛ لأن العفة خير »
23 - حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، قال : حدثني قاص ، فلسطين ، أو : قاضي فلسطين - شك أبو عبد الله سوار - قال : سمعت عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر »
24 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يفتح أحد على نفسه باب مسألة ، إلا فتح الله عليه باب فقر ، لأن يأخذ أحدكم أحبله ، فيأتي الجبل فيحتطب على ظهره فيبيعه ، فيأكله خير له من أن يسأل الناس معطى أو ممنوعا »
25 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا الحسن بن الربيع ، عن سفيان ، عن ابن عجلان ، عن سعيد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من فتح باب مسألة فتح الله له باب فقر في الدنيا والآخرة ، ومن فتح باب عطية ابتغاء وجه الله أعطاه الله خير الدنيا والآخرة »
26 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد الهلالي ، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك »
27 -
حدثني علي بن سهل الرملي ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم
، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
يسأله ، فلم يكن عنده ما يعطيه ، قال : فتغيظ عليه وقال : « والذي نفسي بيده لا
يسأل عبد وله أوقية أو عدل (1) ذلك إلا سأل إلحافا »
__________
(1) العدل : المساوي والنظير والمثيل
28 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن رجل من بني أسد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يسأل رجل وله أوقية أو عدلها إلا سأل إلحافا »
29 - حدثني علي بن سعيد الكندي ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ح وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن نمير جميعا عن مجالد ، عن الشعبي ، عن حبشي بن جنادة ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « من سأل الناس ليثري به ماله فإنه خموش في وجهه ، ورضف من جهنم يأكله يوم القيامة »
30 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق ، حدثنا حبشي بن جنادة السلولي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سأل وله ما يغنيه فإنما يأكل الجمر »
31 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا سفيان ، عن حكيم بن جبير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سأل وله ما يغنيه جاء خموشا أو كدوحا ، أو شينا في وجهه » ، قال رجل : يا رسول الله : وما يغنيه ؟ قال : « خمسون درهما ، أو حسابهم من الذهب » قال سفيان : سمعت زبيدا يحدث عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد نحوه
32 - حدثني إسماعيل بن موسى الفزاري ، حدثنا شريك بن عبد الله ، عن حكيم بن جبير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خدوش ، أو كدوح ، أو خموش » قيل : يا رسول الله ، وما يغنيه ؟ قال : « خمسون درهما أو قيمتها من الذهب »
33 - حدثني علي بن سهل الرملي ، والربيع بن سليمان قالا : حدثنا أيوب بن سويد ، قال : حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : حدثني ربيعة بن يزيد ، قال : قدم أبو كبشة السلولي دمشق ، فقال له عبد الله بن عامر : ما أقدمك ؟ لعلك أردت أن تسأل أمير المؤمنين شيئا ؟ قال : وأنا أسأل أحدا شيئا بعد الذي حدثني سهل بن الحنظلية أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من يسأل الناس عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم » ، قلت : يا رسول الله : ما ظهر الغنى ؟ قال : « أن يعلم أن عند أهله ما يغديهم أو يعشيهم » . قال أبو كبشة : لا أسأل بعد هذا أحدا
34 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة ، أو خموش »
35 - حدثنا ابن حميد الرازي ، حدثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ، عن حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يد السائل السفلى » ، قلت : ومنك ؟ قال : « ومني » ، فقلت : والذي أكرمك ، لا تكون يدي تحت يد رجل من العرب بعدك أبدا ، « ومن يستغن يغنه الله ، ومن يستعفف يعفه الله » فلم يأخذ حكيم من أبي بكر وعمر شيئا
36 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : أخبرني عن ابن عبد الله بن سالم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن حكيم بن حزام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اليد العليا خير من اليد السفلى ، وليبدأ أحدكم بمن يعول ، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ، ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله »
37 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، قال ، حدثني ابن أبي ذئب ، عن مسلم بن جندب ، عن حكيم بن حزام أنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم من المال ، فألحفت عليه ، فقال : « ما أنكر مسألتك يا حكيم ، إنما هذا المال خضرة حلوة ، وإنما هو مع ذلك أوساخ أيدي الناس ، وإن يد الله فوق يد المعطي ، ويد المعطي فوق يد المعطى ، ويد المعطى أسفل الأيدي »
38 - حدثنا الغلابي أبو عبد الرحمن ، حدثنا أبو مسهر ، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس عن أبي مسلم الخولاني ، قال : أخبرني الحبيب الأمين أما هو إلي فحبيب ، وأما هو عندي فأمين عوف بن مالك الأشجعي أنهم كانوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة ، فقال : ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فمددنا أيدينا ، فبايعناه ، قلنا : قد بايعناك يا رسول الله ، وعلى ما بايعناك ؟ قال : « على أن تعبدوا الله لا تشركوا به شيئا ، والصلوات الخمس » ، وذكر كلمة خفية : « لا تسألوا الناس شيئا » . قال : فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوطه فما يسأل أحدا يناوله إياه
39 - حدثني سليمان بن عبيد الله الغيلاني ، حدثنا أبو قتيبة ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن محمد بن قيس ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يتقبل لي بواحدة أتقبل له الجنة » ، قال : قال ثوبان : أنا ، قال : « لا تسأل الناس شيئا » . قال : فإن كان سوطه يقع ، فما يقول لأحد ناولنيه ، حتى ينزل فيأخذه ، حدثني علي بن شعيب السمسار ، حدثنا معن بن عيسى القزاز ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن محمد بن قيس ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من تكفل لي بواحدة تكفلت له بالجنة » ، ثم ذكر نحوه حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني ابن أبي ذئب ، عن محمد بن قيس ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يتقبل لي بواحدة ، وأتقبل له بالجنة » ؟ ثم ذكر نحوه
40 -
حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، حدثنا المحاربي ح وحدثنا تميم بن المنتصر الواسطي
، أنبأنا يزيد جميعا عن محمد بن إسحاق ، عن العباس بن عبد الرحمن بن ميناء ، عن
عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يضمن لي خلة (1) ، وأضمن له الجنة » ؟
قال : قلت : أنا يا رسول الله ، قال : « لا تسأل الناس شيئا » . قال : فإن كان سوط
ثوبان ليسقط من يده وهو على بعيره ، فيذهب الرجل يناوله ، فيأبى (2) أن يأخذه حتى
ينيخ بعيره ، ثم ينزل فيأخذه
__________
(1) الخلة : السمة والخصلة والصفة
(2) يأبى : يمتنع ويرفض
41 - حدثني محمد بن عبد الملك ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أيوب ، عن أبي العالية ، عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يتكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا ، وأتكفل له بالجنة » ؟ قال ثوبان : أنا ، قال : فكان ثوبان لا يسأل أحدا شيئا ، حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثني أبي ، حدثنا شعبة ، عن عاصم الأحول ، عن أبي العالية ، عن ثوبان ، قال ، وقال : كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يتكفل لي » ، ثم ذكر نحوه
42 -
حدثني محمد بن عثمان بن صفوان الثقفي ، حدثنا أمية بن خالد ، حدثنا شعبة ، عن
بسطام بن مسلم ، عن عبد الله بن خليفة الغبري ، عن عائذ بن عمرو أن رجلا أتى النبي
صلى الله عليه وسلم يسأله فأعطاه فلما وضع رجله على أسكفة (1) الباب ، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « لو تعلمون ما في المسألة ، ما مشى أحد إلى أحد يسأله
شيئا »
__________
(1) الأسكفة : عتبة تكون تحت الباب
43 - حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا بسطام بن مسلم ، قال : سمعت خليفة بن عبد الله الغبري ، يحدث عن عائذ بن عمرو ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء أعرابي فقال : يا رسول الله ، أطعمني شيئا فإني جائع . فألح عليه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أراد أن يدخل أخذ بعضادتي الباب ، ثم أقبل علينا فقال : « لو تعلمون ما في المسألة ما أعلم ، لم يسأل رجل وعنده ما يبيته ليلة » ، ثم أمر له بطعام
44 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن فضيل ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سأل الناس أموالهم تكثرا ، فإنما هو جمر ، فليستقل منه أو ليستكثر »
45 - حدثني محمد بن خلف ، حدثنا كثير بن هشام ، عن النضر بن معبد ، قال ابن خلف : وحدثنا عبيد الله بن محمد ، حدثنا سلام أبو المنذر ، كلاهما عن محمد بن واسع ، عن ابن الصامت ، عن أبي ذر ، قال : « أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أسأل الناس شيئا »
46 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا بشر بن بكر التنيسي ، عن ابن جابر ، عن عروة بن محمد بن عطية ، قال : حدثني أبي أن أباه أخبره قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من بني سعد بن بكر ، وكنت أصغر القوم ، فخلفوني في رحالهم ، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى حوائجهم ، ثم قال : « هل بقي منكم أحد » ؟ قالوا : يا رسول الله ، غلام منا خلفناه في رحالنا ، فأمرهم أن يبعثوني إليه ، فأتوني ، فقالوا : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته ، فلما رآني قال : « ما أغناك الله فلا تسأل الناس شيئا ، فإن اليد العليا المنطية ، وإن اليد السفلى هي المنطاة ، وإن مال الله لمسئول ومنطى » ، قال : يكلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغتنا «
47 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني عاصم بن عبد الله بن نعيم ، عن أبيه ، عن عروة بن محمد ، عن أبيه ، عن جده : أنه قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف ، فلما دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم كان فيما ذكروا له أن سألوه ، فقال لهم : « هل قدم معكم أحد غيركم » ؟ قالوا : نعم ، معنا فتى منا خلفناه في رحالنا ، فأرسلوا إلي ، فلما دخلت عليه وهم عنده استقبلني فقال : « إن اليد المنطية هي العليا ، وإن السائلة هي السفلى ، فما استغنيت فلا تسأل ، فإن مال الله لمسئول ومعطى »
48 -
حدثني أحمد بن حماد الدولابي ، حدثنا سفيان ، عن هارون بن رئاب ، عن كنانة بن نعيم
، عن قبيصة بن المخارق أنه تحمل بحمالة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ،
فقال : « نؤديها ونخرجها من نعم الصدقة ، يا قبيصة ، إن المسألة حرمت إلا على ثلاث
: رجل تحمل بحمالة ؛ فحلت له المسألة حتى يؤديها ، ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة
(1) فاجتاحت ماله ؛ فحلت له المسألة حتى يصيب قواما - أو سدادا - من عيش ، ثم يمسك
، ورجل أصابته حاجة حتى تكلم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن قد حلت له المسألة ؛
حتى يصيب قواما - أو سدادا - من عيش ، ثم يمسك ، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحت
(2) » ، حدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن عيينة ، عن هارون بن رئاب ، عن كنانة بن نعيم ،
عن قبيصة بن المخارق الهلالي ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إني
تحملت بحمالة فسألته ، فقال : « نؤديها ونخرجها من إبل الصدقة » . ثم ذكر نحوه ،
غير أنه قال في حديثه : « ورجل أصابته حاجة أو فاقة حتى يتكلم ثلاثة من ذوي الحجا
من قومه ، يشهدون أنه قد حلت له المسألة » . وقال أيضا : « فما سوى ذلك سحت » .
وسائر الحديث نحوه
__________
(1) الجائحة : الآفة أو الشدة تصيب المال فتفسده وتهلكه
(2) السُّحت : الحَرَام الذي لا يَحِلُّ كسْبُه؛ لأنه يَسْحَت البركة : أي
يُذْهبها ، والسَّحت من الإهْلاك والاستِئصال.
49 -
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن هارون بن رئاب ، عن كنانة
بن نعيم ، عن قبيصة بن المخارق الهلالي ، قال : حملت حمالة ، فأتيت النبي صلى الله
عليه وسلم أسأله فيها ، فقال : « أقم حتى تأتينا الصدقة ، فإما أن نتحملها عنك ،
وإما أن نعينك فيها » ، وقال : « إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة : رجل تحمل حمالة
بين قوم ؛ فيسأل فيها حتى يؤديها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة (1) فاجتاحت ماله ؛
فيسأل فيها حتى يصيب قواما من عيش ، أو : سدادا من عيش ، ثم يمسك ، ورجل أصابته
فاقة حتى شهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أن قد أصابته فاقة ، وأن قد حلت له
المسألة ؛ فيسأل حتى يصيب قواما من عيش - أو سدادا من عيش - ثم يمسك ، وما سوى ذلك
من المسائل سحت (2) يا قبيصة ، يأكله صاحبه سحتا » ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد
الوهاب بن عبد المجيد ، حدثنا أيوب ، عن هارون بن رئاب ، عن كنانة بن نعيم ، عن
قبيصة بن المخارق ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستعينه في حمالة ، فقال
: « أقم عندنا ، فإما أن نتحملها عنك ، وإما أن نعينك فيها ، واعلم أن المسألة لا
تحل إلا لثلاثة » . ثم ذكر نحوه
__________
(1) الجائحة : الآفة أو الشدة تصيب المال فتفسده وتهلكه
(2) السُّحت : الحَرَام الذي لا يَحِلُّ كسْبُه؛ لأنه يَسْحَت البركة : أي
يُذْهبها ، والسَّحت من الإهْلاك والاستِئصال.
50 -
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، حدثنا أبو الأحوص ، عن بيان ، عن قيس بن أبي حازم ،
عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لأن يغتدي أحدكم
فيأتي بحطب على ظهره فيبيعه ، فيستغني به عن الناس ويتعفف ، خير له من أن يأتي
رجلا يسأله ، أعطاه أو منعه ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول
(1) »
__________
(1) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
51 -
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ، أنبأنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن إسماعيل ، عن
قيس ، عن أبي هريرة ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « والله لأن
يغدو (1) أحدكم فيحتطب على ظهره فيبيعه فيستغني منه ، أو يتصدق به ، خير له من أن
يأتي رجلا فيسأله فيمنعه ذلك ، إن اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن
تعول (2) » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا إسماعيل ، عن قيس ، عن أبي
هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قال : « فيمنعه أو يؤتيه ذلك ،
إن اليد العليا » . وسائر الحديث مثل حديث عبد الحميد ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا
وكيع ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، أنبأنا يزيد ، أنبأنا إسماعيل ، عن قيس ، عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ولم يقل فيه : « وابدأ بمن تعول »
__________
(1) الغُدُو : السير أول النهار
(2) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
52 -
حدثني محمد بن حاتم المؤدب ، حدثنا عبيدة بن حميد ، حدثني سليمان الأعمش ، عن أبي
صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لأن يحتطب (1)
الرجل على ظهره فيبيعه فيأكل خير له من أن يسأل »
__________
(1) الاحتطاب : جمع الحطب
53 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب ، عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف أنه سمع أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لأن يحتزم أحدكم حزمة من حطب فيحملها على ظهره فيبيعها خير له من أن يسأل رجلا فيعطيه أو يمنعه » حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثني عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن الزهري ، عن أبي عبيد أنه سمع أبا هريرة ، يقول : « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » لأن يحتزم أحدكم حزمة حطب « ، ثم ذكر نحوه
54 -
حدثني سلم بن جنادة السوائي ، حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اليد العليا خير من اليد
السفلى ، وابدأ بمن تعول (1) » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله حدثنا أبو كريب ،
حدثنا يونس بن بكير ، حدثني محمد بن إسحاق ، حدثني موسى بن يسار ، عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم بمثله حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن فضيل ، عن عاصم بن
كليب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . حدثنا
الحسن بن الجنيد ، حدثنا سعيد بن مسلمة ، حدثنا عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن أبي
هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
55 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا معقل بن عبيد الله ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، رفعه معقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مرة ، وقصر به أخرى ، قال : « اليد العليا خير من اليد السفلى »
56 -
حدثنا عمران بن بكار الكلاعي ، حدثنا الربيع بن روح ، حدثنا أبو هاشم المغيرة بن
عبد الرحمن المخزومي ، حدثنا محمد بن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن
أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اليد العليا خير من اليد
السفلى ، وابدأ بمن تعول (1) »
__________
(1) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
57 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن إبراهيم الهجري ، قال : سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الأيدي ثلاث أيد : يد الله العليا ، ويد المعطي التي تليها ، ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة ، فاستعفف عن السؤال ما استطعت »
58 -
حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا الفضيل بن سليمان النميري ، حدثنا موسى بن
عقبة ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اليد
العليا خير من اليد السفلى ، واليد العليا المتعففة (1) ، واليد السفلى السائلة »
، حدثنا ابن البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا صدقة ، عن موسى بن عقبة ، عن
نافع ، عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) التعَفُّف : هو الكَفُّ عن الحَرَام والسُّؤالِ من الناس ، وأعفه الله أي
أغناه عن سؤال الناس وعما لا يجمل من القول والفعل
59 - حدثنا إسماعيل بن حفص الأيلي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن محمد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، قال : كتب ابن عمر إلى عبد العزيز بن مروان : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الأيدي ثلاث : يد الله العليا ، ويد المعطي الوسطى ، ويد المعطى السفلى » ، وإني أرى أنها صارت السفلى لمسألتها «
60 -
حدثني يعقوب بن إبراهيم بن جبير الواسطي ، حدثنا صفوان بن عيسى ، عن ابن عجلان ،
عن القعقاع بن حكيم ، قال : كتب ابن عمر إلى عبد العزيز بن مروان : إني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن
تعول (1) »
__________
(1) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
61 - حدثنا ابن وكيع ، حدثني أبي ، عن سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : « كنا نقول : إن اليد العليا هي المتعففة »
62 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، قال : سمعت ابن عمر ، يقول : « كنا نتحدث أن اليد العليا يد المتعفف »
63 -
حدثني الفضل بن داود الواسطي ، حدثنا عمر بن يونس ، قال عكرمة بن عمار : حدثنا شداد
أبو عمار ، قال : سمعت أبا أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا
ابن آدم إنك إن تبذل الفضل خير لك ، وإن تمسكه شر لك ، ولا تلام على كفاف ، وابدأ
بمن تعول (1) ، واليد العليا خير من اليد السفلى »
__________
(1) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
64 -
حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا عمرو بن عثمان ،
عن موسى بن طلحة ، عن حكيم بن حزام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
خير الصدقة عن ظهر غنى ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول (1) »
__________
(1) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
65 -
حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا بكر بن عبد الرحمن ، حدثنا عيسى بن المختار ، عن ابن
أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول (1) ، وخير الصدقة عن ظهر غنى »
__________
(1) عَال الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهم : إذا قام بما يَحْتَاجُون إليه من قُوت
وكِسْوة وغيرهما.
66 - حدثنا بشر بن آدم ، حدثنا قبيصة بن عقبة ، حدثنا سفيان ، عن أشعث بن سليم ، عن الأسود بن هلال ، عن ثعلبة بن زهدم اليربوعي ، قال : انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث ، فقال : « اليد العليا خير من اليد السفلى » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبد الله بن نمير ، ويونس بن بكير ، بنحوه ، عن يزيد بن زياد الأشجعي ، عن أبي صخرة جامع بن شداد ، عن طارق ، قال : دخلنا المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : « يد المعطي العليا »
67 - حدثني عمران بن بكار ، حدثنا جنادة بن مروان ، حدثنا الحارث بن النعمان ، قال : سمعت أنس بن مالك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله أن يعطيه شيئا ، فقال : « لا أقدر على شيء أعطيكه » . قال : فأتاه رجل فوضع في يده شيئا ، فقال محمد رسول الله : « وعزة ربي ، إنها لثلاث أيد بعضها فوق بعض : المعطي يضعها في يد الله ، ويد الله العليا ، ويد الآخذ أسفل ذلك . قال ربي : بعزتي ، عبدي ، لأنفسنك بما رحمت عبدي ، وبعزتي ، عبدي ، لأجزينك بما رحمت عبدي ، وبعزتي ، عبدي ، لأخلفن بها عليك رحمة من عندي »
68 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، قال : قال ابن شهاب : حدثني سعيد بن المسيب أن صفوان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اليد العليا خير من اليد السفلى »
ذكر ما في هذه الأخبار من الفقه فمما في ذلك منه : تحريم النبي صلى الله عليه وسلم المسألة ، ثم اختلف أهل العلم في المسألة التي حرمها صلى الله عليه وسلم ، وفي صفة السائل الذي حرم ذلك عليه . فقال بعضهم : المسألة التي حرمها صلى الله عليه وسلم على من حرمها عليه ، هي المسألة التي يسألها السائل عن غنى منه عنها ، بوجوده ما فيه له الكفاية لما لا بد له منه ، من غذاء من مطعم ومشرب ، وملبس ومسكن ، منميا بذلك ماله ، طالبا به تكثيره ، ثم حد في مبلغ قدر ذلك مقدارا بوزن وكيل وقيمة . وأنكر آخرون منهم تحديد ذلك بمقدار من الكيل والوزن والقيمة ، إلا بالبيان عنه في تحديده بالكفاية والغنى ، والمعروف معناه عند عوام الناس . وأنكر آخرون منهم تحديد ذلك ، إلا بوجود المرء قوت يومه لغدائه وعشائه . وأنكره آخرون إلا بوجود قوت ساعته . وأنكر آخرون ذلك إلا عند الضرورة الحالة به ، وأحلوا ذلك محل الميتة للمضطر . وأنكر آخرون المسألة بكل حال ، وقالوا : الأخبار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمها عام في المسائل كلها
ذكر من قال بتحريم النبي صلى الله عليه وسلم المسألة في حديث عمر ، وقوله : « إن أحدهم ليخرج بمسألته من عندي متأبطا بها نارا » ، إنما هي المسألة التي يسألها السائل من يسأل ؛ تكثيرا بها ماله ، وهو عنها غني ، ولم يحد في الغنى حدا غير الغنى المعروف في العوام
69 -
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا داود ، عن
الشعبي ، قال : قال عمر : « من سأل الناس ليثري (1) به فإنه رضف جهنم يتلقمه ، فمن
شاء استقل ، ومن شاء استكثر » ، حدثنا حميد بن مسعدة ، ومحمد بن عبد الله بن بزيع
، قالا : حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا داود ، عن عامر ، عن عمر نحوه ، إلا أن ابن
بزيع ، قال في حديثه : ليثري ماله
__________
(1) أثرى ماله : كَثَّرَه ونمَّاه
70 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا داود ، عن عامر ، عن عمر ، قال : « من سأل الناس ليثري ماله ، فهو في رضف من جهنم يتلقمه ، فمن شاء فليقل ، ومن شاء فليكثر » ، حدثنا ابن المثنى ، حدثني ابن أبي عدي ، عن داود ، عن الشعبي ، أن عمر ، قال : فذكر نحوه
71 -
حدثنا تميم بن المنتصر ، أنبأنا إسحاق بن يوسف ، عن شريك ، عن إبراهيم بن مهاجر ،
عن رجل من أهل الربذة يقال له عبد الرحمن - أو أبو عبد الرحمن - قال : أتى رجل أبا
ذر يسأله ، فأعطاه شيئا ، فقيل له : إنه غني . قال : وما أحفل أن يجيء يوم القيامة
يخمش (1) وجهه
__________
(1) خمش : خدش
72 -
حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا إسحاق ، قال
: سمعت مسروقا ، قال : « مسألة الغني كدح في وجهه » وعلى هذا القول عوام علماء أهل
الحجاز . واعتلوا لإنكارهم تحديد قدر الغنى بحد من الوزن والكيل بأن قالوا : أحوال
الناس في الغنى والفقر متفاوتة ، وأسبابهم فيه مختلفة ، فمنهم ذو العيال والمؤن
الكثيرة الذي لا يغنيه إلا العظيم من المال ؛ لاستغراق نفقته التي لا بد منها في
كل يوم اليسير من المال في اليسير من المدة ، ومنهم ذو المؤونة الخفيفة ، والخلي
من العيال الذي يغنيه اليسير من المال ، ويخرجه القليل منه من الفاقة والفقر ، إلى
الغنى وحسن الحال . قالوا : فغير جائز لأحد تحديد المقدار الذي يخرج المرء من حال
الفاقة والفقر إلى الغنى واليسر بحد من الكيل والوزن ، مع الأسباب التي ذكرنا ؛
فيكون بتحديده ذلك قد حرم على الفقير ما أباحه الله له من الصدقة إن كان قدر الذي
حد لا يخرجه من فقره ، وأجاز للغني إن كان ما دون ذلك يخرجه من الفاقة والفقر وهو
لقدر ذلك مالك أخذ ما قد حرم الله عليه أخذه من الصدقة ، وأباح له من مسألة الناس
ما قد حظر الله عليه مسألتهم إياه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . قالوا :
ولا بيان في ذلك أبين مما بينه الله عز وجل لعباده في تنزيله بقوله تعالى : إنما
الصدقات للفقراء والمساكين (1) الآية . قالوا : فالمسألة حلال للفقير والمسكين ما
دام الفقير فقيرا الفقر المتعارف في الناس ، والمسكين مسكينا المسكنة المعلومة
فيهم . قالوا : وإنما لم يحد تعالى ذكره الغنى بحد في تنزيله من الكيل والوزن ؛
لعلمه بالسبب الذي ذكرنا من تفاوت أحوال خلقه في ذلك . قالوا : وترك تحديده ذلك
للسبب الذي وصفنا نظير تركه تحديد متعة المطلقة ، إذ قال : ومتعوهن على الموسع
قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف (2) ، بحد لا يتجاوزه ولا يقصر عنه ؛ لعلمه
بتفاوت أحوال خلقه في ذلك ، ونظير تركه تحديد نفقات النساء بحد إذ قال : وإن كن
أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن (3) ، إذ كان ما يكفيهن من ذلك مختلفة
أمورهن فيه ، وأشباه ذلك من الأمور التي يمل إحصاؤها ، ويتعب تعدادها . ذكر من قال
مثل قول هؤلاء في صفة المسألة التي حظرها النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنها ،
غير أنهم فارقوهم في تحديد قدر المال الذي إذا كان عند السائل حرمت عليه المسألة .
فحد بعضهم ذلك بخمسين درهما من الدراهم التي أوزانها سبعة ، وبقدر قيمة ذلك من
سائر الأشياء غيرها
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 60
(2) سورة : البقرة آية رقم : 236
(3) سورة : الطلاق آية رقم : 6
73 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية ، عن حجاج ، عن الحكم ، قال : قال عبد الله : « لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما ، أو عدلها من الذهب »
74 - حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، قال : لا يأخذ من الزكاة من له خمسون درهما . واعتل أهل هذه المقالة لتصحيح قولهم هذا بالخبر الذي ذكرناه قبل عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خدوش أو كدوح ، قيل : وما يغنيه يا رسول الله ؟ قال : خمسون درهما ، أو قيمتها من الذهب » وقالوا : ليس لما ورد به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التسليم له ، قالوا : وإنما يجوز إدخال النظر والبحث على ما لم يرد به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما ما ورد به الخبر فليس لأحد الاعتراض فيه . وحد آخرون منهم قدر مبلغ ذلك ، ما يجب فيه الزكاة إذا حال عليه عند مالكه حول كمائتي درهم وزن سبعة ، أو عشرين دينارا مثاقيل وقالوا : من كان ذلك عنده في وقت من الأوقات فحرام عليه مسألة الناس الصدقة ما دام ذلك عنده ، وغير جائز له أخذها ممن أعطاهم كائنا من كان ذلك من الناس ، وهذا قول عظم متفقهة أهل الكوفة من المتأخرين . واعتلوا لقولهم هذا بأن قالوا : إن الله تعالى ذكره أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الصدقة من أغنياء المؤمنين فيردها في فقرائهم ، قالوا : ومن كان عنده مائتا درهم قد حال عليهم حول كامل ، فلا شك في وجوب الصدقة عليه فيها . قالوا : ففي ذلك بيان واضح أنه بها غني ؛ لأن الصدقة إنما أوجبها الله عز وجل في أموال الأغنياء للفقراء والمساكين ، لا في أموال الفقراء والمساكين لهم ، قالوا : فعلمنا بذلك أن من كان عنده قدر ما ذكرنا حرام عليه المسألة والصدقة ، ومباح ذلك لمن لم يكن ذلك عنده
ذكر من أنكر المسألة بكل حال
75 - حدثنا ابن المثنى ، ومحمد بن عبد الله بن صفوان الثقفي ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت مطرفا ، يحدث عن حكيم بن قيس بن عاصم ، أن أباه ، حين حضرته الوفاة قال لبنيه : « يا بني إياكم والمسألة ، فإنها آخر كسب المرء » ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن مطرف ، عن حكيم بن قيس ، عن أبيه بمثله
76 - حدثني عبد الرحمن بن أبي البختري الطائي ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن حماد بن شعيب ، عن يزيد بن زياد ، أو ابن أبي زياد ، عن الحسن ، أن قيس بن عاصم ، قال لبنيه : « يا بني إياكم والمسألة ، فإنها آخر كسب المرء ، وإن أحدا لن يسأل إلا ترك كسبه »
77 - حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا المبارك بن سعيد ، عن عمر بن محمد ، عن عبيد ، عن الحسن ، عن قيس بن عاصم المنقري أنه قال لبنيه لما حضرته الوفاة : « يا بني إياكم والمسألة ، فإنها آخر كسب الرجل »
78 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عاصم بن حكيم ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن عبد الله بن الديلمي ، قال : قلت لأبي بشر : هل تسأل الناس شيئا ؟ قال : لا ، قلت : لم ؟ قال : سمعت كعبا يقول : « يوشك أن يأتي على الناس زمان ترفع فيه الأمانة ، وتنزع فيه الرحمة ، وترسل المسألة ، فمن سأل في ذلك الزمان لم يبارك له فيه » وذهب هؤلاء فيما أنكروا من ذلك إلى الخبر الذي ذكرناه عن ثوبان وغيره ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : « من يضمن لي واحدة أضمن له الجنة » ، وقوله لأبي ذر : « لا تسأل الناس شيئا » ، وما أشبه ذلك من الأخبار . وقالوا : نهي النبي صلى الله عليه وسلم نهي عام عن كل مسألة ، فلا ينبغي لأحد أن يسأل أحدا شيئا ، وأما الذين حرموا المسألة على كل من كان عنده قوت يومه ، فإنهم ذهبوا إلى الخبر الذي ذكرناه عن سهل بن الحنظلية وقالوا : غنى الرجل في كل حال من أحوال دهره ، وجوده الكفاية ، فمن وجد كفايته في يوم فهو غني بذلك عن غيره غير جائز له مسألة الناس ، وهذا قول من بعض أقوال الصوفية الذين زعموا أنه ليس لأحد ادخار شيء لغد ، وقد مضى البيان عما يلزمهم في ذلك ، وأما الذين حرموا المسألة على من كان عنده عشاء ليلته فإنهم ذهبوا إلى حديث
79 - حدثني به علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي ، حدثنا الحسن بن ذكوان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها من رضف جهنم ، قالوا : وما ظهر غنى ؟ قال : عشاء ليلة » والصواب من القول في ذلك عندنا : أن المسألة مكروهة لكل أحد إلا المضطر يخاف على نفسه التلف بتركها ، فإن من كان قد بلغ حد الخوف على نفسه من الجوع ولا سبيل له إلى ما يقيم به رمقه ، ويرد عن نفسه الضرورة الحالة به إلا بالمسألة ، فإن عليه المسألة فرضا واجبا ؛ لأنه لا يحل له إتلاف نفسه ، وهو يجد السبيل إلى إحيائها بما أباح الله له بها إحياءها به ، والمسألة مباحة لمن كان ذا فاقة وفقر ، وإن كرهناها له ، وقد وجد عنها مندوحة بما يقيم به رمقه من عيش وإن ضاق ، وإنما كرهناها على السبيل التي وصفنا ، لمن كرهنا له ؛ لتتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا قبل من قوله : « يد السائل السفلى » ، وقوله : « ما فتح أحد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر » ، وقوله : « من يتكفل لي بواحدة وأتكفل له الجنة ؟ » ، فلما قال له ثوبان : أنا ، قال : « لا تسأل أحدا شيئا » ، وقوله : « من يستغن يغنه الله ، ومن يستعفف يعفه الله » ، وما أشبه ذلك من الأخبار التي ذكرناها الواردة بكراهة النبي صلى الله عليه وسلم المسألة كراهة عامة من غير خصوص ذلك في حال من دون حال ، وقلنا : هي مع ذلك مباحة لمن كان ذا فاقة وفقر ؛ لتظاهر الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأخبار التي وردت عنه بالوعيد عليها أو بتحريمها موصولة بالشروط التي ذكرناها ، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « من سأل وله ما يغنيه » ، وقوله : « من سأل الناس عن ظهر غنى » فإن ظن ظان أن الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك أو بتحريمه غير موصولة بما ذكرنا من الشروط ، لما قلنا في ذلك مخالف ، فقد ظن غير الصواب ، وذلك أن الأخبار التي لا فضل فيها لتحريم المسألة بما ذكرنا من الشروط أخبار مجملة تبين معانيها الأخبار المفسرة الموصولة بالشروط التي ذكرنا . وقد بينا في كتبنا أن المفسر من الأخبار غير دافع لمجمل منها ، ولا المجمل منها دافع حكم المفسر ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، والمسألة تكره جميعها لمن وجد عنها مندوحة ، ولا نحرمها فنلزم السائل المأثم بها ، إلا سائلا سأل عن غنى مكثرا بها ماله ، فأما في غرم لحقه فلم يكن في ماله وفاء به ، أو في حمالة تحملها لم يكن في ماله لها سعة ، أو في فاقة نزلت به وحاجة لا يقدر على سدها إلا بالمسألة ؛ فإن المسألة له جائزة حلال ، وإن اخترنا له الاستعفاف والتجمل والصبر ، والفزع إلى ربه عز وجل في كشف النازل به من ذلك ، فإنه الجواد الذي لا يخاف بسعة الإفضال الفقر ، ولا تنقص خزائنه كثرة البذل . وبنحو الذي قلنا في ذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك الخبر الذي ذكرنا عن قبيصة بن المخارق وغيره ، وبه قالت جماعة العلماء من السلف والخلف
80 -
حدثنا ابن حميد الرازي ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا يونس بن عمرو ، عن حبال بن
رفيدة ، قال : أتيت الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال : ما حاجتك ؟ فقلت : سائل ،
فقال : إن كنت تسأل في دم موجع ، أو غرم مفظع ، أو فقر مدقع (1) ، فقد وجب حقك ،
وإلا فلا حق لك ، فقلت : إني سائل في إحداهن ، فأمر لي بخمسمائة ، ثم أتيت الحسين
بن علي رضي الله عنه فاستقبلني بمثل ما استقبلني ، ثم أمر لي بمثل ذلك . ثم أتيت
عائشة رضي الله عنها فاستقبلتني بمثل ما استقبلاني به ، ثم أعطتني دون ما أعطياني
__________
(1) المدقع : الشديد الذي يفضي بصاحبه إلى الدعقاء، وهي اللصوق بالتراب من شدة
الفقر
81 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا عثام بن علي ، عن الأعمش ، قال : عصى إبراهيم ، فخرج غرم ألف درهم ، فقال : « إني أخاف أن أحاسب يوم القيامة فيقال : قد كان لك وجه في الناس ، أفلا سألت فأديتها ؟ فأرسل إلى الحكم وناس معه ، فسألوها ، فأدوها » وأما صفة الغنى التي تحرم معه المسألة على الغني ، والمعنى الذي يستحق به الرجل اسم « غني » ، فقد بينا في كتابنا « كتاب الزكاة » من « لطيف القول في شرائع الإسلام » ما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه ، وفي هذا الخبر - أعني خبر عمر الذي رواه أبو سعيد الخدري عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أيضا الدلالة الواضحة على أن من الأمور أمورا للرجل من المسلمين بذل بعض ماله فيما هو حرام على المبذول له الأخذ ، فيأثم الآخذ بالأخذ ، ولا يحرج بإعطائه ذلك المعطي ، وذلك كالرجل يصانع عن نفسه أو ماله في حال الخوف عليه من ظلم ظالم لا يطيق دفعه عنه بنفسه ، ولا بأعوان يعينونه عليه ، فيبذل له بعض ماله ليكف عادية شره ، وكالرجل يضطر إلى بعض الأمور التي لا بد له منها ، وذلك كالرجل ذي الضياع والمزارع ، لا يجد لزرعه وغرسه ريا من الماء إلا بثمن ، فيبذل من ماله لمن له فضل ماء بعضه ؛ ليعطيه من مائه ما يعيش به زرعه وغرسه ، وكالرجل ذي الماشية بحيث لا ماء لريها إلا من فضل بئر احتفرها محتفر هنالك ، فحال بينه وبين فضلها إلا بثمن ، وكالمحتجر بقعة من بقاع الأسواق من ذي سلطان ، أو أرضا من أرض الإسلام ، مما للمسلمين فيه منافع ، وقد احتازها لنفسه لغير نفع لهم ولا نظر ، فيبذل له بعض المسلمين من ماله ما يكون سببا لوصوله إلى حاجته منه ، فإن ذلك كله وما أشبهه - وإن كان حراما على المعطى أخذه - فحلال للمعطي إعطاؤه إياه ؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر - لما قال له : « إن أحدهم ليخرج بمسألته متأبطها ، وما هي إلا نار » . فقال له عمر : فلم تعطيهم يا رسول الله وهي نار ؟ - : « إنهم يسألوني يريدون بي البخل ، ويأبى الله لي إلا السخاء » ، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم سائله ما سأل ، وهو يعلم أن ذلك عليه حرام ؛ كراهة أن يتخلق بغير شيمته التي فطره الله عليها ، وأن يضاف إليه ما ليس من سجيته من البخل ، فلم يمنعه صلى الله عليه وسلم علمه بمكروه ذلك على من أعطاه في مسألته إياه ، وما عليه من المأثم في أخذه ما أخذ منه من إعطائه إياه ما سأل ، فكذلك كل أمر اضطر إليه مضطر مما يحل له ، فلم يصل إليه إلا ببذل ما على الآخذ فيه المكروه والإثم ، فلا حرج على الباذل والمعطي فيما بذل في ذلك وأعطى ، إذا لم يكن له السبيل إليه إلا ببذل ما بذل وإعطائه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل العلم من سلف الأمة وخلفهم
ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم
82 -
حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي ، عن أبيه ،
قال : بلغني أن أبا قلابة قال في الحجام (1) : « لولا أنه يمص لم أر بكسبه بأسا ،
فقيل له : أليس قد احتجم (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجره ؟ فقال : رب شيء
يكره للآخذ ولا يكره للمعطي ، فذكر الشاعر - مخافة الشاعر على والديه أن يشتمهما
فيعطيه - أن ذلك عطية لا تصلح للشاعر ، ورشوة العامل الظالم يعرض لك فيحبسك ،
فتفتدي منه فيصلح لك إن شاء الله ولا يصلح له ، قال : وعسب (3) الفحل ، الناس لا
يطرقون اليوم إلا بأجر ، ليس يجد بدا من أن يعطيهم » وفيه أيضا الدلالة على أن من
كتم معروفا أسدي إليه ، ولم يشكر مسديه ، فيظهر شكره عليه ويذيعه في الناس ، فقد
بخسه حقا له عليه لازما ، وأتى من الفعل مذموما إذا لم يثبه من معروفه إليه ، ولم
يكافئه عليه من إحسانه إليه من ماله ، وأن من أظهر ذلك وأذاعه ، وأثنى عليه بما
أولاه من الإحسان - إذا لم يثبه من ماله لعدم وفقر - فقد فعل جميلا ، وأتى أمرا
حميدا ، وقضى حقا لموليه ذلك لازما ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر
لما أخبره عن اللذين أثنيا على النبي صلى الله عليه وسلم بما كان أولاهما من
المعروف بإعطائه إياهما الدينارين : « ولكن فلانا ما يقول ذلك ، وقد أعطيته من
عشرة إلى مائة » ، ذاما بذلك من قيله ، تاركا شكر ما أولاه بإعطائه إياه ما أعطى ،
وحامدا له فعل المثني الشاكر على ما كان منه إليه من العطاء . وبنحو الذي دل عليه
ذلك تتابعت الأخبار به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منصوصا ، وقالته علماء
الأمة مبينا
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
(2) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(3) العسب : تأجير ماء الفحل للتلقيح ، والفحل : الذكر من كل حيوان
ذكر الرواية عن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وعن بعض من حضرنا ذكره من السلف في ذلك
83 -
حدثنا عبدة بن عبد الله الصفار ، أنبأنا يحيى بن إسحاق ، عن يحيى بن أيوب ، عن
عمارة بن غزية ، عن شرحبيل الأنصاري ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « من أتي له معروف فوجد فليكافئ ، ومن لم يجد فليثن (1) به ،
فإن من أثنى به فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره »
__________
(1) الثناء : المدح والوصف بالخير
84 -
حدثنا محمد بن سهل البخاري ، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق ، حدثنا يحيى بن أيوب ،
عن عمارة بن غزية ، عن شرحبيل بن سعد ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « من أعطي شيئا فليجز به ، ومن لم يجد فليثن (1) به ، ومن كتمه
فقد كفره »
__________
(1) الثناء : المدح والوصف بالخير
85 -
حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا سعيد بن عفير ، حدثنا
يحيى بن أيوب ، عن عمارة بن غزية ، عن شرحبيل مولى الأنصار ، عن جابر بن عبد الله
، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من صنع إليه معروف فليجز به ، فإن لم
يجد ما يجزي به فليثن (1) عليه ، فإنه إذا أثنى عليه فقد شكره ، وإن كتمه فقد كفره
»
__________
(1) الثناء : المدح والوصف بالخير
86 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من استعاذ بالله فأعيذوه ، ومن سألكم بالله فأعطوه ، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا فأثنوا عليه حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه » ، حدثني سليمان بن عبد الجبار ، حدثنا ثابت بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عمر رفع الحديث ، ثم ذكر نحوه غير أنه قال : « فإن لم يكن عندكم ما تكافئونه به ، فادعوا الله عز وجل حتى تروا أنكم قد كافأتموه »
87 - حدثني تميم بن المنتصر الواسطي ، أنبأنا إسحاق الأزرق ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من استعاذ بالله فأعيذوه ، ومن أهدى إليكم فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به ، فادعوا الله حتى تروا أنكم قد كافأتموه » ، حدثنا ابن حميد ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
88 - حدثنا علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا محمد بن أبي عبيدة المسعودي ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أعطاكم فكافئوه ، فإن لم تجدوا فادعوا الله حتى تروا أنكم قد كافأتموه » ، حدثني يحيى بن إبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة المسعودي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أتى إليكم معروفا فكافئوه » ، ثم ذكر مثله
89 - حدثنا علي بن سهل ، حدثنا أحمد بن محمد النسائي ، حدثنا أبو سلمة المغيرة بن مسلم ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سأل بالله فأعطوه ، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه ، فمن لم يستطع أن يكافئه فليدع الله حتى يعلم أنه قد كافأه »
90 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، حدثنا ثابت بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن ثابت ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سألكم بالله فأعطوه ، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه »
91 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس بن مالك أن المهاجرين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا قوما قط أبذل من كثير ، ولا أحسن مواساة من قليل من الأنصار ، لقد قدمنا المدينة فكفونا المئونة وأشركونا في المهنى ، لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله ، فقال : « أما ما أثنيتم عليهم ودعوتم لهم ، فلا »
92 - حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، أنبأنا الربيع بن مسلم القرشي ، حدثنا محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يشكر الله من لا يشكر الناس »
93 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا الربيع يعني ابن مسلم ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لم يشكر الناس لم يشكر الله » ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثني أبو الوليد ، حدثنا الربيع ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
94 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن إسحاق ، عن الربيع بن مسلم القرشي ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أشكركم للناس أشكركم لله »
95 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثني عبيد الله ، أنبأنا ابن أبي ليلى ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لا يشكر الناس لا يشكر الله » ، حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا المطلب بن زياد ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله
96 - حدثني محمد بن معمر البحراني ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن عبد الرحمن بن عدي الكندي ، عن الأشعث بن قيس الكندي عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أشكر الناس لله أشكرهم للناس »
97 - حدثنا سوار بن عبد الله ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن عبد الرحمن بن عدي الكندي ، عن الأشعث بن قيس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أشكر الناس لله أشكرهم للناس »
98 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا سعيد بن إياس الجريري ، عن أبي نضرة ، قال : « كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها »
99 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : « لما عرض على آدم ذريته ، ورأى فضل بعضهم على بعض قال : يا رب ، ألا سويت بينهم ؟ قال : أردت أن أشكر »
100 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « عرض على آدم ذريته ، فجعل يرى فيهم القصير والطويل وبين ذلك ، والأسود والأحمر وبين ذلك ، والجميل والدميم وبين ذلك ، فقال آدم : رب ، لو كنت سويت بين عبيدك ؟ فقال له ربه : يا آدم ، أردت أن أشكر »
101 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، عن خالد الثقفي ، قال : « كان يقال : مما تعجل عقوبته ولا تؤخر : الأمانة تخان ، والإحسان يكفر ، والبغي على الناس »
102 - حدثني محمد بن سهل البخاري ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا بكار بن عبد الله ، أنه سمع وهب بن منبه ، يقول : « ترك المكافأة من التطفيف » وفيه أيضا الدلالة البينة على أن المدحة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقال : « إياكم والتمادح ، فإنه الذبح » ، غير مدحة الرجل الرجل بما فيه من خلائقه الجميلة وأفعاله الحميدة التي هو بها معروف ، وعند الناس بها مشهور ، وأن ذلك إنما هو مدحته : إما بما هو غير معروف ، وما هو بغيره مشهور ، وإما مدحته بباطل ، وبما المادح فيه كاذب ، أو مدحه في وجهه ، أو بحيث يسمعه ، بغير الذي هو به معروف . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر ثناء المثني عليه بما كان أولاه من جميل الفعل ، إذ أخبره عمر عن جميل مقاله وحسن ثنائه عليه ؛ للذي كان منه إليه من عطائه ما أعطاه ، بل استحسن ذلك من المثني ، واستقبح ما كان من فعل المخفي ما كان أسدى إليه من المعروف ، من تركه إظهار صنيعه إليه عند الناس وشكره عليه فقال : « ولكن فلانا أعطيته من كذا إلى كذا فلم يقل ذلك » ، ولو كان غير جائز مدح من يستحق المدح بجميل أفعاله وكريم أخلاقه ، لكان صلى الله عليه وسلم قد استنكر فعل المثني عليه على إعطائه ، واستحسن فعل كاتم إحسانه إليه وفي استحسانه صلى الله عليه وسلم ثناء المثني ، وتركه النهي عنه ، واستقباحه كتمان الكاتم ، وإنكاره عليه ذلك من فعله ، البيان البين أن الصحيح من القول هو ما قلنا من جواز ما أجزنا ، وكراهة ما كرهنا في ذلك ، فإن قال قائل : فما أنت قائل فيما
103
- حدثكم به ابن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن مجاهد
، عن أبي معمر ، قال : قام رجل فأثنى على أمير من الأمراء ، فجعل المقداد يحثو (1)
في وجهه التراب ، وقال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه
المداحين التراب
__________
(1) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
104
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن
همام بن الحارث ، قال : جعل رجل يثني على عثمان بن عفان ، قال : فقام إليه المقداد
بن الأسود ، فجعل يحثي (1) في وجهه الحصباء (2) ، وقال : « إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أمرنا أن نحثو في وجوه المداحين التراب »
__________
(1) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
(2) الحصباء : الحجارة الصغيرة
105
- حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن
إبراهيم ، عن همام بن الحارث أن رجلا ، جعل يمدح عثمان ، فعمد إليه المقداد فجثا
(1) على ركبتيه - وكان رجلا ضخما - فجعل يحثو (2) في وجهه الحصباء ، فقال له عثمان
: ما شأنك ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا رأيتم المداحين
فاحثوا في وجوههم التراب »
__________
(1) الجثو : الجلوس على الركبتين
(2) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
106
- حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن ميمون
بن أبي شبيب ، قال : جعل رجل يمدح عاملا لعثمان ، فعمد المقداد فجعل يحثو (1)
التراب في وجهه ، فقال له عثمان : ما هذا ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : « إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب »
__________
(1) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
107 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، حدثنا الحسن بن بلال ، حدثنا حماد ، أنبأنا علي بن الحكم ، عن عطاء بن أبي رباح : أن رجلا مدح رجلا ، فجعل ابن عمر يدفع التراب بأصابعه نحوه ، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب »
108
- حدثني موسى بن سهل ، حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر ، حدثنا عبد الله
بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : سمعت ابن عمر ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : « إذا رأيتم المداحين ، فاحثوا (1) في وجوههم التراب »
__________
(1) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
109 - حدثني علي بن عيسى البزاز ، حدثنا محمد بن الصباح ، حدثنا إسماعيل بن زكريا ، حدثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة ، فقال : « لقد أهلكتم - أو قطعتم - ظهر هذا الرجل »
110 - حدثنا محمد بن العلاء ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن كهمس ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي ، يقرأ ، فقال لبريدة : « أتعرف هذا ؟ » قال : قلت : نعم يا رسول الله ، هذا أكثر أهل المدينة صلاة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسمعه فيهلك ، إنكم أمة أريد بكم اليسر »
111 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن معبد الجهني ، قال : كان معاوية قل ما يدع يوم الجمعة أن يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إياكم والتمادح فإنه الذبح »
112 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا ابن نمير ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن معبد الجهني ، عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إياكم والمدح ، فإنه الذبح »
113 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رجاء بن أبي رجاء الباهلي ، قال : قال محجن : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيدي ، فأتينا المسجد ، فرأى رجلا يصلي ، فقال : « من هذا » ؟ قلت : هذا فلان كذا وكذا ، فأثنيت عليه ، فقال : « لا تسمعه فتهلكه »
114 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، عن شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه أن رجلا مدح رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ويحك ، قطعت عنق صاحبك ، ويحك قطعت عنق صاحبك » ، ثم قال : « إن كان مادحا أحدكم أخاه لا محالة فليقل : أحسب فلانا ، ولا أزكي على الله أحدا ، وحسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن أبي بكير العبدي ، عن شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ، إلا أنه قال : « إن كان أحدكم لا بد مادحا أخاه » ، وسائر الحديث مثله «
115 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، ومحمد بن صخر العتبي ، قالا : حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي ، قال : سمعت خالدا الحذاء ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه : أن رجلا جاء إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، فلان هو هو ، فأخذ يثني عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « ويلك قطعت عنقه - مرتين ، أو ثلاثا - إن كنت لا بد فاعلا فقل : أحسب فلانا ، والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحدا ، أحسب فلانا كذا وكذا ، إن كنت تعلم ذلك منه » قيل : إن معاني هذه الأخبار هو ما قلنا ، ولم يخرج شيء منها عما وصفنا ، وذلك أنه غير جائز أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم أقوالا متضادة ، وإنما يكون في أخباره الخصوص والعموم ، والمجمل والمفسر ، والناسخ والمنسوخ ، على ما قد بينا في سائر كتبنا . وإذ كان ذلك كذلك ، وكان صحيحا عنه صلى الله عليه وسلم الخبر بالنهي عن المدح ، وثابتا عنه الندب إليه والأمر به علم أن مما أمر به من ذلك أو ندب إليه ، غير الذي نهى منه ، وحظره ، أو كرهه وأنكره . وإذا كان ذلك كذلك ، صح الذي قلنا فيما ورد عنه من الأخبار التي ذكرناها ، وقد
116
- حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثني
علي بن زيد بن جدعان ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن الأسود بن سريع ، قال : قلت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني مدحت الله مدحة ومدحتك ، قال : « هات وابدأ
بمدحة الله عز وجل » فلم يستنكر صلى الله عليه وسلم من الأسود بن سريع مدحه إياه ،
إذ كان في مدحه إياه بما مدحه به محقا ، وفيما وصفه به صادقا معروفا ، فكذلك كل ما
كان من أمره معروف به الممدوح ، فمدحه به مادح بمحضر منه أو بظهر الغيب ، فلا حرج
فيه على المادح ، ولا مكروه فيه على الممدوح ، وما كان من أمر هو به غير معروف ،
أو كان المادح به فيه كاذبا ، فهو المدح المحظور ، والمادح به مذموم . وفي هذا
الخبر أيضا - أعني خبر عمر الذي ذكرناه قبل - الدلالة الواضحة على أن أحب
الخليقتين إلى الله تعالى ذكره ، وأشرف السجيتين والخلتين عنده ، من خلتي البخل
والسخاء ، الخليقة التي اختارها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وفضله بها
وشرفه ، وذلك السخاء والبذل ، دون البخل والمنع ، إذا كان ذلك البذل على ما أدب
الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا
تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (1) ، وعلى ما صحت به الأخبار عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم في تأديبه أمته بقوله : « خير الصدقة ما أبقت غنى ، ولا تلام
على كفاف » ، فتأدب امرؤ بأدب ربه عز وجل ، ولم يكتسب إلا الطيب من الكسب ، ولم
ينفق إلا القصد ، ولم يسرف ولم يقتر ، وجعل ما أفضله القصد من نفقته عدة له يوم
فقره وفاقته . وبالذي قلنا من تفضيل البذل والسخاء على السبيل التي وصفنا - على
البخل والمنع - تتابعت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال به السلف
الصالحون من الصحابة والتابعين ، نذكر ما صح عندنا سنده من ذلك ، ونبدأ منه بذكر
من وافق أبا سعيد الخدري في روايته عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
روى منه ، ثم نتبع ذلك من وافق عمر في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
روي عنه في ذلك من الصحابة ، إذ كنا لم نذكره فيما مضى قبل ، تحريا وضعه في موضعه
الذي هو به أولى ، وطلبا منا إلحاقه بأشكاله
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 29
117 - حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن سلمان بن ربيعة ، قال : قال عمر بن الخطاب : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت : والله ، لغير هؤلاء كان أحق منهم ، فقال : « إنهم يخيروني بين أن يسألوني بالفحش ، وأن أبخل ، ولست بباخل »
118 - حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، حدثنا علي بن المديني ، حدثني إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ، فقال : « ما عندي شيء أعطيك ، ولكن استقرض علي حتى يأتينا شيء فنعطيك . فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، ما كلفك الله هذا ، هذا أعطيت ما عندك ، فإذا لم يكن عندك فلا تكلف ، قال : فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قول عمر - وكان إذا غضب عرف ذلك في وجهه - فقام رجل من الأنصار فقال : بأبي أنت وأمي ، أعط ولا تخف من ذي العرش إقلالا ، قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : » بهذا أمرت «
ذكر من وافق عمر في رواية ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة
119 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أبي ، وشعيب بن الليث ، عن الليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن أبي سعيد : أن جابر بن عبد الله ، أخبرهم أن رجلا أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فأعطاه ، ثم أتاه آخر فسأله فأعطاه ، ثم سأله آخر فأعطاه ، ثم أتاه آخر فسأله فوعده ، ثم أتاه آخر فسأله فوعده ، فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ، سئلت فأعطيت ، ثم سئلت فأعطيت ، ثم سئلت فأعطيت ، ثم سئلت فوعدت ، ثم سئلت فوعدت . فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهها ، فقام عبد الله بن حذافة السهمي ، فقال : أنفق يا رسول الله ، ولا تخف من ذي العرش إقتارا ، فقال : « بذلك أمرت »
120 - حدثني حاتم بن بكر الضبي ، حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، حدثنا يونس بن يزيد الأيلي ح وحدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجود الناس وأسمحهم ، وكان أجود ما يكون إذا لقيه جبريل ، وكان جبريل صلى الله عليه وسلم يلقاه في كل رمضان يدارسه القرآن ، فإذا لقيه جبريل يكون أسمح من الريح المرسلة » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن مبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، بمثله حدثنا أبو كريب ، حدثنا رشدين بن سعد ، عن يونس ، وعقيل ، وقرة ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس نحوه
121 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبدة ، ويونس بن بكير ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا يعلى بن عبيد ، وحدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، جميعا عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبيد بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض الكتاب في كل رمضان على جبريل ، فيصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من التي يعرض فيها ما يعرض وهو أجود من الريح المرسلة ، لا يسأل شيئا إلا أعطاه »
122 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا حماد بن واقد ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : « كان نبي الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس ، وأسمح الناس ، وأشجع الناس »
123 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشجع الناس ، وأحسن الناس ، وأجود الناس »
124
- حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عبد الله بن وهب ، حدثني الليث ، عن
عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عمر بن محمد بن جبير ، عن أبيه ، عن
جده أنه قال : بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مقبلة من
حنين علقت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة (1)
فخطفت رداءه ، قال : فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « أعطوني ردائي ،
فلو كان لي عدد هذه العضاه نعم لقسمته بينكم ، ثم لا تجدونني بخيلا ولا كذابا ،
ولا جبانا » ، حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس بن يزيد ،
عن ابن شهاب ، عن عمر بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نحوه . أخبرني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا يعقوب بن
إبراهيم بن سعد ، حدثنا ابن أخي ابن شهاب ، عن عمه ، قال : أخبرني عمر بن محمد بن
جبير بن مطعم أن محمد بن جبير ، قال : أخبرني جبير بن مطعم ، عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم مثله
__________
(1) السَّمُر : هو ضربٌ من شجَرَ الطَّلح، الواحدة سَمُرة
125 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا فردوس بن الأشعري ، حدثنا مسعود بن سليمان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه جبير ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ، وهو عند ثنية الأراكة وهو يعطي حين فرغ من حنين ، فاضطره الناس إلى سلمة فانتزع غصن من السلمة رداءه ، فالتفت إلينا بوجهه مثل شقة القمر فقال : « أعطوني ردائي » . فأعطيناه إياه ، ثم قال : « تخافون علي البخل ، فوالذي نفسي بيده لو كان عندي مثل صوحي هذا الجبل لأعطيتكموه » قال : وصوحا الجبل : جانباه ، مقادمه ومواخره . قال أبو جعفر : إنما هو ضوجا الجبل ، ولكن الشيخ كذا قال
126 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار ، حدثنا ثابت بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن حبيب ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قسما ، قال : فقد من الناس ، قال : فتبعه الناس ، فأخذ ثوبه شجرة ، فقام ، فقال : « ردوا علي ثوبي ، تخافون بخلي ، لو كان لي ما بينهما مالا لقسمته »
127 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، والليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم عام حنين سأله الناس فأعطاهم من البقر والغنم والإبل حتى لم يبق من ذلك شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قد أعطيتكم من الغنم والبقر والإبل حتى لم يبق شيء من ذلك ، فماذا تريدون ؟ أتريدون أن تبخلوني ، فوالله ما أنا ببخيل ، ولا جبان ، ولا كذوب » ، فجذبوا ثوبه ، حتى بدا منكبه ، فكأنما أنظر حين بدا منكبه إلى شقة القمر من بياضه
128 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، قال : سمعت جابر بن عبد الله ، يقول : « ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال : لا »
129 - حدثني محمد بن فراس الضبعي المعروف بأبي هريرة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا زمعة ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي ، قال : حيكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أنمار صوف سوداء ، فجعل حاشيتها بيضاء - أو قال : بياضا - فخرج فيها إلى أصحابه ، فضرب بيده على فخذه ، فقال : « ألا ترون إلى هذه ؟ ما أحسنها » فقال أعرابي : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هبها لي - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا أبدا فيقول لا - فقال : « نعم » ، فأعطاه الجبة ، ودعا بمعوزين له فلبسهما ، وأمر بمثلها ، فحيكت له ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في المحاكة ، حدثني محمد بن معمر البحراني ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا زمعة ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : حيكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من أنمار صوف أسود ، فجعل لها حواشي من صوف أبيض ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما عليه إلى المجلس ، فضرب على فخذه ، ثم ذكر نحو حديث أبي هريرة
130
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، حدثني أبو
حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة
، فقال سهل للقوم : تدرون ما البردة ؟ قال القوم : هي شملة (1) ، فقال سهل : هي
شملة منسوجة فيها حاشيتها ، فقالت : يا رسول الله ، جئتك أكسوك هذه ، فأخذها رسول
الله صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ، فلبسها ، فرآها عليه رجل من أصحابه ، فقال
: يا رسول الله ، ما أحسن هذه اكسنيها ، فقال : « نعم » . فلما مال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لامه أصحابه ، فقالوا : ما أحسنت حين رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم أخذها محتاجا إليها ، ثم سألته إياها ، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئا فيمنعه ،
قال : والله ما حملني على ذلك إلا رجوت بركتها حين لبسها رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، لعلي أكفن فيها
__________
(1) الشملة : كساء يُتَغَطَّى به ويُتَلفَّف فيه
131 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم القرشي ، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد ، أنبأنا حيوة بن شريح ، حدثنا الوليد بن أبي الوليد ، عن عبد الله بن دينار ، مولى عبد الله بن عمر أخبره أن رجلا أتى عبد الله بن عمر فسأله رداءه ، فأعطاه إياه ، ثم سأله قميصه ، فأعطاه إياه ، ثم سأله عمامته فأعطاه إياها ، ثم نظر إليه ابن عمر ، فقال للرجل : ماذا أردت بهذا ؟ أردت أن تبخلني ؟ فقال الرجل : إنه ذكر لي منك شيء ، فأردت أن أجربك ، فرد الرجل إلى ابن عمر ثيابه ، فقال عبد الله بن عمر : جاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فسأله فأعطاه ، ثم سأله فأعطاه ، ثم سأله فأعطاه ، ثم ذهب الرجل ، فلما أدبر قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : « أخذ هذا ما له وما ليس له »
132
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، قال : قال ابن شهاب
: حدثني سعيد بن المسيب : أن صفوانا ، قال : والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما أعطاني ، وإنه لأبغض (1) الناس إلي ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب
الناس إلي ، وأعطى حكيم بن حزام يومئذ ، وحكيم يسأله مائة من النعم ، ثم مائة ، ثم
مائة
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
133 - حدثني الفضل بن إسحاق ، حدثنا سعيد بن محمد الوراق ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « السخي قريب من الله ، قريب من الناس ، قريب من الجنة ، بعيد من النار ، والبخيل بعيد من الله ، بعيد من الناس ، بعيد من الجنة ، قريب من النار . ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل ، وأكبر الداء البخل »
134 - حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا سعيد بن محمد الوراق ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سيدكم يا بني عبيد ؟ » قالوا : الجد بن قيس ، على أن فيه بخلا ، قال : « وأي داء أدوأ من البخل ، بل سيدكم وابن سيدكم ، وابن سيدكم ، بشر بن البراء بن معرور »
135 - حدثني إسحاق بن وهب الواسطي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا صدقة بن موسى ، حدثنا مالك بن دينار ، عن عبد الله بن غالب الحداني ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خصلتان لا تجتمعان في مؤمن : البخل وسوء الخلق »
136
- حدثنا إسحاق بن شاهين الواسطي ، حدثنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن سهيل بن أبي
صالح ، عن صفوان بن يزيد ، عن القعقاع بن اللجلاج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « لا يجتمع الشح (1) والإيمان في قلب عبد أبدا »
__________
(1) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
137
- حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني سليمان بن بلال ، عن
سهيل بن أبي صالح ، عن صفوان بن أبي يزيد ، عن القعقاع بن اللجلاج ، عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يجتمع شح (1) وإيمان في قلب عبد أبدا
»
__________
(1) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
138
- حدثنا محمد بن العلاء الهمداني ، حدثنا المحاربي ، وعبدة بن سليمان ، عن محمد بن
عمرو المديني ، عن صفوان بن أبي يزيد ، عن الحصين بن اللجلاج ، عن أبي هريرة ، قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يجتمع الشح (1) والإيمان في جوف رجل
مسلم »
__________
(1) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
139
- حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا موسى بن علي ، عن أبيه ،
عن عبد العزيز بن مروان ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « شر ما
في الرجل : شح هالع (1) ، أو جبن خالع »
__________
(1) الهلع : أشد الجزع والضجر ، والمراد المحزن .
140 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا موسى بن علي ، عن أبيه ، عن عبد العزيز بن مروان ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « شر ما في الرجل شح هالع ، وجبن خالع »
141
- حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا أبو نباتة ، حدثنا داود بن قيس ،
عن عبيد الله بن مقسم ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اتقوا
الشح (1) ؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم ؛ حملهم على أن سفكوا (2) دماءهم ،
واستحلوا محارمهم »
__________
(1) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
(2) سفك الدم : القتل
142
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عجلان ، عن سعيد ، عن أبي
هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إياكم والشح (1) ؛ فإنه أهلك
من كان قبلكم من الأمم ؛ دعاهم فسفكوا دماءهم ، ودعاهم فقتلوا أولادهم »
__________
(1) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
143 - حدثني موسى بن سهل الرملي ، حدثنا عمران بن هارون ، حدثنا سليمان بن حيان ، قال : حدثني محمد بن عجلان ، عن المقبري ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إياكم والبخل ؛ فإن البخل دعا قوما فمنعوا زكاتهم ، ودعاهم فقطعوا أرحامهم ، ودعاهم فسفكوا دماءهم »
144 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، ومحمد بن يزيد الرفاعي ، قالا : حدثنا حسين بن علي ، عن فضيل بن عياض ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن زهير بن الأقمر ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إياكم والبخل فإنه أهلك من كان قبلكم ؛ أمرهم بالظلم فظلموا ، وأمرهم بالفجور ففجروا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا »
145
- حدثني محمد بن المثنى ، حدثنا أبو داود ، وأبو الوليد ، قالا : حدثنا شعبة ، قال
: أنبأني عمرو بن مرة ، قال : سمعت عبد الله بن الحارث ، يحدث عن أبي كثير الزبيدي
، سمع عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إياكم والشح
(1) ، فإنه أهلك من كان قبلكم ؛ أمرهم بالقطيعة فقطعوا ، وأمرهم بالفجور ففجروا ،
وأمرهم بالبخل فبخلوا » ، حدثنا محمد بن العلاء ، ومحمد بن يزيد ، قالا : حدثنا
وكيع ، عن المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أبي كثير
الزبيدي ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
146
- حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عمر بن عبد الرحمن الأبار أبو حفص ، عن محمد بن
جحادة الأودي ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : « إياكم والشح (1) ، فإنما أهلك من كان قبلكم الشح ؛ أمرهم
بالكذب فكذبوا ، وأمرهم بالظلم فظلموا ، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا »
__________
(1) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
147 - حدثني أحمد بن يحيى بن زكريا الصوفي الأودي ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، عن أنس بن مالك ، قال : قبض رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : هنيئا لك الجنة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « وما علمكم ؟ لعله قد تكلم فيما لا يعنيه ، أو منع مالا ينقصه »
148
- حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثني بريد بن عبد
الله بن أبي بردة ، عن جده أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « إن الأشعريين إذا أرملوا (1) في الغزو ، أو قل طعام عيالهم بالمدينة
جمعوا ما كان عندهم في ثوب ، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية (2) ، هم مني
وأنا منهم »
__________
(1) أرمل : نفد زاده
(2) السوية : العدل والتساوي
149
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن ليث ، عن عبد الملك ، عن عطاء ،
عن ابن عمر ، قال : لقد أتى علينا زمان ، وما نرى أن أحدا منا أحق بالدينار
والدرهم من أخيه المسلم ، حتى كان ها هنا بأخرة ، فأصبح الدينار والدرهم أحب إلى
أحدنا من أخيه المسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إذا ضن (1)
الناس بالدينار والدرهم ، وتبايعوا بالعينة ، واتبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد
بعث الله عليهم ذلا لا ينزعه منهم حتى يراجعوا دينهم » ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى
، حدثنا ابن وهب ، أخبرني جرير بن حازم ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : قال عبد الله
بن عمر : لقد أتى علينا زمان وما يرى أحدنا أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم .
ثم ذكر نحوه إلا أنه قال : « أدخل الله عليهم ذلا ، لا ينزعه منهم حتى يراجعوا أمر
دينهم » حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، قال : أنبأنا حيوة شريح ، ويحيى بن أيوب ،
عن أبي عبد الرحمن الخراساني ، عن عطاء الخراساني ، عن نافع ، عن ابن عمر بذلك ،
إلا أنه قال : « وأخذتم بأذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد » ، وزاد في
الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : « وإن الرجل ليتعلق بجاره يوم القيامة فيقول
: إن هذا أغلق بابه ، وضن عني بماله »
__________
(1) الضن : البخل
150 - حدثني زياد بن عبيد الله المزني ، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، وحدثني عبد الله بن عبد الله بن أسيد الكلابي ، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد - واللفظ ليعقوب - جميعا عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يأتي رجل مولاه فيسأله من فضل ماله عنده ، فيمنعه إياه ، إلا دعي له يوم القيامة شجاعا يتلمظ فضله الذي منع »
151
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا محمد بن هلال ، عن أبيه ، عن أبي
هريرة ، قال : كنا نقعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغدوات في المسجد ،
فإذا قام إلى بيته لم نزل قياما حتى يدخل بيته ، فقام يوما ، فلما بلغ وسط المسجد
، أدركه أعرابي فقال : يا محمد ، احملني على بعيرين ، فإنك لا تحملني من مالك ولا
من مال أبيك وجبذ بردائه حين أدركه ، فاحمرت رقبته ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « لا ، وأستغفر الله ، لا أحملك حتى تقيدني (1) » قالها ثلاث مرات ، ثم دعا
رجلا فقال له : « احمله على بعيرين : على بعير شعير ، وعلى بعير تمر »
__________
(1) القَوَد : القِصاص وقَتْل القاتِل بَدل القَتيل
152 - حدثني مروان بن الحكم الحراني ، حدثنا البابلتي ، قال : حدثنا الأوزاعي ، حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول : « دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما المسجد ، وعليه برد نجراني غليظ الصنفة ، قال : فأتاه أعرابي من خلفه ، فأخذ بجانب ردائه حتى أثرت الصنفة في صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، أعطنا من مال الله الذي عندك ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم ، وقال : » مروا له «
153 - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا صالح المري ، عن الجريري ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا كانت أمراؤكم خياركم ، وكان أغنياؤكم سمحاءكم ، وكانت أموركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، وإذا كانت أمراؤكم شراركم ، وكان أغنياؤكم بخلاءكم ، وكانت أموركم إلى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها »
ذكر ما حضرنا ذكره في ذلك عن السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم
154 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، حدثنا أبو أسامة ، عن إسماعيل ، أنبأنا قيس ، قال : « دخلت أنا وأبي على أبي بكر ، وإذا هو رجل أبيض ، خفيف الجسم ، عنده أسماء ابنة عميس تذب عنه ، وهي موشومة اليدين - كانوا وشموها في الجاهلية نحو وشم البربر - فعرض عليه فرسان فرضيهما ، فحملني على أحدهما ، وحمل أبي على الآخر »
155
- حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا حماد بن زيد ، عن هشام بن
حسان ، عن محمد بن سيرين : أن صهرا لعمر بن الخطاب قدم على عمر ، فعرض له أن يعطيه
من بيت المال ، فانتهره (1) عمر وقال : « أردت أن ألقى الله ملكا خائنا ؟ » فلما
كان بعد ذلك أعطاه عمر من صلب ماله عشرة آلاف
__________
(1) انتهره : زجره ونهاه وعنفه
156
- حدثني محمد بن عثمان بن مخلد الواسطي ، حدثنا أبو بلال بن محمد بن الحارث
الأشعري ، حدثنا القاسم بن محمد ، عن معروف بن خربوذ ، قال : قال عمر بن الخطاب :
« لن تزال العرب عربا ما كانت مجالسها أندية ، وأكلت طعامها بالأفنية (1) . فإذا
كانت مجالسها أخبية (2) ، وأكلت طعامها في بيوتها ، أنكرتم من أمركم ما تعرفون »
__________
(1) الفناء : الساحة في الدار أو بجانبها
(2) الأخبية : مفردها خباء وهي الخيمة
157 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع البصري ، حدثنا الفضيل بن سليمان النميري ، حدثنا محمد بن مطرف الغفاري ، عن أبي حازم ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي ، عن مالك الدار مولى عمر بن الخطاب قال : بعثني عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح ، ودفع إلي أربع مائة دينار في صرة ، فقال : « اذهب بها إليه ، وتلبث ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع بها » ، قال : فأتيته فقلت له : يقول لك أمير المؤمنين : استعن بهذه في حاجتك ، قال : وصله الله ورحمه . ثم قال : تعالى يا جارية ، خذي هذه السبعة ، وخذي هذه الخمسة ، حتى أنفدها ، قال : ثم رجعت إليه فأخبرته وقد أعد مثلها لمعاذ بن جبل ، قال : فأتيته بها فقلت له : يقول لك أمير المؤمنين : انتفع بهذه في حاجتك فقال : وصله الله ورحمه ، ثم قال : تعالى يا جارية ، قال : فبذرها . قال : فاطلعت امرأته فقالت : ونحن والله مساكين ؛ فأعطنا - ولم يبق في الخرقة غير دينارين - فدخل عليها بها . قال : فرجعت إلى عمر فأخبرته ، فقال : القوم أخذ بعضهم من بعض
158
- حدثني عبد الرحمن بن أبي البختري الطائي ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ،
عن معاوية بن سلمة النصري ، عن عمرو بن قيس ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن
علي ، قال : « توفي غنيان وفقيران ، فقال تبارك وتعالى لأحد الغنيين : ما قدمت
لنفسك ، وما تركت لعيالك ؟ قال : فيقول : يا رب ، خلقتني وإياهم سواء ، وتكفلت برزق
كل دابة ، وقلت : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له (1) ، فقدمت لهذا ،
وعلمت أنك ترزق عيالي من بعدي ، قال : فيقول : اذهب ، فلو تعلم ما لك عندي لضحكت
كثيرا ، ولبكيت قليلا . قال : ثم يقال للغني الآخر : ما قدمت لنفسك ، وما تركت
لعيالك ؟ فيقول : يا رب ، كان لي عيال تخوفت عليهم العيلة ، قال : فيقول تبارك
وتعالى : ألم أخلقك وإياهم سواء ، وتكفلت برزق كل دابة ؟ فقال : بلى ، ولكن تخوفت
عليهم العيلة ، قال : فقد أصابهم ما حذرت عليهم ، فاذهب ، فلو تعلم ما لك عندي
لضحكت قليلا ولبكيت كثيرا . وقال لأحد الفقيرين : ما قدمت لنفسك ، وما تركت لعيالك
؟ قال : فيقول : يا رب خلقتني صحيحا فصيحا ، وعلمتني أسماءك ودعاءك ، ولو كنت
أكثرت لي لخشيت أن يشغلني عن طاعتك ، فقد رضيت عنك يا رب ، قال : فيقول : وأنا راض
عنك ، فاذهب ، فلو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا ولبكيت قليلا ، وقال للفقير الآخر
: ما قدمت لنفسك ، وما تركت لعيالك ؟ قال : فيقول : يا رب ، أعطيتني شيئا تسألني
عنه ؟ قال : فيقول : ألم أخلقك صحيحا فصيحا ، وجعلتك سميعا بصيرا ، وقلت : ادعوني
أستجب لكم (2) ، قال : بلى يا رب ، ولكني نسيت ، قال : وأنا أنساك اليوم ، فاذهب ،
فلو تعلم ما لك عندي لضحكت قليلا ، ولبكيت كثيرا »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 245
(2) سورة : غافر آية رقم : 60
159
- حدثنا يعقوب بن ماهان ، حدثنا هشيم ، عن أبي عامر المزني ، حدثنا شيخ من بني
تميم ، قال : خطبنا علي - أو قال : قال علي - : « يأتي على الناس زمان عضوض (1) ،
يعض الموسر (2) على ما في يديه ، ولم يؤمر بذلك ، قال الله تعالى : ولا تنسوا
الفضل بينكم (3) »
__________
(1) العضوض : ما فيه عَسف وظلم
(2) الموسر : الغني وذو المال والسعة
(3) سورة : البقرة آية رقم : 237
160
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا إسحاق بن منصور ، أنبأنا هريم ، عن الشيباني ، عن جعفر
بن عمرو بن حريث ، عن أبيه ، قال : « اشتريت من علي برنسين (1) منسوجين بذهب بسبعة
آلاف ، قال : فبعت أحدهما من أهل كذا بسبعة آلاف ، فما سألني عن ثمنها ، ولا
أعطيته »
__________
(1) البرنس : كل ثوب رأسُه منه مُلْتَزق به
161 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن عمار بن ياسر ، أنه قال : « ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان - أو : ثلاث من كمال الإيمان - الإنفاق من الإقتار ، والإنصاف من نفسك ، وبذل السلام للعالم »
162 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا أبو إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن عمار ، قال : « ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان : الإنفاق من الإقتار : أن ينفق وهو يحسن بالله الظن ، والإنصاف من نفسك : أن لا تذهب بالرجل إلى السلطان حتى تنصفه ، وبذل السلام للعالم »
163 - حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا فطر بن خليفة ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن عمار بن ياسر ، قال : « ثلاث من استعملهن فقد استكمل الإيمان : الإنفاق من الإقتار ، وإنصاف الناس من نفسك ، وإفشاء السلام للعالم »
164
- حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا المسعودي ، عن أشعث بن أبي
الشعثاء ، عن أبيه ، قال : أتى رجل ابن مسعود ، فقال : إني أخاف أن أكون قد هلكت
قال : « وما ذاك ؟ » قال : أسمع الله يقول : ومن يوق شح نفسه (1) ، وأنا رجل شحيح
(2) ، لا يكاد يخرج من يدي شيء ، فقال : « ليس ذلك بالشح (3) الذي ذكر الله في
القرآن ، الشح أن تأكل مال أخيك ظلما ، ذلك البخل ، وبئس الشيء البخل »
__________
(1) سورة : الحشر آية رقم : 9
(2) الشحيح : الشديد البخل والحرص على متاع الدنيا
(3) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
341
- حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ،
عن جامع بن شداد ، عن الأسود بن هلال ، قال : جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود ،
فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إني أخشى أن لا تكون أصابتني هذه الآية : ومن يوق شح
نفسه فأولئك هم المفلحون (1) ، والله ما أعطي شيئا أستطيع منعه . قال : « ليس ذلك
بالشح (2) ، إنما الشح أن تأكل مال أخيك بغير حقه ، ولكن ذلك البخل ، وبئس الشيء
البخل »
__________
(1) سورة : الحشر آية رقم : 9
(2) الشح : أشد البخل والحرص على متاع الدنيا
342
- حدثنا عمران بن موسى البصري ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا ليث ، عن ميمون
بن مهران : أن رجلا ، من جهينة كان يرعى على أبي ذر ذودا (1) له ، وكان أبو ذر
يعلمه القرآن ، وكان أهل الماء قد أصابهم خمص ، فقال أبو ذر : « يا فلان ، ايتني
بخير جمل فيها ، وإن علمت أني أعزها » ، قال : فخطم (2) ناقة ، فجاء بها ، ولم يكن
في الإبل خير منها ، إلا جملا واحدا كان فحل الإبل ، وكانوا يتبقلون عليه . قال :
« هل من رجلين يحتسبان عمل أيديهما ؟ » فقام رجلان فقالا : نحن نحتسب عمل أيدينا .
قال : « انحراه ، ثم اقسما ولا تفضلا حرا على عبد ، واجعلا آل أبي ذر بيتا من بيوتكم
. ثم قال : يا فلان ، ما حملك على ما صنعت ؟ قال : كان فحل الإبل ، وكنتم تتبقلون
عليه ، وعرفت حاجتكم إليه . فقال : ألا أنبئك بيوم حاجتي ، يوم أدلى في حفرتي ليس
معي مما ترى شيء . ثم قال : إن شركاءك في المال ثلاثة ، أنت أحدهم ، والقدر شريكك
لا يستأمرك ، يجيء فيأخذ أفضلها وأخسها وأرذلها ، ووارثك محتب (3) بالطريق ، ينتظر
متى تموت ، فيقتسم مالك وأنت ذميم
__________
(1) الذَّوْدُ من الإبل : ما بين الثَّنتين إلى التِّسْع. وقيل ما بين الثَّلاثِ
إلى العَشْر. واللفْظَة مُؤَنثةٌ، ولا واحدَ لها من لَفْظِهَا كالنَّعَم
(2) الخطام : كل ما وُضِعَ على أنف البعير ليُقتادَ به
(3) الاحْتبَاء : هو أن يَضُّمّ الإنسان رجْلَيْه إلى بَطْنه بثَوْب يَجْمَعَهُما
به مع ظَهْره، ويَشُدُّه عليها. وقد يكون الاحتباء باليَدَيْن عوَض الثَّوب
343 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن عبيد الله بن الوليد ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، قال : « لقد تداولت سبعة أبيات رأس شاة يؤثر به بعضهم بعضا ، وإن كلهم لمحتاج إليه ، حتى رجع إلى البيت الذي خرج منه »
344 - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني أبو هانئ ، حدثني شفي الأصبحي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : ليأتين على الناس زمان تكون قلوبهم فيه قلوب الأعاجم . فقيل له : وما قلوب الأعاجم ؟ قال : حب الدنيا ، وسنتهم سنة الأعراب : ما آتاهم الله من رزق جعلوه في الحيوان ، يرون الجهاد ضرارا ، والصدقة مغرما
345 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا محمد بن القاسم ، عن يوسف بن ميمون الصباغ ، عن عطاء ، قال : قال حذيفة : « لقد رأيتنا وما يرى أحدنا أنه أحق بديناره وبدرهمه من أخيه المسلم . ثم قال : لقد طال بي عمر حتى أدركتكم ، والدرهم والدينار أحب إلى أحدكم من أخيه المسلم »
346 - حدثني سلم بن جنادة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة ، قال : « لقد رأيتها تصدق بسبعين ألفا ، وإنها لترقع جانب درعها »
347 - حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة ، حدثنا عثمان بن سعيد ، عن محمد بن مهاجر ، حدثني الزبيدي ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها قالت : يا ويح لبيد حيث يقول : ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب قالت عائشة : فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال عروة : رحم الله عائشة ، فكيف لو أدركت زماننا هذا ؟ ثم قال الزهري : رحم الله عروة ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ ثم قال الزبيدي : رحم الله الزهري ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال محمد : وأنا أقول : رحم الله الزبيدي ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال أبو حميد : قال عثمان : ونحن نقول : رحم الله محمدا ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال أبو جعفر : قال لنا أبو حميد : رحم الله عثمان ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال أبو جعفر : رحم الله أحمد بن المغيرة ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ قال الشيخ : رحم الله أبا جعفر ، فكيف لو أدرك زماننا هذا ؟ ، حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، مثله
348 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : « كفى بالمرء من الشر أن يكون فاجرا . أو قال : يكون بخيلا »
349 - حدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا هشام بن المفضل الفزاري ، حدثنا محمد بن كثير الصنعاني ، عن الأوزاعي ، عن حسان ، فيما يحسب قال : شكا أهل دمشق إلى أبي الدرداء قلة الثمار ، فقال : « إنكم أطلتم حيطانها ، وأكثرتم حراسها ، فجاءها الوبأ من فوقها »
350 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، قال : قال يونس يعني ابن عبيد : كان لعثمان بن أبي العاص تجار يتجرون في البحر ، ويتجرون في المدائن ، فكان إذا قدم تجاره قسم في جيرانه ، حتى تبلغ قسمته بني السمين قال يعقوب : قال إسماعيل : حي من بني حنيفة
351
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا الجريري ، عن أبي
العلاء ، عن مطرف ، قال : أتيت عثمان بن أبي العاص أستسلفه ، فقال : « يا مطرف ،
إن يدي ربك ملأى . قال : فلما انصرفت أتبعني رسولا معه صرة (1) فيها أربعمائة ،
فلما تيسرت أتيته بها . قال : فقال : إني لم أعطكها وأنا أريد أن آخذها منك »
__________
(1) الصرة : ما يجمع فيه الشيء ويُشدُّ
352
- حدثنا محمد بن منصور الطوسي ، حدثنا أبو قطن ، حدثنا المسعودي ، عن الحكم ، قال
: كان عبد الله بن عكيم لا يربط كيسه ، قال : سمعت الله يقول : جمع فأوعى (1)
__________
(1) سورة :
353 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا سهل بن عامر البجلي ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن الحجاج بن أرطاة ، عن أبي جعفر ، قال ، قال لي أبو جعفر : يا حجاج ، كيف تواكسكم ؟ قلت : صلح يا أبا جعفر . قال : يدخل أحدكم يده في كيس أخيه فيأخذ حاجته إذا احتاج ؟ قلت : أما هذا فلا . قال : أما لو فعلتم ما احتجتم
354 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، أنبأنا مبارك ، قال : كان الحسن ، يقول : « ابن آدم خذ ما في يديك لما بين يديك ، عند الموت تلقى أكثره »
355
- حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا موسى بن عمير العنبري : سمعت الحسن البصري
، يقول : « رحم الله امرأ اكتسب طيبا وأنفق قصدا (1) ، وقدم فضلا ليوم فقره وفاقته
»
__________
(1) القصد : التوسط والاعتدال في الأمور بلا غلو أو تفريط
356
- حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : « رحم الله
عبدا اكتسب حلالا ، وأنفق قصدا (1) ، وقدم فضلا ليوم فقره وفاقته »
__________
(1) القصد : التوسط والاعتدال في الأمور بلا غلو أو تفريط
357 - حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي ، حدثنا مخلد بن حسين ، عن هشام ، قال : قال الحسن : « رحم الله عبدا جعل الهم هما واحدا ، فأكل كسرا ، ولبس خلقا ، وقدم فضلا ليوم فقره وفاقته ، وأنفق قصدا »
358
- حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا الهيثم بن عبيد ، الذي يقال له الصيد - ، حدثنا
أبي ، قال : كان الحسن البصري ، يقول : « قد أتى علينا زمان ، وإنا لنرى البخيل
فينا من يسلف (1) إلى ميسرة »
__________
(1) أسلف : أقرض
359 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام بن سلم ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عبد ربه : أن الحسن ، كان يقول : « ابن آدم صاحب الدنيا ببدنك ، وفارقها بهمك وقلبك ؛ فإنك موقوف على عملك ، فخذ مما في يديك لما بين يديك ، وعند الموت يأتيك الخبر »
360 - حدثني يونس ، أنبأنا يحيى بن حسان ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : سمعت الحسن ، يقول : « إن المؤمن أخذ عن الله أدبا حسنا ، فإذا وسع عليه وسع ، وإذا أمسك عنه أمسك »
361 - حدثنا علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : « ما رأيت أسخى منهما - يعني الحسن وابن سيرين - إلا أن الحسن كان أشدهما إنجاحا . قال : وكنت إذا قلت عند الحسن نفض لي الفراش بيده »
362 - حدثني مهنأ بن يحيى ، حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، قال : كان روح بن زنباع يخطبنا ، فكان يقول : « ألا إن خياركم آكلكم في الأفنية ، وأوسعكم آنية ، وأحلاكم أطلية ، وإن شراركم آكلكم في الأخبية ، وأصغركم آنية ، وأمركم أطلية »
363
- حدثني القاسم بن بشر بن معروف ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن
يزيد بن حازم ، عن الضحاك بن مسلم ، عن قتيبة بن مسلم ، قال : كانت الدماء في مصر
، فقعدوا لذلك في المسجد الجامع ، فأرسلني أبي إلى ضرار بن القعقاع : إن قومك قد
اجتمعوا ، فاحضرهم . قال : فأتيته فأبلغته ، فقال : ادخل . فدعا بخوانه (1) ، فجيء
بخوان عليه أربعة أرغفة ، وقصعة (2) فيها مريس ، قال : فكسر ذلك الخبز في تلك
القصعة ، قال : فدعا بزيت ، فقال : ادن فكل . قلت : لا أريد . فأكل تلك الأربعة
أرغفة ، ورفع القصعة فحسا ما فيها من ذاك المريس ، قال : ودعا بماء فشرب ، ثم قال
: لباب البر ، وجنى النحل ، وزيت الشأم ، وماء الفرات ، هذه - والله - الطيبات ثم
قام وذهبت معه ، فأتى المسجد الجامع ، وهم في المسجد حلقا ، فنظر الشمس ، ثم جعلها
في ظهره ، ثم جلس وحده ، فجعلوا يقومون إليه ، رجل ورجلان ، حتى تقوضت تلك الحلق
فصدروا حوله ، ثم جعلوا يتهارشون . قال : وهو ساكت لا يتكلم ، إلى أن جاءت الصلاة
، فقال له رجل : يا أبا القعقاع ، ألا تتكلم ؟ ألا ترى ما فيه قومك ؟ قال : أو قد
اجتمعتم إلي لذلك ؟ قالوا : نعم . فقال للذين يطلبون بالدماء : حقكم علي . وقال
للمطلوبين : أما أنتم ، فبرئتم . فكأنها كانت نارا صب عليها ماء ، فتفرقوا ، وأرسل
إلى إبل له في البادية ، فأدى تلك الديات
__________
(1) الخوان : ما يوضع عليه الطَّعام عند الأكل
(2) القصعة : وعاء يؤكل ويُثْرَدُ فيه وكان يتخذ من الخشب غالبا
364
- حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، حدثنا منصور بن سلمة ، قال : سمعت شيخا ، من
التيم قال : كان مجمع التيمي يعمل من الشهر أياما ، فإذا كسب ما يكفيه بقية شهره
أمسك عن العمل . قال : وكان يتحدث إليه ، قال : فقام أصحابه من عنده يوما فأتبعهم
بصره ، قال : فرأى في إزار سفيان بلى أو خرقا (1) أو رقاعا . قال : فسأله أن يرجع
إليه ، فرجع إليه سفيان . قال : فضرب بيده إلى بارية كان عليها . قال : فأخرج خمسة
دارهم كانت تحتها ، ثم أقبل على سفيان ، فقال : يا أبا عبد الله ابتع (2) بهذه
إزارا (3) . قال : فقال له سفيان : إن هذا عن غير حاجة . قال : فقال له مجمع :
فإني أسألك - يعني : لما قبلتها - فجعل سفيان يأبى (4) ، وجعل مجمع يسأله قبولها .
قال : فجعلنا نعجب من رجل لا يملك إلا خمسة دراهم من عمل يده بذلها
__________
(1) الخرقة : القطعة من الثوب الممزق
(2) ابتع : اشتر وهو أمر بالابتياع أي الشراء
(3) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن
(4) يأبى : يمتنع ويرفض
365 - حدثنا محمد بن عبيد الأدمي ، حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض ، قال : رأيت صفوان بن سليم ولو قيل له : غدا القيامة ، ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة . لقد انصرف يوم فطر ، أو أضحى إلى منزله ، ومعه صديق له ، فقرب إليه خبزا وزيتا ، فجاء سائل فوقف على الباب ، فقام إليه ، فأعطاه دينارا
366
- حدثنا الزبير بن بكار الزبيري ، قال : حدثني عبد الله بن عمر بن القاسم العمري ،
قال : حدثني أسقف ، قال : كنت أخرج مع سالم بن عبد الله إلى الحج ، فيخرج على شارف
(1) وعليه خنيف وبركان ، يلتحف (2) نصف البركان ، ويفترش النصف الآخر ، وكان يذبح
لنا في كل منزل شاة ، فإذا قدم المدينة أمر بالشارف ، فنحرت لأصحاب الصفة
__________
(1) الشارف : الناقة المسنة التي ارتفع لبنها
(2) التحف : كل شيء تغطيت به فقد التحفت به
367 - حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي ، حدثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، قال : « كان سالم يصنع في بيته الكوامخ وأشباهها فيتصدق بها ، فقال له أهله : تذهب ولا تترك لنا شيئا فقال : أذهب بخير وأترككم بشر ، أحب إلي من أن أذهب بشر وأترككم بخير »
368
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن مسروق
، أنه زوج ابنة له السائب بن الأقرع . قال : وكان يطعن في حسبه ، فزوجه على عشرة
آلاف ، وقال : « إنما زوجتك أنه ليس لي مال » فأعطته ابنته صداقها (1) ، فأعطاه
قومه ، وتصدق به على المساكين
__________
(1) الصداق : المهر
القول
فيما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : « من سأل
وله ما يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خدوش أو كدوح أو خموش » ، فالكدوح : آثار
الخدوش ، ومنه قول الشاعر : هما الغول والسعلاة حلقي منهما مخدش ما بين التراقي
مكدح يعني بقوله : مكدح : مؤثر ، فيه آثار الخدوش ، ومنه قول نابغة بني ذبيان :
أقب كعقد الأندري معقرب حزابية قد كدحته المساحل يعني بقوله : قد كدحته : قد عضضته
، فأثرت به من عضها إياه آثارا . وإنما يصف بذلك عيرا قد كدحته المعيوراء ، فأثرت
به آثارا . وأما الخموش : فنحو الخدوش ، ومنه الخبر الآخر الذي روي عن أبي أمامة ،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن يوم حنين الخامشة وجهها ، والشاقة جيبها
، يعني بالخامشة وجهها ما وصفت ، يقال منه : خمشت المرأة وجهها تخمش وتخمش خمشا
وخموشا ، ومنه قول لبيد بن ربيعة : خمشن حرا أوجه صحاح في السلب السود وفي الأمساح
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله ليس على
وجهه مزعة لحم » ، فإنه يعني بالمزعة : القطعة من اللحم . من ذلك قولهم : غضب فلان
على فلان حتى كاد أنفه يتمزع ، يراد به : يتقطع قطعا . وأما قول قبيصة بن المخارق
: تحملت بحمالة ، فإنه يعني : تكفلت بكفالة ، يقال للكفيل يتكفل بالمال عن القوم :
هو كفيل به ، وهو حميل ، وضمين ، وزعيم ، وقبيل ، وصبير . وإنما أراد قبيصة بقوله
ذلك أنه تضمن ديات أقوام قتلوا ؛ للإصلاح بين عشائر القاتلين والمقتولين ؛ فأباح
النبي صلى الله عليه وسلم المسألة فيها ؛ حتى يؤديها ؛ لما في ذلك من حقن دماء
الفريقين ، وصلاح ذات بين الطائفتين . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « ورجل
أصابته جائحة فاجتاحت ماله » ، فإنه يعني بالجائحة : المصيبة تنزل بمال الرجل ،
والآفة تحل به ، فيهلك لذلك المال الذي أصابه ذلك ، ومنه الخبر الآخر الذي روي عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بوضع الجوائح ، يعني بترك المطالبة بما
أهلكته الجوائح من الأموال التي كانت أصول أشريتها غير صحيحة ، ولم يهلكها
مبتاعوها ، ولا هلكت في أيديهم بعد قبضهموها ، فأباح النبي صلى الله عليه وسلم لمن
اجتاحت الجوائح ماله المسألة ؛ حتى يصيب سدادا من عيش ، أو قواما منه . و السداد
بكسر السين : هو ما سد الخلة ، وكذلك ما سد خللا من شيء فهو سداد بكسر السين ،
يقال منه : هذا الشيء سداد من عوز وفقر ، واجعل لقارورتك سدادا ، وهو الصمام ؛
لأنه يسد رأسها ، ومنه قول الطرماح بن حكيم : يا خال ، أنت سداد ما لو لم تكن شقت
بوائقه على الأمصار ومنه : سداد الثغر ، إذا سد بالخيل والرجال ، ومنه قول العرجي
: أضاعوني ، وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر وأما السداد بفتح السين : فهو
القصد والإصابة ، يقال منه : إنه لرجل مسدد ، إذا كان يعمل بالسداد . وعليك أيها
الرجل بالسداد ، يراد به القصد . وكذلك القوام بكسر القاف : مصدر أقام أمر الرجل ،
من كفاية تقيم عيشه وغير ذلك من أموره . والقوام ، بفتح القاف : القصد والعدل من
قول الله عز وجل : وكان بين ذلك قواما (1) . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : «
ثلاثة من ذوي الحجى من قومه » ، فإنه يعني بذوي الحجى : ذوي العقل والتمسك بالدين
والحق ، يقال منه للرجل إذا أقام بالمكان ولزمه : حجا به يحجو حجوا ، ومنه قول
العجاج : بربض الأرطى وحقف أعوجا فهن يعكفن به إذا حجا عكف النبيط يلعبون الفنزجا
وأما قولهم : فلان يأتينا بالأحاجي ، فإنه جائز أن يكون من الحجى ، وذلك أن
الأحاجي ما يعايا به ، يقال منه : حاجيت فلانا ما في يدي : إذا عاييته به ، أي شيء
منها ، وذلك من امتحان العقل بالمعاياة . وأما قولهم : أحج بذاك ، فإنه من غير هذا
المعنى ، ومعناه : أخلق به أن يكون ، وأحر به . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : «
وما سوى ذلك من المسائل سحت يا قبيصة ، يأكله صاحبه سحتا » ، فإنه يعني بالسحت :
الحرام الذي يهلك آكله ويستأصله هلاكا ، بأكله إياه وإفساده دينه . وأصل السحت :
كلب الجوع ، يقال منه : فلان مسحوت المعدة ، إذا كان أكولا لا يلفى أبدا إلا جائعا
. وإنما قيل لآكل الحرام : هو يأكل السحت ؛ لشرهه إلى أكل ذلك ، وأخذه من أموال
الناس ، كشره المسحوت المعدة إلى أكل الطعام ، يقال منه : سحته الله ، وأسحته ،
لغتان محكيتان ، وقد قرئ بهما في القرآن ، وذلك قوله ( فيسحتكم ) و فيسحتكم بعذاب
(2) ، ومنه قول الفرزدق بن غالب : وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا
مسحتا أو مجلف يعني بالمسحت : الذي قد استؤصل هلاكا ؛ بإفساده إياه ، ومحكي عن
العرب أنها تقول للحالق إذا حلق : اسحت شعره ، تعني به : استأصله . وأما قول عمر :
من سأل الناس ليثري به ماله ، فإنه يعني بقوله : ليثري به ماله : ليكثره ، وإنما
عنى بذلك : من سأل عن غنى من غير فاقة ليكثر بمسألته ماله ، لا ليسد به فاقته .
والثراء بالمد : كثرة المال ، ومنه قول علقمة بن عبدة : يردن ثراء المال حيث علمنه
وشرخ الشباب عندهن عجيب وأما الثرى بالقصر : فإنه التراب المبتل ، ومنه قول الله
عز وجل : وما تحت الثرى ، ويقال : بدا ثرى الماء من أعطاف الخيل ، إذا عرقت ، ومنه
قول الشاعر : يذدن ذياد الخامسات وقد بدا ثرى الماء من أعطافها المتحلب يقال من
المقصور من ذلك : ثرى فلان التراب ، فهو يثريه تثرية ، وذلك إذا بله ، ومن الممدود
: أثرى فلان فهو يثري إثراء . ويقال : ثرى بنو فلان بني فلان ، إذا كثروهم ،
وكانوا أكثر منهم . ويقال : هو في ثروة من قومه وثراء ، يراد بالثروة : العدد .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « من أعطي شيئا فليجز به » ، فإنه يعني بقوله : «
فليجز به » : فليكاف به ، ومنه قول الناس : جزى الله فلانا عن فلان خيرا ، يعنى به
: أثابه الله وكافاه عنه ، على فعله الذي كان منه إليه . وأما قوله صلى الله عليه
وسلم : « شر ما في الرجل شح هالع ، وجبن خالع » ، فإنه يعني بقوله : « هالع » :
جازع ، يجزع صاحبه من الإنفاق في الحقوق مخافة الفاقة والإقتار . ووصف بالهلع الشح
- وهو من صفة الشحيح - كما قيل : ليل نائم ، ونهار صائم ، يراد به : ينام في هذا ،
ويصام في هذا ، فكذلك معنى قولهم : شح هالع ، أنه يهلع به صاحبه ، ومنه قول الله
عز وجل : إن الإنسان خلق هلوعا (3) ، قيل : ضجورا ، وقيل : جزوعا . والهلع عند
العرب : أشد الجزع وأقبحه ، يقال منه : هلع فلان يهلع هلعا وهلوعا . وأما الجبن
الخالع : فهو الجبن الذي يخلع فؤاد صاحبه من الخوف والرعب عند لقاء الناس . وإنما
وصفهما صلى الله عليه وسلم بأنهما شر ما في الإنسان من خلائقه ؛ لأن الشح يحمل
صاحبه على كل عظيمة ، من منع حقوق الله عز وجل التي أوجبها في ماله كالزكاة ،
ويحول بينه وبين أداء ما يلزمه للناس من الديون ، ولأهله من النفقات ، ويدعوه إلى
السرق وغصب الناس أموالهم ، وخيانتهم فيما اتمنوه عليه ، وأشباه ذلك من الأمور
التي يمل تعدادها ، وأن الجبن الخالع يصد عن القيام بحق الله من جهاد أعداء الله ،
ويدعو إلى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حذرا على نفسه من المأمور أو
المنهي ، ونحو ذلك . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « لا يأتي رجل مولاه يسأله من
فضل ما عنده فيمنعه إياه ، إلا دعي له شجاعا يتلمظ ، فضله الذي منع » ، فإنه يعني
بالشجاع : نوعا من الحيات ، وهي من عظامها وخباثها ، وإياه عنى الراجز بقوله : قد
سالم الحيات منه القدما الأفعوان والشجاع الشجعما وأما قوله : « يتلمظ » ، فإن
التلمظ : التمطق وتكرير العض والقضم ، يقال منه : ما ذاق فلان اليوم لماظا ، ولا
مضاغا ، ولا قضاما ، ولا أكالا ، إذا لم يذق شيئا . وأما قول سهل بن سعد : ثم دعا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعوزين له ، فإنه يعني بالمعوزين : ثوبين خلقين ،
والمعاوز : جمع ذلك ، وهي الخلقان من الثياب ، وهي الأسمال ، والأخلاق ، والأطمار
والأهدام ، والشبارق ، والشراذم ، والشماطيط . وأما قول جبير بن مطعم : فاضطره
الناس - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلى سلمة ، فإنه يعني بالسلمة : شجرة
تدعى بهذا الاسم لها شوك ، وإياها عنى الشاعر بقوله : صاح الغراب بمه بالبين من
سلمة وكذلك السمرة : شجرة تعرف بهذا الاسم تكون بالبوادي . وأما قول قيس بن أبي
حازم : دخلت أنا وأبي على أبي بكر وعنده أسماء بنت عميس تذب عنه ، وهي موشومة
اليدين ، كانوا وشموها في الجاهلية ، فإن وشم اليد : تغريز ظهورها بالإبرة أو
غيرها من الحديد الذي يؤثر فيه نقوشا ، ثم يحشى مواضع التغريز نؤورا ليخضرها أو
يسودها ، ومنه الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن الواشمة
والمستوشمة ، فالواشمة : فاعلة الوشم ، والمستوشمة : السائلة الواشمة أن تشمها ،
ومن الوشم الذي وصفت قول الأخطل في صفة ثور وحشي : أما السراة فمن ديباجة لهق
وبالقوائم مثل الوشم بالقار ومنه قول لبيد بن ربيعة : أو رجع واشمة أسف نؤورها
كففا تعرض فوقهن وشامها وأما قول ميمون بن مهران : فكان أهل الماء قد أصابهم خمص ،
فإنه يعني بالخمص : الأزل والشدة والمجاعة ، والخموصة : ضمور البطن من المجاعة
وغيرها ، ولذلك قيل للمرأة الضامرة البطن : خمصانة ، ومنه قول ميمون بن قيس :
خمصانة فنق درم مرافقها كأن أخمصها بالشوك منتعل وذلك مما يمدح به النساء ، ومن
الخمص أيضا قول ميمون الآخر : تبيتون في المشتى ملاء بطونكم وجاراتكم غبر يبتن
خمائصا يعني بالخمائص : المهازيل الضامرات البطون من الجوع ، ومنه قول الله تعالى
ذكره : فمن اضطر في مخمصة (4) ، يعني بالمخمصة : المجاعة ، وهو المفعلة من الخمص .
وأما قول لبيد : وبقيت في خلف ، فإنه يقول : وبقيت في قوم شرار أردياء ، خلفوا أهل
الفضل الذين كانوا قبلهم ، وكذلك تفعل العرب إذا أرادت الخبر عن شرار خلفوا خيارا
كانوا قبلهم قالوا : خلفهم خلف سوء ، بتسكين اللام من الخلف ، وإذا أرادوا الخبر
عن خيار خلفوا خيارا قالوا : خلفهم خلف صالح ، بفتح اللام من الخلف . ومن الخلف
بسكون اللام قول الله عز وجل : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة (5) ، ومن الخلف
بفتح اللام قول كعب بن زهير : بان الشباب وأمسى الشيب قد أزفا ولا أرى لشباب ذاهب
خلفا وأما قول قتيبة بن مسلم : فأتي بأربعة أرغفة ، وقصعة فيها مريس ، فإن المريس
: فعيل من المرس ، أصله مفعول صرف إلى فعيل ، كما قيل للمقتول قتيل ، وللمجروح
جريح ، وإنما عنى بالمريس : الشيء الممروس باليد أو غيرها من عسل ، أو تمر ، أو
سمن ، يقال منه : قد مرس فلان العسل في القصعة ، إذا صفاه فيها من شهده ، ومرس
التمر في السمن ، ومنه قولهم للرجل الذي قد جرب الأمور وعالجها : قد مارس الأمور
وضارسها ، كما قال الطرماح : وضارست الأمور وضارستني فلم أعجز ، ولم تضعف قناتي
ومن المرس أيضا قوله : بنو الحرب ما يلفى بنبعة عودهم إذا امترست فيه الأكف ، صدوع
__________
(1) سورة : الفرقان آية رقم : 67
(2) سورة : طه آية رقم : 61
(3) سورة : المعارج آية رقم : 19
(4) سورة : المائدة آية رقم : 3
(5) سورة : مريم آية رقم : 59
ذكر خبر آخر من أخبار أبي سعيد الخدري ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
369
- حدثني ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ،
قال : قال رجل : يا رسول الله ، إنا بأرض مضبة (1) ، فما تأمرنا - أو : ما تفتينا
؟ قال : « ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مسخت (2) » . فلم يأمر ولم ينه . قال أبو
سعيد : فلما كان بعد ذلك قال عمر : إن الله لينفع به غير واحد ، وإنه لطعام عامة
الرعاء ، ولو كان عندي لطعمته ، وإنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم «
__________
(1) المضبة : الأرض يكثر فيها حيوان الضب
(2) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ؛ لعلل : إحداها : أنه خبر قد حدث به عن أبي سعيد غير واحد من الرواة عنه ، فلم يذكروا فيه الكلام الذي ذكره أبو نضرة في هذا الحديث عنه ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أعني قول عمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ترك أكل الضب ؛ لأنه عافه . وأخرى : أنه حدث به أيضا عن أبي نضرة غير داود ، فلم يذكر ذلك فيه . والثالثة : أنه حدث به عن داود بعض الرواة ، فجعل كلام عمر ، عن أبي نضرة ، عنه ، ولم يدخل بينه وبينه أبا سعيد . والرابعة : أنه قد حدث به عن داود ، عن أبي نضرة جماعة فلم يذكروا فيه ما ذكره ابن أبي عدي في حديثه من قول عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تركه ؛ لأنه عافه . والخامسة : أن أبا نضرة عندهم غير مرتضى نقله
ذكر من حدث بهذا الحديث بهذا الإسناد ، فلم يذكر فيه ما ذكره ابن أبي عدي من قول عمر في الضب : إنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم
370
- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا داود ، عن
أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال : قال رجل : يا نبي الله ، إنا بأرض مضبة (1) ، فكيف
ترى في الضباب ؟ قال : « ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مسخت » ، فلم يأمر به ولم
ينه عنه . قال عمر : إنه لطعام عامة الرعاء ، وإن الله لينفع به غير واحد ، ولو
كان عندي لطعمته
__________
(1) المضبة : الأرض يكثر فيها حيوان الضب
ذكر من حدث بهذا الحديث عن عمر ، فجعله عن داود ، عن أبي نضرة ، عن عمر مرسلا ، ولم يدخل بين أبي نضرة وبين عمر أبا سعيد
371 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا داود ، عن أبي نضرة : قال : قال عمر : « إن الله لينفع بالضب ، وإنه لطعام عامة الرعاء ، ولو كان عندي لطعمت منه »
ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي سعيد ، فلم يذكر فيه الكلام الذي ذكره داود ، عن أبي نضرة ، عنه ، عن عمر
372 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ضلت أمة من بني إسرائيل ، فأرهب أن تكون الضباب »
373
- حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي نضرة
، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب ، فقال : « أمة مسخت
(1) ، فأرهب أن تكون هذه ، والله أعلم »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
374
- حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري ، حدثنا عمر بن حفص ، عن بشر بن حرب أبي عمرو
الندبي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب ، فقال
: « اقلبوه » . فقلب ظهره لبطنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « سبط (1)
من بني إسرائيل غضب الله عليهم فتاهوا ، فإن يك شيئا فهؤلاء »
__________
(1) السبط : الجماعة أو الأمة أو القبيلة
ذكر من حدث بهذا الحديث عن داود فوافق - في ترك الكلام الذي ذكره ابن أبي عدي ، عن أبي سعيد ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - قتادة
375 - حدثنا عمران بن موسى البصري ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا داود ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ، فلما انصرف قال رجل : يا رسول الله ، إنا بأرض مضبة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فقدت أمة من بني إسرائيل » . فلم يأمر ولم ينه
376
- حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد ، أنبأنا داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن
أبي سعيد ، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنا بأرض مضبة
، فما تأمرنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بلغني أن أمة من بني
إسرائيل مسخت (1) دواب ، فلا أدري أي الدواب هي ؟ » فلم يأمر ولم ينه وقد وافق
الرواية التي رواها أبو نضرة عن أبي سعيد ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
من ذلك ، رواية آخرين عن عمر ، لم يسمع بعضهم من عمر شيئا ، وقد سمعه بعضهم بأسانيد
بعضها صحاح ، وبعضها واه
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
ذكر ذلك
377 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا سالم بن نوح ، حدثنا عمر بن عامر ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب : أن عمر بن الخطاب ، سئل عن الضب ، فقال : « أتي به النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم ينه عنه ، ولم يأمر به ، وأبى أن يأكله ، وإنما تقذره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان عندنا لأكلنا ، وإنه لرعائنا وسفرنا ، وإن الله لينفع به ناسا كثيرا »
378 - حدثني أبو عبيد الوصابي محمد بن حفص ، حدثنا ابن حمير ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن سليمان اليشكري ، عن جابر : أن عمر بن الخطاب ، قال : « إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم الضب ولكن قذره ، وإن الله لينفع به عامة الرعاء وغيرهم ، ولو كان عندي لأكلت منه »
379 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، عن الحسن ، قال : قال عمر بن الخطاب : « إن هذه الضباب طعام عامة هذه الرعاء ، وإن الله لينفع به غير واحد ، ولو كان عندي لطعمته ، إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرمه ، ولكن قذره » وقد وافق عمر رحمه الله - في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روى عنه في ذلك من أنه إنما ترك أكله تقذرا - جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نذكر ما حضرنا ذكره مما صح سنده منه ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله عز وجل
ذكر ذلك
380 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا الشيباني ، حدثني يزيد بن الأصم ، قال : دعانا رجل ، فأتانا بثلاثة عشر ضبا . قال : فآكل وتارك . قال : فلما أصبحت غدوت على ابن عباس فسألته عن الضب ، فأكثر فيه جلساؤه ، وقال بعضهم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا آكله ولا أحرمه » فقال ابن عباس : ما قلتم ؟ إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلا ومحرما ، كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة وعنده الفضل بن العباس وخالد بن الوليد . قال : فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بخوان عليه خبز ولحم ضب . قال : فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل قالت له ميمونة : يا رسول الله ، إنه لحم ضب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذا لحم لم آكله ، ولكن كلوا » . قال : فأكل الفضل بن العباس ، وخالد بن الوليد والمرأة ، وقالت ميمونة : لا آكل من طعام لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلم تأكل ميمونة حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
382 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن فضيل ، عن أبي إسحاق الشيباني ، وحسين ، عن زائدة ، عن الشيباني ، عن يزيد بن الأصم ، قال : دعينا لعرس بالمدينة ، فقربت إلينا ثلاثة عشر ضبا ، فمن آكل وتارك ، فلما أصبحت أتيت ابن عباس ، فقلت : تزوج فلان فقرب إلينا ثلاثة عشر ضبا ، فمن آكل وتارك . فقال بعض من عنده : حلال . وقال بعضهم : حرام . وقال بعضهم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أحله ولا أحرمه « . فقال ابن عباس : ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا محلا ومحرما ، قرب للنبي صلى الله عليه وسلم طعام ليأكل ، فمد يده ، فقالت ميمونة : يا رسول الله ، إنه لحم ضب ؛ فكف يده ، وقال : » إنه لحم لم آكله قط « . فأكل الفضل بن عباس وخالد بن الوليد وامرأة كانت معهم ، وقالت ميمونة : لا آكل من طعام لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، عن الشيباني ، عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، إلا أنه قال في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم : » هذا طعام ما أكلته قط ، فكلوه أنتم « . فأكل خالد وأكل القوم . وسائر الحديث نحوه
383 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، قال : ذكر الضب عند ابن عباس ، فقال بعض من كان عنده : أتي به النبي صلى الله عليه وسلم فلم يحله ولم يحرمه . فقال له ابن عباس : بئس ما قلت إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلا ومحرما ، جاءت أم حفيد ابنت الحارث تزور أختها ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعها طعام وفيه لحم ضب ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أغسق - يعني : بعدما أظلم - فكرهت ميمونة أن يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا يعلم ما هو ، قالت : إنه لحم ضب . فأمسك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمسكت ميمونة . قال ابن عباس : فأكله من كان عنده ، ولو كان حراما نهاهم عنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنه ليس بأرضنا ، ونحن نعافه » ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، ( ح ) وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، قال : ذكر الضب عند ابن عباس ، فقال رجل من جلسائه : أتي النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه ، غير أن أبا كريب قال في حديثه : جاءت أم حفيد ، وقال سفيان : جاءت أم حفيز ، بالزاي ابنت الحارث ، وقالا جميعا : ومعها طعام فيه لحم ضب ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن حيان الرقي ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، قال : ذكر الضب عند ابن عباس ، فقال بعضهم : حرام . فقال ابن عباس : بئس ما قلتم ، ثم ذكر نحوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قال في حديثه : فأكلته أنا وخالد بن الوليد على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلو كان حراما نهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
383 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، قال : ذكر الضب عند ابن عباس ، فقال بعض من كان عنده : أتي به النبي صلى الله عليه وسلم فلم يحله ولم يحرمه . فقال له ابن عباس : بئس ما قلت إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلا ومحرما ، جاءت أم حفيد ابنت الحارث تزور أختها ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعها طعام وفيه لحم ضب ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أغسق - يعني : بعدما أظلم - فكرهت ميمونة أن يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لا يعلم ما هو ، قالت : إنه لحم ضب . فأمسك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمسكت ميمونة . قال ابن عباس : فأكله من كان عنده ، ولو كان حراما نهاهم عنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنه ليس بأرضنا ، ونحن نعافه » ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، ( ح ) وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، قال : ذكر الضب عند ابن عباس ، فقال رجل من جلسائه : أتي النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه ، غير أن أبا كريب قال في حديثه : جاءت أم حفيد ، وقال سفيان : جاءت أم حفيز ، بالزاي ابنت الحارث ، وقالا جميعا : ومعها طعام فيه لحم ضب ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن حيان الرقي ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، قال : ذكر الضب عند ابن عباس ، فقال بعضهم : حرام . فقال ابن عباس : بئس ما قلتم ، ثم ذكر نحوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قال في حديثه : فأكلته أنا وخالد بن الوليد على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلو كان حراما نهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
385
- حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا عبيدة بن حميد ، حدثني واقد بن عبد الله
الخياط ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه
وسلم سمن وأقط وضب ، فأكل من السمن والأقط (1) ، وقال للضب : « إن هذا شيء ما
أكلته »
__________
(1) الأقط : لبن مجفف يابس يطبخ به
386 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا حسين ، عن زائدة ، حدثنا واقد أبو عبد الله ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقط وسمن وضب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أما هذا فليس بأرضنا ، من أحب منكم أن يأكل منه فليأكل » ، فأكل على خوانه ولم يأكل منه
387
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن
جبير ، عن ابن عباس ، قال : أهدت خالتي أم حفيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
سمنا وأقطا وأضبا (1) ، فأكل من السمن والأقط (2) وترك الأضب تقذرا ، فأكل على
مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أضب : جمع ضب ، وهو حيوان من جنس الزواحف له ذنب عريض يسكن صحارى الأقطار
العربية
(2) الأقط : لبن مجفف يابس يطبخ به
388 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا حسين ، عن زائدة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « أهدي لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ضب نضيج ، فبعثت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأكل القوم ولم يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال خالد بن الوليد : يا رسول الله ، أحرام هو ؟ قال : » لا . ولكني أقذره « ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا عمرو بن حماد ، حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال في حديثه : قال : » لا ، بل حلال « . وسائر الحديث مثله
389
- حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني يونس ،
عن الزهري ، أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف : أن عبد الله بن عباس ، أخبره أن
خالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله أخبره أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - وهي خالته وخالة ابن عباس - فوجد
عندها ضبا محنوذا (1) قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد ، فقدمت الضب لرسول
الله صلى الله عليه وسلم - وكان قل ما يقدم يده لطعام حتى يحدث به ويسمى له -
فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى الضب ، فقالت امرأة من النسوة الحضور
: أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدمتن له . قلن : هو الضب يا رسول الله .
فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ، فقال خالد : أحرام الضب يا رسول الله ؟
قال : « لا ولكنه لم يكن بأرض قومي ؛ فأجدني أعافه » . قال خالد : فاجتررته فأكلته
، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ، فلم ينهني
__________
(1) المحنوذ : المشوي
390
- حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، ومالك ، عن ابن شهاب ، أخبرهما عن
أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن ابن عباس ، أن خالد بن الوليد ، دخل مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتي بضب محنوذ (1)
، فأهوى (2) إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ، فقال بعض النسوة اللاتي في
بيت ميمونة : أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يريد أن يأكل . قالوا : هو
ضب . فرفع يده . قال : فقلت : أحرام هو ؟ قال : « لا ، ولكنه لم يكن بأرض قومي ؛
فأجدني أعافه » قال : فاجتررته ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ، فلم يمنعني
__________
(1) المحنوذ : المشوي
(2) أهْوَى : يقال أهوى يَدَه وبِيَده إلى الشَّيء لِيَأخُذَه ويمسك به
391 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن يزيد بن الأصم ، قال : أهدي لميمونة ابنت الحارث ضب - أو : ضباب - فأمرت به فصنع طعاما ، فأتاها رجلان من قومها ، فقدمته إليهما تتحفهما به ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ، فرحب بهما ، ثم تناول ليأكل ، فقال : « ما هذا ؟ » ، فقالوا : ضب أهدي لنا . فقذفه ، ثم كف يده ؛ فكف الرجلان ، فقال لهما : « كلا فإنكم أهل نجد تأكلونها ، وإنا أهل تهامة نعافها » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن يزيد بن الأصم ، عن ميمونة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم - وهي خالته - عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
392 - حدثنا محمد بن المثنى ، وأحمد بن الوليد ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن توبة العنبري ، قال : قال الشعبي : أرأيت حديث الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : قاعدت - ابن عمر قريبا من سنتين ، أو سنة ونصفا ، فلم أسمعه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، غير أنه قال : كان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سعد ، فذهبوا يأكلون من لحم ، فنادتهم امرأة : إنه لحم ضب . فأمسكوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كلوا - أو : اطعموا - فإنه حلال - أو قال : لا بأس به - توبة شك فيه - ولكنه ليس من طعامي » لفظ الحديث ، حديث ابن الوليد
393 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن عبيد الله ، ( ح ) وحدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، أنبأنا عبد الله بن نمير ، أنبأنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر عن الضب ، فقال : « لا آكله ولا أحرمه »
394 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت عبيد الله ، عن نافع ، عن عبد الله : أن رجلا ، سأل النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال : يا نبي الله ، ما تقول في الضب ؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : « لا آكله ولا أحرمه »
395 - حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، ح ، وحدثنا هناد بن السري ، حدثنا عبدة بن سليمان ، ( ح ) وحدثنا تميم بن المنتصر ، أنبأنا يزيد جميعا عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ، وسأله رجل عن الضب ، فقال : « لا آكله ولا أحرمه »
396 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا مالك بن مغول ، وابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب ، فقال : « لا آكله ولا أنهى عنه »
397 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو عاصم ، أنبأنا ابن جريج ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب ، فقال : « لست بآكله ولا محرمه »
398 - حدثنا خلاد بن أسلم ، حدثنا النضر بن شميل ، أنبأنا صخر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رجلا ، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لست بآكله ولا محرمه »
399 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ، حدثنا أيوب ح وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر : « أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بضب فلم يأكله ولم يحرمه »
400 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، وأبو مسعود الجحدري ، أنبأنا الفضيل بن سليمان النميري ، حدثنا موسى بن عقبة ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن الضب ، فقال : « لست بآكله ولا محرمه » . قال : فتركه عبد الله حين سمع ذلك ، وقد كان يأكله
401 - حدثني بشر بن معاذ العقدي ، حدثنا ثابت بن زهير ، قال : سمعت نافعا ، يحدث عن ابن عمر ، قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل ، فسأله عن الضب ؟ فقال : « لست بآكله ولا محرمه »
402 - حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، قال : نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله ، كيف ترى في أكل الضب ؟ قال : « لست بآكله ولا محرمه »
403 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضب ، فقال : « لست بآكله ولا محرمه » ، حدثنا بشر بن معاذ ، حدثنا ثابت بن زهير ، سمعت هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، مثل ذلك
404 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو تميلة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق ، عن حبان بن جزء ، عن أخيه خزيمة بن جزء ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما تقول في الضب ؟ فقال : « لا آكله ولا أحرمه » . قلت : فإني آكل مما لم تحرمه . قال : « فقدت أمة من الأمم ، ورأيت خلقا رابني » فقال بهذا الخبر جماعة من متقدمي أهل العلم ومتأخريهم ، وقالوا : أكل الضب حلال
ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم
405
- حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن
القاسم بن عبد الرحمن ، قال : جاء أعراب إلى عمر بن الخطاب أصابتهم مجاعة ، فجعل
يرضخ لهم في أيديهم ، فرأى رجلا سمينا فسأل عنه ، فقالوا : سمن من أكل الضباب .
فقال عمر : « وددت أن في جحر كل ضب ضبين ، اللهم اجعل رزقهم في بطون التلاع ورءوس
الآكام (1) » ، حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا إسرائيل ، عن
الركين بن الربيع ، عن أبي ربعي الفزاري ، قال : أتينا عمر بن الخطاب . فذكر مثل
حديث القاسم ، ثم قال لنا : أما تأكلون الهبيد - يعني الحنظل - لقد كانت أمنا
تصنعه فنأكله
__________
(1) الأكمة : ما ارتفع من الأرض دون الجبل
406 - حدثنا هناد ، حدثنا أبو معاوية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله ، قال : رأى عمر أعرابيا سمينا في عام مجاعة ، فقال : « من أي شيء سمن هذا ؟ » ، فقالوا : من أكل الضباب . فقال : « والله لوددت أن في جحر كل ضب ضبين ، اللهم اجعل رزقهم في بطون الآكام ورءوس التلاع »
407
- حدثني العباس بن محمد ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي
حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال
عمر : ما أحب أن لي مائة ناقة ، كلها سود الحدقة (1) ، بحظ العرب من الضباب
__________
(1) الحدقة : سواد مستدير وسط العين
408 - حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، قال : « ما أحب أن لي مكان كل ضب دجاجة »
409 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عمر : « لضب أحب إلي من دجاجة »
410
- حدثنا ابن بشار ، حدثني ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : أن رجلا
، شكا إلى عمر الجوع ، فقال : ألست بأرض مضبة (1) ؟ قال : بلى . قال : « ما يسرني
بحظي من الضباب حمر النعم »
__________
(1) المضبة : الأرض يكثر فيها حيوان الضب
411 - حدثنا هناد ، حدثنا يعلى ، عن المسعودي ، عن زياد بن علاقة ، قال : رأى عمر رجلا سمينا في عام سنة فقال : ما أسمنك ؟ فقال : الضباب . فقال عمر : « لوددت أن في جحر كل ضب ضبين »
412 - حدثني عبدة بن عبد الله الصفار ، حدثنا عباد بن ليث ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عمر : « ما يسرني أن لي مكان كل ضب دجاجة »
413 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، حدثنا قراد أبو نوح ، قال المسعودي : أنبأنا عن زياد بن علاقة ، عن عمه قطبة بن مالك ، قال : رأى عمر رجلا راعيا سمينا في عام سنة ، فقال : « ما أسمنك ؟ » فقال : الضباب . فقال عمر : « وددت أن في جحر كل ضب ضبين »
414 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، حدثنا أبو كامل مظفر بن مدرك ، حدثنا شريك ، عن زياد بن علاقة ، عن رجل ، من قومه - يقال له معبد بن سويد أو غيره - أن عمر ، رأى رجلا سمينا في عام الرمادة ، فقال : « ما أسمنك ؟ » قال : الضباب . فقال عمر : « وددت أن في جحر كل ضب ضبين »
415 - حدثنا محمد بن العلاء الهمداني ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن زياد بن علاقة ، عن سعد بن معبد : أن عمر رأى رجلا من محارب ، سمينا في عام سنة ، فقال : « ما طعامك ؟ » ، قال : الضباب . قال : « وددت أن في جحر كل ضب ضبين »
416 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن زياد بن علاقة ، عن رجل من قومه : أن عمر رأى رجلا سمينا فقال : « ما هذا ؟ » قال : الضباب . قال : « وددت أن مكان كل ضب ضبين » ، حدثنا ابن المثنى ، حدثني وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن زياد بن علاقة ، عن رجل من قومه أن عمر رأى رجلا دحداحا فقال : ما الذي أسمنك ؟ فذكر نحوه
417 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، والمسعودي ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، قال : سأله رجل عن القاسم بن عبد الرحمن ، فقال : انطلق إلى الكناسة يلتمس الضباب . قال : فقال رجل في ذلك ، فقال عبد الرحمن : سمعت ابن مسعود ، يقول : « إن محرم الحلال كمستحل الحرام »
418 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا أبي ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، قال : سمعت ابن مسعود وذكر الضباب ، فقال : « إن محرم الحلال كمستحل الحرام »
419 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، قال : « إن كان أحدنا ليهدى له الضبة المكونة ، أحب إليه من أن تهدى له الدجاجة السمينة »
420 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، قال : سألت ابن الحنفية عن الضب ، فقال : « إن أعجبك فكله »
421 - حدثنا هناد ، حدثنا أبو أسامة ، وعبدة ، عن الزبرقان ، قال : أهدى لي شقيق لحم ضب ، ثم لقيني فقال : كيف رأيت الذي بعثت إليك ؟ قلت : طيبا
422 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، قال : « سألت محمدا عن الضب ، فقال : لا أعلم به بأسا »
423 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا أبو أسامة ، عن ابن عون ، عن محمد ، أنه كان : « لا يرى بأكل الضب بأسا »
424 - حدثنا العباس بن الوليد البيروتي ، أخبرني ، عن الأوزاعي ، أنه قال : « لا بأس بأكل الضب »
425 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، عن مالك ، أنه قال : « لا بأس بأكل الضب » واعتل قائلو هذه المقالة لقولهم هذا بأن الضباب أكلت على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمحضر منه . وقالوا : لو كان ذلك حراما ؛ ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم آكله يأكله ؛ إذ كان غير جائز أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم منكرا ولا يغيره ، ولا منكر أنكر من أكل ما حرم الله أكله . وقالوا : سواء أضيف إليه تركه آكل الحرام وأكله ، وتركه شارب الحرام وشربه . قالوا : ولو كان ذلك جائزة إضافته إليه ؛ جازت إضافة إقرار شارب الخمر على شربه إليه ، وذلك بعيد من صفته صلى الله عليه وسلم ، بل صفته أنه كان لا يقر أحدا على انتهاك شيء من محارم الله عز وجل قالوا : وفي إقراره آكلي الضباب على مائدته على أكلها ، وصفته ما ذكرنا ، أدل الدليل على صحة ما قلنا من أنها حلال غير حرام ، وأن تركه صلى الله عليه وسلم أكلها ، إنما كان كما قال عمر رحمة الله عليه أنه عافها ؛ لأنها لم تكن من طعام قومه . وقال الآخرون : بل كان تركه صلى الله عليه وسلم أكلها تكرها ، لا تحريما . قالوا : وكان تركه من ترك يأكلها على مائدته ؛ لأنه لم يكن أتاه من الله عز وجل أمر بتحريمها . قالوا : ولو كان أتاه من الله بتحليلها أو تحريمها أمر ؛ لم يقل صلى الله عليه وسلم : « لا آمر بها ولا أنهى عنها » ؛ لأنه إنما بعث صلى الله عليه وسلم مبينا للعباد أمر دينهم ، وما يحل لهم ويحرم عليهم قالوا : وقد تظاهرت الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا آمر بها ولا أنهى عنها » . قالوا : فنقول كما قال عليه السلام ، ونكره أكلها كما كره ، ولا نقول لمن أكلها : أكل حراما ، ولا ننهاه عن أكلها ، ولا يحرم ذلك عليه ، ولكنا نكرهه . ذكر الأ خبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا آمر بأكل الضب ولا أنهى عنه » ، وأنه قال : « أمة مسخت ، فأرهب أن تكونه »
426
- حدثني أحمد بن منصور المروزي ، حدثنا النضر بن شميل المازني ، حدثنا شعبة ،
حدثنا حصين بن عبد الرحمن ، قال : سمعت زيد بن وهب ، عن حذيفة ، قال : أتي النبي
صلى الله عليه وسلم بضب ، فقال : « إن أمة مسخت (1) دواب في الأرض » . فلم يأمر به
، ولم ينه عنه
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
427
- حدثنا هناد بن السري ، حدثنا أبو الأحوص ، عن حصين ، عن زيد بن وهب ، عن ثابت بن
يزيد ح ، وحدثنا هناد ، حدثنا أبو زبيد عبثر ، عن حصين ، عن زيد بن وهب ، عن ثابت
بن زيد أو يزيد الأنصاري قال : أصبنا ضبابا ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم ،
فاشتواها الناس واشتويت منها ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ عودا ، فعد
أصابعه ، ثم قال : « إن أمة من بني إسرائيل مسخت (1) في الأرض ، فلا أدري أي
الدواب هي » . فقلت : إن الناس قد اشتووها ، فلم ينه عنها ولم يأكل «
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
428
- حدثني مروان بن الحكم الحراني ، حدثنا البابلتي ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن
حصين بن عبد الرحمن السلمي ، عن زيد بن وهب الجهني ، عن ثابت بن زيد ، قال : كنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر فأصبنا ضبابا ، فاشتوى - أو : اشتوى
الناس منها - واشتويت ، ثم أتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه ،
فأخذ عودا ، فجعل يعد أصابعه ، فقال : « إن أمة من الأمم مسخت (1) دواب ، فلا أدري
أي أمة هي » . فلم يأكل منها . فقلت له : إن الناس قد أكلوا منها ، فلم يأمرهم ولم
ينههم
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
429
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا شعبة ، عن عدي بن ثابت ، قال :
شهدت زيد بن وهب يحدث ، عن ثابت بن وديعة : « أن رجلا ، من بني فزارة أتى النبي
صلى الله عليه وسلم بضباب قد احترشها (1) - أو : اخترشها - شك ابن مهدي - فقال : »
إن أمة مسخت (2) ، فلا أدري ، لعل هذا منهم «
__________
(1) الاحْتِراش والحَرْش : أن تُهيّجَ الضَّبُّ من جُحْره، بأنْ تَضْربه بخَشَبة
أو غيرها من خارِجِه فَيَخْرج ذَنَبه ويَقْرُب من باب الجُحْر يَحْسب أنه أفْعَى،
فحينئذ يُهْدَم عليه جُحْره ويُؤْخذ
(2) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
430 - حدثنا هناد ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمن بن حسنة ، قال : غزونا فأصابتنا مجاعة ، فنزلنا أرضا كثيرة الضباب ، فأخذنا منها فطبخنا ، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إن أمة من بني إسرائيل فقدت ، فأخاف أن تكون هذه » . فأكفانا القدور ، حدثنا هناد ، حدثنا أبو معاوية ، ويعلى ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمن بن حسنة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
431 - حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا الحسين بن واقد ، عن أبي الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : إن الضب أتي به النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يأكله . فقال عمر : إن فيه منفعة للرعاء . فقال : « إن أمة من الأمم ، فلا أدري لعلها » . فلم يأمر به ، ولم ينه عنه ، ولم يأكله
432
- حدثنا هناد ، حدثنا ابن أبي زائدة ، حدثنا داود ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد
الخدري ، قال : نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أهل الصفة حين انصرف من
الصلاة ، فقال : يا رسول الله ، إن أرضنا مضبة (1) ، فما ترى في الضباب ؟ فقال : «
بلغني أن أمة مسخت (2) » . فلم يأمر به ، ولم ينه عنه
__________
(1) المضبة : الأرض يكثر فيها حيوان الضب
(2) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
433 - حدثني علي بن سهل ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، قال : سمعت ابن عمر ، يقول : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بضب ، فقال : « لا آمر به ولا أنهى عنه » ، أو قال : « لا أحله ولا أحرمه »
434
- حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا معلى بن منصور ، عن أبي عوانة ، عن عبد الملك بن
عمير ، عن حصين ، عن سمرة بن جندب : أن رجلا ، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يخطب عن الضب ، فقال : « إن أمة من بني إسرائيل مسخت (1) ، والله أعلم ، أي
الدواب مسخت »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
435
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الملك
بن عمير ، عن الحصين بن قبيصة ، عن سمرة ، قال : نادى أعرابي النبي صلى الله عليه
وسلم وهو يخطب ، فقطع عليه خطبته ، فقال : يا رسول الله ، ما تقول في الضباب ؟
فقال : « مسخت أمة من بني إسرائيل ، الله أعلم أي الدواب مسخت (1) ؟ »
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
ذكر من قال بهذا الخبر من متقدمي أهل العلم
436 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع بن الجراح ، عن أبي المنهال ، عن عمه عبد الله بن زيد ، قال : سألت أبا هريرة عن الضب ، فقال : « لست بآكله ولا بزاجر عنه » وكان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد يقولون : نكره أكل الضب . وقال آخرون : أكل لحم الضب حرام . واعتلوا في تحريمهم ذلك بأخبار رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها الخبر الذي
437 - حدثناه هناد بن السري ، وسلم بن جنادة السوائي ، قالا : حدثنا أبو معاوية ، وحدثنا هناد ، حدثنا يعلى ، جميعا عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمن بن حسنة ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلنا أرضا كثيرة الضباب ، فأصبنا ، فذبحنا منها ، فبينا القدور تغلي بها ، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إن أمة من بني إسرائيل فقدت ، وإني أخاف أن تكون هذه ؛ فاكفئوها » . فكفأناها
438
- حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمن
بن حسنة ، قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلنا أرضا كثيرة
الضباب ، ونحن مرملون ، فأصبناها ، فكانت القدور تغلي بها ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « ما هذه ؟ » فقلنا : ضباب أصبناها . فقال : « إن أمة من بني
إسرائيل مسخت (1) ، وإني أخشى أن تكون هذه » . فأمرنا فأكفأناها ، وإنا لجياع
__________
(1) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
439 - حدثنا محمد بن خلف العسقلاني أبو نصر ، حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم ، عن الأسود بن يزيد ، عن عائشة أم المؤمنين ، قالت : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ضب فلم يأكله ، فقلت : يا رسول الله ، ألا نطعمه المساكين ؟ فقال : « لا تطعموهم مما لا تأكلون »
440 - حدثني محمد بن معمر البحراني ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قال : أهدي لي ضب مشوي ، فقربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يأكله ، فقلت : ألا نطعمه السؤال ؟ فقال : « لا تطعموهم مما لا تأكلون »
441
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن
عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه بضب ، فأبى (1) أن يأكله ، فقلت :
ألا أطعمه السؤال ؟ فقال : « لا تطعميهم مما لا نأكل منه »
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
442 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عائشة ، قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بضب فكرهه ، أو نهى عنه ، فقالوا : ألا نطعمه الخدم ؟ فقال : « لا تطعموهم مما لا تأكلون »
443 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع بن الجراح ، عن سفيان ، ومسعر ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بضب فكرهه ، فجاء سائل فقلنا : يا رسول الله ، ألا نطعمه ؟ فقال : « لا نطعمه مما لا نأكله » قالوا : فالأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن أكل لحومها صحيحة ، والرواية عنه بذلك ثابتة ، وليس لأحد أن يتقدم على تحليل ما حرم ، ولا على إباحة ما حظر صلى الله عليه وسلم
ذكر من نهى عن أكله من السلف
444 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا عبد الجبار بن عباس ، عن عريب ، عن عبد الرحمن اليامي ، عن الحارث ، قال : « نهى علي عن الضب »
445 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن عبد الجبار بن عباس الشبامي ، عمن ذكره ، عن الحارث ، عن علي : « أنه كره الضباب » والصواب من القول في ذلك عندنا ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لحم الضب غير حرام على آكله أكله ؛ إذ لم ينه عن أكله آكله ، على ما بينه صلى الله عليه وسلم ، ولم يأتنا بتحريمه إياه عنه خبر يصح سنده . ونكره له أكله تقذرا ، وننهاه عنه تنزها ، كما كرهه صلى الله عليه وسلم لنفسه تقذرا وعافه ، فنهى عنه تنزها من غير تحريم منه له . فإن قال لنا قائل : أوليس قد أخبر عبد الرحمن بن حسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم وقد غلت القدور بلحومها بكفئها ؟ وقد علمت أن في كفئها - إن كان ما كان فيها من لحوم الضباب كان حلالا - إفساد طعام حلال أكله ، وفي إفساد ذلك - وهو حلال - تضييع مال ، وفي تضييع المرء مالا من ماله - ولا سيما الطعام الذي هو غذاء الأبدان وأقوات الأجساد - الدخول في معاني أهل السفه الذين يستحقون الحجر ، والتقدم على ما قد نهى عنه صلى الله عليه وسلم من إضاعة المال . قيل : إن ذلك - وإن كان طعاما بالمعنى الذي وصفت من كراهة النفس له وتقذرها إياه ، وإن كان غير حرام على آكله أكله - لم يستحق الرامي به - إذا رمى به - ولا مهريق قدره - إذا أهراقها - اسم مضيع مال ، ومفسد طعام ، كما غير مستحق عند أهل العلم مهريق قدر طبيخ قد أراح ونمس - حتى صار من تغير طعمه ورائحته إلى حال تكرهه النفس ، وتعاف أن تطعمه - اسم مضيع مال ، ولا مفسد طعام ؛ بإراقته إياه ، وإن كان حلالا أكله ، غير حرام على طاعم يطعمه . فكذلك إراقة مريق القدر الغالية بلحوم الضباب - إذا أراقها - غير مستحق اسم مضيع مال ، ولا مفسد طعام ؛ إذا كانت إراقته ذلك تقذرا وتنزها عما تنزه عنه صلى الله عليه وسلم وتقذره ، وإن كان أراق ما هو غير حرام على طاعم أن يطعمه ومن أنكر ما قلنا في لحوم الضباب على السبيل التي وصفنا ، سئل عن الأطعمة النمسة ، والقدور المريحة ، والأطبخة التي قد ماتت فيها الخنافس والجعلان وبنات وردان ، وما أشبه ذلك من الدواب التي لا نفس لها سائلة ، فتغيرت روائحها بموت ما مات فيها من ذلك ، حتى تقذرت النفوس النظر إليها وعافته ، فضلا عن أكلها ، أيأثم مريقها بإراقتها ، ويستحق طارحها بطرحها اسم مضيع مال ، ومفسد طعام ؟ فإن قال : نعم ، خرج من معقول أهل العقل ، وخالف ما عليه جميع الأمة ، من إجازتهم إلقاء ذلك وطرحه وترك أكله . وإن قال : بل غير حرج الرامي به ، ولا آثم ملقيه ومريقه . قيل له : فما الفرق بين ذلك ، وبين مريق قدر طبيخ لحوم الضباب التي أراقها من أراقها تقذرا وتنزها ، وكلاهما غير حرام أكله ، ولا حرج طاعمه ؟ فإن زعم أن ذلك مختلف ، بأن مريق ما وصفنا - من القدور التي قد ماتت فيها الدواب التي ذكرنا - أراق ما علته إراقته فرضا ؛ لتنجسه بموت ما مات فيه من ذلك ، وأن مريق القدر المطبوخ فيها لحوم الضباب ، أراق ما هو حلال أكله عندكم غير حرام ، خالف في ذلك ما عليه الحجة مجمعة وكلف تثبيت ما مات فيه من الدواب مما لا نفس له سائلة ، من الوجه الذي يجب التسليم له ، ولا سبيل إلى ذلك . وفي عزة ذلك عليه ، صحة القول بأن من المأكول والمطعوم ما لصاحبه إلقاؤه وطرحه ، وترك أكله تقذرا وتنزها ، وهو بأكله - لو أكله - غير آثم ، ولا طاعم حراما . وإذا صح ذلك ؛ صح أن من ذلك لحوم الضباب التي وصفنا ، وثبتت صحة ما قلنا من أن آكلها إن أكل ، لم يأكل بأكلها حراما ، وإن ألقاها ونبذها ، لم يكن بفعله ما فعل من ذلك مضيعا مالا ، لا مفسدا طعاما ، ولا لازمه بذلك لوم ولا إثم فيه . وفي صحة ذلك كذلك ؛ صحة معنى الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحوم الضباب كلها ، وذلك أن في أمره من أمر بأكل ذلك ، إعلاما منه أمته أنه حلال غير حرام . وفي تركه أكله ونهيه من نهى عن أكله ، إعلامهم كراهته أكله من غير تحريم ، وكذلك في قوله عليه السلام : « لا آمر به ، ولا أنهى عنه » إخبار منه أنه لا يندب إلى استعمالهم إياه في مطاعمهم استعمال الطيب من بهائم الأنعام من الثمانية الأزواج التي نص الله تعالى تحليلها في كتابه ، وسائر الأغذية التي طيبها في تنزيله ، وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحرمه عليهم تحريم الخبائث التي أبان تحريمها في ذلك ، ولكنه غير حرج طاعمه ولا آثم ، وإن كان متقدما بأكله على أكل ما يكره له أكله ، كما المتقدم على أكل ما قد نمس من القدور وأنتن من موت الخنافس وبنات الوردان والقمل والبراغيث فيه ، متقدم على ما يكره له أكله ، ويختار له تركه فإن قال لنا قائل : فما أنتم قائلون فيما
446 - حدثكم به إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن الحبراني ، عن عبد الرحمن بن شبل : « أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الضب » قيل : هذا خبر لا يثبت بمثله في الدين حجة ، ولو كان مما يثبت بمثله في الدين حجة ، لم يكن لما قلنا خلافا ؛ إذا كان محتملا نهيه عن ذلك أن يكون نهي تكره وتقذر ، لا نهي تحريم . وإذا كان محتملا ذلك ، ثم وردت الأخبار الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ببيان مراده من ذلك ؛ كان على ما انتهى ذلك إليه الدينونة بأن معناه في نهيه عن ذلك على ما بينه صلى الله عليه وسلم . وقد وردت الأخبار الصحاح بنقل العدول الأثبات عنه ، بإذنه في أكل ذلك وإباحته ، وأن كراهته إياه من أجل أنه ليس من طعام قومه ، لا من أجل أنه حرام . وفي بعض ذلك البيان الواضح عن أن نهيه عن أكله - لو صح ذلك عنه - بمعنى التكره والتقذر ، لا بمعنى التحريم ، ولعل قائلا يقول : وما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم إذ سئل عن الضب : « إن أمة مسخت فأرهب أن تكونه » ، وقوله : « فلعل هذا منهم » ، وقد علمت ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسوخ من الخبر الذي
447
- حدثك به ، محمد بن بشار ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن علقمة بن
مرثد ، عن المغيرة بن عبد الله اليشكري ، عن المعرور بن سويد ، عن عبد الله ، قال
: قالت أم حبيبة ابنت أبي سفيان : اللهم متعني بزوجي رسول الله ، وبأبي أبي سفيان
، وبأخي معاوية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لقد سألت لآجال مضروبة
(1) ، وأرزاق مقسومة ، وأيام معلومة ، لا يعجل منها شيء قبل حلها ، ولا يؤخر بعد
حلها ، ولو سألت الله أن يجيرك - أو يعيذك (2) - من عذاب القبر وعذاب في النار ،
كان خيرا لك » . قالت أم حبيبة : يا رسول الله ، القردة والخنازير ، من القردة
والخنازير الذين مسخوا (3) ؟ قال : « إن الله لا يهلك أمة فيبقي لها نسلا أو عاقبة
» فهذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسوخ بأن الله لا يبقي لها نسلا
ولا عاقبة ، وكيف يجوز أن يقول صلى الله عليه وسلم : « إن الله لا يبقي للمسوخ
نسلا ولا عاقبة » ، ثم يقول في الضباب : « أرهب أن تكون من المسوخ التي مسخت » ؟
فإن قال : إنه ليس في قوله صلى الله عليه وسلم في الضب : « إن أمة مسخت فأرهب أن
تكونه » . ولا في قوله : « فأخشى أن يكون هذا منهم » ، خلاف لقوله : « إن الله لا
يهلك أمة فيبقي لها نسلا ولا عاقبة » ؛ إذ جائز أن تكون الأمة التي مسخت يومئذ هي
الضباب الآن بأعيانها ، لا أنها نسلها ، وجائز أن تكون تلك المسوخ التي مسخت بعض
هذه الضباب ، بقيت إلى الآن لم تعقب ، وتكون التي تعقب منها غير الأمة التي مسخت
فحولت في صورها . قيل لك : فهذا خلاف القول الذي
__________
(1) مضروبة : محددة
(2) أعاذ : أجار وحمى وحفظ وحصن
(3) المسخ : قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح
448
- حدثنا به محمد بن العلاء الهمداني ، حدثنا عثمان بن سعيد المري ، حدثنا بشر بن
عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، أنه قال : « لم يعش مسخ (1) قط
فوق ثلاثة أيام ، ولم يأكل ، ولم يشرب ، ولم ينسل » وقد خلق الله القردة والخنازير
وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكر الله عز وجل في كتابه ، فمسخ هؤلاء القوم -
يعني الذين مسخهم قردة في صورة القردة - وكذلك يفعل بمن شاء كيف شاء ، ويحوله كيف
يشاء . فما وجه قول ابن عباس هذا إذا ، إن كان الذين مسخوا من بني إسرائيل جائزا
عندك أن يكونوا هم هذه الضباب اليوم ، أو أن يكونوا كانوا موجودين على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، وقد مر عليهم من الزمان ما مر ، وأتى عليهم من الدهور
ما أتى ، وهذا الخبر عن ابن عباس بإنكاره للمسخ عيشا أكثر من ثلاث ؟ وإن أنت قلت
بتصحيح القول الذي روي عن ابن عباس ، قيل لك : فما وجه الخبر الذي روي عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الضباب إذا ، إذ سئل عنها فقال : « إن أمة مسخت فأرهب
أن تكونه » ، والمسوخ قد هلكت وبادت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم . والذي
قدم إليه فامتنع من أكله منها ، والذي سئل عنه منها ، لا هو المسخ ، ولا هو من
نسلها ، فما وجوه كراهته أكل ذلك حذارا أن يكون من الأمة التي مسخت ، وهو صلى الله
عليه وسلم يخبر أن المسخ لا يعقب ، وابن عباس يذكر أنه لا يعيش أكثر من ثلاث ؟ قيل
له : أما الخبر عن ابن عباس الذي روي بما ذكرت من أن المسخ لا يعيش أكثر من ثلاث ،
فخبر في سنده نظر ؛ لعلتين : إحداهما : أن الضحاك لم يسمعه من ابن عباس . والثانية
: أن بشر بن عمارة ليس ممن يعتمد على روايته . ولو كان ذلك عن ابن عباس صحيحا ؛ لم
يكن فيه لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ، وكذلك أنه ليس في الخبر
الذي روي عنه صلى الله عليه وسلم في الضب الذي قدم إليه أو سئل عنه أنه قال : هو
من الأمة التي مسخت بأعيانها ، وإنما روي عنه أنه قال : « لعل هذا منهم ، وأرهب أن
تكونه » . وجائز أن يكون عنى بقوله : « لعل هذا منهم » : منهم في الصورة والخلقة ،
ولعل هذا من نوعهم في المثال . « وأرهب أن تكونه » : بمعنى أن تكون نظيره في
المثال والشبه ، لا أنها هي بأعيانها . وإذا احتمل ذلك ما قلنا ، كانت كراهته صلى
الله عليه وسلم أكلها لمشابهتها في الخلقة والصورة خلقا غضب الله عليه فغيره عن
هيئته وصورته إلى صورتها ، وكذلك هي عندنا . وإذا صح أن ذلك كذلك ؛ صحت مخارج
معاني ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن المسخ لا يعقب ، وقوله إذ سئل
عن الضب : « إن أمة من بني إسرائيل مسخت فلعل هذا منهم » ، ومخرج معنى قول ابن
عباس : إن المسخ لا يعيش أكثر من ثلاث ، وذلك أن تكون الأمة الممسوخة هلكت بعد
ثلاث ولم تعقب ولم تنسل ، وتكون كراهة النبي صلى الله عليه وسلم أكل الضباب إذ
كرهه ؛ حذارا أن تكون من نوع ما مسخ الله من الأمة التي مسخ من بني إسرائيل ، إذ
كان لم يمسخ تعالى ذكره خلقا من خلقه على صورة دابة من الدواب ، إلا كره إلى أمة
نبينا صلى الله عليه وسلم أكل لحم تلك الدابة التي مسخ ذلك الخلق على صورته أو
حرمه عليهم . وذلك كتحريمه عليهم لحوم الخنازير التي مسخت على صورتها أمة من
اليهود ، وكتحريمه لحوم القردة التي مسخت على صورتها منهم أمة أخرى ، وتكريهه ذلك
إليهم . فإن قال : أفكانت عنده الضباب من المسوخ ، وسبيلها سبيلها ؟ قيل : إن في
قوله صلى الله عليه وسلم : « إن أمة مسخت فأرهب أن تكونه » ، وفي قوله عليه السلام
: « فلعل هذا منهم » ، بيانا واضحا أنه لم يكن تبين له أنها من نوع الأمة التي
مسخت - ولذلك لم تحرم - وأنه لو تبين له منها ما تبين من القردة والخنازير لحرم
أكلها على آكلها ، ولكنه عليه السلام رأى خلقا مشكلا ، يشبه خلق المسوخ ؛ فكره
أكلها لذلك ، ولم يحرمه ؛ إذ لم يكن أتاه الوحي من الله عز وجل بأن ذلك كذلك . وفي
صحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي ذكرنا من كراهته أكل لحوم الضباب
، مع إذنه لآكليها في أكلها ، الدليل الواضح على أن من أمور الدين أمورا ، الورع
في الإحجام عن التقدم عليها ، والفضل في الكف والإمساك عنها ، وإن كان غير محرم
التقدم عليها ؛ وذلك إذا التبست على المرء أسبابها ، ولم يتضح له وجه صحتها وضوحا
بينا ، كالذي فعل صلى الله عليه وسلم في أكل لحم الضب ، فلم يتقدم عليه ؛ أخذا منه
بالاحتياط لنفسه ، واستبراء منه لدينه ؛ إذ خاف أن يكون من نوع المسوخ التي حرم
الله نظائرها عليه ، ولم ينه آكله عن أكله ؛ إذ لم تكن وضحت له صحة أمره أنه من
نوع المسوخ . وكذلك يفعل المتمسك من أمته بمنهاجه فيما أشكل عليه أمره ؛ يحجم عن
التقدم عليه ؛ أخذا منه بالاحتياط لنفسه ، واستبراء لدينه ، ولا يذم المتقدم عليه
ذم مؤثم ، ولا يلومه لوم معنف
__________
(1) المسخ : تحويل الصورة إلى أخرى قبيحة
ذكر
البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر رحمه الله في لحم الضب :
إنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم . يعني بقوله : عافه : كرهه ، يقال منه :
عاف فلان هذا الشيء فهو يعافه عيفا ، وعيوفا ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة : لكالثور
يوم الورد يضرب ظهره وما ذنبه أن عافت الماء مشربا وما ذنبه أن عافت الماء باقر
وما إن تعاف الماء إلا ليضربا ومنه قول نابغة بني ذبيان : دعته نية عنا قذوف وعاف
البشر فانتجع الملاحا والعيافة غير هذا المعنى ، وهي شبيهة الكهانة وزجر الطير
والسوانح والبوارح ، يقال منه : عاف العائف ، فهو يعيف عيافة ، ومنه أيضا قول أعشى
بني ثعلبة : ما تعيف اليوم في الطير الروح من غراب البين أو تيس برح وأما قول ابن
عباس : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أغسق ، فإنه كما قال . معناه :
إذا أظلم ، يقال منه : غسق الليل يغسق غسوقا ، ومنه قول عمر بن الخطاب : أخروا
السحور ، وعجلوا الإفطار ، ولا تفطروا حتى تروا الليل يغسق على الظراب . ومنه أيضا
قول الله عز وجل : ومن شر غاسق إذا وقب (1) ، يعني بذلك : من شر مظلم إذا هجم
بظلامه . وأما قول خالد بن الوليد : فوجد عندهم ضبا محنوذا ، فإنه يعني بالمحنوذ :
المشوي ، الذي قد أنضج شيا . وقد اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى ذلك ،
فقال بعضهم : معنى المحنوذ : المشوي ، وقال : يقال منه : حنذت فرسي : بمعنى سخنته
وعرقته ، واستشهد لقوله ذلك ببيت العجاج : وفرغا من رعي ما تلزجا ورهبا من حنذه أن
يهرجا وقال الآخرون منهم : الحنذ : التعريق . وقال آخرون منهم : كل شيء شوي في
الأرض إذا خدت له فيها فدفن فيها وغمم فهو المحنوذ ، وقال : تحنيذ الخيل : إلقاء
الجلال بعضها على بعض عليها لتعرق ، وذكر عن العرب أنها تقول : إذا سقيته فأحنذ :
يعني اخفس ، يراد به : أقل الماء وأكثر النبيذ . وهذه أقوال - وإن اختلفت ألفاظ
قائليها - متقاربات المعاني ، والحنذ : هو ما وصفت في هذا الموضع ، أعني في قول
خالد بن الوليد : فوجد عندها ضبا محنوذا ، ومنه قول الله تعالى ذكره : فما لبث أن
جاء بعجل حنيذ (2) ، يعنى به : بعجل نضيج ، قد أنضج شيا . وأما قول عمر : اللهم
اجعل رزقهم في بطون التلاع ورءوس الآكام ، فإن التلاع : جمع تلعة ، وهي مجاري
المياه من الأماكن المرتفعة إلى بطون الأودية مما انخفض منها ، وإياها عنى ذو
الرمة بقوله : دهاس سقاها الدلو حتى تنطقت بنور الخزامى في التلاع الجوائف وكذلك
أبو النجم بقوله : كأن ريح المسك والقرنفل نباته بين التلاع السيل وأما الآكام :
فإنها جمع أكمة ، يقال لواحدتها أكمة ، ثم تجمع : أكم ، وأكم ، وأكم ، وآكام ، وهو
المكان المرتفع على ما حوله من الأرض ، لا يبلغ أن يكون جبلا . ومن الأكم قول رؤبة
بن العجاج : بل بلد ملء الفجاج قتمه ، لا يشترى كتانه وجهرمه ، يجتاب ضحضاح السراب
أكمه ومن الأكم بسكون الكاف قول أبي النجم : كأن فوق الأكم من غثائه قطائف الشأم
على عبائه وأما قول عمر للأعراب الذين أتوه : أما تأكلون الهبيد ، فإن الهبيد هو
الحنظل ، يؤخذ فينقع أياما سبعة ، ثم يقشر من قشره الأعلى ، ثم يطحن فيخرج منه دسم
، وتتخذ منه عصيدة . وقد حدثت عن أبي عمرو الشيباني أنه قال : إن الهبيد إذا قشر
صار كهيئة النشا ، وزعم أنه قد أكل منه ، وإياه عنى الطرماح بقوله : يمسي بعقوتها
الهجف كأنه حبشي حازقة غدا يتهبد يعني بقوله يتهبد : يطلب الحنظل ليعمل به ما وصفت
. وأما قول أبي سعيد الخدري : لأن يهدى إلى أحدنا الضبة المكونة أحب إليه من أن
تهدى له الدجاجة السمينة ، فإنه يعني بالضبة المكونة : التي قد جمعت البيض في
بطنها ، يقال من ذلك : قد مكنت الضبة ، وأمكنت ، وهي ضبة مكون . وأما الخبر الذي
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أقروا الطير في مكناتها » ، وروى
بعضهم : مكناتها ، فإن بعضهم كان يوجهه إلى هذا المعنى ، وإلى أن ذلك من النبي صلى
الله عليه وسلم أمر بإقرار الطير على بيضها حتى تفرخ ، ويزعم أن المكنات جمع مكنة
، وأنها بيض الطائر ، ويزعم أن ذلك قيل على وجه الاستعارة ، وإن كان المكنات لا
تعرف إلا للضباب ، كما قيل : مشافر الحبش ، وإنما المشافر للإبل ، كما قال الشاعر
في صفة الأسد : له لبد أظفاره لم تقلم ولا أظفار للأسد ، وإنما له مخالب . وقد
أنكر ذلك من قوله آخرون ، وقالوا : بل معنى ذلك : أقروا الطير على أمكنتها ،
وامضوا لأموركم ، فإن الأمر بيد الله تعالى . قالوا : وإنما قال ذلك لهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، لأنهم كانوا في الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرا أو غزوا أو
أمرا من الأمور ، أثار الطير من أوكارها ؛ لينظر أي وجه تسلك ، وإلى أي ناحية تطير
، فإن طارت ذات اليمين خرج لسفره ومضى لأمره ، وإن أخذت ذات الشمال ؛ رجع ولم يمض
؛ فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقروها في أماكنها ، وأبطل ذلك من فعلهم
، كما أبطل الاستقسام بالأزلام . وقال الآخرون : بل هذا تصحيف من الرواة ، وخطأ
منهم ، ولا نعرف المكنات إلا اسما لبيض الضباب دون غيرها . قالوا : ونرى أن راوي
ذلك سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أقروا الطير في وكناتها » ، بالواو .
وقالوا : ووكنات الطير : مواضع عشها ، وحيث تسقط عليه من الشجر وتأوي إليه .
واستشهدوا لقولهم ذلك ببيت امرئ القيس بن حجر : وقد أغتدي والطير في أكناتها
بمنجرد قيد الأوابد هيكل والصواب من القول عندي في ذلك غير ما قال هؤلاء . وذلك
أنا إن وجهنا ذلك إلى ما قاله من زعم أن معنى مكناتها أمكنتها ؛ خرجنا عن المعروف
من كلام العرب ؛ وذلك أنا لا نعلم في كلامهم أنه يقال للأمكنة : مكنة . وإن وجهناه
إلى ما قاله من زعم أنه عنى بالمكنات بيضها ؛ دخلنا أيضا في نحو الذي أنكرنا من
الخروج عن المعروف من كلام العرب ، وذلك أنه لا تعرف المكنات إلا للضباب في كلام
العرب ، فأما الطير فلم يسمع بالمكنات . وإن قلنا ما قاله الذين نسبوا رواة الخبر
إلى الخطأ فيما نقلوه ؛ كنا قد تقدمنا على ما لا يقين عندنا به . ولكن القول في
ذلك عندي أن الرواية ينبغي أن تكون : « أقروا الطير على مكناتها » بفتح الميم
والكاف ، فتكون المكنات حينئذ جمع مكنة ، والمكنة : اسم من التمكن ، فعلة منه ، من
قول القائل : مكن فلان بموضع كذا : بمعنى تمكن فيه ، فهو يمكن فيه مكنا ، ومكنة ،
ثم تجمع المكنة مكنات ، كما يقال : قعد فلان قعدة وقعدات ، وجلس جلسة وجلسات ،
ويكون معنى الكلام حينئذ : أقروا الطير التي تزجرونها في مواضعها المتمكنة فيها ،
التي هي بها مستقرة ، وامضوا لأموركم ، فإن زجركم إياها غير مجد عليكم نفعا ، ولا
دافع عنكم ضرا . وأما قول ثابت بن وديعة : أن رجلا من بني فزارة أتى النبي صلى
الله عليه وسلم بضباب قد احترشها ، أو اخترشها ، فإنه إنما هو : قد احترشها ، ولا
معنى للشك في ذلك ، ولكن ابن مهدي لعله أن لا يكون عرف معنى احتراش الضباب ، فجعل
الخبر بالشك على ما وصفت . ومعنى احتراش الضباب : تحريك طالب اصطيادها في جحرها
الذي تأوي إليه عودا ، أو وتدا أو غير ذلك ؛ ليخرج الضب ذنبه ؛ ظنا منه أن الحركة
التي أحسها في جحره حركة حية أو أفعى ؛ وذلك أن الحية أو الأفعى ربما دخلت عليه
جحره ، فإذا سمع الضب حس دخوله ، أخرج ذنبه فضربها به ، فقطعها ثنتين ، فإذا حرك
طالب اصطياده ومحترشه في جحره ما وصفت ، واحترش بذلك الضب ؛ أخرج ذنبه وهو يحسبه
حية أو أفعى ؛ ليضربها به ، فإذا أخرج ذنبه قبض عليه المحترش فأخرجه من جحره .
وهذا المعنى أم جرير بن عطية في قوله : فيا عجبا ، أتوعدني نمير براعي الإبل يحترش
الضبابا وأما قول عبد الرحمن بن حسنة : فنزلنا أرضا كثيرة الضباب ونحن مرملون ،
فإنه عنى بقوله : ونحن مرملون : ونحن مقوون ، قد نفدت أزوادنا فلا زاد معنا . يقال
: قد أرمل القوم وأقووا وأنفضوا : إذا نفدت أزوادهم . ومنه قول كعب بن زهير بن أبي
سلمى : إذا حضراني قلت لو تعلمانه ألم تعلما أني من الزاد مرمل وأما قوله : فأمرنا
فأكفأناها ، فقد بينت فيما مضى قبل أن الصواب فيه : فكفأناها ، وذلك المعروف من
كلام العرب الفصيح ، منه : كفأت الإناء : وذلك إذا قلبته وأرقت ما فيه . ولكنا
نؤدي الخبر على ما سمعناه من ألفاظ الرواة في أكثر رواياتنا ، ما لم يحل المعنى .
__________
(1) سورة : الفلق آية رقم : 3
(2) سورة : هود آية رقم : 69
ذكر ما لم يمض من حديث يعلى بن أمية ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
449
- حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، ومحمد بن العلاء الهمذاني ، وسفيان بن وكيع بن
الجراح ، قالوا : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي عمار ، عن
عبد الله بن بابيه ، عن يعلى بن أمية ، قال : قلت لعمر بن الخطاب : ليس عليكم جناح
أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا (1) ، وقد أمن الناس ، فقال :
عجبت ما عجبت ، حتى سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : « صدقة تصدق
الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته »
__________
(1) سورة :
450
- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن ابن جريج ، قال : سمعت
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، يحدث عن عبد الله بن بابيه ، يحدث عن يعلى
بن أمية ، قال : قلت لعمر بن الخطاب : أعجب من قصر الناس الصلاة وقد أمنوا ، وقد
قال الله عز وجل : أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا (1) ، فقال
عمر : عجبت مما عجبت منه ؛ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «
صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته » ، حدثنا ابن وكيع ، حدثنا يحيى القطان
، عن ابن جريج ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي عمار ، عن عبد الله بن بابيه ، عن
يعلى بن أمية ، قال : قلت لعمر . فذكر نحوه حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد
الرزاق ، أنبأنا ابن جريج ، قال : سمعت عبد الله بن أبي عمار ، يحدث عن عبد الله
بن بابيه ، عن يعلى بن أمية ، قال : قلت لعمر بن الخطاب : إنما قال الله : أن
تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ، فقد أمن الناس . ثم ذكر مثله .
قال ابن منصور : كان عبد الرزاق حدثنا بهذا الحديث فقال : أنبأنا ابن جريج ، قال :
سمعت عبد الله بن أبي عمار ، ثم رجع فقال : ابن أبي عامر . والصواب في ذلك عندنا
ما قال ابن أبي عدي ، عن ابن جريج وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، وهو
رجل من قريش من أهل مكة ، معروف فيهم ، روى عنه ابن جريج ، وعبد الله بن عبيد بن
عمير ، وغيرهما
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
القول في علل هذا الحديث وهذا الحديث عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ؛ لأنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد بنقله عندهم منفرد وجب التثبت فيه . وقد روي عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصر الصلاة في السفر بلفظ خلاف هذا اللفظ الذي حدث به عنه يعلى بن أمية ، وذلك ما :
451 - حدثنا به خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا شعبة ، عن يزيد بن خمير ، قال : سمعت حبيب بن عبيد ، عن جبير بن نفير ، عن ابن السمط ، أنه أتى قرية من حمص على رأس ثلاثة عشر ميلا ، فصلى ركعتين . قلت له : أتصلي ركعتين ؟ قال : رأيت عمر بن الخطاب بذي الحليفة يصلي ركعتين ، قلت له : أتصلي ركعتين ؟ قال : « إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل »
452 - حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا الحسين بن محمد ، وعاصم بن علي ، عن شعبة ، عن يزيد بن خمير ، عن حبيب بن عبيد ، عن جبير بن نفير ، عن ابن السمط ، قال : خرجت مع عمر إلى ذي الحليفة ، فصلى ركعتين ، فسألته عن ذلك ، فقال : « إنما أصنع كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع » وقد وافق عمر - في إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته القصر في السفر وهم آمنون - من أصحابه عليه السلام جماعة ، وإن خالفوه في لفظ الخبر ، نذكر ما صحت به الرواية عن من صح ذلك عنه ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله عز وجل
ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك
453 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا عبد الله بن عون ، وحدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد ، أنبأنا عبد الله بن عون ، وحدثني أبو زيد النميري ، حدثنا أبو عاصم ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن ابن عباس ، قال : « سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ، لا نخاف إلا الله ، نصلي ركعتين ركعتين »
454 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن ابن عباس : « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر من مدينة إلى مكة ، لا يخاف إلا الله ، يصلي ركعتين »
455 - حدثني محمد بن حاتم ، أنبأنا هشيم ، أنبأنا منصور ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى مكة ، لا يخاف إلا الله ، فصلى ركعتين حتى رجع »
456 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، ( ح ) وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن قرة ، ويزيد بن إبراهيم ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس ، قال : « سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة لا يخاف إلا الله ، يصلي ركعتين » ، حدثني أبو زيد النميري ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا قرة بن خالد ، عن محمد ، عن ابن عباس ، قال : سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكر مثله
457 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن هشام ، وأشعث ، عن محمد بن سيرين ، عن ابن عباس ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافر بين مكة والمدينة لا يخاف إلا الله ، ويصلي ركعتين »
458 - حدثني أحمد بن منصور ، حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، حدثنا سفيان ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس ، قال : « صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ركعتين ، لا يخاف إلا الله » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن هشام ، عن محمد ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
459 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أسباط ، عن أشعث ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بين مكة والمدينة لا يخاف إلا الله » ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا عبيد الله ، أنبأنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
460 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن شفي ، قال : كنت عند ابن عباس بمكة ، فأتاه قوم ، فقالوا : إنا قدمنا هذا البلد وإنا آمنون خافضون مكفيون ، فما ترى في الصلاة ؟ قال : « ركعتين » فأعادوا عليه ، فقال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا صلى ركعتين » ، حدثنا أبو كريب ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن شفي ، قال : كنت عند ابن عباس . فذكر مثله سواء ، وزاد فيه : قال : فأعادوا عليه ثلاثا ، فقال بعض من عنده : أما تفقهون ما يقال لكم
461 - حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن شفي ، قال : سألت ابن عباس عن الصلاة في السفر فقال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من أهله يصلي ركعتين حتى يرجع »
462 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ، عن سعيد بن شفي ، عن ابن عباس ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المدينة لم يزد على ركعتين حتى يرجع »
463 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن عبد ربه بن سعيد الأنصاري ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن سعيد بن شفي الهمداني ، قال : سألت ابن عباس عن صلاة السفر ، فقال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من أهله مسافرا صلى ركعتين حتى يرجع إلى أهله »
464 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة ، يحدث عن موسى بن سلمة ، قال : سألت ابن عباس ، قلت : كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام ؟ قال : « ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم » ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن موسى بن سلمة ، عن ابن عباس ، مثله حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، وأبو داود ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن موسى بن سلمة ، عن ابن عباس ، مثله
465 - حدثني أحمد بن المقدام العجلي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، حدثنا أيوب ، عن قتادة ، عن موسى بن سلمة ، قال : كنا مع ابن عباس بمكة ، فقلنا : إنا نصلي معكم أربعا ، فإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين . قال : « تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم وإن رغمتم »
466 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن وهب الخزاعي ، قال : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى أكثر ما كان الناس وآمنه ركعتين »
467 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ( ح ) وحدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، قالا جميعا : أنبأنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت حارثة ، - رجلا من خزاعة - قال : « صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ما كنا وآمنه ركعتين »
468 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن وهب الخزاعي ، أنه : « صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن ما كان الناس وأكثره بمنى ركعتين »
469 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا أبو إسحاق ، عن حارثة بن وهب ، قال : « صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان الناس وآمنه بمنى ركعتين »
470 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم القرشي ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني ابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب ، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، أنه قال لعبد الله بن عمر : إنا نجد في كتاب الله عز وجل قصر صلاة الخوف ، ولا نجد قصر صلاة السفر ؟ فقال عبد الله : « إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به » واختلف السلف من أهل العلم في حكم هذه الأخبار التي ذكرناها ، فقال بتصحيحها منهم جماعة ، وأنكر صحتها منهم جماعة . وكان من علة مصححيها أن قالوا : تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه قصر الصلاة في سفره إلى مكة في حجة الوداع ، وهو ومن معه من المسلمين آمنون ، لا عدو في طريقه يخافه ، ولا أحد يخشى غائلته على نفسه ، وعلى من معه من المؤمنين . ورووا بذلك روايات نذكر ما صح عندنا منها سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله عز وجل
ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك
471 - حدثنا حميد بن مسعدة ، ونصر بن علي الجهضمي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، حدثني يحيى بن أبي إسحاق ، عن أنس بن مالك ، قال : « خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة يصلي بنا ركعتين حتى رجعنا » قال : قلت : وهل أقام بمكة ؟ قال : « نعم ، أقمنا بها عشرا »
472 - حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن سفيان ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول : « خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع ، وأقمنا بمكة عشرا نقصر حتى رجع »
473 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، قال : سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة ، فقال : « سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصلى بنا ركعتين حتى رجعنا » فسألته : هل أقام ؟ فقال : « نعم ، أقام بمكة عشرا »
474 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا ابن المبارك ، عن أسامة ، عن محمد بن المنكدر ، عن أنس ، قال : « صليت الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا ، ثم صليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين »
475 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا عمي ، قال : أخبرني عمرو ، وابن جريج ، وأسامة بن زيد : أن محمد بن المنكدر ، حدثهم عن أنس بن مالك : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر بالمدينة أربعا ، ثم خرج إلى سفر فصلى العصر ركعتين بالشجرة » ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
476 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، وإبراهيم بن ميسرة ، عن أنس بن مالك : « أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة الظهر أربعا ، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين »
477 - حدثني علي بن سهل الرملي ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، سمع أنس بن مالك ، قال : « صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا ، وصلينا معه بذي الحليفة ركعتين » ، حدثني محمد بن عمارة ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا سفيان ، عن إبراهيم بن ميسرة ، ومحمد بن المنكدر ، عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
478 - حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني أسامة بن زيد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان : « إذا سافر صلى الظهر بالمدينة أربعا ، ثم يخرج ، فلما بلغ ذا الحليفة - وذلك ستة أميال - صلى العصر ركعتين »
479
- حدثني بحر بن نصر الخولاني ، قال : قرئ على شعيب بن الليث ، عن أبيه ، عن بكير ،
عن محمد بن عبد الله بن أبي سليم ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : « صليت مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، ومع عمر بن الخطاب ركعتين ، ومع عثمان بن
عفان ركعتين ، صدرا (1) من إمارته »
__________
(1) صدرا : فترة من بداية زمن معين
480 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي ، حدثني عمرو ، عن بكير بن عبد الله ، عن محمد بن عبد الله ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : « صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، وصلى لنا أبو بكر الصديق رحمة الله عليه بمنى ركعتين ، وصلى لنا عمر بن الخطاب بمنى ركعتين ، وصلى لنا عثمان ركعتين صدرا من خلافته ، فلما كان آخر خلافته أتم الصلاة بمنى أربعا »
481
- حدثنا محمد بن حميد الرازي ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا أبو حمزة ، عن منصور ،
عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : « صليت مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في السفر ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين ، ثم تفرقت بكم السبل
(1) ، فوالله لوددت أن حظي من أربع ركعات ، ركعتان متقبلتان » ، حدثنا محمد بن علي
بن الحسن بن شقيق المروزي ، قال : سمعت أبي يقول : أنبأنا أبو حمزة ، عن منصور ،
عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، مثله
__________
(1) السبل : الطرق
482 - حدثني علي بن سهل الرملي ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان الثوري ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، وعمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ، قال : « صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين ، ثم تفرقت الطرق بكم ، فلوددت أن حظي من أربع ركعتان متقبلتان » ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ، مثله ، إلا أنه قال : فليت حظي من أربع ركعتان متقبلتان
483 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ، قال : « صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين ، فليت حظي من أربع ركعتان متقبلتان »
484 - حدثني سلم بن جنادة السوائي ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : صلى عثمان بمنى أربعا ، فقال عبد الله : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين ، ثم تفرقت بكم الطرق ، فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين »
485 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن قرة أبي معاوية ، قال : جاء ابن مسعود في زمن عثمان فقال : كم صلى عثمان بمنى ؟ فقالوا : أربعا . فقال عبد الله كلمة ، ثم تقدم فصلى أربعا ، فقالوا : عبت عليه ، ثم صليت كما صلى ؟ فقال : « أما إني قد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ركعتين ، ولكن الخلاف شر »
486 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أيوب بن سويد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة المسافر بمنى ركعتين ، ثم صلى أبو بكر ركعتين ، ثم صلاها عمر ركعتين ، ثم صلاها عثمان ركعتين صدرا من خلافته ، ثم أتمها عثمان بعد ذلك » ، حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عبد الله بن وهب ، حدثني عمرو بن الحارث ، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، بمثله
487 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي ، أخبرني يونس بن يزيد ، عن الزهري ، أخبرني عبيد بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : « صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، وصلاها أبو بكر ركعتين ، وعمر ركعتين ، وعثمان صدرا في خلافته »
488 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبدة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : « رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى يصلي ركعتين ، وأبا بكر ، وعمر ، وعثمان صدرا من خلافته ، ثم إن عثمان أتم بعد ذلك »
489 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى القطان ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين ، ومع عثمان صدرا من إمارته ، ثم أتم بعد »
490 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا عقبة الأصم ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رجلا ، جاءه فقال : إن ركعتي السفر ليستا في القرآن . فقال : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر وعمر ، وصليت مع عثمان طائفة من خلافته بمنى ركعتين ، إنما صاحب الركعتين صاحب الزاد والمزاد »
491 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا سعيد يعني ابن السائب الطائفي ، عن داود بن أبي عاصم ، أنه لقي ابن عمر بمنى ، فسأله عن الصلاة في السفر ، فقال : « ركعتين » ، فقال : كيف ترى ونحن هاهنا ؟ فأخذته عند ذلك ضجرة فقال : ويحك هل سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : قلت : نعم ، وآمنت به . قال : « فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج صلى ركعتين ، فصل إن شئت أو دع »
492 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، حدثنا إسحاق الأزرق ، عن شريك ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن داود بن أبي عاصم ، قال : دخلت على عبد الله بن عمر وهو بمنى ، فسألته عن الصلاة ، فقال : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عثمان ست سنين ركعتين . قال : قلت له : فكيف تصنع ؟ قال : أما إذا صليت وحدي فأصلي ركعتين ، وإذا صليت معهم فكما يصلون »
493 - حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا شبابة ، عن شعبة ، ح ، وحدثني ابن المثنى ، حدثني عبد الصمد ، أخبرني شعبة ، عن خبيب ، قال : سمعت حفص بن عاصم ، يحدث عن ابن عمر ، أنه : « سافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يصلي صلاة السفر ، ومع أبي بكر صلاة السفر ، ومع عمر صلاة السفر ، ومع عثمان ثماني سنين صلاة السفر ، ثم صلاها بعد أربعا »
494 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام ، وهارون ، عن عنبسة ، عن عثمان الطويل ، عن رفيع أبي العالية ، قال : خطبنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « للظاعن ركعتان ، وللمقيم أربع ، مولدي بمكة ، ومهاجري بالمدينة ، فإذا خرجت من المدينة مصعدا من ذي الحليفة ، صليت ركعتين حتى أرجع »
495 - حدثني إسماعيل بن المتوكل الأشجعي ، - من أهل حمص - حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن عمرو بن أمية الضمري ، قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « يا أمية ألا تنتظر الغداء ؟ » قلت : إني صائم . قال : « هلم أخبرك عن المسافر ، إن الله وضع عنه الصوم ونصف الصلاة »
496
- حدثني موسى بن عبد الرحمن ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، قال : حدثنا مالك بن
مغول ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : « دفعت إلى النبي صلى الله عليه
وسلم بالأبطح في قبة (1) ، قال : فخرج فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
الظهر ركعتين ، والعصر ركعتين » ، حدثنا القاسم بن بشر بن معروف ، حدثنا عثمان بن
عمر ، أنبأنا مالك بن مغول ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : دفعت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم . فذكر مثله
__________
(1) القبة : هي الخيمة الصغيرة أعلاها مستدير أو البناء المستدير المقوس المجوف
497 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي جحيفة ، قال : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح صلاة العصر ركعتين »
498 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا أبو إسحاق ، عن ابن عباس ، قال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر صلى ركعتين حتى يرجع »
499
- حدثني تميم بن المنتصر ، أنبأنا إسحاق ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن وهب
السوائي أبي جحيفة ، قال : « صليت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم العصر بالأبطح
ركعتين ، وكانت معه عنزة (1) يركزها بين يديه حين يصلي ، قال : قلنا : مثل من كنت
يومئذ ؟ قال : كنت أبري وأريش »
__________
(1) العَنَزَة : عصا شِبْه العُكَّازة
500 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين الظهر ، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة »
501 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن سماك ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه : « أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمكة سجدتين »
502 - حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، حدثنا سماك بن حرب البكري ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، قال : « صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة صلاة الظهر ركعتين ، صلاة المسافر »
503
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت
أبا جحيفة ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة (1) إلى البطحاء
فتوضأ ، فصلى الظهر ركعتين ، والعصر ركعتين »
__________
(1) الهَجير والهاجِرة : اشتدادُ الحَرِّ نصفَ النهار
504 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا العكلي ، حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي خثعم اليمامي ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن رجلا ، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أقصر الصلاة في سفري ؟ قال : « نعم ؛ إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ، كما يحب أن يؤخذ بفريضته »
505
- حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا زيد بن حباب ، حدثنا عمر بن عبد
الله اليمامي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن
رجلا ، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفر ، فقال : « ركعتين »
قالوا : فهذه أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقات نقلتها ، صحيح سندها ،
عدول رواتها ، تقوم الحجة - فيما لا يدرك علمه إلا من جهة الخبر - بدونها من
الأخبار ، وباستفاضة هي دون استفاضتها . قالوا : فإن قال لنا قائل : فما وجه قصر
النبي صلى الله عليه وسلم إذا الصلاة ، إن كان الأمر على ما وصفتم من أنه كان
يقصرها في أسفاره آمنا غير خائف ، وإنما أذن الله تعالى ذكره في كتابه بقصرها في
حال الخوف دون حال الأمن ، وذلك أنه قال جل ثناؤه : وإذا ضربتم في الأرض فليس
عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا (1) ، أتقولون ذلك
من فعله لما في التنزيل نسخ ، فقد علمتم إنكار من ينكر نسخ السنة القرآن ، وإن كان
لهم في ذلك مخالفون ؟ أم تقولون : ذلك زيادة حكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم
في أحكام صلاة المسافر ؟ فما برهانكم على ذلك ، وقد علمتم خلاف من يخالفكم فيه من
الأئمة ؟ أم ما وجه ذلك ؟ قلنا لهم : قد اختلف الأئمة قبلنا في ذلك . فقالت منهم
طائفة - وهم الذين قالوا : فرض الصلاة في السفر ركعتان - : لم يزل حكم الله جل
ثناؤه في الواجب عن عدد الصلاة على المسافر - من لدن فرضها على خلقه - ركعتين ،
إلا ما كان من صلاة المغرب ، فإنها ثلاث . فأما قوله تعالى : فليس عليكم جناح أن
تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ، فإنه إذن من الله تعالى بالقصر
عن حدودها التي أوجبها على الآمن في حال الطمأنينة ، لا إذن في القصر عن عددها .
وقد مضى ذكرنا قائلي هذه المقالة في كتابنا هذا قبل ، فكرهنا تطويل الكتاب بإعادة
ذكرهم في هذا الموضع ، وقالت منهم طائفة أخرى : بل قصر الصلاة في السفر من أربع
إلى اثنتين ، رخصة من الله جل ذكره لعباده ، وصدقة منه تصدق بها عليهم ؛ تخفيفا
منه عنهم ، كما قال عمر رحمة الله عليه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحكم من
حكم قول الله عز وجل : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم
الذين كفروا ، بمعزل . وذلك أن الإذن من الله جل ثناؤه بقصر الصلاة في حال الخوف ،
إنما هو إذن منه بقصرها من اثنتين إلى واحدة ، وأما الركعتان في غير حال الخوف ،
فتمام غير قصر
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
ذكر بعض من حضرنا ذكره من القائلين بذلك من السلف
506 - حدثني أحمد بن الوليد القرشي ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سماك الحنفي ، قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر ، فقال : « ركعتان تمام غير قصر ، إنما القصر صلاة المخافة » فقلت : وما صلاة المخافة ؟ قال : « يصلي الإمام بطائفة ركعة ، ثم يجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء ، ويجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء ، فيصلي بهم ركعة ، فتكون للإمام ركعتين ، ولكل طائفة ركعة ركعة »
507 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، من أهل حمص ، حدثنا بقية بن الوليد ، حدثنا المسعودي ، حدثني يزيد الفقير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : « صلاة الخوف ركعة »
508 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، حدثني بكر بن سوادة ، أن زياد بن نافع ، حدثه عن كعب ، - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قطعت يده يوم اليمامة : « أن صلاة الخوف لكل طائفة ركعة وسجدتان »
509
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى ، حدثنا سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير
، قال : « كيف تكون قصرا ، وهم يصلون ركعتين ؟ إنما هي ركعة » وقالت طائفة أخرى :
بل هذه الآية هي الآية التي دلت على ترخيص الله تعالى ذكره للمسافر في قصر الصلاة
، غير أن دلالتها على ذلك متناهية عند قوله تعالى : أن تقصروا من الصلاة (1) قالوا
: والكلام : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ، قالوا :
فهذا هو الإذن للمسافر في القصر . قالوا : وقوله جل ذكره : إن خفتم أن يفتنكم
الذين كفروا كلام مبتدأ ، معناه : إن خفتم أيها الناس أن يفتنكم الذين كفروا في
صلاتكم عن صلاتكم ، وكنت فيهم يا محمد ، فأقمت لهم الصلاة ، فلتقم طائفة منهم معك
. قالوا : فقوله تعالى : إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ، كلام منقطع عن قوله عز
وجل : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ، غير مواصل له ، ولا متصل به
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
ذكر بعض من حضرنا ذكره من قائلي ذلك من السلف
510
- حدثنا المثنى بن إبراهيم الآملي ، حدثنا إسحاق بن الحجاج ، حدثنا عبد الله بن
هاشم ، أنبأنا سيف ، عن أبي روق ، عن أبي أيوب ، عن علي ، قال : سأل قوم من التجار
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا نضرب في الأرض فكيف
نصلي ؟ فأنزل الله عز وجل : « وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من
الصلاة (1) ، ثم انقطع الوحي » فلما كان بعد ذلك بحول ، غزا النبي صلى الله عليه
وسلم فصلى الظهر ، فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم ، هلا شددتم
عليهم ؟ فقال قائل منهم : إن لهم أخرى مثلها في إثرها ، فأنزل الله تعالى ذكره بين
الصلاتين : إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا .
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ، فلتقم طائفة منهم معك إلى قوله : إن الله أعد
للكافرين عذابا مهينا (2) ، فنزلت صلاة الخوف . قالوا : فالرخصة للمسافر بقصر
صلاته عن مبلغ عدد صلاة المقيم ، ثابتة حجتها بترخيص الله تعالى له في ذلك على
لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . وليس في ترخيص الله تعالى له ذلك دفع شيء من معنى
قوله : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ، إن خفتم أن
يفتنكم الذين كفروا ، ولا في قوله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم دفع شيء
من رخصة الله للمسافر فيما رخص له فيه ، من قصر صلاته عن أربع إلى اثنتين ، إذ كان
كل واحد من الصلاتين مفارق معناها معنى صاحبتها ، ولكل واحدة منها سنة وحكم غير
سنة الأخرى وحكمها
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
(2) سورة : النساء آية رقم : 102
ذكر من قال هذه المقالة من السلف
511 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، حدثنا شيخنا يعني ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة : « أنهم كانوا يصلون مع سعد بقرية من قرى الشام أربعا ، وسعد يصلي ركعتين »
512 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا وهب ، عن حبيب ، عن المسور ، قال : كنا مع سعد بقرية من قرى الشام يقال لها عمان أو عوام . قال : وكان هو يصلي ركعتين ، ويصلون أربعا ، فقلنا له في ذلك ، فقال : « إنا نحن أعلم »
513 - حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا حسين ، عن زائدة ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الرحمن بن مسور ، قال : كنا مع سعد بن مالك بالشام شهرين ، وكان سعد يقصر الصلاة ونحن نتم ، فذكرنا ذلك له ، فقال : « نحن أعلم »
514 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، قال : « إذا خرجت مسافرا فصل ركعتين »
515 - حدثنا موسى بن عبد الرحمن ، حدثنا حسين ، عن زائدة ، حدثنا سعيد بن عبيد الطائي ، قال : أخبرني علي بن ربيعة الأسدي ، أن ربيع بن نضلة الأسدي ، أخبره أنه خرج في اثني عشر راكبا ، كلهم قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم غيره ، وهم سفر . قال : فحضرت الصلاة ، فتدافع القوم أيهم يصلي ، فقدموا رجلا منهم فصلى بهم أربعا ، فلما انصرف قال سلمان : ما هذا ؟ - مرتين أو ثلاثا - نصف المربوعة ، نحن إلى التخفيف أفقر - مرتين . قال : فقال القوم لسلمان : يا أبا عبد الله ، تقدمنا فصل لنا ، فأنت أحقنا بذلك . فقال سلمان : لا ، أنتم بنو إسماعيل الأئمة ، ونحن الوزراء
516 - حدثنا هناد بن السري الحنظلي ، حدثنا أبو الأحوص ، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي ، قال : كان الشعبي معنا بواسط فحضرت الصلاة ، فدخلت منزلي ، ثم خرجت ، فقال : كم صليت ؟ فقلت : أربعا . فقال : لكني ما صليت غير ركعتين ، رأيت عبد الله بن عمر بمكة ما يصلي إلا ركعتين ، حتى خرج منها
698 - حدثني زيد بن أخزم الطائي ، حدثني عبد الصمد ، حدثنا شعبة ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن أبي صالح أو ابن صالح ، قال : سألت عبد الله بن عمرو وقلت : أكون في زرعي وغنمي ستة أشهر ، كيف أصلي ؟ فقال : ركعتين . وسألت ابن الزبير ، فقال مثل ذلك . وسألت ابن عمر ، فقال : مثل ذلك ، فقلت : سبحان الله ، أكون في زرعي وغنمي فقال : « سبحان الله صل ركعتين » ، حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا شعبة ، حدثنا يحيى بن أبي إسحاق ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن صالح - أو عن ابن صالح - قال : سألت عبد الله بن عمرو فذكر مثله
699
- حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، حدثنا يحيى بن صالح ، حدثنا ابن عياش ، عن مجاهد
بن فرقد الصنعاني ، عن أبي منيب الجرشي ، قال : قيل لابن عمر : قول الله عز وجل :
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح (1) الآية ، فنحن آمنون لا نخاف ، أفنقصر
الصلاة ؟ فقال : « لقد كان لكم في رسول الله أسوة (2) حسنة »
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
(2) الأسوة : القدوة
700 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت عبد الواحد المالكي يحدث عن سالم بن عبد الله بن عمر ، قال : كان ابن عمر إذا أجمع المقام أتم الصلاة ، ولقد أقام بمكة شهرا يصلي ركعتين ، فقيل له : لو صليت قبلها أو بعدها ؟ قال : « لو صليت قبلها أو بعدها لأتممت الصلاة »
701 - حدثنا يونس ، أنبأنا سفيان ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، قال : « أصلي صلاة السفر ، مالم أجمع الإقامة ، وإن مكثت اثنتي عشرة ليلة »
702
- حدثنا يونس ، أنبأنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، قال : أتيت سالما أسأله وهو عند
باب المسجد ، فقلت : كيف كان أبوك يصنع ؟ قال : « كان إذا أصدر الظهر وقال : نحن
ماكثون أتم الصلاة ، وإذا قال : اليوم وغدا قصر (1) ، وإن مكث عشرين ليلة »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
703
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن
سالم بن عبد الله : « أن ابن عمر ، كان إذا قدم مكة فلم يدر أيظعن أم يقيم قصر (1)
الصلاة خمس عشرة ليلة ، فإذا عرف أنه يقيم أتم الصلاة »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
704 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى القطان ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع أن ابن عمر كان يقصر الصلاة ما لم يجمع الإقامة
705 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا مسلمة بن الصلت الشيباني ، حدثنا علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن نافع ، عن ابن عمر « أنه كان إذا قدم مكة فلبث بها سبعا أو ثمانيا صلى صلاة المسافر ، إلا أن يصلي مع الإمام »
706 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا مسلمة بن الصلت ، حدثنا علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن نافع ، عن عبد الله : « أنه لم يكن يزيد على الركعتين في السفر شيئا إلا في المغرب ، فإنه كان يصليها ثلاثا »
707
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن داود بن قيس ، عن نافع : أن ابن
عمر ، أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر (1) الصلاة ، ولم يستطع أن يخرج من البرد ،
ولم يرد الإقامة
__________
(1) يقصر : يصلي الصلوات الرباعية ركعتين فقط
708 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا ابن إدريس ، أنبأنا ليث ، عن الشعبي ، قال : « أقمت بالمدينة ستة أشهر - أو عشرة أشهر - لا يأمرني ابن عمر إلا بركعتين ، إلا أن أصلي مع قوم فأصلي بصلاتهم »
709 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا ليث ، عن الشعبي ، قال : « أقمت مع ابن عمر بالمدينة ثمانية أشهر - أو عشرة أشهر - فما أمرني إلا بركعتين ، إلا أن أصلي في جماعة ، ولو أردت أكثر من ذلك ما زادني »
710 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان ، قال : حدثنا عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : كنت أصحب ابن عمر ، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين المكتوبة ، ويحيي الليل صلاة على ظهر بعيره أينما كان وجهه ، وينزل قبل الفجر فيوتر بالأرض ، وإذا قام في منزل ليلة أحيى الليل
711
- حدثنا ابن المثنى ، حدثني عبد الصمد ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء
أن ابن عمر صلى بمكة ركعتين وهو مريض يومئ إيماء (1)
__________
(1) الإيماء : الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه
712 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا الحسين يعني ابن واقد ، عن أبي الزبير ، قال : سمعت ابن عمر : « ينهى عن الصلاة في السفر إلا ركعتين »
713 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن أسلم المنقري ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه « أن عمر بن الخطاب قدم مكة فصلى بهم ركعتين ، ثم قال : قوموا فأتموا ، فإنا قوم سفر » ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا مؤمل ح ، وحدثني علي بن سهل ، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، قالا جميعا : أنبأنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر مثله
714 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث أن عمر بن الخطاب صلى بمكة ركعتين ، وقال : « يا أهل مكة أتموا صلاتكم ، فإنا قوم سفر » ، حدثنا سلم بن جنادة السوائي ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن عمر مثله
715 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود : أن عمر ، صلى بمكة ركعتين ، ثم قال : « يا أهل مكة أتموا صلاتكم ، فإنا قوم سفر »
716 - حدثني جابر بن الكردي الواسطي ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : رأيت عمر حين دخل مكة ، فقال : « يا أهل مكة ، إنا قوم سفر ، فأتموا صلاتكم »
717 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع ، عن ابن عمر : أن عمر صلى بأهل مكة ركعتين ، ثم قال : « أتموا صلاتكم ، فإنا قوم سفر »
718 - حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى ركعتين ، ثم قال لأهل مكة : « أتموا صلاتكم ، فإنا قوم سفر »
719 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، قال : « إذا خرجت مسافرا فصل ركعتين ، وإذا رجعت فصل ركعتين »
720 - حدثنا عمران بن موسى القزاز ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : « إذا قدمت أرضا لا تدري متى تخرج ، فأتم الصلاة ، وإذا قلت : أخرج اليوم ، أخرج غدا ، فقصر ما بينك وبين عشر ، ثم أتم الصلاة »
721 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي جمرة ، قال : قلت لابن عباس : ما تطيب نفسي أن أصلي بمكة ركعتين . فقال : « تطيب نفسك أن تصلي الصبح أربعا ؟ » قلت : لا ، قال : « إنها ليست بقصر ، صل ركعتين ، وصل بعدها ركعتين »
722 - حدثنا ابن المثنى ، حدثني وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن أبي التياح ، عن أبي المنهال ، قال : قلت لابن عباس : إني أقيم بالمدينة حولا لا أشد علي سيرا ، فكيف أصلي ؟ قال : « ركعتين » ، حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا شعبة ، عن أبي التياح ، عن أبي المنهال العنزي ، قال : قلت لابن عباس فذكر نحوه
723 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن زائدة بن عمير ، قال : سألت ابن عباس : كيف أصلي بمكة ؟ قال : « ركعتين ركعتين »
724
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن سماك بن سلمة ، قال
: سئل ابن عباس عن قصر (1) الصلاة ، فقال : « قصر وإن كنت في أرض خمسة أشهر »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
725
- حدثنا عمران بن موسى ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا يونس ، عن الحسن أن أنس بن مالك
، كان بنيسابور على جبايتها (1) ، فكان يصلي ركعتين ثم يسلم ، ثم يصلي ركعتين ،
ولا يجمع ، وكان الحسن معه شتوتين
__________
(1) الْجِباية : اسْتِخراج الأموال من مَظَانِّها
726 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، قال : أنبأنا يونس ، عن الحسن : أن أنس بن مالك أقام بنيسابور سنة أو سنتين يصلي ركعتين ، ثم يسلم ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يسلم
727 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا سالم بن نوح ، عن عمر بن عامر ، عن قتادة أن أنسا أقام بفارس سنتين يقصر الصلاة
728 - حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن شقيق بن سلمة ، قال : أقام مسروق بالسلسلة سنتين يقصر الصلاة ، فقيل له : لم تفعل هذا ؟ قال : « تلك السنة »
729 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : صحبت مسروقا إلى السلسلة ذاهبا وجائيا ، فجعل يصلي ركعتين ركعتين . قال أبو وائل : فسألته فقال : « ما آلو عن السنة »
730 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : خرجت مع مسروق إلى السلسلة فصلى ركعتين ، وأقام سنتين يصلي ركعتين ، فقلت : يا أبا عائشة ، ما يحملك على هذا ؟ قال : « السنة »
731 - حدثني أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : « كنت مع مسروق بالسلسلة سنتين ، يصلي ركعتين ؛ يلتمس بذلك السنة »
732
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل ،
قال : « كان مسروق بالسلسلة سنتين يصلي ركعتين ، لا يألو (1) عن السنة »
__________
(1) يألو : يقصر
733 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا هشيم ، أنبأنا خالد بن أبي طلحة مولى ابن أسد ، عن أبي وائل ، قال : « كنت مع مسروق بالسلسلة فكان يصلي ركعتين ، لا يألو عن السنة »
734
- أخبرنا ابن بشار ، أنبأنا هشام بن عبد الملك ، أنبأنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن
أبي العالية ، قال : سافرت إلى مكة ، فكنت أصلي ركعتين ، فلقيني قراء من أهل هذه
الناحية ، فقالوا : كيف تصلي ؟ قلت : ركعتين ، قالوا : سنة أو قرآن ؟ قلت : كل ذلك
، سنة وقرآن . قلت : « صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين » قالوا : إنه كان
في حرب ، قلت : قال الله عز وجل : « لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن
المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون (1) ، وقال :
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة (2) ، فقرأ حتى بلغ :
فإذا اطمأننتم (3) »
__________
(1) سورة : الفتح آية رقم : 27
(2) سورة : النساء آية رقم : 101
(3) سورة : النساء آية رقم : 103
735 - حدثنا ابن المثنى ، حدثني عبد الأعلى ، حدثنا داود ، عن أبي العالية أنه قال : « المسافر يصلي ركعتين ، فإذا اطمأن صلى أربعا . يعني إذا نزل »
736 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن يونس : أن الحسن كان يقول : « المسافر يصلي ركعتين حتى يرجع إلى أهله »
737
- حدثني يونس ، أنبأنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المديني ، حدثنا عبد الرحمن بن
حرملة ، عن سعيد بن المسيب أن رجلا سأله : أتم الصلاة وأصوم في السفر ؟ فقال : لا
، قال : إني أقوى على ذلك . قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أقوى منك ،
كان يفطر ويقصر الصلاة ، وقال : « خياركم من قصر (1) الصلاة وأفطر في السفر »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
738
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن حرملة ،
قال : سمعت سعيد بن المسيب ، وقال له رجل : أنا أقوى أن أصوم في السفر ، فقال سعيد
: رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوى منك وخير منك ، كان لا يصوم في السفر ، وكان
يقصر الصلاة ، وقال سعيد : إنه قال : « إن خيركم من قصر (1) الصلاة في السفر وأفطر
»
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
739
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن حبيب بن الشهيد ، عن ميمون بن
مهران ، قال : سألت سعيد بن المسيب عن الصلاة في السفر ، فقال : « إن شئت فثنتين ،
وإن شئت فأربعا » وأنكر صحة جميع هذه الأخبار التي ذكرناها آخرون ، وقالوا : كان
قصر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة من أربع إلى اثنتين ، فيما قصرها فيه من
الصلوات الخمس في سفر كان فيه خائفا من عدو ، غير آمن فيه ، على ما أذن الله عز
وجل له بقوله : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم
أن يفتنكم الذين كفروا (1) . قالوا : ومن أضاف إليه القصر في غير حال الخوف ، وترك
الإتمام في حال الأمن ، فقد أضاف إليه ما ليس من صفته . وذلك أن الله تعالى ذكره
إنما بعثه رسولا ليبين لهم ما أنزل إليهم ، لا ليشرع لهم خلاف ما أنزل إليهم .
قالوا : ومن أضاف إليه أنه قصر الصلاة في حال الأمن ، فقد وصفه بأنه شرع للناس غير
ما نزل إليهم . وقالوا : قد قال بنحو الذي قلنا من ذلك جماعة من السلف
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
ذكر من أنكر القصر في حال الأمن ، ولم يره إلا في حال خوف فتنة العدو
740
- حدثني أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري ، حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد ،
حدثنا عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، قال : سمعت أبي
يقول : سمعت عائشة تقول في السفر : « أتموا صلاتكم » فقالوا : إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان يصلي في السفر ركعتين . فقالت : « إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان في حرب ، وكان يخاف ، هل تخافون أنتم ؟ والصواب من القول في ذلك عندنا أن
يقال : إن قصر الصلاة في السفر - غير مبلغ عدد صلاة المقيم - رخصة من الله عز وجل
للمسافر وتخفيف منه عنه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ابن عباس
لسائله عن ذلك : سنة أبي القاسم ، وإن رغمتم . وقال ابن عمر إذ سئل عن ذلك : إنا
وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به . وذلك من حكم قول الله عز وجل
: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم
الذين كفروا (1) بمعزل ؛ وذلك أن هذه الآية نزلت فيما ذكر على رسول الله صلى الله
عليه وسلم ؛ تعليما من الله عز وجل له صلاة الخوف عند معاينته العدو المخوفة
غائلته ، المحذور بائقته ، إذا هو صلى صلاة الآمن المطمئن . وبالذي قلنا في ذلك
تواترت الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتتابعت عليه أقوال أهل
التأويل . وقد استقصينا ذكر أقوالهم ، واختلاف المختلفين في ذلك في كتابنا المسمى
( جامع البيان عن تأويل آي القرآن ) ، غير أنا نذكر في هذا الموضع بعض ذلك ؛ ليعلم
قارئ كتابنا هذا صحة ما قلنا في ذلك
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
741
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثنا أبي ، عن قتادة ، عن سليمان
اليشكري ، أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة : أي يوم أنزل ، أو أي يوم هو
؟ فقال جابر : انطلقنا نتلقى عير قريش آتية من الشأم ، حتى إذا كنا بنخل جاء رجل
من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد . قال : « نعم » . قال
: تخافني ؟ قال : « لا » . قال : فمن يمنعك مني ؟ قال : « الله يمنعني منك » . قال
: فسل السيف ، ثم تهدده وأوعده ، ثم نادى بالرحيل وأخذ السلاح ، ثم نودي بالصلاة ،
فصلى نبي الله صلى الله عليه وسلم بطائفة من القوم ، وطائفة أخرى تحرسهم ، فصلى
بالذين يلونه ركعتين ، ثم تأخر الذين يلونه (1) على أعقابهم ، فقاموا في مصاف
أصحابهم ، ثم جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين ، والآخرون يحرسونهم ، ثم سلم ، فكانت
للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات ، وللقوم ركعتين ركعتين ، فيومئذ أنزل الله
تعالى عز وجل في إقصار الصلاة ، وأمر المؤمنين بأخذ السلاح
__________
(1) يليه : يكون بعده وخلفه في المكان أو المكانة
742
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي عياش الزرقي ، قال
: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان ، وعلى المشركين خالد بن الوليد .
قال : فصلينا الظهر ، فقال المشركون : لقد كانوا على حال ، لو أردنا لأصبنا غفلة .
فأنزلت آية القصر بين الظهر والعصر ؛ فأخذ الناس السلاح ، وصفوا خلف رسول الله صلى
الله عليه وسلم مستقبلي القبلة ، والمشركون مستقبلوهم ، فكبر رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكبروا جميعا ، ثم ركع وركعوا جميعا ، ثم رفع رأسه ، فرفعوا جميعا ، ثم
سجد وسجد الصف الذي يليه ، وقام الآخرون يحرسونهم ، فلما فرغ هؤلاء من سجودهم سجد
هؤلاء ، ثم نكص (1) الصف الذي يليه وتقدم الآخرون ، فقاموا في مقامهم ، وركع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فركعوا جميعا ، ثم رفع رأسه ورفعوا جميعا ، ثم سجد وسجد
الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم ، فلما فرغ هؤلاء من سجودهم ، سجد هؤلاء
الآخرون ، ثم استووا معه فقعدوا جميعا ، ثم سلم عليهم جميعا ، فصلى بعسفان ،
وصلاها يوم بني سليم ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن شيبان
النحوي ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي عياش الزرقي ، وعن إسرائيل ، عن منصور ، عن
مجاهد ، عن أبي عياش ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان . ثم ذكر
نحوه فقد بينت هذه الأخبار عن صحة ما قلنا من أن قوله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض
فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا (2) ، بيان من
الله تعالى عن صفة فرضه على الخائف من عدوه في سفره ، في حال دخوله في صلاته ، لا
دلالة على ترخيصه للمسافر في قصر الصلاة في حال ضربه في الأرض بكل حال ، وبعد فإن
في قوله عز وجل : فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة (3) بيانا واضحا عن صحة ما قلنا من
أن قوله عز وجل : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن
خفتم أن يفتنكم الذين كفروا معني به القصر عن حدودها الواجب على الآمن المطمئن
إقامتها عليه ؛ لأن ذلك لو كان إذنا بالقصر على مبلغ عددها لقيل : فإذا اطمأننتم
فأتموا الصلاة ، وإذا كان الأمر على ما وصفنا في قوله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض
فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ، وبالذي عليه
استشهدنا ، فمعلوم أن الإذن للمسافر الآمن في سفره من عدو يفتنه ، المطمئن فيه من
كافر يغتاله من الله له بغير هذه الآية ، إذ كانت هذه الآية إنما تدل على ما وصفنا
من صفة صلاة الخائف من عدوه ، دون الآمن منه ، وأن ذلك الإذن إذ لم يكن موجودا في
كتاب الله عز وجل موجودا بنص يتلى ، فإنما ثبت بوحي كان من الله عز وجل إلى نبيه
صلى الله عليه وسلم ، فبينه صلى الله عليه وسلم لأمته قولا وعملا ، كما قال من
ذكرنا ذلك عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقصر الصلاة في السفر إذا
رخصة من الله تعالى ذكره ، لمن سافر من عباده المؤمنين به في حال ضربه في الأرض ،
بترخيصه ذلك له على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في حال الأمن والطمأنينة ، ليس
له قصر شيء من حدودها ما كان آمنا مطمئنا . فإذا كان خوف فله قصرها من حدودها على
ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حراسة بعض بعضا فيها ، وتقدم وتأخر
في بعض الأحوال ، وفي بعض الأحوال بالاجتزاء فيها بالتكبير والقراءة والإيماء
بالركوع والسجود ، دون التمكن فيها من الركوع والسجود تمكن الآمن المطمئن فيها
__________
(1) نكص : رجع وتأخر
(2) سورة : النساء آية رقم : 101
(3) سورة : النساء آية رقم : 103
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول الذي سأل ابن عباس فقال له :
إنا قدمنا البلد ونحن آمنون خافضون . يعني بقوله : خافضون : ساكنون وادعون لا
نحارب أحدا . وأصله من خفض الصوت ، وهو سكونه ، وترك رفعه . يقال للرجل : اخفض من
صوتك : يراد به أخفه وسكنه ، واترك الضجاج . ومنه قول الطرماح بن حكيم : فاذهبوا
ما إليكم خفض الحلم عناني وعريت أنقاضي يعني بقوله : خفض الحلم عناني : سكن الحلم
جهلي وأخفاه ، فذهب به ، وغلب الحلم علي . ومنه قول جرير : الظاعنون على العمى
لجميعهم والخافضون بغير دار مقام يعني بقوله : والخافضون بغير دار مقام :
والمستقرون بغير دار قرار ، والساكنون بها . وأما قول أبي جحيفة - إذ قيل له : مثل
من كنت يومئذ ؟ كنت أبري وأريش ، فإنه يعني بقوله : أبري : كنت أنحت القداح . يقال
منه : بريت السهم والقلم ، فأنا أبريه بريا : وذلك إذا نحته ، ويقال لما تساقط من
العود بالنحت : البراية . ومنه قول نابغة بني ذبيان : يريش قوما ويبري الآخرين به
لله من رائش عمرو ومن بار ويقال للرجل إذا أنضى بعيره بطول السير عليه حتى صار
حسيرا : قد برى فلان مطيه فهو يبريه بريا : وذلك إذا ذهب لحمه وشحمه ، يشبه ببري
القلم والقدح إذا نحتا ، ويقال للبعير إذا كان باقيا على السير : إنه لذو براية .
ومنه قول عمرو الكلب في صفة حمار وحش : على حت البراية زمخري السواعد ظل في شري
طوال وأما قولهم : برى فلان لفلان : فهو من غير هذا المعنى ، وإنما هو من معنى
المعانة والمعارضة ، يقال منه : برى فلان لفلان ، فهو يبري له بريا : وذلك إذا
عارضه يصنع مثل صنيعه ، وانبرى له . ومنه قول الشاعر : برت لك حماء العلاط سجوع
وداع دعا من خلتيك نزيع ويقال : فلان وفلان يتباريان : إذا كان كل واحد منهما يعارض
صاحبه فيصنع مثل صنيعه . ومنه قولهم : فلان يباري الريح سماحة وجودا ، فهو يباريها
مباراة : وذلك إذا أطعم وحمل وكسا كلما هبت ، فعارض هبوبها بنائل وإفضال . وأما
البرء : فهو من غير هذه المعاني ، وهو مصدر من قول القائل : برأ الله الخلق فهو
يبرؤهم برءا ، من قول الله جل ثناؤه : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم
إلا في كتاب من قبل أن نبرأها (1) ، يعني : من قبل أن نخلقها . وكذلك : ذرأ الله
الخلق فهو يذرؤهم ذرءا ، من قول الله عز وجل : يذرؤكم فيه (2) ، والله ذارئ الخلق
، ويذرأهم ، بتسكين الهمزة . وأما البرء ، بضم الباء ، فإنه في لغة تميم وأهل نجد
مصدر من قولك : برئت من المرض ، فأنا أبرأ منه برءا ، وفي لغة أهل الحجاز من قولك
: برأت من المرض فأنا أبرأ منه برءا . وأما البراء بالمد ، فإنه مصدر من قول
القائل : برئت من كذا وكذا ، فأنا أبرأ منه براء ؛ ولذلك لا يثنى ولا يجمع ، فيقال
: هو براء من هذا الأمر ، وللاثنين : هما براء منه ، وللجميع : هم براء منه ،
الواحد والاثنان والجمع بلفظ واحد ، كما يقال : هو عدل ، وهما عدل ، وهم عدل ،
ومنه قول الله عز وجل : إنني براء مما تعبدون (3) ، فأما من قال : أنا بريء منك ،
فإنه يثني في التثنية ، ويجمع في الجمع ، فيقول : هما بريئان منك ، وهم براء منك ،
وبريئون ، وأبرياء ، وبرآء . وأما الإبراء ، فإنه من غير هذه المعاني كلها ، وهو
مصدر ، إما من قول القائل : أبريت الناقة ، فأنا أبريها إبراء ، وهي ناقة مبراة :
وذلك إذا جعلت لها برة . والبرة : الحلقة تجعل في أنف البعير ، وإما من قول القائل
: أبرأه الله من المرض إبراء . وأما البرأة : فقترة الصائد ، وهي الحفرة التي يكمن
فيها للصيد . وأما قوله : وأريش : فإنه يعني أنه كان يجعل للسهم ريشا . وأصل الريش
الكسوة ، وما يلبس . يقال : أعطى فلان فلانا رحلا بريشه : يراد بكسوته وجهازه ،
ويقال : إنه لحسن ريش الثياب . وإنما قيل لريش الطائر ريش ؛ لأنه له كهيئة الكسوة
واللباس لبني آدم . يقال منه : راش فلان فلانا : إذا أعطاه أثاثا وكسوة ، فهو
يريشه ريشا وريشا ورياشا ، كما يقال : لبسه فهو يلبسه لباسا ولبسا . وقد أنشد في
اللبس بكسر اللام : فلما كشفن اللبس عنه مسحنه بأطراف طفل زان غيلا موشما ومنه
الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه لعن الراشي والمرتشي والرائش الذي يريش
بينهما . يعني بذلك صلى الله عليه وسلم : الذي يسفر بين الراشي والمرتشي ليحسن لكل
واحد منهما فعله الذي يفعله من الإعطاء والأخذ ، كالذي يحسن رائش السهم السهم بما
يريشه من الريش . وأما قول نافع : كان ابن عمر يقصر الصلاة في السفر ما لم يجمع
إقامة : فإنه يعني بقوله : ما لم يجمع إقامة : ما لم يعزم على إقامة . يقال منه :
قد أجمع فلان على الإقامة بموضع كذا ، وأزمع عليه : يراد به عزم على ذلك . ومنه
قول الله عز وجل : فأجمعوا أمركم وشركاءكم (4) ، يعني بذلك : أحكموا أمركم ،
وأعدوا واعزموا على ما أنتم عليه عازمون . ومنه قول الراجز : يا ليت شعري والمنى
لا تنفع هل أغدون يوما وأمري مجمع وأما قول عمر رحمه الله لأهل مكة : أتموا صلاتكم
، فإنا قوم سفر : فإنه يعني بقوله : قوم سفر : قوم مسافرون ، وهو مصدر ؛ ولذلك لم
يجمع ، وهو مثل قولهم : قوم زور ، وقوم صوم ، وفطر ، وجنب ، وعدل ، وما أشبه ذلك
من المصادر ، لفظ الواحد والاثنين والجميع ، والمذكر والمؤنث ، فيه واحد . ذكر ما لم
يمض ذكره من حديث جابر بن عبد الله ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم
__________
(1) سورة : الحديد آية رقم : 22
(2) سورة : الشورى آية رقم : 11
(3) سورة : الزخرف آية رقم : 26
(4) سورة : يونس آية رقم : 71
743 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لئن عشت لأنهين أن يسمى نافعا وبركة ويسارا »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ؛ لعلل : إحداها : أن المعروف من رواة هذا الحديث القصور به على جابر ، من غير إدخال عمر بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثانية : أنه قد حدث به عن أبي الزبير غير سفيان ، فوافق - في تركه إدخال عمر بين جابر وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم - رواية الذين رووه عن سفيان ، فلم يدخلوا في حديثهم عنه بين جابر وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا . والثالثة : أن أبا الزبير عندهم ممن لا يعتمد على روايته ؛ لأسباب قد تقدم ذكرناها . والرابعة : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه
ذكر من حدث بهذا الحديث عن سفيان ، فجعله عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخل بين جابر وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا
744 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لئن عشت لأنهين أن يسمى نافعا وبركة ويسارا » وأشك في نافع ، لا أدري قال أم لا ؟
ذكر من حدث بهذا الحديث عن أبي الزبير ، فلم يجعل فيه بين جابر وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من غير حديث الثوري
745 - حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا روح ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمى بيعلى ، وبركة ، وبأفلح ، وبيسار ، وبنافع ، وبنحو ذلك ، ثم رأيته سكت بعد عنها فلم يقل شيئا ، ثم قبض ولم ينه عنها ، ثم أراد عمر أن ينهى عنه ، ثم تركه
746 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا سعيد بن عيسى بن تليد ، حدثنا المفضل بن فضالة ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : « هم النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمى ميمونا ، وبركة ، وأفلح ، وهذا النحو ، ثم تركه »
القول في البيان عما في هذا الخبر من المعنى إن قال لنا قائل : ما معنى هذا الخبر ، وما وجهه ؟ أصحيح هو أم سقيم ؟ فإن كان صحيحا فقد بطل معنى الخبر الذي رواه سمرة بن جندب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي
747 - حدثكموه أبو كريب ، ونصر بن علي الجهضمي ، قالا : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن الركين بن الربيع ، عن أبيه ، عن سمرة ، قال : « نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسمي رقيقنا أربعة أسماء : رباحا ، وأفلح ، ونافعا ، ويسارا »
748 - حدثنا سفيان ، وابن حميد ، قالا : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الركين بن الربيع الفزاري ، عن أبيه ، عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسم غلامك بيسار ، ولا رباح ، ولا أفلح ، ولا نجيح ، ولا نافع »
749 - حدثنا ابن حميد ، وسفيان ، قالا : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن ربيع بن عميلة ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تسم غلامك أفلح ، ولا نجيحا ، ولا رباحا ، ولا يسارا »
750 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن ربيع بن عميلة ، عن سمرة بن جندب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسم غلامك أفلح ، ولا نجيحا ، ولا يسارا ، ولا رباحا » وقال منصور ، عن هلال بن يساف ، عن الربيع بن عميلة ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله
751 - حدثني زيد بن أخزم الطائي ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني أبي ، عن محمد بن جحادة ، عن منصور ، عن عمارة بن عمير ، عن الربيع بن عميلة ، عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسموا رقيقكم رباحا ، ولا يسارا ، ولا أفلح ، ولا نجيحا ، إن شاء الله »
752 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن هلال بن يساف ، عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسمين غلامك أفلح ، ولا رباحا ، ولا نجيحا ، ولا يسارا »
753 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن هلال بن يساف ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسم أفلح ، ولا يسارا ولا نجيحا ، ولا رباحا » ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا محمد بن بشر العبدي ، حدثنا يزيد بن زياد الأشجعي ، عن سلمة بن كهيل ، عن هلال بن يساف ، عن سمرة بن جندب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
754 - حدثني موسى بن سهل الرملي ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا زهير بن معاوية ، عن منصور ، وحصين بن عبد الرحمن ، عن هلال بن يساف ، عن الربيع بن عميلة ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تسم غلامك رباحا ، ولا يسارا ، ولا نجيحا ، ولا أفلح ، فإنك تقول : أثم فلان ؟ فلا يكون . ويقول : إنما هن أربع فلا تزيدن » وإن كان سقيما ، فما وجه سقمه ، وقد قضيت عليه بالصحة بشهادتك لنقلته بالعدالة ؟ أم تقول : إنهما جميعا صحيحان ؟ فبأيهما تقول يلزمنا العمل ؟ بالذي روي عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن تسمية الأرقاء : أفلح ، ونافعا ، ورباحا ، ويسارا ، ولا يجوز تسمية مملوك لنا ببعض هذه الأسماء ، فما وجه الخبر الذي
755 - حدثكموه أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن عكرمة بن عمار ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له غلام يسمى رباحا » أم بالذي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان أراد النهي عن تسمية المماليك بهذه الأسماء ، ثم قبض قبل نهيه عن ذلك ؟ فما معنى الخبر الذي روي عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك ؟ قيل : كلا الخبرين صحيح ، وليس أحدهما دافعا صاحبه ولا محيلا معناه . فأما الخبر الذي روي عن عمر وجابر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : « لئن عشت لأنهين أن يسمى نافعا ، وبركة ، ويسارا » ، وما أشبه ذلك فإنه جائز أن يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك ، ثم عاش بعد حتى نهى عن التسمية بهذه الأسماء ، على ما روى عنه سمرة ، فسمع سمرة النهي عنها ، ورواه عنه على ما سمع منه ، ولم يسمع ذلك جابر ، فأدى ما سمع منه من قيله : « لئن عشت لأنهين عنه » ، وأخبر عنه أنه قبض صلى الله عليه وسلم قبل أن ينهى عنه ؛ إذ لم يعلم نهيه عنه حتى قبض ومضى لسبيله . وذلك الواجب كان عليه أن يقول أو يفعل ؛ لأن كل من علم علما ، ثم لم يعلم تغير ذلك عن حاله التي علمه عليها ، فله القيام بالشهادة عليه على ما علمه به ، وإن كان جائزا تغيره عما كان عليه في حال علمه به . وذلك كالرجل يعلم وراثة رجل عن ميت له دارا أو أرضا أو غير ذلك من الأملاك ، فيأتيه مدع بعد حين يدعي ذلك ، ويزعم أنه له دون الذي هو في يده ، فلا خلاف بين الجميع أن للذي علم وراثة ذلك الوارث عن ميته ما ادعاه المدعي ، أن يشهد له بأن ذلك الذي ادعاه للذي علم وراثته عن ميته ، مع جواز خروج ذلك عن ملكه ، إما ببيع أو هبة ، وغير ذلك من الأسباب التي تزول بها الأملاك . وكذلك الشهادات على الأشياء الممكن تغير أحوالها على السبيل التي وصفنا . فقد تبين بالذي ذكرنا أن قول جابر ما قال خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غير دافع ما روى سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ولا رواية سمرة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، محيل ما قال جابر وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ كلا الخبرين صحيح معناهما ، ممكن استعمالهما على الصحة . وإذ كان كذلك فخبر سلمة بن الأكوع وقوله : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يقال له رباح ، إن كان صلى الله عليه وسلم سمى غلامه ذلك هذا الاسم قبل نهيه عن التسمية ، فلا حجة فيه لمحتج به . وإن تسمية المسمي مملوكه في معنى تسميته إياه بوثاب وسوار وغيرهما ، فيه أن كل واحد منهما لم يأت ما يرغب له عنه ، إذ كان في إطلاقه صلى الله عليه وسلم ما أطلق وحظره ما حظر ، ناسخ ومنسوخ ، على النحو الذي قد بيناه في كتابنا المسمى ( كتاب البيان عن أصول الأحكام ) . وكان جائزا أن تكون التسمية بهذه الأسماء التي ذكرنا أنه نهى عنها ، كانت سبيل التسمية بغيرها من الأسماء ، ثم نهى عنها بعد . وإن كان صلى الله عليه وسلم سمى غلامه بذلك بعد نهيه عن التسمية به ، فذلك منه إبانة عن أن نهيه عن التسمية بذلك ، وبما روي عنه أنه نهى عن التسمية به ، إنما هو نهي تكره ، لا نهي تحريم ، على ما قد تقدم وصفناه قبل من نهيه عن أكل لحوم الضباب ، وإطلاقه لآكليها أكلها على مائدته . وأي ذلك كان فإن في إجماع الحجة على تسمية الرجل مماليكه بهذه الأسماء - التي ذكر سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التسمية بها - غير موجبة له إثما ، ولا مستوجب بها مسميه من ربه عقابا ، ما ينبئ عن صحة ما قلنا من أن نهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، كان على ما ذكرنا من الكراهة لا على التحريم . وبعد ، ففي تسمية عبد الله بن عمر مملوكه نافعا بنافع ، وتسمية أبي أيوب الأنصاري غلامه أفلح بأفلح ، بين المهاجرين والأنصار ، من غير إنكار منكر ذلك عليهما ، ما يوضح عن صحة ما قلنا في ذلك ؛ لأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، لو كان نهي تحريم ؛ لم يقر المهاجرون والأنصار من ذكرنا ، على التقدم على ما ثبت عندهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريمه ، بل لم يكونوا هم يتقدمون على ما قد حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما قد صح عندهم تحريمه إياه . ولكن ذلك كان عندهم - إن شاء الله عز وجل - من رسول الله صلى الله عليه وسلم على التكره ، تقدم عليه قوم وتأخر عنه آخرون ، كالذي كان منهم في نهيه عن أكل لحوم الضباب ، على ما قد بيناه قبل . وقد كره جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن يسموا مماليكهم بأسماء أخر غير التي ذكرنا عن سمرة أنه روى النهي عن التسمية بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لعلل شبيهة بالعلل فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تسميتهم به من أجلها . ذكر بعض ذلك
756 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن معاوية ، عن أبي الخير بن تميم الضبي ، عن سعيد بن جبير ، قال : « كنت عند ابن عباس سنة ، لا أكلمه ولا يعرفني ، حتى أتاه ذات يوم كتاب من امرأة من أهل العراق ، فدعا غلمانه ، فجعل يكني عن عبيد الله ، وعبد الله ، وأشباهه ، وجعل يدعو : يا مخراق ، يا وثاب ، نحوا من هذه الأسماء »
757 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن شباك ، قال : سمعت إبراهيم يقول : « إني لأعجب من سهم بن منجاب كيف سمى غلاما له عبد الملك »
758 - حدثني أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : « كانوا يكرهون أن يسمي الرجل غلامه عبد الله مخافة أن يكون ذلك يعتقه »
759 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم : « أنه كره أن يسمي مملوكه عبد الله ، وعبيد الله ، وعبد الملك ، وعبد الرحمن ، وأشباهه ؛ مخافة العتق » فهذا الذي ذكرنا عن ابن عباس ، ومن ذكرنا عنه كراهة تسمية عبد الله وعبد الرحمن نظير الذي روي عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره من تسمية الرجل مملوكه برباح ، ونافع ، وأفلح ؛ لأن كراهيته صلى الله عليه وسلم ذلك كانت حذارا من أن يقال : هاهنا نافع ؟ فيقال : لا ، أو : هاهنا أفلح ، أو بركة ؟ فيجاب بلا . ومعلوم أن السائل عن إنسان اسمه أفلح ، أو نافع ، أو رباح هل هو في مكان كذا ؟ إنما مسألته تلك مسألة عن شخص من أشخاص بني آدم ، سمي باسم جعل عليه دليلا يعرف به إذا ذكر ؛ إذ كانت الأسماء العواري المفرقة بين الأشخاص المتشابهة إنما هي أدلة على المسمى بها ، لا مسألة عن شخص صفته النفع والفلاح والبركة . وذلك من كراهته صلى الله عليه وسلم ذلك ، نظير كراهته تسمية امرأة كانت تسمى برة ببرة ، حتى حول اسمها عن ذلك فسماها جويرية ، وكتحويله اسم أخرى من عاصية إلى جميلة ، وكتغييره اسم أرض طابت تدعى عفرة خضرة ، ونحو ذلك مما يكثر عدده ، سنذكر جميعه إن شاء الله في موضعه . ومعلوم أن تحويله صلى الله عليه وسلم ما حول من هذه الأسماء عما كانت عليه ، لم يكن لأن التسمية بما كان المسمى به منها مسمى قبل تحويله ذلك كان حراما التسمية به ؛ ولكن ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم على وجه الاستحباب ، واختيار الأحسن على الذي هو دونه في الحسن ، إذ كان لا شيء في القبيح من الأسماء إلا وفي الجميل الحسن منها مثله من الدلالة على المسمى به ، مع بينونة الأحسن بفضل الحسن والجمال ، من غير مؤونة تلزم صاحبه بسبب التسمي به . وكذلك كراهة من كره تسمية مملوكه عبد الله ، وعبد الرحمن ، إنما كانت كراهته ذلك ؛ حذارا أن يوجب ذلك له العتق بانفراده بهذا الاسم ، ولا شك أن جميع بني آدم لله عبيد أحرارهم وعبيدهم ، وصفهم بذلك واصف أو لم يصفهم ، ولكن كارهي التسمية بذلك صرفوا هذه الأسماء عن رقيقهم ؛ لئلا يقع اللبس على السامع لذلك من أسمائهم ؛ فيظن أنهم أحرار ؛ إذ كان استعمال أكثر الناس التسمية بهذه الأسماء في الأحرار ، فتجنبوا إلى ما يزيل اللبس عنهم من أسماء المماليك . وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا ، والذي به استشهدنا ، فالاختيار لكل من له مملوك أن يتجنب تسمية مملوكه بهذه الأسماء التي روينا عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تسميته بها ، وعن نظائرها ، وذلك كتسميته بنجاح ، فإنه نظير رباح ، وكتسميته سماحا ، وخيرا ، ونصرا ، وسعدا ، وكثيرا ، فإنه كما أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كره تسميته برباح ، ونافع - وإن كان خسارا وضارا ، لا رباحا ولا نافعا - حذارا من أن يقال : هل هناك رباح ، أو نافع ؟ فيقال : لا ، فكذلك ينبغي أن يتقى أن يقال : هناك نجاح ، أو سماح ، أو خير ، أو سعد ؟ فيقال : لا . وكذلك ينبغي أن يتجنب من تسميته من الأسماء بما كان نظيرا لما ذكرنا ، وله شبيها ؛ للعلة التي وصفنا من كراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسميته بالأسماء التي ذكرنا ، في الخبر الذي روينا عنه ، من غير أن يكون مسميه ببعض ذلك - إن سماه به - حرجا ، أو مكتسبا بتسميته به إثما ، أو متقدما به لله على معصية ، ولكنه متقدم بتسميته إياه به على خلاف ما اختاره له رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسميته مملوكه به من الأسماء
ذكر خبر آخر من أخبار عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مما روى عنه أبو قتادة الأنصاري
760 - حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا الحسن بن موسى الأشيب ، حدثنا أبو هلال ، حدثنا غيلان بن جرير المعولي ، حدثنا عبد الله بن معبد الزماني ، عن أبي قتادة ، عن عمر ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمررنا برجل ، فقالوا : يا رسول الله ، هذا لم يفطر منذ كذا وكذا ؟ فقال : « لا صام ولا أفطر » أو « ما صام وما أفطر » . فلما رأى عمر غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يسكنه ، فقال عمر : صوم يومين وإفطار يوم ؟ فقال : « أيطيق ذلك أحد » ؟ قال : يا رسول الله ، صوم يوم وإفطار يومين ؟ قال : « وددت أني طوقت لذاك » . قال : يا نبي الله ، فصوم يوم وإفطار يوم ؟ فقال : « ذلك صوم أخي داود » . قال : يا نبي الله ، فصوم يوم الاثنين ؟ قال : « ذلك يوم ولدت فيه ، ويوم أنزلت علي فيه النبوة » . قال : يا نبي الله ، فصوم يوم عرفة وعاشوراء ؟ كذا علمت قال . قال : « أحدهما يعدل السنة ، والآخر يكفره الباقي » ، أو قال : « أحدهما يكفر ما قبله وما بعده »
القول في علل هذا الحديث وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ؛ لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح . وذلك أنه خبر قد حدث به عن غيلان بن جرير جماعة ، فجعلوه عن أبي قتادة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثانية : أنه قد حدث به أيضا عن أبي قتادة غير عبد الله بن معبد ، فوافق فيه رواية من جعله عن أبي قتادة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عمر . والثالثة : أنه خبر لا يعرف له عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مخرج إلا من هذا الوجه
ذكر من حدث به عن غيلان بن جرير ، عن عبد الله بن معبد ، عن أبي قتادة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخل بين أبي قتادة وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحدا
761 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الأعلى السامي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن غيلان بن جرير ، عن عبد الله بن معبد الزماني ، عن أبي قتادة الأنصاري ، قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، كيف صومك ؟ أو كيف تصوم ؟ قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رئي الغضب في وجهه . وردد قوله : كيف صومك ؟ فلما سكت عنه الغضب ، أقبل عليه عمر فقال : أرأيت رجلا يصوم الدهر ؟ قال : « لا صام ولا أفطر » ، أو : « ما صام وما أفطر » . قال : يا رسول الله ، صوم ثلاثة أيام من الشهر ؟ قال : « ذلك صوم الدهر كله » . قال : يا نبي الله ، صوم يومين ، وإفطار يوم ؟ قال : « من يطيق ذلك » ؟ قال : فصوم يوم وإفطار يومين ؟ قال : « وددت أني أطيق ذلك » . قال : يا نبي الله ، فصوم يوم وإفطار يوم ؟ قال : « ذلك صوم أخي داود صلى الله عليه » . قال : يا نبي الله ، فصوم يوم عاشوراء ؟ قال : « يكفر السنة » . قال : يا رسول الله ، فصوم يوم عرفة ؟ قال : « يكفر السنة وما قبلها »
762 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن غيلان بن جرير ، سمع عبد الله بن معبد الزماني ، عن أبي قتادة الأنصاري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا ، وببيعتنا بيعة . قال : فسئل عن صيام الدهر ؟ فقال : « لا صام ولا أفطر » أو : « ما صام وما أفطر » . قال : وسئل عن صوم يومين وإفطار يوم ، قال : « ومن يطيق ذلك » . قال : وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم . قال : « ذلك صوم أخي داود » . قال : وسئل عن صوم الاثنين ، فقال : « ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت - أو أنزل علي - فيه » . قال : وقال : « صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، ورمضان إلى رمضان ، صوم الدهر » . قال : وسئل عن صوم يوم عرفة ؟ فقال : « يكفر السنة الماضية والباقية » . قال : وسئل عن صوم يوم عاشوراء ، فقال : « يكفر السنة الماضية » ، حدثني القاسم بن بشر بن معروف ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا شعبة ، عن غيلان بن جرير المعولي ، عن عبد الله بن معبد الزماني ، عن أبي قتادة الأنصاري ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فذكر نحوه ، إلا أنه زاد فيه : قال : ثم سئل عن صوم يوم وإفطار يومين ؟ فقال : « ليت أن الله قوانا لذلك » . وقال أيضا : وسئل عن صوم يوم عرفة ، فقال : « يكفر السنة الماضية ، والسنة المستقبلة » . قال : وسئل عن صوم يوم عاشوراء ، فقال : « يكفر السنة المستقبلة »
763
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، ح وحدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا أبي ، عن مهدي بن
ميمون ، عن غيلان بن جرير ، عن عبد الله بن معبد الزماني ، عن أبي قتادة أن رجلا
سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عاشوراء ، فقال : « أحتسب على الله
بكفارة سنة » . فقال : يا رسول الله ، فصوم يوم عرفة . فقال : « أحتسب على الله
كفارة (1) سنتين ، سنة ماضية ومستقبلة » . قال : يا رسول الله ، أرأيت رجلا يصوم
الدهر كله ؟ قال : « لا صام ولا أفطر » أو : « ما صام وما أفطر » . قال : يا رسول
الله ، أرأيت رجلا يصوم يوما ويفطر يوما ؟ قال : « ذاك صوم أخي داود » . قال : يا
رسول الله ، أرأيت رجلا يصوم يوما ويفطر يومين ؟ قال : « وددت أني طوقت ذلك » .
قال : يا رسول الله ، أرأيت رجلا يصوم يومين ويفطر يوما ؟ قال : « ومن يطيق ذلك ؟
»
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب
ذكر من حدث ببعض هذا الحديث عن أبي قتادة ، فوافق في روايته إياه الذين لم يدخلوا بين أبي قتادة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا
764 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن إياس بن حرملة ، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « صوم يوم عاشوراء يكفر سنة ، وصوم يوم عرفة يكفر سنة ماضية ، وسنة مستقبلة »
765
- حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، وأحمد بن المقدام العجلي ، وسليمان بن ثابت الخزاز
الواسطي ، جميعا عن سفيان بن عيينة ، عن داود بن شابور ، عن أبي قزعة ، عن أبي
الخليل ، عن أبي حرملة ، عن أبي قتادة ، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم : « صوم
عرفة يعدل السنة والتي تليها ، وصوم عاشوراء يعدل كفارة (1) سنة »
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب
766
- حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، ح وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن ابن
أبي ليلى ، عن عطاء ، عن أبي الخليل ، عن أبي قتادة ، قال : قال النبي صلى الله
عليه وسلم : « صوم يوم عرفة كفارة (1) سنتين : ماضية ومستقبلة ، وصوم يوم عاشوراء
كفارة سنة » وقد وافق عمر رحمة الله عليه فيما روى عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم مما ذكر عنه في هذا الخبر ، جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وإن كان سياقهم ذلك مخالفا سياق عمر ؛ بتفريقهم كل معنى من ذلك منفردا ، والرواية
دون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جميع ذلك في موطن واحد ، كالذي
ذكرناه عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي رويناه قبل ، ونحن
ذاكرو موافقيه في روايتهم ، كل ذلك على ما انتهى إلينا ونقل عنه إن شاء الله ،
وموضحو البيان عن جميعه بعد فراغنا منه . ذكر موافقي عمر في روايته عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم النهي عن صيام الدهر
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب
767 - حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد ، أنبأنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن صيام الدهر ، فقال : « لا صام ولا أفطر » ، أو : « ما صام وما أفطر »
768 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا يزيد بن هارون ، وأبو داود ، قالا : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من صام الدهر ما صام وما أفطر » ، أو : « لا صام ولا أفطر » ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله حدثنا ابن المثنى ، حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن مطرف ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
769 - حدثني العباس بن الوليد العذري ، أخبرني أبي ، سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني قتادة بن دعامة ، حدثني مطرف بن عبد الله بن الشخير ، قال : حدثني أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لرجل ذكر عنده أنه يصوم الدهر ، فقال : « لا صام ولا أفطر »
770 - حدثني عصام بن رواد بن الجراح العسقلاني ، حدثنا أبي ، حدثنا الأوزاعي ، عن قتادة ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن أبيه ، قال : بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فتذاكروا الأعمال ، فذكروا رجلا يصوم الدهر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا صام ولا أفطر »
771 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا الجريري ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن مطرف ، عن عمران بن الحصين ، قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فلانا لا يفطر نهار الدهر . قال : « لا أفطر ولا صام »
772 - حدثني عصام بن رواد ، حدثنا أبي ، حدثنا الأوزاعي ، عن عطاء ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من صام الأبد فلا صام »
773 - حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من صام الأبد فلا صام »
774 - حدثني يونس ، أنبأنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، حدثني عطاء بن أبي رباح ، حدثني من ، سمع ابن عمر ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صام الأبد فلا صام » حدثني العباس بن الوليد البيروتي ، أخبرني أبي ، سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني عطاء بن أبي رباح ، قال : حدثني من سمع ابن عمر ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكر مثله
775 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا محمد بن مصعب ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عمرو ، قال أبو جعفر : هكذا حدثنا به الحسين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من صام الأبد فلا صام »
776 - حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا يحيى بن عيسى ، عن عبيدة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا صام من صام الأبد »
777 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن مسعر ، وسفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، قال أبو جعفر : أبو العباس السائب بن فروخ الشاعر الذي قال : إني وجدت الشعر في فعل أصم فلم أزل أضربه حتى انفصم مولى بني أمية عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صام من صام الأبد » ، حدثني محمد بن عبد الله المخرمي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
778 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صام من صام الأبد »
779 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أسباط ، عن مطرف ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صام من صام الأبد »
780 - حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا حماد بن يحيى الأبح ، عن سعيد بن ميناء ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا نبي الله ، إني رجل أسرد الصوم ، أفأصوم الدهر ؟ قال : « لا »
781 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا الحسين بن واقد ، عن أبي عمرو الندبي ، عن أبي سعيد الخدري : « أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أصوم الدهر ؟ فنهاه »
782 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، وابن بشار ، قالا : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي تميمة ، عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الذي يصوم الدهر تضيق عليه جهنم كضيق هذه » ، وعقد تسعين ، حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي تميمة ، عن الأشعري بنحوه
783 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي تميمة طريف الهجيمي أن الأشعري ، قال : « من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا » وعقد تسعين
784 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت أبا تميمة الهجيمي ، قال : سمعت أبا موسى يخطب على منبر البصرة وهو يقول : « من صام الأبد ضيقت عليه جهنم هكذا » وعقد تسعين ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أبي تميمة ، عن الأشعري ، بنحوه غير مرفوع
ذكر البيان عن معاني الأخبار التي ذكرناها بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر وذكر اختلاف السلف في ذلك اختلف العلماء من السلف في صوم الدهر ، فقال بعضهم بتصحيح الأخبار التي ذكرناها ، وقالوا : غير جائز لأحد صوم الدهر ، وإن أفطر الأيام المحرم صومهن . وقالوا : من صام الدهر فقد تقدم على نهي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأثم بربه ؛ لتجشيمه نفسه ما يضر بها ، وتكليفه إياها من العمل الذي قد نهاه الله عز وجل عنه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما لا طاقة لها به
ذكر من قال بذلك
785 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، أنبأنا إسحاق الأزرق ، عن شريك ، عن عاصم بن كليب الجرمي ، عن نباتة أو ابن نباتة الحارثي ، قال : أتيت على أبي ذر بالربذة ، فقلت له : إن رجلا أمرني أن أسألك ، فإنه يصوم الدهر . قال : فغضب وقال : « لا صام ولا أفطر - أو : لم يصم ولم يفطر » ، فقال له رجل : كيف صومك أنت يا أبا ذر ؟ قال : « إني لأرجو أن أكون أصوم الدهر » ، قال : قلت : يرحمك الله ، فذلك الذي يفعل صاحبي . قال : « إني لأصوم من كل شهر ثلاثة ؛ وذلك بأن الله تعالى يقول : الحسنة بعشر أمثالها »
786 - حدثنا محمد بن خلف ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا صالح بن عمر ، عن عاصم بن كليب ، عن سلمة بن نباتة الحارثي ، قال : خرجنا عمارا أو حجاجا ، فمررنا بالربذة ، فلقينا أبا ذر ، قال : فسأله رجل عن رجل يصوم الدهر إلا الفطر والأضحى . قال : « لم يصم ولم يفطر » فعاوده ، فقال مثل ذلك ، فسأله بعض القوم : كيف تصوم ؟ قال : « أطمع من ربي أن أصوم الدهر كله » ، قال : فهذا الذي عبت على صاحبي . قال : « كلا ، أصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، وأطمع من ربي أن يجعل لي مكان كل يوم عشرة أيام ، وذلك صوم الدهر كله »
787 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن شبيب ، عن سلمة بن هرثمة ، عن مسروح بن الحكم ، قال : صحبت سلمان فصمت يوما ، فقال : « حسن » . ثم صمت يوما آخر ، فقال : « حسن » . ثم صمت يوما آخر ، فقال : « حسن » . ثم صمت يوما آخر ، فقال : « إن لنفسك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، وإن لضيفك عليك حقا ، وإن صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله »
788
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا هشام بن عبد الملك ، حدثنا شعبة ، أخبرني يحيى بن عمرو
بن سلمة الهمداني ، قال : سمعت أبي يقول : سئل ابن مسعود عن صوم الدهر ، فكرهه ،
وسئل عما دون ذلك (1) ، فقال : « صيام ثلاثة أيام من الشهر »
__________
(1) دون ذلك : أقل منه
789
- حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد ، أنبأنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن إسماعيل بن
أبي خالد ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن عمر بن الخطاب ، قال : بلغه أن رجلا يصوم
الدهر ، فبعث إليه ، فجعل يضربه بالمخفقة (1) ويقول : « كل يا دهر »
__________
(1) المخفقة : الدِّرَّة التي يضرب بها
790 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، أنبأنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي عمرو الشيباني ، قال : بلغ عمر بن الخطاب أن رجلا يصوم الدهر ، قال : فجعل يضربه بالدرة ويقول : « كل يا دهر ، كل يا دهر »
791 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا أبو إسحاق ، عن عبد الله بن شداد ، قال : « من صام الدهر فلا صام ولا ترك » وسألت مسروقا وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، فكرهوه كلهم
792 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق : أن ابن أبي نعم كان يصوم الدهر - أو قال : كان رجل يصوم الدهر - فقال عمرو بن ميمون : « لو أدرك هذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجموه » واعتل قائلو هذه المقالة لقولهم هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن صوم الدهر ؛ لما في ذلك من الإضرار بالنفس والحمل عليها ، في منعها شهوتها من الطعام والشراب ، وحاجتها من القوت والغذاء الذي به قوامها وقوتها على ما هو أفضل من الصوم ، كالصلاة النافلة ، وقراءة القرآن ، والجهاد في سبيل الله عز وجل ، وقضاء حق الزور والضيف . قالوا : وذلك بين في أخبار كثيرة مروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحاح ، وأن نهيه عن صوم الدهر إنما كان لما ذكرنا من العلة . قالوا : ولو كان المفطر الأيام المنهي عن صومهن ، غير داخل بصومه أيام السنة كلها سواهن في صائمي الدهر ؛ لم يكن لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو - إذ نهاه عن صوم الدهر : « إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ، ونفهت له النفس » ، وقوله : « لا تفعل ، فإن لجسدك عليك حقا ، وإن لعينيك عليك حقا ، وإن لزوجك عليك حقا ، وإن لزورك عليك حقا » - معنى معقول ؛ لأنه ليس في صوم يومين أو ستة أيام ما يوجب له هذه المعاني ، وإن كان صوم سائر أيام السنة غير موجبها له . قالوا : وإذ كان معلوما أن السبب الذي من أجله نهى صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر هو ما ذكرنا ؛ صح بذلك ما قلنا من أن نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر مقصود به سرد الصوم من الأيام الكثيرة تباعا ، لا إفطار بينهن ، كالشهر والأشهر ، وإن أفطرت الأيام المنهي عن صومهن . ذكر قول من خالف قولنا في ذلك ، ذكر الأخبار التي اعتل بها قائلو هذه المقالة لقولهم هذا
793
- حدثنا ابن وكيع ، حدثنا جعفر بن عون ، عن أبي العميس ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن
أبيه ، قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء ، فجاء
سلمان يزور أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة (1) ، فقال : ما لك ؟ قالت : إن
أخاك ليست له حاجة في النساء ولا الدنيا ، يصوم النهار ويقوم الليل . قال : وجاء
أبو الدرداء ، فرحب به سلمان ، ثم دعا له بطعام ، فقال : ما أنا بطاعم اليوم حتى
تطعم . قال : وأكل وبات عنده ، فلما كان من الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان
وقال : « إن لربك ولجسدك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه . فلما كان السحر ، قال له : قم
الآن . فقاما فركعا ، ثم خرجا إلى الصلاة » فذكر ذلك أبو الدرداء للنبي صلى الله
عليه وسلم ، فقال له مثل ما قال سلمان
__________
(1) التبذُّل : ترك التزيُّن والتجمُّل
794 - حدثني العباس بن الوليد البيروتي ، أخبرني أبي ، سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟ » . قال : قلت : بلى يا رسول الله . قال : « فلا تفعل ، نم وقم ، وصم وأفطر ، فإن لجسدك عليك حقا ، وإن لعينك عليك حقا ، وإن لزوجك عليك حقا ، وإن لزورك عليك حقا ، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، وإن كل حسنة بعشر أمثالها ، وإذا ذاك صيام الدهر كله » . قال : فشددت ؛ فشدد علي ، قلت : يا رسول الله ، إني أجد قوة . قال : « فصم من كل جمعة ثلاثة أيام » . قال : فشددت ؛ فشدد علي ، قلت : يا رسول الله : إني أجد قوة . قال : « فصم صيام نبي الله داود ، لا تزد على ذلك » . قال : قلت : وما كان صيام نبي الله داود ؟ قال : « نصف الدهر »
795
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أسباط ، عن مطرف ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس
، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بلغني أنك
تقوم الليل وتصوم النهار . قال : قلت : يا رسول الله ، ما أريد بذلك إلا الخير .
قال : » فلا تفعل ، فإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين (1) ، ونفهت له النفس ، ولا
صام من صام الأبد . ألا أدلك على صوم الدهر ؟ ثلاثة أيام من كل شهر « . قال : قلت
: فإني أطيق أفضل من ذلك . قال : » فصم خمسا « . قلت : فإني أطيق أفضل من ذلك .
قال : » فصم صوم داود ، كان يصوم يوما ويفطر يوما «
__________
(1) هجمت العين : غارت ودخلت في موضعها
796
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن بشر ، عن مسعر ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي
العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألم
أنبأ أنك تقوم الليل وتصوم النهار » ؟ قلت : نعم . قال : « إنك إذا فعلت ذلك هجمت
له العين (1) ، ونفهت له النفس ، فصم من كل شهر ثلاثة أيام ، فذلك صوم الدهر - أو
كصوم الدهر » . قلت : إني أجد بي قوة . قال : « صم صوم داود ، كان يصوم يوما ويفطر
يوما ، ولا يفر إذا لاقى »
__________
(1) هجمت العين : غارت ودخلت في موضعها
797 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا عبد الله بن عمرو إنك تصوم الدهر وتقوم الليل ، وإنك إذا فعلت ذلك هجمت العينان ، ونهمت له النفس ، لا صام من صام الأبد ، صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله » . قال : قلت : يا رسول الله ، إني أطيق أكثر من ذلك . قال : « صم صوم داود ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى » وقال آخرون بمثل قول هؤلاء في تصحيح الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن صوم الأبد ، غير أنهم خالفوهم في معانيها . فقالوا : معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الأبد ، أن يصام الدهر كله ، فلا يفطر الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومهن . قالوا : فأما إذا أفطر الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومهن ، فغير داخل في معنى قوله : « لا صام من صام الأبد » ، ولا هو بفعله ذلك متقدم على نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هو لله عز وجل مطيع ، وبثوابه على صومه له مستحق . واعتلوا أيضا بأن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صام بعضهم الدهر كله بعلم منه عليه السلام ، وبعضهم بغير علمه ، فلم يفطروا إلا الأيام المنهي عن صومهن ، فلم ينكر صلى الله عليه وسلم على من علم ذلك من فعله
ذكر من فعل ذلك وقاله
798 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : « كانت عائشة تصوم الدهر »
799 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة : « كانت تصوم الدهر . قال : قلت : الدهر ؟ قال : كانت تسرد »
800 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، أخبرني سعد بن إبراهيم : أن عائشة كانت تصوم الدهر . قال : فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن القاسم ، فقال : سمعت القاسم ، يقول : كانت عائشة تصوم الدهر . قال : قلت : تصوم الدهر ؟ قال : كانت تسرد
801 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة : « أنها كانت تصوم الدهر ، تسرد »
802 - حدثنا محمد بن معمر البحراني ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن حبيبة ابنت عمرو ، عن أم كلثوم ، قال : قيل لعائشة : تصومين الدهر ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر ؟ قالت : « نعم قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام الدهر ، ولكن من أفطر يوم الفطر ويوم النحر ، فلم يصم الدهر »
803 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا حماد يعني ابن سلمة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن عمر كان يسرد الصوم قبل موته سنتين
804 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن أنس ، قال : « كان أبو طلحة يقل الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مات ، كان لا يفطر إلا في سفر أو مرض »
805
- حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم القرشي ، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد
، أنبأنا حيوة بن شريح ، أنبأنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير ، يحدث عن أبي
مراوح ، قال : كان حمزة بن عمرو الأسلمي يصوم الدهر ، فيصوم في السفر وفي الحضر ،
وكان عروة بن الزبير يصوم الدهر ، فيصوم في السفر وفي الحضر (1) ، حتى إن كان
ليمرض فما يفطر ، وكان أبو مراوح يصوم الدهر ، فيصوم في السفر وفي الحضر
__________
(1) الحضر : الإقامة والاستقرار
806 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : « أنه كان يصوم الدهر »
807
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الأعلى ، أنبأنا سعيد ، عن قتادة ، قال : « إذا أفطر
يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق (1) ، لم يدخل في صوم الدهر » واعتل قائلو هذه
المقالة لقولهم هذا بأن قالوا : إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم
الأبد وصوم الدهر . قالوا : ومن أفطر من السنة بعضها ، لم يستحق أن يوصف بأنه صام
الأبد ، إذ كان لا خلاف بين الجميع في أن حالفا لو حلف لا يكلم رجلا سماه ، أبدا
أو الدهر ، فكلمه ساعة من دهر أنه حانث . فمعلوم بذلك أن الدهر والأبد إنما هو
أيام حياة المرء إلى حين وفاته ، فمن أفطر في بعضه كان غير صائم الأبد . قالوا :
وأخرى ، أن الأيام التي حظر صومها على صائم الأبد ، غير الأيام المنهي عن صومها
ممن حظر ذلك عليه ، ولا يخلو من أن يكون جائزا لغيره من المسلمين صومها ، أو يكون
ذلك محظورا على جميع المسلمين . فإن يكن جائزا صومها لغيره من المسلمين ، فسبيله
سبيل غيره فيما يجوز له من ذلك ، إذ كان ما تقدم ذلك من صومه أو تأخر ، لا يحرم
عليه صومه ما أطاق وإن كان ذلك محظورا على جميعهم ، فحكمه في ذلك حكمهم . قالوا :
وفي إجماع الجميع من أهل العلم أن لغيره أن يصوم تلك الأيام ، أوضح الدلالة على أن
له من ذلك مثل الذي لهم منه . قالوا : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم
شعبان كله فيصله برمضان ، من غير إفطار بينهما . قالوا : فلو كان غير جائز للمرء
صوم أيام السنة كلها - إذا هو أفطر الأيام المنهي عن صومهن - لدخوله في معنى من
صام الأبد ؛ لكان صلى الله عليه وسلم لا يوالي بين صوم شهرين من غير إفطار بينهما
، إذ كان أخذ ذلك من بدن الصائم وقواه ، نظير أخذ صوم السنة وأكثر . قالوا : وفي
جواز موالاة الموالي بين صوم الشهرين ، عند منكري صوم الأبد ، إذا أفطر الأيام
المنهي عن صومهن ، أوضح الدليل على أن أولى القولين في ذلك بالصواب ، قول من أطلق
صوم الأيام كلها ، إذا أفطر الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
صومهن . قالوا : وقد قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال إذ سئل عن
صوم الدهر : « لا صام ولا أفطر » ، لمن صام حتى هلك من صومه ، ورووا بذلك خبرا
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
808 - حدثنيه يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن خالد ، عن أبي قلابة : « أن امرأة صامت حتى ماتت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » لا صامت ولا أفطرت « قالوا : ومن صام حتى بلغ به الصوم هذا الحد ؛ فلا شك أنه بصوم ذلك آثم . والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن صوم الأبد غير جائز ، وإن من صامه فقد دخل فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وتحمل بفعله ذلك من الإثم عظيما . وذلك إذا صام الدهر كله ، فلم يفطر الأيام المنهي عن صومهن . وإن أطاق المرء صوم الدهر ، ولم تكن له زوجة ، ولم ينهك صومه ذلك بدنه ، ولا أضر به ، ولم يضعفه عن شيء من فرائض الله عز وجل ، لا عن النوافل المؤكدة ، فصام ذلك ، وأفطر الأيام المنهي عن صومهن ، فقد دخل في ما كره له رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ؛ وذلك لصحة الأخبار عنه بقوله عليه السلام : » أحب الأعمال إلى الله ما ديم عليه وإن قل « ، وقوله عليه السلام لأمته : » اكلفوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا « ، وأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملا داوم عليه ، وقوله لرجل من أصحابه : » يا فلان ، لا تكن كفلان ، كان يقوم الليل فترك قيام الليل « ، وقوله لعبد الله ، إذ أذن له في صوم يوم وإفطار آخر ، فقال له : إني أجدني أقوى : » إنك لعلك أن يطول بك العمر فتضعف « . فإذا كان غير مأمون على المرء أن يبلغ من السن ما يضعف عن المداومة على ما ألزم نفسه من صوم الأبد معها ، وإن أفطر الأيام المنهي عن صومهن ، فالصواب له أن يكلف منه ما إن ضعف بدنه أطاق عمله . ولست - وإن كرهت له ذلك ؛ لكراهة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه له - بمؤثمه في فعله ، وملحقه في ركوبه ما ركب من ذلك ، بحكم الذي صام الدهر كله ، فلم يفطر الأيام المنهي عن صومهن ؛ لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي
809
- حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد ،
أنبأنا حيوة بن شريح ، أنبأنا أبو الأسود ، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن أبي
مراوح ، عن حمزة الأسلمي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : يا رسول
الله ، إني أسرد (1) الصيام ، أفأصوم في السفر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « إنما هي رخصة من الله للعباد ، فمن قبلها فحسن جميل ، ومن تركها فلا جناح
عليه » ، فكان حمزة يصوم الدهر ، فيصوم في السفر وفي الحضر
__________
(1) السرد : المتابعة بين الأيام في الصوم
810
- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمران بن أبي
أنس ، عن حنظلة بن علي ، وسليمان بن يسار ، وعن أبي مراوح ، عنهم جميعا ، عن حمزة
بن عمرو الأسلمي ، قال : كنت امرأ أسرد (1) الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فسألته ، فقلت : يا رسول الله ، إني أصوم فلا أفطر ، أفأصوم في السفر ؟ قال
: « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر » فلم ينه صلى الله عليه وسلم حمزة بن عمرو عن سرد
الصوم ، إذ أخبره أنه يسرده ، وأنه سرده وصام الدهر هو وجماعة من الصحابة
والتابعين لهم بإحسان ، على ما قد ذكرت الرواية عنهم . فإن كان صومه الدهر - على
إفطاره الأيام المنهي عن صومهن - مضرا ببدنه ، أو حائلا بينه وبين أداء شيء من فرائض
الله عز وجل ، كالجهاد عند وجوبه عليه ، وحضوره حرب المسلمين أهل الكفر بالله
تعالى ، وعند التقائهم للقتال ، أو كالصلاة المكتوبة ، أو غير ذلك من حقوق الله
التي تلزمه ، فلم يفطر وصام ، وأثر صومه ذلك على الفرائض التي لزمته حتى أعجزه ذلك
عنها ، كان حكمه فيما يلحقه من المأثم عندي ، حكم الذي صام الدهر ، فلم يفطر
الأيام المنهي عن صومهن ، أو أعظم منه إثما ؛ لتضييعه ما أوجبه الله تعالى عليه من
فرائضه . وإن كان صومه الدهر مع إفطاره الأيام المنهي عن صومهن لا يورث بدنه عن
أداء شيء من فرائض الله ضعفا ، ولكنه يورثه ضعفا عما هو أفضل منه من نوافل الأعمال
؛ كرهت له صومه ذلك ، وأحببت له الإفطار وإيثار الأفضل من نوافل الأعمال عليه ؛
لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي
__________
(1) السرد : المتابعة بين الأيام في الصوم
811 - حدثنا به أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن مسعر ، وسفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أفضل الصوم صوم أخي داود ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى »
812 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن بشر ، عن مسعر ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صم صوم داود ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى » ، حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . فأخبر صلى الله عليه وسلم أن فضل صوم داود نبي الله صلى الله عليه وسلم على غيره إنما كان من أجل أنه كان مع صومه ذلك لا يضعف عن القيام من الأعمال التي هي أفضل من الصوم ، وذلك ثبوته لحرب أعداء الله عند التقاء الزحوف ، وتركه الفرار منهم هنالك والهرب . فإذ كان صلى الله عليه وسلم إنما قضى لصوم داود بالفضل على غيره من معاني الصوم النفل ؛ لما ذكرنا من السبب ، فكل من كان صومه لا يورثه ضعفا عن أداء فرائض الله تعالى ، وعما هو أفضل من صومه ذلك من نفل الأعمال في حال من أحوال عمره وهو صحيح ، فغير مكروه له صومه ذلك . وكل من أضعفه صومه النفل عن أداء شيء من فرائض الله عز وجل ؛ فغير جائز له أن يصوم صومه ذلك ، بل هو محظور عليه ، وهو بصومه ذلك حرج ، فإن لم يكن يضعفه صومه ذلك عن أداء شيء من فرائض الله ، وكان يضعفه عما هو أفضل منه من نفل الأعمال ، فإن صومه ذلك له مكروه ؛ غير محبوب ، وإن لم يؤثمه ؛ للذي وصفنا من تركه ما اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته من ذلك على غيره
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أيضا جماعة من السلف ، ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم
813 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، وحدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، جميعا ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله كان يقل الصوم ، فقيل له ، فقال : « إني إذا صمت ضعفت عن الصلاة ، والصلاة أحب إلي من الصوم »
814 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله ، قال : « إذا صمت ضعفت عن الصلاة ، والصلاة أحب إلي من الصيام » فكان لا يكاد يصوم ، وإن صام صام ثلاثة أيام
815 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ح وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : كان عبد الله يقل الصوم ، فقيل له ، فقال : « إني إذا صمت ضعفت عن قراءة القرآن ، وقراءة القرآن أحب إلي من الصوم »
816 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، ح وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عبد الكريم الجزري ، عن أبي عبيدة بن عبد الله ، عن أمه ، قالت : ما رأيت ابن مسعود صام من السنة إلا يومين . قال أبو عبيدة : « ما أدري أي يومين هما ؟ »
817 - حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا أبو النضر ، حدثنا شعبة ، قال : ثابت أخبرنا قال : سمعت أنسا ، قال : « كان أبو طلحة لا يكاد يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيته مفطرا إلا يوم فطر أو أضحى » ، حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا شعبة ، عن حميد ، عن أنس ، عن أبي طلحة ، بمثله
818 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، ح وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، قال : كان أبي يكثر الصوم ، فسألت إبراهيم ، فقال : « كانوا يقولون : الصوم أقل أنواع البر أجرا »
819 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن الحكم ، قال : « كان من أقل أعمالهم الصوم » فإن قال قائل : فهل تحد - لمن أحب إلزام نفسه من الصوم النفل ما ألزم نفسه من نفل الصلاة وقتا من بعض الليل - حدا لا يكون بإلزامه نفسه ذلك داخلا في الذي تكره له منه ؟ قيل : قد بينا فيما مضى أن الذي ينبغي لكل امرئ من أهل الإسلام أن يلزم نفسه من نفل أعمال الخير ، ما كان الأغلب عنده أن نفسه له مطيقة ، وهي على الإدمان عليه قادرة ، وما يخف عليها احتماله ، ولا يثقل عليها تكلفه ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اكلفوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا » ، وكما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه المرء وإن قل » . فإن كانت نفس العبد مطيقة أداء فرائض الله عز وجل ، غير ضعيفة عن شيء منها ، نشيطة لنوافل الأعمال التي هي أفضل من الصوم ، ولم يكن الصوم يضعفها ولا يعجزها عن شيء من ذلك ، فإن أحسن ما تكلف من نفل الصوم صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، بعد أداء فرض الله عز وجل الذي أوجبه عليه من صوم شهر رمضان ، فإن ذلك أربى للجسم القوي أن يطيق الدوام عليه وإن طالت حياته ، وأقرب للضعيف إلى السلامة مما يخاف عليه ، بتكلفه أكثر منه ، من تضييع فرض ، أو تفريط فيما هو أفضل منه من نفل ، ورجونا له مع ذلك أن يكون له في الأيام التي أفطرها من الشهر بعد ذلك من الثواب والأجر ، مثل الذي كان له منه في الأيام التي صامها ؛ لأنه تعالى ذكره قد أخبر عباده المؤمنين أن من جاء منهم بالحسنة فله عشر أمثالها . وبنحو الذي قلنا في ذلك تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمل به السلف ، واختاره على سائر الصوم غيره . ذكر الأخبار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك
820 - حدثني أحمد بن عثمان بن عبد النور المعروف بأبي الجوزاء ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، قال : سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة : أن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أني أقول : لأصومن النهار ولأقومن الليل . قال : « أنت الذي قلت كذا وكذا » ؟ قلت : نعم . فقال : « إنك لا تستطيع ذلك ، فأفطر وصم ، ونم وقم ، صم من الشهر ثلاثة أيام ، إن الحسنة بعشر أمثالها ، فذلك صوم الدهر » ، حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول : لأصومن الدهر ، ولأقومن الليل ما عشت . ثم ذكر نحوه
821 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا شعيب بن الليث ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألم أخبر أنك تصوم النهار لا تفطر ، وتصلي الليل لا تنام » ؟ قلت : بلى . قال : « بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، فيكون ذلك كصيام الدهر »
822 - حدثنا يحيى بن درست السري ، حدثنا أبو إسماعيل القناد ، حدثنا يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه عن عبد الله بن عمرو ، قال : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرتي فقال : « ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار » ؟ قلت : بلى . قال : « لا تفعل ، إن حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، فذلك صيام الدهر كله ، بالحسنة عشر أمثالها » ، حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثني حسين المعلم ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه . حدثني العباس بن الوليد العذري ، أخبرني أبي ، قال : سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
823 - حدثني أبو كريب ، حدثنا محمد بن بشر ، ومسعر ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صم من كل شهر ثلاثة أيام ، فذلك صوم الدهر أو كصوم الدهر » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أسباط ، عن مطرف ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
824 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله »
825 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا شعبة ، عن زياد بن فياض ، قال : سمعت أبا عياض ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صم من الشهر يوما ، ولك أجر ما بقي »
826 - حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت البناني ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « صوم شهر الصبر ، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، صوم الدهر »
827
- حدثني محمد بن معمر البحراني ، حدثنا أبو هشام ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا عاصم
، عن أبي عثمان ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صيام
ثلاثة أيام من كل شهر كصيام السنة كلها » . قال : فصدق الله رسوله في كتابه فقال :
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها (1)
__________
(1) سورة : الأنعام آية رقم : 160
828 - حدثني مخلد بن الحسن ، حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن جرير بن عبد الله البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر ، أيام البيض صبيحة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة »
829 - حدثني محمد بن إسحاق ، حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد يعني ابن أبي أنيسة ، عن أبي إسحاق ، عن جرير بن عبد الله ، قال : « صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر ، صبيحة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة » ذكره جرير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
830 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وإفطاره »
831 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، قال : سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صوم ثلاثة أيام من الشهر صوم الدهر وإفطاره »
832 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من صام ثلاثة أيام من الشهر ، فذلك صوم الدهر وإفطاره »
833
- حدثني العباس بن أبي طالب ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن يزيد ، حدثنا
معاوية بن قرة ، عن كهمس الهلالي ، قال : أسلمت ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبرته بإسلامي ، ثم غبت عنه حولا (1) ، ثم رجعت إليه وقد ضمر بطني ونحل جسمي ،
فخفض في الطرف ثم رفعه . قال : قلت : وما تعرفني ؟ قال : « ومن أنت » ؟ قلت : أنا
كهمس الهلالي الذي أتيتك عام أول . قال : « ما بلغ بك ما أرى » ؟ قلت : ما أفطرت
بعدك نهارا ، ولا نمت ليلا . قال : « ومن أمرك أن تعذب نفسك ؟ صم شهر الصبر ، ومن
كل شهر يوما » . قلت : زدني . قال : « صم شهر الصبر ، ومن كل شهر يومين » . قال :
قلت : زدني فإني أجد قوة . قال : « صم شهر الصبر ، ومن كل شهر ثلاثة أيام »
__________
(1) الحول : العام أو السنة
834 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ح وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن الأسود بن شيبان ، عن أبي نوفل بن أبي عقرب ، عن أبيه ، قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم ، فقال : « صم يوما من الشهر » . قلت : يا رسول الله ، إني أقوى . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إني أقوى ، إني أقوى صم يومين من الشهر » . قلت : يا رسول الله ، زدني . فقال النبي عليه السلام : « زدني ، زدني صم ثلاثة أيام من كل شهر »
835 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أنس بن سيرين ، عن عبد الملك بن المنهال ، عن أبيه ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام البيض ، وقال : « هو صوم الدهر »
836 - حدثني عبد الله بن الحجاج بن المنهال الأنماطي ، حدثنا أبي ، حدثنا همام بن يحيى ، حدثنا أنس بن سيرين ، حدثنا عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ليالي البيض : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة ، وقال : « هو كهيئة الدهر » يعني صومه
ذكر من قال ذلك من السلف وفعله
837 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن كثير بن مرة ، قال : حدثنا معاذ بن جبل ، قال : « لتصومن الدهر كله ، أو لتخضمن الدهر كله . قيل له : وما ذاك ؟ قال : صوم ثلاثة أيام من كل شهر »
838 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن كثير بن مرة ، قال : كنا عند معاذ بن جبل ، فقال : « إني صائم » . قال : فأتي بطعام فأكل ، فقلنا : يا أبا عبد الرحمن ، ألم تقل إني صائم ؟ فقال : « إني صمت ثلاثة أيام ، فذلك صوم الدهر كله »
839 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، قال : « صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر ، وهن يذهبن وحر الصدر »
840 - حدثنا أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عمارة بن عبد ، قال : قال علي : « صوم شهر الصبر ، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر ، وهن يذهبن بلابل الصدر »
841
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا الجريري ، عن أبي السليل ، عن
نعيم بن قعنب الرياحي ، قال : أتيت أبا ذر ، فدعا المرأة لي بطعام ، فجاءت بثريدة
(1) كأنها قطاة (2) ، فقال : « كل ، لا أهولنك ، فإني صائم » ثم قام يصلي ، فجعل
يهذب الركوع ويخفه . قال : ورأيته تحرى أن أشبع أو أقارب ، ثم جاء فوضع يده معي ،
فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال : « ما شأنك ؟ » ، فقلت : من كنت أخشى أن
يكذبني من الناس ، فما كنت أخشى أن تكذبني ، فقال : « لله أبوك ، إن كذبتك كذبة
منذ لقيتني » فقلت : ألم تخبرني أنك صائم ؟ فقال : « بلى إني صمت ثلاثة أيام من
هذا الشهر ؛ فوجب لي أجره ، وحل لي الأكل معك »
__________
(1) الثريد : الطعام الذي يصنع بخلط اللحم والخبز المفتت مع المرق وأحيانا يكون من
غير اللحم
(2) القطاة : نوع من اليمام
842
- حدثنا موسى بن سهل الرملي ، حدثنا القعنبي إسماعيل بن مسلمة بن قعنب ، حدثني حرب
بن الخليل ، عن عطاء العطار ، عن نعيم بن قعنب ، قال : أتيت أبا ذر ومعه امرأته ،
فعاج برأسه إلى امرأته ، فجاءته بثريدة كأنها قطاة (1) ، فقال : « كل ولا أهولنك ،
فإني صائم » ، قال : فجعلت آكل ، ورأيته يتحين شبعي ، حتى إذا شبعت ، أو قاربت
شبعي ، وضع يده فجعل يأكل معي . قال : فقلت : سبحان الله يا أبا ذر ، من كنت أرى
من الناس يكذبني ، لم أكن أراك تكذبني ، قال : « وما ذاك ، لله أبوك ؟ ما كذبتك
كذبة منذ رأيتني » قال : قلت : ألم تخبرني آنفا أنك صائم ، وأنت هذا تأكل ؟ قال :
« إني صمت ثلاثة أيام ، فوجب لي صومه ، وحل لي الطعام معك »
__________
(1) القطاة : نوع من اليمام
843 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، عن عبد الله بن شقيق ، عن أبي ذر أنه دعي إلى طعام ، فقال : « إني صائم » . ثم رئي بعد ذلك يأكل ، فقيل له ، فقال : « إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، فذلك صوم الدهر »
844 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، عن إسرائيل ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : أن أبا هريرة دعي إلى طعام ، فقال : « إني صائم » . ثم أكل ، فقيل له ، فقال : « إني صمت ثلاثة أيام من الشهر »
845 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، عن أبي يونس القوي ، قال : سمعت سعيد بن جبير ، يقول : « صوم ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر » وأما ما روي عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر الذي ذكرناه من حديث أبي قتادة عنه في صوم يوم عرفة ، ويوم عاشوراء ، فلا أعرف أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم روي عنه الوفاق له في رواية ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه يصح سنده ، ولكن ذلك قد روي عن بعضهم بأسانيد فيها نظر عندنا . فمما روي في ذلك في صوم يوم عرفة ما
846 - حدثنا به محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : قرأت على فضيل ، عن أبي حريز ، أنه سمع سعيد بن جبير ، يقول : سأل رجل عبد الله بن عمر عن صوم يوم عرفة ، فقال : « كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدله بصوم سنة »
847 - وحدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، حدثنا عبد الله بن أبي شيبة ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن أبي حفص الطائفي ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صام يوم عرفة غفر له سنتين متتابعتين » فهذا ما في صوم يوم عرفة ، من رواية موافقي عمر في روايته ما روي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على ما في إحداهما من الخلاف لمعنى حديثه الذي حدث به عنه أبو قتادة ، وذلك أن أبا قتادة يروي عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « صوم يوم عرفة كفارة سنتين » ، وفي حديث ابن عمر الذي ذكرناه أنهم كانوا يعدلون صومه بصوم سنة . ولكن مثل الذي روي عن أبي قتادة ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، قد روي عن بعض التابعين
ذكر من حضرنا ذكره منهم
848 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا عيسى بن عبيد ، عن إبراهيم الصائغ ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : « صيام عرفة يعدل سنة قبله وسنة بعده »
849 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان ، حدثنا عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : « صيام عرفة يعدل سنة قبله ، وسنة بعده » وأما صوم يوم عاشوراء فلا نعلم راويا روى خبرا عن أحد من أصحاب رسول الله بمثل المعنى الذي روي عن أبي قتادة ، عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، ولكن ذاك مروي عن بعض السلف ، وذلك ما
850
- حدثنا به ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا عيسى بن عبيد ، عن إبراهيم
الصائغ ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : « صوم عاشوراء كفارة (1) سنة »
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب
ذكر القول في البيان عن الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة إن قال لنا قائل : إنك قد ذكرت لنا أن الخبر الذي روي عن عمر - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة أنه كفارة سنتين - خبر صحيح ، فإن كان الأمر في ذلك كما قلت : فما أنت قائل فيما
851
- حدثكم به محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، وبكر بن يونس العكلي ، وحدثنا ابن وكيع
، حدثنا أبي جميعا ، عن موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، قال : سمعت عقبة بن عامر
الجهني ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يوم عرفة ، ويوم النحر ،
وأيام التشريق (1) عيد لأهل الإسلام ، وهن أيام أكل وشرب »
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
852
- حدثني يحيى بن نصر الخولاني ، قال : قرئ على شعيب بن الليث ، فقيل : أخبرك موسى
بن علي ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن
يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق (1) عيدنا أهل الإسلام ، هن أيام أكل وشرب
»
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
853
- حدثني سعيد بن يحيى الأموي ، حدثني أبي ، حدثنا ابن جريج ، عن عطاء ، قال : دعا
عبد الله بن عباس الفضل بن عباس يوم عرفة إلى الطعام ، فقال : إني صائم . فقال عبد
الله : « لا تصم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه يوم عرفة حلاب لبن فشرب
منه ، فلا تصم ؛ فإن الناس يستنون (1) بكم »
__________
(1) يَسْتَن : يقتدي
854 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، عن ابن جريج ، حدثنا عطاء ، قال : دعا الفضل بن عباس عبد الله بن عباس يوم عرفة إلى طعام يأكل ، فقال : إني صائم . فقال ابن عباس : « إنكم أهل بيت يقتدى بكم ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وضع على يده محلبا من لبن فشربه »
855 - حدثنا أبو كريب ، وسفيان بن وكيع ، قالا : حدثنا حفص بن غياث ، عن ابن جريج ، حدثنا عطاء ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس ، قال : « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب يوم عرفة »
856 - حدثنا سفيان ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، حدثنا عطاء ، عن ابن عباس ، أنه دعا أخاه عبيد الله بن عباس إلى طعام يوم عرفة ، فقال : إني صائم . فقال : « أنتم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يقتدى بكم ، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وأتي بحلاب فشربه »
857 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن عيينة ، عن سالم أبي النضر ، عن عمير مولى أم الفضل ، عن أم الفضل ، قالت : شك الناس في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فقالت أم الفضل : أنا أعلم لكم . فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلبن فشرب
858
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن سالم أبي النضر ، عن عمير
مولى أم الفضل ، عن أم الفضل : « أنهم تماروا (1) في صوم رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم عرفة ، فبعثت إليه بقدح من لبن ، فشرب »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة
859
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن
سالم أبي النضر ، عن عمير مولى أم الفضل : « أنهم تماروا (1) في صوم النبي صلى
الله عليه وسلم يوم عرفة ، فقالت أم الفضل : أنا أعلم لكم ذلك فأرسلت إلى النبي
صلى الله عليه وسلم بلبن ، فشرب »
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة
860 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا معاوية بن هشام ، وقبيصة ، وعبيد الله ، عن أبي ذئب ، عن صالح مولى التوأمة ، عن ابن عباس ، قال : « أرسلتني أم الفضل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلبن وهو يخطب الناس يوم عرفة ، فشربه »
861
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن ابن أبي ذئب ،
عن صالح مولى التوأمة ، عن ابن عباس : « أنهم تماروا (1) في صوم النبي صلى الله
عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسلت إليه أم الفضل بلبن ، فشرب » قيل : القول في ذلك
عندنا أن جميع هذه الأخبار صحاح ، ومعانيها متفقة غير مختلفة ، وبعض ذلك يؤيد بعضا
، وبعضه يصحح بعضا . فأما الخبر الذي روي عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أن صوم يوم عرفة كفارة سنتين ، فإنه معني به صومه في غير عرفة . وكذلك كل
ما روي في ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، فإنه مراد به صومه بغير عرفة . وليس في
قوله صلى الله عليه وسلم : « يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق عيدنا أهل
الإسلام ، هن أيام أكل وشرب » دلالة على نهيه عن صوم شيء من ذلك ، وإن كان صوم يوم
النحر غير جائز عندنا ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه نصا ، ولإجماع
الأمة نقلا عن نبيها صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز صومه . وإنما قلنا : لا دلالة
له في ذلك من قوله على نهيه عليه السلام عن صوم شيء من ذلك ؛ لصحة الخبر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بإطلاقه لأمته صوم يوم الجمعة ، إذا صاموا يوما قبله أو
يوما بعده ، وهو لهم عيد ، فلم يحرم صومه عليهم من أجل أنه عيد لهم ، بل وعدهم -
من الله على صومه على ما أطلقه لهم - الجزيل من الثواب ، فكذلك يوم عرفة لا يمنع
كونه عيدا من أن يصومه بغير عرفة من أراد صومه ، بل له على ذلك الثواب الجزيل
والأجر العظيم . وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « هن أيام أكل وشرب » ، إنما عنى
به أنهن أيام أكل وشرب لمن أراد ذلك ، فأما من لم يرد الأكل والشرب فيهن ، فغير
حرج بترك الأكل والشرب فيهن ، إذا لم يكن تركه ذلك على وجه صوم الأيام التي نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهن ، على ما قد بينا قبل . وأما الأخبار التي
رويت عن ابن عباس التي ذكرناها قبل ، من أن أم الفضل أرسلت إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بحلاب لبن يوم عرفة فشربه ، فإن ذلك كان ورسول الله صلى الله عليه وسلم
بعرفة ، ولا شك أن الاختيار - في ذلك اليوم ، في ذلك الموضع - للحاج الإفطار دون
الصوم ، ؛ كي لا يضعف عن الدعاء ، وقضاء ما فرضه الله تعالى من مناسك الحج .
وبالذي قلنا - من أن إرسال أم الفضل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ماأرسلت به
من حلاب اللبن يوم عرفة ، إنما كان بعرفة - تتابعت الأخبار عن ابن عباس ، وباختيار
الفطر على الصوم هنالك وردت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر ما
حضرنا ذكره مما صح من ذلك سنده
__________
(1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة
862 - حدثنا سفيان ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن صالح مولى التوأمة ، عن ابن عباس : « أن أم الفضل ، بعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلبن وهو يخطب الناس بعرفة ، فشربه »
863 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث : أن أبا النضر ، حدثه أن عميرا مولى ابن عباس حدثه أنه سمع أم الفضل ، تقول : « شك ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة ، ونحن بمنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسلت إليه أم الفضل بقعب فيه لبن وهو بعرفة فشربه »
864 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ، وبعثت إليه أم الفضل بلبن فشربه »
865 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا أيوب ، عن سعيد بن جبير ، قال أيوب : لا أدري أسمعت أنا منه أو حدثت عنه ، قال : « أتيت ابن عباس بعرفة وهو يأكل رمانا ، فحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعرفة ، فبعثت إليه أم الفضل بلبن فشربه »
866 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، قال : لا أدري أسمعته من سعيد بن جبير أو نبيته عنه ، قال : أتيت على ابن عباس وهو يأكل رمانا بعرفة ، فقال : « أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ، وبعثت إليه أم الفضل بلبن فشربه »
867 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا حسين الجعفي ، عن ابن عيينة ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، قال : أتيت ابن عباس بعرفة ، فإذا هو يأكل الرمان ، قال : « ادن فاطعم ، لعلك صائم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم هذا اليوم »
868
- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي ، حدثني عمرو بن الحارث ، عن بكير
بن عبد الله الأشج ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ميمونة بنت الحارث ، زوج النبي
صلى الله عليه وسلم أنها قالت : « إن الناس شكوا في صيام رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم عرفة ، فأرسلت إليه ميمونة بحلاب (1) وهو واقف في الموقف فشرب منه ،
والناس ينظرون »
__________
(1) الحلاب : إناء يسع قدر حلب ناقة
869 - حدثنا محمد بن هارون القطان الرازي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، أن رجلا سأل ابن عمر عن صوم عرفة ، فقال : « حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ، ومع أبي بكر فلم يصمه ، ومع عمر فلم يصمه ، ومع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ، ولا آمرك ولا أنهاك عنه »
870 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، قال : سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة ، فقال : حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يصمه ثم ذكر نحوه
871 - حدثني نصر بن مرزوق المصري ، حدثنا خالد بن نزار ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، حدثني عبد الله بن أبي نجيح ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر أنه قال في صوم يوم عرفة : « لم يصمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أبو بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ، ولا أصومه أنا ، ولا آمر به ، ولا أنهى عنه »
872 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت عبد الله بن أبي نجيح ، عن أبيه ، عن رجل ، سأل ابن عمر ، أو سمع ابن عمر ، وسئل عن صوم يوم عرفة ، فقال : « خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نصمه ، ومع أبي بكر فلم يصمه ، ومع عمر فلم يصمه ، ومع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ، ولا آمرك ولا أنهاك ، فإن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر » وبالذي روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اختياره الفطر على الصوم بعرفة يوم عرفة ، قال كثير من السلف الصالحين ، على اختلاف بينهم في ذلك
ذكر من أفطر ذلك اليوم هنالك ، ومن اختار الفطر فيه على الصوم من الصحابة والتابعين
873 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا حرمي بن عمارة ، حدثنا شعبة ، حدثني عمارة يعني ابن أبي حفصة ، عن عكرمة ، قال : كان عمر واقفا بعرفات وعن يمينه سيد أهل اليمن ، فأتي بشراب فشرب ، ثم ناول سيد أهل اليمن ، فقال : إني صائم . فقال : « أقسمت عليك لما شربت وسقيت أصحابك »
874 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن عمر بن الوليد الشني ، عن شهاب بن عباد العصري ، عن أبيه ، قال : وقف علينا عمر بعرفة ، فقال : « لمن هذه الأخبية » فقالوا : لعبد القيس . فدعا لهم واستغفر لهم ، وقال : « لا تصوموا هذا اليوم ؛ فإن هذا يوم الحج الأكبر »
875 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن عمارة بن زاذان ، قال : سألت سالم بن عبد الله عن صوم يوم عرفة ، فقال : « لم يصمه عمر ، ولا أحد من آل عمر ، يا بني »
876
- حدثنا محمد بن موسى الحرشي ، حدثنا قحذم بن النضر الجرمي ، قال : وقفت مع سالم
بن عبد الله بعرفات ، فتناول إداوة (1) من ماء فشرب ، فقلت : أما تصوم هذا اليوم ؟
قال : ما أصومه ، وما أنا بصائم . ثم قال لي محمد بن موسى : قال قحذم : حدثني بعض
من كان معي أنه قال : « وقفت مع عبد الله بن عمر فلم يصمه ، وقال : وقفت مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه ، ووقفت مع أبي بكر فلم يصمه ، ووقفت مع عمر فلم
يصمه ، ووقفت مع عثمان فلم يصمه »
__________
(1) الإداوة : إناء صغير من جلد يحمل فيه الماء وغيره
877 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، عن الفضل بن عطية ، قال : كنت عند عطاء بن أبي رباح ، فسأله رجل عن صوم يوم عرفة بعرفات ، فقال له شيخ عنده من قريش ، يقال له محمد بن عبد الرحمن : سألت ابن عمر عنه فنهاني
1042
- حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال
: أخبرني بلج القشيري ، قال : لما كان يوم عرفة وأنا بعرفة : أتيت أبا بكر بن محمد
، وهو في فسطاط (1) ، وإذا هو بين يديه طعام ، فقال : اقترب . قلت : إني صائم .
فقال أبو بكر : « هذا يوم يحب أن يفطر فيه » ثم أتاه رجلان من أهل العراق ، فقال
أبو بكر : « اقتربا من الطعام » ، فقالا : إنا صائمان . فقال أبو بكر : « أفطرا ،
فإن هذا يوم كان يحب أن يفطر فيه » فأبيا (2) أن يفطرا ، فقال أبو بكر : « انظروا
إلى أهل الشام ، ما أيسر مؤونتهم »
__________
(1) الفسطاط : بيت من شعر ، وضرب من الأبنية ، والجماعة من الناس
(2) أبى : رفض وامتنع
1043 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، عن الفضل بن عطية ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه : أنه كان لا يصوم يوم عرفة بعرفات . قال : وكان يقول : « هو يوم عبادة واجتهاد ودعاء »
1044 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، قال : سألت سعيد بن المسيب عن صوم يوم عرفة ، فقال : « كان ابن عمر لا يصومه . فقلت : هل ترفع ذلك إلى غيره ؟ فقال : » حسبك به شيخا «
1045 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي قال : كان سفيان الثوري لا يرى الصوم يوم عرفة ، وكان يصلي الظهر والعصر مع الإمام بعرفة ، ثم يرجع إلى رحله فيتعشى ، ثم يقف قال أبو جعفر : قد بينت هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إفطاره - لا شك - أفضل لمن خاف أن يضعف بالصوم عما هو أفضل من الصوم من الأعمال ، وذلك الاجتهاد في الدعاء ، وذكر الله عز وجل ، والتضرع إليه ، فإن ذلك أفضل من الصوم النفل هنالك . فإن قال لنا قائل : فإن الذي ذكرت من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه - من إفطارهم بعرفة يوم عرفة ، وكراهتهم الصوم هنالك ، وإن كان كما ذكرت - فليس بموجب أن يكون صلى الله عليه وسلم والذين كرهوا الصوم هنالك من أصحابه ، لم يكونوا من كراهتهم ذلك في غير ذلك الموضع ، على مثل الذي كانوا عليه من كراهتهم في ذلك الموضع . فما برهانك على أن كراهة من كره الصوم ذلك اليوم ، مخصوص به ذلك الموضع ، دون سائر بقاع الأرض ، ودون سائر الناس من الحاج وغير الحاج ؟ وقد صح عندك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه جعله في أيام العيد التي آثر الأكل فيها والشرب على الصوم ، وثبت عندك عن جماعة من السلف كراهتهم صوم ذلك اليوم لكل أحد ، في كل موضع وكل بقعة من بقاع الأرض ، وإنكار بعضهم الخبر الذي روي عن أبي قتادة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل صومه
ذكر من كره صوم يوم عرفة لكل أحد بكل موضع وذلك ما
1046 - حدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا شعبة ، عن عمرو ، قال : أخبرني عطاء ، عن عبيد بن عمير : أن عمر نهى عن صوم يوم عرفة
1047 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، وشعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير : أن عمر نهى عن صوم يوم عرفة
1048 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا هشام بن عبد الملك ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي السوار : أنه سأل ابن عمر عن صوم يوم عرفة فنهاه
1049 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن العمري ، حدثنا نافع ، عن ابن عمر ، وعمر : « أنهما كانا لا يصومان يوم عرفة »
1050 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن رجل ، عن ابن عمر ، قال : « لم يصم يوم عرفة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أبو بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان »
1051 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن شريك ، عن السدي ، عن بشر القرشي ، قال : « دخلت على الحسين بن علي عليه السلام يوم عرفة وهو يأكل »
1052 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، عن عروة يعني ابن عبد الله بن قشير ، قال : سمعت عطاء ، يقول : « من أفطر يوم عرفة ليتقوى به على الدعاء ، كتب الله له مثل أجر الصائم »
1053
- حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن محمد بن
شريك أبي عثمان المكي ، عن سليمان الأحول ، قال : ذكرنا لطاوس صوم يوم عرفة ، وأنه
كان يقال : كفارة (1) سنتين ، فقال طاوس : « فأين كان أبو بكر وعمر عن ذلك ؟ يعني
أنهما كانا لا يصومانه » قيل : أما الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأنه يوم من أيام عيدنا ، فقد بينا معناه ، وأن كونه من أيام العيد غير مانع صائمه
صومه ؛ للعلة التي وصفنا قبل . وأما كراهة من كره صومه من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم والتابعين في غير عرفة ، ولغير الحاج ، فإن كراهته ذلك له ؛ لما قد
تقدم بياننا قبل من إيثارهم الأفضل من نفل الأعمال على ما هو دونه . ولعل من كره
ذلك منهم إنما كرهه إذ كان الصوم يضعف المجتهد عن الاجتهاد في الدعاء ، فآثر الفطر
ليتقوى به على الدعاء ، كالذي ذكرنا عن عطاء ، وسعيد بن جبير . وبعد ، فإن كراهة
الصوم ذلك اليوم لمن صامه غير مجمع عليه ، بل ذلك مختلف فيه . وقد اختار صومه على
إفطاره جماعة من الصحابة والتابعين ، حتى لقد صامه جماعة منهم بعرفة ، ففي ذلك
الدليل الواضح على صحة قولنا من أن إفطار من أفطر منهم ، وكراهة من كره صومه منهم
، إنما كان إيثارا منه غيره من نفل الأعمال عليه ، وإبقاء منه على نفسه ليتقوى
بالإفطار على الدعاء ، والاجتهاد في العبادة
__________
(1) الكفارة : الماحية للخطأ والذنب
ذكر من كان يؤثر صوم يوم عرفة على الإفطار فيه ، ومن كان يأمر بذلك من الصحابة والتابعين
1054 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا شعبة ، عن أبي قيس ، عن هزيل بن شرحبيل ، عن مسروق ، قال : قالت عائشة : ما من السنة يوم أحب إلي من أن أصوم من يوم عرفة ، حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، ح وحدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا شبابة بن سوار ، قالا جميعا : حدثنا شعبة ، عن أبي قيس ، عن هزيل ، عن مسروق ، عن عائشة مثله
1055 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي ، حدثنا النضر بن شميل ، أنبأنا أشعث بن عبد الملك ، عن الحسن ، أنه كان يعجبه صوم يوم عرفة ويأمر به حتى الحاج يأمرهم به ، وقال : « رأيت عثمان بعرفات في يوم شديد الحر صائما ، وهم يروحون عنه »
1056 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، عن حميد الطويل ، حدثنا الحسن ، قال : « رأيت عثمان بن أبي العاص ، وهو بعرفات صائما قد جهده الصوم . قال : وهو يرش عليه الماء ، ويروح عنه »
1057 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة ، وحدثنا عثام بن علي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : « ما شهد أبي عرفة قط إلا وهو صائم »
1058 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم ، قال : « كانت عائشة تصوم يوم عرفة »
1059 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : سمعت القاسم بن محمد ، قال : « رأيت عائشة عشية عرفة يدفع الإمام ، فتقف بعد حتى يقصى ما بينها وبين الناس من الأرض ، ثم تدعو بالشراب فتفطر »
1060 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن أبي قيس الأودي عبد الرحمن بن ثروان ، عن الهزيل بن شرحبيل ، عن مسروق ، عن عائشة : « أنها كانت تصوم يوم عرفة »
1061 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : قرأت على فضيل بن ميسرة ، عن أبي حريز أن سعيد بن جبير كان يقول : « أيقظوا خدمكم يتسحروا لصوم يوم عرفة »
1062 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، عن أبيه : « أنه كان يصوم يوم عرفة »
1063
- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، حدثنا أبو عوانة ، عن مغيرة ، قال : أتي إبراهيم يوم
عرفة ، قال : « أحسبه بماء » فشرب . قال : « فكان إذا قيل : تكره صوم هذا اليوم ؛
لأنه يوم عيد ؟ قال : لا . قيل : فيصام ؟ قال : من شاء صام وإذ كان مختلفا في صومه
الاختلاف الذي ذكرنا ، ولم يكن بالنهي عن صومه بغير عرفة خبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثابت لا يحتمل تأويلا ، وكان الله عز وجل قد وصف الصائمين في كتابه
بما وصفهم به فيه بقوله تعالى : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات (1)
إلى قوله تعالى : والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله
كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ، حاثا لهم بذلك على الصوم ؛ كان
الواجب علينا أن نقضي لكل صائم متقرب بصومه إلى الله عز وجل - إذ كان بالصفة التي
وصفه الله عز وجل بها - أن له من الله تعالى مغفرة وأجرا عظيما ، إلا صائما صوما
متقربا بصومه إلى الله تعالى ، أخرجه من أن يكون ممن أعد له المغفرة والأجر العظيم
ربنا تبارك وتعالى ، إما في كتابه ، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأما صوم يوم عاشوراء . فإن الأخبار فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متتابعة
بأنه كان يصومه ويحث على صومه قبل أن يفرض شهر رمضان . ثم اختلف أهل العلم في حكم
صومه اليوم ، هل هو في فضله وعظم ثوابه على مثل الذي كان عليه قبل أن يفرض رمضان ،
أم ذلك اليوم بخلافه يومئذ ؟ فقال بعضهم : كان ذلك يوما يصومه أهل الجاهلية في
الجاهلية ، فلما جاء الإسلام صامه المسلمون قبل أن يفرض صوم شهر رمضان ، فلما فرض
صوم رمضان ترك صومه ، فكان من شاء صامه ، ومن شاء لم يصمه . وقال آخرون : بل كان
ذلك يوما تصومه اليهود ؛ شكرا لله تعالى على أن نجى الله موسى وبني إسرائيل من
فرعون وقومه ، وقطع به وبهم البحر ، وأغرق فرعون وقومه ، فصام رسول الله صلى الله
عليه وسلم ذلك اليوم قبل أن يفرض عليه صوم شهر رمضان ، وأمر بصومه ، فلما نزل فرض
صومه لم يأمر بصومه ولم ينه عنه ، فكان من شاء صامه ، ومن شاء أفطره . وقال آخرون
: بل لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه ، ويحث على صومه أمته حتى مضى
لسبيله . ونحن مبينو الصواب لدينا من القول في ذلك ، بعد ذكرنا الأخبار المروية عن
قائلي الأقوال التي وصفنا ، وبعد بياننا ما يحتمله كل قول من العلة المؤيدته
__________
(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 35
ذكر من قال : كان ذلك يوما يصومه أهل الجاهلية ، فلما نزل فرض شهر رمضان ترك صومه ، فمن شاء صامه ومن شاء أفطره
1064 - حدثني سلم بن جنادة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : دخل الأشعث بن قيس على عبد الله يوم عاشوراء وهو يتغدى ، فقال له عبد الله : « ادن يا أبا محمد ، فاطعم » ، قال : إني صائم . قال : « ولم ؟ » قال : اليوم عاشوراء . قال عبد الله : « وهل تدرون ما كان عاشوراء ؟ » ، قال : وما كان ؟ قال : « كان يوما يصومه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل رمضان ، ثم تركه »
1065
- حدثنا محمد بن إبراهيم السليمي المعروف بابن صدران ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا
محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن قيس بن سكن ، قال : كنا عند عبد
الله بن مسعود في يوم عاشوراء ، وبين يديه قصعة من ثريد (1) ، فدخل الأشعث بن قيس
، فقال : ألا تدنو (2) إلى الغداء يا أبا محمد ؟ قال : أوما صمتم هذا اليوم ؟ قال
: « هذا يوم كنا نصومه قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان صمناه ، وتركنا ما سواه
»
__________
(1) الثريد : الطعام الذي يصنع بخلط اللحم والخبز المفتت مع المرق وأحيانا يكون من
غير اللحم
(2) الدنو : الاقتراب
1066 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا سفيان ، قال : حدثني زبيد ، عن عمارة بن عمير ، عن قيس بن سكن أن الأشعث بن قيس دخل على ابن مسعود وهو يتغدى يوم عاشوراء ، فقال : يا أبا محمد ، ادن فاطعم . قال : « إني صائم » ، قال : « كان هذا يوما نصومه قبل رمضان ، فلما فرض رمضان تركناه »
1067 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن زبيد بن الحارث ، عن عمارة بن عمير ، عن قيس بن سكن ، قال : كنا عند عبد الله بن مسعود يوم عاشوراء ، فأتينا بطعام ، فقال : « إنا كنا نصوم هذا اليوم قبل أن ينزل رمضان »
1068 - حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : دخل الأشعث بن قيس يوم عاشوراء على عبد الله ، وهو يطعم ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ، اليوم يوم عاشوراء . فقال : « قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان ترك ، فإما أنت مفطر ، فادن فاطعم »
1069 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، قال : كان يوم عاشوراء يوما يصومه أهل الجاهلية ، فلما فرض صوم رمضان ، سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : « هو يوم من أيام الله ، فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه »
1070 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، أنبأنا عبد الله بن نمير ، أنبأنا عبيد الله ، عن نافع ، قال : حدثني ابن عمر أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان . فلما افترض رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن عاشوراء يوم من أيام الله ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه »
1071 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه قال في عاشوراء : صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصومه ، فلما فرض رمضان ترك . قال : فكان عبد الله لا يصومه إلا أن يأتي على صومه
1072 - حدثني علي بن سهل الرملي ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن نافع ، قال : قال ابن عمر : « كنا نصوم يوم عاشوراء ، حتى إذا فرض صوم رمضان ، كانوا لا يصومون عاشوراء إلا أن يوافق يوما كانوا يصومونه »
1073 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا الفضيل بن سليمان النميري ، حدثنا موسى بن عقبة ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر أنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء ، فقال : « هو يوم كان يصومه أهل الجاهلية ، فمن شاء منكم فليصم ، ومن كره منكم فليتركه »
1074 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ، فقال : « يوم كان يصومه أهل الجاهلية ، فمن شاء صامه ومن شاء فليدع »
1075 - حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة القرشي ، عن الوليد بن كثير ، قال : حدثني نافع : أن عبد الله بن عمر حدثهم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في يوم عاشوراء : « إن هذا يوم كان يصومه أهل الجاهلية ، فمن أحب أن يصومه فليصمه ، ومن أحب أن يتركه فليتركه » فكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صيامه
1076 - حدثنا عبيد الله بن سعيد الزهري ، حدثنا عمي ، حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني نافع ، عن عبد الله بن عمر أنه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في يوم عاشوراء : « إن هذا يوم كان يصومه أهل الجاهلية ، فمن أحب أن يصومه فليصمه ، ومن أحب أن يترك فليترك » . قال : فكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صيامه «
1077 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني عبد الله بن عمر ، والليث بن سعد ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أحب منكم أن يصوم يوم عاشوراء فليصمه ، ومن لم يحب فليدعه »
1078 - حدثنا ابن وكيع ، ويونس بن عبد الأعلى ، وأحمد بن حماد ، قالوا : حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها قالت : « كان يوم عاشوراء يوما يصام في الجاهلية قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان كان من شاء صامه ، ومن شاء أفطر »
1079 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، حدثني يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيامه - تريد يوم عاشوراء - قبل أن يفرض رمضان ، فلما فرض رمضان كان من شاء صام يوم عاشوراء ، ومن شاء أفطر » قال يونس : وكان الزهري لا يدعه
1080 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : « كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صامه ، وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ، كان رمضان هو الفريضة ، وترك عاشوراء ، فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه » ، حدثنا علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا عباد بن عباد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة بنحوه
1081 - حدثني يعقوب ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : « كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه ، فلما قدم المدينة صامه ، وأمر بصيامه حتى فرض رمضان ، فكان رمضان هو الفريضة ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه »
1082 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : « إن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوما ، فمن شاء صامه ، ومن شاء أفطر » تعني عاشوراء ، حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، حدثنا يحيى بن محمد ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية . ثم ذكر نحو حديث يعقوب ، عن عيسى ، حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : سمعت عمرو بن الحارث ، يحدث عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها قالت : كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية . ثم ذكر نحوه
1083 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أبي ، وشعيب ، عن الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب : أن عراكا ، أخبره أن عروة أخبره : أن عائشة أخبرته : أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من شاء فليصمه ، ومن شاء فليفطره »
1084 - حدثنا ابن بشار ، حدثني مسلمة بن إبراهيم ، حدثنا همام بن يحيى ، حدثنا قتادة ، عن أبي حسان : أن عمار بن ياسر ، قال : « أمرنا بصيام عاشوراء قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان لم نؤمر به »
1085 - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا أبو داود ، وحدثني محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا آدم ، قالا جميعا : حدثنا شيبان ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرة ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصوم عاشوراء ، ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده ، فلما افترض رمضان لم يأمرنا به ، ولم يحثنا عليه » زاد ابن خلف في حديثه : ولم ينهنا عنه ، ولم يتعاهدنا عنده - ولم يقل ذلك ابن أبي زياد في حديثه - وكنا نفعله
1086 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن أبي عمار الهمداني ، عن قيس بن سعد ، قال : « أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ، ونحن نفعله »
1087 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن عمرو بن شرحبيل ، عن قيس بن سعد ، قال : « كنا نصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان ، فلما نزل رمضان لم نؤمر به ، ولم ننه عنه ، ونحن نفعله »
1088 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت القاسم بن مخيمرة ، يحدث عن عمرو بن شرحبيل ، عن قيس بن سعد بن عبادة ، أنه قال : « كنا نصوم عاشوراء ونعطي زكاة الفطر قبل أن ينزل علينا صوم رمضان والزكاة ، فلما نزل لم نؤمر به ، ولم ننه عنه ، ونحن نفعله » ، حدثني علي بن سهل الرملي ، حدثني حجاج بن محمد ، حدثني شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت القاسم بن مخيمرة ، يحدث عن عمرو بن شرحبيل ، عن قيس بن سعد ، مثله
ذكر من قال : كان يوم عاشوراء يوما يصومه اليهود ، فصامه النبي صلى الله عليه وسلم
1089 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وإذا اليهود يصومون يوم عاشوراء . قال : فسألهم ، فقالوا : هذا اليوم الذي ظهر فيه موسى على فرعون . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أنتم أولى بموسى منهم ، فصوموا »
1090 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود يصومون يوم عاشوراء ، فقال : « ما هذا » ؟ قالوا : هذا يوم نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أنا أولى بموسى منكم » . فصامه ، وأمر أصحابه أن يصوموه
1091 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن عبد الله بن سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة واليهود تصوم يوما ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما هذا اليوم » ؟ قالوا : هذا يوم صالح نجى الله فيه موسى ، وأهلك عدوهم ، وأقطعهم البحر ، فصامه موسى ، فنحن نصومه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نحن أحق بموسى منكم » . فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر بصومه
1092 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة واليهود تصوم يوما ، فقال : « ما هذا اليوم الذي تصومون » ؟ فقالوا : هذا اليوم الذي ظهر فيه موسى صلوات الله عليه على فرعون ، وهذا اليوم الذي نجى الله فيه بني إسرائيل من البحر . فأحسبه قال : « نحن أولى بموسى منهم » . فأمرهم بصومه يعني عاشوراء
1093 - حدثنا ابن البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، أنبأنا يحيى بن أيوب ، حدثني إسماعيل بن أمية أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول : سمعت عبد الله بن عباس ، يقول : حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه ، قالوا : يا رسول الله ، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فإذا كان العام المقبل إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع » . قال : فلم يأت المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذكر من قال : لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء ، ويحث على صومه حتى مضى لسبيله
1094 - حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، سمع ابن عباس ، يقول : « ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يتحرى فضله ، إلا يوم عاشوراء ، أو شهر رمضان »
1095
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن ميسر الخراساني ، عن ابن جريج ، عن عبيد الله بن
أبي يزيد ، عن ابن عباس ، قال : « ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يتحرى صيام يوم ، يبتغي (1) فضله على ما سواه إلا هذين اليومين : يوم عاشوراء ،
وشهر رمضان »
__________
(1) الابتغاء : الطلب والالتماس
1096 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا معاوية بن هشام ، ومالك بن إسماعيل ، عن ورقاء بن عمر ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، قال : سمعت ابن عباس ، يقول : « ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يطلب فضله سوى رمضان ، إلا يوم عاشوراء » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا ابن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه
1097 - حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أحمد بن محمد الأزرقي ، حدثنا عبادة بن الورد ، وكان ثقة حافظا قال : سمعت ابن أبي مليكة يحدث عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء »
1098 - حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا عون بن سلام ، حدثنا عبد الجبار وهو ابن الورد ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قال عبيد الله بن أبي يزيد : قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ، ويوم عاشوراء »
1099 - حدثني سليمان بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن الصلت ، حدثنا أبو شهاب ، عن ابن أبي ليلى ، عن داود بن علي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صوموا يوم عاشوراء ، صوموا قبله يوما ، وبعده يوما ، وخالفوا يهود »
1100 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، حدثنا مؤمل ، حدثنا إسرائيل ، حدثنا ثوير ، قال : سمعت عبد الله بن الزبير على المنبر وهو يقول : « هذا يوم عاشوراء فصوموه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بصومه » قال أبو جعفر : واختلف السلف من الصحابة والتابعين في صوم يوم عاشوراء ، فكان بعضهم يصومه ، ويرى له فضلا في الصوم على سائر الأيام غيره سوى شهر رمضان ، وكان بعضهم يكره صومه ، ولا يصومه
ذكر من كان يصومه ، ويأمر بصومه منهم
1101 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا سليمان الشيباني ، حدثنا أبو ماوية ، قال : سمعت عليا رحمة الله عليه يقول يوم عاشوراء : « يا أيها الناس من أكل منكم فليصم بقية يومه ، ومن لم يكن أكل فليتم صومه »
1102 - حدثنا أحمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود أنه قال : « ما أدركت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آمر بصوم عاشوراء من علي ، وأبي موسى »
1103 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا وكيع ، عن مسعر ، وعلي بن صالح ، وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود بن يزيد ، قال : « ما رأيت أحدا كان آمر بصوم عاشوراء من علي وأبي موسى »
1104 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن فليت ، عن جسرة بنت دجاجة ، قالت : قيل لعائشة : إن عليا أمر بصيام يوم عاشوراء . قالت : « هو أعلم من بقي بالسنة »
1105 - حدثني بحر بن نصر الخولاني ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني ابن أبي ذئب ، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن جده عبد الرحمن بن عوف : « أنه أضحى يوم عاشوراء حتى ارتفع النهار ولا يعلم ، ثم علم بعد ، ففزع لذلك ، ثم صام ، وأمرنا بالصيام بعد أن أضحى »
1106 - حدثني بحر بن نصر ، أنبأنا ابن وهب ، قال : قال مالك : وبلغني أن عمر رضوان الله عليه أرسل إلى الحارث بن هشام : « إن غدا يوم عاشوراء فصم ، وأمر أهلك أن يصوموا »
1107 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن منصور يعني ابن عبد الرحمن ، عن الشعبي ، عن علقمة ، قال : « أتيت ابن مسعود فيما بين رمضان إلى رمضان ، ما مر يوم إلا آتيه فيه ، وما رأيته في يوم صائما إلا يوم عاشوراء »
1108 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : « أنه كان يصوم قبله يوما وبعده يوما »
1109 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس : « أنه كان يصوم في السفر يوم عاشوراء ، ويوالي بين اليومين فرقا أن يفوته » قال أبو جعفر : قال لي يونس : قال لنا ابن وهب : اليوم التاسع والعاشر « حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس مثله ، إلا أنه قال : مخافة أن يفوته
1110 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع عطاء يقول : سمعت ابن عباس يقول : « صوموا التاسع والعاشر ، وخالفوا اليهود »
1111 - حدثني سلم بن جنادة السوائي ، حدثنا حفص بن غياث ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : « أنه كان يصوم اليوم التاسع واليوم العاشر »
1112 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن علي بن صالح ، وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود بن يزيد ، قال : سألت عبيد بن عمير عن صوم عاشوراء ، فقال : « إن قوما أذنبوا فتابوا فيه فتيب عليهم ، فإن استطعت أن لا يمر بك إلا وأنت صائم فافعل »
1113 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا سلم بن قتيبة ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن سعيد بن المسيب : « أن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر ، وعمر أمروا بصوم عاشوراء »
1114 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثني عمي ، حدثنا يونس ، عن الزهري : « أنه كان لا يدع صومه . يعني يوم عاشوراء »
1115 - حدثنا خلاد بن سلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا ابن عون ، عن ابن سيرين : أنه كان يصوم العاشور اليوم العاشر ، فأكثروا فقالوا : إن ابن عباس قال : « هو التاسع ، فكان يصوم التاسع والعاشر »
ذكر من كان يكره صومه ولا يصومه
1116 - حدثني الحسن بن محمد الذارع ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاذ بن العلاء ، عن نافع ، قال : « رأيت ابن عمر يدعو بالماء يوم عاشوراء من غير ظمأ »
1117 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا أيوب ، عن نافع : أن ابن عمر كان لا يصوم يوم عاشوراء إلا أن يأتي على صومه
1118 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : كان ابن عمر لا يصوم عاشوراء ، وكان القاسم يصومه
1119 - حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا أبو أسامة ، عن الوليد بن كثير ، قال : حدثني نافع : أن عبد الله كان لا يصوم عاشوراء إلا أن يوافق صيامه ، حدثني عبيد الله بن سعد الزهري ، حدثنا عمي ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني نافع ، عن عبد الله بن عمر مثله حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر مثله
1120 - حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا شعيب بن الليث بن سعد ، حدثني الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل : أنه سأل عبد الله بن عمر عن يوم عاشوراء - وهو يوم عاشوراء - فقال : « والله ما أنا بصائم »
1121 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، حدثني الحشرج بن عبد الله بن الحشرج المزني ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سعد المزني ، قال : أتينا عائذ بن عمرو المزني يوم عاشوراء في داره التي في الجبان في بني مازن ، فقال للغلام : « يا غلام ، احلب الناقة » فحلب وجاء بالعس ، فقال لرجل : « اشرب » ، فقال : إني صائم . ثم قال للذي يليه : « اشرب » ، فقال : إني صائم . قال : « تقبل الله منا ومنكم » ثم قال للذي يليه : « اشرب » ، فقال : إني صائم . قال : « يوشك أن تتخذوا هذا اليوم بمنزلة رمضان ، إنما كان هذا اليوم واجبا قبل أن يفترض رمضان ، فلما نزل صوم رمضان نسخ هذا اليوم ، فصار صومه تطوعا ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر ، ولا بأس » والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن صوم يوم عاشوراء كان مما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته قبل نزول فرض شهر رمضان ، كالذي تتابعت به الأخبار التي ذكرناها قبل عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يأمرهم بذلك قبل وجوب صوم شهر رمضان ، فلما فرض الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به صوم شهر رمضان ، لم ينههم عن صومه ، ولم يأمرهم بصومه الأمر الذي كان يأمرهم به قبل وجوب صوم شهر رمضان ، ولكنه كان يندبهم إلى صومه ، بتعريفه إياهم ما لهم فيه من الأجر والثواب ، فمن صامه طالبا به الأجر من الله عز وجل ، متحريا بصومه إدراك ما وعد الله تعالى صائميه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الثواب ، رجونا له إدراك ما أمل ورجا به من الله تعالى ، ومن ترك صومه ، وآثر الإفطار فيه على صومه ؛ إيثارا منه ما هو أفضل منه من الأعمال عليه ، رجونا له أيضا بذلك أن يدرك ما أمل بإفطاره وإيثار غيره من العمل الذي هو أفضل عليه ، ومن أفطره لقولي ذلك ، فإنما هو تارك فضل ، لا لوم عليه في تركه . فإن قال لنا قائل : فما وجه كراهة من كره صومه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم ؟ قيل : وجه كراهتهم ذلك نظير كراهة من كره صوم رجب ؛ إذ كان شهرا كانت الجاهلية تعظمه ، فكره من كره صومه أن يعظمه في الإسلام بصومه تعظيم أهل الجاهلية إياه في الشرك ، فأراد بإفطاره وضع منار الكفر ، وهدم أعلام الشرك . وكذلك عاشوراء ، كان - كما قد ذكرنا الخبر قبل عمن ذكرنا ذلك عنه - يوما يصومه أهل الشرك في الجاهلية ، فأراد بإفطاره والنهي عن صومه - من أفطره وكره صومه - إبطال ما أبطله الله تعالى بما شرع لعباده من فرض صوم شهر رمضان ، من سنة أهل الجاهلية في صومه ، ومن غير تحريم منه صومه على من صامه ، ولا موئسه من الثواب الذي وعد الله تعالى صائميه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، إذا صامه مبتغيا بصومه إياه استنجاز وعده ذلك ، لا مريدا به إحياء سنة أهل الشرك ، وكذلك ذلك في صوم رجب
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو : « فإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ، ونفهت له النفس » ، يعني بقوله صلى الله عليه وسلم : « هجمت له العين » : غارت في الحجاج ، ودخلت في عظمه . ومنه قيل : هجم فلان على فلان منزله : إذا ولج عليه فيه بغير إذن . ويقال أيضا : هجم على القوم منزلهم : إذا سقط عليهم وأما قوله عليه السلام : « ونفهت له النفس » ، فإنه يعني : وكلت له النفس ورزحت ، كالناقة النافهة من السير . ومنه قول رؤبة بن العجاج : به تمطت غول كل ميله بنا حراجيج المهاري النفه والنفه : جمع نافه ، وهو الذي قد كل من السير وأعيا . وأما قوله في الخبر الآخر : « فإنك إذا فعلت ذلك هجمت العينان ونهمت النفس » ، فإني أخشى أن يكون غير محفوظ ؛ وذلك أن النهم : إفراط الشهوة في الطعام ، وأن لا يشبع الآكل ولا تمتلئ عينه ، وليس ذلك من فعل الصوم بصاحبه ، بل هو إلى الفطم عن الشهوات إذا توبع أقرب منه إلى أن يورث ذلك صاحبه . والنهم - بسكون الهاء - معنى غير هذا ، وهو زجر الإبل . وليس لذلك في هذا الموضع أيضا وجه . ومن ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : « وإن لزورك عليك حقا » ، والزور : الضيف ، والرجل يأتيه زائرا ، الواحد والاثنان والثلاثة ، والمذكر والمؤنث ، في ذلك بلفظ واحد . يقال : هذا رجل زور ، وهذان رجلان زور ، وهم قوم زور ، فيوحد في كل حالة ؛ لأنه مصدر وضع مواضع الأسماء ، ومثل ذلك : هم قوم صوم ، وفطر ، وعدل ، الواحد والجماعة والمذكر والمؤنث بلفظ واحد . والزور في غير هذا : أعلى الصدر ، وإياه عنى ابن ميادة بقوله : كأن قرادي زوره طبعتهما بطين من الجولان كتاب أعجم وأما الزور بضم الزاي : فالباطل والكذب ، والعرب تسمي كل ما عبد من دون الله تعالى زورا ، وزونا . ومن الزور قول الراجز : جاءوا بزوريهم وجئنا بالأصم شيخ لنا قد كان من عهد إرم شيخ لنا معاود ضرب البهم ومن الزون - بالنون في ذلك - قول رؤبة بن العجاج : وهنانة كالزون يجلى صنمه تضحك عن أشنب عذب ملثمه وللزور معنى آخر ، وهو أن يقال للرجل الذي لا رأي له : رجل ليس له زور . وأما الزير بكسر الزاي ، فإنه غير ذلك كله ، وهو الرجل الذي يعتاد النساء ، ويميل إلى محادثتهن وملاعبتهن . ومنه قول رؤبة بن العجاج : قلت لزير لم تصله مريمه ضليل أهواء الصبا يندمه وقول مهلهل : فلو نبش المقابر عن كليب فيعلم بالذنائب أي زير والزير أيضا : أحد أوتار العود . وأما قول المنهال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام البيض . فإن أيام البيض من كل شهر ثلاثة أيام : وهو الثالث العشر ، والرابع العشر ، والخامس العشر . وإنما قيل لهن البيض ؛ لاتصال البياض فيهن من أول الليل إلى آخره ، بطلوع القمر فيهن ، مع مغيب الشمس ، إلى أن يبدو وضح النهار من صبيحة كل ليلة منهن . ولهن أسماء غير ذلك ، فاسم ليلة ثلاث عشرة من ذلك عند العرب : ليلة السواء ، وإنما قيل لها ليلة السواء ؛ لأنه يستوي فيها القمر ، وهي ليلة التمام ، يقال هذه ليلة تمام القمر ، وذلك وفاء ثلاث عشرة ، واسم ليلة أربع عشرة : ليلة البدر ، وإنما قيل لها ذلك ؛ لأن القمر يبادر الشمس بالغداة ، ويطلع بالعشي قبل غروبها ، وأما ليلة خمس عشرة ، فإنها يقال لها : ليلة النصف . وأما قول نعيم بن قعنب : فجعل - يعني أبا ذر - يهذب الركوع ويخفه . فإنه يعني بقوله : يهذب : يسرع ويعجل فيه ، والعرب تقول للخيل إذا أسرعت الركض : مرت تهذب ، ومرت تلهب ، ومرت تحصب . وأما قول معاذ : لتخضمن الدهر ، ولتصومن الدهر . فإنه يعني بقوله : لتخضمن الدهر : لتأكلن الدهر أكلا بسعة . والخضم : الأكل بجميع الفم ، والقضم دون ذلك ، يقال في مثل : قد يبلغ الخضم بالقضم ، يقال : خضمت الشيء فأنا أخضمه خضما . وحدثت عن الأصمعي ، عن ابن أبي طرفة ، قال : قدم أعرابي على ابن عم له مكة وقال : إن هذه بلاد مقضم ، وليست بلاد مخضم . وإنما أراد معاذ بقوله : لتخضمن الدهر ، ولتصومن الدهر : أنا إذا صمنا ثلاثا من كل شهر ، وأفطرنا سائره ، فقد صمنا الدهر كله ، وأكلنا بسعة الدهر كله ؛ لأن صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر كله
ذكر ما لم يمض ذكره من حديث أنس بن مالك ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1122
- حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، قال : قال
عمر بن الخطاب : « وافقت ربي في ثلاث - أو وافقني ربي في ثلاث - قلت : يا رسول
الله ، لو اتخذت المقام مصلى ؟ فأنزل الله عز وجل : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
(1) ، وقلت : لو حجبت عن أمهات المؤمنين ؛ فإنه يدخل عليك البر والفاجر ، فنزلت
آية الحجاب . قال : وبلغني عن أم المؤمنين شيء ، فاستقريتهن أقول لهن : لتكفن عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن ، حتى أتيت على
إحدى أمهات المؤمنين ، فقالت : يا عمر ، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
يعظ نساءه حتى تعظهن أنت ؟ فكففت ، فأنزل الله هذه الآية : عسى ربه إن طلقكن أن
يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات (2) » الآية ،
حدثنا أبو كريب ، ويعقوب بن إبراهيم ، قالا : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حميد ، عن
أنس ، قال : قال عمر بن الخطاب : وافقت ربي في ثلاث . ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال :
فقلت لهن : عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ، فنزلت كذلك
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 125
(2) سورة : التحريم آية رقم : 5
15362
- أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني عطاء ، « أن عائشة ابنة
أبي بكر ، كانت نذرت جوارا في جوف ثبير ، فكان أخوها عبد الرحمن يمنعها حتى مات ،
فجاورت ثم (1) »
__________
(1) ثَمَّ : اسم يشار به إلى المكان البعيد بمعنى هناك
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ؛ وذلك أنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه
ذكر
ما في هذا الخبر من فائدة العلم والذي في هذا الخبر من فائدة العلم الدلالة على أن
أصح القراءتين في قوله : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (1) كسر الخاء من قوله :
واتخذوا على وجه الأمر ؛ لإخبار عمر عن تنزيل الله إياه على رسوله صلى الله عليه
وسلم ، أمرا منه له باتخاذه من ذلك مصلى . وفيه أيضا الدلالة الواضحة على أن سبيل
النساء - فيمن كان يلزمهم أن يحتجبن منه من الرجال برهة من الزمان ، بعد إرسال
الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى خلقه ، وفيمن كان لهن أن يظهرن له - كانت
سبيل الرجال ، حتى فرق الله بين أحكامهن وأحكامهم في ذلك ، مما أنزل الله على
رسوله صلى الله عليه وسلم من آية الحجاب ، وذلك لقول عمر لرسول الله صلى الله عليه
وسلم : لو حجبت أمهات المؤمنين . وفيه أيضا الدلالة على أن الذي هو أفضل للمرء
وأحسن به ، الصبر على أذى أهله والإغضاء عنهم ، والصفح عما يناله منهم من مكروه في
ذات نفسه ، دون ما كان في ذات الله ؛ وذلك للذي ذكر عمر عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم من صبره على ما كان يكون إليه منهن بقوله : بلغني عن بعض أمهات المؤمنين
شدة على رسول الله وأذاهن إياه . ولم يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
عاقبهن على ذلك ، بل ذكر أنه هو الذي وعظهن عليه دون رسول الله ، حتى أنزل الله
فيهن ما أنزل . وبنحو الذي ذكر عمر عنه من خلقه معهن ، تتابعت الأخبار عنه ، وإلى
مثل الذي كان يستعمل معهن من الأخلاق ندب أمته صلى الله عليه وسلم . ذكر ما صح
سنده من الأخبار الواردة علينا عنه بذلك
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 125
1124 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « خيركم خيركم لأهله »
1125 - حدثنا إسحاق بن زيد الخطابي ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي »
1126 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خياركم خياركم لنسائه »
1127 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا الطفاوي ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن زمعة ، قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر النساء ، فقال : « علام يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد ، ولعله يضاجعها من يومه »
1128 - حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحكم ، قال : حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، عن إسماعيل بن كثير ، عن عاصم بن لقيط بن صبرة ، عن أبيه لقيط ، قال : قلت : يا رسول الله ، إن لي امرأة ، وإن في لسانها شيئا - يعني البذاء . قال : « فطلقها إذا » . قال : قلت : يا رسول الله ، إن لها صحبة ، ولي منها ولد . قال : « فمرها - يقول : عظها - فإن كان فيها خير فستقبل ، ولا تضرب ظعينتك كضربك أميتك » فإن قال لنا قائل : فإن كان الفضل في الصفح عنهن ، والصبر على أذاهن ، واحتمال مكروههن ، فما وجه الخبر الذي
1129 - حدثكموه ابن وكيع ، قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن ابن أبي ليلى ، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « علق سوطك حيث يراه الخادم »
1130 - حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن راشد أبي محمد ، عن شهر بن حوشب ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، قال : أوصاني خليلي أبو القاسم ، وقال : « أنفق من طولك على أهلك ، ولا ترفع عصاك عنهم ، أخفهم لله »
1131 - حدثنا ابن خلف ، قال : حدثنا كثير بن هشام ، قال : حدثنا النضر بن معبد ، عن محمد بن واسع ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ، قال : قام رجل فقال : يا رسول الله ، أوصني . فقال : « أخف أهلك ، ولا ترفع عنهم عصاك »
1132 - حدثني ابن البرقي ، وابن عسكر البخاري ، قالا : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا نافع بن يزيد ، قال : حدثني سيار بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن قوذر عن سلمة بن شريح ، عن عبادة بن الصامت ، قال : أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « لا تضع عصاك عن أهلك ، وأنصفهم من نفسك » وما أشبه ذلك من الأخبار المروية عن رسول الله في ذلك ؟ قيل : قد اختلف أهل العلم في ذلك . فقال بعضهم : هذه أخبار غير جائز الاحتجاج بها في الدين لوهاء أسانيدها ، وضعف بعض من في نقلتها ورواتها . قالوا : وإذ كان الأمر في ذلك كذلك ، فأفضل الأخلاق التي يتخلق بها الرجل في أهله ، الصبر عليهم ، والصفح عنهم ، على ما تتابعت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخبار الصحاح الأسانيد . وقال آخرون بتصحيح هذه الأخبار ، ثم اختلف مصححو ذلك بينهم في معناه . فقال بعضهم : معنى ذلك : أن يضرب الرجل امرأته إذا رأى منها ما يكره ، فيما يجب عليها في طاعته ، واعتلوا بأن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين كانوا يفعلون ذلك ؛ اتباعا منهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
ذكر الأخبار عن بعض من كان يفعل ذلك
1133 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن أم موسى ، قالت : « كانت ابنة علي بن أبي طالب رحمه الله تحت عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، فربما ضربها ، فتجيء إلى الحسن بن علي فتشتكي ، وقد لزق درع من حديد بجسدها من الضرب ، فيقسم عليها لترجعن إلى بيت زوجها »
1134
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت
المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : « كنت رابع أربع نسوة تحت الزبير ، فكان إذا
عتب على إحدانا ، فك عودا من عيدان المشجب (1) ، فضربها به حتى يكسره عليها »
__________
(1) المشجب : هو ما يعلق عليه الثياب والمتاع
1135
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني حرمي بن عمارة ، قال : حدثنا شعبة ، قال :
أخبرني عمارة ، قال : دخلت على أبي مجلز ، وإذا هو قد وقع بينه وبين امرأته كلام ،
فرفع العصا فشجها (1) مثل هذا - وأشار حرمي قدر نصف أنملة إصبعه . قال أبو موسى :
قال حرمي : فحدثت به سفيان بن عيينة ، فأعجبه
__________
(1) شج : جرح غيره
1136 - حدثني ابن عبد الرحيم ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا سلم بن عيسى بن أبي سليمان ، عن محمد بن عجلان ، أنه كان يحدث بهذا الحديث : « لا ترفع عصاك عن أهلك » . قال : فكان يشتري سوطا فيعلقه في قبته ، لتنظر إليه امرأته وأهله وقال آخرون : بل ذلك أمر من النبي صلى الله عليه وسلم أمته بأدب أهليهم ووعظهم ، وأن لا يخلوهم من تفقدهم بما يكون لهم مانعا من الفساد عليهم ، والخلاف لأمرهم . قالوا : وذلك من قول العرب : شق فلان عصا المسلمين : إذا خالف ألفتهم ، وفرق جماعتهم ، كما قال جرير بن عطية : إذا بكرت سلمى فجد بكورها وشق العصا بعد اجتماع أميرها ، قالوا : وإنما عنى جرير بقوله : وشق العصا بعد اجتماع أميرها : أنه فرق جماعتهم بعد الألفة . قالوا : ومن ذلك قيل للرجل إذا أقام بالمكان واستقر به واجتمع إليه أمره : قد ألقى فلان عصاه ، وضرب فيه أرواقه ، وألقى بوانيه كما قال الشاعر : فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر ، قالوا : وإنما قيل للرجل الرفيق السياسة ، الحسن الأثر فيما قام به : إنه للين العصا ؛ لتأليفه بين الأشتات ، وجمعه بين المختلفات ، واستعطافه قلوب رعيته ، كما قال معن بن أوس المزني : عليه شريب وادع لين العصا يساجلها جماته وتساجله ، قالوا : فأما ضربها لغير الهجر في المضجع ، فغير جائز له ذلك ، بل ذلك محرم عليه . قالوا : وبذلك جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن السلف الصالحين . ومما احتجوا به في ذلك من الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما
1137
- حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن
الزهري ، عن عبيد الله بن عمر أنه سمع إياس بن عبد الله بن أبي ذباب ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تضربوا إماء الله » ، قال : فجاء عمر فقال :
يا رسول الله ، إن النساء قد ذئرن (1) على أزواجهن ، فأذن في ضربهن . فأطاف بآل
محمد صلى الله عليه وسلم سبعون امرأة يشكون أزواجهن ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « لقد أطاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشتكين أزواجهن ،
ولا تجدون أولئك خياركم »
__________
(1) ذئر : اجترأ وغلب
1138
- حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن لقيط بن
المشاء الباهلي ، عن أبي أمامة الباهلي ، قال : « نزلت عليه بحمص ، فقال : إني
لأبغض (1) الرجل أن يكون ضيفا على أهل بيته . قال : فقيل : وما الضيف على أهل
البيت ؟ قال : الرجل الشديد الخلق - أو السيئ الخلق - في أهله ، إذا دخل هابته (2)
المرأة والشاة والخادم والهر ، كلهم يخاف أن يصيبهم بشر قبل أن يخرج ، فذلك كأنه
ضيف على أهله » قالوا : وقد حرم الله تعالى ذكره أذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما
اكتسبوا ، فقال جل ثناؤه : والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتانا وإثما مبينا (3) . قالوا : وإذ كان الله تعالى ذكره قد حرم أذاهن
بغير ما استحققن به الأذى ، فضربهن بغير ما اكتسبن أحرم وأبعد من الجواز ، والصواب
من القول في ذلك عندنا أنه غير جائز لأحد ضرب أحد من الناس ، ولا أذاه إلا بالحق ؛
لقول الله تعالى : والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا
بهتانا وإثما مبينا ، سواء كان المضروب امرأة وضاربها زوجها ، أو كان مملوكا أو
مملوكة وضاربه مولاه ، أو كان صغيرا وضاربه والده ، أو وصي والده وصاه عليه . غير
أن الله تعالى ذكره أباح لهؤلاء الذين سمينا - من ضرب من ذكرنا بالمعروف فيما فيه
صلاحهم على وجه الأدب - ما حظر على غيرهم ، إلا لذي سلطان وقيم للمسلمين ، أو من
أقامه مقام نفسه في ذلك ، نص بعض ذلك في تنزيله ، وأبان بعضه على لسان رسوله صلى
الله عليه وسلم . فمما نص في تنزيله : إطلاقه لزوج المرأة - عند نشوزها عليه ،
وامتناعها من أداء حقه الذي فرض جل ثناؤه عليها له - ضربها بالمعروف ، إذ كان قيما
عليها ، فقال : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن
أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا (4) . فإذ كان الله جل ثناؤه قد أطلق في تنزيله
للرجل من ضرب زوجته دون سلطانه في الحال التي ذكرنا ، فبين أن كل ما كان من
الأحوال التي هي نظيرة حال نشوزها عليه ، في ركوبها من معصية ما حرم الله عليها عصيانه
فيه ، فحكمها فيه نظير حالها عند نشوزها عليه ، فيما له من أدبها وضربها بالمعروف
دون السلطان ، وذلك كخروجها من منزله بغير إذنه ورضاه من غير ضرورة ألجأتها إلى
الخروج منه ، في غير ما أباح الله لها الخروج فيه ، وكإذنها في منزله لمن ليس لها
إذنه فيه بغير إذنه ، ونحو ذلك . ومن نظائر ذلك كان يضربهن من كان يضربهن من السلف
الذين ذكرناهم ، وبنحو ذلك صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
(2) الهيبة : من هابَ الشَّيءَ يَهابُه إذا خَافَهُ وإذا وَقَّرَهُ وعَظَّمَه.
(3) سورة : الأحزاب آية رقم : 58
(4) سورة : النساء آية رقم : 34
1139
- حدثني يوسف بن سلمان البصري ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا جعفر بن محمد ، عن
أبيه ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اتقوا الله في النساء ،
فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، إن لكم عليهن ألا
يوطئن (1) فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك ، فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن
عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف » وكذلك ضرب الرجل ولده ويتيمه ومملوكه - فيما له من
ذلك ، وفيما ليس له منه - شبيه القول فيما للرجل من ضرب زوجته بالمعروف ، وفيما
ليس له منه فله ضرب جميعهم على تأديبهم ، على النظر لهم والصلاح وبنحو الذي قلنا
في ذلك قال جماعة السلف من الصحابة والتابعين
__________
(1) يوطئن : يُدْخِلْنَ وَيَأْذَنَّ
ذكر ذلك
1140 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن شميسة ، أنها قالت : ذكرت اليتيم عند عائشة ، فقالت : « أما أنا فأضرب أحدهم حتى ينبسط »
1141 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن شميسة ، قالت : سألت عائشة عن أدب اليتيم ، فقالت : « إن كان أحدهم يضرب يتيمه حتى ينبسط »
1142
- حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن
العرني : أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال إن في حجري يتيما ،
أفآكل من ماله بالمعروف ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « نعم غير متأثل (1)
مالا ، ولا واق مالك بماله » . قال : يا رسول الله ، أفأضربه ؟ قال : « مما كنت
ضاربا منه ولدك »
__________
(1) المتأثل : آكل مال اليتيم يضمه إلى ماله
1143 - حدثني علي بن عبد الله الدهان ، حدثنا المفضل بن صالح أبو جميلة ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن العرني ، قال : قال لنا عمرو وهو رجل من أهل العراق ، قال : قال رجل : يا رسول الله ، إن عندي يتيما ، أفأضربه ؟ قال : « اضربه مما كنت ضاربا ابنك » . قال : أفآكل من ماله ؟ قال : « غير متق مالك بماله »
1144 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن العرني رجل من أهل الكوفة : أن رجلا قال : يا رسول الله ، يتيمي أضربه ؟ قال : « اضربه مما كنت ضاربا منه ولدك » . قال : فما آكل من ماله ؟ قال : « بالمعروف ، غير متأثل ولا واق مالك بماله » ، حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا معتمر بن سليمان ، قال : قال يونس : حدثنا أيوب ، قال : قال رجل : يا نبي الله ، مما أضرب منه يتيمي ؟ ثم ذكر نحوه
1145
- حدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا عمران ، عن حسان بن بلال ،
قال : قال أبي بن كعب : « ليس على الوالد جناح (1) فيما أدب ولده »
__________
(1) الجناح : الإثم واللوم والمساءلة
1146 - حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا عبد الله بن بكر المزني ، عن أبيه ، قال : قال لقمان لابنه : « يا بني ضرب الوالد ولده مثل السماد والزرع »
1147 - حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، أنبأنا سليمان بن بلال ، قال : سئل يحيى بن سعيد عن الرجل يكون في حجره اليتيم ، فهل يضربه على ما ينفعه ؟ فقال : « نعم هو بمنزلة ولده ، ضربا رفيقا » وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له : أوصني : « لا تضع عصاك عن أهلك ، وأخفهم في الله » ، فإن معناه عندي بخلاف ما ذهب إليه من ذكرت قوله ، ممن وجه معناه إلى أنه أمر من النبي صلى الله عليه وسلم له بوعظ أهله ، بل ذلك عندي الخبر الذي ذكرنا عن ابن عباس ، عنه عليه السلام ، أنه قال : « علق السوط حيث يراه الخادم » ، حضا منه صلى الله عليه وسلم إياه على تأديب أهله ، ومن في منزله من خدمه وولده في ذات الله عز وجل ؛ لئلا يركبوا موبقة ، أو يكسبوه سبة باقيا عليه عارها ، أو يجروا جريرة يلحقه مكروهها ، إما في عاجل وإما في آجل ، إذ كان الله تعالى ذكره قد جعله قيما عليهم ، وجعله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم راعيا ، فقال عليه السلام : « الرجل راع على أهله وولده » ، كما جعل الأمير راعيا على رعيته ، وعلى الراعي سياسة رعيته بما فيه صلاحها دينا ودنيا . ومن الدليل على معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن قال له : « لا تضع عصاك عن أهلك » ، هو ما قلنا ، دون ما قاله من حكينا قوله ، وصفه لفاطمة بنت قيس أبا جهم ، إذ أخبرته أنه خطبها ومعاوية ، إذ وصفه بالغلظة والشدة على أهله بقوله : « أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن أهله » ، فأعلمها صلى الله عليه وسلم بذلك غلظته على أهله وشدته عليهم ، وأمرها أن تنكح غيره . فلو كان معنى قوله صلى الله عليه وسلم للذي قال له ذلك : « لا تضع عصاك عن أهلك » : لا تخلهم من تأديبك إياهم بالوعظ والتذكير ، دون الذي ذكرناه من أمره إياه بالترهيب بالضرب أحيانا عند ركوبها مالا يحل لها ركوبه من المعاصي التي قد ذكرت قبل ، لم يكن لتزهيده فاطمة بنت قيس في أبي جهم - بوصفه إياه لها بما وصفه به لها ، من تركه وضع عصاه عن أهله - معنى ؛ إذ كان الوعظ والتذكير لا يوجبان لصاحبهما ذما . وقد بين حقيقة ما قلنا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة : « أما أبو جهم فإنه لا يضع عصاه عن أهله » ما
1148 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن أبي بكر بن أبي الجهم ، قال : دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن على فاطمة بنت قيس ، فحدثت أن زوجها طلقها طلاقا بائنا ، قالت : فلما انقضت عدتي ، خطبني معاوية وأبو الجهم ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « أما معاوية فرجل لا مال له ، وأما أبو الجهم فرجل شديد على النساء » . قالت : فخطبني أسامة بن زيد فتزوجته ، فبارك الله لي في أسامة
1149
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي بكر بن أبي الجهم ،
قال : سمعت فاطمة بنت قيس ، تقول : أرسل إلي زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة مع
عياش بن أبي ربيعة بطلاقي ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا انقضت عدتك
فآذنيني (1) » . فلما انقضت عدتي ، خطبني خطاب فيهم معاوية وأبو الجهم ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « أما معاوية فرثيث الحال ، وأبو الجهم يضرب النساء -
أو فيه شدة على النساء - ولكن عليك بأسامة بن زيد » ، أو قال : « انكحي أسامة بن
زيد » فقد بين هذا الخبر أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تضع عصاك عن
أهلك » إنما هو ما ذكرنا من الشدة عليهم في ذات الله عز وجل ، بما يكون كافا لهم
عن اقتحام ما حرم الله عليهم ، رهبة منه ، وخوفا من عقابه لهم . وذلك أنه روى عن
فاطمة بنت قيس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جماعة أنه قال لها : « إن أبا
جهم لا يضع عصاه عن أهله » ، وروت ذلك جماعة أخرى أنه قال لها : « إن فيه شدة على
النساء وغلظة » ، فعلم بذلك أن ذلك إنما هو معنى واحد ، اختلفت به ألفاظ الرواة ؛
لاتفاق معاني جميعها ؛ ولذلك استجازت الرواة تغيير الألفاظ به . فإن قال قائل :
وكيف يجوز أن يكون معناه صلى الله عليه وسلم في قوله للذي قال له : « لا تضع عصاك
عن أهلك » ما وصفت ، ثم يقول لفاطمة بنت قيس في تكريهه إليها نكاح أبي جهم أنه لا
يضع عصاه عن أهله ، فيكره إليها نكاح من عمل بما أدبه من الأخلاق ، وفعل ما ندبه
إليه من الأفعال ؛ لعلمه بفعله ذلك وعمله به ؟ إن هذا من أخلاق نبي الله صلى الله
عليه وسلم لبعيد ، إلا أن يكون أحد هذين القولين منه ناسخا القول الآخر ، فإن كان
كذلك ، فأيهما الناسخ منهما صاحبه وأيهما المنسوخ ؟ قيل له : ليس في هذين القولين
اللذين رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسخ ولا منسوخ ، بل كلاهما صحيح
معناه ، مفهوم وجهه ومصدره . فأما قوله عليه السلام : « لا تضع عصاك عن أهلك »
للذي قال ذلك له ، فإن معناه ما وصفنا قبل من أمره صلى الله عليه وسلم إياه بإخافة
أهله في ذات الله عز وجل بما يكون رادعا لهم عن اقتحام حدود الله ، واجترام معاصيه
في حقوق الله تعالى التي ألزمهموها له أو لنفسه ، من الترهيب والتخويف على النحو
الذي قد وصفت قبل ذلك أنه راع عليهم ، وهو مسئول عن سيرته التي سارها فيهم ، كما
جاءت به الآثار عنه صلى الله عليه وسلم . وأما قوله لفاطمة : « أما أبو جهم ، فإنه
لا يضع عصاه عن أهله » ، فإنه معني به أنه لا يضع عصاه عن أهله في الحق والباطل ؛
فلذلك كره صلى الله عليه وسلم إليها نكاحه . يبين أن الذي قلنا من ذلك كالذي قلنا
ما
__________
(1) الأذَانِ والإذن : هو الإعْلام بالشيء أو الإخبار به وباقترابه
1150
- حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن
الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن فاطمة
بنت قيس ، أنها قالت : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا حللت فآذنيني (1)
» . فلما حللت آذنته ، قال : « من خطبك » ؟ قالت : معاوية ، ورجل آخر من قريش .
فقال : « أما معاوية فإنه فتى من فتيان قريش ، لا شيء له ، وأما الآخر فإنه صاحب
شر لا خير فيه ، فانكحي أسامة » . فكرهته ، فقال : « انكحيه » . فنكحته ومن كان
كذلك ، فلا شك أنه غير متبع بفعله ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للذي أوصاه : « لا
تضع عصاك عن أهلك » ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمر أحدا بضرب أحد في غير حق ،
زوجة كانت المضروبة أو أجنبية غريبة ، بل ذلك مما نهى عنه صلى الله عليه وسلم
بقوله لأمته : « اتقوا الله في النساء ؛ فإنهن عندكم عوان » . وبعد ، ففيما
__________
(1) الأذَانِ والإذن : هو الإعْلام بالشيء أو الإخبار به وباقترابه
1151
- حدثنا عباس ، عن قراد أبي نوح ، حدثنا الليث بن سعد المصري ، عن مالك بن أنس ،
عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم جلس بين يديه ، فقال : يا رسول الله إن لي مملوكين
يكذبونني ، ويخونونني ، ويعصونني ، وأضربهم وأشتمهم ، فكيف أنا منهم ؟ فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « يحسب ما خانوك ، وعصوك ، وكذبوك ، وعقابك إياهم ، فإن
كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم ، كان كفافا (1) ، لا لك ولا عليك ، وإن كان عقابك
إياهم فوق ذنوبهم ، اقتص لهم منك الفضل الذي بقي » . قال : فجعل الرجل يبكي بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهتف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
ما له ؟ أما يقرأ كتاب الله عز وجل : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم
نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين (2) ، فقال الرجل :
يا رسول الله ، ما أجد شيئا أخير إلي من فراق هؤلاء ، إني أشهدك أنهم أحرار كلهم
ما بين حقيقة ما قلنا من أن الرجل بتجاوزه ما أباحه الله تعالى وأطلقه له من القدر
في أدب أهله بالضرب عند استحقاقهم ذلك منه متبع ، وبه في الآخرة مطالب ، وعنه
مسؤول ؛ لأن الذي أطلق لكل أحد في أهله عند استيجابهم إياه من ذلك ، ما قد بينته
قبل
__________
(1) الكفاف : ما أغنى عن سؤال الناس وحفظ ماء الوجه وسد الحاجة من الرزق
(2) سورة : الأنبياء آية رقم : 47
القول
فيما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك في خبر إياس بن عبد الله بن أبي ذباب أنه
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ذئر النساء على أزواجهن : يعني بذلك أنهن
اجترأن عليهم وتنكرن لهم عما كن عليه لهم من ، الطاعة إلى الخلاف عليهم ، يقال منه
: هي امرأة ذائر - بغير هاء - ومنه قول عبيد بن الأبرص : ولقد أتانا عن تميم أنهم
ذئروا لقتلى عامر وتغضبوا يعني بقوله : ذئروا : نفروا وأنكروا ، ويقال : أنفوا .
ومنه أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث لقيط بن صبرة : « لا تضرب ظعينتك
كضربك أميتك » ، فالظعينة في كلام العرب : المرأة في الهودج ، وتجمع ظعائن ، وظعنا
، وظعنا ، بتسكين العين وتحريكها ، وأظعانا . ومن الظعن قول لبيد بن ربيعة : شاقتك
ظعن الحي حين تحملوا فتكنسوا قطنا تصر خيامها ومن الأظعان قول أعشى بني ثعلبة :
وشاقتك أظعان لزينب غدوة تحملن حتى كادت الشمس تغرب ثم كثر استعمال العرب ذلك حتى
قالوا لزوجة الرجل وإن لم تكن سائرة في هودج : ظعينته ، وقد تسميها العرب أيضا
بأسماء أخر ، تقول : هي زوجته ، وزوجه ، ومرته ، وطلته ، وحنته ، وقعيدته ، وعرسه
، وجارته - ومن الجارة قول الأعشى : بانت لتحزننا عفاره يا جارتي ما كنت جاره
وحليلته ، وحاله - ومن الحال قول الآخر : يا رب حال حوقل وقاع تركتها مدنية القناع
- وربضه ، وربضه . وأما الأمية : فإنها تصغير أمة ، يقال : هذه أمة فلان ، ثم تصغر
فيقال : هذه أميته . وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة : « إذا انقضت عدتك
فآذنيني » ، فلما انقضت آذنته . فإن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : «
فآذنيني » : فأعلميني انقضاء عدتك . يقال : قد آذن فلان فلانا بكذا : إذا أعلمه به
، فهو يؤذنه به إيذانا ، ومنه قول الطرماح بن حكيم : آذن الناوي ببينونة ظلت منها
كصريع المدام وأما الأذن ، بفتح الألف والذال ، فهو غير هذا ، وذلك الاستماع ،
يقال منه : أذن فلان لكلام فلان ، فهو يأذن له أذنا : إذا استمع له . ومنه قول
الله عز وجل : وأذنت لربها وحقت (1) ، يقول : سمعت له وأطاعت . ومنه قول عدي بن
زيد العبادي : أيها القلب تعلل بددن إن همي في سماع وأذن وقول الآخر : في سماع
يأذن الشيخ له وحديث مثل ماذي مشار ومنه الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : « ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن » . وأما الإذن ،
بكسر الألف وسكون الذال ، فغير هذين المعنيين ، وهو التخلية والإطلاق . يقال منه :
قد أذن فلان لفلان في هذا الأمر ، فهو يأذن له إذنا : أطلقه له ، وخلى بينه وبينه
. ومنه قول الله عز وجل : وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله (2) ، يعني به :
إلا بتخلية الله لهم ، وضرهم من ضروه بذلك . وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم
الذي ذكره لقيط بن صبرة عنه أنه قال : « لا تضرب ظعينتك كضربك أميتك » الدلالة
الواضحة على أن للرجل ضرب أمته فيما تستحق الضرب عليه ، وفيه أيضا البيان عن أن
قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي
__________
(1) سورة : الانشقاق آية رقم : 2
(2) سورة : البقرة آية رقم : 102
1152 - حدثني به زيد بن خالد بن خداش الواسطي ، حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يقولن أحدكم : عبدي ، أمتي . كلكم عبيد الله ، وكل نسائكم إماء الله ، لكن ليقل أحدكم : فتاي أو فتاتي أو جاريتي » ، حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع البصري ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
1153 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني حفص بن ميسرة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقل أحدكم : عبدي أو أمتي ، كلكم عباد الله ، وكل نسائكم إماء الله ، ولكن ليقل : غلامي ، وجاريتي ، وفتاي ، وفتاتي »
1154 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أنبأنا عمرو بن الحارث أن أبا يونس حدثه عن أبي هريرة ، قال : « لا يقل أحدكم : عبدي ، أمتي ، وليقل : فتاي وغلامي ، كلكم مملوك ، والرب الله »
1155 - حدثني بحر بن نصر الخولاني ، حدثنا بشر بن بكر التنيسي ، حدثنا الأوزاعي ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، أنه قال : « لا يقل أحدكم : عبدي ، أمتي ، وليقل : فتاي ، وفتاتي » ليس بنهي تحريم ، ولكن نهي تكره ، وذلك أنه لو كان نهي تحريم لكان أحد الخبرين - أعني خبر لقيط عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : « لا تضرب ظعينتك كضربك أميتك » ، وخبر أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : « لا يقل أحدكم أمتي ، عبدي » - إما باطلا غير صحيح ، وإما ناسخا صاحبه والآخر منسوخا . وفي صحة سندهما جميعا ما يوجب القول بتصحيحهما ، وفي عدم الدليل على القول بأن أحدهما ناسخ للآخر ، ما يحقق القول بهما ، ويوجب تثبيتهما على ما يجوز ويصح . وإذ كان ذلك كذلك ، وكان لا وجه لتصحيحهما وتصحيح معناهما إلا على الوجه الذي قلنا من أن الخبر بالنهي معني به نهي تكره لا نهي تحريم ، وأن قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تضرب ظعينتك كضربك أميتك » ، إعلام بأن تسميته المملوكة : أمة غير محرمة تحريم الأشياء التي من تقدم عليها كان لربه عاصيا ، وبتقدمه آثما ، صح ما قلنا في ذلك ، وكان ذلك نظير نهيه عليه السلام ، عن أكل لحم الضب وتركه آكليه إذ أكلوه بمحضر منه على مائدته ، على ما قد تقدم بياننا قبل
ذكر خبر آخر من حديث أنس بن مالك ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
165
- حدثنا علي بن عيسى البزار ، حدثنا سعيد بن سليمان ، عن سليمان بن المغيرة ، عن
ثابت ، عن أنس ، قال : كنا مع عمر بن الخطاب بين المدينة ومكة فتراءينا الهلال ،
وكنت رجلا حديد (1) البصر فرأيته ، ليس أحد منا يزعم أنه رآه غيري ، فجعلت أقول
لعمر : أما تراه ؟ فجعل ينظر فلا يراه ، فقال عمر : سأراه وأنا مستلق (2) على
فراشي ، ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أرانا مصارع (3) أهل بدر بالأمس وهو يقول : « هذا مصرع (4) فلان إن شاء الله غدا ،
وهذا مصرع فلان إن شاء الله غدا » قال عمر : فوالذي بعثه بالحق ما أخطئوا تلك
الحدود ، فجعلوا يصرعون عليها ، ثم جعلوا في بئر بعضهم على بعض ، فانطلق رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، حتى انتهى إليهم فقال : « يا فلان بن فلان ، ويا فلان بن
فلان ، أوجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا ، فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا ؟ » فقال
عمر : يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها ؟ فقال : « ما أنتم بأسمع منهم
، غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا »
__________
(1) حديد : الحديد من كل شيء المكتمل الشديد القوي
(2) استلقى : نام على ظهره
(3) المصارع : أماكن الموت
(4) المصرع : مكان الموت
القول في علل هذا الحديث وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، وذلك أنه خبر لا يعرف له عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرج إلا من هذا الوجه ، وإن كان قد روى ذلك جماعة غيره ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخبر إذا انفرد عندهم منفرد بنقله وجب التثبت فيه ، وأخرى : أن حميدا حدث بهذا الحديث عن أنس ، فلم يدخل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحدا
ذكر ذلك
166
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، ويزيد بن هارون ، قالا : حدثنا حميد ، عن
أنس ، قال : قال : سمع المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببدر وهو ينادي
على قليب بدر : « يا أبا جهل بن هشام ، ويا عتبة بن ربيعة ، ويا شيبة بن ربيعة ،
يا أمية بن خلف ، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ » قالوا : يا رسول الله ، تنادي
أقواما قد جيفوا (1) ؟ قال : « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يستطيعون
أن يجيبوا » وقد وافق في رواية هذا الخبر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر
جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا منه سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
تعالى
__________
(1) جيفوا : أنتنوا
ذكر الرواية عمن وافق عمر في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
167 - حدثنا ابن بشار ، ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن عمر ، قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب يوم بدر فقال : « يا عتبة بن ربيعة ، ويا شيبة بن ربيعة ، ويا أبا جهل بن هشام ، يا فلان ، يا فلان ، والذي نفس محمد بيده ، إنهم يسمعون كلامي الآن » حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمر بن طلحة ، عن عمه محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن ، قال : قال عبد الله بن عمر بن الخطاب : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب فقال : « يا عتبة بن ربيعة » ثم ذكر مثله غير أنه قال في حديثه : « والله إنهم ليسمعون قولي الآن »
168 - حدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي أويس ، حدثني أخي ، عن سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على أصحاب قليب بدر من المشركين فقال : « قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ » قالوا : أليسوا أمواتا ؟ قال : « إنهم ليسمعون كما تسمعون »
169 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع ، أن ابن عمر أخبره قال : اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل القليب ببدر ، ثم ناداهم فقال : « يا أهل القليب ، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ » قال ناس : يا رسول الله ، تنادي ناسا أمواتا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم »
170 - حدثنا نصر بن علي ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثني أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى بدر أن يسحبوا إلى القليب ، فطرحوا فيه ، ثم وقف فقال : « يا أهل القليب ، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا » فقالوا : يا رسول الله ، تكلم قوما موتى ؟ قال : « لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق » فلما رأى أبو حذيفة بن عتبة أباه يسحب على القليب ، عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهية في وجهه ، فقال : « يا أبا حذيفة ، كأنك كاره لما رأيت ؟ » فقال : يا رسول الله ، إن أبي كان رجلا سيدا ، فرجوت أن يهديه رأيه إلى الإسلام ، فلما وقع الموقع الذي وقع أحزنني ذلك قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي حذيفة بخير
القول في معاني هذه الأخبار اختلف السلف من علماء الأمة في معاني هذه الأخبار ، فقال جماعة يكثر عددها بتصحيحها ، وتصحيح القول بظاهرها وعمومها ، وقالوا : الميت بعد موته يسمع كلام الأحياء ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل القليب بعدما ألقوا فيه ما قال ، قالوا : وفي قوله لأصحابه ، إذ قالوا : أتكلم أقواما قد ماتوا وصاروا أجسادا لا أرواح فيها ؟ فقال : « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم » أوضح البيان عن صحة ما قلناه ، من أن الموتى يسمعون كلام الأحياء ، واعتلوا في ذلك بأخبار رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الخبر الذي روينا عن عمر
ذكر بعض ما حضرنا ذكره ، مما صح من ذلك سنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
171
- حدثنا ابن حميد الرازي ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي ،
عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب ، قال : خرجنا في
جنازة رجل من الأنصار مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهينا إلى القبر ، ولما يلحد
(1) له بعد ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة ، وجلسنا معه كأن على
رءوسنا الطير ، فنكت (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء ، ثم رفع رأسه ،
فقال : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر » ، قالها ثلاث مرات ، ثم أنشأ يحدثنا
فقال : « إن المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا ، نزلت إليه
ملائكة كأن وجوههم الشمس ، مع كل ملك منهم كفن وحنوط (3) ، فجلسوا منه مد بصره ،
فإذا خرجت نفسه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماء ، وفتحت له
أبواب السماء كلها ، فليس منها باب إلا وهو يعجبه أن يدخل به منه . فإذا انتهى به
الملك إلى السماء قال : رب ، عبدك فلان قد قبضنا نفسه ، قال : فيقول : ارجعوه إلى
الأرض ، فإني وعدته أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى . قال
: وإنه ليسمع خفق (4) نعالهم ، إذا ولوا (5) مدبرين ، فيقال له : يا هذا ، من ربك
؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ قال : يقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى
الله عليه وسلم ، ثم ينادي مناد من السماء ، وذكر كلاما ، وذلك قوله تعالى : يثبت
الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة (6) . ثم يأتيه آت
حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قال : فيقول له : يا هذا : أبشر برضوان الله وجنات
فيها نعيم مقيم . قال : فيقول : وأنت فبشرك الله بخير ، فمن أنت ؟ لوجهك الوجه
يبشر بالخير . قال : يقول : أنا عملك الصالح . فوالله ما علمت إن كنت لسريعا في
طاعة الله ، بطيئا عن معصية الله ، فجزاك الله خيرا قال : فيقول : وأنت فجزاك الله
خيرا . ثم ينادي مناد من السماء أن افتحوا له بابا إلى الجنة وافرشوا له من فرش
الجنة قال : فيفتح له باب إلى الجنة ، ويفرش له من فرش الجنة . قال : يقول : رب ،
عجل قيام الساعة قال : فيقولها ثلاثا ، حتى أرجع إلى أهلي ومالي . وإن الكافر إذا
كان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا ، نزلت إليه ملائكة سود الوجوه ، معهم
سرابيل من قطران وثياب من نار ، فأجلسوه وانتزعوا نفسه معها العصب والعروق ، فإذا
خرجت نفسه لعنه كل ملك بين السماء والأرض ، وكل ملك في السماء ، وغلقت أبواب
السماء دونه ، فليس منها باب إلا وهو يكره أن يدخل منه ، فإذا انتهى به الملك إلى
السماء رمى به ، فيقول : أي رب ، عبدك فلان قبضنا نفسه ، فلم تقبله الأرض ولا
السماء قال : فيقول الله : ارجعه إلى الأرض ، فإني وعدته أني منها خلقتهم ، وفيها
أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة (7) أخرى ، وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين ،
فيقال له : يا هذا ، من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ قال : يقول : لا أدري . ثم
ينتهره انتهارة (8) شديدة ، فيقول : يا هذا ، من ربك ؟ وما دينك ؟ قال : يقول : لا
أدري قال : فينادي مناد من السماء : لا دريت (9) ، ثم يأتيه آت قبيح الوجه ، منتن
الريح ، قبيح الثياب ، فيقول : يا هذا ، أبشر بسخط الله وعذاب مقيم قال : فيقول :
وأنت بشرك الله بالشر ، فمن أنت ؟ لوجهك الوجه يبشر بالشر قال : أنا عملك السيئ ،
والله ما علمتك إن كنت لسريعا في معصية الله ، بطيئا عن طاعة الله ، فجزاك الله
شرا قال : فيقول : وأنت فجزاك الله شرا ثم يقيض (10) له أعمى أبكم (11) معه مرزبة
(12) من حديد ، لو ضرب بها جبلا لصار نارا ، فيضربه ضربة يسمعها ما بين المشرق
والمغرب إلا الثقلين (13) ، فيصير ترابا ، ثم تعاد فيه الروح قال : قلنا للبراء :
أملك هو أم شيطان ؟ قال : فغضب غضبا شديدا ثم قال : نحن كنا أشد هيبة (14) لرسول
الله صلى الله عليه وسلم من أن نسأله أملك هو أم شيطان قال : ثم ينادي مناد من
السماء أن افرشوا له لوحين من نار ، وافتحوا له بابا من النار قال : فيفرش له
لوحان من النار ، ويفتح له باب إلى النار ، فيقول : رب لا تقم الساعة ، لا تقم
الساعة » حدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا الأعمش ، حدثنا المنهال بن عمرو
، عن زاذان أبي عمر ، عن البراء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك ، غير أنه
يخالفه في بعض ألفاظه ، فيزيد فيه ، وينقص منه ، غير أنه قال في حديثه : فيوضع في
سجين ، وسجين : الأرض السفلى
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
(2) النكت : قرعك الأرض بعود أو بإصبع أو غير ذلك فتؤثر بطرفه فيها
(3) الحنوط : ما يُخْلط من الطِّيب لأكفان الموْتَى وأجْسَامِهم خاصَّة
(4) الخفق : صوت وقع النعل على الأرض
(5) وَلّى الشيءُ وتَولّى : إذا ذَهَب هاربا ومُدْبراً، وتَولّى عنه، إذا أعْرَض
(6) سورة : إبراهيم آية رقم : 27
(7) تارة : مرة
(8) الانتهار : الزجر والنهي والتعنيف
(9) لا دريت : دعاء عليه والمعنى لا كنت داريا ، فلا توفق في هذا الموقف ولا تنتفع
بما كنت تسمع أو تقرأ
(10) يقيض : يسبب له ويقدّر ويوكل
(11) الأبْكَم : الذي خُلق أخْرَس لا يتكلَّم
(12) المرزبة : المطرقة الكبيرة تكسر بها الحجارة
(13) الثقلان : الإنس والجن
(14) الهيبة : من هابَ الشَّيءَ يَهابُه إذا خَافَهُ وإذا وَقَّرَهُ وعَظَّمَه.
172
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن زاذان ،
عن البراء بن عازب ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من
الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد (1) ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجلسنا حوله ، كأن على رءوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت (2) به في الأرض طويلا ،
فرفع رأسه فقال : « أعوذ بالله من عذاب القبر » ، مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : « إن
العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، بعث الله إليه
ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، حتى يقعدوا منه مد البصر ،
ومعهم كفن من أكفان الجنة وحنوط (3) من حنوط الجنة ويجيء ملك الموت حتى يقعد عند
رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما
تسيل القطرة في السقاء ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى
يأخذوها فيحولوها في ذلك الحنوط ، ثم يصعدون بها ، ويخرج منها كأطيب نفحة (4) مسك
وجدت على الأرض ، فيصعدون بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتح فيفتح لها ، فلا يمرون
بأهل سماء إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون : فلان بن فلان بأحسن أسمائه
الذي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له
فيفتح له ، فيشيعه (5) من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهى بها
إلى السماء السابعة ، فيقول الله تعالى ذكره : اكتبوا كتابه في عليين (6) ،
وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة (7)
أخرى . فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقولان : من ربك ؟ فيقول :
ربي الله ، فيقولان : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان : ما هذا الرجل
الذي بعث فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقولان له ، وما
يدريك ؟ فيقول : قرأت في كتاب الله ، فآمنت به وصدقت ، فينادي مناد من السماء : أن
صدق عبدي ، قال : فذلك قوله : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة
الدنيا وفي الآخرة (8) الآية . فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من
الجنة ، وألبسوه منها ، وافتحوا له بابا إلى الجنة ، فيأتيه من روحها وطيبها ،
ويفسح له في قبره مد بصره ، ويأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ،
فيقول : أبشر بالذي يسرك ، فهذا يومك الذي كنت توعد . فيقول : من أنت ؟ فوجهك
الوجه يجيء بالخير فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول : رب أقم الساعة ، رب أقم
الساعة ، حتى أرجع إلى أهلي ومالي وإن العبد الفاجر (9) أو الآخر ، إذا كان في
انقطاع من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، نزل عليه من السماء ملائكة سود الوجوه ،
معهم أكفان المسوح (10) ، حتى يجلسوا منه مد (11) البصر ، ويجيء ملك الموت فيجلس
عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط (12) من الله وغضب . فتفرق
في جسده ، تنقطع معها العروق والعصب ، كما ينزع السفود (13) من الصوف المبلول ،
فيأخذها ، فإذا وقعت في يده لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيضعوها في تلك
المسوح ، ثم يصعدوا بها ، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة (14) وجدت على وجه الأرض ،
فيصعدون ، فلا يمرون على ملأ (15) من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث
(16) ؟ قال : فيقولون : فلان ، بأقبح (17) أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ،
حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له فلا يفتح له ، ثم قرأ رسول الله
صلى الله عليه وسلم : لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في
سم الخياط (18) ، فيقول الله تعالى ذكره : اكتبوا كتابه في أسفل الأرض ، في سجين ،
في الأرض السفلى ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها
أخرجهم تارة أخرى قال : فتطرح روحه فتهوي تتخطفه الطير ، أو تهوي (19) به الريح في
مكان سحيق (20) ، فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقولان له : من
ربك ؟ فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون ، فيقولان : ما دينك ؟ فيقول : لا أدري
. فيقال له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول : لا أدري ، فينادي مناد من
السماء : أن صدق ، فأفرشوه من النار ، وألبسوه من النار ، وافتحوا له بابا من
النار ، فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه
رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك
الذي كنت توعد . فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر ، فيقول : أنا عملك
الخبيث ، فيقول : رب ، لا تقم الساعة ، لا تقم الساعة » حدثني سلم بن جنادة ،
حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المنهال ، عن زاذان ، عن البراء ، قال :
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
(2) النكت : قرعك الأرض بعود أو بإصبع أو غير ذلك فتؤثر بطرفه فيها
(3) الحنوط : ما يُخْلط من الطِّيب لأكفان الموْتَى وأجْسَامِهم خاصَّة
(4) النفحة : هبوب الريح طيبة كانت أو خبيثة
(5) يشيعه : يصحبه ويوصله
(6) عِلِّيُّون : اسم للسماء السابعة، وقيل : هو اسمٌ لدِيوَان الملائكة
الحَفَظَة، تُرْفَع إليه أعمالُ الصالحين من العباد، وقيل : أراد أعْلَى
الأمْكِنَة وأشْرَفَ المرَاتِب من اللّه في الدار الآخرة.
(7) تارة : مرة
(8) سورة : إبراهيم آية رقم : 27
(9) الفاجر : الفاسق غير المكثرث المنغمس في المعاصي
(10) المسوح : جمع مِسْح ، وهو كساء غليظ من الشعر
(11) مد البصر : منتهى ما يراه النظر على البعد
(12) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
(13) السفود : عود من حديد ينظم فيه اللحم ليشوى
(14) الجِيفَة : جُثة الميت إذا أنْتَن
(15) الملأ : الجماعة
(16) الخبيث : النجس
(17) أقبح : القبح ضد الحسن والمراد أسوأ أسمائه
(18) سورة : الأعراف آية رقم : 40
(19) تهوي : تسقط وتميل وتلقي
(20) سحيق : بعيد أشد البعد
173
- حدثنا محمد بن حميد الرازي ، حدثنا الحكم بن بشير ، حدثنا عمرو بن قيس الملائي ،
عن يونس بن خباب ، عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب ، قال : كنا
مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فجلس تجاه القبلة ، فجلسنا
حوله كأن على رءوسنا الطير ، فنكس (1) ساعة ، ثم رفع رأسه فقال : « أعوذ بالله من
عذاب القبر » ثلاثا ، ثم قال : « إن المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة ، وانقطاع من
الدنيا ، نزلت ملائكة كأن وجوههم الشمس ، مع كل ملك كفن وحنوط (2) ، فجلسوا عنده
سماطين مد (3) البصر ، فإذا خرجت نفسه يقولون : اخرجي إلى رضوان الله ورحمته ،
فيصعدون به إلى السماء الدنيا ، فيقولون : رب ، هذا عبدك فلان ، فيقول الرب تبارك
وتعالى : ردوه إلى التراب ، فإني وعدتهم أني منها خلقناكم ، وفيها نعيدكم ، ومنها
نخرجكم تارة (4) أخرى ، فإذا أدخل القبر فإنه ليسمع خفق (5) نعالهم إذا ولوا (6)
قال : فيأتيه آت فيقول : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله ، وديني
الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيسأله الثانية وينتهره ، وهي آخر فتنة
تعرض على المؤمن ، فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه
وسلم ، فينادي مناد من السماء : أن صدق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة (7) ، فيأتيه آت
طيب الريح ، حسن الوجه ، جيد الثياب ، فيقول : أبشر برضوان الله ، وجنات لهم فيها
نعيم مقيم . فيقول : وأنت فبشرك الله بخير ، لوجهك الوجه يبشر بالخير ، ومن أنت ؟
فيقول : أنا عملك الصالح ، إن كنت لسريعا في طاعة الله ، بطيئا عن معصية الله ،
فجزاك الله خيرا قال : فيقول : افرشوا له من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا
له بابا إلى الجنة ، حتى يرجع إلي ، وما عندي خير له قال : فيقول المؤمن : رب عجل
قيام الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي وإن الكافر إذا كان في قبل من الآخرة ،
وانقطاع من الدنيا ، نزلت إليه ملائكة معهم سرابيل (8) من قطران ، وثياب من نار ،
فاحتوشوه ، فينتزعون نفسه كما ينتزع الصوف المبتل من السفود (9) كثير الشعب . قال
: ويخرج معها العصب والعروق ، ويقولون : اخرجي إلى سخط (10) الله وغضبه ، فيصعدون
بها إلى السماء ، فيقولون : رب ، هذا عبدك فلان ، فيقول الرب تبارك وتعالى : ردوه
إلى التراب ، فإني وعدته أني منها خلقناكم ، وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى
، فإذا أدخل قبره فإنه ليسمع خفق نعالهم ، إذا ولوا عنه مدبرين . قال : فيأتيه آت
، فيقول : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ،
ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم قال : فتعاد عليه الثانية ، وينتهره ، ويقول : من
ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : لا أدري ، لا أدري ، لا أدري ، فيقول : لا
دريت (11) ، لا دريت ، لا دريت . قال : ويرفع أعمى أصم أبكم (12) ، معه مرزبة (13)
لو اجتمع عليها الثقلان (14) ، ما أقلوها ، ولو ضرب بها جبل لصار ترابا أو رميما ،
فيضربه ضربة فيصير ترابا ، ثم تعاد فيه الروح ، فيضربه ضربة ، فيصيح صيحة (15)
يسمعها خلق الله كلهم إلا الثقلين ، فيأتيه آت قبيح الوجه ، منتن الريح ، خبيث
الثياب ، فيقول : أبشر بسخط الله ، وعذاب مقيم ، فيقول : وأنت ، فبشرك الله بشر
لوجهك الوجه يبشر بالشر ، من أنت ؟ فيقول : أنا عملك السيئ ، إن كنت لسريعا في
معصية الله ، بطيئا في طاعة الله ، فجزاك الله شرا ، فيقول : وأنت فجزاك الله شرا
، فيقول : افرشوا له لوحين من النار ، وألبسوه لوحين من النار ، وافتحوا له بابا
من النار حتى يرجع إلي ، وما عندي شر له »
__________
(1) نكس : خفض رأسه
(2) الحنوط : ما يُخْلط من الطِّيب لأكفان الموْتَى وأجْسَامِهم خاصَّة
(3) مد البصر : منتهى ما يراه النظر على البعد
(4) تارة : مرة
(5) الخفق : صوت وقع النعل على الأرض
(6) وَلّى الشيءُ وتَولّى : إذا ذَهَب هاربا ومُدْبراً، وتَولّى عنه، إذا أعْرَض
(7) سورة : إبراهيم آية رقم : 27
(8) السرابيل : جمع سربال وهو القميص أو الدرع أو كل ما يلبس
(9) السفود : عود من حديد ينظم فيه اللحم ليشوى
(10) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
(11) لا دريت : دعاء عليه والمعنى لا كنت داريا ، فلا توفق في هذا الموقف ولا
تنتفع بما كنت تسمع أو تقرأ
(12) الأبْكَم : الذي خُلق أخْرَس لا يتكلَّم
(13) المرزبة : المطرقة الكبيرة تكسر بها الحجارة
(14) الثقلان : الإنس والجن
(15) الصياح : الصراخ
174
- حدثني محمد بن إسحاق ، حدثني أبو النضر هاشم بن قاسم ، حدثني عيسى بن المسيب ،
حدثني عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحدوا (1) ، فجلس وجلسنا
حوله كأن على أكتافنا فلق الصخر ، وعلى رءوسنا الطير قال : فأرم قليلا قال : -
والإرمام السكوت ، فلما رفع رأسه قال « إن المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة ودبر
من الدنيا ، وحضر الموت ، نزلت عليه ملائكة من السماء معهم كفن من الجنة ، وحنوط
(2) من الجنة ، فجلسوا منه مد (3) بصره ، وجاء ملك الموت فجلس عند رأسه ، ثم قال :
اخرجي أيتها النفس المطمئنة ، اخرجي إلى رحمة الله ورضوانه . فتسيل نفسه كما تقطر
القطرة من السقاء (4) ، فإذا خرجت نفسه صلى عليه كل شيء بين السماء والأرض إلا
الثقلين (5) ، ثم يصعد به إلى السماء ، فيفتح له ، ويستغفر له مقربوها إلى السماء
الثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة ، والسادسة ، وإلى العرش مقربو كل سماء
. فإذا انتهى إلى العرش ، كتب كتابه في عليين (6) ، فيقول الرب عز وجل : ردوا عبدي
إلى مضجعه ، فإني وعدته أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة (7)
أخرى ، فيرد إلى مضجعه ، فيأتيه منكر ، ونكير يثيران الأرض بأنيابهما ، ويلحفان
الأرض بأشعارهما ، فيجلسانه ثم يقال له : يا هذا ؟ من ربك ؟ فيقول : ربي الله قال
: يقولان : صدقت ، ثم يقال له : ما دينك ؟ فيقول الإسلام ، فيقولان : صدقت ، ثم
يقال له : من نبيك ؟ فيقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : يقولان :
صدقت ، قال : ثم يفسح له في قبره مد بصره ، ويأتيه حسن الوجه ، طيب الريح ، حسن
الثياب ، فيقول له : جزاك الله خيرا ، فوالله ما علمت إن كنت لسريعا في طاعة الله
، بطيئا عن معصية الله ، فيقول : وأنت فجزاك الله خيرا . وإن الكافر إذا كان في
دبر من الدنيا ، وقبل من الآخرة ، وحضره الموت ، نزلت عليه ملائكة من السماء معهم
كفن من نار ، فجلسوا منه مد بصره ، وجاء ملك الموت فجلس عند رأسه ، ثم قال : اخرجي
أيتها النفس الخبيثة ، اخرجي إلى غضب الله وسخطه (8) ، فتتفرق روحه في جسده كراهية
أن تخرج ، لما ترى وتعاين ، فيستخرجها كما يستخرج السفود (9) من الصوف المبلول ،
فإذا خرجت نفسه لعنه كل شيء بين السماء والأرض إلا الثقلين ، ثم يصعد به إلى
السماء الدنيا . قال : فتغلق دونه ، فيقول الرب تبارك وتعالى : ردوا عبدي إلى
مضجعه ، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم ، وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى قال
: فيرد إلى مضجعه ، فيأتيه منكر ، ونكير يثيران الأرض بأنيابهما ، ويلحفان الأرض
بأشعارهما ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، فيجلسانه ثم
يقولان : يا هذا ، من ربك ؟ فيقول : لا أدري ، فينادي من جانب القبر مناد : لا
دريت (10) فيضربانه بمرزبة من حديد ، لو اجتمع عليها ما بين الخافقين لم يقلوها ،
يشتعل منها قبره نارا ، ويضيق قبره حتى تختلف أضلاعه ، ويأتيه قبيح الوجه ، منتن
الريح ، قبيح الثياب ، فيقول : جزاك الله شرا ، فوالله ما علمت إن كنت لبطيئا عن
طاعة الله ، سريعا في معصية الله ، فيقول : وأنت ، فجزاك الله شرا ، من أنت ؟ قال
: فيقول : أنا عملك الخبيث ، ثم يفتح له باب من النار فينظر إلى مقعده منها حتى
تقوم الساعة »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
(2) الحنوط : ما يُخْلط من الطِّيب لأكفان الموْتَى وأجْسَامِهم خاصَّة
(3) مد البصر : منتهى ما يراه النظر على البعد
(4) السقاية والسِّقاء : إناء يشرب فيه وهو ظرفُ الماءِ من الجلْدِ، ويُجْمع على
أسْقِية
(5) الثقلان : الإنس والجن
(6) عِلِّيُّون : اسم للسماء السابعة، وقيل : هو اسمٌ لدِيوَان الملائكة
الحَفَظَة، تُرْفَع إليه أعمالُ الصالحين من العباد، وقيل : أراد أعْلَى
الأمْكِنَة وأشْرَفَ المرَاتِب من اللّه في الدار الآخرة.
(7) تارة : مرة
(8) السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به
(9) السفود : عود من حديد ينظم فيه اللحم ليشوى
(10) لا دريت : دعاء عليه والمعنى لا كنت داريا ، فلا توفق في هذا الموقف ولا
تنتفع بما كنت تسمع أو تقرأ
175
- حدثنا أبو كريب ، والحسن بن علي الصدائي ، قالا : حدثنا الوليد بن القاسم ، عن
يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « إن المؤمن حين ينزل به الموت ويعاين ما يعاين ، ود أنها قد خرجت ، والله
يحب لقاءه ، وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء ، فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه
عن معارفهم من أهل الأرض ، فإذا قال : تركت فلانا في الدنيا أعجبهم ذلك ، وإذا قال
لهم إن فلانا قد فارق الدنيا . قالوا : ما جيء بروح ذاك إلينا ، وقد ذهب بروحه إلى
أرواح أهل النار ، وإن المؤمن يجلس في قبره ويسأل : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، ويقال
: من نبيك ؟ فيقول : نبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقال : ما دينك ؟ فيقول :
ديني الإسلام ، فيفتح له باب في قبره ، فيقال : انظر إلى مجلسك ، نم قرير (1)
العين ، فيبعثه الله يوم القيامة كأنما كانت رقدة . وإذا كان عدو الله ونزل به
الموت ، ويعاين ما يعاين ، ود أنها لا تخرج أبدا ، والله يبغض (2) لقاءه ، وإذا
أجلس في قبره يقال : من ربك ؟ قال : لا أدري قال : لا دريت (3) ، يقال : من نبيك ؟
فيقول : لا أدري ، يقال : ما دينك ؟ قال : لا أدري قال : لا دريت ويفتح له باب في
قبره ، باب من أبواب جهنم ، ثم يضرب ضربة يسمعها خلق الله إلا الثقلين (4) ، ثم
يقال : نم كما ينام المنهوش » قال : قلت : يا أبا هريرة ، وما المنهوش ؟ قال :
نهشته الدواب ، والحيات ، ثم يضيق عليه قبره ، حتى رأيت أبا هريرة نصب يده ، ثم
كفأها ، ثم شبك ، حتى تختلف أضلاعه
__________
(1) قرة العين : هدوء العين وسعادتها ويعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان
(2) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
(3) لا دريت : دعاء عليه والمعنى لا كنت داريا ، فلا توفق في هذا الموقف ولا تنتفع
بما كنت تسمع أو تقرأ
(4) الثقلان : الإنس والجن
176
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو
بن عطاء ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: « إن الميت تحضره الملائكة ، فإذا كان الرجل صالحا قالوا : اخرجي أيتها النفس
الطيبة كانت في الجسد الطيب ، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان . قال
: فيقولون ذلك حتى يعرج (1) به إلى السماء فيستفتح لها ، فيقال : من هذا ؟ فيقولون
فلان ، فيقال : مرحبا بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب ، ادخلي حميدة ،
وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان ، فيقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء التي فيها
الله تعالى ذكره ، وإذا كان الرجل السوء قال : اخرجي أيتها النفس الخبيثة ، كانت
في الجسد الخبيث ، اخرجي ذميمة ، وأبشري بحميم (2) وغساق (3) ، وآخر من شكله أزواج
، فيقولون ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها ، فيقال : من هذا ؟
فيقولون : فلان ، فيقولون : لا مرحبا بالنفس الخبيثة ، كانت في الجسد الخبيث ،
ارجعي ذميمة ، فإنه لن يفتح لك أبواب السماء ، فترسل بين السماء والأرض ، فتصير
إلى القبر فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ، فيقال : فيم كنت ؟ فيقول : في
الإسلام ، فيقال : ما هذا الرجل ؟ فيقول : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاءنا بالبينات (4) من قبل الله ، فآمنا وصدقنا ، فيقال : هل رأيت الله ؟ فيقول :
ما ينبغي (5) لأحد يراه ، فتفرج له فرجة قبل النار ، فينظر إليها يحطم (6) بعضها
بعضا ، فيقال : انظر ما وقاك (7) الله ، ثم تفرج له فرجة قبل الجنة ، فينظر إلى
زهرتها وما فيها ، فيقال : هذا مقعدك ، ثم يقال : على اليقين كنت ، وعليه مت ،
وعليه تبعث إن شاء الله . ويجلس الرجل السوء في قبره ، ثم يقال : فيم كنت ؟ فيقول
لا أدري ، فيقال : من هذا الرجل ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون . فتفرج له فرجة قبل
الجنة ، فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال : انظر ما صرف الله عنك . ثم تفرج له
فرجة قبل النار ، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا ، فيقال : هذا مقعدك ، ثم يقال :
على شك كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث إن شاء الله ، ثم يعذب » حدثني محمد بن عبد
الله بن عبد الحكم القرشي ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن
عمرو بن عطاء ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : « إن الميت تحضره الملائكة » ، ثم ذكر نحوه
__________
(1) يعرج : يصعد
(2) الحميم : الماء الحار
(3) الغساق : بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم ، وقيل
الزمهرير
(4) البينة : الدليل والبرهان الواضح
(5) ينبغي : يجب ويحق ويتيسر
(6) يحطم : يكسر لشدة اتقادها وتلاطم أمواج لهبها
(7) الوقاية : الحماية والستر
177
- حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا آدم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن
عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة (1) قال : ذاك
إذا قيل له في القبر : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله ، وديني
الإسلام ، ونبيي محمد ، جاءنا بالبينات (2) من عند الله فآمنت به وصدقت . فيقال له
: صدقت ، على هذا عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث
__________
(1) سورة : إبراهيم آية رقم : 27
(2) البينة : الدليل والبرهان الواضح
178
- حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة
، عن أبي هريرة ، قال : « إن الميت ليسمع خفق (1) نعالهم حين يولون عنه مدبرين ،
فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، والزكاة عن يمينه ، وكان الصيام عن يساره ،
وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى
من عند رأسه ، فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، فيؤتى من عند يمينه ، فتقول الزكاة :
ما قبلي مدخل ، فيؤتى عن يساره ، فيقول الصيام : ما قبلي مدخل ، فيؤتى من عند
رجليه ، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس : ما
قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، فيجلس قد مثلت له الشمس قد دنت (2) للغروب ، فيقال
له : أخبرنا عما نسألك ، فيقول : دعوني حتى أصلي ، فيقال له : إنك ستفعل ، فأخبرنا
عما نسألك عنه ، فيقول : وعم تسألوني ، فيقال : أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ؟
ماذا تقول فيه ؟ وما تشهد به عليه ؟ فيقول : أمحمد ؟ فيقال له : نعم ، فيقول :
أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه جاء بالبينات من عند الله فصدقناه ،
فيقال له : على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ، ثم يفسح له
في قبره سبعون ذراعا وينور له فيه ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : انظر
إلى ما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال
له : انظر ما صرف الله عنك لو عصيته ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يجعل نسمة في النسم
الطيب ، وهي طير خضر تعلق شجر الجنة ، ويعاد الجسد إلى ما بدئ منه من التراب ،
وذلك قول الله عز وجل : يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي
الآخرة (3) ، قال محمد بن عمرو : عن أبي سلمة ، عن الحكم بن ثوبان ، ثم يقال له :
نم ، فينام نومة العروس لا يوقظه إلا أحب أهله إليه . قال أبو هريرة : وإن كافرا ،
فيؤتى من قبل رأسه فلا يوجد شيء ، ثم يؤتى عن يمينه فلا يوجد شيء ، ثم يؤتى عن
شماله فلا يوجد شيء ثم يؤتى من قبل رجليه فلا يوجد شيء ، فيقال له : اجلس ، فيجلس
فزعا مرعوبا ، فيقال له : أخبرنا عما نسألك عنه ، فيقول : وعم تسألون ؟ قالوا :
إنا نسألك عن هذا الرجل الذي كان فيكم ، ماذا تقول فيه ؟ وماذا تشهد به عليه ؟
فيقول : أي رجل ؟ فيقال : هذا الرجل الذي كان فيكم فلا يهتدي لاسمه ، فيقال له :
محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون قولا ، فقلت كما
قالوا ، فيقال له : على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ، ثم
يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : ذلك مقعدك منها ، وما أعد الله لك فيها لو
أطعته ، فيزداد حسرة وثبورا ، ثم يضيق عليه قبره ، حتى تختلف فيه أضلاعه ، وهي
المعيشة الضنك قال الله تعالى ذكره : معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (4) »
__________
(1) الخفق : صوت وقع النعل على الأرض
(2) الدنو : الاقتراب
(3) سورة : إبراهيم آية رقم : 27
(4) سورة : طه آية رقم : 124
179
- حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن محمد بن عمرو ، عن
أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال : « يأتيه في قبره ، وتمثل له الشمس لغروب
قال : فيقال له : من ربك ؟ ومن نبيك ؟ ما تقول في هذا الرجل ؟ فيخبرهم ، قال :
فيقال له : صدقت ، قال : ويمد له قدامه سبعون ذراعا في قبره ، فيقول : دعوني أخبر
أهلي ، فيقال : اسكن ، إنك لن تقدر على ذلك ، فإذا دفن وولى عنه القوم ، سمع خفق (1)
نعالهم راجعين »
__________
(1) الخفق : صوت وقع النعل على الأرض
180
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع بن الجراح ، عن سفيان ، عن السدي ، عن أبيه ، عن
أبي هريرة ، قال سفيان يرفعه قال : « إن الميت ليسمع خفق (1) نعالهم إذا ولوا (2)
مدبرين »
__________
(1) الخفق : صوت وقع النعل على الأرض
(2) وَلّى الشيءُ وتَولّى : إذا ذَهَب هاربا ومُدْبراً، وتَولّى عنه، إذا أعْرَض
181
- حدثني محمد بن عوف بن سفيان الطائي ، حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى ،
حدثني أبي ، حدثني ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : انتهى النبي صلى الله
عليه وسلم إلى قبر ، ولما يفرغ منه ، فاطلع في القبر ، فقال : « أعوذ بالله من
عذاب القبر » . فعذنا بالله من عذاب القبر ، ثم اطلع ثانية ، فقال : « أعوذ بالله
من عذاب القبر » . فعذنا بالله من عذاب القبر ، ثم اطلع ثالثة ، فقال : « أعوذ
بالله من عذاب القبر » . فعذنا بالله من عذاب القبر ، ثم قال : « إن المؤمن إذا
كان في إقبال من الآخرة ، وإدبار (1) من الدنيا ، نزلت إليه ملائكة فجلسوا منه
قريبا ، فإذا هو مات تلقوه بحنوطهم وكفنهم ، وصلى عليه كل ملك بين السماء والأرض ،
ثم يعرج بروحه إلى السماء ، فيستفتح له فيفتح له ، فيقول تبارك وتعالى : ارجع عبدي
، منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم ، فيسمع خفق (2) نعالهم حين يولون (3)
مدبرين ، ثم يأتيه آت ، فيقول : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله
، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، وديني الإسلام ، فيردها عليه ، فيقولها ،
فيردها عليه ، فيقولها ، ثم يأتيه أحسن الناس وجها ، وأنقاه ثوبا ، وأطيبه ريحا ،
فيقول : أبشر برضوان الله وجنته ، لك فيها نعيم مقيم ، فيقول : وجهك الوجه جاءنا
بالخير ، ومثلك يبشر بالخير ، فمن أنت بارك الله فيك ؟ فيقول : أنا عملك الطيب ، خرجت
من جسدك الطيب ، والله إن كنت ما علمت لسريعا في طاعة الله ، بطيئا عن معصية الله
، فجزاك الله من صاحب خيرا ، ثم يخرق له خرق إلى الجنة ، فيأتيه ريحها وروحها إلى
يوم القيامة . فإذا كان الكافر في إدبار من الدنيا ، وإقبال من الآخرة ، نزلت إليه
ملائكة فجلسوا منه قريبا ، فإذا هو مات خرجت نفسه كالسفود من الصوف المبلول ،
ولعنوه ، ولعنه كل ملك بين السماء والأرض ، ثم عرجوا (4) بروحه إلى السماء ،
فاستفتحها فلم يفتح له ، فيقول تبارك وتعالى : ردوا عبدي ، منها خلقتهم ، وفيها
أعيدهم ، ومنها أخرجهم . ثم يأتيه آت ، فيقول : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟
فيقول : لا أدري ، فيقول : لا دريت ، ثم يردها عليه ، فيقول : لا أدري ، فيقول :
لا دريت ، ثم يأتيه أقبح الناس وجها ، وأنتنه ريحا ، وأوخشه ثوبا ، فيقول : أبشر
بسخط الله ، ونار لك فيها عذاب مقيم ، فيقول : مثلك بشر بالشر ، وجهك الوجه جاء
بالشر ، فمن أنت ؟ لا بارك الله فيك ، فيقول : أنا عملك الخبيث ، خرجت من جسدك
الخبيث ، والله إن كنت ما علمت لسريعا في معصية الله ، بطيئا عن طاعة الله ، فجزاك
الله من صاحب شرا ، ثم يأتيه آت معه مقمعة من حديد فيضربه بها ، ثم يخرق له ثقب ما
بين قرنه إلى إبهام قدمه ، ثم يخرق له إلى النار ، فيأتيه وهجها وغمها إلى يوم
القيامة »
__________
(1) الإدبار : الرجوع
(2) الخفق : صوت وقع النعل على الأرض
(3) وَلّى الشيءُ وتَولّى : إذا ذَهَب هاربا ومُدْبراً، وتَولّى عنه، إذا أعْرَض
(4) عرج : صعد
ذكر من قال بتصحيح هذه الأخبار من السلف ، وقالوا : إن الموتى يسمعون كلام الأحياء ، ويتكلمون ويعلمون
182 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن بن عثمان ، حدثنا عوف ، عن خلاس بن عمرو ، عن أبي هريرة ، قال : « إن أعمالكم تعرض على أقربائكم من موتاكم ، فإن رأوا خيرا فرحوا به ، وإن رأوا شرا كرهوه ، وإنهم يستخبرون الميت إذا أتاهم ، من مات بعدهم ، حتى إن الرجل يسأل عن امرأته أتزوجت أم لا ؟ وحتى إن الرجل يسأل عن الرجل ، فإذا قيل : قد مات قال : هيهات ، ذهب ذاك ، فإن لم يحسوه عندهم ، قالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهب به إلى أمه الهاوية ، فبئس المربية »
183
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ،
قال : « إذا توفي العبد المسلم بعث الله إليه ملائكة فقبضوا روحه في أكفانه . قال
: فإذا وضع في قبره بعث الله إليه ملكين فينتهرانه فيقولان له : من ربك ؟ قال :
ربي الله قالا : ما دينك ؟ قال : ديني الإسلام قالا : فمن نبيك ؟ قال : محمد صلى
الله عليه وسلم . قالا : صدقت ، كذلك كنت ، أفرشوه في الجنة ، وألبسوه منها ،
وأروه مقعده ، وتنزل عليه كسوة من الجنة . قال : وأما الآخر ؛ فيدخل به قبره ،
فيقال : من ربك ؟ قال : ما أدري ، سمعت الناس . فيقال : ما دينك ؟ قال : ما أدري .
قالا : لا دريت (1) ، لا دريت ، لا دريت ، كذلك كنت ، أفرشوه من النار وألبسوه
منها ، وأروه مقعده فيها ، ويضرب ضربة يلتهب قبره نارا منها ، ويضيق قبره ، حتى
تختلف أضلاعه أو تماس ، وتبعث عليه حيات من جوانب القبر كأعناق الإبل تنهشه ، فإذا
جزع (2) قمع (3) بمقمع من نار أو حديد »
__________
(1) لا دريت : دعاء عليه والمعنى لا كنت داريا ، فلا توفق في هذا الموقف ولا تنتفع
بما كنت تسمع أو تقرأ
(2) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن
(3) القمع : القهر والذل
184
- حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا سويد بن عمرو الكلبي ، عن حماد بن سلمة ، عن عاصم
، عن زر ، عن عبد الله ، قال : إن أحدكم ليجلس في قبره إجلاسا ، فيقال : من أنت ؟
فإن كان مؤمنا قال : « أنا عبد الله حيا وميتا ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله قال : فيفسح له في قبره ما شاء الله ، ويرى مكانه من الجنة ،
وتنزل له كسوة من السماء فيلبسها وأما الكافر فيقال له : من أنت ؟ فيقول : لا أدري
. فيقال : لا دريت (1) ، لا دريت ، لا دريت ، فيضيق عليه قبره ، حتى تختلف أضلاعه
أو تماس ، وترسل عليه حيات من جانب قبره فتنهشه وتأكله . فإذا فزع منها قمع (2)
بمقامع من نار »
__________
(1) لا دريت : دعاء عليه والمعنى لا كنت داريا ، فلا توفق في هذا الموقف ولا تنتفع
بما كنت تسمع أو تقرأ
(2) القمع : القهر والذل
185 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي شقيق ، عن جابر ، قال : « إذا دخل الميت قبره أتاه ملكان ينتهرانه ، فيقوم ، يهب كما يهب النائم ، أو نحوه قال : فيسألانه : من ربك ؟ فيقول : الله وما دينك ؟ فيجيبهم قال : فيقولان : صدقت ، كذلك كنت ، قال : فيقال : اكسوه كسوة من الجنة ، وألبسوه منها قال : فيقول : دعوني أخبر أهلي . قال : فيقال له : اسكن »
186 - حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد ، أنبأنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، حدثني يزيد بن طريف البجلي ، قال : « توفي أخي عمير بن طريف عام الجماجم ، فلما دفن وضعت رأسي على قبره ، فإن أذني اليسرى على القبر ، إذ سمعت صوت أخي ، أعرف صوتا ضعيفا ، سمعته يقول : الله . فقال له الآخر : فما دينك ؟ قال : الإسلام »
187 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني عطاف بن خالد ، قال : حدثتني خالة لي يقال لها تهلل بنت العطاف ، وكانت من العوابد ، وكانت كثيرا ما تركب إلى الشهداء ، قالت : « ركبت إليهم يوما فصليت عند قبر حمزة بن عبد المطلب ما شاء الله أن أصلي ، حتى إذا فرغت فقمت ، فقلت هكذا بيدي ، السلام عليكم ، قالت : فسمعت أذناي السلام يخرج إلي من تحت الأرض ، أعرفه كما أعرف أن الله خلقني ، وكما أعرف الليل من النهار ، وما في الوادي داع ، ولا مجيب يتحرك إلا غلامي نائما أخذ برأس دابتي ، فاقشعرت كل شعرة مني ، فدعوت الغلام : يا بني هلم دابتي ، فأدنى دابتي فركبت »
188
- حدثني محمد بن صالح العدوي ، حدثني محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثني إبراهيم
بن الصمة المهلبي ، حدثني الذين كانوا يمرون بالجص بالأسحار (1) قال : « كنا إذا
مررنا بجنبات (2) قبر ثابت سمعنا قراءة القرآن »
__________
(1) الأسحار : جمع سحر وهو وقت ما قبل الفجر
(2) الجنبات : جمع جنبة وهي الناحية
189 - حدثني عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة ، حدثنا محمد بن عائذ الدمشقي ، حدثنا يحيى بن حمزة ، عن الأوزاعي ، عن المخزومي ، قال أبو زرعة : أظنه المطلب بن عبد الله أن عادا لما أهلكها الله بما أهلكها قام فيهم نبيهم ، فقال : عاد ، « هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ، هل زلزلت أقدامكم ؟ ورجفت قلوبكم ؟ وشقت الأحقاف عليكم ؟ والذي نفسي بيده ، إنهم ليسمعون مقالتي »
190 - حدثني علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا يوسف بن الماجشون ، عن محمد بن المنكدر أنه دخل على جابر بن عبد الله السلمي وهو يموت قال : قلت له : « أقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام »
191 - حدثنا العباس بن محمد ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا ابن أبي ذئب ، عن قرين ، عن عامر بن سعد أن سعدا كان إذا خرج إلى ضيعته مر بقبور الشهداء ، فيقول لأصحابه : « ألا تسلمون على الشهداء فيردوا عليكم »
192
- حدثنا محمد بن جرير ، حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا إسماعيل ، أخبرني محمد بن
هلال ، عن أبيه ، عن أبي هريرة عليه السلام قال : « الميت يسمع نعالكم إذا وليتم
(1) عنه » وقال آخرون : هذه أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحاح ، ولكن
معنى قوله صلى الله عليه وسلم : « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ما أنتم بأعلم
بما أقول أنه حق منهم » ، ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : « ما
أنتم بأعلم بما أقول منهم »
__________
(1) وَلّى الشيءُ وتَولّى : إذا ذَهَب هاربا ومُدْبراً، وتَولّى عنه، إذا أعْرَض
ذكر من لم نذكر من ذلك
193
- حدثنا محمد بن بشار ، ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري
، حدثنا محمد بن عمرو ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن عمر ، قال
: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب ببدر ، فذكر الحديث ، ثم قال :
قالت عائشة : « غفر الله لأبي عبد الرحمن إنه وهل (1) ، إن الله تعالى يقول : إنك لا
تسمع الموتى (2) وما أنت بمسمع من في القبور (3) »
__________
(1) وهل : غلط وأخطأ في فهم المراد
(2) سورة : النمل آية رقم : 80
(3) سورة : فاطر آية رقم : 22
194
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمر بن طلحة ، عن عمه محمد
بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن ، قال : قالت عائشة : يغفر الله لأبي
عبد الرحمن ، إنه وهل (1) ، إن الله يقول : إنك لا تسمع الموتى (2) وما أنت بمسمع
من في القبور (3) ، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا فلان ، يا فلان
، والله إنهم ليعلمون الآن أن الذي كنت أقول لهم حق »
__________
(1) وهل : غلط وأخطأ في فهم المراد
(2) سورة : النمل آية رقم : 80
(3) سورة : فاطر آية رقم : 22
195
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أنبأنا مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عائشة ،
قالت : لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأولئك الرهط (1) ، عتبة بن ربيعة
وأصحابه ، فألقوا في الطوى قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « جزى الله شرا
من قوم نبي ، ما كان أسوأ الطرد ، وأشد التكذيب » قال : فقيل : يا رسول الله كيف
تكلم قوما قد جيفوا (2) ؟ قال : « ما أنتم بأفهم لقولي منهم » ، أو : « لهم أفهم
لقولي منكم » قالوا : فخبر عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي روته عنه
أنه قال لأصحابه ، إذ قالوا له حين قال ما قال لأهل القليب : « أتكلم أجسادا لا
أرواح فيها ما أنتم بأعلم بما أقول منهم ، وما أنتم بأفهم له منهم » يبين حقيقة ما
قلنا من التأويل في معنى قوله عليه السلام : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم من أنه
مراد به : ما أنتم بأعلم ، لا أنه خبر عن أنهم يسمعون أصوات بني آدم وكلامهم ،
قالوا : ولو كانوا يسمعون كلام الناس وهم موتى ، لم يكن لقول الله تعالى ، ذكره
لنبيه صلى الله عليه وسلم : إنك لا تسمع الموتى (3) ، ولا لقوله تعالى : إن الله
يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور (4) معنى قالوا : وفي فساد القول بأن ذلك
لا معنى له ، صحة القول بأن الأموات بعد مماتهم لا يسمعون من كلام الناس شيئا .
والصواب من القول في ذلك أن كلتا الروايتين اللتين ذكرت عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم في ذلك صحيحة ، عدول نقلتها ، فالواجب على ما انتهت إليه ، وقامت عليه
حجة خبر الواحد العدل الإيمان بها والإقرار بأن الله يسمع من شاء من خلقه من بعد
مماته ما شاء من كلام خلقه من بني آدم وغيرهم على ما شاء ، ويفهم من شاء منهم ما
شاء ، وينعم من أحب منهم بما أحب ، ويعذب في قبره الكافر ، ومن استحق منهم العذاب
كيف أراد ، على ما جاءت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الآثار وصحت به
الأخبار . وليس في قول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : إنك لا تسمع الموتى
ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ، ولا في قوله : إن الله يسمع من يشاء وما
أنت بمسمع من في القبور حجة لمن احتج به في دفع ما صحت به الرواية ، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم من قوله لأصحابه إذ قالوا له في خطابه أهل القليب بما خاطبهم
به : « ما أنتم بأسمع لما أقول منهم » ، ولا في إنكار ما ثبت عنه صلى الله عليه
وسلم من قوله لأصحابه مخبرهم عن الميت في قبره : « إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا
مدبرين » ، إذ كان قوله : وما أنت بمسمع من في القبور ، وقوله : إنك لا تسمع
الموتى ، محتملا من التأويل أوجها سوى التأويل الذي تأوله الموجه تأويله إلى أنه
لا ميت يسمع من كلام الأحياء شيئا . فمن ذلك أن يكون معناه : فإنك لا تسمع الموتى
بطاقتك وقدرتك ، إذ كان خالق السمع غيرك ، ولكن الله تعالى ذكره هو الذي يسمعهم
إذا شاء ، إذ كان هو القادر على ذلك دون من سواه من جميع الأنبياء ، وذلك نظير
قوله : وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم (5) . وذلك أن الهداية من الكفر إلى
الإيمان والتوفيق للرشاد بيد الله دون من سواه ، فنفى جل ثناؤه عن محمد صلى الله
عليه وسلم أن يكون قادرا أن يسمع الموتى إلا بمشيئته ، كما نفى أن يكون قادرا على
هداية الضلال إلى سبيل الرشاد إلا بمشيئته وذلك يبين أنه كذلك في قوله : إن الله
يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور ، أنه جل ثناؤه أثبت لنفسه من القدرة على
إسماع من شاء من خلقه ، بقوله : إن الله يسمع من يشاء ، ثم نفى عن محمد صلى الله
عليه وسلم القدرة على ما أثبته وأوجبه لنفسه من ذلك ، فقال له : وما أنت بمسمع من
في القبور ، ولكن الله هو المسمعهم دونك ، وبيده الإفهام والإرشاد والتوفيق ،
وإنما أنت نذير ، فبلغ ما أرسلت به . فهذا أحد أوجهه ، والثاني : أن يكون معناه :
فإنك لا تسمع الموتى إسماعا ينتفعون به ؛ لأنهم قد انقطعت عنهم الأعمال ، وخرجوا
من دار الأعمال إلى دار الجزاء ، فلا ينفعهم دعاؤك إياهم إلى الإيمان بالله والعمل
بطاعته ، فكذلك هؤلاء الذين كتب ربك عليهم أنهم لا يؤمنون ، لا يسمعهم دعاؤك إلى
الحق إسماعا ينتفعون به ؛ لأن الله تعالى ذكره قد ختم عليهم أن لا يؤمنوا ، كما
ختم على أهل القبور من أهل الكفر أنهم لا ينفعهم بعد خروجهم من دار الدنيا إلى
مساكنهم من القبور إيمان ولا عمل ؛ لأن الآخرة ليست بدار امتحان ، وإنما هي دار
مجازاة ، وكذلك تأويل قوله تعالى : إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في
القبور ، وغير ذلك من وجوه المعاني . فإذ كان ذلك محتملا من المعاني ما وصفنا ،
فليس لموجهه إلى أنه معني به أنه لا يسمع ميت شيئا بحال حجة ، إذ كان لا خبر بذلك
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصححه ، ولا في الفعل شاهد بحقيقته ، بل تأويل
مخالفيه في ذلك على ما ذكرنا أولى بالصحة لما روينا عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم من الأخبار الواردة عنه أنهم يسمعون كلام الأحياء ، على ما وردت به عنه
الآثار . فإن ظن ظان أن قول الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : وما أنت
بمسمع من في القبور ، وقوله له : إنك لا تسمع الموتى ، لما كان عاما ظاهره في كل
من في القبور ، وفي جميع الموتى ، من غير خصوص بعض منهم ، وجب أن يكون قول القائل
: لا يجوز أن يسمعوا في حال ما هم في البرزخ شيئا من كلام الأحياء أولى بالصحة من
قول القائلين بإجازة ذلك في بعض الأحوال ، فقد ظن غير الصواب . وذلك أن الله جل
ثناؤه جعل بيان ما نزل إلينا من كتابه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد بين لنا
عليه السلام بقوله صلى الله عليه وسلم ، إذ ذكر حال المؤمن والكافر في قبورهما حين
يسألان عن دينهما : أنهما يسمعان خفق نعال متبعي جنائزهما إذا ولوا عنهما مدبرين ،
فكان معلوما بذلك أن قوله تعالى : وما أنت بمسمع من في القبور ، وقوله : إنك لا
تسمع الموتى ، معني به إسماع بعض الأشياء دون جميعها ، ودليلا على أن قول من قال :
قد يسمعون بعض الأشياء في بعض الأحوال أولى بالصحة من قول من خالف ذلك . فإن قال
لنا قائل : وما تنكر أن يكون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « إنه ليسمع خفق
نعالهم إذا ولوا عنه مدبرين » ، إنه ليعلم ذلك ، إذ كان معروفا من كلام العرب أن
يقول القائل منهم لصاحبه : قد سمعت منك ما قلت ، بمعنى : فهمت عنك ما قلت ، واسمع
مني ما أقول ، بمعنى : افهم عني ما أقول ؟ قيل له : إن ذلك لو وجهناه إلى المعنى
الذي قلته لم يكن لمن خالف قولنا في أنهم يسمعون السماع المفهوم حجة ، وذلك أنا إن
قلنا : معنى ذلك أنهم يعلمون خفق نعالهم ، لم يخل علمهم بذلك من أن يكون حدث لهم
عن سماع منهم خفق نعالهم ، أو عن خبر أخبروا به في قبورهم ، وأي ذلك كان فإنه محقق
قولنا في أن الله تعالى ذكره يسمع من شاء من الأموات ما شاء من كلام الأحياء ،
ويعرف من شاء ما شاء من أخبارهم ، وينعم من شاء منهم في قبره بما شاء ، ويعذب من
شاء منهم كيف شاء ، له الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير ، وفي هذا الخبر أيضا ،
أعني خبر عمر الذي ذكرناه قبل الدلالة على أن من الحق مواراة جيفة كل ميت من بني
آدم عن أعين بني آدم ، ما وجد إلى ذلك السبيل ، مؤمنا كان ذلك الميت أو كافرا ،
وذلك لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى مشركي بدر أن يجعلوا في قليب ، ولم
يتركهم بالعراء مطرحين ، بل أمر بجيفهم أن توارى في القليب . فإذ كان ذلك من فعله
صلى الله عليه وسلم بهم ، فالحق على المسلمين أن يستنوا به صلى الله عليه وسلم ،
فيفعلوا في من أصابوا من المشركين في معركة الحرب بالقتل ، وفي غير معركة الحرب
مثل الذي فعل صلى الله عليه وسلم في قتلى مشركي بدر فيواروا جيفته ، إذا لم يكن
لهم مانع من ذلك ، ولا شيء يشغلهم عنه من خوف كرة عدو أو غير ذلك . وإذ كان ذلك
سنته في مشركي أهل الحرب ، فالمشركون من أهل العهد والذمة إذا مات منهم ميت بحيث
لا أحد من أوليائه وأهل ملته بحضرته يلي أمره ، وحضره أهل الإسلام ، أحق وأولى بأن
تكون السنة فيهم سنته صلى الله عليه وسلم في مشركي بدر في أن يواروا جيفته ويدفنوه
ولا يتركوه مطروحا بالعراء من الأرض ، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا في
عمه أبي طالب إذ مات ، فقال له : « اذهب فواره » وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم
حين أذن بمثل فعله بمشركي بدر من دفنه إياهم ، في مواطن أخر ، وإن كان في إسناده
بعض النظر ، وذلك ما
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
(2) جيفوا : أنتنوا
(3) سورة : النمل آية رقم : 80
(4) سورة : فاطر آية رقم : 22
(5) سورة : النمل آية رقم : 81
196
- حدثنا به محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد
الحكم ، حدثنا أيوب بن سويد ، قالوا جميعا : أنبأنا سفيان ، عن أبي فزارة ، عن عبد
الرحمن بن أبي عمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة مقتولة فقال : « من قتل
هذه ؟ » فقال رجل : أنا ، أردفتها (1) خلفي فأرادت أن تقتلني فقتلتها ، فأمر صلى
الله عليه وسلم بدفنها « فإن لم يفعلوا ذلك لشاغل شغلهم ، أو أمر منعهم منه ، لم
أرهم حرجين بتركهم ذلك ؛ لأن أكثر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان
فيها القتال ، لم يذكر عنه من ذلك ما ذكر عنه منه ببدر وفيه أيضا البيان أن الموت
إذا كثر في موضع بطاعون أو غيره ، أو كثر القتل في معركة حرب والتقاء زحوف حتى
تعظم مؤونة حفر قبر لكل رجل ولكل إنسان منهم ، أن لمن حضرهم دفن الجماعة الكثيرة
منهم والقليلة منهم في حفيرة واحدة ، كالذي فعل صلى الله عليه وسلم بقتلى مشركي
بدر من جمعه جميعهم ، في قليب واحد ، وهم سبعون رجلا ، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه
وسلم يوم أحد بقتلى المسلمين ، إذ فشا القتل فيهم وكثر ، دفن الثلاثة منهم
والاثنين في القبر الواحد
__________
(1) أردفه : حمله خلفه
ذكر الأخبار الواردة بذلك
197 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا أسامة بن زيد ، عن الزهري ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد : « ادفنوا الرجلين والثلاثة في القبر الواحد ، وقدموا أكثرهم قرآنا »
198 - حدثنا محمد بن المثنى ، وزياد بن أيوب ، قالا : حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي قال : سمعت حميد بن هلال ، يحدث عن سعد بن هشام ، عن أبيه ، قال : لما كان يوم أحد أصابت الناس جراحات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « احفروا ، وأوسعوا ، وأحسبه قال : وأعمقوا ، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر ، وقدموا أكثرهم قرآنا »
199
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن حميد بن هلال ، عن هشام
بن عامر الأنصاري ، قال : شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم القرح (1) يوم أحد ،
فقالوا : كيف تأمرنا بقتلانا ؟ فقال : « احفروا ، وأوسعوا ، وأحسنوا ، وادفنوا في
القبر الاثنين والثلاثة ، وقدموا أكثرهم قرآنا » قال هشام : فقدم أبي بين يدي
اثنين
__________
(1) القرح : الجرح والقتل والألم والشدة
200
- حدثني ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن حميد بن هلال ، عمن يحدثه
، عن هشام بن عامر ، قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القرح (1) يوم
أحد ، فقلنا : كيف تأمرنا بقتلانا ؟ قال : « احفروا ، وأوسعوا ، وأحسنوا ، وادفنوا
في القبر الاثنين والثلاثة ، وقدموا أكثرهم قرآنا »
__________
(1) القرح : الجرح والقتل والألم والشدة
201
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا إسحاق بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن حميد بن
هلال ، عن هشام بن عامر ، قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد
القرح (1) ، فقلنا : يا رسول الله ، الحفر علينا لكل إنسان شديد ؟ فقال : « احفروا
، وأعمقوا ، وأحسنوا ، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد » ، قالوا : فمن نقدم
؟ قال : « قدموا أكثرهم قرآنا » قال : فكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد حدثني عبد
الأعلى بن واصل الأسدي ، حدثنا ثابت بن محمد الكناني ، حدثنا سفيان الثوري ، عن
أيوب ، عن حميد بن هلال ، عن هشام بن عامر ، قال : شكا أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فذكر نحوه
__________
(1) القرح : الجرح والقتل والألم والشدة
202 - حدثني العباس بن أبي طالب ، أنبأنا هاشم بن عبد الواحد ، حدثنا يزيد بن عبد العزيز بن سياه ، عن هشام بن حسان ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد : « احفروا ، وأعمقوا ، وأوسعوا ، وأحسنوا ، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد ، وقدموا أكثرهم قرآنا »
203 - حدثني عقبة بن سنان الزهراني ، حدثنا غسان بن مضر ، عن سعيد بن يزيد ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لما انصرف المشركون يوم أحد ، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « احفروا ، وأعمقوا ، وأحسنوا ، وادفنوا كل اثنين في قبر ، وقدموا أكثرهم قرآنا » قال : فدفنت أبي وأخي في قبر
204 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثني سعيد بن عامر ، عن شعبة ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : « دفن مع أبي رجل يوم أحد ، فلم تطب نفسي حتى أخرجته فدفنته على حدة »
205 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري حليف بني زهرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشرف على القتلى يوم أحد قال : « انظروا أكثرهم جمعا للقرآن فاجعلوه أمام أصحابه في القبر » وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في قبر واحد وفي حديث البراء معان أخر ليست في خبر عمر ، نحن مثبتوها . فمن ذلك قول البراء : خرجنا في جنازة رجل من الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي ذلك دليل واضح أنه صلى الله عليه وسلم كان يحضر جنائز أصحابه بنفسه ، وفي صحة ذلك عنه عليه السلام البيان البين أن لأئمة المسلمين وولاتهم وحكامهم شهود جنائز رعيتهم وعيادة مرضاهم وقضاء حقوقهم ، وأن ولايتهم ما ولوا من أمورهم والنظر بينهم وسياستهم غير موجبة لهم الامتناع من قضاء حقوقهم التي أوجبها الله تعالى لبعض المسلمين على بعض ، وأنهم إذا فعلوا ذلك على النحو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ، فلا ينبغي لرعيتهم أن يتهموهم بحيف وجور ، وإن كان المقضي حقه منهم ممن بينه وبين بعض رعيتهم مدارأة وخصومة قد اختصما فيها إليهم بعد أن لا يكون ذلك من الوالي أو الحاكم في خاص منهم ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يمتنع من قضاء حقوق أصحابه على النحو الذي ذكرت ، مع كونه الناظر بينهم في خصوماتهم وما تنازعوا فيه من حقوقهم بينهم . ومنه أيضا قولهم : فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، ففي ذلك دليل واضح على أنهم كانوا يلحدون لموتاهم ، ويجعلون قبورهم لحودا لا شقوقا . وبنحو ذلك رويت أخبار عن جماعة من أصحابه وغيرهم
ذكر بعض ما حضرنا ذكره من ذلك ، مما صح عندنا سنده
206
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن عثمان بن عمير ، عن
زاذان ، عن جرير بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اللحد (1) لنا
، والشق لغيرنا »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
207
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، عن عثمان أبي اليقظان ، عن زاذان ،
عن جرير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اللحد (1) لنا ، والشق لغيرنا »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
208
- حدثنا الرفاعي محمد بن يزيد ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا أبو حمزة الثمالي ،
عن زاذان ، عن جرير ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللحد (1) لنا ،
والشق لغيرنا »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
209
- حدثنا ابن حميد ، وأبو كريب ونصر بن عبد الرحمن الأودي ، قالوا : حدثنا حكام بن
سلم ، عن علي بن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللحد (1) لنا ، والشق لغيرنا » حدثنا ابن
حميد ، حدثنا هارون ، ومهران ، عن علي بن عبد الأعلى ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير
، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
210
- حدثنا ابن وكيع ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن
أبيه ، عن عائشة ، قالت : « كان بالمدينة حفاران ، فانتظروا - أرى أحدهما - فجاء
الذي يلحد (1) ، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
211
- حدثني العباس بن أبي طالب ، حدثنا هشام بن عبد الملك ، عن حماد بن سلمة ، عن
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قال : « لحد (1) للنبي صلى الله عليه وسلم »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
212
- حدثني العباس بن أبي طالب ، حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا مبارك ، عن حميد
الطويل ، عن أنس ، قال : كان بالمدينة قباران ، أحدهما يلحد (1) ، والآخر يضرح (2)
، « فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
(2) الضريح : شق وحفر في وسط القبر
213
- حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا مجالد ، عن عامر ، عن المغيرة بن شعبة
، قال : « كنت فيمن حفر قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلحدنا (1) له لحدا »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
214
- حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن
بن المسور بن مخرمة ، قال : أخبرني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن عامر
، عن سعد ، قال : قال سعد : « الحدوا (1) لي لحدا (2) ، وانصبوا (3) علي كما فعل
برسول الله صلى الله عليه وسلم » حدثنا عمرو بن علي ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمد ، عن أبيه ، عن
عامر بن سعد ، عن أبيه مثله حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو عامر ، أنبأنا عبد الله
بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمد ، عن أبيه ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه مثله حدثني
محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل
بن محمد بن سعد ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، قال : قال سعد بن أبي وقاص ، فذكر
مثله
__________
(1) لحد : حفر لحدا في القبر وهو شق في جانب القبر على قدر الميت يوضع فيه
(2) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
(3) نصب : أقام ورفع
215
- حدثنا موسى بن سهل الرملي ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، حدثنا عبد
الله بن جعفر بن المسور ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن عامر بن سعد
، عن أبيه ، قال : « الحدوا (1) لي لحدا (2) ، وانصبوا (3) علي اللبن (4) نصبا (5)
، كما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم »
__________
(1) لحد : حفر لحدا في القبر وهو شق في جانب القبر على قدر الميت يوضع فيه
(2) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
(3) نصب : أقام ورفع
(4) اللبن : ما يعمل من الطين يعني الطوب والآجر
(5) النصب : البناء
216
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ،
قال : « كانوا يستحبون اللحد (1) ، ويكرهون الشق » حدثنا عبيد بن إسماعيل الهباري
، حدثنا المحاربي ، عن سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم مثله
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
217
- حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، قال : انتهينا إلى منزل إبراهيم
وقد دفن ، فقلنا : هل أوصى قالوا « نعم أوصى » قال : « الحدوا (1) لي لحدا (2) »
__________
(1) لحد : حفر لحدا في القبر وهو شق في جانب القبر على قدر الميت يوضع فيه
(2) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
218
- حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي ، حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن العلاء بن هارون ،
قال : أوصى إبراهيم قال : « الحدوا (1) لي لحدا (2) » ومنه أيضا قوله : فجلس رسول
الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسنا حوله . وفي قوله : فجلس رسول الله
صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة الدلالة الواضحة على اختياره صلى الله عليه وسلم
من المجالس ما واجه القبلة وقابلها ، وبذلك جاء غير الذي ذكرنا من الأثر عنه في
بعض الأحوال ، وعلى العمل به حث الصحابة وأمته
__________
(1) لحد : حفر لحدا في القبر وهو شق في جانب القبر على قدر الميت يوضع فيه
(2) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
ذكر بعض ما حضرنا ذكره من ذلك
219
- حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، حدثنا عائذ بن حبيب ، عن صالح بن حسان ، عن محمد
بن كعب ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لكل مجلس
شرفا (1) ، وإن أشرف المجالس ما استقبل القبلة »
__________
(1) الشرف : العلو والرفعة
220 - حدثنا الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا علي بن كرام القشيري ، حدثنا هشام بن زياد أبو المقدام ، عن محمد بن كعب القرظي ، حدثني ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « خير المجالس ما استقبل به القبلة » فإذا كان ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحا ، فأحب المجالس إلينا أن يجلسه المرء ما كان مقابل القبلة في بعض الأحوال ، وذلك إذا كان منفردا في مجلسه ، ولم يكن شيء يدعوه إلى استدبارها ، ولست وإن اخترت ذلك أكره الجلوس مستدبر القبلة لمن جلسه في الحال التي به الحاجة إلى الجلوس كذلك لسبب يدعوه إليه . أما الجلوس بين يدي عالم أو ذي سلطان أو حاكم ، أو بين يدي من به الحاجة إلى الجلوس بين يديه ، كذلك عند انصرافه من صلاته في حال يكون فيها إمام قوم . . . . . . ، وإنما اخترت الجلوس بين يدي العالم أو ذي سلطان أو بين يدي من دعا المرء إلى الجلوس بين يديه كذلك ؛ للذي ذكر البراء في حديثه أنهم جلسوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة ، فمعلوم أنهم إذ جلسوا حوله وهو جالس مستقبل القبلة أن من كان منهم بين يديه جالسا ، كان لا شك جلوسه مستدبر القبلة ، لإنهم لم يكونوا يولون رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهورهم إذا جلسوا بين يديه ، بل كانوا يستقبلونه بوجوههم ، وفي استقبالهم إياه بوجوههم في حال ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة بوجهه استدبارهم القبلة بأدبارهم في مجالسهم . وفي ذلك دليل على صحة ما قلنا من أن استقبال القبلة بالوجه ، إنما هو اختيار لمن كان لا يدعوه سبب من الأسباب التي ذكرنا وما أشبهه إلى استدبارها وأما اختياري للإمام الذي يصلي بقوم أن يستقبلهم بوجهه بعد فراغه من صلاته أن ينحرف عن القبلة بوجهه ، فللذي
221
- حدثنا به مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا جرير بن حازم ، قال :
سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن سمرة بن جندب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم « إذا صلى الغداة أقبل علينا بوجهه ، ولا شك أنه كان في إقباله عليهم بوجهه
بعد فراغهم من صلاتهم استدبارا (1) منه القبلة »
__________
(1) استدبرها : وَلَّاها ظهره
222 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أنبأنا يعلى بن عطاء ، حدثنا جابر بن يزيد بن الأسود العامري ، عن أبيه ، قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته قال : فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف ، - يعني مسجد منى - قال : « فلما قضى صلاته تحرف »
223 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، عن سفيان الثوري ، عن يعلى بن عطاء ، عن جابر بن يزيد ، عن أبيه ، قال : « صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرف انحرف »
224 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن يعلى بن عطاء ، عن جابر بن يزيد بن الأسود ، عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم « صلى الفجر بمنى ، ثم انحرف » وكالذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك كان يفعله جماعة من السلف
ذكر بعض ما حضرنا ذكره منهم
225 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، حدثنا مسهر بن عبد الملك ، حدثنا أبي ، عن عبد خير ، قال : « صلينا الفجر خلف علي رضي الله عنه ، فسلم عن يمينه وعن يساره قال : ثم انحرف على يمينه ، فجلس إلى طلوع الشمس »
226
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن هارون بن عنترة ، عن سعيد بن المسيب ،
قال : « لأن يجلس الرجل على رضفة (1) خير له من أن يجلس مستقبل القبلة حين يسلم
وهو إمام ، لا ينحرف »
__________
(1) الرضفة : واحدة الرضف وهي الحجارة المحماة على النار
227 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا الحكم بن بشير ، حدثنا ميكائيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : « صليت خلف فقيهكم - يعني إبراهيم الفقيه - ، فكان إذا سلم استقبل القوم بوجهه »
228 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثام بن علي ، عن الأعمش ، قال : كان إبراهيم « يصلي بالقوم ، فإذا سلم انحرف وهو جالس »
229 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا الحكم بن بشير ، حدثنا شعيب بن خالد ، عن الأعمش ، قال : كان إبراهيم « إذا سلم استقبل القوم بوجهه »
230 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : كنت أذهب إلى أبي حصين في الفجر ، فأجده في مكانه الذي صلى فيه الفجر مستقبل القبلة قال : « كان ينحرف ، فإذا انصرف الناس استقبل القبلة » ومنه أيضا قوله : وجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير - يعني بذلك البراء - أنهم جلسوا حوله سكوتا لا يتكلمون ولا يضطربون ؛ إعظاما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإجلالا له ، وهيبة منه . وفي ذلك الدليل الواضح على أن حق كل إمام عادل وعالم ومؤم أن يفعل ذلك به ، وبذلك جاء الأثر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمل به السلف الصالحون
ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك
231
- حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن الخير الزيادي ، عن
أبي قبيل ، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ليس منا
من لم يجل (1) كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا »
__________
(1) يجل : يعظم ويوقر ويحترم
232
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني
ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري ، أنه سمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : « لا أخاف على أمتي إلا ثلاثة : أن يكثر لهم من المال
فيتحاسدوا فيقتتلوا ، أو أن تفتح لهم الكتب فيأخذ المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم
تأويله إلا الله ، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ، وما يذكر
إلا أولو الألباب (1) ، وأن يروا عالما فيضعوه ، ولا يتألفوا (2) عليه »
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 7
(2) التألُّف : الاجتماع
233 - حدثنا أبو كريب ، قال : سمعت أبا بكر بن عياش ، قيل له ، حديث محمد بن عمرو ، فقال : عن أبي سلمة ، عن ابن عباس ، قال : « كنت أسمع بالرجل عنده الحديث فآتيه فأجلس حتى يخرج فأسأله ، ولو شئت أن أستخرجه لفعلت »
234 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن غالب القطان ، قال : كنا جلوسا بباب الحسن ، فجاء رجل من بني نمير ، فقال : ما يدخل على هذا إلا كما يدخل على الأمراء . قلنا : « كل امرئ في بيته أمير »
235 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، عن مغيرة ، قال : « كنا نهاب من إبراهيم كما نهاب من الأمير »
236 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، عن هارون بن أبي إبراهيم البربري ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : « إذا كان الرجل فقيها هابه الناس » وفي قول البراء : فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله الدليل الواضح على صحة قول القائلين : إن لمن تبع جنازة إلى القبر الجلوس قبل وضعها في اللحد . فإن قال قائل : فإن كان الأمر في ذلك كما ذكرت ، أفتقول إن لمن تبع جنازة الجلوس قبل وضعها في اللحد ؟ قيل : قد اختلف أهل العلم في ذلك ، فنبدأ بذكر أقوالهم فيه ، وما اعتل كل فريق منهم لقوله في ذلك ، ثم نتبع جميعه البيان عن الصحيح لدينا من أقوالهم
ذكر قول القائلين : لا يجلس من تبعها بعد أن يصلى عليها حتى يوضع صاحبها في القبر
237 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن محمد بن سيرين ، أن ابن عمر كان « يكره أن يجلس حتى توضع الجنازة في القبر » حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، قال : كان ابن عمر إذا رآها لم يجلس حتى توضع
238 - حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا سفيان بن حبيب الجرمي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : « من تبعها - يعني الجنازة - فلا يجلس حتى توضع »
239
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، عن الحارث بن ثقف ، قال : كان ابن سيرين « لا
يجلس حتى تجعل الجنازة في اللحد (1) »
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
240 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي قيس ، قال : رأيت علقمة في جنازة ، فلم يزل قائما حتى دفن ، فقال : « أما هذا فقد قامت قيامته »
241 - حدثني حميد بن مسعدة ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا ابن عون ، قال : سألت مجاهدا عن القيام على الجنازة ، فلم يعرفه قال : وكانوا يقولون : « إذا كبروا عليه لم يقعد حتى يوضع »
242
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، قال : ذكرت لمجاهد هذا
القيام في اللحد (1) ، فقال : « إنما تحدثنا أنه إذا صلى عليها ، لم يجلس حتى توضع
»
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
243
- حدثني محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
عمران يعني ابن حدير قال : كان أبو مجلز « إذا تبع جنازة فصلى عليها ، لم يقعد حتى
توضع في لحدها (1) » واعتل قائلو هذه المقالة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بذلك أمر أمته
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
ذكر الأخبار التي بها اعتل هؤلاء
244 - حدثني العباس بن الوليد العذري ، أخبرني أبي ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، حدثني أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا رأيتم الجنازة فقوموا ، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع » حدثني محمد بن محمد بن مصعب الصوري ، حدثنا محمد بن المبارك الصوري ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا سعيد الخدري ، أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، ثم ذكر نحوه
245 - حدثني يحيى بن درست ، حدثنا أبو إسماعيل القناد ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، أن أبا سلمة حدثه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من تبعها - يعني الجنازة - فلا يجلس حتى توضع » حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا هشام ، وحدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، وابن أبي عدي ، عن هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله حدثنا ابن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه
246 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا خالد بن مخلد ، عن محمد بن جعفر ، قال : حدثني العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : شهدت جنازة صلى عليها مروان بن الحكم ، وكان أبو هريرة مع مروان ، فلما بلغا المقبرة جلسا ، فجاء أبو سعيد ، فقال لمروان : أرني يدك ، فأعطاه ، فقال : قم . فقام ، فقال : لم أقمتني ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الجنازة قام حتى يمر بها ، وكان يقول : « إن للموت فزعا » ، وأبو هريرة يعلم ذلك فقال مروان لأبي هريرة : أكذلك قال ؟ قال : نعم ، قال : فما منعك أن تخبرني ؟ قال : كنت إماما فاقتديت بك . قال : فإذا رأيت شيئا فآذني
247 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث ، قال : حدثني خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، أن أبا هريرة قال : شهدنا جنازة مع مروان بن الحكم ، فلما جئت البقيع جلس قبل أن توضع ، فجاءه أبو سعيد الخدري ، فقال : قم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا شهد جنازة لم يجلس حتى توضع ، قد علم ذلك أبو هريرة ، فما منعه أن يخبرك ؟ قال : فقلت : كان ذا سلطان له على طاعة ، فجلس ، فجلست
248
- حدثني إسحاق بن شاهين الواسطي ، حدثنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن سهيل بن أبي
صالح ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إذا تبع أحدكم جنازة ، فلا يجلس حتى توضع في اللحد (1) » ، أو قال : « حتى تدفن
»
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
ذكر من كان يرى الجلوس قبل أن توضع الجنازة
249 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن جابر ، عن عطاء ، قال : « كان ابن عمر ، وعتبة بن عمير ، وابن أبي عقرب يمشون أمام الجنازة ، ثم يجلسون حتى تأتيهم » ، فقلت لعطاء : أنت رأيتهم ؟ قال : « حدثني من رآهم »
250 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان « يمشي خلف الجنازة وأمامها ، وعن يمينها ، وعن شمالها طال ما رأيته ، فإذا شيعها قعد بالبقيع حتى تأتيه »
251 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن جابر ، عن الحكم : أن زيد بن أرقم ، وشريحا كانا « يأخذان طريقا سوى طريق الجنازة فيسبقانها ، ثم يقعدان حتى تأتيهما »
252
- حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج أبي السمح أنه
رأى عبد الله بن عمرو بن العاص جنازة فتقدمها على دابته ، ثم نزل حين دنا (1) من
المقبرة ، فجلس قبل يؤتى بها ، وقبل توضع
__________
(1) الدنو : الاقتراب
253 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه : أن القاسم كان « يمشي بين يدي الجنازة ، ويجلس قبل توضع »
254
- حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني حيوة بن شريح ، عن محمد بن عبد الرحمن ،
أن عروة بن الزبير ، خرج مع جنازة وأنا معه فلما دنونا (1) من القبر ، فمشينا قدر
رمية بحجر ، قعد عروة وقعدنا معه ، وقام سليمان بن يسار وناس معه ينتظرون أن توضع
الجنازة ، فلما وضعت أقبل قال عروة لسليمان : « ما حملك على ما ترى ؟ أما والله
إنك لتعلم أنها لبدعة » قال سليمان : أجل ، ولكني رأيت هؤلاء
__________
(1) الدنو : الاقتراب
255 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني سعيد بن عبد الرحمن ، عن هشام ، عن عروة : أن عروة ، كان « يعيب القيام عند الجنازة حتى توضع على من فعله »
256 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن هشام ، عن عروة أنه كان « يعيب القيام عند الجنازة حتى توضع »
257 - حدثنا يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن محمد بن عبد الرحمن أنه سمع عروة ، يقول لسليمان بن يسار ، ورآه قائما ينتظر أن توضع الجنازة : « ما يقيمك يا أبا يسار ؟ » قال : الذي يحدث أبو سعيد الخدري فيها ، فقال له عروة : « أما والله إنك لتعلم أنها لمن المحدثات »
258 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، قال : خرجت مع سالم بن عبد الله في جنازة عبد الله بن عبد الرحمن ، وأخذنا غير طريق الجنازة ، حتى انتهينا إلى البقيع والجنازة موضوعة ، فقعد سالم قبل أن توضع الجنازة في القبر
259 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، قال : اتبعنا جنازة أم عمرو بنت الزبير ، ومعنا سعيد بن المسيب ، فلما انتهينا إلى القبر أردت أن لا أجلس ، فقال سعيد : « اجلس » وجلس ، قلت : إن ابن عمر كان يكره ذلك . قال : « لا بأس به »
260 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : صلينا على أم عمرو ، وهي ابنت الزبير قال : فلما صلى سعيد بن المسيب ووقفت ، قال : « ما شأنك ؟ » قلت : بلغنا أن ابن عمر كان يكره أن يجلس حتى تدفن ، قال : « اجلس ، فإنه لا بأس بذلك »
261 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، أن بكيرا حدثه قال : « ما رأيت فقيها من فقهائنا إلا وهو يجلس قبل أن توضع الجنازة »
262 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس ، عن عاصم ، قال : كان الحسن « يجلس إذا انتهى إلى القبر قبل أن توضع الجنازة »
263 - حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سعيد ، قال : رأيت الحسن « صلى على جنازة فجلس ، وجلس الناس معه قبل أن توضع في قبرها »
264 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن جابر ، عن عطاء ، والشعبي ، أنهما قالا : « لا بأس أن تقعد حتى تأتيك الجنازة » واعتل قائلو هذه المقالة من الخبر بما
265 - حدثني به محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي ، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ ، قال : شهدت جنازة في بني سلمة فقمت ، فقال نافع بن جبير : اجلس ، إني سأحدثكه في هذا بثبت ، أخبرني مسعود بن الحكم الزرقي ، أنه سمع علي بن أبي طالب يقول : « أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقيام في الجنازة ، ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس »
266 - حدثنا مجاهد بن موسى ، ومحمد بن يحيى الأزدي ، قالا : حدثنا يزيد ، أنبأنا يحيى بن سعيد الأنصاري أن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أخبره أنه خرج في جنازة قال : فقمت أنتظر أن توضع ، ونافع بن جبير بن مطعم قريب مني ، فلما وضعت جلست ، فقال لي نافع : كأنك انتظرت هذه الجنازة أن توضع فتجلس ؟ فقلت : أجل ؛ لحديث بلغني عن أبي سعيد الخدري قال نافع : سمعت مسعود بن الحكم يذكر ، أنه سمع عليا يقول في شأن الجنازة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قام وقعد »
267 - حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الوهاب ، سمعت يحيى بن سعيد ، قال : أخبرني واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أن نافع بن جبير أخبره أنه سمع علي بن أبي طالب ، يقول في شأن الجنائز : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قام ثم قعد » وإنما حدث بذلك لأن واقد بن عمرو قام حتى وضعت الجنازة
268
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، أنبأنا محمد بن جعفر ،
حدثني موسى بن عقبة ، عن إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي ، عن أبيه ، أنه شهد
جنازة بالعراق قال : فرأيت رجالا قياما ينتظرون أن توضع ، فرأيت علي بن أبي طالب
يشير إليهم بالدرة (1) : أن اجلسوا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد « أمرنا
بالجلوس بعد القيام »
__________
(1) الدرة : السوط يُضرب به
269 - حدثنا محمد بن معمر البحراني ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا أبو مصعب ، عن موسى بن عقبة ، عن يوسف بن مسعود بن الحكم : أنه شهد جنازة بالكوفة مع علي بن أبي طالب ، فمر علي بالناس وهم قيام ، فأشار أن اجلسوا أيها الناس ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم « جلس بعد أن كان يقوم »
270 - حدثنا ابن المثنى ، حدثني وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن محمد بن المنكدر ، عن مسعود بن الحكم ، عن علي رحمة الله عليه قال : « رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا ، ورأيناه قعد فقعدنا »
271 - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثني يزيد ، أنبأنا شعبة بن الحجاج ، عن محمد بن المنكدر ، قال : سمعت مسعود بن الحكم يحدث عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قام في الجنازة ، ثم قعد »
272
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا صفوان بن عيسى الزهري ، حدثنا بشر بن رافع ، عن عبد
الله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبادة بن الصامت ،
قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبع جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد
(1) ، فعرض له حبر (2) من اليهود ، فقال : هكذا نفعل ، قال : فجلس رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقال : خالفوهم قالوا : وهذه الأخبار تنبئ عن أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قعد بعد أن صلى على الميت قبل أن يوضع الميت في اللحد ، وأمر بذلك
أصحابه ، من بعد ما كان يقوم حتى توضع في اللحد قالوا : والمعمول به من أفعاله
وسنته الآخر الناسخ دون الأول المنسوخ . قالوا : فالصواب من فعل كل من تبع جنازة
إلى قبرها الجلوس إذا بلغ موضع القبر أو المقبرة التي يدفن فيها دون انتظارها
لتوضع في اللحد . قالوا : وأخرى أن السنة في الموتى نظيرة السنة في الأحياء ،
قالوا : وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر بالنهي عن القيام للأحياء ، وذلك
ما
__________
(1) اللحد : الشق الذي يكون في جانب القبر موضع الميت ، وقيل الذي يحفر في عرض
القبر
(2) الحبر : العالم المتبحر في العلم
273
- حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن مسعر ، عن أبي العنبس ،
عن أبي العدبس ، عن أبي مرزوق ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة ، قال : خرج علينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا (1) على عصاه ، فقمنا له ، فقال : « لا
تقوموا كما تقوم الأعاجم ، يعظم بعضهم بعضا »
__________
(1) الاتكاء : الاستناد على شيء والميل عليه
274 - حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن أنس ، قال : « ما كان في الدنيا شخص أحب إليهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانوا إذا رأوه لم يقوموا إليه ؛ لما رأوا من كراهيته لذلك » قالوا : فكذلك السنة في الموتى ، أن لا يقام لها كما لا ينبغي أن يقام للحي . والصواب من القول في ذلك عندنا أن القيام للجنازة حتى توضع في اللحد والقعود قبل ذلك أمران قد فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصحت عنه بفعله ذلك الأخبار ، وعمل بها السلف الصالحون على ما قد بينا قبل . ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم خبر بالنهي عن القيام ولا عن القعود ، فمتبع الجنازة إلى قبرها إذ كان الأمر كذلك بالجنازة إذا تبعها فبلغ القبر ، في القعود قبل وضع الميت في اللحد والقيام إلى أن توضع ، أي ذلك شاء فعل ، للذي ذكرنا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا الفعلين ، وليس في فعله صلى الله عليه وسلم أحد هذين الفعلين بعد الآخر دليل على أن الآخر الذي كان قبله غير جائز ، إذا لم يكن أحدهما مأمورا به والآخر منهيا عنه أو ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم نظير غيره من نوافل الأعمال التي كان يفعلها إذا نشط لها ، ويترك عملها إذا لم ينشط لها ، فكذلك قيامه للجنازة حتى توضع في اللحد ، كان يكون منه إذا نشط لذلك ، والجلوس قبل وضعها إذا لم ينشط ، فأي ذلك فعل الفاعل ، إذا لم يكن معتقدا تخطئة ما خالف فعله الذي فعله فيه فمصيب . وأما اعتلال المعتل بأن سنة الأموات في ذلك سنة الأحياء فيه ، وأنه لما لم يكن جائزا القيام للأحياء كان كذلك غير جائز القيام للأموات ، فعلة واهية ، وذلك أن الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن القيام للأحياء خبر فيه نظر ، وذلك أن خبر أبي أمامة خبر لا يجوز الاحتجاج به في الدين لوهاء سنده وضعف نقلته ، وذلك أن أبا العدبس وأبا مرزوق غير معروفين في نقلة الآثار ، ولا ثابتي العدالة في رواة الأخبار ، هذا مع اضطراب من ناقليه في سنده ، فمن قائل فيه : عن أبي العدبس ، عن أبي أمامة ، وقائل : عن أبي العدبس ، عن أبي مرزوق ، عن رجل ، عن أبي أمامة ، وقائل : عن أبي مرزوق ، عن أبي العدبس ، عن أبي أمامة
ذكر اختلاف الرواة في ذلك
275
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع بن الجراح ، عن مسعر بن كدام ، عن أبي مرزوق ، عن
أبي العدبس ، عن أبي أمامة ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا (1)
على عصاه ، فقمنا له ، فقال : « لا تقوموا كما تقوم الأعاجم ، يعظم بعضهم بعضا »
حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن بشر ، عن مسعر ، عن أبي العدبس ، عن أبي مرزوق ،
عن رجل ، عن أبي أمامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وقد روي عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خبر ، وإن كان مما لا يعتمد على مثله لما في إسناده من
الوهاء ، فإنه أصح فحوى في خبر أبي أمامة ، بأنهم كانوا يقومون لرسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فلم يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك نهي
__________
(1) الاتكاء : الاستناد على شيء والميل عليه
276 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا محمد بن هلال ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : « كنا نقعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد بالغدوات ، فإذا قام إلى بيته لم نزل قياما حتى يدخل بيته » فإذا لم يكن واحد من الخبرين اللذين ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك صحيحا ثابتا ، فللمرء القيام لأخيه إعظاما له وإكراما ، إن شاء ذلك القائم وأحب ، وترك القيام إن كره ذلك . فإن ظن ظان أن فيما
277
- حدثنا به محمد بن المثنى ، حدثنا يحيى بن كثير العنبري ، عن المغيرة أبي سلمة
الخراساني ، عن عبد الله بن بريدة أن أباه دخل على معاوية ، فأخبره أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال « من أحب أن يمثل (1) له الرجال قياما وجبت (2) له النار »
__________
(1) مَثُل : قام منتصبًا
(2) وجب : ثبت وحُقَّ ولزم
278 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو معاوية ، ومغيرة بن مسلم الفزاري ، عن عبد الله بن بريدة ، قال : خرج معاوية ذات يوم فوثبوا في وجهه قياما ، فقال معاوية : اجلسوا ، اجلسوا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سره أن يستخم بنو آدم قياما دخل النار » قال أبو كريب : قال أبو معاوية : الاستخمام ، الوثوب
279
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ابن علية ، وأبو أسامة ، وحدثني
يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن عيينة ، جميعا ، عن حبيب بن الشهيد ، عن أبي مجلز أن
معاوية دخل بيتا فيه ابن عامر وابن الزبير ، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير ، فقال
معاوية : اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سره أن يمثل له
الرجال قياما فليتبوأ (1) بيتا في النار »
__________
(1) فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو
بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك
280
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن
سفيان ، عن حبيب بن الشهيد ، عن أبي مجلز لاحق بن حميد ، عن معاوية ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من سره أن يمثل له بنو آدم قياما قال ابن حميد :
يعني يقومون إذا رأوه ، فليتبوأ (1) مقعده في النار »
__________
(1) فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو
بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك
281
- حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا شعبة ، عن حبيب بن الشهيد ،
قال : سمعت أبا مجلز يحدث : أن معاوية ، خرج وعبد الله بن عامر وابن الزبير قعود ،
فقام عبد الله بن عامر ، وقعد ابن الزبير ، وكان أوزنهما ، فقال معاوية : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « من سره أن يمثل له عباد الله قياما فليتبوأ (1) بيتا
في النار » حجة لمن أنكر القيام للحي أو للميت ، فقد ظن غير الصواب ، وذلك أن هذا
الخبر إنما ينبئ عن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقام له بالسرور بما
يفعل من ذلك ، لا عن نهيه القائم عن القيام . فإن قال : فإن معاوية قد كره القيام
الذي قام له . قيل له : نظير كراهية من كره القيام للميت حتى يوضع في لحده ، وقد
بينا وجه كراهتهم ذلك . ومما يبين أن ذلك كذلك ما :
__________
(1) فليتبوأ مقعده من النار : فليتخذ لنفسه منزلا فيها ، وهو أمر بمعنى الخبر أو
بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء على فاعل ذلك أي بوَّأهُ اللَّه ذلك
282 - حدثني به عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا يزيد ، أنبأنا عبد الله بن عون ، عن رجاء بن حيوة ، عن رجل ، قال : كنا جلوسا بباب معاوية ، فخرج علينا معاوية فقمنا ، فقال : « لا تقوموا لحي ولا لميت » فإن قال : فهل تعلم أحدا من السلف كان يفعل ذلك ؟ قيل :
283 - حدثني محمد بن خالد بن خداش الأزدي ، حدثني أبي ، عن حماد بن زيد ، عن ابن عون ، قال : كان المهلب بن أبي صفرة يمر بنا ، ونحن غلمان في الكتاب ، فنقوم ويقوم الناس سماطين ، فيمر رجل جميل ، ويمر بنوه من بعده ومنه خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثا » وفي ذلك البيان البين عن تصحيح القول بأن الله عز وجل يعذب في القبور قبل قيام الساعة أهل عداوته والكافرين به كانوا في الدنيا ، وتكذيب مقالة من أنكر ذلك ، وبنحو الذي روى البراء بن عازب في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تظاهرت الأخبار عنه
ذكر ما صح عندنا من ذلك سنده
284
- حدثني محمد بن حاتم المؤدب ، حدثنا عبيدة بن حميد ، حدثني عبد الملك بن عمير ،
عن مصعب بن سعد ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا هذه
الكلمات كما يعلمنا الكتابة : « اللهم أني أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ،
وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل (1) العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، وعذاب القبر »
__________
(1) أرذل العمر : آخره في حال الكبر والعجز والخَرَف
285
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الملك ، عن مصعب
بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه كان يأمر بهؤلاء الخمس ، ويحدثهن عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد
(1) إلى أرذل (2) العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، وأعوذ بك من عذاب القبر »
__________
(1) أرد : المراد : أعيش
(2) أرذل العمر : آخره في حال الكبر والعجز والخَرَف
286
- حدثني ابن إسحاق ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن عبد
الملك بن عمير ، عن مصعب بن سعد ، وعمرو بن ميمون ، قالا : كان سعد يعلم بنيه
هؤلاء الكلمات ، كما يعلم المكتب الغلمان الكتابة ، ويقول : إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يتعوذ (1) منهن دبر (2) الصلاة : « اللهم إني أعوذ بك من البخل ،
وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك من أن أرد (3) إلى أرذل (4) العمر ، وأعوذ بك من
فتنة الدنيا ، وأعوذ بك من عذاب القبر »
__________
(1) تعوذ : لجأ إلى الله وطلب التحصن والاعتصام والحماية والحفظ
(2) دبر الصلاة : عقبها
(3) أرد : المراد : أعيش
(4) أرذل العمر : آخره في حال الكبر والعجز والخَرَف
287 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان « يتعوذ من خمس : » من الجبن ، والبخل ، وسوء العمر ، وفتنة الصدر ، وعذاب القبر «
288
- حدثني جابر بن الكردي الواسطي ، حدثنا شبابة بن سوار ، حدثنا يونس ، عن أبي
إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : حججت مع عمر بن الخطاب ، فسمعته يقول :
ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ (1) من خمس : « اللهم إني أعوذ بك
من البخل ، والجبن ، وأعوذ بك من سوء العمر ، وأعوذ بك من فتنة الصدر ، وأعوذ بك
من فتنة القبر » حدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا يونس ، عن
أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : سمعت عمر بن الخطاب ، قال : كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يتعوذ من خمس ، ثم ذكر مثله ، إلا أنه قال : « وعذاب القبر »
__________
(1) تعوذ : لجأ إلى الله وطلب التحصن والاعتصام والحماية والحفظ
289
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو
بن ميمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعوا بهذا الدعاء : « اللهم إني أعوذ
بك من الجبن ، والبخل ، وسوء العمر ، وفتنة الصدر (1) وعذاب القبر »
__________
(1) فتنة الصدر : الرَّجُلَ يَمُوتُ عَلَى فِتْنَةٍ، لاَ يَسْتَغْفِرُ اللهَ
مِنْهَا
290
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، وشعبة ، عن أبي إسحاق ، عن
عمرو بن ميمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ (1) من خمس : « البخل ،
والجبن (2) ، وفتنة الصدر (3) ، وسوء العمر ، وعذاب القبر »
__________
(1) تعوذ : لجأ إلى الله وطلب التحصن والاعتصام والحماية والحفظ
(2) الجبن : ضد الشجاعة وهو المهابة للأشياء والتأخر عن فعلها
(3) فتنة الصدر : الرَّجُلَ يَمُوتُ عَلَى فِتْنَةٍ، لاَ يَسْتَغْفِرُ اللهَ
مِنْهَا
291
- حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا التيمي ، عن أنس أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يقول : « اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، والجبن
(1) ، والهرم ، والبخل ، وعذاب القبر ، وفتنة المحيا والممات » حدثنا محمد بن عبد
الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه سليمان ، عن أنس ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم بنحوه
__________
(1) الجبن : ضد الشجاعة وهو المهابة للأشياء والتأخر عن فعلها
292 - حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أزهر بن سعد ، حدثنا حميد ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : « اللهم إني أعوذ بك من الكفر ، والفقر ، وعذاب القبر »
293
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، قال : سئل أنس عن عذاب القبر
فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ (1) يقول : « اللهم إني أعوذ بك من
الكسل ، والجبن ، والبخل ، وفتنة الدجال ، وعذاب القبر » حدثني زريق بن السخت ،
حدثنا أبو النضر ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن حميد ، عن أنس ، عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم مثله
__________
(1) تعوذ : لجأ إلى الله وطلب التحصن والاعتصام والحماية والحفظ
294 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، والهرم والبخل ، والجبن ، وعذاب القبر ، وفتنة المحيا والممات »
295 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن محمد ، عن أنس ، قال : قال - يعني النبي صلى الله عليه وسلم : « أشهد أن الله حق ، وأن لقاءه حق ، وأن الساعة حق ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، اللهم إني أعوذ بك من فتنة الدجال ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن عذاب القبر ، وعذاب جهنم »
296 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا مصعب بن المقدام ، عن حماد بن سلمة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نعوذ بالله من شر المحيا والممات ، ومن عذاب القبر ، ومن شر المسيح الدجال »
297
- حدثني سلم بن جنادة السوائي ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « استعيذوا (1) بالله من جهنم
، استعيذوا بالله من عذاب القبر ، استعيذوا بالله من فتنة المسيح الدجال ،
استعيذوا بالله من فتنة المحيا والممات »
__________
(1) استعاذ : لجأ وطلب الحماية والحفظ والتحصين
298 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن حباب العكلي ، وحدثني موسى بن سهل الرملي ، حدثنا علي بن عياش ، قال زيد : حدثني ، وقال علي : عن عبد الرحمن بن ثوبان ، قال : حدثني عبد الله بن الفضل الهاشمي ، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان « يتعوذ من عذاب جهنم ، وعذاب القبر ، وفتنة المحيا ، وفتنة الممات ، وفتنة الدجال »
299
- حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا أبي ، عن البراء بن عبد الله ، عن أبي نضرة ، قال :
قال ابن عباس على منبر البصرة : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ في دبر
(1) الصلاة يقول : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من عذاب النار ،
وأعوذ بك من الفتن باطنها وظاهرها ، وأعوذ بك من الأعور الكذاب »
__________
(1) دبر الصلاة : عقبها
300
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا البراء بن عبد الله ، قال : حدثني أبو
نضرة ، عن ابن عباس ، قال : كان على منبر البصرة يوم الجمعة ، فقال في خطبته : إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ (1) في دبر (2) صلاته من أربع يقول : «
أعوذ بالله من عذاب القبر ، وأعوذ بالله من عذاب النار ، وأعوذ بالله من الفتن ما
ظهر منها وما بطن ، وأعوذ بالله من الأعور الكذاب »
__________
(1) تعوذ : لجأ إلى الله وطلب التحصن والاعتصام والحماية والحفظ
(2) دبر الصلاة : عقبها
301 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا سنان بن مظاهر العنزي ، عن أبي كدينة ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم إني أعوذ بك من الكسل ، والهرم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة الصدر »
302 - حدثني يحيى بن درست ، حدثنا أبو إسماعيل القناد ، حدثنا يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من عذاب النار ، وأعوذ بك من فتنة المحيا ، وأعوذ بك من شر المسيح الدجال »
303 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وعذاب النار وفتنة المحيا والممات وشر الدجال »
304 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر »
305 - حدثني عصام بن رواد بن الجراح ، حدثنا أبي ، حدثنا الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن محمد بن أبي عائشة ، عن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ من عذاب القبر ومن عذاب النار »
306
- حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان ، وعن
عبد الله بن الحارث ، عن زيد بن أرقم ، قال : لا أقول لكم إلا ما كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول لنا : « اللهم إني أعوذ بك من العجز ، والكسل ، والبخل ،
والجبن والهرم ، وعذاب القبر ، اللهم آت أنفسنا تقواها ، أنت خير من زكاها ، أنت
وليها (1) ومولاها ، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن
قلب لا يخشع ، ومن دعوة لا يستجاب لها » حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، عن
عاصم الأحول ، عن عبد الله بن الحارث ، عن زيد بن أرقم ، قال لأصحابه : لا آمركم
إلا بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا ، فذكر نحوه ، إلا أنه قال : «
والجبن ، ووسوسة الصدر ، وعذاب القبر ، ولم يقل : والهرم ، وقال أيضا : » آت نفسي
تقواها « حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن حسن بن صالح ، عن عاصم ،
عن عبد الله بن الحارث ، عن زيد بن أرقم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه
، إلا أنه لم يقل : ووسوسة الصدر ، ولا : من دعاء لا يسمع
__________
(1) الولي والمولى : من المشترك اللفظي الذي يطلق على عدة معان منها الرَّبُّ،
والمَالكُ، والسَّيِّد والمُنْعِم، والمُعْتِقُ، والنَّاصر، والمُحِبّ،
والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ، والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد،
والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه وكل من ولي أمرا أو قام به فهو وليه ومولاه
307
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، عن المثنى بن سعيد أبي غفار الطائي ، عن عبد
الله بن الحارث ، قال : قلنا لزيد بن أرقم : حدثنا بشيء ، سمعته من رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : « اللهم إني أعوذ
بك من العجز والكسل والجبن والبخل ، والهم وعذاب القبر ، وفتنة الدجال ، اللهم آت
نفسي تقواها ، أنت خير من زكاها ، أنت وليها (1) ومولاها ، أعوذ بك من قلب لا يخشع
، وعلم لا ينفع ، ودعاء لا يسمع ، أو قال : دعوة لا يستجاب لها »
__________
(1) الولي والمولى : من المشترك اللفظي الذي يطلق على عدة معان منها الرَّبُّ،
والمَالكُ، والسَّيِّد والمُنْعِم، والمُعْتِقُ، والنَّاصر، والمُحِبّ،
والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ، والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد،
والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه وكل من ولي أمرا أو قام به فهو وليه ومولاه
308 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، حدثنا قريش بن أنس ، عن عثمان الشحام ، عن مسلم بن أبي بكرة ، قال : سمعني أبي ، وأنا أقول : « اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومن عذاب القبر » فقال أبي : بني ما هذا ؟ قلت : سمعتك تقوله فقلته قال : فقله ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله
309 - حدثنا ابن بشار ، حدثني أبو عاصم ، أنبأنا عثمان الشحام ، حدثني مسلم بن أبي بكرة ، قال : سمعني أبي ، وأنا أقول : « اللهم إني أعوذ بك من الهم والكسل وعذاب القبر » . فقال : يا بني ، ممن سمعت هذا ؟ قلت : سمعتك تقولهن . قال : الزمهن ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولهن
310 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، أنبأنا عثمان بن الشحام ، حدثنا مسلم بن أبي بكرة ، أنه كان يسمع والده يقول في دبر الصلاة : « اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر » . قال : فجعلت أدعو بهن قال : فمر والدي وأنا أدعو بهن قال : يا بني ، أنى علمت هؤلاء الكلمات ؟ قلت : يا أبه ، سمعتك تدعو بهن في دبر الصلاة ، فأخذتهن عنك . قال : فالزمهن يا بني ، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن في دبر الصلاة
311 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع بن الجراح ، حدثنا عثمان الشحام أبو سلمة ، قال : سمعت مسلم بن أبي بكرة ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دبر الصلاة يقول : « اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر »
312 - حدثنا أحمد بن عثمان المعروف بأبي الجوزاء ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي قال : سمعت النعمان يحدث عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته يقول : « اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم » . فقال له قائل : ما أكثر ما تعوذ من المغرم فقال : إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ، ووعد فأخلف
313
- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا عمي ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، حدثني عروة أن
عائشة حدثته قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود ،
وهي تقول : شعرت أنكم تفتنون في القبور ؟ قالت : فارتاع (1) لذلك ، وقال : « إنما
تفتن اليهود » . قالت عائشة : فلبث ليالي ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : «
هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور ؟ قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر
__________
(1) ارتاع : فزع وخاف بشدة
314 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الدعوات : « اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ، وعذاب النار ، وفتنة القبر ، وعذاب القبر ، وشر فتنة الغنى ، وشر فتنة الفقر ، وشر فتنة المسيح الدجال ، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ، ونق قلبي من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم إني أعوذ بك من الكسل ، والهرم ، والمأثم ، والمغرم »
315 - حدثني محمد بن عثمان الواسطي ، حدثنا يزيد ، أنبأنا عيسى ، حدثنا القاسم ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من هؤلاء الكلمات كثيرا : « اللهم إني أعوذ بك من فتنة الغنى ، ومن فتنة الفقر ، ومن فتنة النار ، ومن فتنة القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال »
316
- حدثنا ابن بشار ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى بن
سعيد ، يقول : أخبرتني عمرة أن يهودية أتت عائشة تستطعم قال ابن وكيع في حديثه :
فأطعمتها ، فقالت : أعاذك الله من عذاب القبر . قالت عائشة : فأتى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، قالت : فقلنا له : يا رسول الله ، أيعذب الناس في القبور ؟ قالت
: فقال : « عائذا بالله » . قالت : ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة
(1) مركبا ، فخسفت الشمس ، فخرجت في نسوة بين ظهري الحجر في المسجد ، فأتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم من مركبه ، فنفذ إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه ، فصلى
بالناس ، ثم قام فقال : « إني رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال » . قالت :
فكنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ في صلاته من عذاب النار ، ومن عذاب
القبر
__________
(1) الغداة : ما بين الفجر وطلوع الشمس
317 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث ، عن يحيى بن سعيد ، أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن عائشة حدثتها أن يهودية أتتها فقالت : أجارك الله من عذاب القبر . فقالت عائشة : يا رسول الله ، إن الناس ليعذبون في القبور ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عائذا بالله » ، قالت عائشة : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين خسف بالشمس فصلى ، فلما انصرف قعد على المنبر ، فقال فيما يقول : « إن الناس يفتنون في قبورهم كفتنة الدجال » . قالت عائشة : فكنا نسمعه بعد ذلك يتعوذ من فتنة القبر ، وعذاب القبر «
318 - حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن مسروق ، عن عائشة أنها دخلت عليها يهودية ، فقالت لها : هل سمعته يذكر شيئا في عذاب القبر ؟ قالت لها : وما عذاب القبر ؟ قالت : فسليه . قالت : فلما أتاها النبي صلى الله عليه وسلم سألته عن عذاب القبر ، فقال : « عذاب القبر حق » ، قالت عائشة : فما صلى صلاة بليل بعد إلا سمعته يتعوذ فيها من عذاب القبر ، فما أدري أشيء أوهمته منه ، فما أبه له ، أم شيء ذكرته ؟
319 - حدثنا محمد بن عوف الطائي ، حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا ابن أبي ذئب ، حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء ، عن ذكوان ، عن عائشة أنها قالت : استطعمت يهودية ، فقالت : أطعموني ، أعاذكم الله من فتنة الدجال ، ومن فتنة عذاب القبر ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، ما تقول هذه اليهودية ؟ فقال : « وما قالت ؟ » فقلت : إنها قالت : أعاذكم الله من فتنة الدجال ، ومن فتنة عذاب القبر . قالت : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال وفتنة القبر
320 - حدثني العباس بن الوليد ، أخبرني أبي قال : سمعت الأوزاعي ، حدثني يونس بن يزيد الأيلي ، حدثني الزهري ، قال : حدثني عروة بن الزبير أنه سمع أسماء بنت أبي بكر الصديق تقول : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا ، فذكر الفتنة التي يفتن فيها المرء في قبره ، فلما ذكر ذلك ضج الناس ضجة حالت بيني وبين أن أفهم آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما سكنت ضجتهم ، قلت لرجل قريب مني : أي بارك الله فيك ، ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر قوله ؟ قال : « قد أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم قريبا من فتنة الدجال » حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زرعة ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا ، فذكر نحوه
321
- حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، وابن نمير ، عن هشام ، عن فاطمة ، عن
أسماء ، قالت : أتيت عائشة فإذا الناس قيام ، وإذا هي تصلي ، فقلت : ما شأن الناس
؟ فأشارت بيدها نحو السماء ، وقالت : سبحان الله ، فقلت : آية ؟ فأشارت برأسها ،
أي نعم . قالت : فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : فقمت حتى تجلاني (1)
الغشي ، وجعلت أصب على رأسي الماء ، قالت : فحمد الله رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأثنى عليه كما هو أهله ، ثم قال : ما من شيء لم أكن رأيته ، إلا قد رأيته في
مقامي هذا ، حتى الجنة والنار ، وقد أوحى الله إلي أنكم تفتنون في القبور مثل - أو
قريبا - لا أدري أي ذلك قالت أسماء : من فتنة المسيح الدجال ، يؤتى أحدكم ، فيقال
له : ما علمك بهذا الرجل ؟ قال : فأما المؤمن ، فيقول : هو رسول الله صلى الله
عليه وسلم محمد جاءنا بالهدى والبينات ، فأجبناه واتبعناه ، فيقال له : نم صالحا ،
قد علمنا أنك كنت تؤمن بالله . قال : وأما المنافق ، أو المرتاب ، لا يدري أي ذلك
، قالت أسماء : فيقول : لا أدري . سمعت الناس قالوا شيئا فقلته
__________
(1) تجلاني : غطَّاني وغَشّاني
322 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، فإن كان من أهل الجنة ، فمن الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن النار » ، يقال : « هذا مقعدك حتى تبعث » حدثنا تميم بن المنتصر ، أنبأنا عبد الله يعني : ابن نمير ، أنبأنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، فذكر نحوه
323 - حدثني أحمد بن محمد بن حبيب ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع أن ابن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألا إن أحدكم إذا مات يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، فإن كان من أهل الجنة ، فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن أهل النار ، حتى يبعثه الله إلى مقعده يوم القيامة »
324 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة ، فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن أهل النار ، حتى يدخله الله يوم القيامة »
325 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده كل غدوة وعشية ، إن كان من أهل الجنة ، فمن الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن النار » ، يقال : « هذا مقعدك حتى تبعث إليه يوم القيامة »
326 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا إسحاق بن الفرات ، حدثنا يحيى بن أيوب ، قال : قال يحيى يعني ابن سعيد الأنصاري ، أنبأنا نافع ، أن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده ، فإن كان من أهل الجنة ، فمن الجنة ، وإن كان من أهل النار ، فمن النار ، حتى يبعثه الله يوم القيامة ، ثم يقول هذا مقعدك »
327 - حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا شعيب بن الليث ، حدثنا أبي ، عن ابن الهاد ، عن معاذ بن رفاعة ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : جاء جبريل صلى الله عليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من هذا العبد الصالح الذي فتحت له أبواب السماء ، وتحرك له العرش ؟ قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سعد بن معاذ ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذا العبد الصالح شدد عليه في قبره ، حتى كان هذا حين فرج له »
328 - حدثني محمد بن عوف ، حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، حدثنا نافع ، عن صفية امرأة ابن عمر ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ »
329
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن
عباس ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين ، فقال : « إنهما ليعذبان ،
وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستبرئ (1) من البول ، وأما الآخر فكان
يمشي بالنميمة » ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها بنصفين ، ثم غرس في كل قبر واحدة ،
فقالوا : يا رسول الله ، لم صنعت ؟ قال : « لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا » حدثنا
أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، قال : سمعت مجاهدا يحدث عن طاوس ، عن ابن
عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه
__________
(1) الاستبراء : الاستنقاء، وهو أن يستفرغ بَقِيَّةَ البول، ويُنَقِّي مَوْضِعَه
ومَجْراه، حتى يُبْرِئَهما منه
330 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين ، فقال : « إن هذين يعذبان في غير كبير ، وبلى ، في نميمة والبول ، ثم دعا بجريدة فكسرها ، فوضعها عليهما ، وقال : » عسى أن يخفف عنهما ما لم تيبس «
331 - حدثنا ابن حميد ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان مكة أو المدينة ، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « يعذبان ، وما يعذبان في كبير » ، ثم قال : « بلى ، كان أحدهما لا يستتر من بوله ، وكان الآخر يمشي بالنميمة » . ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين ، فوضع على كل قبر كسرة ، فقيل : يا رسول الله ، لم فعلت هذا ؟ قال : « لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا »
332
- حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبد الوهاب ، عن أيوب ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ،
قال : حدثني أعلمهم بذلك عبد الله بن عباس ، قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم
على قبرين ، فقال : « إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما هذا فكان لا يستتر
من بوله ، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة » ، ثم دعا بعسيب (1) رطب فشقه باثنتين ،
ثم غرس على هذا واحدا ، وعلى هذا واحدا ، ثم قال : « لعله أن يخفف عنهما ما لم
ييبسا »
__________
(1) العسيب : جريدَة من النَّخْلِ. وهي السَّعَفة ممَّا لا يَنْبُتُ عليه الخُوصُ
333 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا الوليد بن القاسم ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر فوقف ، فقال : « إيتوني بجريدتين » ، فأتوه بهما ، فجعل إحداهما عند رجليه والأخرى عند رأسه ، فقال : « إن هذا كان يعذب في قبره » . فقال بعضهم : ما ينفعه هذا يا نبي الله ؟ قال : « يخفف عن عذابه ما دام فيها ندوة »
334 - حدثني عبد الله بن محمد الزهري ، وحوثرة بن محمد بن المنقري ، وسليمان بن ثابت الخزاز ، قالوا : حدثنا سفيان ، عن قاسم الرحال ، سمع أنسا دخل النبي صلى الله عليه وسلم خربة لبني النجار ، كأنه يقضي فيها حاجة ، فخرج إلينا وهو كأنه مذعور ، وهو يقول : « لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب أهل القبور ما أسمعني »
335
- ومنه خبره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « المؤمن إذا كان في قبل من
الآخرة وانقطاع من الدنيا ، نزلت إليه ملائكة كأن وجوههم الشمس ، مع كل ملك منهم
كفن وحنوط ، فجلسوا منه مد بصره ، وإن الكافر إذا كان في قبل من الآخرة ، وانقطاع
من الدنيا ، نزلت إليه ملائكة سود الوجوه معهم سرابيل من قطران ، وثياب من نار ،
فأجلسوه فانتزعوا نفسه » وفي ذلك الدليل الواضح على أنه لا أحد يفارق الدنيا من
بني آدم ، ممن قد بلغ حد التكليف ، من مؤمن أو كافر ، إلا عن علم منه بما هو صائر
إليه في آخرته ، من جنة أو نار ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أهل
الإيمان تأتيهم الملائكة في حال نزول الموت بهم في صورة مخالفة الصور التي تأتي
بها أهل الكفر بالله وأهل النفاق ، وبحال خلاف الحالة التي تأتي بها الكفار ، وفي
ذلك لا شك للمؤمن المعرفة بحاله ومنزلته عند ربه ، وللكافر اليقين بحاله عنده .
وقد كان جماعة من أهل التأويل يتأولون قول الله تعالى ذكره : لهم البشرى في الحياة
الدنيا (1) أنها هذه البشارة التي ذكرناها ، وهي ظهور الملائكة لهم عند نزول الموت
بهم حتى يعاينوهم بالصفة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الخبر الذي
رويناه ، عن البراء بن عازب ، عنه
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 64
336
- ذكر من قال ذلك ، حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن الزهري ، وقتادة : لهم البشرى في الحياة الدنيا (1) قال : « هي البشارة
عند الموت في الحياة الدنيا »
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 64
337
- حدثنا ابن وكيع ، حدثنا يعلى بن عبيد ، عن أبي بسطام ، عن الضحاك : لهم البشرى
في الحياة الدنيا (1) يعلم أين هو قبل أن يموت وفيه أيضا البيان عن المعنى الذي
قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : « من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ،
ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه » ، في الموت قبل لقاء الله ، وذلك أن المؤمن
إذا عاين ملائكة الله قد أتته بالصفة التي وصفها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
تبشره لنفسه : « أيتها النفس الطيبة ، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان » علم
منزلته عند ربه وحالته في آخرته ، فأحب لقاء الله وحق له ، لعلمه بما هو إليه صائر
من الراحة والسرور ، وما هو عنه منتقل من العناء والتعب والهموم والحزن ، والله
للقائه أشد حبا ، وأن الكافر إذا أتته ملائكة الله فعاينها بالصفة التي وصفها بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم تبشره بالبلاء وتقول لنفسه : « أيتها النفس الخبيثة
، اخرجي إلى سخط من الله وغضب » ، انقطع منه الرجاء ، فأيقن بالعذاب والبلاء ،
وأنه صائر إلى الخلود في العذاب المهين ، فكره لقاء الله ، والله للقائه أكره .
وقد تأول هذا الخبر ، أعنى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من
أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه » نحو تأويلنا
بعض السلف
__________
(1) سورة : يونس آية رقم : 64
338 - ذكر الرواية الواردة عنه بذلك حدثني يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه عن بسر بن سعيد ، عن أبي هريرة ، أنه قال : « من أحب لقاء الله ، أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه » قال بسر بن سعيد : وأرى هذا عند حضرة الموت وحين نزول العذاب أو البشرى ، فأما اليوم ، فإنا نكره الموت وقد بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي ذكرناه عن أبي حازم ، عن أبي هريرة عنه ، أنه قال : « إن المؤمن حين ينزل به الموت ويعاين ما يعاين ، ود أنها قد خرجت والله يحب لقاءه ، وإذا كان عدو الله ونزل به الموت ، وعاين ما يعاين ، ود أنها لا تخرج أبدا ، والله يبغض لقاءه » ، وهذه الاطلاعة هي الهول الذي قال عمر بن الخطاب : لو أن لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت من هول المطلع ، والذي قال عمرو بن شرحبيل : « إني اليوم أسير الموت ، ما أدع علي دينارا ، ولا أدع مالا ، ولا أدع عيالا أخاف عليهم الضيعة ، لولا هول المطلع » ، وذلك لاطلاعه على منزلته عند ربه ، من رضاه عنه أو سخطه عليه ، لظهور ملائكته له عند المعاينة ونزول الموت به ، إما بالصورة التي تظهر لمن ربه عنه راض ، وإما بالصورة التي تظهر لمن ربه عليه ساخط . فطوبى لمن ظهرت له ملائكة الله عند نزول منيته به بالصورة الحسنة المحبوبة ، وويل لمن ظهرت له منيته بالصورة القبيحة المكروهة .
القول
في البيان عما في هذه الأخبار التي ذكرناها من الغريب فمن ذلك قول البراء بن عازب
: فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، واللحد : هو القبر يحفر للموت معترضا في جانب ،
وفيه لغتان : لحد ، بفتح اللام : هي لغة تميم ، ولحد بضمها : وهي لغة أهل العالية
، وكل مائل إلى جانب فهو لاحد إليه وملحد . يقال منه : قد لحد فلان إلى كذا وكذا ،
فهو يلحد إليه لحدا ، إذا مال إليه وألحد إليه ، فهو يلحد إلحادا ، ومنه قول الله
تعالى ذكره : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم (1) يعني بقوله : بإلحاد ، يميل إلى الظلم ،
ومنه قول الراجز قدني من نصر الخبيبين قدي ليس أميري بالشحيح الملحد يعني بالملحد
: المائل إلى الظلم ، ومنه قيل للمائل إلى غير الحق في الدين ملحد ، ومن اللحد قول
الأخطل : أما يزيد فإني لست ناسيه حتى يغيبني في الرمس ملحود يعني بالملحود : قبرا
محفورا على ما وصفت . ومن الإلحاد قول الآخر : يا ويح أنصار النبي ورهطه بعد
المغيب في سواء الملحد يعني بالملحد : القبر المحفور . ومنه قول النبي صلى الله
عليه وسلم : « معهم سرابيل من قطران » ، والسرابيل « جمع سربال ، وهو القميص وما
يلبس من شيء ، ومنه قول الشاعر : لعمرك ما تبلى سرابيل عامر من اللؤم ما دامت
عليها جلودها ومنه قول امرئ القيس : ومثلك بيضاء العوارض طفلة لعوب تنسيني إذا قمت
سربالي وأما القطران : فهو الذي تهنأ به الإبل ، وفيه لغات ثلاث : قطران ، وقطران
، بفتح القاف وتسكين الطاء ، وقطران ، بكسر القاف وتسكين الطاء ، ومن القطران بكسر
القاف وتسكين الطاء قول أبي النجم العجلي : جون كأن العرق المنتوحا ألبسه القطران
والمسوحا وأما القطران ، بفتح القاف وكسر الطاء ، فمن قول الله تعالى ذكره :
سرابيلهم من قطران (2) ، وقد كانت جماعة من السلف تقول في القطران الذي ذكره الله
عز وجل في هذه الآية : إنه النحاس المذاب ، وممن قال بذلك مجاهد وقتادة ، وأما
المعروف عند العرب من القطران فهو ما ذكرت . ومنه قوله : » فتخرج منه كأطيب نفحة
مسك « ، يعني بالنفخة : ما خص به المسك من طيب الريح ، وكذلك كل ذي حظ من شيء وقسم
ونصيب ، فهو ذو نفحة منه ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ولئن مستهم نفحة من عذاب
ربك (3) يعني به نصيبا منه وقسما . وأما قوله : » يلحفان الأرض بشعورهما « ، فإنه
يعني : يغطيانها بها ، ومن ذلك قيل للحاف ، لحاف ، لتغطيته ما تحته ، ومنه قيل
للملحفة ، ملحفة . ومنه قوله : » أصواتهما كالرعد القاصف « ، وهو الرعد الشديد
الصوت التي تقصف صواعقه ما أصابته وتدقه وتحطمه ، ومنه قولهم : قصف فلان ظهر فلان
، يقصفه ، وذلك إذا كسره ودقه ، يقال منه : سمعت قصيف الرعد ووئيده ووأده ورزمته
وهزمته ، كل ذلك شدة صوته ، ومن القاصف قول الله عز ذكره : فيرسل عليهم قاصفا من
الريح . وأما قوله : » أبصارهما كالبرق الخاطف « ، فإنه يعني به البرق الذي يكاد
من شدة ضياء لمعانه يلتمع الأبصار ويستلبها . وأصل الخطف السلب ، يقال : خطف فلان
فلانا كذا ، إذا استلبه إياه ، ومنه الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : » أنه
نهى عن الخطفة « هي استلاب الناس بعضهم من بعض يوم الغارة ما أفاء الله تبارك
وتعالى عليهم من غنائمهم من أموال المشركين ، وهي شبيهة بالنهبة . ومن الخطف قيل
للخطاف الذي يستخرج به الدلو من البئر خطاف لأنه يستلب ما علق به ، ومنه قول نابغة
بني ذبيان : خطاطيف حجن في حبال متينة تمد بها أيد إليك نوازع ومنه قول الله عز
وجل : إلا من خطف الخطفة (4) ، يقول : إلا من استرق من الشياطين السمع فاستلب منه
شيئا ، فأتبعه شهاب ثاقب . وأما قول عائشة : فألقوا في الطوى ، فإن الطوى : هي
البئر المطوية ، وهي في الأصل مفعولة ، مطووية ، صرفت إلى فعيل ، كما قيل : كف
خضيب ولحية دهين ، يراد بها : مخضوبة ، ومدهونة ، ثم صرفت إلى خضيب ودهين ، ومنه
قول الشاعر : ماذا بالطوي طوي بدر من القينات والشرب الكرام وأما قول النبي صلى
الله عليه وسلم : » من سره أن يمثل له الرجال قياما « ، فإنه يعني بقوله : » يمثل
له « ينتصب له قائما ، يقال : منه مثل فلان لفلان قائما حين رآه مثلا ، ومثولا ،
ومنه قول الأخطل : فما به غير موشي أكارعه إذا أحس بشخص نابئ مثلا يعني بقوله :
مثلا : انتصب . وأما قوله : » فليتبوأ مقعده من النار « ، فإنه يقول : فليتخذ
منزلا وبيتا يقعد فيه من النار بفعله ذلك ، يقال منه : تبوأ فلان منزلا من بني
فلان ، إذا اتخذه ، وبوأته أنا منزلا . وكان أبو زيد الأنصاري يحكي عن العرب :
أبأت القوم منزلا ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق
(5) . ومنه : مباءة الإبل : وهو مراحها الذي تأوي إليه وتبيت فيه ، ومنه قول
الطرماح بن حكيم : طرف التنائف ما يبن مباءة حولين طيب بنة الأبعار ويقال : فلان
ببيئة سوء ، يعني به : بحال سوء . وبأوت على القوم ، إذا فخرت عليهم ، والبأو :
الكبر ، ومنه قول نابغة بني ذبيان : فلما أن دنون له تأيى ولولا بأوه لنجا طماحا
وأما الباءة في النكاح ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : » عليكم بالباءة ،
فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج « ، يعني بالباءة : النكاح . وأما قولهم : باء فلان
بالإثم ، فإنه يعني : أقر به وتحمله وانصرف به ، من قول الله جل ثناؤه : فباءوا
بغضب على غضب (6) أي انصرفوا معترفين به . وأما قولهم : القتلى بواء ، فإنه يعني
به : أكفاء . يقال منه : باء فلان بفلان ، إذا كان كفأ له في القتل إذا قتل . وأما
قول النبي صلى الله عليه وسلم : » فيعرج بها الملك « ، فإنه يعني بقوله : » فيعرج
بها « ، فيصعد بها ويرتفع ، يقال منه : عرج الملك إلى السماء يعرج عروجا ، ومنه
قول الله تعالى ذكره : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه (7) . ويقال
أيضا : عرج فلان يعرج عرجا ، إذا مشى مشية العرجان ، فأما إذا صار ذلك خلقة في
الإنسان ، فإنه يقال : عرج فهو يعرج عرجا . وأما التعريج ، فإنه معنى غير ذلك ،
وهو الميل إلى الشيء والإقامة عليه ، يقال منه : مضى فلان وما عرج على أصحابه ،
وذلك إذا لم يقم عليهم ، ويقال : مالي عليه عرجة ، ولا عرجة ، ولا تعرج ، وذلك إذا
لم يقم عليه ومضى . وأما العرج من الإبل ، فغير ما ذكرنا كله ، وهو من الإبل نحو
من ثمانين . وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى يقول : هو مائة وخمسون وفوق ذلك قليلا
، يجمع أعراجا . وكان الأصمعي يقول : هو من خمسمائة إلى ألف . والعرج أيضا غيبوبة
الشمس ، كذلك كان أبو عمرو الشيباني فيما بلغنا يقول ، وكان ينشد في ذلك : حتى إذا
ما الشمس همت بعرج
__________
(1) سورة : الحج آية رقم : 25
(2) سورة : إبراهيم آية رقم : 50
(3) سورة : الأنبياء آية رقم : 46
(4) سورة : الصافات آية رقم : 10
(5) سورة : يونس آية رقم : 93
(6) سورة : البقرة آية رقم : 90
(7) سورة : السجدة آية رقم : 5
ذكر ما صح عندنا سنده من حديث عمرو بن حريث ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
339 - حدثني أحمد بن إبراهيم ، وابن أبي مسرة المكي ، قال ابن الدورقي : حدثني خلاد بن يحيى السلمي ، وقال ابن أبي مسرة : حدثنا خلاد بن يحيى ، عن سفيان الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمرو بن حريث ، عن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين : إحداهما : أنه قد حدث به عن إسماعيل بن أبي خالد جماعة ، ولم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل وقفوه على عمر ، وجعلوا هذا الكلام من قيله ، والأخرى : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمرو بن حريث ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به منفرد وجب فيه التثبت عندهم
ذكر من حدث بهذا الحديث عن إسماعيل ، عن عمرو بن حريث ، عن عمر ، فجعله من كلام عمر ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
340 - حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : سمعت عمرو بن حريث يحدث قال : إن شاعرا كان في عهد عمر يروي شعرا كثيرا ، فقال عمر : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا » وقد وافق عمر في روايته هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده ، ثم نتبع إن شاء الله جميعه البيان
ذكر من وافق عمر في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه
517 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا يحيى بن سعيد ، ومحمد بن جعفر ، قالا : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن محمد بن سعد ، عن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا » حدثني يعقوب بن إبراهيم يعني ابن جبير الواسطي ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن محمد بن سعد ، عن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
518 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، حدثنا حنظلة ، قال : سمعت سالم بن عبد الله ، يقول : سمعت أبي عبد الله بن عمر ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لأن يكون جوف المرء مملوءا قيحا خير له من أن يكون مملوءا شعرا »
519 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن حنظلة ، عن سالم ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا »
520 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا حفص ، وأبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا يريه خير له من أن يمتلئ شعرا »
521 - حدثني عبد الملك بن محمد الرقاشي ، حدثنا أبو زيد صاحب الهروي ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا »
522 - حدثني محمد بن عبد الله عبد الحكم المصري ، حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن يحنس مولى المصعب بن الزبير ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في العرج ، إذ عرض له شاعر ينشد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خذوا الشيطان ، أو أمسكوا الشيطان ، لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا »
523 - حدثنا سليمان بن ثابت الخزاز الواسطي ، أنبأنا سلم بن سلام ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة ، عن يحنس ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : أقبل رجل وهو ينشد الشعر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خذوا الشيطان ، أو : أمسكوا الشيطان » ، وقال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا القول في معنى هذا الخبر اختلف في معنى هذا الخبر ، فقال بعضهم : عنى به الامتلاء من الشعر الذي هجا المشركون به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورووا بذلك خبرا عن الشعبي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مرسلا
524 - حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد ، أنبأنا شريك ، حدثنا مجالد بن سعيد ، وغيره ، عن الشعبي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا هجيت به » ، أو قال : « من شعر هجاني » وقالوا : غير جائز أن يكون معناه غير ما قلنا ؛ لأن معناه لو كان على الامتلاء من جميع أنواع الشعر ، لما كان لقوله صلى الله عليه وسلم : « إن من الشعر حكمة » معنى معقول ، لأن ذلك لو كان على كل أنواع الشعر ، لا على الخاص منه الذي رواه الشعبي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيه عنه ، لكان من كان جوفه ممتلئا من الشعر الذي هو حكمة داخلا في ما قال صلى الله عليه وسلم : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا » . قالوا : وذلك غير جائزة إضافته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن في ذلك إضافة ذم امتلاء القلب من الحكمة إليه . وقد كان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة لا شك أن الغالب كان عليهم الشعر وقيله ، وذلك بعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن لذلك من أمرهم ذاما ، بل كان لهم حامدا ، ولهم بقيله آمرا ، منهم حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة ، وغيرهم ممن يكثر عددهم . قالوا : فلو كان الأمر في ذلك على ما تأوله من خالف قولنا فيه ، لكان صلى الله عليه وسلم قد تقدم إلى من ذكرنا ، وإلى أمثالهم من الشعراء الذين كانوا على عهده مسلمين ، بترك قيل الشعر وروايته . وفي أمره إياهم بقيله إذ هاجاهم المشركون وإذنه لهم برواية ما كان منه حكمة أدل الدليل على صحة ما قلنا ، وفساد قول من خالف قوله قولنا . وقال آخرون في ذلك : بل معناه : أن يغلب الشعر على قلب المرء حتى يشغله عن القرآن ، وعن ذكر الله عز وجل ، فيكون هو الغالب عليه دون غيره من القرآن وذكر الله عز وجل ، من أي الشعر كان ذلك قالوا : فأما إذا كان الغالب عليه القرآن وذكر الله والعلم دون الشعر ، فليس ذلك بممتلئ شعرا وإن كان يروي من الشعر شعرا كثيرا ويقوله . قالوا : ولو كان معنى ذلك امتلاءه من الشعر الذي هجى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكان مرخصا في القليل منه ؛ لأن الذم من النبي صلى الله عليه وسلم إنما ورد في هذه الأخبار من الامتلاء من ذلك ، لا من جميعه ، القليل منه والكثير . قالوا : وفي القليل من هجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج من الإسلام . ففي ذلك الدليل الواضح على أن معناه الامتلاء من جميع أنواع الشعر على ما وصفنا . وقال آخرون : قد وردت هذه الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعارضتها أخبار أخر غيرها ، وهي الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر المؤمنين به من شعراء أصحابه بقيل الشعر ، وهجاء المشركين إذ هجاهم المشركون ، وتركه على رواة ذلك في عصره الإنكار عليهم في روايتهم إياه ، واستنشاده بعضهم كثيرا منه ، واستماعه إلى منشديه كثيرا ، من غير كراهة منه لذلك
ذكر الأخبار التي ادعى قائلو هذه المقالة أنها للأخبار التي تقدم ذكرنا لها معارضة
525 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الله المرادي ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، قال : كنا مع عمار بن ياسر بصفين ، وشاعر أهل الشام وشاعر أهل العراق يتهاجيان ، وعمار يقول : الزق بالعجوزين ، فقال له رجل : تقول هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إما أن تجلس فتسمع ، وإما أن تذهب إنه لما هجانا المشركون شكونا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قولوا لهم كما يقولون لكم ، فإن كنا لنعلمه إماءنا بالمدينة »
526 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الله المرادي ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن عمار ، قال : لما هجانا المشركون شكونا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قولوا لهم كما يقولون لكم »
527 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني أبو معاوية ، قال : حدثني الشيباني ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو معاوية ، والمحاربي ، عن الشيباني ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : « اهج المشركين ، فإن جبريل معك »
528 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا سفيان بن حبيب ، عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، أنه سمع البراء بن عازب ، يقول : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت : « اهجهم وجبريل معك »
529 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن عدي ، عن البراء بن عازب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحسان : « اهجهم أو هاجهم ، وجبريل معك »
530 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا إسرائيل ، حدثنا أبو إسحاق ، عن البراء ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : « اهج المشركين ، فإن جبريل معك ، أو : إن روح القدس معك »
531 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان : « اهج المشركين ، فإن روح القدس معك »
532 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، قال : مر عمر بحسان وهو ينشد الشعر في المسجد ، فقال : تنشد الشعر في المسجد ؟ فقال : كنت أنشد فيه مع من هو خير منك . ثم التفت إلى أبي هريرة ، فقال : أنشدك بالله ، هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « أجب عني ، أيدك الله بروح القدس » ؟ فقال : نعم
533 - حدثني إسماعيل بن موسى الفزاري ، أنبأنا ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبرا في المسجد يقوم عليه قائما يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو قالت : ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله يؤيد حسان بروح القدس بما ينافح ، أو : بما يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم » حدثني إسماعيل بن موسى ، أنبأنا هشيم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . حدثني بحر بن نصر الخولاني ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، وهشام بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان بن ثابت ، ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال : ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يشكك
534 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال : حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، عن عمارة بن غزية ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اهجوا قريشا ، فإنه أشد عليهم من رشق النبل » . فأرسل إلى ابن رواحة فقال : « اهجهم » ، فهجاهم ، فلم يرض ، فأرسل إلى كعب بن مالك ، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت ، فلما دخل عليه حسان قال : قد أنى أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه . قال : ثم أدلع لسانه فجعل يخرجه ، فقال : والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تعجل ، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها ، وإن لي فيهم نسبا حتى تخلص نسبي » . فأتاه حسان ، ثم رجع ، فقال : يا رسول الله ، قد خلصت نسبك ، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين . قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان : « إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . وقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » هجاهم فأشفى واشتفى «
535 - حدثنا الزبير بن بكار ، قال : حدثني أبو غزية محمد بن موسى قال : حدثني عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن جدتها ، أسماء بنت أبي بكر الصديق : أن الزبير بن العوام مر بمجلس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحسان بن ثابت ينشدهم من شعره ، وهم غير نشاط لما يسمعون منه ، فجلس الزبير معهم ، ثم قال لهم : مالي أراكم غير آذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة ، فلقد كان يعرض به لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيعجبه ، ويحسن استماعه ، ويجزل عليه ثوابه ، ولا يشغل عنه بشيء
536 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر ، قال : لما كان يوم الأحزاب ، وردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يحمي أعراض المؤمنين ؟ » قال كعب : أنا يا رسول الله ، وقال ابن رواحة : أنا يا رسول الله ، فقال : « إنك تحسن الشعر » ، فقال حسان بن ثابت : أنا يا رسول الله . قال : « نعم ، اهجهم أنت ، فسيعينك عليهم روح القدس »
537 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، أنه قال : يا رسول الله ، ماذا ترى في الشعر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده ، لكأنما تنضحونهم بالنبل »
538 - حدثنا إسماعيل بن موسى ، أنبأنا شريك ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة ، قال : « جالست رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مئة مرة ، فكان أصحابه يتناشدون الأشعار ، ويتذاكرون أمر الجاهلية ، فربما تبسم »
539 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثني علي بن زيد بن جدعان ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن الأسود بن سريع ، قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني مدحت الله مدحة ومدحتك أخرى ، فقال : » هات وابدأ بمدحة الله «
540 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الثقفي ، عن عمرو الشريد ، عن أبيه ، قال : استنشدني رسول الله صلى الله عليه وسلم مئة قافية من شعر أمية بن أبي الصلت ، فقال : « لقد كاد أن يسلم في شعره »
541 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه ، قال : أردفني النبي صلى الله عليه وسلم خلفه ، ثم أنشدته من شعر أمية بن أبي الصلت مائة بيت ، كلما فرغت عن قافية بيت قال : « هيه » ، ثم قال : « إن كاد ليسلم »
542 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن عيينة ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن عمرو بن الشريد ، أو يعقوب بن عاصم ، عن الشريد ، قال : أردفني النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : « هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء ؟ » قلت : نعم . قال : « هيه فأنشدته بيتا » ، ثم قال : « هيه : فأنشدته بيتا » ، حتى أتممت مائة بيت
543 - حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا سفيان بن حبيب ، عن شعبة ، عن عدي بن ثابت أنه سمع البراء بن عازب يقول : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان بن ثابت : « اهجهم وجبريل معك » قالوا : فهذه الأخبار تعارض الأخبار التي رويت ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا » لأنه معلوم أن حسان بن ثابت وكعب بن مالك ، ومن ذكرنا من الشعراء الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه ، كان الشعر أغلب عليهم من غيره ، فلم ينههم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ولم ير أنهم بذلك من الله عز وجل مستحقي العقاب ، بل جاءت الأخبار عنه أنه ندبهم إلى قيله ، وحثهم عليه ، ووعدهم من الله تعالى الثواب الجزيل على هجائهم المشركين ، وذبهم عن أعراض المسلمين . قالوا : وإذ كانت الروايتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيحتين ، وكان غير جائز أن يكون ذلك كان منه في وقت واحد ومقام واحد ، إذ كان أحدهما دليلا على تحريم الامتلاء من الشعر ، والآخر على إباحته وإطلاقه ، علم أن ذلك كان منه في وقتين ، وإذ كان ذلك كان في وقتين مختلفين ، ولم يكن معلوما أيهم المتقدم صاحبه وجب طرحهما ، والمصير أن يعرف الواجب في ذلك من القول من جهة الاستنباط . قالوا : وإذ كان ذلك كذلك ، وكان الشعر كلاما كسائر الكلام غيره ، غير أن له فضلا على غيره من الكلام المنثور بأنه موزون ، تستحليه الألسن ، وتستعذبه المسامع . ولم يكن الممتلئ جوفه خطبا ورسائل مستحقا أن يكون مذموما ، كان كذلك الممتلئ جوفه شعرا غير مستحق أن يكون مذموما ، كما غير مذموم الممتلئ جوفه خطبا ورسائل ، وهي كلها كلام ، كما الشعر كلام مثلها . قالوا : ولا معنى لقول القائل : إنما عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ، خير له من أن يمتلئ شعرا » ، أن يمتلئ قلبه من الشعر حتى لا يكون فيه شيء سواه من القرآن وعلم الدين ، لأن ذلك لو كان معناه لوجب أن يكون قلبه لو امتلأ من الخطب والرسائل وأساجيع الكهان ، حتى لا يكون فيه شيء من القرآن وعلم الدين أن يكون غير مذموم ، إذ كان الذم من النبي صلى الله عليه وسلم إنما ورد علينا لمن امتلأ قلبه من الشعر خاصة . قالوا : وفي إجماع المسلمين على ذم من امتلأ قلبه مما ذكرنا من الأشياء التي عددنا ، حتى لا يكون فيه شيء من القرآن وعلم الدين الدليل الواضح على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا » غير الذي قاله قائل هذه المقالة . قالوا : وإذ كان ذلك كذلك ، فالصحيح ما قلنا : من أن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم في وقتين مختلفين ، وقد سقطت حجتهما جميعا ، إذ كان لا علم عندنا بالناسخ منهما والمنسوخ ، وصار الأمر فيه إلى الاستنباط ، وكانت الأدلة تدل على ما بينا . قالوا : وبعد ، فإنه لم يكن كبير أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان من العرب ، إلا وهو للشعر قائل ، أو هو له راو الرواية الغزيرة الكثيرة ، ورووا بتصديق ما قالوا أخبارا ، نذكر بعض ما صح سنده مما حضرنا من ذلك ذكره
544 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، قال عمر بن أبي زائدة ، أنبأنا عن الشعبي ، قال : كان أبو بكر رحمة الله عليه يقول الشعر ، وعمر يقول الشعر ، وكان علي أشعر الثلاثة ، رحمة الله عليهم
545 - حدثني عبيد بن أسباط بن محمد القرشي ، حدثنا ابن إدريس ، عن ابن أبي زائدة ، عن الشعبي ، قال : كان أبو بكر وعمر شاعرين ، وكان علي من أشعر الثلاثة ، رحمة الله عليهم
546 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن مروان بن عثمان ، عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت : أن زيد بن ثابت روى من شعر كعب بن مالك تسعين قصيدة
547 - حدثني أبو غسان اليحمدي مالك بن الخليل ، حدثنا يعقوب الحضرمي ، حدثنا زياد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قال : « الشعر ديوان العرب ، هو أول علم العرب ، عليكم شعر الجاهلية وشعر الحجاز »
548 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة يحدث عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، قال : صحبت عمران بن حصين من الكوفة إلى البصرة ، فما أتى علينا يوم إلا أنشدنا فيه شعرا ، وقال : « إن في المعاريض مندوحة عن الكذب » حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : سمعت مطرفا ، قال : سمعت عمران بن حصين ، فذكر مثله
549 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا الأصمعي ، عن ابن أبي الزناد ، قال : قيل لسعيد بن المسيب : إن أناسا يكرهون الشعر . قال : « نسكوا نسكا عجميا »
550 - حدثني مشرف بن أبان الحطاب ، حدثنا إسحاق بن عيسى بن ثابت ابن ابنت داود بن أبي هند ، حدثنا عباد بن راشد ، قال : جاء رجل إلى الحسن ، فقال : إني أتعلم القرآن ، وإن أبي يأمرني أن أتعلم الشعر ، فقال : « تعلم القرآن ، وخذ من الشعر ما ترضي به أباك » وقال آخرون : معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا » النهي عن قيل الشعر كله وروايته ، قليله وكثيره . قالوا : وذلك أن القليل من القيح في الجوف مضرة ، وكل أحد من الناس لقليل ذلك وكثيره كاره أن يكون في جوفه . قالوا : فإذ كان الامتلاء من الشعر نظير الامتلاء من القيح ، فدون الامتلاء من الشعر نظير ما هو دون الامتلاء من القيح ، وكل ذلك مكروه في الجوف ، وكذلك الشعر كله مكروه أن يكون في الجوف منه شيء . واعتلوا لتصحيح ما قالوا من ذلك من الأخبار بما
551
- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد
، أنبأنا حيوة بن شريح ، أنبأنا شراحيل بن يزيد المعافري ، أنه سمع عبد الرحمن بن
رافع التنوخي ، يقول : إنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص ، يقول : إنه سمع رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما أبالي ما أتيت » أو « ما أبالي ما ركبت ، إذا
أنا شربت ترياقا (1) أو علقت تميمة أو قلت شعرا من قبل نفسي » المعافري هو الذي
يقول : ما أدري أيتهما قال أبو رافع : ما أبالي ما ركبت ، أو : ما أبالي ما أتيت
__________
(1) الترياق : كلمة فارسية تعني دواء السم ثم أطلقت على الدواء مطلقا
552 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا ابن إدريس ، أنبأنا حصين ، عن عمرو بن مرة ، عن عباد بن عاصم ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وافته الصلاة ، فقال : « الله أكبر كبيرا ، ثلاث مرات ، والحمد لله كثيرا ، ثلاثا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، ثلاثا » ، وقال : « اللهم إني أعوذ بك من الشيطان وهمزه ونفثه ونفخه » قال : فكان يقول : « همزه الموتة التي تأخذ صاحب المس ، ونفثه الشعر ، ونفخه الكبر » حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو يعني ابن مرة ، عن عاصم العنزي ، عن ابن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، غير أنه قال في حديثه : قال عمرو : همزه الموتة ، ونفخه الكبر ، ونفثه الشعر حدثنا أبو كريب ، حدثنا زيد بن حباب ، عن شعبة بن الحجاج ، عن عمرو بن مرة ، عن رجل من عنزة ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه ، إلا أنه قال : قال عمرو : نفخه الكبر ، وهمزه الجنون ، ونفثه الشعر
553 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع بن الجراح ، عن مسعر ، عن عمرو بن مرة ، عن رجل ، من عنزة ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : « الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا ، اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم ، من نفخه وهمزه ونفثه » . قلت : وما همزه ؟ قال : فذكر كهيئة الموتة ، قلت : فما نفخه ؟ قال : الكبر ، قلت : فما نفثه ؟ قال : الشعر حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن بشر ، عن مسعر ، قال : حدثنا عمرو بن مرة ، عن رجل من عنزة ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه ، إلا أنه قال : قلت : يا رسول الله ، ما همزه ؟ فذكر كهيئة الموتة . فقلت : ما نفثه ؟ قال : الشعر . قلت : وما نفخه ؟ قال : الكبر
554 - حدثنا المثنى بن إبراهيم الآملي ، ومحمد بن عبد الملك ، قالا : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ، قال : أخبرني ابن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة الباهلي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن إبليس لما نزل الأرض قال : يا رب ، أنزلتني الأرض وجعلتني رجيما ، أو كما ذكر ، فاجعل لي بيتا . قال : الحمام . قال : فاجعل لي مجلسا . قال : الأسواق ومجامع الطرق . قال : اجعل لي طعاما . قال : ما لم يذكر اسم الله عليه . قال : اجعل لي شرابا . قال : كل مسكر . قال : اجعل لي مؤذنا . قال : المزامير . قال : اجعل لي قرآنا . قال : الشعر . قال : اجعل لي كتابا . قال : الوشم . قال : اجعل لي حديثا . قال : الكذب . قال : اجعل لي رسلا . قال : الكهان . قال : اجعل لي مصايد . قال : النساء »
555 - حدثني هلال بن العلاء ، حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله ، عن زيد ، عن عمرو بن مرة ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة جهر فيها بالقراءة ، فلما صف الناس كبر نبي الله ، وقال : « الله أكبر كبيرا ، ثلاثا ، وله الحمد ، ثلاثا ، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا ، ثلاثا » ، ثم قال : « اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه »
556 - حدثنا علي بن حرب ، حدثنا ابن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : « أعوذ بك من الشيطان وهمزه ونفخه ونفثه . » فنفثه الشعر ، وهمزه الموتة ، ونفخه الكبر « قالوا : وبنحو الذي قلنا من النهي عن قيل الشعر وروايته قال جماعة من السلف وكثير من الخلف
557 - ذكر بعض ذلك حدثني يحيى بن عثمان بن صالح السهمي ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني أبو قبيل ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول « من قال ثلاثة أبيات من الشعر من تلقاء نفسه لم يدخل الفردوس »
558 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثام بن علي ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق : أنه تمثل أول بيت شعر ، ثم سكت ، قيل له : لم سكت ؟ قال : « أخاف أن أجد في صحيفتي شعرا »
559 - حدثنا الزبير بن بكار ، حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان ، عن أبيه ، قال : لما أرسل عمر بن الخطاب الحطيئة من الحبس في هجائه الزبرقان بن بدر قال له : إياك والشعر . قال : لا أقدر يا أمير المؤمنين على تركه ، مأكلة عيالي ، ونملة على لساني . قال : فشبب بأهلك ، وإياك وكل مدحة مجحفة . قال : فما المدحة المجحفة ؟ قال : تقول : بنو فلان خير من بني فلان ، امدح ولا تفضل . قال : أنت ، يا أمير المؤمنين أشعر مني
560 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا سفيان بن حبيب الجرمي ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن أبي الدرداء ، قال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم رضفا حتى ينقطع خير له من أن يمتلئ شعرا »
561 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان سلمة ، عن أبي الزعراء ، قال : قال عبد الله : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا »
562 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد ، وقرأه علي من كتابه قال : سمعت سفيان بن سعيد ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عابس ، عن ناس ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه قال في خطبته : « الشعر مزامير الشيطان » حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، حدثني عبد الرحمن بن عابس ، حدثني ناس ، عن عبد الله بن مسعود مثله
563 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان : أنه قال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا »
564 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، قال : « لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا ، خير له من أن يمتلئ شعرا »
565 - حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا سفيان بن حبيب ، عن عبد الرحمن بن خضير ، عن أبي نجيح ، قال : سمعت أبا هريرة ، يقول : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا »
566 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن الحسن ، قال : « لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه ، خير له من أن يمتلئ شعرا »
567
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، قال : قيل للربيع بن خثيم :
ما يمنعك أن تجيء بالبيت من الشعر ، فإن أصحابك كانوا يجيئون بالبيت وبالبيتين ؟
قال : « إنه ليس أحد يلفظ بشيء إلا كتب وجعل في إمامه ، ورآه يوم القيامة ، وليس
أحد يوم القيامة إلا يعرض عليه إمامه ، وإني أكره أن أقرأ في كتابي يوم القيامة
بيت شعر » والصواب من القول عندنا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لأن
يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا ، هو ما رواه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم في معنى ذلك الشعبي ، عن قوله : » لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا
خير له من أن يمتلئ شعرا هجيت به « ، ولا معنى لتوهم المنكر صحة معنى هذا الخبر
أنه يلزمه إن قال بتصحيحه إباحة ما دون امتلاء الجوف من هجاء رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، إذ كان الظاهر منه عنده أنه يدل على النهي عن الامتلاء منه دون
الدلالة على النهي عما هو دون الامتلاء ، وأن باطنه عنده يدل على إباحة ما دون
الامتلاء منه ، إلا لغفلة ، بل في ذلك الدليل الواضح ، لمن تأمله بفكر صحيح ، أنه
من النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن قليل ما هجي به من الشعر وكثيره ، وذلك أنه لا
شك أن الامتلاء من ذلك إذا كان نظير الامتلاء من القيح الذي يورث الوري ، فإن ما
دون الامتلاء منه نظير ما دون الامتلاء من القيح الذي من حكمه أن يورث الامتلاء
منه الوري ، وذلك لا شك كله داء مكروه ، وضر على الأبدان محذور ، يتقيه كل ذي فطرة
صحيحة ، ويهرب منه كل ذي بنية سليمة . فإن كان نظير الشعر الذي هجي به رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وله شبيها لتمثيل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه به ،
فلا شك أنه قد دل بتشبيهه إياه به عليه السلام أولي الألباب من أمته ، على أن الواجب
عليهم من اتقاء قليل ذلك وكثيره والحذر منه ، نظير ما في فطرتهم وبنيتهم من اتقاء
قليل ما أفسد أجوافهم وكثيره ، وأورثها الداء ، من القيح الذي يورثها الوري كثيره
. وفي كون ذلك كذلك صحة ما قلنا ، وفساد ما خالفنا . فإن قال قائل : إن الخبر الذي
ذكرت عن الشعبي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك خبر مرسل ، وراويه بعد
مجالد ، وواجب في خبر مجالد عن كثير من أهل النقل ، التثبت فيما كان منه عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم متصلا ، فكيف بما يكون منه مرسلا منقطعا ؟ قيل له : ما قد
بينا في غير هذا الموضع من أن مراسيل العدول الذين شأنهم التحفظ من الرواية عمن لا
يجوز الرواية عنه من الأخبار ، لله تعالى دين لازم من بلغته قبولها والدينونة بها
، مع بيان الأسباب الموجبة عليه قبول خبر مجالد ونظرائه إن شاء الله تعالى . وبعد
، فإننا لم نجعل علتنا في تصحيح المعنى الذي تأولناه وقلنا في قول النبي صلى الله
عليه وسلم : » لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا « ، الخبر الذي
ذكرناه عن الشعبي وحده ، دون غيره من المعاني التي نتفق نحن ومخالفونا عليها
الدلالة على صحة ما قلنا في ذلك . وذلك أنا نقول للزاعم أن معنى ذلك من النبي صلى
الله عليه وسلم : النهي عن الامتلاء من الشعر حتى لا يكون في قلب صاحبه شيء غيره
من القرآن والعلم : أخبرنا عن النهي الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن
الامتلاء من الشعر ، إن كان الأمر على ما وصفت ، أمخصوص له الشعر خاصة ، أم ذلك
عام في كل ما امتلأ الجوف منه حتى لا يكون فيه غيره ؟ فإن زعم أن ذلك مخصوص به
الشعر خاصة ، دون سائر الأشياء غيره ، قيل له : الجائز إذا أن يمتلئ قلب المؤمن
رواية أساجيع الكهان وخطب الخطباء ، حتى لا يكون فيه من كتاب الله عز وجل ولا من
علوم الدين شيء ؟ فإن قال : ذلك كذلك ، خرج من قول جميع الأمة ، لإباحته الجهل من
أمور الدين بما لم يبح الله الجهل به ، ومن ترك حفظ القرآن وما لا يسع ترك حفظه
لأحد وإن قال : ذلك غير جائز . قيل : فقد بطل إذا أن يكون قول النبي صلى الله عليه
وسلم الذي ذكرناه معنيا به الشعر خاصة . وذلك ترك منه لقوله . وإن قال : بل ذلك
معني به كل ما امتلأ منه جوف المرء كائنا ما كان ذلك الذي امتلأ منه ، شعرا أو
غيره ، ترك القول بالخبر ، وقيل له : فقد يجب إذا ، إن كان الأمر كذلك ، أن يكون
من امتلأ قلبه من القرآن والحكمة ، أن يكون ممتلئا قلبه من القيح الذي يريه خير له
من امتلائه من ذلك . وذلك قول إن قاله لا يخفى فساده على ذي فطرة صحيحة . وإن قال
: بل ذلك معني به الامتلاء من بعض المعاني دون بعض . قيل له : فما ذلك المعنى الذي
عني بالنهي عنه ؟ فإن سمى شيئا بعينه من صنوف العلوم عورض في ذلك بخلافه ، فلن
يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله . وفي فساد القول بجواز امتلاء القلب
من بعض العلوم التي هي من غير علوم الدين ، حتى لا يكون في القلب غيره ، ولا شيء
يخالطه من كتاب الله وغيره من علوم الدين أبين الدليل على صحة ما قلنا في أن معنى
قول النبي صلى الله عليه وسلم : » لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير له من أن
يمتلئ شعرا « ، بخلاف القول الذي ذكرنا أنه تأوله بمعنى الامتلاء من الشعر حتى لا
يكون فيه شيء غيره . وأخرى : أن الشعر كلام كسائر الكلام غيره ، حسنه حسن ، وقبيحه
قبيح ، كما حسن غيره من الكلام حسن ، وقبيح غيره من الكلام قبيح ، غير أن له بأنه
مؤتلف النظام ، متسق الأوزان الفضل على غيره من منثور الكلام ، ولا يخرجه ذلك عن
معنى غيره من الكلام ، في أن يكون سبيله سبيله ، في أن ما حسن قيله وروايته من
غيره حسن منه ، وما قبح قيله وروايته من غيره قبح . فأما الامتلاء من معنى منه حتى
لا يخالط القلب غيره من علم القرآن وأمور الدين ، فإن ذلك محرم ، من أي المعاني
كان ذلك ، فلا وجه لأن يخص بذلك الشعر دون غيره . وفي كون ذلك كذلك البيان الواضح
أن القول في معنى ذلك ما قلناه دون ما خالفه . وأما الذين أنكروا رواية جميع أصناف
الشعر ، وقيل جميع أنواعه اعتلالا منهم بما ذكرنا من الأخبار المروية في ذلك ، عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الأخبار بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
واهية الأسانيد ، غير جائز الاحتجاج بمثلها في الدين . والصحيح من الأخبار عنه صلى
الله عليه وسلم في ذلك ، ما قدمنا ذكره من أمر حسان وغيره من شعراء الصحابة بهجاء
المشركين ، وإعلامه إياهم أن لهم على ذلك الثواب الجزيل ، واستنشاده إياهم ،
وتمثله أحيانا من ذلك بالبيت بعد البيت . والشيء بعد الشيء ، وإخباره أصحابه أن
هجاء من هجا من شعراء أصحابه المشركين أشد على المشركين من نضحهم إياهم بالنبل . ولقد
ذكر أن قبيلة من قبائل العرب أسلموا بوعيد كعب بن مالك إياهم في شعره ، ولا شك أن
ما كانت نكايته في العدو النكاية التي تدعو أمة منهم إلى الإذعان بالطاعة ،
والدخول في الدين ، والمسالمة ، أبلغ في المكيدة من نضح النبل والضراب بالسيف ،
وأن ما كان مبلغه في نكاية العدو هذا المبلغ لا ينبغي أن يغفل عن استعماله . وإذا
كان لا ينبغي أن يغفل عن استعماله لم يجز أن يقال : لا يحل قيله وروايته ، بل هو
إلى وجوب قيله وروايته في بعض الأحوال أقرب منه إلى لزوم تركه وترك روايته . ويقال
لجميع من أنكر قيل الشعر وروايته : أرأيت قول الله جل ثناؤه : والشعراء يتبعهم
الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا (1) مختلف فيه حكم
المستثنى والمستثنى منهم أم متفق ؟ فإن زعموا أنه متفق خالفوا في ذلك نص حكم الله
تعالى في كتابه ؛ لأن الله جل ثناؤه خالف بين أحكامهم ، فأخرج المستثنى من حكم
الذين قبلهم . وإن قالوا : بل هو مختلف قيل لهم : فقد وضح إذن أن المذموم من
الشعراء غير الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما
ظلموا ، وأنهم هم الذين صفتهم خلاف هذه الصفة ، فأما من آمن منهم وعمل الصالحات
وذكر الله كثيرا فغير مذمومين ، بل هم محمودون
__________
(1) سورة : الشعراء آية رقم : 224
ذكر بعض الأخبار الواردة بمعنى ما قلنا قبل
568 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن زائدة بن قدامة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أصدق كلمة قالتها العرب كلمة قالها الشاعر ، كلمة لبيد » ، ثم تمثل أوله وترك آخره فقال : « ألا كل شيء ما خلا الله باطل وإن كاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم
569 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، وابن بشار قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكاد ابن أبي الصلت أن يسلم »
570 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الملك ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : إن أصدق كلمة بيت قاله الشاعر : ألا كل شيء ما خلا الله باطل
571 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر : أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد بن ربيعة : ألا كل شيء ما خلا الله باطل
572 - حدثني أبو معاوية القرشي ، حدثنا قزعة بن سويد ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
573
- حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو أسامة ، عن مسعر ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ،
عن عائشة ، قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل (1) من الشعر : ويأتيك
بالأخبار من لم تزود
__________
(1) تَمَثَّل الشيءَ وبه : تَصَوَّر مثاله واستحضر كلاما ليستشهد به
574
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا زائدة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل (1) من الأشعار : ويأتيك
بالأخبار من لم تزود
__________
(1) يتمثل : يستحضر كلاما ليستشهد به من شعر وغيره
575
- حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد ، أنبأنا جرير بن حازم ، قال : سمعت محمد بن
سيرين ، يقول : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له ، فشنق راحلته (1)
حتى وضعت رأسها على مقدمة رحله ، ثم قال : « ادعوا لي كعب بن مالك » ، فقال : «
أنشد » فقال : قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ، ثم أجممنا السيوفا نخيرها ، ولو نطقت
لقالت قواطعهن : دوسا أو ثقيفا قال محمد : فنبئت أن دوسا أسلمت بكلمة كعب هذه
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
576 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني جرير بن حازم ، قال : سمعت محمد بن سيرين ، يقول : هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ثلاثة رهط من المشركين : عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبعرى ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، فقال المهاجرون : يا رسول الله ، ألا تأمر عليا أن يهجو عنا هؤلاء القوم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس علي هنالك » . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا القوم نصروا النبي بأيديهم وأسلحتهم ، فبألسنتهم أحق أن ينصروه » ، فقالت الأنصار : أرادنا ، فأتوا حسان بن ثابت ، فذكروا ذلك له ، فأقبل يمشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، ما أحب أن لي بمقولي ما بين صنعاء وبصرى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنت لها » ، فقال حسان : يا رسول الله ، إنه لا علم لي بقريش ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : « أخبره عنهم ، ونقب له في مثالبهم » ، فهجاهم حسان وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك ، قال ابن سيرين : أنبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين هو يسير على ناقته وشنقها بزمامها حتى وضعت رأسها عند قادمة الرحل ، فقال : أين كعب ؟ فقال كعب : هأنذا يا رسول الله . قال : خذ . قال كعب : قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ، ثم أجممنا السيوفا نخيرها ، ولو نطقت لقالت قواطعهن دوسا أو ثقيفا قال : فأنشد الكلمة كلها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والذي نفس محمد بيده ، لهي أشد عليهم من رشق النبل »
577 - حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد ، أنبأنا عمر بن أبي زائدة ، قال : سمعت مدرك بن عمارة ، يحدث الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا في المسجد ، فمر عبد الله بن رواحة ، فإذا الناس قد أخبوا : أي عبد الله بن رواحة ، أي عبد الله بن رواحة . قال : فعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني ، فجئت ، فقال لي : « اجلس هاهنا » ، فجلست بين يديه ، فقال لي : « كيف تقول الشعر ؟ » كأنه يتعجب ، فقلت : أنظر ثم أقول . قال : « فعليك بالمشركين » . ولم أكن هيأت شيئا ، فأنشدته هذه الكلمة : فأخبروني ، أثمان العباء ، متى كنتم بطاريق أو دانت لكم مضر فعرفت الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا هاشم الخير ، إن الله فضلكم على البرية فضلا ماله غير إني تفرست فيك الخير أعرفه فراسة خالفتهم في الذي نظروا ولو سألت أو استنصرت بعضهم في جل أمرك ما آووا ولا نصروا فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ، ونصرا كالذي نصروا فأقبل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسما ، وقال : وأنت فثبتك الله
578 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن يحيى بن سعيد ، أن عبد الله بن أنيس حدثه عن أمه وهي ابنة كعب بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على كعب بن مالك في مجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينشد ، فلما رأى مكانه تقبض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما كنتم عليه ؟ » فقال كعب : كنت أنشد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فأنشد » ، فأنشد حتى مر بقوله : تقاتلنا عن جذمنا كل فخمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تقل : تقاتلنا عن جذمنا ، ولكن قل : تقاتلنا عن ديننا »
579 - حدثني عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن محمد بن بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا معن بن عيسى ، حدثني عبد الله بن عمر بن حفص ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعل النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر ، فقال : فكيف قال حسان ؟ فأنشده : عدمت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كنفي كداء ينازعن الأعنة مصعدات يلطمهن بالخمر النساء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ادخلوها من حيث قال حسان » ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من كداء
ذكر بعض ما حضرنا ذكره ممن روى ، أو قال الشعر من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين ، ومن كان منهم يسمعه ويأمر بروايته أو قيله
580 - حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاري ، حدثنا أبو أسامة ، أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، أنبأنا ربعي ، قال : لما أتينا عمر بن الخطاب في نفر من غطفان قال : من أشعر شعرائكم ؟ قلنا : أنت أعلم يا أمير المؤمنين . قال : من الذي يقول : أتيتك عاريا خلقا ثيابي على خوف تظن بي الظنون فألفيت الأمانة لم تخنها كذلك كان نوح لا يخون قلنا : النابغة . قال : فمن الذي يقول : كن كسليمان إذ قال الإله له قم في البرية فاحجزها عن الفند قلنا : النابغة قال : فمن الذي يقول : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب قلنا : النابغة . قال : هذا أشعر شعرائكم حين ذهب إلى هذا المذهب
581 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، قال : سمعت سفيان يحدث عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ربعي بن حراش ، قال : وفدنا على عمر بن الخطاب ، فقال : من الذي يقول : كن كسليمان إذ قال الإله له قم في البرية فازجرها عن الفند قالوا : النابغة قال : فمن الذي يقول : فألفيت الأمانة لم تخنها كذلك كان نوح لا يخون قالوا : النابغة قال : فمن الذي يقول : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب قالوا : النابغة . قال : ذاك أشعر شعرائهم
582 - حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا الفيض بن الفضل البجلي ، حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السلمي ، قال : سمعت عامرا الشعبي ، يقول : وفد وفد من غطفان على عمر ، فقال لهم عمر : إنه قد كان فيكم شعراء ، فأي العرب أشعر ؟ قالوا : أنت أعلم بأيامها وأشعارها . قال عمر : فإني أزعم أن من أشعر العرب الذي يقول : أتيتك عاريا خلقا ثيابي على خوف تظن بي الظنون فألفيت الأمانة لم تخنها كذلك كان نوح لا يخون قالوا : هذا قول صاحبنا النابغة قال عمر : فمن أشعر العرب بعد هذا ؟ قالوا : أنت أعلمنا بأيامها وأشعارها ، قال عمر : فإني أزعم أن أشعر العرب الذي يقول : إلا سليمان إذ قال الإله له قم في البرية فاحددها عن الفند وخيس الجن إني قد أذنت لهم يبنون تدمر بالصفاح والعمد فمن أطاع فأعقبه بطاعته كما أطاعك وادلله على الرشد ومن عصاك فأعقبه معاقبة تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد قالوا : هذا قول صاحبنا النابغة ، قال لهم عمر : فمن أشعر العرب من بعد هذين ؟ قالوا : أنت أعلمنا بأيامها وأشعارها . قال عمر : فإني أزعم أن من أشعر العرب الذي يقول : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب قالوا : هذا قول صاحبنا النابغة . قال عمر : هذا من أشعر العرب
583 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن ابن عون ، قال : قال عمر لعبد بني الحسحاس حين أنشده : كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا : « لو قلته كله هكذا لأعطيتك عليه »
584 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، قال : حدثني عبد الحكم بن أعين ، قال : كان الحطيئة هجا الزبرقان التميمي ، فاستأدى عليه عمر بن الخطاب ، فأرسل إليه ، فطرحه في السجن ، فلما طال حبسه قال أبياتا ، ثم بعث بها إلى عمر بن الخطاب : ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر أدخلت كاسبهم في قعر مظلمة فاغفر عليك سلام الله يا عمر أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ألقت إليك مقاليد النهى البشر لم يؤثروك بها إذ قدموك لها لكن لأنفسهم كانت بك الإثر قال : فكأنه رق له ، فأخرجه ، وبعث إلى حسان بن ثابت الأنصاري ، وإلى لبيد بن ربيعة القيسي ، فقال : استعرضا ما قال هذا لهؤلاء القوم ، فإن كان وجب عليه حد حددناه لهم ، فاستعرضاه ، فقالا : لا ، يا أمير المؤمنين ، ما رأينا حدا ، ولكنه قد سلح عليهم ، فتركهم لا يطيرون أبدا مع الناس . فأمر له عمر بأوساق من طعام ، ثم قال له : اذهب فكلها أنت وعيالك ، فإذا فنيت فأتني أزدك ، ولا تهجون أحدا فأقطع لسانك . فاحتملها ، فلم يأكلها حتى مات
585 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا مطهر ، عن رجل من أهل مصر قال : مر علي بن أبي طالب بقبر طلحة بن عبيد الله رحمهما الله ، فقال : أما والله لقد كنت أكره أن أرى قريشا صرعى تحت نجوم السماء . ثم قال : هذا كما قال أخو جعفي : فتى كان يدنيه الغنى من رفيقه ويبعده منه إذا مسه الفقر
586
- حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب : أن الهيثم بن أبي
سنان الحدلي أخبره أنه سمع أبا هريرة وهو يقول في قصصه : إن أخا لكم لا يقول الرفث
(1) ، يعني بذلك ابن رواحة قال : فينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من
الصبح ساطع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أن ما قال واقع يبيت يجافي
جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
__________
(1) الرفث : كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة ، وأصله الكلام الفاحش
587 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الحكم المصري ، حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة : أن حكيم بن حزام خرج إلى اليمن فاشترى حلة ذي يزن ، فقدم بها المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأهداها له ، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : « إنا لا نقبل هدية مشرك » . فباعها حكيم ، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت له ، فلبسها ، ثم دخل فيها المسجد ، فقال حكيم : فما رأيت أحدا قط أحسن منه فيها ، لكأنه القمر ليلة البدر ، فما ملكت نفسي حين رأيته كذلك أن قلت : ما ينظر الحكام بالحكم بعدما بدا واضح ذو غرة وحجول إذا واضخوه المجد أربى عليهم بمستفرغ ماء الذناب سجيل فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم
588 - حدثني عمر بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي : أنه سمع من عمرو بن شعيب ، ثم حفظه عن أبيه بعد ذلك . قال : وكنت سمعته منه أنا وأبي جميعا قال : حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : لما تكشفت الحرب بصفين أنشأ عمرو بن العاص يقول : شبت الحرب فأعددت لها مفرع الحارك مروي الثبج يصل الشد بشد ، فإذا ونت الخيل من الشد معج جرشع أعظمه جفرته فإذا ابتل من الماء خرج وأنشأ عبد الله بن عمرو يقول : لو شهدت جمل مقامي ومشهدي بصفين يوما شاب منها الذوائب عشية جا أهل العراق كأنهم سحاب ربيع رفعته الجنائب وجئناهم نردي كأن صفوفنا من البحر مد موجه متراكب إذا قلت قد ولوا سراعا غدت لنا كتائب منهم وارجحنت كتائب فدارت رحانا واستدارت رحاهم سراة النهار ما تولى المناكب فقالوا لنا إنا نرى أن تبايعوا عليا فقلنا بل نرى أن نضارب
589
- حدثنا الزبير بن بكار الزبيري ، قال : حدثني هارون بن أبي بكر ، حدثني يحيى بن
إبراهيم البهزي ، عن سليمان بن محمد بن يحيى بن عروة ، عن أبيه ، قال : أخبرني عمي
عبد الله بن عروة ، قال : أقحمت السنة نابغة بني جعدة ، فجاء إلى ابن الزبير في
المسجد الحرام ، فأنشده : حكيت لنا الصديق لما وليتنا وعثمان والفاروق ، فارتاح
معدم وسويت بين الناس في الحق واستووا فعاد صباحا حالك اللون مظلم أتاك أبو ليلى
يجوب به الدجى دجى الليل جواب الفلاة عثمثم لتجبر منه جانبا ذعذعت به صروف الليالي
والزمان المصمم فقال له ابن الزبير : أمسك عليك أبا ليلى ، فإن الشعر أهون وسائلك
عندنا ، أما عفوة أموالنا فإن بني أسد تشغلها عنك وتيما ، وأما صفوته فلآل الزبير
، ولكن لك في مال الله حقان : حق برؤيتك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحق
لشركتك أهل الإسلام في فيئهم . ثم قام فدخل به دار النعم ، فأعطاه قلائص سبعا
وجملا رحيلا ، وأوقر له الركاب برا (1) وتمرا ، فجعل النابغة يستعجل فيأكل الحب
صرفا ، فقال ابن الزبير : ويح أبي ليلى ، قد بلغ به الجهد
__________
(1) البر : القمح
590 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : اجتمع مروان وابن الزبير يوما عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فجلسا في حجرتها ، وعائشة في بيتها ، وبينها وبينهم الحجاب ، فساءلا عائشة وحدثتهم ، ثم قال مروان : من يشإ الرحمن يحفظ بقدرة وليس لمن لم يرفع الله رافع فقال ابن الزبير : فوض إلى الله الأمور إذا اعترت وبالله لا بالأقربين ندافع فقال مروان : داو ضمير القلب بالبر والتقى لا يستوي قلبان قاس وخاشع فقال ابن الزبير : لا يستوي عبدان عبد مكلم وعبد لأرحام الأقارب قاطع فقال مروان : وعبد يجافي جنبه عن فراشه يبيت يناجي ربه وهو راكع فقال ابن الزبير : فللخير أهل يعرفون بهديهم إذا اجتمعت عند الخطوب المجامع فقال مروان : وللشر أهل يعرفون بشكلهم تشير إليهم بالفجور الأصابع قال : فسكت ابن الزبير فلم يجب مروان ، فقالت عائشة : يا أبا عبد الله ، ما لك لم تجب صاحبك ؟ ، فوالله ما سمعت تحاور رجلين تحاورا في نحو ما تحاورتما فيه أعجب إلي محاورة منكما . فقال ابن الزبير : إني خفت عوار القول فكففت ، فقالت عائشة : إن لمروان في الشعر إرثا ليس لك
591 - حدثني الفضل بن أبي طالب ، حدثنا داود بن المحبر ، قال : حدثني أبي المحبر بن قحذم ، عن مجالد ، عن الشعبي ، قال : لما قتل عثمان رثاه كعب بن مالك الأنصاري ، فقال : عجبت لقوم أسلموا بعد عزهم إمامهم للمنكرات وللغدر ولو أنهم سيموا من الضيم خطة لجاد لهم عثمان باليد والنصر فما كان في دين الإله بخائن ولا كان في الأقسام بالضيق الصدر ولا كان نكاثا لعهد محمد ولا تاركا للحق في النهي والأمر فإن أبكه أعذر لفقدي عدله وما بي عنه من عزاء ولا صبر وهل لامرئ يبكي لعظم مصيبة أصيب بها بعد ابن عفان من عذر فلم أر يوما كان أعظم فتنة وأهتك منه للمحارم والستر غداة أصيب المسلمون بخيرهم ومولاهم في البر والعسر واليسر
592 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثني أحمد بن الغمر ، عن عثمان بن زيد ، قال : لما جاء معاوية نعي سعيد بن العاص وجم ، ثم قال : الحمد لله ، مات من هو أصغر مني ، ومات من هو أكبر مني ، ومات من هو مثلي : إذا سار من خلف امرئ وأمامه وأوحش من جيرانه فهو سائر
593 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا أبو العريان ، قال : رأيت ابن أبي مليكة ينشد الشعر وغلامه يقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، فيقول ابن أبي مليكة مثل ذلك ، ثم يعود إلى الشعر
594 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا عبيد الله العتكي ، عن عكرمة « أنه كان يروي الشعر ، ويستخرج الآيات من القرآن ، وكان يروي شعرا حسنا فيه هجاء »
595 - حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا حجاج بن محمد ، قال : سألت شعبة ، قلت : ما ترى في الشعر الرقيق ؟ قال : أنشدني ابن عون شعرا رقيقا
596 - قال : وأخبرني قتادة : أنه دخل على ابن سيرين وهو في السجن ، فإذا هو يكتب رجلا شعرا رقيقا ، فقلت له : ما هذا ؟ تكتب شعرا رقيقا ؟ فقال : لا أكتب أحدا بعدها شعرا رقيقا ، لكن هذا أخبرني أنه أحب امرأة فتزوجها ولم يدخل بها ، وأخبرني أنه يحبها
597 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا سفيان ، عن فزارة ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : « أنه كان ينشد الشعر والمؤذن يقيم »
598 - حدثني علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، قال : كنت أرى عبد الملك بن عمير ومعبد بن خالد ينشدان الشعر عند الإقامة ، وهما قاعدان في المسجد قبل صلاة الصبح
599 - حدثني بشر بن آدم ، حدثنا محمد بن عباد ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، قال : رأيت محمد بن سيرين أنشد شابا شعرا قال : فقلت له : تنشده ؟ قال : إنه عروس
600 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، أخبرني أبي قال : حدثنا شعبة ، قال : كان قتادة يستنشدني الشعر ، فأقول له أنشدك بيتا ، وتحدثني بحديث
601 - حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي ، حدثنا أبو زيد الأنصاري ، حدثنا شعبة ، قال : كان سماك بن حرب إذا كان له إلى عامل حاجة مدحه ببيتين ، فقضى حاجته
602 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هاشم بن القاسم ، عن الأشجعي ، قال : سمعت سفيان ، قال : قال مسلم البطين : أنى تعاتب ، لا أبالك عصبة علقوا الفرى وبروا من الصديق سفها تبروا من وزير نبيهم تبا لمن يبرا من الفاروق إني على رغم العداة لقائل دانا بدين الصادق المصدوق قال عبثر : زاد سفيان عن مسلم البطين : قول يصدقني به أهل التقى والعلم من ذي العرش والتوفيق والاهما في الدين كل مهاجر صحب النبي وفاز بالتصديق قال عبثر : وسمعت هذا البيت يلحق في هذا الشعر : وولاية الأنصار قد نالتهما والتابعين بحسن قصد طريق
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : «
لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه » ، يعني بقوله صلى الله عليه وسلم : « حتى
يريه » ، حتى يدوى جوفه ويأكله القيح ، يقال فيه : ورى القيح جوف فلان ، فهو يريه
وريا ، والجوف موري ، ومنه قول عبد بني الحسحاس : ألا ناد في آثارهن الغوانيا سقين
سماما ، ما لهن وماليا وراهن ربي مثل ما قد ورينني وأحمى على أكبادهن المكاويا
ومنه أيضا قول الراجز : قالت له وريا إذا تنحنح يا ليته يسقى على الذرحرح ومنه قول
العجاج : عن قلب ضجم توري من سبر وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن
الله يؤيد حسان بروح القدس » ، فإنه يعني صلى الله عليه وسلم بقوله « يؤيد » يعين
ويقوي ، ومنه قول الله تعالى ذكره : وأيدناه بروح القدس (1) ، وقوله : واذكر عبدنا
داود ذا الأيد (2) . وأما قوله عليه السلام : « بما ينافح عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم » ، فإنه يعني : بما يذب عنه ويدافع بهجائه المشركين ، يقال منه : نافح
فلان عن فلان ، إذا دافع عنه من تعرض له بالأذى ، إما بتكذيبه إياه ، أو بهجائه من
هجاه ، في غير ذلك من أسباب المدافعة والذب . وأما قولهم : نفح فلان فلانا بالعطاء
، فمعنى غير هذا ، ومعناه : يعطيه ويصله وينيله معروفه ، يقال منه : نفح له سجلا
من العطاء ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك (3) ، يعني
به : نالهم منه نصيب وحظ . وأما قولهم : نفح العرق بالدم ، فإن معناه : هتن في
سيلانه ، ومثله : نعر ، وضرا ، يقال منه : هو عرق بالدم نفاح ونعار ، وأما قول
النبي صلى الله عليه وسلم : « فإنه أشد عليهم من رشق النبل » ، فإنه يعني صلى الله
عليه وسلم بالرشق : الرمي نفسه ، يقال منه : رشقت القوم بالسهام رشقا ، بفتح الراء
، فإذا كسرت الراء من الرشق ، فإنه الوجه من الرمي ، يقال منه : رشقت القوم رشقا
من النبل ، إذا رميتهم وجها بجميع السهام التي معك . ومن الرشق ، بكسر الراء قول
أبي زبيد الطائي : كل يوم ترميه منها برشق فمصيب أو صاف غير بعيد وأما قول النبي
صلى الله عليه وسلم : « من يحمي أعراض المؤمنين » فإنه يعني بقوله صلى الله عليه
وسلم : « من يحمي » من يمنع من أراد أعراضهم بسوء ، من قول قبيح أو هجاء يهجى به
من حاول ذلك منهم . وأصل الحمى المنع ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا
حمى إلا لله ولرسوله » ، يعني بذلك : أنه ليس لأحد أن يتحجر من المباحات شيئا ولا
يمنعه أحدا إلا الله ورسوله ، فإن ذلك لله دون خلقه ، لأن الدنيا كلها له ملك يفعل
فيها ما شاء ، ولرسوله بإذن الله تعالى له بذلك ، ومنه أيضا قولهم « حمى فلان جيشه
في الحرب » ، وذلك إذا منع عدوهم من الوصول إليهم ، ومنه قول الشاعر : غيوث الحيا
في كل محل ولزبة أسود الشرى يحمين كل عرين يعني بقوله : « يحمين » ، يمنعن . يقال
منه : حمى القوم فلان من عدوهم ، فهو يحميهم حماية ، ومن : حمى الأرض حمى ، مقصور
، ورجل ذو حمية منكرة ، إذا كان ذا غضب وأنفة ، ومنه قولهم : حميت المريض الطعام ،
إذا منعته إياه . وأما الإحماء ، فإنه أن يجعل الشيء بحال لا يمكن ، لامتناعه بما
حصل له من الصفة أن يقرب ، وذلك كالحديدة تدخل النار ، وتحمى حتى تصير لا يمكن من
أرادها أن يمسها ، أو البقعة يجعل فيها ما لا يمكن الوصول إليها بسبب ما جعل فيها
، يقال منه : أحميت الحديدة في النار ، فأنا أحميها إحماء . وأما حميا الكأس ،
فإنه سورتها يقال منه : سارت فيه حميا الكأس ، إذا سارت فيه سورتها . وأما قوله
صلى الله عليه وسلم : « عن أعراض المؤمنين » ، فإنه يعني بالأعراض في هذا الموضع ،
الأحساب ومواضع المدح منهم ، واحدها عرض ، بكسر العين ، يقال : فلان نقي العرض ،
يعني به أنه برئ من أن يشتم ، أو يعاب ، ومنه قول كثير عزة : هنيئا مريئا ، غير
داء مخامر لعزة من أعراضنا ما استحلت وأما قولهم : فلان طيب العرض ، ومنتن العرض ،
بكسر العين وسكون الراء ، فإنه يعني به أنه طيب الريح أو منتنها . والأعراض في غير
هذا الجيش الكثير العدد ، واحدها عرض ، بفتح العين وسكون الراء ، يقال : ما هم إلا
عرض من الأعراض ، ومنه قول رؤبة بن العجاج : إنا إذا قدنا لقوم عرضا لم نبق من بغي
الأعادي عضا والعرض أيضا ، بفتح العين وسكون الراء ، العرض الذي هو خلاف الطول .
والعرض أيضا ، مصدر قول القائل : عرضت العود على الإناء عرضا ، وعرضت السيف على
الفخذ عرضا ، وعرضت الناقة على الحوض عرضا ، إذا سمتها أن تشرب . والعرض أيضا ، ما
لم يكن نقدا ، يقول الرجل لآخر : اقبل منى عرضا ، فيعطيه متاعا أو دابة مكان حقه .
وأما العرض ، بفتح العين والراء ، فهو ما يعرض للإنسان من بلاء أو مصيبة ، كالمرض
أو الكسر . والعرض أيضا ، بفتح العين والراء ، حطام الدنيا وما فيها ، يقال : إن
الدنيا عرض حاضر ، يأكل منه البر والفاجر . وأما العرض بضم العين وسكون الراء ،
فناحية الشيء يقال : اضرب بهذا عرض الحائط ، يعني به ناحية الحائط . وأما قول
الشريد : استنشدني النبي صلى الله عليه وسلم مئة قافية ، فإنه يعني بقوله : مائة
قافية ، مائة بيت شعر من أوله إلى آخره ، وقافية البيت مؤخره ومنقطعه ، ولذلك قيل
لقفا الإنسان : قفا ؛ لأنه منقطع مؤخر رأسه ، ومنه قول كعب بن زهير : فمن للقوافي
شانها من يحوكها إذا ما ثوى كعب وفوز جرول ومنه قولهم : قفوت فلانا ، إذا اتبع
أثره ، لأنه إنما يتبع أثره ليكون وراءه لا أمامه . وأما قول عمران بن الحصين : في
المعاريض مندوحة عن الكذب ، فإنه يعني بقوله : مندوحة متسعا ، يقال منه : انتدح
فلان كذا ينتدح به انتداحا إذا اتسع به ، ومنه قول الشاعر : ألا إن جيراني العشية
رائح دعتهم دواع من هوى ومنادح وأما قول حسان بن ثابت لرسول الله صلى الله عليه
وسلم : والذي بعثك بالحق ، ما أحب أن لي بمقولي ما بين صنعاء وبصرى ، فإنه يعني
بقوله : بمقولي بلساني . ومن أسمائه : اللقلق ، والمسحل ، والمذود ، ومن المقول
قول العجاج : ما كنت من تلك الرجال الخذل ذي رأيهم والعاجز المخسل عن هيج إبراهيم
يوم المرحل وجعل نفسي معه ومقولي ومن المذود قول عنترة : سيأتيكم مني وإن كنت
نائيا دخان العلندى دون بيتي مذود ومن المسحل قول الآخر : فإن عندي إن ركبت مسحلي
سم ذراريح رطاب وخشي ومن اللقلق قولهم : من وقي شر لقلقه وقبقبه وذبذبه فقد وقي ،
يعني باللقلق : اللسان . وأما قول ابن سيرين : وأنبئت أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بينا هو يسير على ناقة قد شنقها بزمامها ، فإنه يعني بقوله : قد شنقها بزمامها
، قد مدها إلى ما يلي الرحل ، كما تكبح الدابة باللجام . وفيه لغتان : شنقتها
أشنقها شنقا ، وأشنقتها أشنقها إشناقا ، والشناق نفسه : هو الخيط الذي يشد به فم
القربة ، وكان بعضهم يقول : هو السير الذي تعلق به القربة على الوتد ، ومنه الخبر
الذي روي عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « بت عند خالتي
ميمونة ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فحل شناق القربة » وأما قوله في
قصة الحطيئة : فاستأدى عليه عمر ، فإنه يعني استعداه عليه ، يقال : استعدى فلان
على فلان الأمير ، واستأداه عليه ، إذا استعانه عليه . وأما قول الحطيئة : هو
مأكلة عيالي ، ونملة على لساني فإنه يعني بالنملة : الداء ، وأصلها : قروح تخرج في
جنب الرجل ، يقال منه : بفلان نملة ، إذا كان ذلك به ، ومنه الخبر عن النبي صلى
الله عليه وسلم : أنه قال للشفاء : « علمي حفصة رقية النملة » ، يعني رقية هذه
القروح . وأما النملة ، بضم النون وسكون الميم ، فإنها النميمة ، يقال من ذلك :
رجل نمل إذا كان نماما ، ومثله القتات . وأما قول ابن الزبير للنابغة : أما عفوة
مالنا ، فإن بني أسد تشغلها عنك وتيما ، فإنه يعني بعفوة المال : الفاضل عن النصاب
والزائد منه ، ومنه قول الله عز وجل : يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ، يقال منه :
عفا مال فلان ، إذا كثر ، وعفا شعره ، إذا وفر ، ومنه قوله جل ثناؤه : حتى عفوا
(4) ، يعني : كثروا
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 87
(2) سورة : ص آية رقم : 17
(3) سورة : الأنبياء آية رقم : 46
(4) سورة : الأعراف آية رقم : 95
حديث النعمان بن بشير ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
603 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، قال : سمعت النعمان بن بشير يخطب قال : ذكر عمر بن الخطاب ما أصاب الناس من الدنيا ، فقال : « لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يلتوي ما يجد دقلا يملأ بطنه »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين : إحداهما : أنه لا يعرف له عن النعمان بن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مخرج إلا من هذا الوجه . والأخرى : أنه خبر قد رواه غير شعبة ، عن سماك ، عن النعمان ، فلم يدخل بين النعمان وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا
ذكر من روى هذا الحديث عن سماك ، فجعله عن النعمان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخل بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا
604
- حدثني محمد بن الحارث القنطري ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا زهير بن معاوية
، عن سماك بن حرب ، قال : سمعت النعمان بن بشير يقول على المنبر : احمدوا ربكم ،
فربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوى ، ما يشبع من الدقل (1) ، وأنتم لا
ترضون دون ألوان التمر والزبد وقد وافق عمر في معنى ما ذكر عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم من هذا الخبر جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نذكر بعض
ما حضرنا ذكره مما صح عندنا سنده منه ، ثم نتبع جميعه إن شاء الله البيان
__________
(1) الدقل : الرديء اليابس من التمر
605 - حدثنا سفيان بن وكيع ، وأبو هشام الرفاعي قالا : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : « ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بر ثلاثة أيام تباعا حتى مضى لسبيله »
606 - حدثنا ابن حميد ، وسفيان ، قالا : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : « ما شبع آل محمد مذ قدم المدينة من طعام ثلاث ليال تباعا حتى قبض »
607 - حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : « ما شبع آل محمد من خبز بر مذ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة »
608 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، حدثنا إسحاق الأزرق ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : « ما شبع آل محمد يومين من غداء وعشاء حتى مضى لسبيله »
609 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدث عن الأسود ، عن عائشة ، أنها قالت : « ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم »
610 - حدثنا محمد بن عمار ، حدثنا أبي عمار ، حدثنا سهل بن عامر البجلي ، حدثنا إسرائيل ، عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : بكت عائشة وبيني وبينها حجاب ، فقلت : يا أم المؤمنين ، ما يبكيك ؟ قالت : يا بني ما ملأت بطني من طعام فشئت أن أبكي إلا بكيت ، أذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان فيه من الجهد ، ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام بر في يوم مرتين حتى لحق بربه
611 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن منصور ابن صفية ، عن أمه ، عن عائشة ، قالت : « قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من الأسودين ، التمر والماء »
612 - حدثنا سفيان ، حدثنا أبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : « لقد مكثنا آل محمد شهرا ما نستوقد نارا ، إن هو إلا التمر والماء ، لا يأتينا شيء ، وكان أهل دور من الأنصار من حولنا لهم شاء ، فكانوا يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان له من ذلك لبن »
613 - حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، حدثنا يحيى بن يمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ما استضاء آل محمد بنار شهرا
614 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، قال : حدثني أبو صخر ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : « لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين »
615 - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي ، حدثنا عبد الله بن ميمون ، حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن محمد بن المنكدر ، قال : قال لي عروة . قالت عائشة أم المؤمنين : « إن كنا لنمكث أربعين صباحا ، لا نوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مصباحا ولا غيره ، فقلت : يا أم المؤمنين ، بأي شيء كنتم تعيشون ؟ قالت : بالأسودين التمر والماء ، إذا وجدنا »
616 - حدثنا يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني محمد بن أبي حميد ، عن محمد بن المنكدر ، عن عروة ، قال : دخلت على أمي فقالت : أي بني . فقلت : لبيك . قالت : « والله إن كنا لنمكث أربعين ليلة ما يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار مصباح ولا غيره ، فقلت : يا أمه ، فبما كنتم تعيشون ؟ قالت : بالأسودين الماء والتمر حدثنا محمد بن معمر البحراني ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن محمد بن المنكدر ، قال : حدثني عروة بن الزبير ، قال : دخلت على عائشة ، فقالت : » يا بني ، والله إن كنا لنمكث أربعين ليلة ، ثم ذكر مثله ، إلا أنه زاد في حديثه : قلت : وما الأسودان ؟ قالت : التمر والماء حدثني أبو علقمة الفروي عبد الله بن محمد بن عيسى ، قال : حدثني عبد الله بن نافع ، عن المنكدر بن محمد ، عن أبيه ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة مثله
617 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثني ابن غزية ، قال : سمعت أبا النضر ، يحدث عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : « إن كان الشهر ليمر على دابة ، وما نرى في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيص نار من سراج ولا غيره »
618
- حدثنا سفيان ، حدثنا الفضل بن دكين ، عن هشام بن سعد ، عن يزيد بن رومان ، عن
عروة ، قال : قالت عائشة : « إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال في شهرين ، وما
أوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار . قلت : يا خالة ، وما كان يعيشكم ؟
قالت : كان لنا جيران من الأنصار نعم الجيران ، كانوا كانت لهم منائح (1) من غنم ،
فكانوا يرسلون من ألبانها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم »
__________
(1) المنيحة : المنحة وهي عند العرب على معنيين: أحدهما أن يعطِيَ الرجلُ صاحبَه
صِلَةً، فتكون له، والأخرى أن يمن .
619 - حدثنا سفيان ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عبد الرحمن بن عابس ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : « ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من طعام فوق ثلاث »
620 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي نصر ، قال : حدثتنا عائشة ، قالت : « أهدى لنا أبو بكر رجل شاة قالت : فإني لأقطعها أنا ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم في ظلمة البيت . فقيل لها : فهلا أسرجتم ؟ قالت : لو كان لنا ما نسرج به أكلناه »
621 - حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني موسى بن يعقوب يعني الزمعي ، عن أبي حازم أن القاسم بن محمد أخبره أن عائشة أخبرته : « أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشبع شعبتين في يوم حتى مات »
622 - حدثني أحمد بن منصور الرمادي ، حدثني إبراهيم بن الحكم بن أبان ، حدثني أبي ، عن عكرمة ، قال : قالت عائشة : « ما شبعنا من الأسودين ، وهما الماء والتمر ، حتى أجلى الله النضير وأهلك قريظة »
623 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا حرمي بن عمارة ، حدثنا شعبة ، أخبرني عمارة ، عن عكرمة ، عن عائشة ، أنها قالت : « لما فتحت خيبر قلنا : الآن نشبع من التمر »
624 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني ابن أبي ذئب ، عن مسلم بن جندب ، عن نوفل بن إياس الهذلي ، أنه قال : كان عبد الرحمن بن عوف لنا جليسا ، وكان نعم الجليس ، وأنه انقلب بنا ذات يوم ، حتى إذا دخلنا بيته دخل فاغتسل ، ثم خرج ، فجلس معنا ، فأتانا بصحفة فيها خبز ولحم ، فلما وضعت بكى عبد الرحمن ، فقلت : يا أبا محمد ، ما يبكيك ؟ فقال : « هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ، فلا أرانا أخرنا لهذا ، لما هو خير لنا »
625 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، حدثنا المحاربي ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : « ما أشبع النبي صلى الله عليه وسلم أهله ثلاثا تباعا من خبز البر حتى فارق الدنيا » حدثني الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا الوليد بن القاسم ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
626 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا الوليد بن القاسم ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ما أجلسكما هاهنا ؟ » قالا : والذي بعثك بالحق ، ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع . قال : « والذي بعثني بالحق ، ما أخرجني غيره » . فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار ، فاستقبلتهم المرأة فقال لها : « أين فلان ؟ » قالت : ذهب يستعذب لنا ماء ، فجاء صاحبهم حاملا قربته فقال : مرحبا ، ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم ، فعلق قربته بكرب نخلة وانطلق ، فجاءهم بعذق فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « ألا كنت اجتنيت ؟ قال : أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم » . ثم أخذ الشفرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إياك والحلوب » . فذبح لهم يومئذ ، فأكلوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لتسألن عن هذا يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا ، فهذا من النعيم »
627 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد ، فأتاه أبو بكر قال : « ما أخرجك يا أبا بكر ؟ » قال : خرجت للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنظر في وجهه والتسليم عليه . فلم يلبث أن جاء عمر فقال : « ما أخرجك يا عمر ؟ » قال : الجوع قال : « وأنا وجدت بعض الذي تجد » . فانطلقوا بنا إلى أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري ، وكان رجلا كثير النخل والشاء ، لم يكن له خادم ، فأتوه ، فلم يجدوه ووجدوا امرأته ، فقالوا : أين صاحبك ؟ قالت : انطلق غدوة يستعذب - أو يستعتب ، كذا قال شيبان - من الماء من قناة بني فلان . فلم يلبث أن جاء بقربة يرعبها ، فوضعها ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتزمه ويفديه بأبيه وأمه ، فانطلق بهم إلى ظل حديقته ، فبسط لهم بساطا ، ثم انطلق إلى نخلة ، فجاء بعذق بقنو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فهلا تنقيت من رطبه ؟ » فقال : أردت أن تخير من رطبه وبسره ، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « هذا ، والذي نفسي بيده ، من النعيم الذي أنتم تسألون عنه يوم القيامة ، هذا الظل البارد ، والرطب البارد ، عليه الماء البارد »
628
- حدثنا عبيد بن إسماعيل الهباري ، حدثنا المحاربي ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي
حرب بن أبي الأسود ، عن طلحة بن عمرو النصري ، قال : كان أحدنا إذا قدم المدينة ،
فإن كان له عريف نزل على عريفه بغير المعرفة ، وإن لم يكن له عريف نزل الصفة ،
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بين الرجلين ، ويرزقهما مدا (1) كل يوم من
تمر بينهما ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعض الصلوات ، فلما انصرف
نادى مناد من أهل الصفة : يا رسول الله ، أحرق التمر بطوننا قال : فصعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر ما لقي من قومه من الشدة والأذى
قال : حتى لقد مكثت أنا وصاحبي بضعة عشر يوما وما طعامنا إلا البرير ، حتى قدمنا
المدينة على إخواننا من الأنصار ، فواسونا في طعامهم ، وعظم طعامهم هذا التمر ،
والله لو وجدت اللحم والخبز لأطعمتكم ، ولكن لعلكم أن تدركوا - أو من أدركه منكم -
زمانا تلبسون فيه مثل أستار الكعبة ، ويغدى عليكم ويراح الجفان قال : وزاد فيه
الحسن : أنتم اليوم خير منكم يومئذ ، أنتم اليوم إخوان ، وأنتم يومئذ يضرب بعضكم
رقاب بعض
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين وقيل غير ذلك
629 - حدثني ابن المثنى ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : سمعت أبي يحدث عن داود بن أبي هند ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، أن طلحة حدثه ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت المدينة وليس لي بها معرفة ، فنزلت في الصفة مع رجل ، فكان بيني وبينه كل يوم مد من تمر ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة ، فلما انصرف قال رجل من أصحاب الصفة : يا رسول الله ، أحرق بطوننا التمر ، وتخرقت عنا الخنف ، قال : فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب فقال : « والله لو وجدت خبزا ولحما لأطعمتكموه ، أما إنكم توشكون أن تدركوا ذاك ، أو من أدرك ذاك منكم ، أن يراح عليه بالجفان وتلبسون مثل أستار الكعبة » . قال : وذكر قومه وما لقي منهم قال : فمكثت أنا وصاحبي ثمانية عشر يوما وليلة ما لنا طعام إلا البرير ، حتى جئنا إلى إخواننا من الأنصار فواسونا ، وكان خير ما أصبنا هذا التمر
630 - حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي ، أنبأنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : « لقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة ، وهذا السمر ، وإن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ، ماله خلط » حدثنا تميم بن المنتصر ، أنبأنا يزيد ، أنبأنا إسماعيل ، عن قيس ، قال : سمعت سعد بن أبي وقاص ، يقول : والله إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه قال تميم : قيل ليزيد : وما ورق الحبلة ؟ قال : ورق الشجر
631 - حدثنا الحسين بن علي الصدائي ، حدثنا الوليد بن القاسم ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلة ، فأرسل إلى نسائه فقال : « هل عندكن من شيء ، فقد نزل بي ضيف ؟ » قال : فقلن : لا والذي بعثك بالحق إلا الماء إذ دخل عليه رجل من الأنصار فقال : « يا فلان ، هل عندك الليلة من شيء ، تذهب بضيفي هذه الليلة ؟ » قال : نعم يا نبي الله . فذهب به إلى أهله فقال للمرأة : هل عندك من شيء ؟ قالت : نعم خبزة لنا . قال : قربيها ، وكأنك تصلحين المصباح فأطفئيه . ففعلت ، فجعل يضرب بيده كأنه يأكل مع ضيفه ، فخلى بينه وبين الخبزة حتى أكل وبات عنده ، فلما أصبح غدا ضيفه لحاجته ، وغدا الأنصاري إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : « كيف صنعت الليلة بضيفك ؟ » فظن أنه شكاه ، فحدثه بالذي صنع فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لقد أخبرني جبريل ، لقد عجب الله من صنيعك إلى ضيفك ، أو ضحك بصنيعك إليه »
القول
في البيان عن معاني هذه الأخبار إن قال لنا قائل : وما وجه هذه الأخبار ومعانيها ،
وقد علمت صحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يرفع ما أفاء
الله عليه من النضير وفدك قوته وقوت عياله لسنة ، ثم يسلف ما فضل عن ذلك في الكراع
والسلاح عدة في سبيل الله ، وأنه قسم بين أنفس معدودين زهاء ألف بعير من خاصة حقه
مما أفاء الله من أموال هوازن في اليوم الواحد ، وأنه ساق في حجة الوداع مئة بدنة
فنحرها وأطعمها من حضر مكة من أهل المسكنة وغيرهم ، وأنه كان يأمر للأعرابي يقدم
عليه من البادية فيسلم بقطيع من الغنم ، هذا مع ما يكثر تعداده من عطاياه وفواضله
التي لا يذكر مثلها عن من قبله من ملوك الأمم السالفة ، مع كونه بين أرباب الأموال
العظام ، والأملاك الجسام ، كأبي بكر الصديق وعمر وعثمان رحمة الله عليهم وأمثالهم
في كثرة الأموال وبذلهم له مهجهم وأولادهم وأموالهم ، وخروج أحدهم من جميع ملكه
إليه تقربا إلى الله تعالى ذكره بفعله ذلك ، ثم مع إشراك الأنصار في أموالهم من
قدم عليهم من المهاجرين وبذلهم نفائسها في النفقة في ذات الله عز وجل ، فكيف
بإنفاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبه إليها الحاجة العظمى ، ليرد بذلك
جسيم ما نزل به من المجاعة ، وحل به من عظيم الخموصة ، إن هذا لمن أعجب العجب وأنكر
النكر ، لإحالة بعضه معنى بعض ، ودفع بعضه صحة ما دل عليه البعض ، إذ كان غير جائز
اجتماع قشف المعيشة وشطفها والرخاء والسعة فيها في حال واحدة ، فهل عندك لذلك مخرج
في الصحة فيصدق بجميعها ، أم لا حقيقة لشيء من ذلك فندفعها ؟ أم بعضها صحيح معناه
، وبعضه مستحيل في الصحة مخرجه ، فتدلنا على صحيح ذلك من سقيمه ، لتحق الحق وتبطل
الباطل ؟ قيل له : لا خبر فيما ذكرت أو لم أذكر يصح سنده بنقل الثقات العدول عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عندنا حق ، والدينونة به للأمة لازمة ، ولا
شيء من ذلك يدفع شيئا منه ، ولا ينقض شيء منه معنى شيء غيره ، ونحن ذاكرو بيان ذلك
بعلله وحججه ، إن شاء الله ذلك ، بعونه وتوفيقه . فأما الخبر الذي روينا عن عمر ،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يظل اليوم يلتوي من الجوع ، لا يجد ما
يملأ به بطنه من الدقل ، وما أشبه ذلك من الأخبار ، فإن ذلك كان يكون في الحين بعد
الحين ، من أجل أن من كان منهم يومئذ ذا مال ، كانت تستغرق نوائب الحقوق من النفقة
على المهاجرين وأهل الحاجة والضعف من المسلمين ، وعلى الضيفان ومن اعتراهم وقدم
عليهم من وفود العرب ، وفي الجهاد في سبيل الله عز وجل كثرة ماله ، وحتى يقل كثيره
أو يذهب جميعه . وكيف لا يكون ذلك كذلك وقد روينا عن عمر بن الخطاب : أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمر بالصدقة ، فجاء أبو بكر بجميع ماله فقال : هذا صدقة لله ،
فكيف يستنكر لمن كان هذا فعله ، أن يملق صاحبه ، ثم لا يكون له السبيل إلى سد عوزه
ولا إرفاقه لما يغنيه عن غيره ؟ وعلى هذه الخليقة كانت خلائق تباعه وأصحابه رضوان
الله عليهم . وذلك كالذي ذكر عن عثمان أنه جهز جيشا من ماله حتى لم يفقدوا حبلا
ولا قتبا ، وكالذي ذكر عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث
على الصدقة ، فجاء بأربعة آلاف دينار صدقة منه تصدق بها ، فأنزل الله عز وجل فيه
وفي صاحبه الأنصاري الذي تصدق بصاع من تمر قد كسبه بجر الجرير على ظهره لا يملك
غيره ، إذ تكلم في أمرهما المنافقون ، فقالوا لهذا : إنما أراد به الربا وقالوا في
الآخر : كان الله غنيا من صاعه : الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات
والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم (1) .
فمعلوم أن من كانت هذه أفعاله وخلائقه أنه لا يخطئه أن تأتي عليه التارة من الزمان
والحين من الأيام مملقا لا شيء له ، قد أسرع في ماله نوافل عطاياه وفواضل نداه ، إن
احتاج له أخ أو خليل إلى بعض ما يحتاج إليه الآدميون ، لم يكن له سبيل إلى مؤاساته
لقلة ذات يده ، إلى أن يثوب له مال ، أو يتعين له مال . فقد ثبت إذا بما ذكرت
ووصفت خطأ قول القائل : كيف يجوز أن يرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه عند
يهودي على أوسق من شعير ، وفي أصحابه من أهل الغنى والسعة من لا يجهل موضعه ؟ أم
كيف يجوز أن يوصف بأنه كان يطوي الأيام ذوات العدد خميصا وأصحابه يمتهنون له
أموالهم ، ويبذلونها لمن هو دونه من أصحابه ؟ فكيف له ؟ إذ كان صلى الله عليه وسلم
معلوما جوده وكرمه وإيثاره ضيفانه والقادمين عليه من وفود العرب بما عنده من
الأقوات والأموال على نفسه وأهله ، واحتماله المشقة والصبر على الخموصة والمجاعة
في ذات الله ، وامتثال أصحابه وتباعه في ذلك أخلاقه ، ومن كان كذلك وأتباعه فمعلوم
أنه غير مستنكر له ولأتباعه حال ضيق يحتاج هو وهم معها إلى الاستسلاف والاستقراض ،
وإلى طي الأيام على المجاعة والشدة . فكان ما يكون من ضيق يصيبه صلى الله عليه
وسلم وأصحابه أو من يصيبه ذاك منهم ومعيشته لهذه الأسباب التي وصفنا ، وهذه
والأحوال من أحواله وأحوال أصحابه عنيت بالأخبار التي رويت عنه من شده الحجر على
بطنه هو وأصحابه ، وعدمهم القوت وما يشبعهم الأيام المتتابعة . وتقول عائشة رحمة
الله عليها : لقد أتى علينا شهران ما يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
مصباح ، وما أشبه ذلك من الأخبار . فأما الرواية التي رويت عنه صلى الله عليه وسلم
: أنه لم يشبع ثلاثا تباعا من خبز حتى لقي الله عز وجل ، فإن البر كان بنواحي
مدينته قليلا ، وإنما كان الغالب عليهم على عهده التمر والشعير ، فغير مستنكر أن
يكون صلى الله عليه وسلم كان يؤثر قوت أهل بلده ، ويكره أن يختص نفسه بما لا سبيل
للمسلمين إليه من الغذاء ، وهذا هو الأشبه بأخلاقه . وأما الأخبار التي رويت عنه
صلى الله عليه وسلم : أنه لم يشبع شبعتين في يوم حتى لحق بالله تعالى ، وأنه لم
يشبع هو وأهله من خبز الشعير حتى قبضه الله ، وما أشبه ذلك من الأخبار ، فإن ذلك
لم يكن منه صلى الله عليه وسلم في كل أحواله لعوز ولا لضيق ، وكيف يكون ذلك كذلك ،
وقد كان الله تعالى ذكره أفاء عليه من قبل وفاته بلاد العرب كلها ، ونقل إليه
الخرج من بعض بلاد العجم كأيلة والبحرين وهجر ؟ ولكن ذلك كان بعضه لما وصفت من
إيثاره نصيب حقوق الله تعالى بماله ، وبعضه كراهة منه الشبع وكثرة الأكل ، فإنه
كان يكره ذلك ، وبترك ذلك كان يؤدب أصحابه ، وبذلك جاءت الآثار عنه ، وإن كان في
إسناد بعضه بعض ما فيه
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 79
ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك
632 - حدثني علي بن عيسى البزار ، حدثنا محمد بن الصباح ، حدثنا سعيد بن محمد الثقفي ، عن موسى الجهني ، عن زيد بن وهب ، عن عطية بن عامر الجهني ، قال : سمعت سلمان ، وأكره على طعام يأكله فقال : حسبي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في الآخرة »
633
- حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثني علي بن ثابت الجزري ، عن الوليد بن عمرو ، عن
عون بن أبي جحيفة ، عن أبي جحيفة ، قال : أكلت ثريدا ولحما سمينا ، ثم أتيت النبي
صلى الله عليه وسلم أتجشأ فقال : « احبس جشاءك (1) يا أبا جحيفة ، إن أكثركم شبعا
اليوم أطولكم جوعا يوم القيامة » ، قال : فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى لحق
بالله تعالى ، أو حتى قبضه الله إليه
__________
(1) الجشاء : صوت يخرج من الفم عند امتلاء المعدة
634 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، قال : سمعت يحيى بن جابر يحدث عن المقدام بن معدي كرب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما وعى ابن آدم وعاء شرا من بطن ، حسب المسلم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه »
635 - حدثني أحمد بن الفرج الحمصي ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن أبي سلمة سليمان بن سليم ، عن يحيى بن جابر ، عن المقدام بن معدي كرب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ، حسبك ابن آدم لقيمات يقمن صلبك ، فإن كان لابد ، فثلث للطعام ، وثلث للشراب ، وثلث للنفس » وعلى مثل الذي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيثاره الجوع وقلة الشبع ، مع وجود السبيل إلى الشبع مرة ، وعدمه ذلك مرة أخرى مضى الخيار من أصحابه والتابعون لهم بإحسان
ذكر بعض من حضرنا ذكره ممن سلك في ذلك سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم
636
- حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني عبد الله بن عمر ، عن وهب بن
كيسان ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لقيني عمر بن الخطاب ومعي لحم اشتريته بدرهم
، فقال : ما هذا ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، اشتريته للصبيان والنساء فقال عمر :
لا يشتهي أحدكم شيئا إلا وقع فيه ، مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : لولا يطوي أحدكم
بطنه لجاره وابن عمه ؟ ثم قال : أين تذهب عنكم هذه الآية : أذهبتم طيباتكم في
حياتكم الدنيا واستمتعتم بها (1) ؟
__________
(1) سورة : الأحقاف آية رقم : 20
637 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا هشيم ، أنبأنا منصور ، عن ابن سيرين : أن رجلا قال لابن عمر : أجعل لك جوارشنا ؟ قال : وما الجوارشن ؟ قال : شيء إذا كظك طعام فأصبت منه سهل عليك . فقال ابن عمر : ما شبعت منه أربعة أشهر ، وما ذاك ألا أكون له واجدا ، ولكني عهدت قوما يشبعون مرة ويجوعون مرة
638 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : سمعت حفص بن عاصم يحدث عن ابن عمر أنه ذكر أم ولد له فقال : يرحمها الله ، كانت تقوتني بكذا وكذا من الطعام ، شيء قليل ، فقيل له : وما ذاك ؟ قال : وما أعجبك ؟ ما شبعت من طعام منذ كذا وكذا
639 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، قال : نبئت عن الزهري ، أنه قال : إن عبد الله بن مطيع قال لصفية : لو ألطفت هذا الشيخ ؟ قالت : قد أعياني ، لا يأكل إلا ومعه آكل ، فلو كلمته ؟ قال : فكلمه فقال : الآن تأمرني بالشبع ، ولم يبق من عمري إلا ظمء حمار ، فما شبعت منذ ثماني سنين ، يعني ابن عمر
640 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا ابن المبارك ، عن إبراهيم بن شيبان ، عن رجل ، قال : دخل رجلان على عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، فنزع وسادة كان متكئا عليها ، فألقاها إليهما ، فقالا : لا نريد هذا ، إنما جئنا لنسمع شيئا ننتفع به فقال : إنه من لم يكرم ضيفه فليس من محمد صلى الله عليه وسلم ولا من إبراهيم ، طوبى لعبد متعلق برسن فرسه في سبيل الله ، أفطر على كسرة وماء بارد ، وويل للواثين الذين يلوثون مثل البقر ، ارفع يا غلام ، وضع يا غلام ، وفي ذلك لا يذكرون الله
641 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن قطن بن عبد الله ، قال : كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام حتى تيبس أمعاؤه ، فإذا كان اليوم السابع أتى بسمن وصبر فتحساه حتى تفتق الأمعاء قال : وهو اليوم السابع أصفى صوتا
642 - حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، أنبأنا مغيرة ، عن قطن بن عبد الله ، قال : رأيت عبد الله بن الزبير وهو يواصل من الجمعة إلى الجمعة ، فإذا كان عند إفطاره من الليلة المقبلة من ليالي الجمعة قال : يدعو بقدح يقال له : الغمر ، ثم يدعو بقعب من سمن قال : ثم يأمر بلبن فيحلب عليه قال : ثم يدعو بشيء من صبر فيذره عليه ، ثم يشربه قال : فأما اللبن فيعصمه ، وأما السمن فيقطع عنه العطش ، وأما الصبر فيفتق أمعاءه
643 - حدثني أبو السائب السوائي ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، قال : كان عبد الله بن الزبير يواصل سبعة أيام ، فلما كبر جعلها خمسا ، فلما كبر جدا جعلها ثلاثا
644
- حدثني أبو السائب ، حدثنا حفص ، عن عبد الملك ، قال : كان ابن أبي نعم يفطر في
كل شهر مرة . قال : فقال له رجل : إني أحب أن تفطر عندي . قال : إن لإفطاري مؤونة
. قال : إنه ليسير ، أي شيء أهيئ لك ؟ قال : هيئ لي كذا وكذا رطلا من لبن وحليب ،
وكذا وكذا من السمن قال : ثم جاء فجعل يشرب وأمعاؤه تقعقع (1)
__________
(1) تقعقع : تحرك وأحدث صوتا
645 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : كان عبد الرحمن بن أبي نعم لا يفطر في رمضان كله إلا مرتين
646 - حدثني العباس بن أبي طالب ، حدثنا محمد بن الصلت ، حدثنا أبو كدينة ، عن ليث ، قال : قال مجاهد : « لو كنت آكل كل ما أشتهي ما ساويت حشفة »
647 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا الأعمش ، حدثني إبراهيم التيمي ، قال : « ربما لبثت ثلاثين يوما ما أطعم من غير صوم إلا الحبة . فقيل له فقال : نعم ، وما يمنعني من حوائجي »
648 - حدثني عبد الله بن عبد الله بن أسيد الكلابي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : سمعت الأعمش ، قال : سمعت إبراهيم التيمي ، يقول : « لقد أتى علي شهر ما أكلت فيه شيئا إلا حبة عنب أكرهوني عليها ، وما أنا بصائم ، وما أمتنع من حوائجي »
649 - حدثني علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا جعفر بن سليمان ، سمعت عبد الله الرازي ، يقول : « لقد كان أهل العلم بالله والقبول عنه يقولون : إن الشبع يقسي القلب »
650 - حدثني علي بن مسلم الطوسي ، قال : وجدت في كتاب علي بن الأزهر أعطانيه ، عن الفضيل بن عياض ، فيه عن الفضيل ، أنه قال : « خصلتان تقسيان القلب : كثرة الأكل والكلام »
651 - حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا عبد الله بن عيسى الصنعاني ، قال : أخبرني جار لابن طاوس بن فضا قال : أصبح ابن طاوس يوما متصبحا وأنا معه ، قال : وقد تحدثنا أنه طوى هو وأهله ثلاثا قال : فنظرت إليه قد اخضر من الجوع
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول أبي هريرة في الخبر الذي ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مصيره إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان : « فجاء بقربته يرعبها » ، يعني بقوله : يرعبها ، يملؤها ماء . يقال منه : رعب فلان الحوض فهو يرعبه رعبا ، وحوض مرعوب ، يراد به مملوء . ومثل الرعب الإتراع والإفعام ، يقال من ذلك : أترعت السقاء وأفعمته وأكربته وزنرته وجزمته ومن الجزم قول اللعين : ألست ابن سوداء المحاجر فخة لها علبة لخوى ووطب مجزم وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث طلحة : « ولقد مكثت أنا وصاحبي بضعة عشر يوما ما لنا طعام إلا البرير » ، فإنه يعني بالبرير ثمر الأراك ، وهو اسم لما رطب منه ولما ييبس ، فأما الكباث ، فإنه اسم للغض منه خاصة ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة : ظبية من ظباء وجرة أدما ء تسف الكباث تحت الهدال والهدال ، والكباث ، اسم الجماع منه ، والواحدة منه كباثة ، مثل تمر وتمرة ، وبر وبرة . وأما المرد ، فإنه اسم للمدرك منه ، ومنه قول الأعشى أيضا في صفة ظبية : تنفض المرد والكباث بحملاج لطيف في جانبيه انفراق
ذكر ما لم يمض ذكره من حديث مالك بن أوس بن الحدثان النصري ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
652
- حدثني أحمد حماد الدولابي ، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي ، وسفيان بن وكيع بن
الجراح ، قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : سمع الزهري ، مالك بن أوس بن
الحدثان النصري يقول : سمعت عمر بن الخطاب ، يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم
: « الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء (1) ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء ،
والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء »
__________
(1) هاء وهاء : يدا بيد ، والمراد التقابض في الحال
653
- حدثني علي بن مسلم الطوسي ، حدثنا عباد بن العوام ، حدثنا سفيان بن حسين ، عن
الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، عن عمر بن الخطاب ، قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : « الذهب بالفضة ربا إلا هاء وهاء (1) »
__________
(1) هاء وهاء : يدا بيد ، والمراد التقابض في الحال
654 - حدثني العباس بن الوليد البيروتي ، أخبرني أبي ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني الزهري ، حدثني مالك بن أوس بن الحدثان ، قال : أقبلت بمئة دينار أصرفها ، فوجدت عمر بن الخطاب عند دار ابن العجماء فقال لي طلحة بن عبيد الله : يا مالك ، ما هذه ؟ قلت : مئة دينار أصرفها . قال : قد أخذتها ، يأتيني خازني من الغابة . قال : فقال عمر : لا والله ، لا تفارقه حتى تعطيه صرفها ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الذهب بالورق ربا إلا هاء وهات ، والحنطة بالحنطة ربا إلا هاء وهات ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهات ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهات »
655
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن
الحدثان ، قال : خرجت بورق لي ابتعتها بالسوق ، فبايعت بها طلحة بن عبيد الله ،
وعمر بن الخطاب منا قريب ، فلما استوفى ورقي مني قال : يأتي غلامي فأرسل إليك
بذهبك . فسمعها عمر فقال : إن استنظرك (1) إلى أن يدخل بيته فلا تنظره . فقال له
طلحة : وماذا تخاف علينا يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أخاف عليكم الربا ، إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الدينار بالدينار هاء وهاء (2) ، والدرهم
بالدرهم هاء وهاء ، والقمح بالقمح هاء وهاء ، والتمر بالتمر هاء وهاء ، والشعير
بالشعير هاء وهاء ، لا فصل بينهما »
__________
(1) استنظرك : طلب منك الانتظار
(2) هاء وهاء : يدا بيد ، والمراد التقابض في الحال
656
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني مالك ، عن ابن شهاب ، عن
مالك بن أوس بن الحدثان ، أنه أخبره : أنه التمس صرفا بمئة دينار قال : فدعاني
طلحة بن عبيد الله إليه ، فتراوضنا (1) حتى اصطرف (2) مني وأخذ الذهب ، فقلبها في
يده ، ثم قال : حتى يأتي خازني من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع فقال عمر : والله لا
تفارقه حتى تأخذ ثمنه . ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الذهب
بالورق ربا إلا هاء وهاء (3) ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا
إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء »
__________
(1) تراوضنا : تجاذبنا في البيع والشراء وهو ما يَجْري بين المُتَبايعْين من
الزِّيادة والنُّقْصان
(2) الاصطراف : افتعال من الصرف وهو بيع الأثمان والعملات بعضها ببعض
(3) هاء وهاء : يدا بيد ، والمراد التقابض في الحال
657
- حدثنا الحسين بن يحيى ، وأحمد بن منصور ، قال الحسين : أنبأنا ، وقال ، أحمد :
حدثنا عبد الرزاق ، قال : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ،
قال : صارفت طلحة بن عبيد الله ورقا (1) بذهب قال : أنظرني حتى يأتينا خازننا من
الغابة . فسمعهما عمر فقال : لا والله لا تفارقه حتى تستوفي منه صرفه ، فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء (2) ، والبر
بالشعير ربا إلا هاء وهاء ، والتمر بالزبيب ربا إلا هاء وهاء »
__________
(1) الورق : الفضة. والأورق : الأسمر.
(2) هاء وهاء : يدا بيد ، والمراد التقابض في الحال
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين : إحداهما : أنه خبر قد حدث بهذا الحديث عن عمر من غير حديث مالك بن أوس بن الحدثان ، فجعل هذا الكلام موقوفا على عمر ، غير مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأخرى : أنه لا يعرف عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام مرفوعا من غير حديث مالك بن أوس ، عن عمر ، عنه
ذكر من روى هذا الكلام عن عمر فوقفه عليه ولم يرفعه
658 - حدثني محمد بن موسى الحرشي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو ، قال : سمعت ابن عمر يحدث قال : قال عمر : « من صرف ذهبا بورق فلا ينظرنه حلب ناقة »=ج2=
ج2. تهذيب الآثار للطبري
659 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن
سليمان ، قال : سمعت عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر أنه قال : « لا
يباعن الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا
منها شيئا غائبا بناجز (1) ، إني أخاف عليكم الرماء ، والرماء : الربا ، وإن
استنظركم أحد إلى أن يدخل بيته فلا تنظروه » حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى ، عن
عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر بنحوه
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
660
- حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن
أبي البختري ، قال : قال ابن عمر : نهى عمر عن الذهب بالورق نساء بناجز (1)
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
661
- حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا عبد الرحمن بن
إسحاق ، عن صالح بن كيسان ، قال : رأيت ابن عمر في مسجد الكوفة قال : فسأله رجل
فقال : يا أبا عبد الرحمن ، ما تقول في الصرف ؟ فقال عبد الله : قال عمر : إن قال
: ألج البيت فلا يلج (1) البيت حدثنا تميم بن المنتصر ، حدثنا عبد الله بن نمير ،
عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر مثله
__________
(1) الولوج : الدخول
662 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، أن ابن عمر حدثه : أن عمر قال : « إذا بايع أحدكم الذهب بالورق فلا ينسئن صاحبه أن يذهب وراء جدار »
663
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، قال قال عمر
: « لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها
على بعض ، ولا تبيعوا شيئا غائبا بناجز (1) ، إني أخاف عليكم الرماء ، والرماء :
الربا ، فحدث رجل ابن عمر بمثل هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري ، فحدثه عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فما فالته حتى دخل به على أبي سعيد وأنا معه فقال : إن
هذا حدثني عنك حديثا يزعم أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أفسمعته ؟
فقال : بصر عيني وسمع أذني ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » لا
تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض
، ولا تبيعوا شيئا غائبا منها بناجز «
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
664
- حدثنا ابن سيار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة : أن طلحة اصطرف
(1) دنانير بورق ، فنهاه عمر بن الخطاب أن يفارقه حتى يستوفي منه
__________
(1) الاصطراف : افتعال من الصرف وهو بيع الأثمان بعضها ببعض
665
- حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أن عمر بن
الخطاب ، قال : « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض
، ولا تبيعوا الورق بالذهب ، أحدهما غائب والآخر ناجز (1) ، وإن استنظرك (2) أن
يلج بيته فلا تنظره ، إني أخاف عليكم الرماء ، والرماء : الربا » حدثني يونس ،
أنبأنا ابن وهب ، حدثني مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب ،
قال : فذكر نحوه
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
(2) استنظرك : طلب منك الانتظار
666
- حدثنا يونس ، أنبأنا ابن وهب ، حدثني مالك : أنه بلغه عن القاسم بن محمد ، أنه
قال : قال عمر بن الخطاب : « الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، والصاع بالصاع
، ولا يباع كالئ (1) بناجز (2) » وقد وافق عمر في روايته ، عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم هذا الخبر الذي ذكرناه جماعة من أصحابه صلى الله عليه وسلم ، نذكر بعض
ما حضرنا ذكره منهم ممن صح السند بيننا وبينه
__________
(1) الكالئ : المتأخر الغائب
(2) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
667
- حدثنا أحمد بن الوليد الرملي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن العباس ، حدثنا أبي ،
عن عمر بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه ، عن جده علي قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما ، ومن
كانت له حاجة بورق فليصطرفها بذهب ، ومن كانت له حاجة بذهب فليصطرفها بورق ،
والصرف هاء وهاء (1) »
__________
(1) هاء وهاء : يدا بيد ، والمراد التقابض في الحال
668
- حدثني محمد بن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن
أبي المنهال ، قال : جاء رجل إلى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، فسألهما عن بيع ،
الورق (1) ، بالذهب فقال كل واحد منهما : سل هذا ، فإنه خير مني وأعلم مني . فقال
أحدهما : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الورق بالذهب دينا . وقال الآخر
، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق نساء
__________
(1) الورق : الفضة. والأورق : الأسمر.
669
- حدثنا الحسن بن الجنيد ، حدثنا سعيد بن مسلمة ، حدثنا إسماعيل بن أمية ، عن نافع
: أن رجلا جاء إلى عبد الله بن عمر ، فأخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا
بعضهما على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضهما على
بعض ، ولا تبيعوا غائبا بناجز (1) ، إني أخاف عليكم الرماء قال نافع : فانطلقت أنا
وابن عمر والرجل الذي أخبره عن أبي سعيد حتى دخلنا على أبي سعيد ، فسأله ابن عمر
عن ذلك فذكر على نحو ما ذكره الرجل ، ثم قال : بصر عيني وسمع أذني رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول ذلك
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
670
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا ابن عون ، عن نافع ،
قال : كان رجل يحدث عن أبي سعيد الخدري ، قال : قدم أبو سعيد فنزل هذه الدار ،
فأخذ عبد الله بن عمر بيده ويدي ، فانطلقنا حتى قمنا عليه فقال : ما يحدث هذا عنك
؟ قال : فما نسيت قوله بإصبعه : بصر عيني وسمع أذني من رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فذكر الذهب بالذهب ، والورق (1) بالورق إلا مثلا بمثل سواء بسواء ، ولا
تبيعوا غائبا بناجز (2) ، ولا تشفوا إحداهما على الأخرى
__________
(1) الورق : الفضة. والأورق : الأسمر.
(2) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
671
- حدثني محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت عبيد
الله ، عن نافع : أن عبد الله بن عمر ، قيل له : إن أبا سعيد يحدث هذا الحديث عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقيه عبد الله بن عمر وأنا معه فقال : يا أبا
سعيد هل حديث بلغني أنك حدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الذهب
بالذهب والورق (1) بالورق ؟ فقال أبو سعيد : سمعت أذناي وأبصرت عيناي رسول الله
صلى الله عليه وسلم « ينهى عن الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، والورق إلا مثلا بمثل
، ولا تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز (2) » حدثني تميم بن المنتصر الواسطي ، أنبأنا
عبد الله بن نمير ، أنبأنا عبيد الله ، عن نافع ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري ،
يحدث عبد الله بن عمر يقول : أبصرت عيناي وسمعت أذناي ، من رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه
__________
(1) الورق : الفضة. والأورق : الأسمر.
(2) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
672 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : سمعت نافعا يحدث أن عمرو بن ثابت العتواري ، أخبر عبد الله بن عمر أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث عن الصرف حديثا ، فانطلق عبد الله بن عمر إلى أبي سعيد الخدري ، ومعه نافع وعمرو بن ثابت ، فدخلوا على أبي سعيد فقال عبد الله لأبي سعيد : ما حديث حدثنيه هذا ؟ قال أبو سعيد : بصر عيني وسمع أذني رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، ليس بينهما فضل ، ولا يباع عاجل بآجل » حدثنا ابن بشار ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا يحيى أن نافعا أخبره : أن عمرو بن ثابت العتواري حدث ابن عمر أنه سمع أبا سعيد الخدري ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم » ، ثم ذكر نحوه
673
- حدثني واصل بن عبد الأعلى الأسدي ، حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن نافع ، عن أبي
سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تبيعوا الذهب
بالذهب إلا مثلا بمثل ، أو وزنا بوزن ، ولا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ، أو وزنا
بوزن ، ولا تبيعوا غائبا بشاهد ولا شاهدا بغائب ، إلا ناجزا بناجز (1) ، إني أخاف
عليكم الرماء
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
674
- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد
، أنبأنا حيوة بن شريح ، أنبأنا محمد بن العجلان : أن نافعا مولى ابن عمر أخبره :
أنه ، سمع أبا سعيد الخدري ، يقول : رأي عيني وسمع أذني رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا الفضة بالفضة
إلا مثلا بمثل ، لا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا غائبا بناجز (1) »
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
675 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدثنا أسد ، حدثنا الليث بن سعد ، أخبرني نافع : أن عبد الله بن عمر قال له رجل من بني ليث : إن أبا سعيد الخدري يذكر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال نافع : فذهب عبد الله بن عمر وأنا معه والليثي ، حتى دخل على أبي سعيد الخدري فقال : إن هذا أخبرني أنك تخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، وعن بيع الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل . فأشار أبو سعيد بإصبعه إلى عينيه وأذنيه فقال : أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، ثم ذكر نحوه
676 - حدثنا ابن البرقي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي ، حدثنا أبو معيد ، عن سليمان بن موسى ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر : أنه أتى أبا سعيد الخدري فقال : يا أبا سعيد ، قد بلغنا أنك تروي حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الربا فبينه لنا . قال أبو سعيد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذهب بالذهب مثلا بمثل لا زيادة ولا نظرة ، والفضة بالفضة لا زيادة ولا نظرة ، ولا تبيعوا ناجزا بآخر غائب ، أبصرته عيناي وسمعته أذناي .
677
- حدثني العباس بن الوليد البيروتي ، قال : أخبرني أبي ، حدثنا الأوزاعي ، عن يحيى
بن أبي كثير ، قال : حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر قال : حدثنا أبو سعيد الخدري
، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا
مثلا بمثل ، لا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، لا
يشف بعضها على بعض ، ولا تبيعوا غائبا بناجز (1) » حدثنا يونس بن عبد الأعلى ،
حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن نافع ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) الناجز : الحاضر والمراد وجود السلعة حقيقة
678 - حدثنا صالح بن مسمار المروزي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن صدقة : سأل ابن عمر عن الذهب ، بالذهب ، والفضة بالفضة فقال : ضع ذا في كفة وذا في كفة ، فإذا اعتدلا فخذ وأعطه
679
- حدثنا أحمد بن الوليد الرملي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن العباس ، حدثنا أبي ،
عن عمر بن محمد بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده علي قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما ، فمن
كانت له حاجة بورق فليصرفها بذهب ، ومن كانت له حاجة بذهب فليصرفها بورق ، الصرف
هاء وهاء (1) »
__________
(1) هاء وهاء : يدا بيد ، والمراد التقابض في الحال
680 - حدثنا صالح بن مسمار ، حدثنا سفيان ، عن وردان الرومي ، قال : قال لنا ابن عمر : هذا عهد صاحبنا إلينا وكذلك عهدنا إليكم ، قال لنا صالح : يعني في الصرف
681 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : كان الناس يشترون الذهب بالورق قال ابن علية : أحسبه قال إلى العطاء : فأتى عليهم هشام بن عامر ، فنهاهم ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نبيع الذهب بالورق نسيئة ، وأنبأنا ، أو قال : أخبرنا ، أن ذاك هو الربا
682 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن شعبة ، قال : حدثنا أيوب بن أبي تميمة ، قال : سمعت أبا قلابة ، قال : كان الناس بالبصرة في زمان زياد يأخذون الدراهم بالدنانير نسيئة ، فقام رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له : هشام بن عامر الأنصاري فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع الذهب بالورق نساء ، وأنبأنا أن ذلك : هو الربا
القول في معاني هذه الأخبار اختلف أهل العلم في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ، والفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء » ، وفي معنى قول أبي سعيد الخدري : « سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : » لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل ، ولا تبيعوا غائبا بناجز « ، وفي معنى قول هشام بن عامر : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق نساء . فقالت جماعة ، وهم الأكثرون عددا : معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : » الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء « ، النهي عن بيع الذهب بالذهب وسائر ما ذكرنا من الأشياء التي لا يجوز بيع بعضها ببعض نساء ، وأنه غير جائز أن يفترق متبايعا ذلك إلا عن تقابض » . قالوا : وليس معناه في ذلك النهي عن بيع شيء من ذلك بشيء إلا والسلعتان كلتاهما حاضرتان في حال عقد البيع عليهما . قالوا : ولو كان ذلك معنى الخبر ، لقد كان عمر نهى مالك بن أوس حين صارف طلحة بن عبيد الله ورقه بذهبه إذ رآهما يتصارفان ، ومال أحدهما حاضر والأخر غائب ولكنه لما لم يكن عنده عقد البيع على ذهب بورق أحدهما حاضر والآخر غائب ، أو هما جميعا غائبان باطلا ، إذا تعاقد المتبايعان البيع بينهما في ذلك على موصوف معلوم إذ لم يفترقا إلا عن تقابض ، لم يستنكر ما فعل مالك بن أوس وطلحة من ذلك ، ولكنه لما استنظر طلحة مالكا إلى انصراف خازنه من الغابة أعلمهما أن ذلك غير جائز ، وأخبرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم ذلك ، لأن الافتراق عن غير تقابض منهما لما تبايعا من ذلك كان هو الدخول عنده في مكروه ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، لا عقد البيع عليه من غير حضوره . قالوا : فبين بذلك أن عقد البيع على كل ما لا يجوز بيعه نساء ولا يجوز شراه وبيعه إلا يدا بيد جائز ، إذا لم يفترق المتبايعان عن مجلسهما ذلك حتى يتقابضا ما تعاقد عليه البيع من ذلك . قالوا : وبعد ، فإن هذا قول علماء الأمصار في جميع الأوقات ، الذين يثبت بنقلهم الحجة ، ويقطع ما جاءوا به مجمعين عليه عذر من بلغه
ذكر من قال هذا القول ، وقال : لا يجوز بيع الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق ، وما أشبه ذلك نساء ، ولا يجوز افتراق متبايعي شيء من ذلك إلا عن تقابض
683 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا عبد المؤمن أنه سمع ابن عمرو ، سأله رجل فقال : الذهب بالذهب ؟ فقال : نعم ، لا يحولن بينهما جدار
684 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا الحكم بن بشير ، حدثنا كليب ، قال : سألني ابن عمر ، فقلت : أشتري الذهب ؟ فقال : من يدك إلى يده ، وصفق بإحدى يديه على الأخرى ، وإن قال لك : إلى وراء هذه الأصطوانة ، فلا
685
- حدثنا مجاهد بن موسى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا سعيد ، عن قتادة ، عن مسلم
بن يسار ، عن أبي الأشعث الصنعاني : أن عبادة بن الصامت ، قام خطيبا فقال : « أيها
الناس ، إنكم قد أحدثتم بيوعا لا ندري ما هي ؟ ألا وإن الذهب بالذهب مثلا بمثل
تبره وعينه ، ألا وإن الفضة بالفضة مثلا بمثل تبرها وعينها ، فلا بأس ببيع الذهب
بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد ، ولا يصلح نسيئة ، ألا وإن البر بالبر يدا بيد مدا
(1) بمد ، ألا وإن الشعير بالشعير مدا بمد ، يدا بيد ، ولا بأس ببيع الشعير
بالحنطة ، والشعير أكثرهما يدا بيد ، ولا يصلح نسيئة ، ألا وإن التمر مديا بمدي ،
يدا بيد ، حتى كر الملح مثلا بمثل »
__________
(1) المد : كيل يُساوي ربع صاع وهو ما يملأ الكفين وقيل غير ذلك
686 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد ، حدثنا حيوة بن شريح ، أنبأنا شرحبيل بن شريك المعافري ، أن عامر بن يحيى المعافري من بني سريع ، أخبره أنه ، صرف ثلث دينار فلوسا ، فأخذ بدرهمين فقال له الصراف : ارجع لي بعد ساعة أعطك إياها ، فإنه ليس عندي الآن تمام الثلث فقال عامر بن يحيى : فذهبت إلى المسجد فذكرت ذلك عند رجل فقال علي بن رباح اللخمي وحنش الصنعاني : لا يصلح هذا ، ما أخذت فلك ، وما بقي عند الصراف فلا تأخذ منه شيئا قال : فتركت ما بقي لم آخذه
687 - حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني طلحة بن أبي سعيد ، والليث بن سعد : أن صخر بن أبي غليظ حدثهما أنه كان مع أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، فابتاع أبو سلمة ثوبا بدينار إلا درهما قال الليث : أو قيراطا ، فأعطاه أبو سلمة الدينار ، وقال : هلم الدرهم قال : ليس عندي درهم الآن حتى ترجع إلي ، فألقى إليه أبو سلمة الثوب وقبض الدينار منه . وقال : لا بيع بيني وبينك
688 - حدثني علي بن سهل الرملي ، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن جعفر بن برقان ، قال : قلت للزهري : الرجل يصرف الدراهم بالفلوس . قال : « هو صرف ، لا يفارقه حتى يستوفي » وكذلك كان مالك بن أنس والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وزفر وأبو يوسف ومحمد والشافعي يقولون ، ويرون أن المتصارفين إذا لم يفترقا إلا عن تقابض أن صرفهما ماض جائز ، وإن لم يكن ما اصطرفا عليه من الذهب والورق حاضرا عند عقد البيع عليه بربانه . وقال آخرون : إذا لم يكن ما اصطرفا عليه من الذهب والورق حاضرا في حال عقد البيع على ما تصارفا عليه من ذلك بربانه فالصرف باطل . وإن أحضرا ذلك قبل افتراقهما ، فلم يفترقا بأبدانهما عن مجلسهما الذي تعاقدا فيه الصرف إلا عن تقابض . وقالوا : سواء كان الغائب من ذلك أحدهما أو كلاهما ، في أن الصرف باطل ، إلا أن يكون الذهب والفضة حاضرين ، فيتعاقدا الصرف عليهما وهما يريانهما . واعتل قائلو هذه المقالة بأن قالوا : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء » . قالوا : فإذا كان الذهبان أو الذهب والفضة أو إحداهما غايته في حال عقد الصرف لم يكن في ذلك هاء وهاء . قالوا : وإذ لم يكن ذلك فيهما ، كان المتصارفان داخلين في معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الربا ، مردود في قول جميع أهل العلم . قالوا : وأخرى ، أن الجميع من أهل العلم مجمعون على أن بيع الذهب بالذهب أو بالورق نساء غير جائز . قالوا : وسواء إذ كان ذلك إجماعا منهم ، قصير الأجل أو طويله . قالوا : وإذ كان ذلك كذلك ، فلا شك أن المتصارفين إذا تصارفا ذهبا بذهب أو ذهبا بفضة ، وهما غير حاضرين معا أو إحداهما ، أن ذلك صرف قد دخله تأخير ونساء إلى وقت إحضارهما ما تصارفا عليه ، وإن لم يفترقا إلا عن تقابض . قالوا : وإذ كان الأمر كذلك ، وجب أن يكون الصرف منتقضا متى تعاقده المصطرفان ، والذهبان ، أو الذهب والفضة اللتان وقع عليهما الصرف غير حاضرتيهما في حال عقد الصرف عليهما
689
- ذكر من قال ذلك حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا
يونس ، قال : أنبأني عبيد بن بابي : أنه باع من رجل ورقا (1) بذهب أو ذهبا بورق ،
فقبض سلعته . قال : فانطلقت معه أريد منزله ، فلقينا أبو هريرة في بعض طرق المدينة
فقال : أين تريدان ، أو أين تريد ؟ فقلت : بعت من هذا ورقا بذهب أو ذهبا بورق .
قال : فأين سلعتك ؟ قلت : معه . قال : اجلسا . فأخذ سلعته فردها إليه وقال قولا :
ليس بيننا بيع ، ليس بيننا بيع . فقاما ، فقالا : ليس بيننا بيع ، ليس بيننا بيع .
فقال : انطلق معه ، فإذا حضرت سلعتك فبايعه والصواب من القول في ذلك عندنا قول من
قال : إذا لم يفترق المتصارفان عن مجلسهما الذي تصارفا فيه إلا عن تقابض فالصرف
جائز ماض ، وإن لم يكن ما تصارفا عليه حاضرا في حال عقد البيع . وإنما قلنا ذلك هو
الصواب من القول ، لأن كل متبايعين بيعا فإنهما على ما كانا عليه ما لم يفترقا عن
مجلسهما الذي تعاقدا فيه عقدة البيع بأبدانهما ، لم يملك المشتري شيئا على البائع
، ولا زال ملك البائع عما كان يملكه قبل ذلك بعقد البيع حتى يفترقا بأبدانهما .
فإذا كان ذلك كذلك ، فبين أن المتصارفين لم يملك أحدهما على صاحبه شيئا لم يكن
مالكه قبل ذلك ما داما في مجلسهما الذي تصارفا فيه ، فسواء حضرهما ما تصارفا عليه
أو لم يحضرهما ، إذا كان قد تواصفاه في حال عقد الصرف إذا لم يفترقا عن مجلسهما
الذي تصارفا فيه إلا عن تقابض . فإن افترقا قبل التقابض انتقض حينئذ الصرف الذي
كان تعاقدا بينهما ، الذي كان تمامه يكون بالتقابض قبل الافتراق . ومن أنكر ما
قلنا في ذلك قيل له : ما قلت في رجلين تعاقدا عقد السلم بينهما بمال معلوم على بعض
ما يجوز السلم فيه من غير حضور المال ، وتواصفا المال والمسلم فيه ، ثم لم يفترقا
حتى أحضر المشتري المال الذي أسلمه إلى صاحبه في السلعة التي أسلم فيها ؟ فإن قال
: السلم باطل إلا أن يكون المال حاضرا في حال عقد المسلم بربانه ، ويعقدان السلم
عليه ، فارق قوله ، وخرج من قول جميع الأمة ، لأنه لا اختلاف بين الجميع في جواز
عقد السلم ، وإن كان المال الذي هو ثمن المسلم فيه غير حاضر في حال عقده ، فإذا لم
يفترق المتبايعان عن مجلسهما ذلك إلا عن قبض المسلم إليه من المسلم ثمن ما أسلم
فيه . وإن قال : السلم ماض جائز إذا لم يفترقا عن مجلسهما إلا عن قبض المسلم إليه
ثمن المسلم فيه من المسلم . قيل له : فما الفرق بين ذلك وبين المتصارفين ، وكلاهما
غير جائز افتراقهما عن غير قبض ، وهل بينك وبين من قال في الصرف ما قلت في السلم ،
وقال في السلم ما قلت في الصرف فرق ؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في
الآخر مثله . وبعد ، فإن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الذي قلت
مفسرا ، ثبت عنه .
__________
(1) الورق : الفضة. والأورق : الأسمر.
690 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عمر ، قال : كنت أبيع الفضة بالذهب ، أو الذهب بالفضة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألته فقال : « إذا بايعت صاحبك فلا تفارقه وبينك وبينه لبس » فقد بين هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المتصارفين إذا لم يفترقا وبينهما لبس ، أنه لن يضرهما ما كان من لبس في صرفهما قبل الافتراق . وفي إجماع الحجة على حقيقة ما قلنا في ذلك وصحة ما أخبرنا فيه ، مكتفى عن الاستشهاد عليه
ذكر ما دل عليه الخبر الذي ذكرناه عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصرف من الأحكام فإذ كان صحيحا ما قلنا من أنه غير جائز للمتصارفين أن يفترقا بأبدانهما عن المجلس الذي تصارفا فيه إلا عن تقابض منهما ما تصارفاه ، إذ كان غير جائز بيع أحدهما بالآخر نساء ، فبين أن كل ما كان من الأشياء غير جائز بيع أحدهما بالآخر نساء ، كمثل الذهب بالورق ، والذهب بالذهب ، والورق بالورق ، في أنه لا يجوز افتراق متبايعهما إلا عن تقابض ، وذلك كالشعير بالشعير ، والشعير بالبر ، والبر بالبر ، والبر بالتمر ، والتمر بالتمر ، والتمر بالزبيب ، والزبيب بالأرز ، والأرز بالأرز ، وسائر ما لا يجوز بيع أحدهما بصاحبه نساء ، لا يجوز لمتبايعيهما إذا تبايعا أحدهما بصاحبه أن يفترقا بأبدانهما عن مجلسهما إلا عن تقابض . فإن افترقا عن مجلسهما الذي تبايعا ذلك فيه بأبدانهما قبل أن يتقابضا ، بطل البيع الذي كانا تعاقدا في ذلك . وكذلك إن وكل المشتري وكيلا يقبض ما اشترى من ذلك بإعطاء ما باع ، وافترقا عن مجلسهما بأبدانهما قبل تقابضهما أو تقابض وكيلهما انتقض البيع في ذلك ، لأنه يصير ذلك مبيعا نساء وخلاف ما أذن ببيعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من هاء هاء ، وافترقا عن مجلسهما وبينهما اللبس الذي نهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون بينهما بعد الافتراق . وكذلك إن أحال أحدهما على صاحبه بما اشترى منه من ذلك آخر ، كان له عليه مثله ، ثم افترقا قبل التقابض ، وكذلك إن أشرك فيه أحدهما شريكا ثم فارق صاحبه قبل التقابض ، فقبض ذلك المشترك فيه بعد مفارقة المشترك صاحبه . وبين أيضا إذا كانت العلة الموجبة في انتقاض الصرف بين المصطرفين افتراقهما عن المجلس الذي تصارفا فيه قبل تقابضهما ما تصارفاه بينهما ، أنهما إذا تقابضا بعضا وأخرا بعضا ، ثم افترقا عن مجلسهما بأبدانهما قبل تقابضهما ما أخرا من ذلك من أن البيع فيما تقابضاه ماض جائز وفيما لم يتقابضا حتى افترقا بأبدانهما عن مجلسهما منتقض ، غير أن لمن لم يقبض منهما جميع ما كان صارف عليه صاحبه حتى فارقه ببدنه الخيار فيما قبض منه ، بين أن يمسكه بحصته من ثمنه راضيا بملكه ، وبين أن يرده على صاحبه ويرجع عليه بجميع ما أعطاه من سلعته ثمنا لما ابتاعه منه ؛ لأنه لم يسلم له جميع ما ابتاعه منه . وفي ذلك عليه نقض ، فكان بمنزلة السلعة يشتريها على السلامة فيجد بها عيبا ، ثم لم يتبرأ إليه منه صاحبه ، فيكون له الرد إن شاء من أجل ذلك ، لأنه نقص دخل عليه ، والرضا بالإمساك إن شاء . وكذلك القول في ذلك إذا تقابضا ثم افترقا عن مجلسهما الذي تصارفا فيه بأبدانهما ، ثم وجد مشتري الدراهم بعضها زائفا فرده على بائعها منه مريدا البدل منه ، فليس ذلك له على وجه الاستبدال منه بالصرف الأول ، لأنه إذا فعل ذلك كان المستبدل منه مقبوضا بعد الافتراق . وذلك ما حرمه الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه إذا رده انتقض الصرف في قدر المردود من الدراهم ، فكان له الخيار في الباقي على ما قد وصفت . فإن رضي بإمضاء البيع في الجياد من الدراهم بحصتها من ديناره ، كان البيع جائزا ماضيا في قدر الجياد منها ، والصرف فيها نافذا ، وكان لرب الدراهم التي باعه إياها شريكا في ديناره بقدر حصته ما رد عليه من دراهمه العيب الزائف ، فإن شاء صارف صاحبه ذلك الفضل الذي انتقض فيه البيع بينهما برد المعيب من الدراهم ، وإن شاء كان على شركته فيما بقى له في الدينار . فإن كان الذي وجد مشتري الدراهم في الدراهم من المردود نحاسا أو رصاصا ، فإن البيع في حصة ذلك الذي وجده كذلك منتقض بينه وبين صاحبه من الدينار ، وهو بقدر ذلك شريك لرب الدراهم وديناره ، وله من الخيار في نقض البيع في باقي الدراهم وإمضائه على ما وصفت قبل . وكذلك له ، إن أمضى البيع في الجياد مصارفة صاحبه فيما بقي على ملكه من ديناره إن شاء ، والثبات على شركته فيه على ما قد بينا قبل . ولا معنى لقول من قال : ينتقض بوجوده بعضها نحاسا أو رصاصا ، وبرده بعين الصرف في الجميع ، ولا لقول من قال : إن كان المعيب المردود من ذلك ثلثا أو نصفا انتقض الصرف في الجميع ، وإن كان أقل من ذلك كان لمشتري الدراهم الاستبدال ، لما وصفنا من أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل سبب انتقاض الصرف بين المتصارفين افتراقهما بأبدانهما من غير تقابض . فمعلوم أن حكم ما قبض من صرفها خلاف حكم ما لم يقبض منه ، وأن ما تقابضاه من ذلك قبل الافتراق فماض فيه الصرف ، وأن ما لم يتقابضا من ذلك فهو المنتقض ، لأنه الذي دخله التأخير المنهي عنه . ويقال لمن أبطل الصرف فيما تقابض المصطرفان من أجل ما لم يتقابضا منه ، أو أبطل الصرف في الجياد بوجود مشتري الدراهم في الدراهم ردودا إذا ردها ، أرأيت إن خالفك في ذلك مخالف ، فأجاز فيما لم يتقابضا ، أو فيما رد مشتري الدراهم من الزيوف الصرف لجوازه فيما كان تقابضا منه ، وفيما كان من الدراهم جياد خلافا لفعلك في ذلك ، إذا أبطلت ما أجازه النبي منه صلى الله عليه وسلم فيما كان ناجزا بناجز ، من أجل ما كان منه ناجزا بغائب ، هل بينك وبينه فرق من أصل أو نظير ، وكلاكما قد خالف ظاهر ما دل عليه خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فلن يقول في ذلك قولا إلا عورض في الآخر بمثله . وكالقول في صرف الدراهم بالدنانير ، القول في كل ما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر نساء ، ولم يكن جائزا إلا يدا بيد
ذكر
البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا
تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض » ، يعني صلى الله
عليه وسلم بقوله : « لا تشفوا بعضها على بعض » ، لا تفضلوا أن تبيعوا إحداهما
زائدة على الأخرى بها ، ولكن بيعوا كل واحدة منهما بصاحبتها متساويتين . يقال :
إذا باع البائع إحدى الذهبين بالأخرى زائدة عليها في الوزن : قد أشف فلان ذهبه على
ذهب فلان ، وذلك إذا أخذ بذهبه أكثر من وزنها من ذهب مبايعه . وكذلك تقول العرب :
قد أشف فلان بعض بنيه على بعض ، إذا فضل بعضهم على بعض . ويقال : ما أقرب شف بينهما
، أي فضل بينهما ، يقال : فلان حريص على الشف ، يعني به : على الربح . وأما الشف :
بفتح الشين ، فالستر الرقيق ، وكل ثوب رقيق يستشف ما خلفه ، فهو شف ، يقال منه :
شف الثوب على المرأة فهو يشف شفوفا ، وذلك إذا بدا ما وراءها من خلفها . ومنه
الخبر الذي روي عن عمر رضي الله عنه ، أنه قال : لا تكسوا نساءكم القباطي ، فإنه
إلا يشف فإنه يصف ، يعني بذلك إن لم ير ما خلفه ، فإنه يصفها لرقته ، ومنه قول عدي
بن زيد العبادي : زانهن الشفوف ينضح بالمسك وعيش مفانق وحرير يعني بالشفوف جمع شف
. وأما الشفيف فإنه البرد ، يقال منه : إن فلانا ليجد في أسنانه شفيفا ، أي : بردا
شديدا . وإن في ليلتنا هذه لشفا شديدا ، أي : بردا شديدا . وأما قولهم : استشف
فلان ما في الإناء من الماء أو غيره ، فإنه يعني به أنه شربه كله ، ومنه المثل
السائر : ليس الري عن التشاف يقول : ليس الري بأن تشرب جميع ما في الإناء حتى لا
تبقي فيه شيئا . ومنه الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر
إحدى عشر امرأة وصفن أزواجهن ، أخبر أن إحداهن قالت : زوجي إن أكل لف ، وإن شرب
اشتف ، تعني بقولها : اشتف ، شرب جميع ما في الإناء فلم يسئر فيه شيئا . وأما
قولهم : قد اشتاف فلان لكذا ، فإنه يعني به أنه تطاول له ونظر ، يقال منه : اشتاف
فلان بفلان فهو يشتاف له اشتيافا ، ومنه قولهم : رأيت فلانا يتشوف لك ، يعني أنه
يتطاول وينظر . ويقال : شيفت الجارية لزوجها ، إذا زينت له وهيئت ، فهي تشاف شوفا
. وأما الخبر الذي روي عن زيد بن أرقم ، والبراء بن عازب ، أنه صلى الله عليه وسلم
نهى عن بيع الذهب بالورق نساء ، فإنه يعني بالنساء : التأخير ، يقول : نهى أن يباع
أحدهما بالآخر بتأخير . يقال منه : باع فلان متاعه من فلان بنسيئة ، وبأخرة ،
وبنظرة ، ودين ، كل ذلك بمعنى واحد . يقال : نسأت فلانا ما عليه من الدين ، إذا
أخرته . ومنه قولهم : عرفتني ، نسأها الله ، أي : أخرها الله ، ومنه قول الله جل
ثناؤه : إنما النسيء زيادة في الكفر (1) ، يعني بذلك تأخير الأشهر الحرم الذي كانت
العرب في الجاهلية تفعله في جاهليتها ، من تأخير المحرم إلى صفر ، ومنه قولهم :
انتسأ فلان عن فلان إذا تباعد عنه ، يقال منه : انتسئ عنا قليلا ، يراد به : تباعد
. ويقال : ما أجد منتسئا ، أي : متباعدا ، ومنه قول الشاعر : إذا انتسئوا فور
الرماح أتتهم عوائر نبل كالجراد نطيرها وأما قولهم : نسأت اللبن ، فهو معنى غير
هذا ، وهو أن تمذقه حليبا ، يقال منه : نسأ فلان لبنه فهو ينسأه نسأ . ويقال أيضا
: نسأ فلان الماشية ، إذا أخرها . ونسئت المرأة فهي تنسأ نسأ ، وذلك في أمر بعلها
، يقال : امرأة نسوء . وأما قول رؤبة بن العجاج : طير عنها النسء حولي العقق فإنه
يعني بالنسء بدء السمن ، يقال منه : قد جرى النسء في الدواب ، إذا بدأ فيها السمن
. وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تبيعوا ناجزا بغائب » ، فإنه يعني بالناجز
الحاضر يقول : لا تبيعوا حاضر الذهب بغائب الورق . يقال منه : نجز المال ، إذا حضر
، ومنه قيل : أنجز فلان لفلان ما وعد ، وذلك إذا أوفى له به فأحضره إياه . وأما
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فإني أخاف عليكم الرماء » ، فإنه يعني
بالرماء الربا ، وأصل الرماء : زيادة الشيء على الشيء ، يقال منه : أرمى فلان على
فلان في القول إذا زاد عليه في القول ، وأربى عليه كذلك ، فهو يرمي ، ويربي إرباء ،
وإرماء ، ومن الإرماء قول الشاعر : وأسمر خطي كأن كعوبه نوى القسب قد أرمى ذراعا
على عشر
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 37
ذكر ما صح عندنا سنده من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
691 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد ، وعبيد الله بن عبد الله أخبراه أن عبد الرحمن بن عبد القاري قال : سمعت عمر بن الخطاب ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من نام عن حزبه ، أو عن شيء منه ، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل » حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني السائب بن يزيد ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أن عبد الرحمن بن عبد القاري ، قال : سمعت عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من نام عن حزبه » ، فذكر مثله
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلل : إحداها : أنه خبر غير محفوظ عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به منفرد وجب التثبت فيه عندهم . والأخرى : أنه خبر قد رواه عن عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن عمر غير من ذكرنا ، فوقف بالكلام على عمر ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكاه بلفظ غير اللفظ الذي رواه يونس عن الزهري ، وحدث به عن عمر من غير رواية عبد الرحمن بن عبد القاري محدث ، فجعل من حدث به الكلام موقوفا به على عمر . والثالثة : أنه خبر غير محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام على هذا الوجه الذي روي عن عبد الرحمن ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما المحفوظ عنه من وجه يصح عليه السلام الذي رواه عنه أصحابه ، الحث على الصلاة قبل الظهر بعد أن تزول الشمس
ذكر من روى هذا الخبر عن عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن عمر ، فجعله من كلام عمر ، وخالف بلفظه ألفاظه
692 - حدثنا محمد بن المثنى ، وصالح بن مسمار المروزي ، قالا : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن يحيى بن أبي كثير ، حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد : أنه دخل على عمر بن الخطاب فوجده يصلي قبل الظهر فقال : ما هذه الصلاة يا أمير المؤمنين ؟ قال ابن المثنى في حديثه قال : إنها صلاة الليل ، وقال صالح : هذا من صلاة الليل حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، وأبو عامر ، عن هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد ح وحدثني ابن المثنى قال : وحدثنا أبو داود ، حدثنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن عبد الرحمن بن عبد : أنه دخل على عمر ، فذكر مثله
693 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عبد أنه دخل على عمر بن الخطاب وهو يصلي قبل الظهر فقال : ما هذه الصلاة ؟ قال : إنها تعد من صلاة الليل
ذكر من حدث بهذا الحديث عن عمر من غير حديث عبد الرحمن ، فوقف به أيضا على عمر ولم يرفعه
694 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، وحدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن حميد بن عبد الرحمن : أن عمر بن الخطاب ، قال : « من فاته ورده فليقم به في صلاة قبل الظهر يقول : صلاة الليل »
695 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : بلغنا أن عمر بن الخطاب ، قال : « من فاتته صلاة كان يصليها من الليل ، وصلاها بالهاجرة ، فكأنما صلاها بالليل »
ذكر ما في هذا الخبر من الفقه وفي هذا الخبر من الفقه أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب من كان له حظ من صلاة كان يصليها من الليل فنام عنها ، أو شغل ، أو نابته نائبة ، فلم يصلها من أجل ذلك ، أن الذي ينبغي له أن يقضيها ، وذلك أن في إعلام النبي صلى الله عليه وسلم أمته الوقت الذي يعد قضاؤه ذلك فيه من النهار ، قيامه به في وقته الذي كان يقوم به من الليل الدليل الواضح على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يوسع لهم في ترك قضائه . ولو كان موسعا ذلك لهم ، لم يكن لإرشادهم إلى الوقت الذي يعدل قضاء ذلك فيه بعد الفوت من وقته الإتيان به في وقته كما ينبغي وبنحو الذي دل عليه هذا الخبر مما وصفنا تتابعت الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه كان إذا عمل من أعمال الخير عملا لزمه وحافظ عليه ، وكان يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل » ، ويكره للمرء أن يكلف من العمل ما لا يطيق المحافظة عليه ، وما لعله يعجز عن القيام به على مر الأيام عليه والليالي . وقال لبعض أصحابه : « لا تكن كفلان ، كان يقوم الليل فترك قيام الليل » . وفيه أيضا البيان عن صحة قول من كان يقول من أصحابه : « إن الصلاة بعد زوال الشمس قبل الظهر تعدل مثلها من صلاة الليل » ، وتحقيق الأخبار الواردة عنه صلى الله عليه وسلم بذكر فضل هذه الساعة من النهار ، واستحبابه للصلاة فيها
ذكر من روى ذلك عنه من المتقدمين غير عمر ، وقد ذكرنا ما روي عن عمر فيه
696 - حدثني معاذ بن شعبة ، أنبأنا شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، قال : قال عبد الله : « ليس شيء من تطوع النهار يعدل صلاة الليل ، إلا هؤلاء الأربع قبل الظهر ، فإنهن يجزين عن مثلهن من صلاة الليل »
697
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، وهارون بن عنترة ، عن عبد الرحمن بن الأسود ،
عن أبيه ، قال : أخذت صحيفة أنا وعلقمة ، فانطلقنا إلى عبد الله ، فجلسنا بالباب ،
وقد زالت (1) الشمس ، أو كادت تزول ، فلم نستأذن عليه ، وقلنا : ننبهه من رقدته ،
فجلسنا على الباب ، فسمعت الجارية ، فرجعت ، فقالت : علقمة والأسود . فأذن لنا فدخلنا
عليه فقال : أنتم جلوس ولم تستأذنوا ؟ قال : قلنا : ظننا أنك راقد ، وكرهنا أن
توقظ من رقدتك . قال : فقال : بئس ما ظننتم ، هذه ساعة تقاس فيها الصلاة بصلاة
الليل . قال : فأخبروه بالصحيفة فقال : يا جارية ، اسكبي ماء . فغسلها وما نظر
فيها
__________
(1) الزوال : الوقت الذي تكون فيه الشمس في كبد السماء
878 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن صلت ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن علقمة بن قيس ، ومسروق ، عن عبد الله ، قال : « ما كانوا يعدلون شيئا من صلاة النهار صلاة الليل إلا أربعا قبل الظهر ، فإنهم كانوا يرون أنهن بمنزلتهن من الليل »
879 - حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، قال : أطال علقمة ، والأسود الجلوس على باب عبد الله حتى انتصف النهار ، فخرجت الجارية ، فاستأذنت لهما ، فأذن لهما فقال : « ما لكما لم تدخلا ؟ » ، قالا : ظنناك نائما ، فقال : « ما كنت أحب أن تظنا بي هذا ، إنا كنا نعد صلاة هذه الساعة بصلاة الليل »
880 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : كان يقال : « صلاة قبل الظهر تعدل صلاة الليل »
881 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه « أن عبد الرحمن بن عوف كان يطيل الصلاة قبل الظهر »
ذكر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
882 - حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا هشيم ، أنبأنا عبيدة بن معتب الضبي ، عن إبراهيم ، عن سهم بن منجاب ، عن قزعة ، عن قرثع الضبي ، عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدمن أربعا عند زوال الشمس ، فقلت له : يا رسول الله ، إنك تدمن هذه الأربع ركعات عند زوال الشمس . فقال : « إن أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس ، فلا ترتج حتى تصلى الظهر ، فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير » . قال : قلت : أفي كلهن قراءة ؟ قال : « نعم » . قال : قلت : فيهن تسليم فاصل ؟ قال : « لا »
883 - حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري ، حدثنا عمي ، حدثنا شريك ، عن الأعمش ، عن المسيب بن رافع ، عن علي بن أبي الصلت ، عن أبي أيوب الأنصاري : أنه رآه يصلي أربع ركعات قبل الظهر ، فقلت له : إنك لتكثر أن تصليهن ؟ قال : رأيت نبي الله صلى الله عليه وسلم يصليهن حين تزول الشمس . فقلت : يا نبي الله ، أراك تديم هذه الصلاة فقال : « إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ، فأحب أن يرفع لي فيها عمل صالح »
884 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلى ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن السائب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حين تزول الشمس أربع ركعات قبل صلاة الظهر ، وقال : « تفتح أبواب السماء في هذه الساعة ، فأنا أحب أن يصعد لي فيها عمل صالح » وفيه أيضا : أنهم كانوا يحزبون القرآن فيجعلون لأنفسهم منه في كل ليلة حزبا يقرأونه . وكان كل من جعل منهم لنفسه حزبا أوجبه وحافظ عليه ولزمه ، كما كان يواظب على الصلاة التي كان يلزمها نفسه من الليل ، ولا يفرط في القيام بقراءة ما ألزم نفسه قراءته من حزبه في صلاته من الليل ، كما لا يفرط في حظه من صلاته بالليل على قدر ما ألزم نفسه من ذلك . وبالذي قلنا من ذلك جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان في إسناده بعض ما فيه
885
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى
بن كعب الطائفي ، قال : حدثني عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن جده أوس بن حذيفة ،
قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف ، فأنزل المالكيين في قبته
(1) ، وأنزل الأحلافيين على المغيرة بن شعبة قال : فكان ينصرف إليهم بعد العشاء
الآخرة فيحدثهم قائما على رجليه ، يراوح بين قدميه مما قد مل القيام ، وكان أكثر
ما يحدثهم عن اشتكاء أهل مكة قال : حتى إذا خرجنا إلى المدينة انتصفنا منهم
فقاتلناهم ، فكانت علينا سجال (2) الحرب ولنا . فمكث عنا ليلة ، فقلنا : يا رسول
الله ، ما حبسك فقد كنت تأتينا قبل هذه الساعة ؟ قال : « طرأ علي حزب من القرآن
فأحببت أن لا أخرج حتى أقضيه » ، فلما أصبحنا سألنا أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم : كيف تحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاثا ، وخمسا ، وسبعا ، وإحدى عشرة ، وثلاث
عشرة قال : وحزب المفصل السابع حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا عبد
الله بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عمي عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن جده أوس بن
حذيفة ، قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثل حديث ابن بشار ،
غير أنه قال : فكان أكثر ما يحدثهم باشتكاء أهل مكة
__________
(1) القبة : هي الخيمة الصغيرة أعلاها مستدير أو البناء المستدير المقوس المجوف
(2) الحرب سجال : مَرَّة لنا ومَرَّة علينا ونصرتها متداولة بين الفريقين
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : «
من نام عن حزبه » ، يعني بحزبه : جماعة السور التي كان يقرؤها في صلاته التي كان
يصليها من الليل ، وكل جماعة اجتمعت مؤتلفة أو مفترقة على شيء فهو حزب ، ومن ذلك
قيل للأحزاب الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين : أحزاب ؛
لأنها كانت جماعات من قبائل شتى اجتمعت على حربه وقتاله ، واحدهم حزب ، ومنه قول
الله تعالى ذكره : جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ، يقال منه : تحزب القوم علي ،
إذا اجتمعوا عليه . وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي روي عن أبي أيوب
عنه : « أن أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس فلا ترتج حتى تصلى الظهر » ، فإنه
يعني بقوله : « فلا ترتج » ، فلا تغلق ، والرتاج نفسه الباب ، ومنه قول العذري :
ولم يجعل الله الأمور إذا اعتلت عليك رتاجا لا يرام مضببا ومنه قولهم للرجل إذا
تعذر عليه الكلام يريده من خطبة أو غيرها : قد أرتج عليه ، يعني به : قد انغلق
عليه كما يرتج الباب فيغلق . وأما قولهم : قد ارتجت الأرض ، فإنه معنى غير هذا ،
وإنما معناه : قد اضطربت وتحركت ، ومنه قول الله جل ذكره : إذا رجت الأرض رجا (1)
، يعني بذلك : إذا زلزلت وحركت تحريكا شديدا . وأما قول عمر : من فاتته صلاة كان
يصليها بالليل فصلاها بالهاجرة فكأنما صلاها بالليل وعنى بقوله : « من صلاها
بالهاجرة » فصلاها قبل الظهر بقليل ، والعرب تقول : أتيتك بالهاجرة ، وعند الهاجرة
، وبالهجير وبالهجر ، وذلك إذا أتاه في الظهيرة في القيظ ، وقد هجر القوم وتهجروا
، إذا ارتحلوا بالهاجرة ، ومنه قول لبيد بن ربيعة : حتى تهجر في الرواح وهاجه طلب
المعقب حقه المظلوم فإن أتاه في آخر الهاجرة قيل : أتاه بالهجير الأعلى ، والهاجرة
العليا ، فإن أتاه قبيل العصر ، قيل : أتاه الهويجرة . وأما قوله : « من فاته ورده
من الليل فليقم به في صلاة قبل الظهر » ، فإنه ينعني بالورد ، ما كان يرد عليه
وينويه من حظه من قراءة القرآن في صلاته بالليل ، وأصله من ورود الشيء عليك ، وهو
هجومه ، ومنه قيل : تورد علينا الليل موضع كذا ، إذا هجم ، ومنه قيل للمنهل المورد
، لأنه ترده الشاربة والسابلة ، ومنه قول الطرماح بن حكيم : سباريت أخلاق الموارد
يابس بها القوم من مستوضحات العواثن ومنه قيل للمحموم : مورود ، وذلك لورود الحمى
عليه يوم ورده . وأما الورد بفتح الواو ، فإنه غير هذا المعنى ، وهو الأحمر من
الألوان ، ومنه قول الله تعالى ذكره : فكانت وردة كالدهان (2) ، ومنه قول نابغة
بني جعدة : وننكر يوم الروع ألوان خيلنا من الطعن حتى تحسب الورد أشقرا ومنه قول
أعشى بني ثعلبة : علون بأنماط عتاق وعقمة طوائفها لونان ورد ومشرب وأحسب أن الورد
من الرياحين إنما قيل له ورد لغلبة الحمرة على أكثره . وأما الوريد الذي قال الله
جل ثناؤه : ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (3) ، فإنه حبل العنق ، وهما وريدان
يليهما الأوداج التي تقطع من الذبيحة عند التذكية
__________
(1) سورة : الواقعة آية رقم : 4
(2) سورة : الرحمن آية رقم : 37
(3) سورة : ق آية رقم : 16
ذكر خبر آخر من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
886 - حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عروة بن الزبير : أن المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن عبد القاري أخبراه أنهما سمعا عمر بن الخطاب ، يقول : سمعت هشام بن حكيم ، يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته ، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك ، فكدت أساوره في الصلاة ، فتصبرت حتى سلم ، فلما سلم لببته بردائه ، فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها آنفا ؟ فقال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقلت : كذبت ، فوالله إن رسول الله هو أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرأها . فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها ، وأنت أقرأتني سورة الفرقان . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أرسله يا عمر ، اقرأ يا هشام » . فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرؤها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هكذا أنزلت » . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقرأ يا عمر » ، فقرأت القراءة التي أقرأني رسول الله فقال رسول الله : « هكذا أنزلت » . ثم قال رسول الله : « إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف ، فاقرؤوا ما تيسر منه » ، حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن عمر ، قال : سمعت هشام بن حكيم يقرأ فذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو حديث يونس حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن المسور بن مخرمة ، عن عمر ، قال : سمعت هشام بن حكيم يقرأ فذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه وهذا خبر قد بينا معناه وذكرنا طرقه عن عمر وموافقيه ، في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبينا اختلاف المختلفين في معناه ، والعلل المفسدة قول من خالف قولنا فيه ، باستقصاء ذلك في كتابنا المسمى « جامع البيان عن تأويل آي القرآن » ، فكرهنا تطويل الكتاب بإعادته في هذا الموضع ، فمن أراد معرفة معانيه وما فيه فليلتمسه هناك يجده إن شاء الله مشروحا
ذكر خبر آخر من أخبار عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
887 - حدثني أبو الجماهر الحمصي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، حدثني عامر بن واثلة الليثي : أن نافع بن عبد الحارث الخزاعي لقي عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على أهل مكة ، فسلم على عمر فقال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي ؟ قال : استخلفت عليهم ابن أبزى . قال عمر : وما ابن أبزى ؟ قال نافع : من موالينا . قال عمر : فاستخلفت عليهم مولى قال : يا أمير المؤمنين ، إنه قارئ لكتاب الله ، عالم بالفرائض . قال عمر : أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ، ويضع به آخرين »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه . وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين : إحداهما : أنه قد حدث بهذا الحديث عن عمر غير واحد من الرواة ، فجعل هذا الكلام الذي روي عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، من كلام غير مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . والأخرى : أنه حدث به عن الزهري معمر فقال : عن عمرو بن واثلة ، فإن يكن ذلك صحيحا كما روى معمر ، فهو عن مجهول لا يحتج بحديثه ، لأن أهل العلم بالآثار لا يعرفون راويا روى عن عمر اسمه عمرو بن واثلة
ذكر من حدث بهذا الحديث عن الزهري فقال فيه : عنه عن عمرو بن واثلة
888 - حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق بن همام ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، قال : حدثني عمرو بن واثلة ، قال ابن منصور : هكذا قال معمر أن نافع بن عبد الحارث تلقى عمر بن الخطاب إلى عسفان ، وكان عاملا له على مكة فقال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي ، يعني أهل مكة ؟ قال : ابن أبزى . قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : رجل من الموالي ، أو قال : مولى ، قال : استخلفت عليهم مولى قال : إنه قارئ لكتاب الله . قال : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين »
ذكر من حدث بهذا الحديث فجعل الكلام الذي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام عمر
889 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ، قال : سمعت أبي ، يقول : أنبأنا الحسين بن واقد ، حدثنا الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه قال : خرج عمر بن الخطاب إلى مكة فاستقبله أمير مكة نافع بن علقمة ، فقال : من استخلفت عليها ؟ قال : استخلفت عليها عبد الرحمن بن أبزى . فقال عمر : عمدت إلى رجل من الموالي فاستخلفته على من بها من قريش وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، وجدته أقرأهم لكتاب الله ، ومكة أرض تحتضر ، فأحببت أن يسمع كتاب الله من رجل حسن القراءة فقال : نعم ما رأيت ، إن الله يرفع بالقرآن أقواما ، ويضع بالقرآن أقواما ، وإن عبد الرحمن بن أبزى ممن رفعه الله بالقرآن
ذكر ما في هذا الحديث من الفقه ومما في هذا الحديث من الفقه : أن عمر لم يستنكر تلقي نافع بن عبد الحارث إياه إلى عسفان من مكة ، وفي ذلك الدليل أن للرجل تلقي القادم من سفر ، واستقبال من قدم من بلدته إلى بلدة أخرى تكرمة وتعظيما ، كالذي فعل من ذلك نافع بعمر . وفيه أيضا أن القوم إذا حضرتهم الصلاة فأحقهم بالإمامة أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم به ، وإن كان دونهم في النسب والفضل ، لأن عمر لما أخبره نافع أنه إنما استخلف ابن أبزى على من بمكة من قريش وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مولى من التابعين ، لأنه وجده أقرأهم لكتاب الله لم يستنكر ذلك من فعله ، بل صوبه ، وقد أنكر استخلافه إياه عليهم قبل إعلامه إياه أنه أقرأهم لكتاب الله ، وذلك نظير ما قد ذكرنا من الأخبار قبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ليؤمكم أقرأكم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة »
ذكر خبر آخر من أخبار عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
890 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا علي بن هاشم ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم أنه سمع علقمة بن وقاص يقول : سمعت عمر بن الخطاب ، يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « إنما الأعمال بالنية ، وإنما لامرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه » ، حدثنا ابن وكيع ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، وأبو خالد الأحمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، أنه سمع علقمة بن وقاص ، قال : سمعت عمر وهو يخطب يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله « حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن وقاص ، عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث ، عن يحيى بن سعيد : أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، حدثه أن علقمة بن وقاص الليثي حدثه أنه سمع عمر بن الخطاب ، على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر مثله حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي ، حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : سمعت محمد بن إبراهيم ، يقول : سمعت علقمة بن وقاص الليثي ، يقول : سمعت عمر بن الخطاب ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر مثله
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين : إحداهما : أنه خبر لا يعرف له أصل من وجه يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والثانية : أنه حديث لم نجد يسنده عن محمد بن إبراهيم أحد غير يحيى بن سعيد ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه
القول فيما في هذا الخبر في الفقه والذي في هذا الخبر من الفقه تصحيح قول من قال : كل عامل عمل عملا فهو وإن كان في رأي العين عند من يراه على وجه فإنه فيما بين العامل وبين ربه على ما صرفه إليه بنيته ونواه بقلبه ، لا على ما يبدو لعين من يراه . فإن كان ذلك كذلك فبين فساد قول من قال : إذا غسل غاسل أعضاء الوضوء وهو ينوي بغسله إياها تعليم جاهل ، أو تبردا من حر أصابه ، أو يطهرها من نجاسة أصابته ، لا يقصد بغسلها أداء فرض الله الذي أوجب عليه بغسله إياها ، أنه مؤد بغسله ذلك كذلك الفرض الذي ألزمه الله من غسلها ، وأن من صام شهر رمضان بنية قضاء من واجب عليه من نذر أو غيره ، أو بنية التطوع ، أنه يجزئ عنه من فرضه الواجب عليه من صوم شهر رمضان ، ومن حج أو اعتمر ، ممن لم يحج أو يعتمر ، ينوي بحجه أو عمرته الحج والعمرة عن غيره ، أنه يجزئه من فرضه الواجب من الحج أو العمرة ، إذ كان صلى الله عليه وسلم قد جعل عمل كل عامل عمل عملا مصروفا إلى ما صرفه إليه العامل بنيته فأراده بقلبه دون غيره ، مما يبدو لرأي العين فيما بينه وبين ربه . وذلك أن الأغلب من الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام مفارقا دين المشركين ودارهم في الظاهر ، إنما يكون من فاعله رغبة في الإسلام وبراءة من الكفر ، فقد جعله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان ذلك الأغلب على الناس ، مصروفا أمر فاعل ذلك إلى ما نواه بقلبه وأراده في نفسه ، فإن كانت هجرته رغبة في الإسلام وبراءة من الكفر ، فهجرته هنالك هجرة إلى الله ورسوله ، وإن كانت هجرته تطلب دنيا أملها أو امرأة أراد نكاحها والوصول إليها ، فهجرته لما هاجر له ، وليست بالهجرة التي أمر الله بها عباده ووعدهم عليها الجزيل من الثواب . فكذلك الصائم شهر رمضان بنية التطوع وقضاء النذر ، والغاسل أعضاء الوضوء ، والمتجرد من ثيابه المحرم بحج أو عمرة ينوي بذلك الحج أو العمرة عن غيره ، وإن كان قد فعل هذا في شهر رمضان ما يفعله الصائم الصوم الذي أمره الله به في الظاهر ، وغسل هذا من الأعضاء ما أمر الله المتطهر بغسله منها ، وفعل هذا في إحرامه ، ما يفعله الحاج الذي أمره الله جل ثناؤه أن يفعله في حجه الفرض ، فإنه غير قاض ما عليه من فرض الله ؛ لأن عمله الذي عمله لما نواه وأراده دون ما لم ينوه ولم يرده . ولو كان جائزا صرف عمله الذي عمله بغير نية أداء فرض الله الذي ألزمه إياه ، لموافقته في الظاهر عمل من عمل ذلك مريدا به أداء فرض الله الواجب عليه ، جاز صرف عمل من عمل ذلك وغيره من الأعمال التي ألزم الله عباده فرضها بنية أداء فرض الله عليه من ذلك ، إلى غير الذي نواه وأراده ، حتى يكون وإن أصاب في عمله ذلك جميع شرائطه التي ألزمها الله إياه غير قاض ما عليه من فرض ذلك ولا مؤد ما لزمه منه . وفي إجماع الجميع على فساد القول بذلك الدليل الواضح على فساد قول من قال : إن من عمل عملا من فرائض الله التي ألزم عباده عملها بأبدانهم ناويا بعمله غير أداء فرضه ، أنه مجزئ عنه من فرضه ، عن ابتدائه نوى ذلك كذلك أو في وسطه أو في آخره . وفيه أيضا الدليل الواضح على أن من عمل عملا من الأعمال التي يتقرب بمثلها إلى الله تعالى ذكره ، من صلاة أو صدقة أو قراءة قرآن أو أمر في الظاهر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، وما أشبه ذلك من الأعمال التي إذا قصد بها العبد طلب رضا الله استحق بها منه ما وعد أهلها عليها مريدا من ذلك من الناس الحمد عليها ، أو اختداع ضعيف أو قوي بها من أهل الإسلام أو غيرهم عن ماله ليظن به خيرا فيودعه إياه ويتمنه عليه ، أو يوصي به إليه من بعد وفاته ، أو ليضم إليه شيئا من أسبابه ، والتعرض به لذي سلطان ليستكفيه بعض أعماله ، ويوليه بعض ما هو بسبيله ، أو يغر بذلك امرأة فتركن إليه وما أشبه ذلك ، فإن عمله ذلك لما عمله له ، والله تعالى ذكره ورسوله منه بريئان ، كما قال صلى الله عليه وسلم : « ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه » . وبنحو الذي قلنا في ذلك تتابعت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين لهم بإحسان
ذكر بعض ما حضرنا ذكره من ذلك مما صح سنده
891 - حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا شعبة ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « قال الله تعالى ذكره : أنا خير الشركاء ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري ، فهو للذي أشرك وأنا بريء منه »
892 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثني محمد بن جعفر ، قال : حدثني العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يقول الجبار تبارك اسمه : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل لي عملا ، وأشرك معي غيري فأنا منه بريء ، وهو للذي أشرك »
893 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن روح بن القاسم ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قال الله عز وجل : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشريكي »
894 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا أبي ، وشعيب بن الليث ، عن الليث ، عن ابن الهاد ، عن عمرو ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الله تعالى قال : إني أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري ، فأنا منه بريء ، وهو للذي عمله »
895 - حدثني سعيد بن عبد الحكم ، حدثنا أبو زرعة ، حدثنا حيوة ، حدثنا ابن الهاد ، قال : حدثني عمرو بن أبي عمرو ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يقول : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل عملا فأشرك فيه غيري ، فأنا منه بريء ، وهو للذي عمله »
896
- حدثنا سوار بن عبد الله ، حدثنا معاذ بن معاذ ، حدثنا ابن جريج ، عن يونس بن
يوسف ، عن سليمان بن يسار ، قال : تفرق الناس عن أبي هريرة ، فقال ناتل أخوأهل
الشام : أيها الرجل ، حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو
هريرة : نعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أول الناس يقضى فيه يوم
القيامة ثلاثة : رجل استشهد فأمر به فعرفه نعمه فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟
قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال : كذبت ، ولكن قاتلت ليقال : جريء ، وقد قيل .
ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن ،
فأتي به فعرفه نعمه فعرفها ، فقال : ماذا عملت فيها ؟ قال : تعلمت فيك العلم
وعلمته ، وقرأت فيك القرآن . قال : كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال إنك عالم ، وقد
قيل . وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ ، فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي
في النار ، ورجل أوسع الله عليه وأعطاه من أنواع المال كله ، فعرفه نعمه ، فعرفها
، قال : فما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها
لك . قال : كذبت ، فعلت ليقال : جواد (1) ، فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى
ألقي في النار » حدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا ابن جريج ،
عن يونس بن يوسف ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم
مثله
__________
(1) جاد : بذل وسخا وتكرم
897 - حدثني أحمد بن منيع ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا كثير بن زيد ، عن ربيح بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الشرك الخفي أن يعمل الرجل لمكان الرجل »
898
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا نافع بن يزيد ، قال :
حدثني عياش بن عباس ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أن عمر
بن الخطاب خرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو بمعاذ بن جبل يبكي
عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما يبكيك يا معاذ ؟ قال : يبكيني شيء
سمعته من صاحب هذا القبر . قال : وما هو ؟ قال : سمعته يقول : « إن يسيرا من
الرياء (1) شرك » ، حدثني علي بن داود ، حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني
الليث ، قال : حدثني عياش بن عباس ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه أن عمر بن الخطاب
خرج إلى المسجد يوما ، ثم ذكر عن معاذ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) الرياء : إظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيرا
899
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، وسليمان بن داود القومسي ، قالا : حدثنا ابن أبي
مريم ، أنبأنا يحيى بن أيوب ، حدثنا عمارة بن غزية ، عن يعلى بن شداد بن أوس ، أنه
حدثه عن أبيه ، أنه قال : « كنا نعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك
الأصغر الرياء (1) »
__________
(1) الرياء : إظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيرا
900
- حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي ، حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن بديل بن
ورقاء الخزاعي ، عن الزهري ، عن عباد بن تميم ، عن عمه ، قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : « يا نعايا العرب - ثلاثا - إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء
(1) ، والشهوة الخفية »
__________
(1) الرياء : إظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيرا
ذكر ما روي في ذلك عن الصحابة والتابعين
901
- حدثنا الفضل بن الصباح ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري أنه استجلس الناس وهو
يقول : ارتفعوا . ثم قال : استووا حتى أحدثكم حديثا ، فقال : حدثني محمد بن الربيع
، سمع شداد بن أوس لما حضرته الوفاة ، يقول : « يا نعايا العرب ، يا نعايا العرب
إني أخاف عليكم هذه الأمة ، الرياء (1) والشهوة الخفية » ، قال الفضل : قال سفيان
: ولم أسمع الزهري استجلس الناس غير هذه المرة ، حدثني أحمد بن حماد الدولابي ،
حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن محمود : لما حضر شداد بن أوس الوفاة قال : يا نعايا
العرب ، ثم ذكر مثله حدثني يونس ، أنبأنا سفيان ، عن الزهري ، قال : أراه عن محمود
بن الربيع ، قال : لما حضرت شداد بن أوس الوفاة ، ثم ذكر مثله
__________
(1) الرياء : إظهار العمل للناس ليروه ويظنوا به خيرا
902
- حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي
هلال ، عن رجاء بن حيوة : أن محمود بن الربيع أخبره عن شداد بن أوس ، قال : طفت
معه يوما في السوق ، ثم دخل بيته فاستلقى على فراشه ، ثم تسجى بثوبه على وجهه ، ثم
بكى حتى سمعت له نشيجا (1) ، ثم قال : « آبك العريب ، لا يبعد الله الإسلام من أهله
» ، قلت : يا أبا فلان ، فماذا تخوفت عليهم ؟ قال : « تخوفت عليهم الشرك وشهوة
خفية » قلت : أتخاف عليهم الشرك وقد عرفوا الله ودخلوا في الإسلام ؟ فدفع بكفه في
صدري ، وقال : « ثكلتك أمك محمود ، وما ترى الشرك إلا أن يجعل مع الله إلها آخر ؟
، وما يعني بذلك إلا أهل القدر »
__________
(1) النشيج : صوت معه توجع وبكاء
903 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن حمزة أبي عمارة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبادة بن الصامت ، وفلان بن الربيع : أنه أتاهما رجل فقال : ألا تريان يا هذان أني أصلي حين أصلي أحب أن أصلي وأحمد ، وأحب أن أذكر وأصوم وأتصدق ، حتى ذكر أشياء من العمل ، كل ذلك تقول : وأحمد ، فقالا : « لا ليس لك من عملك شيء ، إن الله يقول : أنا خير شريك فمن كان له مني شرك فهو له كله ، لا حاجة لي فيه »
904 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي ، عن الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن أبي مسعود ، قال : « إذا أحسن العبد الصلاة حين يراه الناس ، وأساءها حين يخلو ، فتلك استهانة يستهين بها العبد ربه »
905 - حدثني العباس بن الوليد العذري ، أخبرني عقبة بن علقمة البيروتي ، قال : حدثني إبراهيم بن أبي عبلة ، قال : حدثني رجاء بن حيوة ، قال : إذا قدم الرجل في صلاته ، فزين فيها وكان فيها على غير حاله إذا خلا قال الله : انظروا إلى عبدي يستهزئ بي
906 - حدثنا العباس بن الوليد ، أخبرني أبي ، قال : سمعت الأوزاعي ، قال : سمعت القاسم بن مخيمرة ، يقول : « إن الله يقول يوم القيامة : أنا خير شريك من عمل لي وشريكي فهو لشريكي »
907
- حدثني العباس بن الوليد ، أخبرني أبي ، قال : حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي
حوشب ، قال : سمعت بلال بن سعد ، يقول : « عباد الرحمن ، إن العبد ليعمل الفريضة
الواحدة من فرائض الله قد أضاع ما سواها ، فما يزال الشيطان يمنيه فيها ويزين له
حتى ما يرى شيئا دون الجنة ، فقبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ماذا تريدون بها ،
فإن كانت خالصة لله فأمضوها ، وإن كانت لغير الله فلا تشقوا أنفسكم ، فإن الله لا
يقبل من أحد إلا ما كان خالصا ، فإنه قال عز وجل : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل
الصالح يرفعه (1) »
__________
(1) سورة : فاطر آية رقم : 10
908 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن أبي السليل ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : الرجل منا يفعل المعروف يريد به الله وما عنده ، وهو على ذلك يحب أن يذكر معروفه ذلك ؟ فقال : « أتحب أن تمقت ؟ » ، قلت : لا . قال : « فإذا فعلت لله شيئا فأخلصه لله ، ولا تشركن به أحدا من الناس »
909
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية ، قال :
يؤتى بالرجل يوم القيامة للحساب ، وفي صحيفته أمثال الجبال من الحسنات ، فيقول
الله تبارك وتعالى : صليت يوم كذا وكذا ليقال : صلى فلان ، أنا الله لا إله إلا
أنا ، لي الدين الخالص ، صمت يوم كذا وكذا ليقال : صام فلان ، أنا الله لا إله إلا
أنا ، لي الدين الخالص ، تصدقت يوم كذا وكذا ، ليقال تصدق فلان ، أنا الله لا إله
إلا أنا ، لي الدين الخالص ، فما يزال يمحى (1) شيء بعد شيء حتى تبقى صحيفته ما
فيها شيء ، فيقول ملكاه : يا فلان ، ألغير الله كنت تعمل ؟
__________
(1) المحو : الإزالة ، والمسح وذهاب الأثر والتنحية، والمحاء المزيل والمنحي
للذنوب
910 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام ، عن إسماعيل ، عن قيس ، قال : بعث عمر بن الخطاب جرير بن عبد الله على جيش ، فجعل يطلب العدو ، فأصاب رجل رجل من القوم فذهبت ، فبلغ ذلك عمر ، فقال لجرير : « ما شأن رجل فلان ؟ » ، فقال : كان العدو بين يدي قريبا وكنت أتبعهم ، فأصابه فقال عمر : أمسمع ؟ إنه من يسمع يسمع به « وقد يدخل في معنى هذا الخبر الذي رويناه عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : » إنما الأعمال بالنية ، وإنما لامرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة يتزوجها فهجرته لما هاجر له « ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : » من طلب العلم يباهي به العلماء ، أو ليماري به السفهاء ، أو ليصرف وجوه الناس إليه ، فالنار أولى به « . وذلك أن من طلب العلم لبعض هذه الوجوه ، فلم يطلبه لما أمر الله بالطلب له ، وذلك أن الله تعالى ذكره ، إنما أمر بطلب العلم للعمل به ، والقيام بالواجب عليه فيما علمه منه ، ووهب له من معرفته ، أو لتعليم جاهل وإرشاد ضال ، لا لمباهاة العلماء ، أو مماراة السفهاء ، وصرف وجوه الناس به إليه . وذلك أن هذه وجوه ليس في شيء منها له رضى ، ولا هو مما أقر به ولا ندب إليه ، بل زجر عنه ونهى ، فحظ طالبه منه التقدم على معصية الله ، والمتقدم على معصية الله النار أولى به ، إن لم يعف الله جل ثناؤه عنه بفضله . ويدخل في معناه جميع أعمال العباد المطلقة والمأمور بها ، من المطاعم ، والمشارب ، والملابس ، والمراكب ، والمناكح ، والمنطق ، والصمت ، والمشي ، والجلوس ، والقيام ، والاضطباع ، وغير ذلك من سائر الأعمال المباح للعباد عملها ، والمأمور به منها حتى يكون العبد مثابا عليها من حال عمله إياها ، مريدا بها العمل على الوجه الذي يكون لله تعالى في العمل بها على ذلك الوجه رضى ، أو يكون مستحقا منه بها العقوبة على عمله إياها مريدا بها عملها على الوجه الذي له فيه السخط والكراهة ، وذلك كالطاعم من الطعام الزيادة على ما أقام رمقه ، وأمن معه على نفسه العطب ، فإن زيادته ما زاد على ذلك ، إن قصد بها طلب القوة على قراءة القرآن ، أو على القيام للنوافل والفرائض من الصلاة ، أو لجهاد أعداء الله من المشركين ، وما أشبه ذلك من الأعمال فإن ذلك من فعله ذلك يستحق به من ثواب الله الجزيل ، ومن كرامته الجسيم ، وإن كان أي زيادة ما ازداد على ذلك طلبا للقوة على حمل مال لمسلم قد سرقه إياه ، أو على قتل رجل ممن حرم الله قتله أو على سلبه ، أو تسوره حائطا على امرأة عليه حرام الفجور بها ، وما أشبه ذلك من الأعمال التي يسخطها الله ولا يرضاها ، فإن ذلك من فعله كذلك مستحق به من عذاب الله العظيم ، ومن عذابه الأليم ، إلا أن يعفو جل ثناؤه تفضلا منه عليه ، وكذلك سائر الأعمال التي ذكرنا ، والعلة التي بينا . قال مسروق بن الأجدع : ما خطا عبد خطوة إلا كتبت له حسنة أو سيئة
911 - حدثني بذلك سلم بن جنادة السوائي ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، وحدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق فإن قال لنا قائل : فإن كان الأمر كما وصفت من أن كل عامل عملا فعمله ذلك فيما بينه وبين ربه مصروف إلى ما صرفه إليه بنيته ، وموجه إلى ما وجهه إليه بإرادته وضميره ، على ما قد بينت ، فإن كان قصد به الله تعالى ذكره ، وإياه أراد به ، فالله ولي جزائه وثوابه ، وإن كان قصد به ما سواه ، فهو لما قصد له ، والله من وراء عقابه والعفو عنه ، فما أنت قائل فيما
912 - حدثك به إبراهيم بن المستمر ، حدثنا محمد بن بكار ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة ، قال : قال رجل : يا رسول الله ، دخل علي رجل وأنا أصلي فأعجبني الحال التي رآني عليها . قال : « لك أجران : أجر السر ، وأجر العلانية » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثمان بن سعيد ، عن أبي وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
913 - حدثنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن أبي عبيدة المسعودي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن حبيب ، عن أبي صالح ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن رجل يعمل العمل من الخير يسره ، فإذا ظهر أعجبه ذلك قال : « له أجران : أجر السر ، وأجر العلانية » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن حبيب ، عن أبي صالح ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فذكر مثله
914 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن أبي صالح : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل : إني أعمل العمل فيطلع عليه ، فيعجبني ذلك . قال : « لك أجران : أجر السر وأجر العلانية »
915 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أنبأنا إسماعيل بن سالم ، عن حبيب بن أبي ثابت : أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، إنا نعمل أعمالا في السر ، فنسمع الناس يذكرونها ، فيعجبنا أن نذكر بخير . فقال : « لكم أجران : أجر السر ، وأجر العلانية »
916 - حدثني جعفر بن محمد ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثني أبو سنان سعيد بن سنان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : أن رجلا قال : يا رسول الله ، الرجل يعمل العمل يسره فإذا اطلع عليه أعجبه . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « لك أجران : أجر السر ، وأجر العلانية » قيل : هذا خبر يدفع صحته كثير من رواة الآثار ونقلة الأخبار ، لما في سنده من الاضطراب الذي بينت ، وإن كنا ندين بتصحيحه ، ولا شيء فيه إذا نحن قلنا بتصحيحه ، يوجب دفع شيء من معنى خبر عمر الذي ذكرنا قبل ، ولا إبطال شيء مما بينا . وذلك أن خبر عمر إنما هو بيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أعمال العباد التي يستوجبون بها من ربهم الثواب ، والتي يستوجبون بها منه العقاب ، وما منها لله تعالى ذكره وما منها لغيره . وذلك إنما يفترق عند ابتداء العبد فيه ، وفي أول حال دخوله فيه . فإذا كان ابتداؤه فيه لله لم يضرره بعد ذلك ما عرض في نفسه وخطر بقلبه من حديث النفس ووسواس الشيطان ، ولا يزيله عن حكمه إعجاب المرء باطلاع العباد عليه بعد تقضيه ومضيه على ما ندبه الله إليه خاليا مما نهاه عنه وكرهه له ، ولا سروره بذلك . وإنما المكروه من ذلك أن يبتدئه بالنية المكروه ابتداؤه بها ، أو يعمله وهو في حال شغله به غير مخلص لله ، فذلك الذي يستحق عامله عليه من ربه العقاب ، ويبطل أن يكون له عليه من الثواب ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال المتقدمون من أهل العلم والسلف من أهل الفضل
ذكر بعض من قال ذلك
917 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر عياش ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن الحارث بن قيس ، قال : « إذا كنت تصلي فأتاك الشيطان فقال : إنك تطول ترائي ، فزدها طولا »
918 - حدثنا أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن الحارث بن قيس ، قال : « إذا كنت في شيء من أمر الدنيا فتوخ ، وإذا كنت في شيء من أمر الآخرة فامكث ما استطعت ، وإذا جاءك الشيطان وأنت تصلي فقال : إنك ترائي ، فزد وأطل » ، حدثني الحسن بن الزبرقان النخعي ، حدثنا الحسين بن علي الجعفي ، عن من ، ذكره ، عن الحسن ، : كان رجل حسن الصوت بالقرآن يأتيه قال : وكان الحسن ربما قال له : اقرأ . فقال للحسن : يا أبا سعيد ، إني أقوم في الليل فيأتيني الشيطان إذا رفعت صوتي فيقول : إنما تريد الناس . قال : فقال الحسن : لك نيتك إذا قمت من فراشك
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول شداد بن أوس : يا نعايا العرب ، هكذا رواية المحدثين من رواة الأخبار ، إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة الرياء والشهوة الخفية . وأما أهل المعرفة بكلام العرب ورواة الشعر منهم ، فإنهم ينكرون ذلك ويقولون : إن الصواب فيه ، يا نعائي العرب ، بمعنى الأمر بنعيهم ، وكأنه أراد بذلك : انعوهم فقد هلكوا . واستشهدوا لتصحيح ما قالوا ، من ذلك قول الشاعر : نعاء ابن ليلى للفعال وللندى وركبان ليل مقفعل الأنامل ويقول الآخر : نعاء جذاما غير موت ولا قتل ولكن فراقا للدعائم والأصل والقول في ذلك ما قالوا ، وذلك أن العرب إذا أغرت بمصدر قضيت ودعوت وما أشبههما من ذوات الياء والواو ، قالوا : دعا دعاء ، وقضى قضاء ، ونعا نعاء ، كما يقولون ، إذا أغروا بالسالم من الفعل : دراك دراك ، ونظار نظار ، بمعنى أدرك أدرك ، انظر انظر ، فيفتحون أوله ويكسرون آخره كما قال الراجز : دراكها من إبل دراكها قد برك الموت على أوراكها يريد بقوله : دراكها ، أدركوها ، وقد روي ذلك : تراكها من إبل تراكها قد برك الموت على أوراكها ومنه قول زهير بن أبي سلمى : ولأنت أشجع من أسامة إذ دعيت نزال ولج في الذعر وكان الفراء يزعم أن فعال إنما خص بالأمر ، لأنه أريد فعال مصدر فاعلت ، فكان أوله مكسورا فغيروه عن وجهة المصدر بفتح أوله وكسر آخره ، كما صرفت ثلاث ورباع ، عن ثلاثة وأربعة ، وعربتا بالرفع لأنهما في مذهب اسم ، وعرب فعال الذي يراد به الأمر بالخفض ، لأنهم أرادوا أثرا من الجزم . وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يروي ذلك : يا نعيان العرب ، على المصدر من نعاه ينعاه نعيا ونعيانا ، كالبهتان والخلصان . وأما الرياء فإنه مصدر من قول القائل : رايا فلان فلانا بعمله مراياة ورياء . وأما الشهوة الخفية : فإن أهل العلم اختلفوا في معناها ، وكان سفيان يقول فيها ما
919 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال لي خالد بن نزار : عن سفيان : « الشهوة الخفية ، الذي يحب أن يحمد على البر . وقال آخرون : هو شهوة النفس لما قد حرمه الله عليها من شرب خمر أو ركوب فاحشة من امرأة لا تحل له ، وما أشبه ذلك من الأشياء المحرمة . وحكي عن ابن عيينة ، أنه كان يقول : هو الرجل يصبح صائما صوما تطوعا ، ثم يصيب طعاما يشتهيه فيفطر من أجله . وقال آخرون : هو كل شيء من المعاصي يضمره صاحبه ويصر عليه ، فإنما هو الإصرار ، وإن لم يعمله . والصواب من القول عندنا أنه شهوة النفس الباطنة لما حل وحرم ، وإنما قال شداد : إن شاء الله ، ما قال من ذلك ، لأن في الرياء ما قد بينت قبل ، وأن الشهوة الخفية إذا أفرطت حملت صاحبها على ركوب ما لا يحل له ركوبه من الزنا ، وشرب الخمر ، والسكر ، والسرق ، وغير ذلك من المحارم . وإنما خاف شداد من الشهوة الخفية ، ما يحدث عن الشهوة من ركوب الأمور التي حرمها الله على عباده ، وذلك أن من الشهوة ما إذا لم يركب صاحبها ما دعته إليه نفسه من المحارم ، ولم تتعد إلى ما حظر عليها من المآثم ، فغير ضائرة ، بل إلى أن تكون لصاحبها إذا ترك التقدم على ما دعته إليه من المحارم حذار العقاب عليها ، إلى رضى الله مقربة أقرب منها إلى أن تكون له من الله مبعدة ، لأن إماتتها بتحذير النفس عقاب الله ، وخوف وعيده حتى يقمعها أو يردها عن باعث هواها ، وما اهتاج فيها إلى تقويمها على أمر الله تعالى ذكره الذي أمرها به ، هو الجهاد الأكبر الذي لا جهاد أعظم منه ، وقد كان الحسن يقول : ليس عدوك الذي إن قتلته استرحت منه ، ولكن عدوك نفسك التي بين جنبيك ، فقد بين الحسن بقوله هذا أن رد النفس عن بواعث شهواتها وقمعها عن هياج طلباتها المحرم عليها ركوبها إلى ما يحل لها ويزيل ذلك عنها هو جهاد أعدى الأعداء للمرء ، وذلك لا شك أعظم أجرا عند الله من جهاد أهل الشرك الذين إلى قتلهم السبيل »
ذكر خبر آخر من حديث عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
920 - حدثنا محمد بن بشار ، وقتادة بن سعد بن قتادة السدوسي ، قالا : حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي الأسود الديلي ، قال : انطلقت أنا وزرعة بن ضمرة مع الأشعري إلى عمر بن الخطاب ، فلقينا عبد الله بن عمرو ، فجلست عن يمينه وجلس زرعة عن يساره ، فقال عبد الله بن عمرو : يوشك ألا يبقى في أرض العجم من العرب إلا قتيل ، أو أسير يحكم في دمه . فقال له زرعة بن ضمرة : أيظهر المشركون على أهل الإسلام ؟ قال : ممن أنت ؟ قال : أنا من بني عامر بن صعصعة . قال : لا تقوم الساعة حتى تتدافع مناكب نساء بني عامر بن صعصعة على ذي الخلصة - وثن كان يسمى في الجاهلية - فذكرنا لعمر بن الخطاب قول عبد الله بن عمرو فقال عمر بن الخطاب ثلاث مرار : عبد الله أعلم بما يقول . قال : فخطب عمر بن الخطاب يوم جمعة قال : فقال : « إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : » لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله « ، قال : فذكرنا لعبد الله بن عمرو قول عمر فقال : صدق نبي الله ، إذا جاء ذاك كان الذي قلت
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ؛ لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ورواته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين : إحداهما : اضطراب نقلته في سنده ، فمن راويه فقائل فيه في روايته : عن قتادة عن ابن بريدة ، عن سليمان بن الربيع ، عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن راويه فقائل في روايته : عن قتادة ، عن عبد الله بن أبي الأسود ، عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والأخرى : أن قتادة عندهم من أهل التدليس ، معروف عندهم بذلك ، وغير جائز عندهم أن يحتج من راوية المدلس ، وإن كان عدلا ، إلا بما قال فيه حدثنا ، أو سمعت ، وما أشبه ذلك ، مما يدل على سماعه
ذكر اختلاف الرواة في رواية هذا الخبر
921 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو داود ، عن همام ، عن قتادة ، عن ابن بريدة ، عن سليمان بن الربيع ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة »
922 - حدثني أبو شرحبيل الحمصي عيسى بن خالد بن أخي أبي اليمان ، قال : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي الأسود ، قال : انطلقنا أنا وزرعة بن ضمرة ، وعبد الله بن قيس حاجين ، فجلسنا إلى ابن عمر ، فقال : لا تقوم الساعة حتى لا يبقى في أرض العجم من العرب إلا أسير أو قتيل يحكمون في دمه ، حتى تلحق العرب بمنابت الشيح . قلنا : أويظهر أهل الباطل على أهل الحق ؟ قال : فمن أنتم ؟ فقلنا : من بني عامر بن صعصعة . فقال : لا تقوم الساعة حتى تدافع مناكب نساء بني عامر بن صعصعة حول ذي الخلصة - وثن كانوا يعبدونه في الجاهلية - فأتينا عمر بن الخطاب ، فقلنا : حدثنا ابنك عبد الله بكذا . فقال : هو أعلم بما يقول . ثم نادى : إن الصلاة جامعة ، فخطب الناس فقال : إني لم أدعكم لرهبة ولا لرغبة ، إلا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله يقول : « لا تزال طائفة من أمتي منصورة على الحق ، لا يضرها من خذلها حتى يأتيها أمر الله » . قلنا : هذا والله خلاف حديث عبد الله بن عمر ، فأتينا ابن عمر ، فقلنا : حدثنا عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف لما ذكرت . قال : « صدق ، إذا أتى أمر الله كان الذي حدثتكم » . فقال زرعة : ما أراك إلا صادقا ، حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، قال : حدثني نافع بن عامر ، وسعيد بن بشير ، عن قتادة ، قال : أنبأنا عبد الله بن أبي الأسود ، عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . وقد وافق عمر في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا ذكره مما صح عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله عز وجل
ذكر من وافق عمر في روايته هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة
923 - حدثني علي بن سهل الرملي ، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة »
924 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن الزهري ، قال : حدثني حميد بن عبد الرحمن ، قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ، يقول : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس »
925 - حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ، على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك »
926 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن عامر اليحصبي ، قال : سمعت معاوية يخطب على منبر دمشق يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تزال أمة من أمتي قائمة على الحق ، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم ، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس »
928 - حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا أبي ، عن بيان ، عن قيس ، قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ، يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يزال هذا الدين ظاهرا على كل ما ناوأه وخالفه ، لا يضره شيء أبدا »
928 - حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني ، قال : حدثنا أبي ، عن بيان ، عن قيس ، قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ، يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يزال هذا الدين ظاهرا على كل ما ناوأه وخالفه ، لا يضره شيء أبدا »
929 - حدثني الربيع بن سليمان ، حدثنا شعيب بن الليث ، حدثنا أبي ، عن ابن عجلان ، عن القعقاع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا تزال على هذا الأمر عصابة على الحق ، لا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك »
930 - حدثني عبد الحميد بن بيان القناد ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن إسماعيل ، عن قيس بن أبي حازم ، عن المغيرة بن شعبة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزال من أمتي قوم يظهرون على الناس حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون » ، حدثنا تميم بن المنتصر ، أنبأنا يزيد ، أنبأنا إسماعيل ، عن قيس ، عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزال أناس من أمتي » ، ثم ذكر مثله ، حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن المغيرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
931 - حدثنا العباس بن الوليد ، قال : أخبرني أبي ، حدثنا سعيد بن بشير ، أن قتادة ، حدثه عن أبي قلابة الجرمي عبد الله بن زيد ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لن تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله »
932 - حدثني أحمد بن الفرج الحمصي ، حدثنا ضمرة بن ربيعة ، حدثنا السيباني ، قال أبو جعفر وهو يحيى بن أبي عمرو ، عن عمرو بن عبد الله ، عن أبي أمامة الباهلي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، إلا ما أصابهم من لأواء ، فهم كالإناء بين الأكلة ، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك » . قالوا : يا رسول الله ، وأين هم ؟ قال : « ببيت المقدس ، وأكناف بيت المقدس »
933 - حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ، وكان مطرف يقول : هم أهل الشام ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا قبيصة بن عقبة ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن مطرف بن الشخير ، عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال في حديثه : » فكانوا يرون أنهم من أهل الشام «
934 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، وحدثنا حميد ابن مسعدة السامي ، حدثنا بشر بن المفضل ، جميعا ، عن الجريري ، عن أبي العلاء ، عن مطرف ، قال : قال لي عمران بن حصين : اعلم أن خيار ، عباد الله يوم القيامة الحمادون ، واعلم أنه لا تزال طائفة من أهل الإسلام يقاتلون عن الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتلوا الدجال ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو سلمة ، عن الجريري ، عن أبي العلاء ، عن أخيه ، مطرف قال : قال لي عمران بن حصين : إنه لا تزال عصابة ، أو طائفة من أهل الإسلام ، ثم ذكر مثله
935 - حدثنا أبو شرحبيل الحمصي ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، قال : حدثني إبراهيم بن سليمان الأفطس ، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي ، عن جبير بن نفير : أن سلمة بن نفيل الحضرمي ، أخبرهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني سيمت الخيل وألقيت السلاح ، وقلت : لا قتال . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « الآن جاء الله بالقتال ، لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس ، يزيغ الله بهم قلوب أقوام فيقتلونهم ، ويرزقهم الله منهم ، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك »
936 - حدثنا محمد بن معمر البحراني ، حدثنا روح ، حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق إلى يوم القيامة . قال : فينزل عيسى ابن مريم بين الأذانين ، فيقول أميرهم : صل لنا . فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمير ، لتكرمة الله هذه الأمة »
القول في البيان عما في هذه الأخبار إن سألنا سائل فقال : ما معنى هذه الأخبار ، وما وجهها ؟ وما الصحيح منها ، التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن طائفة من هذه الأمة لن تزال على الحق ظاهرة على من ناوأها إلى أن تقوم الساعة ، أم التي وردت بأنه صلى الله عليه وسلم قال : « لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة على عدوها ، إلى أن يأتيها أمر الله وهم كذلك » ؟ أم كل ذلك باطل غير صحيح شيء منه ؟ أم كل ذلك صحيح غير فاسد شيء منه ؟ فإن زعمت أن الصحيح هو الوارد من الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه قال : « لن تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرة على من ناوأها إلى أن تقوم الساعة ، فما أنت قائل فيما
937 - حدثكم ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله ، الله »
938 - حدثني عبيد الله بن سعد الزهري ، حدثنا عمى ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن إسحاق ، عن حميد ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقوم الساعة حتى لا يقول أحد : الله ، الله »
939 - حدثني محمد بن عبد الملك ، ومحمد بن سهل بن عسكر ، قالا : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تقوم الساعة على أحد يقول : الله ، الله »
940 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمي ، أنبأنا عمرو ، وابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة على رجل يقول : لا إله إلا الله ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر »
941 - حدثنا الحسين بن حريث المروزي ، حدثنا الفضل بن موسى السيناني ، عن عبد المؤمن بن خالد أبي خالد الحنفي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقوم الساعة حتى لا يعبد الله في الأرض قبل ذلك بمائة سنة »
942
- حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي ، أنبأنا خالد بن عبد الله ، عن بيان ، عن قيس
، عن مرداس الأسلمي ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « يقبض الصالحون
أسلافا ، ويفنى الصالحون الأول فالأول ، حتى لا يبقى إلا مثل حثالة (1) التمر
والشعير ، لا يبالي الله بهم »
__________
(1) الحثالة : الرديء من كل شيء
943
- حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا بيان ، عن قيس ، عن مرداس
الأسلمي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « يقبض الصالحون الأول
فالأول ، ويبقى حثالة كحثالة (1) الشعير أو التمر ، لا يبالي الله بها »
__________
(1) الحثالة : الرديء من كل شيء
944
- حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا أبو أسامة ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن
مرداس الأسلمي ، قال : « يقبض الصالحون الأول فالأول ، حتى تبقى حثالة (1) كحثالة
التمر أو الشعير ، لا يبالي الله بها شيئا »
__________
(1) الحثالة : الرديء من كل شيء
945 - حدثني محمد بن حاتم المؤدب ، حدثنا علي بن ثابت ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن علباء السلمي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تقوم الساعة إلا على حثالة من الناس »
946
- حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي ، قال : سمعت ابن جابر ، قال
: حدثني يحيى بن جابر الطائي ، ثم الحمصي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن جبير بن
نفير الحضرمي ، قال : حدثني أبي أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي ، يقول : ذكر
رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ويأجوج ومأجوج وهلاكهم ، ثم قال : « فبينا
الناس كذلك ، إذ بعث الله ريحا طيبة أخذت تحت آباطهم ، فتقبض روح كل مسلم ، ويبقى
سائر الناس يتهارجون (1) كما يتهارج الحمير ، فعليهم تقوم الساعة »
__________
(1) التهارج : التسافد والجماع أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس علانية كما
يفعل الحمير
947 - حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا شعبة ، عن علي بن الأقمر ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، فإنه ينبئ أن الساعة لا تقوم على رجل موحد » كما روي عن ابن عباس في الخبر الذي
948 - حدثكموه ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا يحيى بن يعقوب ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة ، سبعة آلاف سنة ، فقد مضى ستة آلاف سنة ومائة سنة ، وليأتين عليها مائة سنة ليس عليها موحد . فهذا خلاف الخبر الذي ذكرت عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لن تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرة على من ناوأها حتى تقوم الساعة ، لأن من كان على الحق فهو لله موحد ولأمره متبع » وعما نهاه عنه منزجر ، وهو من خيار الناس ، لا من شرارهم . ومن المحال أن يقول صلى الله عليه وسلم : « لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس » « ولا تقوم على أحد ، يقول : الله ، الله ، ثم يقول : تقوم على طائفة من أمتي على الحق ظاهرة على من عاداها لا في موطن ولا في مواطن مختلفة ، لأن لذلك خبر ، والخبر لا ينسخ ، فيجوز أن يكون أحدهما ناسخا صاحبه إذا اختلفت الأوقات والأحوال ؟ وإن قلت : كل ذلك باطل لا يصح شيء منه دخلت فيما أنت عائبه من قول مبطلي أخبار الآحاد العدول ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك من مذهبك . فإن أنت قلت بتصحيح جميع ذلك ، قلنا لك : وما وجه صحته وبعضه يبطل معنى بعض ، وبعضه يحيل صحة بعض ، لتدافع معانيه وتناقض مخارجه ؟ قيل له ، وبالله التوفيق : قولنا في ذلك كله بتصحيح جميعه على ما يصح من معانيه ، وأنه لا خبر من ذلك يدفع صحة غيره من الأخبار ، بل يحقق بعضه معنى بعض ، ويدل بعضه على صحة بعض ، ولكن بعضه خرج على العموم والمراد منه الخصوص . فأما الذي خرج من ذلك مخرج العموم والمراد منه الخصوص ، فقوله صلى الله عليه وسلم : » لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس « ، وقوله : » لا تقوم الساعة إلا على حثالة من الناس « ، وقوله : » لا تقوم الساعة على أحد ، يقول : الله ، الله « ، وقوله : » لا تقوم الساعة حتى لا يعبد الله في الأرض قبل ذلك بمئة سنة « ، فإن معنى كل ذلك الخصوص ، والمراد منه : لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس بموضع كذا دون موضع كذا ، وإلا على حثالة من الناس في كل موضع خلا موضع كذا ، فإن به طائفة من أمتي على الحق ظاهرة على من ناوأهم ، ولا تقوم الساعة حتى لا يعبد الله في الأرض قبل ذلك بمئة سنة ، إلا في مكان كذا ، ولا تقوم الساعة على أحد ، يقول : الله ، الله إلا بمكان كذا ، فإن فيه طائفة من أمتي على الحق . فإن قال : فما البرهان على أن ذلك معناه ؟ قيل له : ما قد بينا قبل من أنه غير جائز أن يكون في الخبر ناسخ ومنسوخ ، وأن الناسخ والمنسوخ إنما يكون في الأمر والنهي ، وفي الحظر والإطلاق ، وإنه غير جائز على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول : » يكون في زمان كذا كيت وكيت ، ثم يقول بعد : « لا يكون الذي قلت إنه يكون في زمان كذا » . وإذ كان ذلك غير جائز على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان قد ورد عنه القولان اللذان ذكرنا قبل : من « أن من أمته طائفة على الحق ظاهرة على من ناوأها حتى تقوم الساعة » ، و « أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس » ، بالأسانيد الصحاح ، وكان غير جائز أن توصف الطائفة التي هي على الحق بأنها شرار الناس ، وأنها لا تعبد الله ولا توحده ، علم أن الموصوفين بأنهم شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة غير الموصوفين بأنهم على الحق مقيمون عند قيام الساعة ، إذ كانت صفاتهم مختلفة اختلافا لا يشكل . وإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن الطائفة التي وصفها صلى الله عليه وسلم بأنها على الحق مقيمة عند قيام الساعة غير داخلة في الشرار الذي أخبر صلى الله عليه وسلم أن الساعة لا تقوم إلا عليهم . وقد بين ذلك أبو أمامة في خبره عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه قبل أنه قال : « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لعدوهم قاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، إلا ما أصابهم من لأواء ، وهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك . قالوا : يا رسول الله ، وأين هم ؟ قال : » ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس « ، فبين صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر خصوصية سائر الأخبار التي وصفنا أنها خرجت مخرج العموم ، بوصفه الطائفة التي أخبر عنها أنها على الحق مقيمة إلى قيام الساعة ، أنها ببيت المقدس وأكنافه ، دون سائر البقاع غيرها على ما بينا قبل . فقد اتضح إذا ما وصفنا وجه صحة الخبرين ، وأن ليس أحدهما دافعا صاحبه
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : «
لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء » يعني النبي صلى الله عليه وسلم
بالأواء الشدة ، إما في المعيشة من جدب وقحط أو حصار ، وإما في الأبدان من الأمراض
والعلل أو الجراح . يقال من ذلك : أصابت القوم لأواء ، ولولاء ، وشصاصاء ، وذلك
إذا أصابهم الجدب . وكذلك يقال أيضا : أصابتهم لزبة ، وأزمة ، وحطمة ، وسنة ، كل
ذلك بمعنى واحد ، وذلك إذا أصابتهم شدة وجدب ، يقال منه : أسنت القوم ، وأجدبوا ،
وأمحلوا . ومن اللأواء الخبر الآخر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال لأبي بكر حين قال له لما نزلت : من يعمل سوءا يجز به (1) : أنحن مجازون بكل ما
نعمل ؟ « ألست تمرض ؟ ألست تنصب ؟ ألست تصيبك اللأواء ؟ » . وأما قوله صلى الله
عليه وسلم : « يذهب الصالحون أسلافا الأول فالأول ، حتى تبقى حثالة كحثالة الشعير
» ، فإنه يعني بالحثالة : السفلة من الناس . وأصل الحثالة ، ما تفتت وتساقط من
قشور التمر والشعير وغيرهما ، وهو حفالته ، وحشافته . ومن الحشافة قول أسلم مولى
عمر : كنت أحشف لعمر صاعا من تمر فيأكله بحشفه ، يعني بقوله أحشف له : كنت أخرج له
من رذاله ورديئه فأنفيه منه . ومن الحثالة قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله
بن عمرو : « كيف بك يا أبا عبد الله إذا بقيت في حثالة من الناس ، وقد مرجت عهودهم
وأماناتهم » يعني بالحثالة ، ما وصفت من سفلة الناس . ويقال أيضا : هو من خشارتهم
، يعني به من رذالهم ، وأصل الخشارة ما سقط على الخوان من فتات الخبز . وهو من
جمائهم ، وزعانفهم ، وقمزهم ، ونقزهم وغمزهم . ومن الغمز ، والنقز قول الراجز :
أخذت بكرا نقزا من النقز وناب سوء قمزا من القمز هذا وهذا غمز من الغمز وأما قول
سلمة بن نفيل للنبي صلى الله عليه وسلم : « إني سيمت الخيل » ، فإنه يعني به أنه
أرسلها في مراعيها للرعي ، ومنه قيل للإبل الراعية : السائمة ، ومنه قول النبي
عليه السلام : « في كل خمس من الإبل سائمة حقة » ، ومنه قول الله تعالى ذكره : فيه
تسيمون (2) ، يعني به : فيه ترعون مواشيكم ، يقال منه : أسام فلان خيله وماشيته ،
وسيمها ، وسومها ، ومن الإسامة قول الأخطل : مثل ابن بزعة أو كآخر مثله أولى لك
ابن مسيمة الأجمال وسامت الماشية ، إذا رعت ، فهي سائمة . وأما قولهم : سام فلان
فلانا ضيما ، فإنه من غير هذا المعنى ، وإنما معناه : أنه ألزمه وأوصله إليه ،
ومنه قول الراجز : إن سيم خسفا وجهه تربدا ومنه قول الشاعر : وطعنهم الأعداء شزرا
وإنما يسام ويقنى الخسف من لم يطاعن ومنه قول الله عز وجل : يسومونكم سوء العذاب
(3) . وأما السوم في البيع ، فغير هذين المعنيين ، وهو المراوضة في السلعة التي
تعرض على البيع على الثمن ، يقال منه : ساوم فلان فلانا بسلعته ، فاستام عليه كذا
وكذا
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 123
(2) سورة : النحل آية رقم : 10
(3) سورة : البقرة آية رقم : 49
ذكر خبر آخر من أخبار عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
949
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الملك بن
أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ،
عن موسى بن طلحة ، عن ابن الحوتكية ، قال : قدمت على عمر بن الخطاب وهو في نفر من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألته عن الصيام فقال : من كان منكم معنا إذ
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة ؟ . فقالوا : نحن كنا إذ أهدى له
الأعرابي أرنبا وهو معلقها فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : هذه هدية . وكان النبي
صلى الله عليه وسلم لا يأكل هدية حتى يأكل منها صاحبها ، فأبى (1) أن يأكل منها
شيئا ، للشاة المسمومة التي أهديت له بخيبر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «
كل منها » . فقال : إني صائم قال : « وكم تصوم من الشهر ؟ » فقال : ثلاثة أيام .
قال : « أحسنت ، اجعلهن الغر البيض ، ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة » . قال
: فأهوى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأرنب ليأخذ منها فقال للنبي صلى الله عليه
وسلم : أما إني رأيتها تدمى ؟ فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم يده
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : اضطراب نقلته في روايته عن عمر . فمن قائل فيه : عن موسى بن طلحة ، عن ابن الحوتكية ، عن عمر ، ومن قائل فيه : عن موسى بن طلحة ، عن عمر ، من غير أن يجعل بين موسى وبين عمر أحدا . والثانية : أنه خبر حدثت به جماعة من الرواة ، فجعلوا الكلام الذي في هذا الحديث عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن غير عمر . فمن راو ذلك عن عمار بن ياسر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن راويه ، عن أبي بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن راويه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم . والثالثة : أنه خبر قد حدث به جماعة أخر ، فجعله بعضهم عن موسى بن طلحة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وجعله بعضهم عن موسى بن طلحة ، عن عمر موقوفا به عليه . والرابعة : أن بعض الذين حدثوا به يخالف في معنى ما فيه بعضا ، وبعضهم ينقص عما زاد فيه بعض . والخامسة : أنهم غير مرتضين محمد بن إسحاق ، وأن بعضهم غير مرتض محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة
ذكر من حدث بهذا الحديث فقال فيه : عن موسى بن طلحة ، عن عمر ، ولم يدخل بين موسى وبين عمر ابن الحوتكية
950 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني ابن جريج ، عن سعيد بن محمد ، عن موسى بن طلحة ، عن عمر بن الخطاب : أن رجلا من أهل البادية أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرنب مشوية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : « كلوا » . فقال الأعرابي : قد رأيت بها دما . فقال : « كلوا »
ذكر من حدث بهذا الحديث فجعله عن ابن الحوتكية
951 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا محمد بن فضيل : عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن موسى بن طلحة ، عن ابن الحوتكية ، قال : جاء أعرابي إلى عمر فقال : ادن فكل . فقال : إني صائم فقال عمر : أي صوم ؟ فقال : ثلاثة أيام من الشهر فقال : من أول الشهر ، أو من وسطه ، أو من آخره ؟ فقال : من وسطه . قال عمر : أما إني لو أشاء أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن ادعوا لي أبيا . فدعوه فقال عمر : أما تحفظ حديث الأعرابي الذي جاء بالأرنب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أما تحفظ أنت يا أمير المؤمنين ؟ قال : بلى ، ولكن هاته أنت . قال : أتاه بأرنب مشوية معها خبز ، فوضعها بين يديه فقال : إني أصبت هذه وبها شيء من دم . فقال : « لا عليك كل » وأبى هو أن يأكل
ذكر من حدث بهذا الحديث فجعله عن ابن الحوتكية ، عن عمار
952 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن أبي حنيفة طلحة بن يحيى ، عن موسى بن طلحة ، عن ابن الحوتكية ، عن عمار ، وحدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن طلحة بن يحيى ، عن موسى بن طلحة وقفه : أن رجلا ، سأل عمر بن الخطاب عن الأرنب ، فقال عمر : لولا أني أكره أن أزيد في الحديث أو أنقص ، ولكن سأرسل إلى رجل يحدثك شهد ذلك . فأرسل إلى عمار ، فسأله فقال : نعم ، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل موضع كذا وكذا ، فأهدى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أرنبا فأكلناها فقال الأعرابي : يا رسول الله ، إني رأيتها تدمى . قال : « لا بأس بها »
ذكر من قال في هذا الحديث : عن ابن الحوتكية ، عن أبي ذر
953 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن طلحة بن يحيى ، عن موسى بن طلحة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أعرابيا إلى طعام فقال : إني صائم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا جعلتها أيام الغر البيض : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة » ، حدثنا أبو كريب ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، حدثنا أبو حنيفة : أنه سمع موسى بن طلحة ، عن ابن الحوتكية ، عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله
954 - حدثنا يونس ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن عبد الرحمن ، وحكيم بن جبير ، عن موسى بن طلحة ، عن ابن الحوتكية ، عن أبي ذر : « أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصيام ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة »
ذكر من حدث بهذا الحديث فجعله عن موسى بن طلحة ، عن أبي ذر موقوفا عليه ، غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
955 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، قال : حدثنا فطر ، عن يحيى بن سام ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي ذر ، قال : « صيام ثلاثة أيام من كل شهر البيض : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة » وقد وافق عمر في رواية هذا الخبر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه ، إن شاء الله البيان
ذكر من وافق عمر في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روى في الأرنب
956
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن هشام بن زيد ، عن أنس
بن مالك ، قال : « مررنا فاستنفجنا (1) أرنبا بمر الظهران ، فسعوا : فلغبوا (2) ،
قال : فسعيت حتى أدركتها ، فأتيت بها أبا طلحة ، فذبحها ، فبعث بوركها وفخذها إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله »
__________
(1) النفج والاستنفاج : التهييج والإثارة ، يقال : نَفَجْتُ الشيء فانْتَفَج : أي
رَفَعْتُه وعَظَّمْتُه.
(2) اللغوب : التعب والإعياء
957 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا بهز بن أسد ، حدثنا شعبة ، قال : حدثني هشام بن زيد بن أنس ، قال : سمعت أنس بن مالك ، قال : أنفجنا أرنبا ونحن بمر الظهران ، فسعى القوم فلغبوا قال : فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها قال : وبعثني بوركها ، قال شعبة : ولكن ظني أنه قال : وبفخذيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فقبلها قال شعبة : أكلها ؟ قال : أكلها ، ثم قال : قبلها قبلها
958 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو نعيم ، حدثني محمد بن خالد المخزومي ، حدثني أبي أنه كان مع فاطمة بنت أبي سعيد المخزومية بالصفاح ومعهم عبد الله بن عمرو ، فأتاه رجل من آل فاطمة بأرنب ، فقال : يا فاطمة هل لك في هذا الأرنب ؟ فنظرت إلى عبد الله بن عمرو ، فقالت : ما تقول يا عبد الله بن عمرو ؟ فقال : « أما إنها قد جيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا قاعد عنده ، فلم يأمر بأكلها ولم ينه ، وزعم أنها تحيض »
959 - حدثنا ابن حميد ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا أبو تميلة وهو يحيى بن واضح ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية ، عن حبان بن جزء ، عن أخيه خزيمة بن جزء ، قال : قلت : يا نبي الله ، أسألك عن أحناش الأرض ، ما تقول في الأرنب ؟ فقال : « لا آكله ولا أحرمه » . قلت : فإني آكل مما لم تحرمه . فقال : « إني أنبئت أنها تدمى »
960 - حدثني محمد بن معمر البحراني ، حدثنا روح ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله : « أن غلاما من قومه صاد أرنبا ، فذبحها بمروة فتعلقها ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكلها فأمره بأكلها »
961 - حدثني إسحاق بن شاهين الواسطي ، حدثنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن داود ، عن عامر ، عن ابن صفوان : « أنه مر على النبي صلى الله عليه وسلم بأرنبين قد صادهما ، فذكاهما بمروة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأكلهما »
962 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا داود ، عن عامر : أن فلان بن صفوان ، مر على النبي صلى الله عليه وسلم بأرنبين فقال : إني أبيت على غنم أهلي ، فاصطدت هاتين الأرنبين ، فلم أجد حديدة أذكيهما ، فذكيتهما بمروة ، أفآكل ؟ قال : « كل » ، حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا داود ، عن عامر ، عن ابن صفوان الأنصاري : أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنبين متعلقهما ، فذكر نحوه . حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا داود ، عن عامر ، عن محمد بن صفوان ، أنه صاد أرنبين فلم يجد حديدة فيذكيهما بها ، فذكاهما بمروة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه . حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن عامر ، أن ابن صفوان ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنبين ، فذكر نحوه ، حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا عاصم الأحول ، عن عامر ، عن محمد بن صفوان ، أو صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا داود بن أبي هند ، عن عامر ، قال : جاء عبد الله ، أو محمد بن صفوان ، ومعه أرنبان متعلقهما ، فمر بهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه ، حدثنا هناد بن السري ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن عاصم الأحول ، عن الشعبي ، أن محمد بن صفوان ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنبين ، ثم ذكر نحوه
القول في البيان عما في هذه الأخبار وذكر اختلاف أهل العلم في أكل لحم الأرنب اختلف أهل العلم في أكل لحم الأرنب ، فكره أكله جماعة منهم ، وأكله منهم جماعة ، ولم يروا به بأسا
ذكر من كره أكله منهم
963 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة : « أن عبد الله بن عمرو كره لحم الأرنب »
964 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا ابن أبي عدي ، وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية جميعا ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد في الأرنب : « كرهها عبد الله بن عمرو »
965 - حدثنا هناد بن السري ، ومحمد بن العلاء ، قالا : حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : « أنه كره الأرنب »
966 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى : « أنه كان يكره لحم الأرنب »
ذكر من رخص في أكل لحمه ولم ير به بأسا
967 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، قال : أكل منها يعني من الأرنب سعد ، قال قتادة فسألت سعيد بن المسيب ، فقال : « كنت آكلا مما أكل منه سعد »
968 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا ابن أبي عدي ، وحدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، جميعا ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد ، في الأرنب أكلها سعد قال : قلت : وكنت آكلا منها ؟ قال : « كنت آكلا مما أكل منه سعد »
969 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت رجلا من باهلة قال : أصبت أرنبا بعصا وقتلتها ، فسألت أبا أمامة ، فقال : « كلها »
970 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا الحسين يعني ابن واقد ، عن أبي عمرو بشر بن حرب ، قال : سألت أبا سعيد عن الأرنب والجراد ، فقال : « ليتهما في سفود هاهنا ، فأكلنا منهما »
971
- حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، أنبأنا هارون بن أبي إبراهيم ، عن عبد
الله بن عبيد بن عمير ، قال : سأل رجل عبيد بن عمير عن الأرنب أيحل أكلها ؟ قال :
وما الذي يحرمها ؟ قال : « زعموا أنها تطمث كما تطمث المرأة » ، فقال : فهل يعلم
متى تطهر ؟ قال : لا ، قال : « فإن الذي يعلم متى طمثها (1) ، يعلم متى طهرها ،
وإلا فإنما هي حاملة من الحوامل »
__________
(1) الطمث : الحيض
972 - حدثنا هناد ، حدثنا يعلى ، عن هارون البربري ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، قال : جاء رجل إلى أبي فقال : ألا تخبرني عن الأرنب أيحل أكلها ؟ قال : وما الذي يحرمها ؟ قال : « زعموا أنها تطمث كما تطمث المرأة ، قال : فمتى تطهر ؟ فإن الذي يعلم متى تطمث يعلم متى تطهر ، وإلا فإنما هي حاملة من الحوامل ، إن الله تعالى ذكره لم يذر شيئا 000 نسيانا ، فما قال الله فهو كما قال ، وما قال رسوله فهو كما قال ، وما لم يقله الله ولم يقله رسوله ، فعفو من الله فذروه »
973 - حدثنا الحسين بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن هارون ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، قال : جاءه رجل فسأله عن لحم الأرنب ، فقال : وما يحرمه ؟ قال : « يزعمون أنها تطمث » ، قال : فمتى تطهر ؟ قال : « لا أدري » ، قال : « فالذي يعلم متى تطمث يعلم متى تطهر ، لأن الله تعالى ذكره لم يدع شيئا أن يبينه لكم أن يكون نسيه ، فما قال الله كما قال الله ، وما قال رسول الله كما قال رسول الله ، وما لم يقل الله ولا رسوله فبعفو الله ورحمته فدعوا ، ولا تبحثوا عنه ، فإنما هي حاملة من هذه الحوامل »
974 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن الحسن : « أنه كان لا يرى بلحم الأرنب بأسا »
975 - حدثنا هناد بن السري ، حدثنا أبو أسامة ، عن ابن عون ، عن محمد : « أنه كان لا يرى بأكل الأرنب بأسا »
976 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، قال : سألت محمدا عن الأرنب ، فقال : « لا أعلم به بأسا » وعلل الفريقين في ذلك على اختلافهم فيه نظيرة عللنا للقائلين بإباحة أكل لحم الضب والكارهين أكله ، وقولنا في أكل لحمه كقولنا في أكل الضب ، وقد مضى ذلك قبل مستقصى ببيانه وعلله ، فكرهنا إعادته في هذا الموضع استغناء بذكره هناك . وأما البيان عن صوم الثلاثة الأيام من كل شهر فقد مضى قبل . وأما إخبار النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي أن يجعل الثلاثة التي ذكر أنه يصومهن من الشهر الأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، فإن أهل العلم مختلفون في ذلك ، فكان بعضهم يختاره كما روى من روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بعضهم يختار الاثنين والخميس ، وكان بعضهم يختار السبت والأحد والاثنين ، ومن الشهر الذي يليه الثلاثاء والأربعاء والخميس وكان بعضهم يختار صوم ذلك من أول الشهر ، وبعضهم من آخر الشهر . ونذكر الرواية الواردة عمن ذكرنا أفعاله ، ثم نتبع البيان عن أولى الأفعال في ذلك بالصواب
ذكر من كان يختار صوم الأيام البيض من الشهر ويأمر بصومهن
977 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن موسى بن سلمة الهذلي ، قال : سألت ابن عباس عن صوم الأيام البيض ، فقال : « كان عمر يصومهن » ، حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، وحدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، وأبو داود ، قالا : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن موسى بن سلمة ، عن ابن عباس ، عن عمر مثله ، حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن موسى بن سلمة ، عن ابن عباس ، عن عمر مثله
978 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن زر ، قال : « كان عبد الله يصوم الأيام البيض »
979 - حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن يحيى بن سام ، عن موسى بن طلحة ، قال : قال أبو ذر : « من كان صائما من الشهر ثلاثة أيام فليصم الثلاثة البيض »
980 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد ، وعبد الأعلى ، قالا : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : « أن عمر بن الخطاب كان يصوم الأيام البيض »
981 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : « أنه كان يصوم الأيام البيض »
982 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن واصل ، قال : قال لي إبراهيم : « صم ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة »
ذكر الرواية عن من كان يجعل صوم الأيام الثلاثة من كل شهر الاثنين والخميس والخميس
983 - حدثنا محمد بن العلاء ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري ، قالا : حدثنا ابن فضيل ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن هنيدة الخزاعي ، عن أمه ، قالت : دخلت على أم سلمة ، فسألتها عن الصيام ، فقالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم » يأمرني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، أولها : الإثنين والخميس والخميس «
ذكر من كان يجعل ذلك السبت والأحد والإثنين ، ثم في الشهر الذي بعده الثلاثاء والأربعاء والخميس
984 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن خيثمة ، قال : « كانت عائشة تصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ، ومن الشهر الآخر : الثلاثاء والأربعاء والخميس »
ذكر من كان يصوم ذلك من أول الشهر ويأمر به
985 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن زاذان ، عن الحسن : أنه قال في صيام ثلاثة أيام من كل شهر قال : « صم من أوله »
ذكر من كان يجعل ذلك في آخر الشهر
986 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن زياد ، عن إبراهيم : أنه كان يصوم الثلاثة الأيام من الشهر آخر الشهر ، ويقول : « تكون كفارة لما مضى » ذكر السبب الذي من أجله كان يختار كل من ذكرنا اختياره صوم الأيام الثلاثة التي ذكرنا ، أنه كان يختار صومها على سائر أيام الشهر فأما الذين اختاروا صوم الثلاثة البيض ، فللذي ذكرنا من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يختار ذلك ويأمر به ، وأما الذين اختاروا صوم الاثنين والخميس والخميس ، فللذي ذكرت من حديث أم سلمة ، ولأخبار أخر قد تقدم ، ذكرناها فيما مضى قبل من كتابنا هذا : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ذلك ويقول : إنه اليوم الذي تعرض فيه أعمال العباد على الله ، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم وأما الذين اختاروا السبت والأحد والاثنين ، ومن الشهر الذي بعده الثلاثاء والأربعاء والخميس ، فإنما كان اختيارهم الصوم كذلك ، لئلا يكون من أيام السنة يوم إلا قد صامه إذ كان لا يوم في السنة يخرج عن أيام الجمعة ، وإنما يستأنف عدد أيامها كلما انقضت جمعة بهذه الأسماء ، وهي أسماء أيام الجمعة السبعة . وأما الذين اختاروا صوم ذلك من أول الشهر فلما
987
- حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، وعمرو بن علي الباهلي ، قالا : حدثنا أبو
داود ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن عبد
الله بن مسعود ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من غرة (1) كل شهر
ثلاثة أيام »
__________
(1) الغرة : غرة كل شيء أوله
988
- حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا آدم ، حدثنا شيبان ، عن عاصم ، عن زر ، عن
عبد الله : « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من غرة كل هلال ثلاثة أيام » ،
حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، حدثنا الحسن بن موسى الأشيب ، حدثنا شيبان ،
عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وأما الذين
اختاروا صوم ذلك من آخر الشهر فإنهم قالوا : إنما جعلنا ذلك في آخر الشهر ، ليكون
كفارة لما مضى من ذنوبنا فيما قبل ذلك من أيام الشهر ، والصواب من القول في ذلك
عندنا : أن جميع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحاح ،
وإن ذلك إذ كان كذلك ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم صحيحا عنه أنه اختار لمن
أراد صوم الثلاثة الأيام من الشهر الأيام البيض ، فالصواب لمن أراد صوم ثلاثة أيام
من الشهر أن يجعلهن الأيام التي اختارهن صلى الله عليه وسلم لمن ذكرنا اختياره له
، وإن كان غير محظور عليه أن يجعل ذلك صوم ما شاء من أيام الشهر ، إذ كان ذلك نفلا
، لا فرضا فإن قال قائل : أوليس قد رويت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم
الاثنين والخميس والخميس ، وأنه كان يصوم الثلاث من غرة الشهر ؟ قيل له : إن فعل
النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل من ذلك غير دال على أن الذي اختار للأعرابي من
تصيير صوم الثلاثة الأيام من الشهر الغر البيض ليس كما اختار ، وإنما ذلك من فعله
دليل على أن أمره للأعرابي بما أمره من ذلك ليس بالأمر الواجب ، وأن ذلك إنما هو
ندب وإرشاد ، وأن لمن كان من أمته مريدا صوم ثلاثة أيام من كل شهر تخير ما أحب من
الشهر ، فيجعل صومه فيما اختار من ذلك ، كما كان صلى الله عليه وسلم يفعله ، فيصوم
مرة الأيام البيض ، ومرة من غرة الهلال ، ومرة الاثنين والخميس والخميس ، إذ كان
لأمته الاستنان به فيما لم يعلمهم أنه له خاصة دونهم فالاختيار لمن أراد صوم ثلاثة
أيام من كل شهر تصيير ذلك في الأيام التي اختارهن صلى الله عليه وسلم للأعرابي
وندبه إلى صومهن ، وذلك صوم الأيام البيض ، وله إن شاء ، وإن كان ذلك الاختيار له
، أن يجعلهن من غرة الهلال ، وإن شاء أن يجعلهن الاثنين والخميس والخميس ، وإن شاء
أن يجعلهن من آخر الشهر ، فذلك كله موسع عليه فيه ، غير محظور عليه شيء منه ،
كالذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله من ذلك على ما وصفنا القول في
البيان عما في الأخبار التي ذكرناها من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم
للأعرابي : « اجعلهن الزهر البيض » وعنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : الزهر ،
إما جمع زهراء أو أزهر ، والزهراء البيضاء النقية البياض في حسن يقال منه : هذه
امرأة زهراء ، وهذا رجل أزهر ، وذلك إذا كان الغالب على ألوانهما البياض في حسن
وبهاء ، ومنه الخبر عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون ،
وعن علي بن أبي طالب في صفة النبي : أنه كان أزهر اللون ، ومنه قول أبي دهبل
الجمحي في صفة جارية : وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من جوهر مكنون ومنه قول
الأعشى في صفة إبريق : إذا انكب أزهر بين السقاة تراموا به غزبا أو نضارا ومنه قيل
للسراج إذا كان يضيء : هو يزهر ، وأرى أن النجم الذي يسمى الزهرة سمي زهرة لإضاءته
وصفاء نوره ، وأما قوله : الغر فإنه عنى بالغر إما جمع غراء أو أغر ، والأغر
الأبيض الحسن ، ومن ذلك قيل للثنايا إذا كانت بيضا حسانا : هن غر : ومنه قول جرير
بن عطية في صفة أسنان امرأة : تجري السواك على أغر كأنه برد تحدر من متون غمام ومن
ذلك قيل للفرس إذا كان في أرساغه أو في وجهه بياض يخالف لون سائر جلده : أغر ،
ومنه قول الشاعر : وما ينظر الحكام بالفصل بعدما بدا واضح ذو غرة وحجول ومنه قول
الآخر : كذبتم ، وبيت الله ، لا تقتلونه ولما يكن يوم أغر محجل ومنه الخبر الذي
روي عن أبي موسى الأشعري : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بإبل غر الذرى ، يعني
بذلك بيض الأسنمة . وسمى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأيام الثلاثة ، أعنى
الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر بيضا ، وإنما الموصوف بذلك ليالي هذه الأيام
الثلاثة ، إذ كانت الأيام إذا جمعت دخل النهار مع الليل في العدد ، فيقال : كنا
بمكان كذا عشرة أيام ، يعني بذلك : الليالي والأيام فلذلك قيل : الأيام البيض ،
وإن كانت العرب إنما تصف بذلك ليالي هذه الأيام ، وإنما قيل لهذه الليالي الثلاث :
بيض لبياضهن بطلوع القمر فيهن من حين تغيب الشمس إلى أن يضيء الفجر ، فيغلب ضوءه
على ضوء القمر ، ولكل ليلة من هذه الليالي عند العرب اسم ، فليلة الثلاث عشرة
تسميها ليلة السواء ، لأنه يستوي فيها القمر ويعتدل ويتناهى تمامه ، وهي ليلة
التمام ، يقال : هذه ليلة تمام القمر ، وذلك وفاء ثلاث عشرة ، وأما ليلة الأربع
عشرة ، فإنها تسمى ليلة البدر ، لأن القمر يبادر الشمس بالغداة ويطلع بالعشي قبل
غروبها ، وأما ليلة الخمس عشرة فليلة النصف . وأما قول أنس بن مالك : فسعى عليه
القوم فلغبوا ، فإنه يعني بقوله : لغبوا ، نصبوا وتعبوا ، يقال منه : قد لغب فلان
فهو يلغب لغبا ولغوبا ، إذا أعيى ونصب ومن اللغوب قوله جل ثناؤه : وما مسنا من
لغوب (1) يعني : من عناء ونصب ، وأما قول خزيمة بن جزء ، قلت لرسول الله صلى الله
عليه وسلم : جئت أسألك عن أحناش الأرض ، فإنه يعني بالأحناش هاهنا دواب الأرض التي
تدب عليها ، ويقال لجنس من الحيات معروف بأعيانها : أحناش واحدها حنش ، وذلك لها
اسم ، وأما قول جابر بن عبد الله : فذكاهما بمروة فإنه يعني بالمروة حجرا صغيرا ،
وجمعها مرو ، والمرو عند العرب هي الحصا الصغار ، يدل على ذلك قول الأعشى في صفة
ناقة : وتولي الأرض خفا ذابلا فإذا ما صادف المرو رضح يعني بالمرو جمع مروة ، ومن
المروة قول أبي ذؤيب الهذلي : حتى كأني للحوادث مروة بصفا المشرق كل يوم تقرع وأما
قول القائل لعبيد بن عمير في الأرنب : زعموا أنها تطمث ، فإن بين أهل العلم بكلام
العرب فيه اختلافا فيقول بعضهم : الطمث هو الجماع الذي يكون معه تدمية المجامعة ،
ويقول : ذلك الدم الذي يظهر من فرج الأنثى مع الجماع هو الطمث ويقول آخرون : بل
الطمث هو المسيس والمباشرة ، وحكى قائل ذلك عن العرب سماعا أنها تقول : ما طمث هذا
البعير حبل قط ، بمعنى ما مسه حبل قط ، وقال آخرون : الطمث هو الحيض بعينه ، والذي
خاطب عبيد بن عمير بالذي ذكرناه لا نراه أراد إلا الحيض ، وأما الذي ذكره الله جل
ثناؤه في كتابه فقال : لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان (2) ، فإنه محتمل هذه الأوجه
كلها وقد بينا في كتابنا جامع البيان عن تأويل آي القرآن الصواب من القول فيه
__________
(1) سورة : ق آية رقم : 38
(2) سورة : الرحمن آية رقم : 56
ذكر خبر آخر من أخبار عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
989 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن كثير بن الصلت ، قال : كان ابن العاص ، وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف ، فمرا على هذه الآية فقال زيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة » فقال عمر : لما أنزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : أكتبنيها ، فكأنه كره ذلك ، قال : فقال عمر : ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم ، وإذا لم يحصن جلد ، وإن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم «
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أن هذا الحديث لا يعرف له مخرج عن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ ، إلا من هذا الوجه . والثانية : أن قتادة من أهل التدليس ، ولا يحتج عندهم من حديث المدلس في الدين إلا بما قال فيه : سمعت أو حدثنا وما أشبه ذلك ، وليس ذلك كذلك في هذا الخبر . والثالثة : أن فيه أنه مما أنزل من القرآن الذي كان يقرأ به ، ولو كان ذلك كذلك ، لكان موجودا في مصاحف المسلمين ، وفي عدم ذلك في مصاحفهم الدليل الواضح على وهائه . وقد وافق عمر في الذي قال وروى من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا منه سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
ذكر من وافق عمر في الذي قال وروى من ذلك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
990 - حدثني إسماعيل بن موسى الفزاري ، قال : أخبرنا شريك ، عن عاصم ، عن زر ، عن أبي بن كعب ، قال : « كم تعدون سورة الأحزاب آية ؟ » ، قلنا : ثلاثة وسبعون آية قال : « إن كنا لنعارضها ، أو لنوازي بها سورة البقرة ، إن في آخرها آية الرجم : ( الشيخ والشيخة فارجموهما ) »
991 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن شيبان ، عن عاصم ، عن زر ، عن أبي بن كعب ، قال : « قرأت في سورة الأحزاب : ( الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة ) »
992 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الله بن أبان العجلي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زر ، قال لي أبي : كائن تعدون الأحزاب ؟ قال : قلت : ثلاثا وسبعين قال : « قد كانت توازي سورة البقرة ، وقد كنا نقرأ فيها الرجم : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) »
993 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا هشام بن عبد الملك ، قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم بن بهدلة ، قال : سمعت زرا ، قال : قال أبي : كم تعدون سورة الأحزاب ؟ قال : قلت : ثلاثا وسبعين آية ، قال : « إن كانت لتضارع سورة البقرة ، وإن كان فيها آية الرجم : ( إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة ) »
994 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن عاصم ، عن زر ، عن أبي بن كعب ، أنه سأل عن سورة الأحزاب ، قال : فقال : نعدها ثلاثا وسبعين آية ، فقال أبي : فوالذي أنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وسلم ، إن كانت لتوازي سورة البقرة ، أو هي أطول من سورة البقرة ، وإن فيها لآية الرجم ، قال : قلت وما آية الرجم يا أبا المنذر ؟ قال : الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة
995 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأبار ، عن منصور بن المعتمر ، عن عاصم ، عن زر بن حبيش ، قال : قال لي أبي بن كعب : « كم تعدون سورة الأحزاب ؟ » ، قال : قلت : ثلاثا وسبعين قال : « فوالذي يحلف به أبي إن كانت لتعدل سورة البقرة ، أو أطول ، لقد قرأنا فيها آية الرجم : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) »
996 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن الحسن العرني ، عن عبيد بن نضلة ، عن مسروق ، عن أبي بن كعب ، قال : « تجلدون وترجمون ، وترجمون ولا تجلدون ، وتجلدون ولا ترجمون » قال شعبة : فسره قتادة فقال : الشيخ المحصن يجلد ويرجم إذا زنى ، والشاب المحصن يرجم إذا زنى ، والشاب إذا لم يحصن جلد
997 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن كثير بن الصلت ، قال : كنا نكتب المصحف فقال زيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة »
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الأحكام إن قال لنا قائل : ما وجه هذا الخبر الذي
ذكرت عن زيد بن ثابت ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الشيخ والشيخة
إذا زنيا فارجموهما ألبتة ) ، وما معنى قول عمر : « لما نزلت أتيت النبي صلى الله
عليه وسلم فقلت أكتبنيها ، فكأنه كره ذلك » وقوله : « ألا ترى أن الشيخ إذا زنى
وقد أحصن جلد ورجم ، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم ولم يجلد » ، أمرجوم الشيخ
إذا زنى بكل حال محصنا كان أو غير محصن ؟ ، ما المعنى الذي فرق بين حكمه وحكم
الشاب إذا زنى ، كل واحد منهما وقد أحصن ؟ قيل : أما خبر زيد بن ثابت عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم في أمره برجم الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة إذا زنيا ، فإن
معناه : فارجموهما ألبتة إذا كانا قد أحصنا ، فإن قالوا : وما البرهان على أن ذلك
كذلك وليس ذلك موجودا في الخبر ؟ قيل : البرهان على أن ذلك كذلك إجماع الجميع من
أهل العلم قديمهم وحديثهم على أن حكم الشيخ والشيخة إذا زنيا قبل الإحصان الجلد
دون الرجم ، وفي إجماع جميعهم على ذلك أوضح البيان على أن معنى ما ذكرنا عن زيد بن
ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشيخ هو ما قلنا دون غيره فإن قال : فإن
كان الأمر على ما وصفت ، فما وجه خصوصه الشيخ والشيخة بما خصا به دون الشابين ، أم
تنكر أن يكون ذلك حكما كان من الله تعالى ذكره في خلقه في حال فنسخه وحكم فيه
بالحكم الذي ذكرت ؟ قيل : أنكرنا ذلك من أجل أنا لم نعلم أحدا ممن تقدم أو تأخر
ادعى أنه كان من حكم الله في بعض الزناة بالرجم ، ثم نسخ ذلك الحكم بحكم له آخر ،
بل قد وجدنا أنه قد كان من أمر الله في الزواني من النساء قبل إيجابه الجلد على
غير المحصنة منهن ، والرجم على المحصنة منهن ، أن يحبسن في البيوت حتى يتوفاهن
الموت ، كما قال جل ثناؤه في كتابه : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا
عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله
لهن سبيلا (1) ، ثم جعل الله لهن من ذلك سبيلا ، بأن جعل مخرجها مما أتت من ذلك -
إن كانت حرة بكرا - أن تجلد مئة وتنفى عاما ، وإن كانت محصنة أن ترجم فأما نسخ رجم
كان واجبا في وقت ، فذلك ما لا نعلم قائلا له قاله ولا ادعاه ، فصح بذلك ما قلنا
في معنى الخبر الذي ذكرنا عن عمر وزر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أمره
برجم الشيخ والشيخة إذا زنيا ألبتة ، وأما قول عمر : لما نزلت أتيت النبي صلى الله
عليه وسلم ، فقلت أكتبنيها ، وكأنه كره ذلك ، ففيه بيان واضح أن ذلك لم يكن من
كتاب الله المنزل كسائر آي القرآن ، لأنه لو كان من القرآن لم يمتنع صلى الله عليه
وسلم من إكتابه عمر ذلك ، كما لم يمتنع من إكتاب من أراد تعلم شيء من القرآن ما
أراد تعلمه منه ، وفي إخبار عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كره كتابة ما
سأله إلا كتابه إياه من ذلك الدليل البين على أن حكم الرجم - وإن كان من عند الله
تعالى ذكره - فإنه من غير القرآن الذي يتلى ويسطر في المصاحف ، وأما قول عمر : ألا
ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم ، وإذا لم يحصن جلد ، ففيه أيضا الدليل
على صحة ما قلنا من أن تأويل خبر زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «
الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة » ، إنما هو إذا كانا قد أحصنا ، لأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لو كان أمر برجم الشيخين محصنين كانا أو غير محصنين ، لم يكن عمر
مع سماعه ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يقول : وإذا لم يحصنا جلدا ،
فيبطل عنهما الرجم ، مع علمه بحكم الله فيهما بالرجم فإن قال قائل : فما وجه قول
عمر : ألا ترى أن الشيخ إذا زنى وقد أحصن جلد ورجم ؟ قيل : ذلك قول قد ذكرناه عن
أبي أنه كان يوافقه عليه ، وذكرنا فيما مضى من كتابنا هذا أن عليا رحمة الله عليه
كان يرى جلد الزاني المحصن ثم رجمه - شابا كان أو شيخا - وقد خالف ذلك من قوله
جماعة من السلف وعامة من الخلف ، وقالوا : لم نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعل ذلك بأحد ممن رجمه في عهده ، بل كان يرجم المحصن إذا زنى شيخا كان أو شابا ،
ويجلد البكر شابا كان أو شيخا قالوا : ولو كانت أحكام الشيوخ في ذلك مخالفة أحكام
الشباب ، أو كان الواجب على المحصن الزاني الجلد والرجم لم يكن رسول الله صلى الله
عليه وسلم بالذي يدع جلد من رجم من الزناة في عهده ، فقد رجم جماعة ، منهم : ماعز
بن مالك الأسلمي ، والجهنية والغامدية وغيرهم ، فلم يذكر أنه جلد أحدا منهم وقد
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 15
998 - حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ، ولم يذكر جلدا »
999 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا ابن عياش ، عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن الحسن بن محمد ، عن جابر ، قال : « كنت فيمن رجم ماعزا ، فلم يجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم » قال أبو جعفر ، وممن فعل ذلك كذلك عمر في عهده
1000 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عبد الله بن عمر ، عن نافع : « أن عمر بن الخطاب رجم امرأة ولم يجلدها بالشام » قالوا : وعلى ذلك مضت الأئمة ، ففي ذلك دليل على أن حد المحصن إذا زنى الرجم ، وأن حد البكر إذا زنى الجلد ، ولا معنى لجمع الجلد ، والرجم على شخص واحد في حال واحدة ، قالوا : فإن قال لنا قائل : فما أنتم قائلون فيما
1001 - حدثكم به يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر : « أن رجلا زنى ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد الحد ، ثم أخبر أنه كان قد أحصن فأمر به فرجم ؟ » قلنا له : ذلك صحيح ، وذلك من الدليل على وجوب الجلد مع الرجم على شخص واحد في حد واحد بعيد ، من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد هذا إذ هو عنده ممن حده الجلد ، إذ لم يعلمه محصنا يجب عليه الرجم ، فلما صح عنده أنه ممن حده الرجم لا الجلد لإحصانه قبل ركوب ما ركب من الفاحشة أقام عليه الحد الذي جعله الله لمثله حدا ، وذلك الرجم دون الجلد ، ولم يكن جلده إياه على ما علم منه بأنه محصن ، مريدا بذلك جمع الجلد والرجم عليه له لركوبه ما ركب وهو محصن ، فيكون حجة لمن احتج به في إلزامه الزاني إذا كان محصنا مع الرجم الجلد
ذكر خبر آخر من أخبار عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1002 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمر بن الخطاب ، قال : « كان المشركون لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس على ثبير ، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأفاض قبل أن تطلع الشمس » ، حدثنا إبراهيم بن سعيد ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمر ، قال : كان المشركون لا يفيضون من جمع حتى يروا الشمس على ثبير ، ثم ذكر مثله
1003 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، وحدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، أنه قال : صلى عمر الصبح وهو بجمع فقال : « إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ، ويقولون : أشرق ثبير ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم فأفاض قبل طلوع الشمس »
1004 - حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد ، أنبأنا إسحاق ، وحدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا إسحاق الأزرق ، عن زكريا ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : قال عمر بن الخطاب : « كان المشركون يقولون : أشرق ثبير ولا ينفرون حتى تطلع الشمس ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ذلك ، فنفر قبل طلوع الشمس »
1005 - حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمر ، قال : « إن أهل الجاهلية كانوا لا يفيضون عن جمع حتى تطلع الشمس ، يقولون : أشرق ثبير ، لعلنا نغير ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم ، فدفع لقدر صلاة القوم المسفرين بصلاة الغداة »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لأنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه وقد وافق عمر في رواية ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
ذكر من وافق عمر في روايته ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1006
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ، عن
عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ، عن زيد بن علي ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن
أبي رافع ، عن علي ، قال : لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة غدا
(1) فوقف على قزح ، وأردف الفضل ، ثم قال : « هذا الموقف ، وكل المزدلفة موقف ،
حتى إذا أسفر دفع » ، حدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير ، أنبأنا إبراهيم بن
إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن زيد بن علي بن حسين ، عن عبيد الله بن أبي
رافع ، عن أبي رافع ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه
__________
(1) الغدو : السير والذهاب والتبكير أول النهار
1007 - حدثنا ابن وكيع ، والرفاعي محمد بن يزيد ، قالا : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : « أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض من المزدلفة قبل طلوع الشمس »
1008
- حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن
سفيان ، عن حسين بن عبد الله ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « كان المشركون لا
يفيضون من جمع حتى يرى قرن (1) الشمس ، قال : فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم
فدفع من جمع قبل طلوع الشمس »
__________
(1) قرن الشمس : أول ما يبزغ عند طلوعها
1009 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا زمعة ، عن سلمة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « كان أهل الجاهلية يقفون بالمزدلفة ، حتى إذا طلعت الشمس فكانت على رءوس الجبال كأنها العمائم على رءوس الرجال دفعوا ، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسفر كل شيء قبل أن تطلع الشمس »
1010
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمود بن ميمون أبو الحسن ، عن أبي بكر بن عياش ،
عن ابن عطاء ، عن عطاء عن ابن عباس : « أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بغلس (1)
، حتى إذا أبصر الناس مواضع أقدامهم وحوافر دوابهم وأخفاف الإبل ، وجعل الرجل يبصر
موضع قدميه ، دفع إلى منى »
__________
(1) الغلس : ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح
1011
- حدثني يوسف بن سليمان البصري ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال : حدثنا جعفر
بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صلى الصبح
بالمزدلفة ، ركب القصواء (1) حتى أتى المشعر الحرام ، فرقي عليه ، ثم استقبل
القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ، ثم دفع قبل أن
تطلع الشمس »
__________
(1) القصواء : الناقة المقطوعة الأذن ، وكان ذلك لقبًا لناقة النبي ، ولم تكن
مقطوعة الأذن
1012
- حدثنا أبو كريب ، وابن المثنى ، قال أبو كريب : حدثنا عبيد الله بن موسى ، وقال
ابن المثنى : حدثني عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا ابن أبي ليلى ، عن ابن أبي
مليكة ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أتى جبريل
إبراهيم صلى الله عليه وسلم بجمع يصلي به كأعجل ما يصلي أحد من الناس الفجر ، ثم
وقف ، حتى إذا كان كأبطأ ما يصلي أحد من الناس الفجر ، أفاض به إلى منى ، فأوحى
الله تعالى ذكره إلى محمد : أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (1) »
__________
(1) سورة : النحل آية رقم : 123
1013
- حدثنا علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ،
عن ابن أبي ليلى ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : أتى جبريل
إبراهيم بالمزدلفة فبات ، ثم صلى الصبح كأعجل ما يصلي أحد من المسلمين ، ثم وقف به
كأبطأ ما يصلي أحد من المسلمين ، ثم دفع به إلى منى فرمى ، ثم ذبح ، وأوحى إلى
نبيكم : أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (1) ، حدثنا ابن حميد ،
قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، وعمرو ، عن ابن أبي ليلى ، عن ابن أبي
مليكة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : بات جبريل بإبراهيم صلى الله عليهما بجمع ،
ثم ذكر نحوه
__________
(1) سورة : النحل آية رقم : 123
القول
فيما في هذا الخبر من الفقه والذي في هذا الخبر من الفقه بيان وقت الوقوف الذي
أوجبه الله تعالى ذكره على حجاج بيته الحرام لذكره عند المشعر الحرام بقوله : فإذا
أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر (1) ، فمن وقف بالمشعر الحرام ذاكرا لله
في الوقت الذي وقف به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو في بعض ذلك منه ، أدركه
وأدى ما ألزمه الله تعالى ذكره به ، وذلك من حين يصلي صلاة الفجر بعد طلوع الفجر
الثاني إلى أن يدفع الإمام منه قبل طلوع الشمس يوم النحر ، ومن لم يدرك ذلك حتى
تطلع الشمس ، فقد فاته الوقوف به بإجماع جميع أهل العلم ، لا خلاف بينهم في ذلك .
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 198
ذكر البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر : كان المشركون لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ، يعني بقوله : لا يفيضون لا يرجعون من المشعر إلى حيث يبدأ المصير إليه من منى حتى تطلع الشمس ولذلك تقول العرب لكل راجع من موضع كان صار إليه من موضع آخر غيره إلى الموضع الذي بدأ منه المصير إليه : أفاض فلان من موضع كذا ، ولذلك قيل لضارب القداح بين الأيسار : مفيض ، لجمعه القداح ، ثم إفاضته إياها بين المياسرين ، ومنه قول بشر بن أبي خازم الأسدي : فقلت لها : ردي إليه حياته فردت كما رد المنيح مفيض وكان الأصمعي ، يقول : الإفاضة الدفعة ، ويقول : « كل دفعة إفاضة » ، ومنه قيل : أفاض القوم في الحديث ، إذا دفعوا فيه ، وأفاض القوم بالقداح ، إذا دفعوا بها ، وللبعير إذا دفع جرته : أفاض يفيض إفاضة ، وأفاض دمعه فهو يفيضه ، فأما إذا سالت دموع العين ، فإنه يقال : فاضت عين فلان بالدموع ، وفاضت دموع عينه ، كما قال جرير بن عطية : وإذا أتيت على المنازل باللوى فاضت دموعك غير ذات نظام ومن ذلك قيل للإناء إذا امتلأ حتى سال ما فيه : « فاض الإناء » ، ومنه فيض البصرة وأما قوله : ويقولون : أشرق ثبير ، فإنهم كانوا يعنون بقولهم : أشرق ، أضئ يقال للشمس إذا أضاءت وصفا ضوءها : « أشرقت الشمس فهي تشرق إشراقا ، فأما إذا طلعت فإنه يقال : شرقت تشرق شروقا ، وذلك قبل أن يصفو ضوءها وأما قولهم : شرقت ، بكسر الراء ، فإنه من غير هذين المعنيين ، وذلك اختلاط الكدورة بها ، وهو من قول الشاعر : وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم يعني بقوله : شرقت صدر القناة ، اختلط ونشب ، من قولهم : شرق فلان بريقه ، كما قال الآخر : لو بغير الماء حلقى شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري يقال منه : شرق فلان بكذا ، يشرق شرقا ، فهو به شرق ، وذلك إذا نشب في حلقه شيء ، إما طعام وإما غيره ، ومنه قول الآخر : والزعفران على ترائبها شرقا به اللبات والنحر يعني بقوله : شرقا به ، أنها قد نشبت واختلطت به وأما قولهم : شرق فلان أذن شاته فإنه من غير ذلك كله ، وهو شقها باثنتين ، يقال للشاة إذا فعل ذلك بها : شاة شرقاء ، ومنه الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن أن يضحى بشرقاء ، يعني المشقوقة الأذنين . وأما ثبير ، فإنه جبل وهذا الذي ذكر عمر أن المشركين كانوا يقولونه بجمع ، عنى الكميت بن زيد الأسدي بقوله : وجمعا حيث كان يقال : أشرق ثبير ، أنى لدفعة واقفينا وموقفهم لأول دفعتيهم علينا فيه غير مخالفينا وقوفا ينظرون به إلينا لقائلنا الموفق منصتينا وأما قولهم : لعلنا نغير ، فإنهم كانوا يعنون بذلك : لعلنا ندفع ، وهو من قولهم : أغار الفرس إغارة الثعلب ، وذلك إذا دفع وأسرع في عدوه ، ومن ذلك قول بشر بن أبي خازم الأسدي : فعد طلابها وتعد عنها بحرف قد تغير إذا تبوع وللإغارة وجه غير هذا ، وهو إغارة الحبل ، يقال منه : أغرت الحبل فأنا أغيره إغارة ، وذلك إذا فتلته ، فهو مغار . وأما قول جابر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح بالمزدلفة يركب القصواء ، فإن القصواء من النوق ، التي في أذنها حذف ، يقال منه : ناقة قصواء ، وبعير مقصى ، ولا يقال : بعير أقصى ، وقد ذكر الأصمعي الناقة أنه يقال فيها مقصوة
ذكر خبر آخر من أخبار عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1014 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت يزيد بن خمير يحدث عن حبيب بن عبيد ، عن جبير بن نفير ، عن ابن السمط : أنه أتى أرضا يقال لها : دومين ، من حمص على رأس ثمانية عشر ميلا ، فصلى ركعتين ، فقلت له : تصلي ركعتين ؟ فقال : رأيت عمر بن الخطاب بذي الحليفة يصلي ركعتين فسألته فقال : « إنما أفعلها كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو قال فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم »
1015 - حدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، حدثنا شعبة ، عن يزيد بن خمير ، قال : سمعت حبيب بن عبيد ، عن جبير بن نفير ، عن ابن السمط : أنه أتى قرية من حمص على رأس ثلاثة عشر ميلا ، فصلى ركعتين قال قلت له : أتصلي ركعتين ؟ فقال : رأيت عمر بن الخطاب بذي الحليفة يصلي ركعتين قلت له : أتصلي ركعتين ؟ فقال : « إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل »
1016 - حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا حسين بن محمد ، وعاصم بن علي ، عن شعبة ، عن يزيد بن خمير ، عن حبيب بن عبيد ، عن جبير بن نفير ، عن ابن السمط ، قال : خرجت مع عمر إلى ذي الحليفة ، فصلى ركعتين ، فسألته عن ذلك فقال : « إنما أصنع كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع » ، حدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، حدثنا شعبة ، عن يزيد بن خمير ، عن حبيب بن عبيد ، يحدث عن جبير بن نفير ، يحدث عن ابن السمط : أنه خرج مع عمر بن الخطاب إلى ذي الحليفة ، ثم ذكر مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم
القول في علل هذا الخبر وهذا الخبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لأنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد يجب التثبت فيه ، وإن كان راويه من أهل العدالة والأمانة متثبتا فيما روى وأدى ، فكيف بمن كان بخلاف ذلك ، ويزيد بن خمير عندهم ، وإن كان معروفا ليست له منازل المقدمين في الحفظ والإتقان لما رووا وأدوا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم
البيان عن معنى هذا الخبر إن قال لنا قائل : إنك قد ذكرت أن هذا خبر صحيح ، فإن كان صحيحا ، أفترى العمل به جائزا ؟ قيل : نعم ، على الصحيح من وجوهه فإن قال : وما الصحيح من وجوهه ؟ قيل : أن يكون معنى قول ابن السمط : رأيت عمر يصلي بذي الحليفة ركعتين ، أنه رآه يصلي هنالك ركعتين ، وقد ابتدأ حين خرج من المدينة سيرا إلى ما تقصر فيه الصلاة من المسافة ، لأنه كان ابتدأ من المدينة خروجا إلى ذي الحليفة وهو عازم ألا يجاوزه إذا بلغه . فإن قال : وما الدليل على أن ذلك هو الصحيح من معناه ، وقد رويت عنه أنه قال : خرجت مع عمر إلى ذي الحليفة فصلى ركعتين ، ولم يذكر أن عمر خرج يريد سفرا يكون مقدار مسافته ما تقول أنت ، لا تقصر الصلاة في أقل منه ؟ قيل : الدليل على أن ذلك هو الصحيح من معناه ، نقل الحجة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين ، أنه لا يكون قصر الصلاة في قدر ما بين مدينة رسول الله عليه السلام وذي الحليفة
ذكر الرواية عن بعض من حضرنا ذكره منهم في ذلك
1017 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا خصيف ، حدثنا أبو عبيدة بن عبد الله ، وزياد بن أبي مريم ، قالا : قال عبد الله بن مسعود : « لا تقصروا صلواتكم في بواديكم ، ولا في أجشاركم ، تسيرون في السواد في حوائجكم ، ثم تقولون : إنا سفر ، إنما المسافر من الأفق إلى الأفق » ، حدثنا أبو السائب ، حدثنا ابن فضيل ، عن خصيف ، حدثنا أبو عبيدة ، وزياد بن أبي مريم ، قالا : قال عبد الله ، فذكر نحوه
1018
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن سيار ، عن أبي وائل ، قال
: قال عبد الله : « لا تغتروا (1) بسوادكم ، إذا كان مع الرجل أهله وماله أتم
الصلاة »
__________
(1) تغتروا : تنخدعوا
1019
- حدثني سلم بن جنادة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال
: قال عبد الله : « لا تغتروا (1) بسوادكم هذه ، فإن ضيعة الرجل وأهله شيء واحد ،
إلا أن يكون مجتازا »
__________
(1) تغتروا : تنخدعوا
1020 - حدثنا ابن أبي الشوارب ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا خصيف ، قال : حدثني نافع ، قال : « سافرت مع عبد الله إلى مسيرة يوم وليلة ، فلم يقصر الصلاة ، وسافرت معه إلى مسيرة ثلاث فقصر الصلاة »
1021 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت عبيد الله ، عن نافع ، عن سالم : « أن عبد الله كان يقصر الصلاة في مسيرة ليلتين »
1022 - حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، قال : سمعت عبيد الله ، عن نافع ، عن عبد الله : « أنه كان يخرج إلى الغابة فلا يقصر الصلاة ولا يفطر »
1023
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع ، عن
سالم ، قال : « أوفى ما حفظت من ابن عمر أنه قصر (1) الصلاة في أربعة برد »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
1024 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن نافع : « أن ابن عمر كان يأتي أرضه بالجرف فما يقصر ، ويأتي أرضه بخيبر فيقصر » ، قال أيوب : وهي ليلتان للراكب ، وثلاث للثقل
1025
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن نافع ، قال : « ما علمت ابن
عمر قصر (1) في أقل من خيبر » قلت لنافع : وأين خيبر ؟ قال : بمنزلة الأهواز منكم
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
1026 - حدثني يونس ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمر بن محمد : أن سالم بن عبد الله ، حدثه ، عن أبيه عبد الله بن عمر : « أنه قصر الصلاة إلى ذات النصب ، وهو من المدينة على أربعة برد »
1027 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، عن الشيباني ، عن محمد بن زيد ، قال : قال عمر : « تقصر الصلاة في مسيرة ثلاث ليال »
1028
- حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أيوب ، عن أبي
قلابة ، عن من قرأ كتاب عثمان بن عفان ، أو سمعه يقرأ إلى عبد الله بن عامر : «
إني أنبئت أن رجالا منكم يخرجون إلى سوادهم في تجارة ، أو في جباية (1) ، أو جشر ،
يقصرون الصلاة ، وإنه لا يقصر الصلاة إلا من كان شاخصا أو بحضرة العدو » ، حدثنا
ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : أخبرني من ، قرأ
كتاب عثمان إلى عبد الله بن عامر ، أو من شهده وهو يقرأ : أما بعد ، فإنه بلغني أن
ناسا يخرجون إلى سوادهم ، ثم ذكر نحوه
__________
(1) الْجِباية : اسْتِخراج الأموال من مَظَانِّها
1029 - حدثنا ابن أبي الشوارب ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا سليمان الشيباني ، عن جواب ، عن يزيد بن شريك ، قال : استأذنت حذيفة في رمضان في المدائن إلى الكوفة فقال لي : « على شرط أن لا تفطر ولا تقصر الصلاة »
1030 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم بن يزيد بن شريك ، عن أبيه : أنه خرج من المدائن إلى الكوفة في رمضان ، فقال له حذيفة : « عزمت عليك ألا تقصر ولا تفطر » ، فقلت : وأنا أعزم على نفسي ألا أقصر ولا أفطر
1031 - حدثني أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : سألت حذيفة ، وكنت معه بالمدائن ، في الرجوع إلى أهلي فقال : « لا آذن لك إلا أن تعزم ألا تقصر الصلاة حتى تأتي أهلك » ، قال : فقلت : أنا أعزم على نفسي ألا أقصر ولا أفطر حتى آتي أهلي
1032 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن الحكم ، وسليمان ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه : أنه استأذن حذيفة في رمضان ، وكان معه بالمدائن ، أن يأتي الكوفة فقال : « لا آذن لك حتى تجعل لي أن تصوم » في قول أحدهما ، وقال الآخر : حتى تجعل لي أن تتم الصلاة قال شعبة : فذكرته للعوام بن حوشب ، فذكر عن إبراهيم التيمي عن أبيه ، قال حتى تجعل لي أن تتم الصلاة وتصوم
1033 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : استأذنت حذيفة إلى المدائن فقال : « لا آذن لك حتى تجعل لي أن تصوم وتتم الصلاة » ، قلت : فإني أعزم لأتمن الصلاة ولأصومن
1034 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، وأبيه ، وعمران بن مسلم ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه : أنه استأذن حذيفة ، أن يأتي المدائن ، فقال : « أعزم عليك ألا تقصر ولا تفطر » ، قال : وأنا أعزم على نفسي ألا أفطر ولا أقصر حتى أرجع «
1035
- حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا سفيان بن حبيب ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : قال
ابن عباس : « لا أرى أن تقصر (1) الصلاة في أقل من اليوم التام »
__________
(1) يقصر : يصلي الصلوات الرباعية ركعتين فقط
1036 - حدثنا أبو كريب ، وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : « لا قصر ما بينك وبين جدة ، وعسفان والطائف » ، حدثنا أبو كريب ، وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : أنبأنا عثمان بن الأسود ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، مثل ذلك
1037 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، وحدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء : أن رجلا ، سأل ابن عباس ، فقال : أقصر الصلاة إلى مكان قد سماه قال : « لا » ، قال : إلى عرفة ؟ قال : « لا » ، قال إلى بطن مر ، أو مر ، قال : لا ، قال : إلى جدة ، قال : نعم ، قال : فإلى الطائف ؟ قال : نعم قال : « فإذا أتيت ماشيتك فأتم الصلاة »
1038 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن عطاء ، قال : قلت لابن عباس : كم أصلي إلى عرفات ؟ قال : « أربعا » ، قال : قلت : كم أصلي ببطن مر ؟ قال : « أربعا » ، قلت : كم أصلي بالطائف قال : « ركعتين » ، قال : « والطائف إلى مكة مسيرة يومين »
1039 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن عمرو ، عن عطاء ، قال : سألت ابن عباس : أقصر إلى عرفات ؟ قال : « لا » ، قلت إلى الطائف ؟ قال : « نعم »
1040 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن إدريس ، عن الشيباني ، عن عكرمة ، أراه عن ابن عباس ، قال : « تقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة »
1041 - حدثنا أبو كريب مرة أخرى فقال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت أبا إسحاق ، عن عكرمة ، قال : « تقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة ، ولم يقل : أراه عن ابن عباس »
1156 - حدثنا ابن المثنى ، حدثني عبد الصمد ، حدثنا شعبة ، عن شبيل الضبعي ، عن أبي حبرة ، قال : سألت ابن عباس ، فقلت : « أقصر الصلاة إلى الأبلة ؟ قال : تذهب وترجع من يومك ؟ قلت : نعم قال : لا ، إلا يوما تاما إلى الليل »
1157 - حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا سفيان بن حبيب ، عن يونس ، قال : قال الحسن : « السفر مسيرة ليلتين »
1158 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن الأشعث ، عن الحسن : أنه « كان لا يرى أن تقصر الصلاة في مسيرة يومين ، وليلتين إذا كان مسافرا »
1159 - حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، أن الحسن ، قال : « لا يقصر الرجل دون مسيرة ليلتين »
1160 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، قال : قلت للحسن : « أقصر الصلاة إلى مثل رودان ؟ قال : لا »
1161 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن هشام الدستوائي ، قال : حدثنا حماد ، قال : قال إبراهيم : « تقصر الصلاة فيما بينك وبين المدائن ، فإذا قدمت فإن شئت صليت ركعتين ، وإن شئت صليت أربعا ، قال : فكان أعجب إليه أن يصلي أربعا ، قال : وقال سعيد بن جبير : تقصر فيما بينك وبين الصراة ، وذلك سبعة عشر فرسخا »
1162 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : « تقصر الصلاة في مسيرة ثلاثة أيام ، كل يوم تسع فراسخ »
1163 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد ، قال : « لا تقصر الصلاة إلا في مسيرة يومين »
1164
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، قال : سألت الحكم وأنا
بالكوفة ، فقلت : « أقصر إلى واسط ؟ قال : أي ذلك شئت ، وأحب أن تتم ، وسألت أبا
إسحاق فقال : أي ذلك شئت ، وأحب إلي أن تتم » ثم ذلك بعد قول علماء الأمة في جميع
الآفاق فإن كان ذلك كالذي وصفنا ، كان معلوما بذلك أن قصر عمر الصلاة بذي الحليفة
، وقد ابتدأ الخروج من المدينة ، لم يكن لأنه خرج منها يريد ذا الحليفة ، وألا
يجاوزها ، لأنه لم يكن بالذي يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكمه ، ولا
سيما في أمر علمه عند جميع الأمة ، وقد بينا أن ما نقلته علماء الأمة مجمعا عليه ،
فعن تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إياهم ، وبيانه لهم ، في غير موضع من
كتبنا ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع ، فإن قال : وما تنكر أن يكون ذلك كان
من عمر تأويل ظاهر قول الله تعالى ذكره : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن
تقصروا من الصلاة (1) إذ كان الشخوص من المدينة إلى ذي الحليفة ضربا في الأرض ،
كما للخارج من مدينته إلى قدر مسافة ما بين المدينة وذي الحليفة من الأرض ، أو أقل
من ذلك التيمم إن أعوزه الماء عند حضور الصلاة ؟ قيل : أنكرنا ذلك لما قد بينا من
أن عمر لم يكن بالذي يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما علم أمته من شرائع
دينهم ، وقد بينا أن ما جاء به علماء الأمة من أمر الدين مستفيضا علمه بينهم ، فعن
الله وعن رسوله وقد كان علماء الأمة تنقل أن قصر الصلاة في قدر مسافة ما بين
المدينة وذي الحليفة غير جائز ، ويجيزون أن على من فعل ذلك إعادتها ، فصح بذلك
عندنا أن عمر كان على مثل الذي هم عليه في ذلك ، وأن القول في ذلك مخالف للقول في
المسافة التي يجوز لمن قصدها وسارها التيمم ، إذ كانت الأمة قد نقلت إباحة التيمم
لمن خرج من مدينته ضاربا في الأرض إلى أدنى مسافة إذا أعوزه الماء ، ونقلت حظر قصر
الصلاة في مثل ذلك من المسافة ، فكان بينا بذلك اختلاف سبيلهما فإن قال قائل : قد
رويت أن
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 101
1165
- ابن المثنى حدثكم ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة ، قال : سمعت ميسر بن عمران بن
عمير ، يحدث عن أبيه ، عن جده : أنه خرج مع عبد الله ، وهو رديفه (1) على بغلة له
مسيرة أربعة فراسخ ، « فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين » ورويت عن أنس بن مالك
وابن محيريز ، وهانئ بن كلثوم وغيرهم أنهم قصروا فيما بين الرملة وبيت المقدس ،
فكيف تدعي من علماء الأمة إجماعا على أن قصر الصلاة غير جائز في قدر مسافة ما بين
المدينة وذي الحليفة ؟ قيل : مسافة ما بين المدينة وذي الحليفة أقل من أربعة فراسخ
، وأقل من مسافة ما بين الرملة وبيت المقدس ، ولا أحد ممن روي عنه قصر الصلاة في
قدر ما ذكرت يرى جواز قصرها فيما بين المدينة وذي الحليفة ، أو في قدر ذلك من
المسافة ، فصح ما قلناه في تأولنا قول ابن السمط الذي ذكرناه عنه ، فعل عمر الذي
روى عنه على ما بينا وتأولنا ، وليس هذا الموضع من موضع الإبانة عن قدر المسافة
التي يجوز قصر الصلاة لمن سارها ، فنشتغل بالبيان عن صحة ما نقول : فيه وفساد ما
خالفه ، وإنما اكتفينا بقدر ما بينا من ذلك في هذا الموضع ، لأن قصدنا فيه كان
الإبانة عن معنى الخبر الذي روينا عن ابن السمط ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم ، وأنه بخلاف المعنى الذي يسبق إلى وهم أهل الغباوة ، فإذ كان معنى الخبر
الذي روينا عن ابن السمط ، عن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا ، فبين
بذلك أن لمن خرج مسافرا إلى غاية يجوز له قصر الصلاة إليها ، أن له القصر حين يخرج
من البلدة التي ابتدأ منها سفره فيخلفها وراءه حتى لا يكون شيء منها أمامه ، وذلك
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قصر بذي الحليفة صلاته ، وقد خرج من مدينته يريد
سفرا تقصر في مثله الصلاة ، كان معلوما بذلك أن ما كان خارجا عن مدينته ، مما ليس
هو منها في معنى ذي الحليفة ، في أن له قصر الصلاة عنده ، إذا كان قد ابتدأ سفرا
إلى غاية تقصر إليها الصلاة وبذلك جاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأجمعت على القول به علماء الأمة
__________
(1) الرديف : الراكب خلف قائد الدابة
ذكر الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن ورود ذلك عنه من الصحابة والتابعين
1166 - حدثنا صالح بن مسمار المروزي ، حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، سمع أنس بن مالك ، يقول : « صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر أربعا ، وبذي الحليفة العصر ركعتين » حدثنا ابن حميد ، حدثنا ابن المبارك ، عن أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه
1167 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « صلى الظهر بالمدينة أربعا ، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين »
1168 - حدثنا ابن بشار ، وأبو العالية العبدي ، قالا : حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، قال : نبئت عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم « صلى الظهر بالمدينة أربعا ، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين » حدثنا به ابن بشار ، مرة أخرى فقال : حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله
1169 - حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا فليح ، عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، عن أنس بن مالك ، أنه أخبره « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى مكة صلى الظهر بالشجرة سجدتين »
1170 - حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا الجريري ، عن أبي الورد ، عن اللجلاج ، قال : كنا « نخرج مع عمر بن الخطاب سفرى فنسير ثلاثة أميال ، ثم نجوز في الصلاة ونفطر » حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا سعيد الجريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، عن اللجلاج ، قال : كنا نخرج مع عمر ، فذكر مثله
1171
- حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا داود ، عن أبي حرب ، عن أبي
الأسود ، قال : « خرج علي إلى الكوفة فحضرت الصلاة فرأى خصا (1) من أخصاص أهل
البصرة بين أيديهم ، فصلى أربعا وقال : لولا الخص (2) لم أزد على ركعتين »
__________
(1) الخص : بيت من خشب أو قصب
(2) الخُص : بيت يُعْمَل من الخشب والقَصَب
1172
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا داود ، عن أبي حرب : أن عليا ، «
خرج من البصرة ، فحضرت الصلاة ، فرأى خصا (1) أمامه فقال : لو كنا جاوزنا هذا الخص
قصرنا »
__________
(1) الخص : بيت من خشب أو قصب
1173
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا ابن أبي عدي ، وعبد الأعلى ، عن داود ، عن أبي حرب بن
أبي الأسود ، قال : خرج علي فرأى خصا ، وفي حديث عبد الأعلى : فرأى خصا بين يديه ،
فصلى أربعا وقال : « أما إنا لو جاوزنا هذا الخص (1) ، لم نزد على ركعتين »
__________
(1) الخص : بيت من خشب أو قصب
1174 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو عامر ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن زيد الفائشي ، قال : خرجنا مع علي بن أبي طالب إلى صفين « فصلى ركعتين بين الجسر ، والقنطرة » حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا إسحاق ، يحدث عن عبد الرحمن بن زيد ، قال : خرجنا مع علي فذكر نحوه
1175
- حدثنا يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن أبي حرب بن أبي
الأسود ، قال : خرج علي من البصرة يريد الكوفة فحضرت الصلاة ، فنزل فرأى خصا (1)
بين يديه ، فصلى أربعا وقال : « لو كنت جاوزت هذا الخص (2) لم أزد على ركعتين »
__________
(1) الخص : بيت من خشب أو قصب
(2) الخُص : بيت يُعْمَل من الخشب والقَصَب
1176
- حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكندي ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن زهير بن
معاوية الجعفي ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن زيد ، قال : « قصر (1) علي
الصلاة بين الجسر والقنطرة ، وهو منطلق إلى صفين »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
1177 - حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن خالد ، عن أبي إسحاق ، أن عليا ، لما « خرج فجاوز قنطرة الكوفة ، صلى ركعتين »
1178 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الحجاج ، عن عمران بن عمير ، عن أبيه ، قال : خرجت مع عبد الله « فصلى ركعتين بقنطرة الحيرة »
1179 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، قال : حدثني أبي ، عن جبلة بن سحيم ، عن ابن عمر ، قال سئل عن صلاة المسافر ؟ فقال : « اخرج من هذه الحرة ، ثم اقصر الصلاة »
1180 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن حصين ، عن إبراهيم ، قال : « كان علقمة يقصر الصلاة بالنجف ، وكان الأسود يقصر بالقادسية »
1181
- حدثنا أبو كريب ، وسلم بن جنادة ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن
إبراهيم ، قال : « كان علقمة يهل (1) من النجف ، ويقصر منها ، وكان الأسود يهل من
القادسية ويقصر منها »
__________
(1) الإهلال : رفع الصوت بالتلبية
1182
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق : « أن أبا
ميسرة ، خرج ، فلما جاوز الجسر قصر (1) »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
1183 - حدثني أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن الحارث بن قيس ، قال : « خرجت مع ناس من أصحاب عبد الله نريد مكة ، فلما خرجنا من البيوت حضرت الصلاة ، فصلوا ركعتين »
1184 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن الحارث بن قيس : أنه خرج فصلى بظهر الكوفة ركعتين فقيل له : صليت ركعتين ؟ قال : « فأصلي اليوم أربعا ، وغدا ركعتين »
1185
- حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلى ، عن
عيسى بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أنه « قصر (1) ، وهو بظهر (2)
الكوفة ، وهو يريد مكة »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
(2) بظهر البلدة أو المكان : على أطرافه
1186
- حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا سفيان بن حبيب ، عن الأشعث ، قال : قال الحسن : «
إذا جاوز البيوت قصر (1) »
__________
(1) القصر : صلاة الرباعية ركعتين للتخفيف
1187 - حدثنا خلاد بن أسلم ، أنبأنا النضر بن شميل ، أنبأنا ابن عون ، قال : لما خرج ابن سيرين إلى ابن هبيرة ، خرج معه عبد الله بن يوسف أو يوسف بن عبد الله ، فلما جاوز الحسر الأكبر بقليل ، أذن محمد وأقام ، ثم قال : « ليتقدم رجل منكم ، ولا يتقدم إلا من قد جمع القرآن فقال لي : يا أبا الوليد تقدم ، فقلت : ما أنا بفاعل حتى تخبرني كم أصلي قال : صل ركعتين ، ثم ليصل بعد كل إنسان ما بدا له ، وأظنها كانت صلاة الظهر » قال : وحدثني بهذا الحديث عبد الله بن يوسف ، أو يوسف بن عبد الله
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عثمان : بلغني أن قوما يخرجون إلى سوادهم في تجارة أو جباية أو جشر ، يعني بقوله : أو جشر : القوم يخرجون بإبلهم ودوابهم خارج القرية للرعي ، يقال من ذلك : أصبح بنو فلان جشرا ، إذا كانوا يأوون في الإبل لا يرجعون إلى منازلهم ، يقال : جشرنا دوابنا ، يعني به ، أخرجناها من القرية للرعي فيما قرب منها ، ويقال : هو مال جشر ، إذا كان يأوي إلى أهله ، ومنه قول الأخطل : يسأله الصبر من غسان إذ حضروا والحزن : كيف قراه الغلمة الجشر يعرفونك رأس ابن الحباب وقد أمسى وللسيف في خيشومه أثر ومن الجشر أيضا حديث عبد الله بن عمرو : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزل منزلا ، فمنا من يضرب خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره ، يعني في رعي دوابه خارج المنزل قريبا منه ، والجشر أيضا حجارة تنبت بسواحل البحار ، يقال منه : جشر الساحل يجشر جشرا . والجشرة ، سعال يأخذ البعير في صدره ، يقال منه أيضا : جشر البعير يجشر جشرا ، ومنه قول الشاعر : فهذه جشرة في حلق أولكم فكلكم يا بني حمان مزكوم ويقال : جشر الصبح ، إذا طلع يجشر جشورا ، ومنه قولهم : اصطبح فلان الجاشرية ، وذلك إذا شرب مع الصبح
ذكر خبر آخر من حديث عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1188 - حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمر ، أنه قال : إن « عجل بي أمر فالشورى في هؤلاء الستة الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض » يعني عثمان وعليا والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص . حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : قال عمر بن الخطاب عند الوصية : ادعوا لي هؤلاء النفر الذين قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض قال : وعمرو شاهده ، قال أبو كريب : قال أبو بكر : ثم أتيت حصينا فاستحرجته ، فحدثني عن عمرو بن ميمون ، عن عمر بن الخطاب ، مثله القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه وقد وافق عمرو بن ميمون في روايته عن عمر غير واحد ذكر من وافق عمرو بن ميمون في روايته ذلك عن عمر
1189 - حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، حدثنا شجاع بن أشرس ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : خطب عمر بن الخطاب الناس فقال : « أخشى أن يكون ، موتي فجأة ، فإن كان ذلك ، فإني أشهدكم أن الأمر إلى هؤلاء النفر الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض : عثمان وعلي وعبد الرحمن والزبير وطلحة وسعد »
1190 - حدثنا سلم بن جنادة ، حدثنا سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ، حدثنا أبي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة ، وكانت ، أمه عاتكة بنت عوف : أن عمر ، دعا عبد الرحمن بن عوف فقال : « إني أريد أن أعهد ، إليك فقال : يا أمير المؤمنين : نعم ، إن أشرت على قبلت ، قال : وما تريد ؟ قال : أنشدك بالله أتشير علي بذلك ؟ قال : اللهم لا ، والله لا أدخل فيه أبدا ، فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، ادع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا ، قال : وانتظروا طلحة أخاكم ، فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم » القول في ما في هذا الخبر من الفقه والذي في هذا الخبر من الفقه ، الدلالة على أن عمر كان من مذهبه أن أحق الناس بالإمامة وأولاهم بعقد الخلافة أفضلهم دينا ، وأنه لا حق للمفضول فيها مع الفاضل ، ولذلك جعلها غير خارجة ، من بعد مضيه لسبيله في النفر الستة الذين سماهم ، الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، إذ لم يكن فيمن ينسب إلى الإسلام يومئذ بعده أحد له منزلتهم من الدين ، في الهجرة والسابقة والفضل والعلم والمعرفة بسياسة الأمة ، وعلى ذلك من المنهاج مضى من كان قبله ، وخلفه الراشدون من الأئمة بعده . ذكر الرواية عن بعض من حضرنا ذكره ممن نقلت عنه الموافقة لعمر في ذلك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين .
1191 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن القاسم بن محمد ، عن أسماء بنت عميس ، قالت : دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر فقال : استخلفت على الناس عمر ، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه ، فكيف به إذا خلا بهم ؟ وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك ، فقال أبو بكر ، وكان مضطجعا : « » أجلسوني فأجلسوه فقال لطلحة : أبالله تفرقني ، أم بالله تخوفني ، إذا لقيت الله ربي فساءلني ، قلت : استخلفت على أهلك خير أهلك « » حدثنا ابن حميد ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحصين ، مثل ذلك
1192 - حدثنا أبو كريب ، ويعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا العوام ، عن إبراهيم التيمي : أن عمر بن الخطاب ، أخذ بيد أبي عبيدة بن الجراح فقال : « هلم أبايعك ، قال : فقال أبو عبيدة : ما رأيت منك هفوة في الإسلام قبلها ، أتبايعني - قال أبو كريب : - وفيكم ثاني اثنين ؟ وقال يعقوب : وفيكم الصديق ثاني اثنين : قال أبو كريب : هفوة ، وقال يعقوب : ما رأيت منك فهة في الإسلام »
1193 - حدثنا عمران بن موسى البصري ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا يونس ، عن الحسن : أن بريدا ، قدم على حذيفة بن اليمان من عند عمر ، ولما قضى حوائجه قال حذيفة : « أيسركم أن فيكم أربعين كلهم خير من عمر ؟ قالوا : نعم ، وما يمنعنا ؟ قال : فثلاثون ، فعشرون فعشرة قال : حتى بلغ واحدا قال : لو أن فيكم خيرا من عمر لذهبتم سفالا ، وإن الناس لا يزالون ينمون صعدا ما كان عليهم خيارهم »
1194 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا إسرائيل ، حدثنا أبو إسحاق ، عن حارثة ، قال : سمعت عبد الله بن مسعود ، وقدم علينا ببيعة عثمان ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « ما ألونا عن أعلاها ذا فوق فبايعناه »
1195 - حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن المغيرة ، عن القعقاع : أنه سمع إسماعيل بن عتاب ، أنه سمع عبد الله ، حين قدم من المدينة ، فجاء بقتل عمر وبيعة عثمان فقال : « ما ألونا عن أعلاها ذا فوق »
1196 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن القعقاع ، عن قدامة بن عتاب ، قال : قدم علينا ابن مسعود بقتل عمر وبيعة عثمان قال : « فبكى ثلاث مرات وقال : ثم استخلفنا ، ولم نأل عن أعلاها ذا فوق »
1197 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن المغيرة ، قال أبو جعفر : أحسبه أنا عن القعقاع ، عن قدامة بن عتاب ، قال : قدم علينا عبد الله بن مسعود بنعي عمر ، فذكر موته ، فجعل يبكي كلما ذكره قال : « وقدم ببيعة عثمان فقال : ما ألونا عن أعلاهم ذا فوق »
1198 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، حدثنا محمد بن بشر ، قال : سمعت إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، قال : قال عبد الله : لما استخلف عثمان « أمرنا خير من بقي ، لم نأل »
1199 - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، قال : سمعت القاسم بن محمد ، قال : توفي رسول الله وعمرو بن العاص بعمان أو بالبحرين ، فبلغتهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتماع الناس على أبي بكر ، فقال له أهل الأرض : من هذا الذي اجتمع الناس عليه ؟ ابن صاحبكم ؟ قال : لا ، قالوا : فأخوه ؟ قال : لا ، قالوا : فأقرب الناس إليه ؟ قال : لا ، قالوا : فما شأنه ؟ قلت : اختاروا خيرهم فأمروه ، فقالوا : لن يزالوا بخير ما فعلوا هذا
1200 - حدثني عبد الله بن أبي زياد ، حدثنا سيار ، حدثنا صالح المري ، عن الجريري ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا « كانت أمراؤكم خياركم ، وكان أغنياؤكم سمحاءكم ، وكانت أموركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، وإذا كان أمراؤكم شراركم ، وكان أغنياؤكم بخلاءكم ، وكانت أموركم إلى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها »
1201 - حدثنا عمران بن موسى القزاز ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، حدثنا يونس ، عن الحسن : أن بني إسرائيل ، سألوا موسى فقالوا : لست كل ساعة معنا ، تحدث أشياء ولا نقدر نسألك ، وإنها تكون أمور وأشياء ، فسل لنا ربك يبين لنا علم رضاه عنا ، وعلم سخطه علينا فقال : اتقوا الله ، يا بني إسرائيل ، فأوحى الله عز وجل إليه : يا موسى ، عما سألك بنو إسرائيل ؟ قال : يا رب ، سألوا عما سمعت ، قال عمران : قال أبو عبيدة : قال : لا أدري في هذا الحديث أو في غيره قال : « إنما بعثتك لتبلغهم عنى وتبلغني عنهم ، فأنبئهم أن علم رضاي عنهم أن أستعمل عليهم خيارهم ، وأن علم سخطي عليهم أن أستعمل عليهم شرارهم »
1202 - حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت عبيد الله يعني ابن عمر ، عن رجل ، عن عطاء بن يسار ، أنه حدثه : أن قوم موسى قالوا : يا موسى ، سل لنا ربك فليخبرنا بآية غضبه علينا وبآية رضاه عنا ، وأنه سأل الله عز وجل عن ذلك فقال : يا موسى ، أخبرهم أن آية رضاي عنهم ، إذا رأوني استعملت عليهم خيارهم ، وأنزلت عليهم المطر في إبانه وفي زمانه ، وأن آية غضبي عليهم ، إذا رأوني استعملت عليهم شرارهم ، وأنزلت عليهم المطر في غير إبانه وفي غير زمانه فإن قال قائل : وكيف يكون في الخبر الذي ذكرت عن عمر دلالة على ما وصفت ، من أن مذهبه كان أن أحق الناس بالإمامة وأولاهم بعقد الخلافة أفضلهم ، وأن لا حق للمفضول فيها على الفاضل ، وقد جعل الأمر شورى بين ستة ، ولا شك أنه لم يكن هو ولا غيره يشكون أن ممن في الستة الذين جعلهم في الشورى من هو أفضل من غيره منهم ، وقد أدخل المفضول فيهم ، وفي إدخاله إياه معهم الدلالة الواضحة على أنه قد كان من مذهبه أن المفضول قد يصلح للخلافة ، ويجوز له عقد الإمامة . قيل : إن الأمر في ذلك بخلاف ما إليه ذهبت ، وغير الذي توهمت ، وإنما أدخل رحمة الله عليه الذين ذكرت في الشورى للمشاورة والاجتهاد في النظر للأمة ، إذ كان واثقا عند نفسه منهم بأنهم لا يألون للمسلمين نصحا فيما اجتمعوا عليه ، وأن المفضول منهم لا يترك والتقدم على الفاضل ، ولا يسلم له طلب منزلة غيره أحق بها منه ، وكان مع ذلك عالما برضي الأمة بمن رضي به النفر الستة الذين جعل إليهم الأمر ، وبقناعتها بمن اختاروه لأمرها وقلدوه سياستها ، إذ كان الناس لهم تبعا ، وكانوا للناس أئمة وقادة ، لا أنه كان يرى أن للمفضول منهم مع الفاضل حقا في الإمامة ، وأنه كان لا يعرف الفاضل منهم والمفضول ، والمستحق منهم الأمر بعده وفيه أيضا الدلالة على بطول ما قاله أهل الإمامة من أنها في أعيان وأشخاص قد بينت ، ووقف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ، فلا حاجة بهم إلى التشاور فيمن تقلده أمرها وتوليه سياستها ، لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم أهلها المستحقين لها في كل وقت وزمان بأعيانها ، وذلك أن عمر جعلها شورى بين النفر الستة الذين ذكرنا ، ليجتهدوا في أولاهم بها فيقلدوه القيام بها ، فلم ينكر ما فعل من ذلك من أهل الإسلام يومئذ أحد ، لا من النفر الستة الذين هم أهل الشورى ، ولا من غيرهم من المهاجرين والأنصار ولو كان فيهم من قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوقف عليه بعينه ونصه لأمته ، وجعل له الأمر من بعده ، كان حريا أن يقول منهم قائل : وما وجه التشاور في أمر قد كفيناه ببيان الله لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ وفي تسليم جميعهم له ما فعل ، ورضاهم بما صنع وتركهم النكير عليه ، أبين البيان وأوضح البرهان على أن القوم لم يكن عندهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في شخص بعينه عهد في ذلك الوقت ، وأن الذي كان عندهم في ذلك من العهد منه إليهم كان وقفا على موصوف بصفات احتاجوا إلى إدراكها بالاستنباط والاجتهاد ، فرضوا وسلموا له ما فعل من رده الأمر في ذلك إلى النفر الذين رده إليهم ، إذ كانوا يومئذ هم أهل الأمانة على الدين وأهله ، ومن لا يشك في نصحه للإسلام وأسبابه ، وأن ما جعل إليهم من الأمر إنما هو أمر يدرك بالاجتهاد والاستنباط ، غير موقوف عليه إلا بصفته ، لا باسم شخص بعينه ونسبه وفيه أيضا الدلالة على أن الجماعة الموثوق بأديانهم ونصيحتهم الإسلام وأهله ، إذا عقدوا عقد الخلافة لبعض من هو أهلها عن تشاور منهم واجتهاد ونظر لأهل الإسلام ، فليس لغيرهم من المسلمين حل ذلك العقد ، ممن لم يحضر عقدهم وتشاورهم ، إذ كان العاقدون قد أصابوا الحق فيه ، وذلك أن عمر أفرد بالنظر في الأمر النفر الستة ، ولم يجعل لغيرهم فيما فعلوا وعقدوا من عقد الاعتراض ، وسلم ذلك من فعله جميعهم ، فلم ينكره منهم منكر ، ولو كان العقد في ذلك لا يصح إلا باجتماع الأمة عليه ، لكان خليقا أن يقول له منهم قائل : إن الحق الواجب بالعقد الذي خصصت بالقيام به هؤلاء النفر الستة ، لم يخص به هؤلاء دون سائر الأمة ؟ بل الجميع منهم في ذلك شركاء ، إذ كان ذلك إلزامه جميعهم له حقا ، وإلزامه لجميعهم مثله ولكن القوم لما كان الأمر في ذلك عندهم على ما وصفت ، سلموا وانقادوا ، فلم يعترض منهم فيه متعرض ، ولم ينكره منهم منكر وفيه أيضا الدلالة على أنه كان من مذهبه أن ما كان من أمور الدين بالاجتهاد مستنبطا وبالنظر مدركا فمرده إلى أهل العلم بأصوله ، ومصدور في اللازم فيه عما قالوا ، أو حكموا فيه ، وذلك أنه جعل للأمراء في اختيار أولى الستة بأمر الأمة إليهم ، وأفردهم بذلك دون سائر الأمة غيرهم ، وألزم عقدهم من عقدوا له من سواهم من الرعية ، إذ كانوا يومئذ أعلم الأمة بما جعل إليهم من ذلك وأنصحهم لهم ، وأعرفهم بالمعاني التي بها يستحق أن يعقد عقد الخلافة لمن تعقد له ، فكذلك الواجب في كل ما كان من أمر الدين بالاجتهاد مدركا وبالنظر مستنبطا ، أن يكون إلى أهل العلم به مردودا ، وعما قالوا فيه وحكموا مصدورا ، دون غيرهم من سائر الأمة ، وأن لا يكون لغيرهم ، من أهل الغباء ، ولا لمن لا علم له به ولا معرفة رأي ، بل الواجب عليهم التسليم لما رأوا وقالوا ، والانقياد لما حكموا وقضوا ، كما ألزم عمر عقد أهل الشورى لمن عقدوا سائر الأمة ، ولم يجعل لغيرهم معهم في ما ألزموا وقضوا في ذلك مقالا ولا نظرا أو رأيا ، بل الواجب التسليم لهم والانقياد لحكمهم
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر لعبد الرحمن : فهبني صمتا
حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، يعني
بقوله : هبني ، هب لي ، كما يقال : صادني صيدا ، بمعنى : صاد لي كما قال نابغة بنى
ذبيان : فتصيدنا العير المدل بحضره قبل الونى ، والأشعب النباحا وهذه كلمة لا أذكر
أنى سمعتها إلا في هذا الحديث ، فإن كانت محفوظة ، فجائز في الكلام أن يقال : وهبت
له درهما ووهبته درهما ، كما يقال : صدته صيدا ، وصدت له صيدا ، وشكرته صنيعه ،
وشكرت له صنيعه ، كما قال أبو نخيلة السعدي : شكرتك ، إن الشكر حبل من التقى وما
كل من أوليته نعمة يقضي فقال : شكرتك ، وهو في كتاب الله عز وجل : واشكروا له (1)
، وأما قول أبي عبيدة بن الجراح لعمر : ما رأيت منك فهة ، يعني بقوله : فهة ، زلة
وسقطة ، يقال فه فلان فهو يفه فها وفهاهة ، والفهة الفعلة منه ، وقد فههت يا فلان
، وأنت رجل فه وفهيه ، ومنه قول الشاعر : فلم تلفني فها ، ولم تلف حجتي ملجلجة
أبغي لها من يقيمها وأما قول عبد الله : ما ألونا عن أعلاها ذا فوق ، فإنه يعني
بقوله : ما ألونا ، ما قصرنا ، وما تركنا الجهد ، وفيه لغتان : ما ألونا بالتخفيف
، ما ألونا ، بالتشديد ويقال منه : ألا فلان في هذا الأمر ، وألا ، إذا قصر وترك
جهده ، ومن التشديد في ذلك قول العجاج : وعظة إن نفس حر بلت أو أدركت بالجهد ما قد
ألت يعني بقوله : ما قد ألت ، ما قد تركت الجهد ، وأما هذيل ، فإن في لغتها إذا
قالت : ما آلوه ما أستطيعه ، ومن ذلك قول شاعرهم : جهراء لا تألو إذا هي أظهرت
بصرا ولا من عيلة تغنيني يعني بقوله : لا تألوا بصرا ، لا تستطيع . وقد تستعمل
العرب ذلك إذا شددوا اللام منه في غير هذا المعنى ، فتقول : قد أل فلان فهو يئل
ألا ، بتشديد اللام ، وذلك إذا مر مرا سريعا فويق العنق . وأما قولهم : آل ، بمد
الألف وتخفيف اللام ، فإنه من غير هذا كله ، وله معنيان : أحدهما : الرجوع ، يقال
في ذلك : آل فلان يئول أولا ، وذلك إذا رجع ، وآل القطران إذا خثر . والثاني قولهم
: آل فلان ماله ، فهو يئوله ، وذلك إذا أصلحه وأحسن سياسته ، ومنه قول لبيد بن
ربيعة العامري : بصبوح غانية وجذب كرينة بموتر تأتاله إبهامها يعني بقوله : تأتاله
تصلحه ، وهو يفتعله من آل كما يقال : هو يقتاله من قلت ، ويكتاله ، من كلت . وأما
قولهم : قد وأل فلان فهو من غير ذلك كله ، وإنما يقال ذلك للرجل إذا نجا بنفسه من
مخافة ، فصار في حرز ، والحرز هو الموئل ، يقال منه : وأل فلان فهو يئل وألا
ووءولا ، ومنه قول أعشى بنى ثعلبة : وقد أخالس رب البيت غفلته وقد يحاذر مني ثم ما
يئل يعني بقوله : ثم ما يئل ثم ما ينجو ولا يتحرز ، وأما قوله : عن أعلاها ذا فوق
، فإنه يعني بقوله : « عن أعلاها » عن أعلى الأمة ، والهاء في أعلاها كناية عن
الأمة ، ويريد بقوله : عن أعلاها ، عن أرفعها وأفضلها . وأما قوله : « ذا فوق »
فإنه يعني سهما قد أصلح فوقه ، وفوق السهم مجرى الوتر فيه ، والفوق جمع واحده فوقة
، يدل على ذلك قول الفرزدق : ولكن وجدت السهم أهون فوقة عليك ، وقد أودى دم أنت
طالبه وقد يجمع الفوقة فوق وأفواق ، ومن الفوق قول رؤبة بن العجاج : كسر من عينيه
تقويم الفوق وما بعينيه عواوير البخق وفي الفوق لغة أخرى ، وهو الفقا مقلوب ، يقال
: هذه فوقها وفقاها ، ومن الفقا قول الشاعر : ونبلي وفقاها كعراقيب قطا طحل وهذا
الجمع على أن واحده فقوة . وقد ذكر بعضهم عن المفضل الضبي أنه كان ينشد بيت
الفرزدق الذي ذكرناه قبل : « أهون فقوة عليك » ، وكأن من قال : « فقوة » قلب الحرف
، فنقل اللام إلى موضع العين من الاسم ، كما يقال : جذبه فلان وجبذه . وإنما أراد
عبد الله فيما نرى بقوله هذا ، والله أعلم : ما قصرنا ولا تركنا الجهد عن الاختيار
للأمة أفضلها وأرفعها سهما ونصيبا وحظا في الإسلام والخير والسابقة والفضل . وأما
قول عطاء بن يسار : إن بني إسرائيل قالوا لموسى : سل لنا ربك فليخبرنا بآية غضبه
علينا وآية رضاه عنا ، فإنه يعني بقوله : بآية غضبه ، بعلامة غضبه ، والآية هي
العلامة ، من ذلك قول كعب بن زهير بن أبي سلمى . ألا أبلغا هذا المعرض آية أيقظان
قال القول إذ قال : أم حكم يعني بقوله : آية ، علامة ، ومن ذلك قول الرجل لصاحبه :
آية ما بيني وبينك كذا وكذا ، يعني علامة ما بيني وبينك
__________
(1) سورة : العنكبوت آية رقم : 17
ذكر خبر آخر من أخبار عمر رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1203 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، قال : جاء ناس من أهل الشام إلى عمر بن الخطاب ، فقالوا : إنا قد أصبنا أموالا خيلا ورقيقا ، نحب أن يكون لنا فيه زكاة وطهور . قال : ما فعله صاحباي قبلي فأفعله . فاستشار أصحاب محمد عليه السلام ، وفيهم علي فقال علي : هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها بعدك راتبة
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، لعدالة من بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من نقلته ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أن المعروف من هذا الخبر من عمر أنه لم يخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أبي بكر شيئا ، كالذي ذكر في هذه الرواية ، من إخباره ما أخبر فيها عنهما ، إلا في خبر واهي السند ، رواه بعض أهل الشام ، وفي انفراد ناقل ذلك الزيادة التي زادها فيه دليل عندهم على وهائه . والثانية : أنه خبر قد رواه بعض الرواة عن عمر ، فذكر أنه هو الذي أمر هؤلاء القوم الذين كانوا أرباب خيل بأداء الصدقة من خيلهم . وقال لهم : لا خير في مال لا صدقة فيه . قالوا : ففي ذلك دليل واضح على وهاء هذا الخبر ، لأنه محال أن يمتنع من أخذ الصدقة من مال ، يأمر أهله بإخراج الصدقة منه في حال واحدة
ذكر من حدث هذا الحديث عن عمر فوقف بالكلام عليه ، ولم يذكر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أبي بكر شيئا
1204 - حدثنا محمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن أهل اليرموك ، قالوا لعمر بن الخطاب : إنا قد أصبنا أموالا فطهرنا . فأخذ من كل فرس عشرة دراهم ، ومن كل رأس دينارا ، ورزقهم أفضل من ذلك قال قتادة : فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال : « عمر أخذ ذلك منهم ورزقهم أفضل من ذلك ، وإن هؤلاء يريدون أن يأخذوا حقهم ويمنعونا حقنا »
1205 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب : أن أهل الجزيرة ، قالوا لعمر : « إن أموالنا قد صارت في الخيل ، فخذ منها الصدقة . قال : فجعل على كل فرس عشرة ، وكان يرزقهم جريبين ، فكان ما يعطيهم أكثر مما يأخذ منهم ، قال سعيد : فأما إذ لم يعطوكم فلا تعطوهم » ذكر من حدث بهذا الحديث عن عمر ، فذكر عنه : أنه هو الذي بدأ القوم بالأمر بإخراج الصدقة من الخيل والرقيق
1206
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا المصعب بن المقدام ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن سفيان ،
عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : « يا أهل المدينة ، لا خير في مال لا يزكى ، وإن
عامة مالكم في الرقيق والخيل ، فجعل فيما بلغ الذرع عبدا كان أو أمة دينارا ، أو
عشرة دراهم ، والذرع ثلاث أذرع ، وفي الخيل عشرة دراهم ، وفي البراذين (1) ثمانية
، ورزقهم »
__________
(1) البرذون : يطلق على غير العربي من الخيل والبغال وهو عظيم الخلقة غليظ الأعضاء
قوي الأرجل عظيم الحوافر
1207 - حدثنا الحسن بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا ابن جريج ، أخبرني عمرد ، أو عمر ، أن حيي بن يعلى ، أخبره أنه ، سمع يعلى بن أمية ، يقول : ابتاع عبد الرحمن بن أمية ، أو يعلى بن أمية من رجل من أهل اليمن فرسا أنثى بمئة قلوص ، فندم البائع ، فلحق بعمر فقال : غصبني يعلى وأخوه فرسا لي فكتب إلى يعلى : أن الحق بي فأتاه فأخبره الخبر فقال عمر : إن الخيل لنتاج هذا عندكم فقال : ما علمت فرسا بلغت هذا قبل هذه قال عمر : « تأخذ من أربعين شاة شاة ، ولا تأخذ من الخيل شيئا ، خذ من كل فرس دينارا قال : فضرب على الخيل دينارا دينارا » وقد وافق عمر في رواية هذا المعنى الذي ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما حضرنا ذكره مما صح عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله عز وجل « ذكر من وافق عمر في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه لم يأخذ من الخيل والرقيق صدقة
1208 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : « قد تجوزنا عنكم صدقة الخيل والرقيق »
1209 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أما الخيل ، والرقيق فقد عفونا عنه ، وأما الأنعام والماشية والرقة فهاتوا صدقاتها من كل أربعين درهما درهما »
1210 - حدثني علي بن سعيد الكندي ، حدثنا المعلى بن هلال ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي بن أبي طالب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « قد عفونا لكم عن صدقة الخيل والرقيق »
1211 - حدثني محمد بن عمرو بن تمام الكلبي ، حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا موسى بن عقبة ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي بن أبي طالب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق ، ولكن هاتوا صدقة الأموال ربع العشر »
1212 - حدثنا الحسن بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي ، أنه قال : « قد عفوت لكم عن صدقة الخيل ، والرقيق »
1213 - حدثنا خلاد بن أسلم ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن سليمان بن يسار ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، وأيوب ، عن مكحول ، عن سليمان بن يسار ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ليس على المسلم في عبده ، ولا فرسه صدقة »
1214 - حدثنا ابن بشار ، وعلي بن سهل الرملي ، قالا : حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن سليمان بن يسار ، عن عراك بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس على المسلم في عبده ، ولا في فرسه زكاة »
1215 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، وشعبة ، ، عن عبد الله بن دينار ، عن سليمان بن يسار ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس على المسلم في عبده ، ولا فرسه صدقة »
1216 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن عبد الله بن دينار ، عن سليمان بن يسار ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس على المسلم صدقة في عبده ، ولا فرسه »
1217 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن أسامة بن زيد ، عن مكحول ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس على المسلم في عبده ، ولا خادمه ، ولا فرسه صدقة »
1218 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن أسامة بن زيد ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس في الخيل ولا في الرقيق زكاة »
1219 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا أسامة بن زيد ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ليس في الخيل والرقيق زكاة ، إلا أن في الرقيق زكاة الفطر »
1220 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، عن أسامة بن زيد ، قال : أخبرني مكحول ، عن عراك بن مالك الغفاري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أسامة : وحدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ليس على المرء المسلم صدقة في فرسه ، ولا في عبده ، ولا في وليدته »
1221 - حدثنا الحسين بن الجنيد ، حدثنا سعيد بن مسلمة ، حدثنا إسماعيل بن أمية ، عن مكحول ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا زكاة على الرجل المسلم في عبده ولا فرسه »
1222 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا نافع بن يزيد ، قال : حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا صدقة على الرجل في فرسه ، ولا في عبده ، إلا زكاة الفطر »
1223 - حدثني محمد بن موسى الحرشي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن خثيم بن عراك ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه »
1224 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن خثيم بن عراك بن مالك ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صدقة على المرء المسلم في عبده ولا فرسه »
1225 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا حفص بن غياث ، قال : حدثنا خثيم بن عراك بن مالك ، عن عراك بن مالك ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس على المرء المسلم في عبده ولا فرسه صدقة »
ذكر البيان عما في هذه الأخبار من الفقه وذكر اختلاف العلماء فيه اختلف أهل العلم في الخيل والرقيق ، هل فيهما صدقة إذا لم يكونا للتجارة ، أم لا صدقة فيهما فقال بعضهم - وهم الأكثرون عددا - : لا صدقة فيهما إذا لم يكونا للتجارة
ذكر بعض من حضرنا ذكره ممن قال ذلك
1226 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن أبي الحويرثة ، عن رجل ، سمع أبا هريرة ، يقول : « ليس على غلام المسلم صدقة »
1227 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد الصمد ، حدثنا شعبة ، حدثنا أبو الحويرثة ، قال : سمعت مولى ، لعمار سمع أبا هريرة ، يقول : « ليس على - يعني - غلام المسلم صدقة »
1228 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى ، قال : أخبرني عبد الله بن دنيار ، أنه « سأل سعيد بن المسيب عن صدقة الخيل فقال : أو في الخيل صدقة ؟ »
1229 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن أبي زائدة ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال : « ليس في الخيل والرجال والبراذين صدقة » حدثنا أبو كريب ، حدثنا يحيى ، حدثنا إسماعيل ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، مثله
1230 - حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، أنبأنا مغيرة ، عن إبراهيم ، ويونس ، عن الحسن ، أنهما قالا : « ليس في البغال ، ولا في الحمير صدقة »
1231 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا هارون بن المغيرة ، عن أبي جعفر ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : « ليس في الخيل السائمة صدقة ، وقال إبراهيم : إنما الصدقة في الإبل والبقر والغنم »
1232
- حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن أبي زائدة ، عن مالك بن مغول ، عن عطاء : أنه سئل عن
الأرماك التي ، تتخذ قال : « ليس على الخيل السائمة (1) زكاة »
__________
(1) السائمة : الدواب التي ترعى في البراري والمراعي ولا تعلف
1233 - حدثنا الحسن بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : « أبلغك أن في الخيل أو في شيء من الدواب صدقة ؟ قال : لا أعلمه »
1234 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن عثمة ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن يعلى بن أبي عائشة : أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز : إني وجدت عامة أموال الجزيرة الخيل ، فكتب إليه عمر : إن « الخيل بمنزلة الرقيق ، والنحل فلا تعرض لهم »
1235 - حدثنا يحيى بن داود الواسطي ، حدثنا أبو أسامة ، عن أسامة بن زيد ، عن عمر بن عبد العزيز ، قال : « ليس في الخيل صدقة »
1236 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو أسامة ، عن أسامة بن زيد ، قال : أخبرني نافع : أن عمر بن عبد العزيز ، كان يقول : « ليس على المسلم صدقة في عبده ، ولا فرسه »
1237 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، قال : جاء كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى أن « لا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة »
1238 - حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، قال : « سألت إبراهيم عن الخيل السائمة والحمر ، فكان لا يرى فيها شيئا ، إلا في أثمانها إذا بيعت »
1239 - حدثنا الحسن بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا الثوري ، عن محمد بن سالم ، عن الشعبي ، قال : « ليس في شيء من الدواب صدقة ، إلا أن تكون لتجارة ، إلا الإبل والبقر والغنم »
1240 - حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، قال : قال الحكم : « ليس في الخيل صدقة » وقال آخرون : فيهما الصدقة ، في كل فرس عشرة دراهم ، أو دينار وكذلك الرقيق ، في كل عبد عشرة دراهم أو دينار ، إذا لم يكن ذلك للتجارة
ذكر من قال ذلك قد ذكرنا عن عمر بعض ما روي عنه في ذلك ، ونذكر بعد ما لم يمض ذكره عنه في ذلك
1241 - حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن يزيد بن الوليد ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : قال أهل الشام حين كثرت أموالهم لعمالهم : اكتبوا إلى عمر حتى يزكي خيلنا ، فكتبوا إلى عمر بذلك ، « فأمرهم أن يأخذوا من كل فرس عشرة دراهم ، وكان يرزق خيلهم »
1242 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أنبأنا ابن عون ، عن الشعبي ، قال : لما كثر الرقيق في أيدي الناس كلموا عمر ، فقالوا : قد كثر الرقيق في أيدينا ، فلو أخذت منهم قال : « فلم يزالوا به حتى أخذ من كل رأس عشرة دراهم ، ورزقهم مثلها قال ابن عون : وأظنه قد ذكر الخيل »
1243 - حدثنا الحسن بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن أبي إسحاق ، قال : أتى أهل الشام عمر ، فقالوا : إنما أموالنا الخيل والرقيق ، فخذ منها صدقة ، قال : ما أريد أن آخذ شيئا لم يكن قبل ثم استشار الناس فقال علي : أما إذا طابت أنفسهم فحسن ، إن لم تكن جزية يؤخذون بها بعدك ، قال : فأخذ عمر من الخيل عشرة دراهم عشرة دراهم في كل سنة ، ومن الرقيق عشرة عشرة في كل سنة ، ورزق الخيل لكل فرس عشرة أجربة ، عشرة في كل شهر ، ورزق الرقيق كل رأس جريبين جريبين في كل شهر ، قال معمر : وسمعت غير أبي إسحاق يقول : فلما كان معاوية حسب ذلك ، فإذا الذي يعطيهم أكثر مما يأخذه منهم ، فتركهم لم يأخذ منهم ولم يعطهم
1244
- حدثنا الحسن بن يحيى ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا ابن جريج ، قال : أخبرني ابن
أبي حسين ، أن ابن شهاب ، أخبره : أن عثمان كان يصدق الخيل ، وأن السائب بن يزيد
أخبره ، كان يأتي عمر بن الخطاب بصدقة الخيل ، قال ابن أبي حسين ، وقال ابن شهاب :
« لم أعلم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سن (1) صدقة الخيل »
__________
(1) سن الأمر : ابتدأه وعمل به قوم بعده
1245
- حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن حماد ، أنه قال : في
الخيل صدقة قال شعبة : وجدته مكتوبا عندي « واعتل القائلون : لا صدقة في الخيل
والرقيق بالأخبار التي ذكرناها قبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : » لا
صدقة في الخيل والرقيق « ، وبقوله : » قد عفونا لكم عن الخيل والرقيق « قالوا :
وغير جائز أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من الأشياء لا صدقة فيه ،
فيقول قائل : فيه صدقة ، لأنه لو جاز ذلك ، جاز لآخر أن يقول فيما أوجب وفرض فيه
الصدقة : لا صدقة فيه ، قالوا : وذلك مما قد حظره الله تعالى ذكره على خلقه لقوله
تعالى : وما كان لمؤمن ، ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة
من أمرهم (1) قالوا : وفي حظر الله ذلك على خلقه وجوب فرض ما أمر ، ونهى عليهم ،
ولزوم ما ألزمهم ، وسقوط ما وضع عنهم ، والتسليم في كل ذلك لأمره ، والاتباع لحكمه
قالوا : وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : » ليس على المسلم في عبده ، ولا
فرسه صدقة « قالوا : فلا صدقة في شيء من ذلك ، إذا كان لغير تجارة ، كثر ثمنه أو
قل ، كما لا صدقة في دار يشتريها للسكنى ، أو للإجارة ما كان ثمنها ، قليلا كان أو
كثيرا قالوا : فإن قال لنا قائل : فإن عمر وعثمان رضي الله عنهما قد أخذا الصدقة
من ذلك قلنا له : إنهما أخذا ما أخذا من ذلك على غير سبيل الصدقة ، بل على أن
أهلها أحبوا أن يخرجوا من أموالهم بعضها لأهل الحاجة والمسكنة ، وفي السبل التي
سبيل الله فيها الصدقات المفروضات ، فسألوا إمامهم قبض ذلك منهم ، وصرفه في السبل
التي جعلوه فيها ، إذ كان أقوم بذلك وأعرف بوجهه منهم ، ففعل ذلك قالوا : وذلك بين
في الأخبار التي ذكرناها ، وأنه على ما وصفنا قبض ، قالوا : وبعد ، ففي النقل
المستفيض وتتابع أئمة المسلمين على تركهم توجيه السعاة والعمال على قبض صدقة الخيل
والرقيق من أهلها ، مع تركهم التواني في توجيه العمال والسعاة على قبض صدقة الإبل
والبقر والغنم السائمة أوضح البيان أن سبيل الخيل ، والرقيق بخلاف سبيل المواشي
التي فيها الصدقة ، وأن حكمها حكم سائر العروض التي لا صدقة فيها إذا لم تكن
للتجارة واعتل موجبو الصدقة في ذلك بأن قالوا : قد أجمع المسلمون نقلا عن نبيهم
صلى الله عليه وسلم على أن في الإبل والبقر والغنم السائمة صدقة ، وكل ذلك أموال
يتخذها أهلها لمنافعهم ، إما للنسل والنماء ، وإما للرسل والمتاع ، قالوا : فلا معنى
في شيء من ذلك إلا وفي الخيل والرقيق مثله ، من أنها قد تتخذ للنسل والنماء والرسل
والمتاع ، فتشرب ألبان الخيل ، وتركب ظهورها ، ويطلب نتاجها ، ويستخدم الرقيق
ويطلب نسله قالوا : فذلك كله متفق الأحكام باتفاق معانيه ، في أن ما وجب في بعضه
وجب في جميعه ، وما بطل عن بعضه بطل عن جميعه ، إذا كانت الأحكام على المعاني . .
. لازمان قالوا : وإن أحق الناس بأن يقول ما قلنا في الخيل والرقيق ، ويوجب فيهما
ما أوجبنا من الصدقة ، من أوجب الصدقة في الدخن والذرة والأرز ، لموافقة ذلك التمر
والزبيب والبر والشعير ، في أنه مأكول مكيل يدخر يابسا ويقتات غذاء ، كالذي يفعل
من ذلك في البر والشعير ، فوجب عنده التسوية بين أحكام جميع ذلك لاتفاق معانيه في
ما وصفنا قالوا : فالخيل ليست بأبعد شبها من الإبل والبقر من الدخن والذرة والأرز
من البر والشعير قالوا : فمن أنكر ما قلنا في الخيل والرقيق ، وأنكر تسويتنا
بينهما وبين الإبل والبقر في الصدقة ، من أوجب الصدقة في الدخن والذرة والأرز
فليأتنا بفرق يفرق بينه وبين من سوى بين الخيل والرقيق والإبل والبقر في الصدقة ،
وأنكر التسوية بين الذرة والدخن والبر والشعير قالوا : وبعد ، فإن الخيل والرقيق
قد أخذ الصدقة منهما إماما هدى بين المهاجرين والأنصار الذين هم الحجة على من
سواهم ، فلم ينكر ذلك منهم منكر ، ولم يعترض بالنكير منهم معترض ، ولو كان ذلك
خلافا لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ما رضوا بذلك ، ولا أقروه عليه ،
ولأنكروه أشد الإنكار . قالوا : ولكن ذلك كان هو الحق ، فلم ينكره منهم منكر ، بل
رضوا به وسلموا له . والصواب من القول في ذلك عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، وقضى به فعل الأئمة الراشدين ، وهو أن لا صدقة في خيل
لغير تجارة ولا رقيق كذلك ، وأنها في معنى الحمر ، والبغال التي قد أجمع الجميع
وارثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا صدقة فيها . ومن أبى ما قلنا في
ذلك ، وأبى إلا القول بوجوب الصدقة فيه ، سئل الفرق بينه وبين متحكم تحكم تحكمه ،
فأوجب الصدقة في الحمر والبغال ، وأنكر إيجابها في الخيل والرقيق ، فإن زعم أن
الفرق بينه وبين اتفاق الجميع على إنكار الصدقة في الحمر والبغال ، واختلافهم في
الخيل والرقيق ، قيل له : فرد المختلف فيه من ذلك على المجمع عليه منه ، إذ كان كل
ذلك متفقة معانيه ، وإلا فأتنا بفرق يوجب المخالفة بين أحكام ذلك من الوجه الذي
يجب التسليم له ؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله ، وقد بينا
وجه أخذ عمر ما أخذ من أرباب الخيل والرقيق في ذلك ، وإعلامه إياهم أن صاحبيه مضيا
قبله على ترك الأخذ منهم من ذلك شيئا بما أغنى عن تكريره وإعادته ، فإذ كان صحيحا
ما قلنا وبينا من القول في الصدقة في الخيل والرقيق بالذي به استشهدنا ، وكان ذلك
عرضا من العروض ، فبين أن مثله كل عرض لغير تجارة في أن لا صدقة فيه بالغا ثمنه
وقيمته ما بلغ ، سوى ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينه ، ففرض فيه
الصدقة ، وسوى ما كان نظيرا لذلك ومثلا .
__________
(1) سورة : الأحزاب آية رقم : 36
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب منه قول النبي صلى الله عليه وسلم : قد
عفونا لكم عن الخيل والرقيق ، يعني صلى الله عليه وسلم بقوله : قد عفونا لكم ، قد
تركنا لكم ، أن نأخذ الصدقة ، مما كان لنا أخذها منه لو أخذناها ، فتجاوزنا لكم
عنه ، على أنها كانت لازمة فتركها وأسقطها عنهم . وأصل العفو ترك العافي لمن عفا
عنه في شيء امتنع من أخذه كان له أخذه منه ، ومنه قيل : عفا فلان عن فلان القصاص
في الجراح ، ومنه قول الله تعالى ذكره : فاعف عنهم واستغفر لهم (1)
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 159
1246 - حدثنا عبد الله بن محمد الرازي ، حدثنا إسحاق بن منصور السلولي ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن شرحبيل ، عن عمر ، قال : سمعت مناد النبي ، صلى الله عليه وسلم ينادي : « لا يقربن الصلاة سكران »
مسند علي بن أبي طالب
ذكر ما لم يمض ذكره من أخبار ثعلبة بن يزيد الحماني ، عن علي رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1247
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب
بن أبي ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد الحماني ، قال : سمعت عليا ، يقول : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « لا صفر ، ولا هامة (1) ، ولا يعدي سقيم (2) صحيحا » قلت :
أأنت سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : « نعم » وحدثنا ابن حميد ، قال
: حدثنا عبد الله بن الجهم ، قال : حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن سفيان ، عن حبيب ،
عن ثعلبة ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
(2) السقيم : المريض
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، وذلك أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه ، وقد حدث هذا الحديث عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة غير سفيان ، غير أن في أسانيد بعضها بعض من في نقله نظر ذكر بعض ذلك
1248
- حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن يونس ، قال : حدثنا محمد بن
أبي هشام ، قال : حدثنا الوليد بن عقبة الشيباني ، قال : حدثنا حمزة بن حبيب ، عن
حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد السعدي ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا صفر ، ولا يعدي سقيم (1) صحيحا »
، قلت : أأنت سمعته ؟ قال : « سمع أذني ، وبصر عيني »
__________
(1) السقيم : المريض
1249
- حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا عبد الأعلى بن حماد ، قال : حدثنا حماد بن
شعيب ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد السعدي ، قال : سمعت علي بن أبي
طالب ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا صفر ، ولا هامة (1) ، ولا
يعدي سقيم (2) صحيحا » ، قال : فقلت : أأنت سمعته ؟ قال : « نعم سمعت أذناي ،
وأبصرت عيناي » وقد وافق عليا رحمة الله عليه في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان
إن شاء الله
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
(2) السقيم : المريض
1250
- ذكر ذلك ، حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال :
أخبرني يونس ، قال : قال ابن شهاب : حدثني أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا صفر ، ولا طيرة ، ولا هامة (1) »
، فقال الأعرابي : يا رسول الله « فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء (2) ،
فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها ، فتجرب كلها ؟ » قال : « فمن أعدى الأول ؟ »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
(2) الظباء : جمع ظبي ، وهو الغزال
1251 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أن أبا سلمة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى » ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يورد ممرض على مصح » فقال أبو سلمة : كان أبو هريرة يحدثهما كليهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم صمت بعد ذلك عن قول : « لا عدوى » ، وأقام على قوله : « لا يورد ممرض على مصح » ، قال : فقال الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب وهو ابن عم أبي هريرة : قد كنت يا أبا هريرة أسمعك تحدثنا مع هذا الحديث حديثا آخر قد كنت تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى » فأبى أبو هريرة ذلك ، وقال : « لا يورد ممرض على مصح » فماراه الحارث في ذلك حتى غضب أبو هريرة ، فرطن بالحبشية ، فقال للحارث : « أتدري ما قلت ؟ » قال : لا ، قال أبو هريرة : قلت : « أبيت » قال أبو سلمة : ولعمري لقد كان أبو هريرة يحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى » ، فلا أدري أنسي أبو هريرة ، أم نسخ أحد القولين الآخر ؟
1252
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ،
عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى ، ولا صفر ، ولا هامة
(1) » ، فقال أعرابي : يا رسول الله « الإبل تكون في الرمال ، فيخالطها البعير
الأجرب ، فتجرب كلها » فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « من أعدى الأول ؟ »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1253 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : قال أبو سلمة : سمعت أبا هريرة ، بعد ذلك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يورد ممرض على مصح » فقال له رجل : إنما حدثتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا عدوى ؟ » فقال : لا ، فقال أبو سلمة : « فما سمعته نسي حديثا قط قبله ، وأشهد بالله لقد سمعته منه »
1254
- حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن جعفر بن
برقان ، عن الزهري ، قال : أخبرني سنان بن أبي سنان الدولي ، أن أبا هريرة ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا صفر ، ولا هامة (1) » ، فقام
رجل من الأعراب فقال : يا رسول الله ، أرأيت الإبل تكون في الرمل مثل الظباء (2) ،
يأتيها البعير الأجرب فتجرب جميعا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فمن أعدى
الأول ؟ »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
(2) الظباء : جمع ظبي ، وهو الغزال
1255
- حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا شجاع ، عن عبد الله بن شبرمة ، عن
أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله ، النقبة تكون بمشفر البعير ، أو بعجبه ، فتشتمل الإبل كلها جربا ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فما أعدى الأول ؟ لا عدوى ، ولا هامة (1) ،
ولا صفر ، خلق الله كل نفس ، فكتب حياتها ، ومصيباتها ، ورزقها »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1256
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن أبي
صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا
طيرة ، ولا هامة (1) ، ولا صفر »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1257
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن
أيوب ، قال : حدثني ابن عجلان ، قال : حدثني القعقاع بن حكيم ، وعبيد الله بن مقسم
، وزيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : « لا عدوى ، ولا هامة (1) ولا غول ، ولا صفر » قال أبو صالح : « فسافرت إلى
الكوفة ، ثم رجعت ، فإذا هو ينتقص الرابعة لا يذكرها » فقلت له : « لا عدوى » قال
: أبيت (2) ، قلت : « لا عدوى » قال : « أبيت »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
(2) أبى : رفض وامتنع
1258
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان ، عن سليمان ، عن
ذكوان ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أربع من الجاهلية ،
لن يدعها الناس : النياحة (1) ، والتغاير أو التعاير » ، شك أبو عامر ، « في
الأحساب ، ومطرنا بنوء كذا وكذا ، والعدوى ، جرب بعير في مائة ، فمن أعدى الأول ؟
»
__________
(1) النياحة : البكاء بجزع وعويل
1259
- وحدثني بحر بن نصر الخولاني ، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قالا : حدثنا ابن
وهب ، عن عمرو بن الحارث ، أن جعفر بن ربيعة ، حدثه أن عبد الرحمن الأعرج ، حدثه ،
عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا هام (1) ، لا هام »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1260 - وحدثني أحمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عمي ، قال : أخبرني معروف بن سويد ، أنه سمع علي بن رباح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ولا طائر »
1261 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني معروف بن سويد الجذامي ، عن علي بن رباح اللخمي ، قال : سمعت أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا طير »
1262
- وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن مضارب بن حزن
، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا هامة
(1) ، وخير الطير الفأل (2) ، والعين حق »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
(2) الفأل : الكلمة الطيبة الصالحة
1263
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن سعيد الجريري ، عن مضارب بن
حزن التميمي ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى
، ولا طيرة ، ولا هامة (1) ، والعين حق »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1264
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا هشام بن عبد الملك ، قال : حدثنا شعبة ، قال :
أخبرني علقمة بن مرثد ، قال : سمعت أبا الربيع ، أنه سمع أبا هريرة ، يحدث عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أربع في أمتي من أمر الجاهلية ، لن يدعوها :
الطعن في الأنساب ، والنياحة (1) ، ومطرنا بنوء كذا ، والعدوى ، اشتريت بعيرا فجرب
، أو : جربا ، فجعلته في مائة من الإبل (2) ، فجربت ، من أعدى الأول ؟ »
__________
(1) النياحة : البكاء بصوت مرتفع مع ترديد عبارات السخط
(2) الإبل : الجمال والنوق ليس له مفرد من لفظه
1265
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن يحيى بن
أبي كثير ، قال : حدثني الحضرمي ، أن سعيد بن المسيب ، حدثه قال : سألت سعد بن أبي
وقاص عن الطيرة ، قال : « فانتهرني (1) » وقال : من حدثك ؟ فكرهت أن أحدثه من
حدثني ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا عدوى ، ولا طيرة ،
ولا هامة (2) » وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن هشام ، وحدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا هشام ، عن يحيى ، قال :
حدثني الحضرمي بن لاحق ، عن سعيد بن المسيب ، قال : سألت سعد بن أبي وقاص عن
الطيرة فذكر مثله
__________
(1) انتهره : زجره ونهاه وعنفه
(2) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1266
- وحدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي قال : حدثني الأوزاعي ، قال
: حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني حضرمي بن لاحق ، قال : حدثني سعيد بن
المسيب ، قال : سمعت سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« لا هام (1) ، ولا عدوى ، ولا طيرة »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1267 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا الطفاوي ، قال : حدثنا حجاج الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا هامة ولا عدوى ، ولا طيرة »
1268
- وحدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا أبو اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري
، عن السائب بن يزيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى ، ولا صفر
، ولا هامة (1) »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1269
- وحدثني محمد بن خالد بن خلي ، قال : حدثنا بشر بن شعيب ، قال : حدثني أبي ، ، عن
الزهري ، قال : حدثني السائب بن يزيد ابن أخت نمر ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : « لا عدوى ، ولا صفر ، ولا هامة (1) »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1270 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، وبحر بن نصر الخولاني ، قال يونس : أخبرنا ابن وهب ، وقال بحر : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن حمزة ، وسالم ابني عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى ، ولا طيرة »
1271 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا يونس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى ، ولا طيرة »
1272
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا حامد ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن
دينار ، قال : اشترى ابن عمر إبلا هيما من شريك للنواس ، ولم يعرفه الرجل ، فلما
جاء النواس قال له : « ممن بعت إبلي (1) ؟ » قال : من رجل ، ووصفه له ، فقال له
النواس : « ويحك ، ذاك عبد الله بن عمر ، قال : فجاء النواس فقال : يا أبا عبد
الرحمن ، إن شريكا لي باعك إبلا هيما ، ولم يعرفك ، فقال له ابن عمر : خذها إذا ،
اقتدها ، فلما ذهب يقتادها ، قال له ابن عمر : » دعها ، رضينا بقضاء رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « لا عدوى »
__________
(1) الإبل : الجمال والنوق ليس له مفرد من لفظه
1273 - وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، قال : حدثنا القاسم ، عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا طيرة ، فمن أعدى الأول ؟ »
1274
- وحدثنا محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا هيثم بن جميل ، قال : حدثنا زهير ، عن
أبي الزبير ، عن جابر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا
طيرة ، ولا غول (1) »
__________
(1) الغول : كانت العرب تزعم أن الغيلان في الصحراء ، وهي جنس من الشياطين تظهر
للناس وتتلون لهم فتضلهم عن الطريق وتهلكهم
1275
- حدثني محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا الضحاك بن مخلد ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني
أبو الزبير ، قال : سمعت جابر بن عبد الله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « لا عدوى ، ولا صفر (1) ، ولا غول (2) »
__________
(1) الصفر : داء يصيب البطن ويؤذيه ، وزعمت العرب أنه يعدي
(2) الغول : كانت العرب تزعم أن الغيلان في الصحراء ، وهي جنس من الشياطين تظهر
للناس وتتلون لهم فتضلهم عن الطريق فتهلكهم
1276 - وحدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن ابن أبي ليلى ، عن العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا طيرة » وحدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال ، حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر مثله
1277
- وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا طيرة ، ولا
هامة (1) ، ولا عدوى ، ولا صفر » فقال رجل من القوم : « أليس البعير يكون به الجرب
، فيكون في الإبل ، فيعديها ؟ » قال : « أفرأيت الأول ؟ من أعداه ؟ »
__________
(1) الهامة : الرأس ، واسم طائر ليلي - وهو المراد هنا - كانوا يتشاءمون بها وقيل
هي البومة
1278 - حدثنا أبو كريب ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا طيرة ، ولا هامة ، ولا صفر » قال رجل : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن « الرجل ليأخذ الشاة الجرباء فيطرحها في مائة شاة ، فتجربها » قال : « فمن أجرب الأول ؟ »
1279 - وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسين بن عيسى الحنفي ، قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم : « لا عدوى » ، فقال أعرابي : يا رسول الله ، إن الناقة الجرباء لتدخل في الأينق ، فيجربن جميعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فمن أعدى الأول » ؟
1280
- وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا طيرة ، ولا صفر
(1) » ، قال : قيل : يا رسول الله ، إن الرجل ليأخذ الشاة الجرباء فيطرحها في مائة
شاة ، فتجربها كلها قال : « فمن أجرب الأول ؟ »
__________
(1) الصفر : داء يصيب البطن ويؤذيه ، وزعمت العرب أنه يعدي
1281 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى ولا طيرة ، وأحب الفأل » قالوا : يا رسول الله ، وما الفأل ؟ قال : « الكلمة الطيبة »
1282 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة ، يحدث عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لا عدوى ، ولا طيرة »
1283
- وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن
جابر بن عبد الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا عدوى ، ولا طيرة وكل
إنسان ألزمناه طائره في عنقه (1)
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 13
القول
في البيان عما في هذا الخبر من الفقه والذي فيه من ذلك : الإبانة من النبي صلى
الله عليه وسلم عن إبطال ما كان أهل الجاهلية يتواصون به بينهم ، ويستعملونه في
جاهليتهم من التطير ، واتقاء مخالطة ذي الداء حذارا من أن يعديهم داؤه في المؤاكلة
، والمشاربة ، والمجالسة ، وغير ذلك من المخالطة ، وإعلام من النبي صلى الله عليه
وسلم أمته أن أحدا من خلق الله لن يصيبه إلا ما سبق له في أم الكتاب من خير أو شر
وبمثل الذي ورد الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، نطق محكم كتاب
ربنا تعالى ذكره ، وذلك قوله : « وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ، ونخرج له يوم
القيامة كتابا يلقاه منشورا » (1) ، وقوله « قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو
مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون » (2) ، وقوله مخبرا عن قيل رسله الذين أرسلهم
تعالى ذكره إلى أهل القرية الذين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم أن يضرب لقومه بهم
مثلا ، إذ قال لهم من أرسلوا إليه : « إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم ،
وليمسنكم منا عذاب أليم » (3) ، « طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون » (4)
في آي ذوات عدد فإن قال لنا قائل : فإن كان الأمر في هذه الأخبار التي رويت لنا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كالذي ذكرت من دلالتها على إبطاله صلى الله عليه
وسلم ما وصفت ، فما وجه الأخبار الواردة عنه صلى الله عليه وسلم التي منها ما
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 13
(2) سورة : التوبة آية رقم : 51
(3) سورة : يس آية رقم : 18
(4) سورة : يس آية رقم : 19
1284
- حدثكموه أبو كريب ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ،
قال : حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «
لا يورد ممرض على مصح (1) »
__________
(1) المصح : السليم من الأمراض
1285
- وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن أبي
حسان ، أن رجلين ، دخلا على عائشة ، فحدثاها أن أبا هريرة قال : إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : « الطيرة في المرأة ، والفرس والدار ، فغضبت غضبا شديدا ،
وطارت شقة (1) في الأرض ، وشقة في السماء » وقالت : ما قاله ، إنما قال : « كان
أهل الجاهلية يتطيرون (2) من ذلك »
__________
(1) طارت شقة : مبالغة في الغضب والغيْظِ ، يقال قد انشق فلان من الغضب والغيظ
كأنه امتلأ باطنه منه حتى انشق
(2) التطير : التفاؤل والتشاؤم بالطير ، وذلك إذا شرع أحدهم في حاجة وطار الطير عن
يمينه يراه مباركا ، وإن طار عن يساره يراه غير مبارك
1286
- حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن نهاس بن قهم ، قال : سمعت شيخا ، من أهل
مكة قال : سمعت أبا هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فر من
المجذوم (1) كفرارك من الأسد »
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1287
- وحدثنا عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا
النهاس ، رجل من بني قيس بن عكابة ، قال : حدثني رجل ، من أهل مكة قال : أشرف أبو
هريرة من ذا الباب الذي تخرج منه إلى الصفا ، وهو منحرف عن الركن قليلا ، فسمعته
يقول : سخت درست ، والله لو أن الدين معلق بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس ،
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا عدوى ، ولا طيرة ، وفر من المجذوم
(1) كفرارك من الأسد » قال : « فأنكر عليه ذلك القوم » فقال : سمعته من أبي هريرة
، وإلا فصمتا
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1288
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن يعلى بن عطاء ، عن
عمرو بن الشريد ، يراه عن أبيه ، قال : كان في وفد ثقيف رجل مجذوم (1) ، فأرسل
إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو على الباب : « إنا قد بايعناك فارجع »
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1289
- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا يعلى بن عطاء ، عن رجل
من آل الشريد يقال له عمرو ، عن أبيه قال : كان « في وفد ثقيف رجل مجذوم (1) ،
فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن ارجع ، فقد بايعناك » قال : أبو جعفر ،
قال لي يعقوب ، وقال مرة أخرى يعني هشيما ، أخبرنا يعلى ، عن عمرو بن الشريد ، عن
أبيه
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1290
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال :
سمعت خالدا ، عن أبي قلابة ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى ،
وفر من المجذوم (1) كما تفر من الأسد »
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1291 - وحدثني أبو معاوية البصري بشر بن دحية ، قال : حدثني عيسى بن يونس ، قال : حدثني عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن أمه فاطمة ابنة حسين ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمجذمين : « لا تديموا النظر إليهم »
1292
- حدثني محمد بن إسماعيل الضراري ، قال : أخبرنا أبو مصعب مطرف بن عبد الله الأصم
، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ،
عن أمه فاطمة ابنة حسين ، عن ابن عباس ، أنه قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن نديم النظر إلى المجذمين (1) ، وقال : « لا تديموا النظر إليهم »
__________
(1) المجذمين : جمع مجذم وهو : الذي أصيب بمرض الجذام الذي تتساقط منه أطراف الجسم
1293
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن
عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن أمه
فاطمة ابنة حسين ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا
تديموا النظر إلى المجذمين (1) » ، زاد أبو كريب في حديثه : « ومن كلمه منكم
فليكلمه وبينه وبينه قيد رمح »
__________
(1) المجذمين : جمع مجذم وهو : الذي أصيب بمرض الجذام الذي تتساقط منه أطراف الجسم
1294
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي
الزناد ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن أمه فاطمة ابنة حسين بن علي ،
عن ابن عباس ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تديموا النظر إلى
المجذمين (1)
__________
(1) المجذمين : جمع مجذم وهو : الذي أصيب بمرض الجذام الذي تتساقط منه أطراف الجسم
1295
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد بن سعيد بن أبان ، عن أبي فضالة ، عن عبد
الله بن عامر ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، عن أمه فاطمة ابنة حسين ،
عن أبيها حسين بن علي ، عن أمه فاطمة قالت فيما أرى ، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « لا تديموا النظر إلى المجذمين (1) ، إذا كلمتموهم فليكن بينكم وبينهم قيد
رمح »
__________
(1) المجذمين : جمع مجذم وهو : الذي أصيب بمرض الجذام الذي تتساقط منه أطراف الجسم
1296 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني الحضرمي ، أن سعيدا ، حدثه ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن يكن الطير في شيء ، فهو في المرأة والفرس والدار » حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا هشام ، وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن هشام ، عن يحيى ، قال : حدثني الحضرمي بن لاحق ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
1297 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا الطفاوي ، قال : حدثنا الحجاج الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن كانت الطيرة شيئا ، ففي المرأة والدابة والدار »
1298 - حدثني العباس بن الوليد ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا الأوزاعي ، قال : أخبرني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني حضرمي بن لاحق ، قال : حدثني سعيد بن المسيب ، قال : سمعت سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن يكن التطير في شيء ، فهو في الفرس والمرأة والدار »
1299 - حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا زهير ، عن عتبة بن حميد ، قال : حدثني عبيد الله بن أبي بكر ، أنه سمع أنس بن مالك ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا طيرة ، والطيرة على من تطير ، وإن تك في شيء ، ففي الدار والمرأة والفرس »
1300 - حدثني علي بن داود ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : أخبرني عتبة ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الطيرة في المسكن ، والمرأة والفرس »
1301 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا سليمان بن بلال ، قال : حدثني عتبة بن مسلم ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن كان الشؤم في شيء ، ففي الفرس والمسكن والمرأة »
1302 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، وبحر بن نصر ، قال يونس ، أخبرنا ، وقال بحر : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن حمزة ، وسالم ابني عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إنما الشؤم في ثلاثة : المرأة والفرس والدار »
1303 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا يونس ، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا عدوى ، ولا طيرة ، والشؤم في ثلاث ، في المرأة والدار والفرس »
1304 - وحدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن مهدي ، عن مالك ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الشؤم في ثلاثة ، في الفرس والمرأة والدار »
1305 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الشؤم في ثلاثة : في الفرس والمرأة والدار »
1306 - حدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : حدثنا أبي قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد العزيز ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الشؤم في ثلاث ، الدار والمرأة والفرس »
1307 - وحدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن ابن أبي ليلى ، عن العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا طيرة ، وإن كان في شيء ففي الفرس والدار والمرأة »
1308 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو شهاب ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا طيرة ، فإن كان في شيء ، ففي الدار والمرأة والفرس »
1309
- حدثني محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا الضحاك بن مخلد ، قال : أخبرنا ابن جريج ،
قال : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : « إن كان في شيء ففي الربع (1) ، والفرس ، والمرأة ، يعني
الشؤم »
__________
(1) الربع : محل القوم ومنزلهم ودار إقامتهم
1310 - وحدثني علي بن مسلم الطوسي ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : قال أبو الزبير ، سمع جابر بن عبد الله ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن كان ففي الربع ، والمرأة ، والفرس يعني الشؤم » حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، قال : حدثنا يعقوب بن كعب الحلبي ، قال : حدثنا مخلد بن يزيد ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
1311 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : ذكر الشؤم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إن كان في شيء ، ففي المرأة ، والمسكن ، والفرس »
1312 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن أبي معاذ ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن يك الشؤم في شيء ، ففي المرأة ، والدابة ، والمسكن »
1313 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن أبي حازم ، قال : حدثني أبي قال : ذكر الشؤم عند سهل بن سعد الساعدي فقال : كنا نقول : « إن كان شيء ، ففي المرأة والمسكن والفرس »
1314 - وحدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : حدثني أبو حازم ، قال : سمعت سهل بن سعد ، يقول : ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم ، فقال : « إن كان في شيء ، ففي المرأة والمسكن والفرس »
1315
- حدثني محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا بشر بن عمر ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، عن
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رجل : يا نبي الله ،
إنا كنا في دار كثر فيها عددنا ، وكثر فيها أموالنا ، فتحولنا إلى دار أخرى ، فقل
فيها عددنا ، وقلت فيها أموالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « دعوها ، أو
ذروها (1) وهي ذميمة »
__________
(1) ذروها : اتركوها ودعوها
1316
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا يحيى بن كثير أبو غسان ، قال : حدثنا صالح ، عن
الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أن امرأة ، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت
: يا رسول الله ، سكنا دارنا ونحن ذوو وفر ، فاحتجنا ، وساءت ذات بيننا ، واختلفنا
، فقال : « بيعوها ، أو ذروها (1) ، وهي ذميمة » قيل : قد اختلف السلف قبلنا في
ذلك ، فنذكر ما قالوا فيه ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله ، فأنكر بعضهم صحة
هذه الأخبار ، وأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شيئا مما فيها ، أو أن
يكون أمر بالبعد من ذي عاهة ، جذاما كانت عاهته أو برصا ، أو غير ذلك وقالوا : قد
أكل النبي صلى الله عليه وسلم مع مجذوم ، وأقعده معه
__________
(1) ذروها : اتركوها ودعوها
ذكر من قال ذلك أو روي عنه أنه أكل مع ذي العاهة خوفا أن يكون في تركه الأكل معه دخول منه في معنى ما أبطله النبي صلى الله عليه وسلم من العدوى ، ونهى عنه من التطير
1317 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : سمعت ابن جريج ، يقول : سمعت ابن أبي مليكة ، يقول : قلت لابن عباس : كيف ترى في جارية لي في نفسي منها شيء ؟ فإني سمعتهم يقولون : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : « إن كان شيء ، ففي الربع والفرس والمرأة » ، قال : فأنكر أن يكون سمع ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أشد النكرة ، وقال : « إذا وقع في نفسك منها شيء ففارقها : بعها أو أعتقها »
1318 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حميد بن خوار ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال : جئت ابن عباس ذات يوم ، فقلت : إن جاريتي قد وقع في نفسي منها شيء ، وقد زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن يك في شيء ففي الرباع ، والمرأة والفرس » فأنكر ابن عباس أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ، أو أن يكون الشؤم في شيء ، وقال : « إن كان وقع في نفسك منها شيء فبعها ، أو أعتقها »
1319 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، قال : قيل لعائشة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الطيرة في المرأة والفرس والدار » ؟ فقالت : ما قاله ، إنما قال : « كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك »
1320
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن
بن القاسم ، عن أبيه ، أن وفد ثقيف أتوا أبا بكر ، فأتى بطعام فدعاهم ، فتنحى رجل
، فقال : ما لك ؟ قال : مجذوم . « فدعاه ، فأكل معه ، فجعل أبو بكر يأكل مما يأكل
منه المجذوم (1) »
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1321
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني
عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، قال : أمرني يحيى بن الحكم على جرش ،
فقدمتها ، فحدثوني أن عبد الله بن جعفر ، حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لصاحب هذا الوجع الجذام (1) : « اتقوه كما يتقى السبع ، إذا هبط واديا فاهبطوا
غيره » فقلت : « والله لئن كان عبد الله حدثكم هذا ما كذبكم ، فلما عزلني عن جرش
قدمت المدينة ، فلقيت عبد الله بن جعفر ، فقلت : يا أبا جعفر ، ما حديث حدثني به
أهل جرش عنك ؟ قال : ثم ذكرته ، فقال : كذبوا ، والله ما حدثتهم هذا ، ولقد رأيت
عمر بن الخطاب يدعو بالإناء فيه الماء ، فيعطيه معيقيبا ، وكان رجلا قد أسرع فيه
ذلك الوجع ، فيشرب منه ، ثم يتناوله منه ، فيضع فاه موضع فمه حتى يشرب منه ، يعرف
أنه إنما يصنع ذلك فرارا أن يدخله شيء من العدوى
__________
(1) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف
1322
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك بن
حرب ، قال : سمعت شييم بن ذييم البكري أبا مريم ، قال : كنت مع علي ، وعمر ، وعبد
الرحمن وهم يأكلون ، فجاء رجل من خلف عمر به برص ، فتناول منه ، قال : فقال له عمر
: أخر ، وقال بيده ، قال : فقال علي : قال أبو جعفر : فيما أظن فحشت على طعامك ،
وآذيت جليسك فجعل عمر ينظر إلى عبد الرحمن ، فقال عبد الرحمن : صدق ، فحمد الله
عمر ، فقال رجل لعمر : يا أمير المؤمنين ، إن أمر هذا كذا وكذا ، يتنقصه ، فقال
عمر : « أتتقيه ؟ » قال : لا ، قال : « فحمله على ناقة ، وكساه حلة (1) حدثنا ابن
المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، قال : سمعت أبا مريم
شييم بن ذييم قال : شهدت عمر بن الخطاب وهو يطعم ، فجاء رجل به شيء من برص ، فوضع
يده في الطعام » فذكر نحوه
__________
(1) الحُلَّة : ثوبَان من جنس واحد
1323
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا سفيان بن حبيب ، عن حبيب بن الشهيد ،
عن عبد الله بن بريدة ، إن شاء الله حميد استثنى ، أن سلمان كان « يصنع الطعام ،
فيدعو المجذمين (1) فيأكل معهم »
__________
(1) المجذمين : جمع مجذم وهو : الذي أصيب بمرض الجذام الذي تتساقط منه أطراف الجسم
1324
- حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ، قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن
سفيان ، عن مرزوق أبي بكير ، عن عكرمة ، أنه تنحى (1) عن مجذوم ، فقال له ابن عباس
: « يا ماص ، » لعله خير مني ومنك «
__________
(1) تنحى : مال جانبا وتباعد
1325 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي بكير ، عن عكرمة ، أن ابن عباس ، أتاه رجل به جذام ، قال : فدفعته ، أو كلمة تشبهها ، فقال : يا ماص ، « وما يدريك ، لعله خير منك »
1326 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت ختنا لكثير بن سيار قال : سمعت سليطا ، رجلا من أهل مكة قال : كان ابن عمر ينزل على خالد بن سعد ، فكان يأكل المجذمون معه ، فكان خالد أو بعض أهله لا يأكل معه ، فقال ابن عمر : « تقذر هؤلاء ، ولعل بعضهم يكون ، أو قال : يصير يوم القيامة ملكا »
1327
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن
أبي معشر ، عن رجل ، قال : رأيت ابن عمر يأكل ومعه مجذوم ، فجعل يضع يده في موضع
يد المجذوم من الثريد (1)
__________
(1) الثريد : الطعام الذي يصنع بخلط اللحم والخبز المفتت مع المرق وأحيانا يكون من
غير اللحم
1328
- حدثنا مروان بن الحكم الحراني ، قال : حدثنا الخضر بن محمد الحراني ، قال :
حدثنا المعافى بن عمران ، قال : حدثنا نافع بن القاسم ، عن جدته فطيمة قالت : دخلت
على عائشة فسألتها : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المجذومين (1) : «
فروا منهم كفراركم من الأسد » ؟ فقالت أم المؤمنين : كلا ولكنه قال : « لا عدوى ،
فمن أعدى الأول ؟ » وقد كان مولى لي يأكل في صحافي (2) ، ويشرب في أقداحي ، وينام
على فراشي ، أصابه ذلك الداء (3) ، فلو أقام معي عايشته ما عاش ، ولكنه سألني أن
أجهزه إلى الغزو ، فجهزته ، وغزا
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
(2) الصحفة : إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف
(3) الداء : المرض
1329 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : دخلت على سالم بن عبد الله منزله ، وكان لا يأكل إلا ومعه مسكين ، قال : فأرسل مولى له ، فأتاه بعجوز عمياء جذماء ، أو حدباء فأجلسها معه ، قال : فجعلت تأكل معه ، قال : وأنا ناحية لا يدعوني ، ولو دعاني ما أجبته قال : فقال لها : أي شيء تحبين أسقيك ؟ قالت : ما شئت ، قال : « فدعا لها بشراب فشربت ، ثم أمر مولاه فردها » وكانت علة قائلي هذه المقالة إبطال رسول الله صلى الله عليه وسلم العدوى قالوا : ومن العدوى توقي مؤاكلة ذي العاهة حذارا من عاهته ، وأن تصيبه بمؤاكلته إياه ، أو مشاربته ، أو ما أشبه ذلك ، قالوا : وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أكل مع مجذوم ، خلافا على أهل الجاهلية فيما كانوا يفعلونه من ترك مؤاكلته ، ومشاربته ، خوفا من أن يعديهم داؤه
ذكر الخبر الوارد بذلك
1330
- حدثني العباس بن محمد ، قال : حدثنا يونس بن محمد ، عن مفضل بن فضالة ، عن حبيب
بن الشهيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، أن النبي صلى الله عليه
وسلم أخذ بيد مجذوم (1) فأقعده معه ، قال : « كل ثقة بالله وتوكلا عليه »
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1331 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : حدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيت في أناس من أصحابه وهم يطعمون ، فقام سائل على الباب به زمانة يتكره منها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « ادخل » ، فدخل ، فأجلسه على فخذيه « فقال له : » أطعم « ، وكرهه رجل من قريش واشمأز منه ، قال : » فما مات ذلك الرجل حتى كانت به زمانة يتكره منها « وقال آخرون : أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار من المجذوم ، واتقاء مؤاكلته ومشاربته ، ونهيه أن يورد ممرض على مصح ، صحيح قالوا : فغير جائز لمن علم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار من المجذوم ، إلا الفرار منه ، ولمن صح عنده نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إدامة النظر إلى المجذمين ، إدامة النظر إليهم ، ولمن ثبت عنده خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن إيراد المرضى من ماشيته على صحاح المصح ، إيرادها عليها
ذكر من قال ذلك ممن لم يمض ذكره
1332
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ،
أن عمر بن الخطاب ، قال للمعيقيب : « اجلس مني قيد (1) رمح » ، قال : « وكان به
ذاك الداء (2) ، وكان بدريا »
__________
(1) قيد : قدر أو مسافة
(2) الداء : المرض
1333
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن
أبيه ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، قال : كان عمر بن الخطاب إذا أتي بالطعام وعنده
معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان
مجذوما (1) ، قال له : يا معيقيب « كل مما يليك ، فايم الله ، أن لو غيرك به ما بك
، ما جلس مني على أدنى من قيس رمح »
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
1334
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : حدثنا محمد بن سواء ، قال : سمعت خالدا
الحذاء ، يحدث عن أبي قلابة ، أنه « كان يتقي المجذوم (1) » والصواب من القول في
ذلك عندنا ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه قال : « لا عدوى
، ولا طيرة ، ولا صفر » ، وأنه لا يصيب نفسا إلا ما كتب الله لها ، وقضى عليها في
أم الكتاب . فأما دنو عليل من صحيح ، أو قرب سقيم من بريء ، فإنه غير موجب للصحيح علة
وسقما ، وليس دنو سقيم من ذي الصحة بأولى بأن يوجب له سقما ، من الصحيح بأن يوجب
بدنوه من ذي السقم للسقيم صحة ، غير أن الأمر ، وإن كان كذلك ، فإنه غير جائز
لممرض أن يورد على مصح ، ولا ينبغي لذي صحة الدنو من ذي الجذام ، والعاهة التي هي
نظيرة الجذام التي يتكرهها الناس ، لا لأن ذلك حرام ، ولكن حذارا من أن يظن الصحيح
إن نزل به ذلك يوما أو أصابه أنه إنما أصابه ذلك لما كان من دنوه منه وقربه ، أو
من مؤاكلته إياه ومشاربته ، فيوجب له ذلك الدخول فيما قد كان نهى عنه النبي صلى
الله عليه وسلم وأبطله من أمر الجاهلية في العدوى والطيرة وليس في أمر النبي صلى
الله عليه وسلم بالفرار من المجذوم ، كما يفر من الأسد خلاف لأكله صلى الله عليه
وسلم معه ، ولا في إرساله إليه وقد جاء يريد مبايعته بأن ارجع ، فقد بايعناك ،
وتركه إدخاله عليه للبيعة ، خلاف لإدخال آخر منهم إليه ، وإقعاده إياه معه على
طعامه ، ومؤاكلته إياه ، ولا في قوله صلى الله عليه وسلم : « لا عدوى » خلاف لقوله
: « لا يورد ممرض على مصح » ولا في قوله « لا طيرة » ، خلاف لقوله : « إن يكن
الشؤم في شيء ففي ثلاث : المرأة والدار والفرس » ، وذلك أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قد كان يأمرنا الأمر على وجه الندب أحيانا ، وعلى وجه الإعلام والإباحة
أخرى ، وعلى غير ذلك من الوجوه ، ثم يترك فعله ، لنعلم بذلك أن أمره به لم يكن على
وجه الإلزام ، وكان ينهى صلى الله عليه وسلم عن الشيء على وجه التكره ، والتنزه
أحيانا ، وعلى وجه التأديب أخرى ، وغير ذلك من الوجوه ، على ما قد بينا في كتاب
الرسالة ، ثم يفعله ، لنعلم أن نهيه عنه لم يكن على وجه التحريم فقوله صلى الله
عليه وسلم : « لا عدوى ، ولا صفر ، ولا طيرة » ، إعلام منه صلى الله عليه وسلم
أمته أن يكون لذلك حقيقة ، ونفي منه أن يكون له صحة ، لا نهي . وقوله صلى الله
عليه وسلم « لا يورد ممرض على مصح » ، نهى منه الممرض أن يورد ماشيته المرضى على
ماشية أخيه الصحاح ، لئلا يتوهم المصح ، إن مرضت ماشيته الصحيحة أن مرضها حدث من
أجل ورود المرضى عليها ، فيكون داخلا بتوهمه ذلك في تصحيح ما قد أبطله صلى الله
عليه وسلم ، وكذلك أمره بالفرار من المجذوم ، مع إبطاله العدوى والصفر ، على ذلك
من المعنى ، وهو لئلا يظن الصحيح الذي قرب من المجذوم ، وطعم معه وشرب ، إن أصابه
يوما من الدهر جذام ، أن الذي أصابه من ذلك إنما أصابه من المجذوم لما كان منه من
قربه من المجذوم ومؤاكلته إياه ، ومشاربته وأما قوله صلى الله عليه وسلم « إن كان
الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس » فإنه لم يثبت بذلك صحة الطيرة ، بل إنما
أخبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك إن كان في شيء ففي هذه الثلاث ، وذلك إلى النفي
أقرب منه إلى الإيجاب ، لأن قول القائل : إن كان في هذه الدار أحد فزيد ، غير
إثبات منه أن فيها زيدا ، بل ذلك من النفي أن يكون فيها زيد ، أقرب منه إلى
الإثبات أن فيها زيدا
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : «
لا عدوى » يعني بقوله لا عدوى لا يعدو داء ذي الداء إلى غيره بدنوه منه وقربه ،
وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يتحامون مجالسة أهل الأدواء ، ومؤاكلتهم ، ومشاربتهم ،
ويزعمون أن دنو الصحيح منهم يتعدى إليه ما بهم من الداء ، كما قال لبيد بن ربيعة للنعمان
بن المنذر في الربيع بن زياد العبسي ، وكان النعمان ينادم الربيع بن زياد العبسي ،
فرماه لبيد بأن به برصا ، لتخبث نفس النعمان عليه ، ويترك منادمته : مهلا أبيت
اللعن ، لا تأكل معه إن استه من برص ملمعه وإنه يولج فيها إصبعه فتحامى النعمان
منادمته ، فقال الربيع : « أبيت اللعن ، إن لبيدا كاذب فيما قد قال : فقال له
النعمان : قد قيل ذلك إن حقا ، وإن كذبا فما اعتذارك من شيء إذا قيلا ؟ وكما قال
زهير بن أبي سلمى : جانيك من يجني عليك وقد يعدي الصحاح مبارك الجرب وقد أكثر
شعراء الجاهلية في ذلك لكثرة استعمالهم إياه ، وتصديقهم به ، وقد استعمل ذلك كثير
منهم في الإسلام ، وإياه قصد الفرزدق في الإسلام بقوله : ألا ليتنا كنا بعيرين لا
نرد على حاضر إلا نشل ونقذف كلانا به عر يخاف قرافه على الناس ، مطلي المساعر أخشف
يقال منه : عدا عليه كذا ، فهو يعدو عدوا ، وعدا الرجل والفرس ، إذا أحضرا ، يعدوا
عدوا وعدوا ، وأعدى فلان فرسه ، فهو يعديه إعداء ، وأعدى فلان فلانا جربه ، وللعدو
أيضا معنى غير ذلك ، وهو الجور والظلم ، يقال منه : عدا فلان ، فهو يعدو عدوا
وعدوانا وعدوا ، وذلك إذا جار وظلم ، ويقال : عداني عن لقائك كذا وكذا ، فهو
يعدوني عنه عدوا ، وذلك إذا شغله عنه ، ومنه قوله عروة بن الورد العبسي : هجرت
غضوب ، وحب من يتجنب وعدت عواد دون وليك تشعب وقول أعشى بني ثعلبة : وأنى عداني
عنك لو تعلمينه مصائب لم ينزل سواي جليلها وأما قولهم : أعداني فلان على كذا ،
فإنه معنى غير ذلك ، وإنما معناه : أعانني عليه ، يقال منه : أعدني يا فلان على
فلان ، وآدني ، يعني به : قوني عليه وأعني ، ومنه قول الشاعر : تعلمت ترقيق
المعيشة بعدما كبرت ، وأعداني على اللؤم خالد يعني بقوله : » أعداني ، أعانني «
يقال منه : » أعداه عليه ، فهو يعديه إعداء ، وأما العداء بالمد فهو مصدر ، من قول
القائل : عادى فلان بين كذا وكذا من الرجال ، إذا والى بين قتلهم ، عداء ، وكذلك
إذا والى بين جماعة من الصيد قيل : عادى بينها ، ومنه قوله امرئ القيس بن حجر :
فعادى عداء بين ثور ونعجة دراكا ، ولم ينضح بماء فيغسل ، وأما العدوة والعدوة ،
فإنها الساحة والفناء ، ومنه قول الله تعالى ذكره : « إذ أنتم بالعدوة الدنيا ،
وهم بالعدوة القصوى » (1) ، وأما أعداء الطريق ، فإنها أرجاؤه ونواحيه ، ومنه قول
ذي الرمة : تستن أعداء قريان تسنمها غر الغمام ، ومرتجاته السود وأما قوله صلى
الله عليه وسلم « ولا صفر » ، فإنه فيما حدثت عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال :
سمعت يونس يعني الجرمي : سئل رؤبة بن العجاج عن الصفر ، فقال : « هي حية تكون في
البطن ، تصيب الماشية والناس » قال : وهي أعدى من الجرب عند العرب قال أبو عبيدة :
ويقال : إن قوله : « ولا صفر » ، إبطال من النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أهل
الجاهلية ، يفعلونه من تأخيرهم المحرم إلى صفر في التحريم والصواب عندي من القول
في ذلك ما قاله رؤبة بن العجاج ، ومن الشاهد على تصحيح قوله في ذلك قول أعشى باهلة
في صفة رجل : لا يشتكي الساق من أين ولا وصم ولا يعض على شرسوفه الصفر وأما قوله
صلى الله عليه وسلم : « ولا هامة » ، فإن الهامة طائر ، قيل : إن العرب كانت تسميه
الصدى ، وقيل : « إنه ذكر البوم ، وقيل غير ذلك » وأشبه ذلك عندي بالصواب قول من
قال : « هو ذكر البوم ، ومنه قول الطرماح بن حكيم : » وفلاة يستفز الحشا ، من
صواها ضبح بوم وهام وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : « ولا هامة »
إبطال ما كان أهل الجاهلية يقولونه في ذلك وذلك أنهم كانوا يقولون : « إذا قتل
الرجل فلم يطلب وليه بدمه ولم يثأر به ، خرج من هامته طائر يسمى الهامة ، فلا يزال
يزقو عند قبره حتى يثأر به ، ومن ذلك قول الشاعر : يا عمرو ، إلا تدع شتمي ،
ومنقصتي ، أضربك حيث تقول الهامة اسقوني ومنه قول أبي داود الإيادي : سلط الموت ،
والمنون عليهم فلهم في صدى المقابر هام وقد أكثر الشعراء في ذلك وأما قوله صلى
الله عليه وسلم : » ولا غول « ، فإن الأصمعي فيما حدثت عنه كان يزعم أنها همرجة
الجن ، ويستشهد لقيله ذلك بقول كعب بن زهير : لكنها خلة قد سيط من دمها فجع وولع
وإعراض وتبديل فما تدوم على حال تكون بها كما تلون في أثوابها غول ونحو ذلك من شعر
الشعراء وكان الشيباني أبو عمرو يقول : » هو كل ما غالك فذهب بك « وأما أبو البلاد
الطهوي فإنه زعم في شعره أنه لقيه فقتله ، ووصفه في شعره فقال : لهان على جهيمة ما
ألاقي من الروعات عند رحى بطان لقيت الغول تسري في ظلام بسهب كالعباءة صحصحان فقلت
لها : كلانا نقض أرض أخو سفر فصدي عن مكاني فصدت ، فانتحيت لها بعضب حسام غير
مؤتشب ، يمان قددت سراتها والبرك منها فخرت لليدين وللجران فقالت : زد فقلت : رويد
إني على أمثالها ثبت الجنان شددت عقالها وحللت عنها لأنظر غدوة ماذا أتاني إذا
عينان في وجه قبيح كوجه الهر مسترق اللسان ورجلا مخدج وسراة كلب وثوب من فراء أو
شنان والذي أبطل النبي صلى الله عليه وسلم عندي بقوله » لا غول « ، ما كان أهل
الجاهلية يقولون في الغول من أنها تضر وتنفع ، أو تقدر لبني آدم على ذلك ، إلا ما
قد سبق من قضاء الله جل ثناؤه لمن سبق له بضرها إياه ، فأما بغير ذلك ، فإنها غير
قادرة على ذلك ، ولذلك صلى الله عليه وسلم ذكرها ، مع سائر ما ذكر مما كانت العرب
تؤمن به وتصدق بضره ونفعه ، من العدوى والصفر والطيرة ، وأما » الطيرة « فقد مضى
ذكري بيانها فيما قد مضى من كتابي هذا ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع وأما
قول الأعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله » أرأيت النقبة تكون
بمشفر البعير أو بعجبه ، فيشمل الإبل كلها جربا ، فإنه يعني بالنقبة القطعة من
الجرب ، تجمع نقبا ، ومنه قول دريد بن الصمة : ما إن رأيت ولا سمعت به كاليوم طالي
أينق جرب متبذلا تبدو محاسنه يضع الهناء مواضع النقب ، وأما النقب بفتح النون
والقاف ، فإنه ما يحدث عن الحفا بأخفاف الإبل ، يقال : جاء القوم محفين منقبين ،
إذا جاءوا قد نقبت إبلهم وحفيت ، ومنه قول الراجز : أقسم بالله أبو حفص عمر ما إن
بها من نقب ولا دبر يقال منه : قد نقب البعير فهو ينقب نقبا ، وأما النقب ، بفتح
النون ، وسكون القاف ، فمصدر من قول القائل : « نقبت الحائط ، وما أشبهه ، والنقب
أيضا بفتح النون ، وسكون القاف ، والمنقبة : الطريق في الجبل ، والغلظ ، ومنه قول
الغنوي : إن توعدونا بالقتال فإننا نقاتل من بين القرى والمناقب يعني بالمناقب جمع
المنقبة وأما قوله » أو بعجبه « فإن العجب عظيم في منقطع فقار الظهر مما يلي العجز
، وهو أصل الذنب ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : » يبلى من ابن آدم كل شيء
إلا عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق « وأما العجب ، بفتح العين والجيم ، فمصدر قول
القائل : » عجبت من كذا ، أعجب منه عجبا « وأما قول الأعرابي للنبي صلى الله عليه
وسلم : » فيشمل الإبل كلها ، فإنه يعني به : فيعمها جربا ، يقال منه : « شمل القوم
هذا الأمر ، إذا عمهم ، فهو يشملهم شملا وشمولا » فأما قولهم : « شملت الريح ،
فإنها بفتح الميم ، فهي تشمل شملا وشمولا » ويقال : « أشملنا » بمعنى : دخلنا في
الشمال ، وأما قولهم : « شملت الناقة ، وذلك إذا علقت عليها شمالا ، وهو كالكيس
يجعل فيه ضرع الشاة ، فإنه تفتح ميمه ، فأنا أشملها شملا ، وأما قولهم : قد شملت
ناقتي لقاحا من فحل فلان ، فإنه بكسر الميم ، فهي تشمل شملا ، وذلك إذا لقحت »
وأما قول أبي هريرة : « سخت درست » ، فإنهما كلمتان بالفارسية ، فأما قوله : « سخت
» ، فإن معناه صلب شديد ، وأما قوله : « درست » فإن معناه : صحيح وأما قول المرأة
التي قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : « سكنا دارنا ونحن ذوو وفر ، فإن الوفر
هو : » المال الكثير ، يقال منه : إنه لذو وفر وفرو ، إذا كان ذا مال كثير «
__________
(1) سورة : الأنفال آية رقم : 42
ذكر خبر آخر من أخبار ثعلبة بن يزيد عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم
1335 - حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا عباد بن العوام ، قال : حدثنا أبان بن تغلب ، عن الحكم ، عن ثعلبة بن يزيد أو يزيد بن ثعلبة ، عن علي ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدع قبرا شاخصا بالمدينة إلا سويته ، ولا تمثالا إلا لطخته ، ففعلت ، ثم أتيته ، فقال : « فعلت ؟ » قلت : نعم قال : يا علي « لا تكن جابيا ، ولا تاجرا إلا تاجر خير ، فإن أولئك المسبوقون في العمل »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، وذلك : أنه خبر لا يعرف لبعض ما فيه مخرج عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يصح إلا من هذا الوجه ، وأخرى : أن في إسناده شكا فيمن حدث عن علي رحمة الله عليه ، أثعلبة بن يزيد هو أم يزيد بن ثعلبة ، والثالثة : أن الذي فيه من ذكر التاجر إنما روي عن علي موقوفا عليه من كلامه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وبخلاف اللفظ الذي فيه
ذكر من روى ذلك عن علي
1336 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا يعلى بن عبيد ، قال : حدثنا عبيدة بن معتب الضبي ، عن أبي سعيد الثوري ، قال : سمعت عليا ، يقول : « التاجر فاجر ، إلا من أخذ الحق وأعطاه »
1337 - وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن محمد بن جحادة ، عن أبي سعيد ، قال : قال علي بن أبي طالب : « التاجر فاجر ، وفجوره أنه ينفق سلعته بالحلف »
1338
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسن بن عطية ، قال : حدثنا خالد بن طهمان أبو
العلاء الخفاف ، قال : حدثنا أبو إسحاق السبيعي ، قال : كان علي يجيء إلى السوق ،
فيقوم مقاما له ، فيقول : « السلام عليكم يا أهل السوق ، اتقوا الله في الحلف ،
فإن الحلف يزجي السلعة ، ويمحق (1) البركة ، التاجر فاجر إلا من أخذ الحق ، وأعطاه
» وقد وافق عليا رحمة الله عليه في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذم
التجارة جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده ، فأما من وافقه في الأمر
بتسوية القبور ، وطمس التمثال ، فقد مضى ذكرناه قبل ، فأغنى ذلك عن إعادته
__________
(1) المَحْق : النَّقْص والمَحْو والاستئصال والإبْطال
1339
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، عن عبد الله بن عثمان بن
خثيم ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة ، عن أبيه ، عن جده ، أنه خرج مع النبي صلى
الله عليه وسلم إلى البقيع ، فقال : « يا معشر التجار ألا إن التجار هم الفجار (1)
، إلا من اتقى وبر (2) وصدق » حدثنا سفيان ، قال : حدثنا أبي ، ، عن سفيان ، عن
ابن خثيم ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن رفاعة بن رافع ، عن أبيه ، عن جده ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
__________
(1) الفجار : جمع فاجر ، وهو الفاسق غير المكترث
(2) بر : صدق وصلح ووفى وأحسن
1340
- وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم
، عن إسماعيل بن عبيد الله بن رفاعة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت النبي صلى
الله عليه وسلم يقول : يا معشر التجار « تحشرون مع الفجار (1) ، إلا من اتقى ربه
وصدق »
__________
(1) الفجار : جمع فاجر ، وهو الفاسق غير المكترث
1341
- وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني مسلم
بن خالد ، وداود بن عبد الرحمن ، عن ابن خثيم ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن أبيه
، عن جده رفاعة بن رافع قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى
بالمدينة بكرة ، وبه ناس من التجار ، وكانوا يسمون السماسرة ، فإذا هم يتبايعون
فناداهم : يا معشر التجار فلما رفعوا إليه أبصارهم ومدوا إليه أعناقهم ، واشرأبوا
، ولهوا عما في أيديهم ، قال : « ألا إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا (1) ،
إلا من اتقى وبر (2) وصدق »
__________
(1) الفجار : جمع فاجر ، وهو الفاسق غير المكترث
(2) بر : صدق وصلح ووفى وأحسن
1342
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا عبد الله بن عبد الجبار ، قال : حدثنا
الحارث بن عبيدة ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس
، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جماعة من التجار فقال : يا معشر التجار فاستجابوا
له ومدوا أعناقهم ، فقال : « إن الله باعثكم يوم القيامة فجارا (1) ، إلا من صدق ،
ووصل ، وأدى الأمانة »
__________
(1) الفجار : جمع فاجر ، وهو الفاسق غير المكترث
1343
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن يحيى بن
أبي كثير ، قال : حدثني أبو راشد الحبراني ، أنه سمع عبد الرحمن بن شبل ، يقول :
أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن التجار هم الفجار (1) » ، فقال
رجل : يا رسول الله ، أليس قد أحل الله البيع ؟ قال : « بلى ، ولكنهم يحدثون
فيكذبون ، ويحلفون فيأثمون » حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال
: حدثنا هشام ، وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن هشام ، عن يحيى
، قال : حدثني أبو راشد الحبراني ، ، أنه سمع عبد الرحمن بن شبل ، قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر نحوه حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد
الأعلى ، قال : حدثنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام ، عن عبد
الرحمن بن شبل ، رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام خطيبا فقال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر نحوه حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا
أبو عامر ، قال : حدثنا علي ، عن يحيى ، عن زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن أبي
راشد الحبراني ، عن عبد الرحمن بن شبل ، رجل من الأنصار قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول فذكر نحوه
__________
(1) الفجار : جمع فاجر ، وهو الفاسق غير المكترث
القول في البيان عما في هذه الأخبار من المعاني إن قال لنا قائل : ما معنى هذه الأخبار ، وما وجهها ؟ قيل : ذلك هو ما دل عليه ظاهره ، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « التاجر فاجر ، إلا من اتقى ربه ، وبر وصدق » ، فمن كذب في ثمن ما اشترى عند البيع ، ومدحه بغير الذي هو فيه ، وذم عند شرى ما يشترى ، مخادعا بذلك من فعله للبائع منه ما يبيعه منه ، والمشتري منه ما يشترى منه ، وفجر في يمين إن حلف بها على ما يشترى ، أو على ما يبيع ، ولم يتق الله فيما يأخذ ، وفيما يعطي ، فبخس من أعطاه ثمن ما يشترى منه ، وظلم من اتزن منه ما وجب له ، فأخذ منه ما لا يجب له فذلك ، لا شك ، من الفجار الفساق الذين يستحقون عقاب الله على أفعالهم التي وصفت في تجارتهم ، إلا أن يتفضل الله عليهم بعفوه ، وأما الذي يصدق في ثمن ما يبيع إذا هو باع مرابحة ، ولم يمدح سلعته بغير ما هي به ، ولم يذم ما يبتاع بخلاف صفته التي هي بها ، ولم يخدع مسترسلا ، ولم يحلف كاذبا منفقا بيمينه الكاذبة سلعته ، وأعطى الحق في تجارته ، وأخذه ، فإنا نرجو له أن يكون كما
1344 - حدثني به الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا يعلى ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حمزة ، عن الحسن ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « التاجر الصدوق الأمين مع النبيين ، والصديقين ، والشهداء »
1345 - حدثنا الحسين بن علي ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، عن أبي حرة ، عن أبي نصر ، قال : بلغني « أن التاجر الأمين مع السبعة الذين في ظل العرش » وللسبب الذي قلت إنه يستحق اسم الفجور قال جماعة السلف من الصحابة والتابعين : إنه يستحق ذلك
ذكر من قال ذلك
1346
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا إسماعيل بن صبيح ، قال : حدثنا مبارك بن حسان ، عن
أبي عبد الله الشقري ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عمر بن الخطاب ، قال : بينما نحن
مع ابن الخطاب في أحفل ما يكون المجلس ، إذ نهض وبيده الدرة (1) ، فمر بأبي رافع
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو صانع يضرب بمطرقته ، فقال عمر : يا أبا
رافع أقول ثلاث مرار ؟ فقال أبو رافع : يا أمير المؤمنين قل ثلاث مرار ، فقال : «
ويل للصانع ، وويل للتاجر من لا والله ، وبلى والله ، يا معشر التجار ، إن التجارة
يحضرها الأيمان ، فشوبوها بالصدقة ، ألا إن كل يمين فاجرة تذهب بالبركة ، وتثبت
الذنب ، فاتقوا لا والله ، وبلى والله ؛ فإنهن يمين سخطة »
__________
(1) الدرة : السوط يُضرب به
1347 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا أبو داود ، عن عمر بن راشد ، عن يحيى بن أبي كثير ، ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : « لا خير في التجارة إلا لمن لم يذم ما يشتري ، ويمدح ما يبيع ، وأعطى في الحق ، وعزل في كل ذلك الحلف »
1348 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : أخبرنا عمر بن رشيد الحنفي - قال أبو موسى : هكذا قال أبو داود وإنما هو عمر بن راشد - قال : سمعت يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : « لا خير في التجارة ، إلا لمن لم يمدح ما يبيع ، ولم يذم ما يشتري ، وأعطى في الحق ، وعزل في كل ذلك الحلف » حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا سويد اليمامي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، بنحوه
1349
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا منصور بن أبي الأسود ،
عن الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن أبي شعبة ، عن ابن فارس الأبلق ، قال :
لقيت أبا ذر ، فقال : ممن أنت ؟ قلت : من بني غفار ، قال : رجل من قومي مثلك لا
أعرفه قال : قلت : إنني شغلني عنك التجارة ، قال : لك عنها غنى ؟ قلت : نعم ، قال
: فدعها « فإنا كنا نتحدث أن التاجر فاجر (1) ، وفجوره أن يزين سلعته بما ليس فيها
»
__________
(1) الفاجر : الفاسق غير المكثرث المنغمس في المعاصي
1350
- حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن
الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن أبي شعبة ، عن ابن فارس الأبلق ، قال : دخلت
على أبي ذر ، فقال : من أنت ؟ قلت : من غفار . فقال : من أيهم ؟ قلت : ابن فارس
الأبلق ، قال : رجل مثلك من قومي لا أعرفه ؟ قال : فقلت : شغلتني التجارة ، قال :
هل لك عنها غنى ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فدعها « فإنا كنا نتحدث أن التاجر فاجر
، وفجوره أنه يحلي (1) السلعة بما ليس فيها »
__________
(1) حَلَّى : زَيَّنَ
1351
- وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، قال : دخل علينا رجل بواسط ،
فذكرته بعد ونعته ، فقالوا : هذا الحسن البصري ، فسمعته يقول : قال أبو الدرداء :
« الورع (1) أمانة ، والتاجر فاجر ، والله ما أحب أن لي غلاما صواغا (2) خائنا
بدرهمين ، ولا أمة (3) بغيا (4) بدرهمين ، ولا خياطا خائنا بدرهمين » وبنحو الذي
قال من ذكرت ، وقلنا في السبب الذي قلنا : « إن التاجر يستحق به اسم الفجور » وردت
الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) الورع : في الأصْل : الكَفُّ عن المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه، ثم اسْتُعِير
للكفّ عن المُباح والحلال .
(2) الصواغ : صائغ الحلي
(3) الأمة : الجارية المملوكة
(4) البغي : الزانية التي تجاهر بالزنا وتتكسب منه
ذكر ما صح سنده من ذلك
1352
- حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سعيد الجريري ، عن أبي
العلاء بن الشخير ، عن ابن الأحمس ، قال : لقيت أبا ذر فقلت : بلغني أنك تحدث عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ، فقال : أما إني لا إخالني أكذب على رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعدما سمعت منه ، قلت : بلغني أنك ، تقول : « ثلاثة يحبهم
الله ، وثلاثة يشنأهم الله » قال : قلته وسمعته ، قلت : فمن هؤلاء الذين يشنأهم ؟
قال : « التاجر الحلاف » أو قال : « البياع الحلاف ، والبخيل المنان (1) ، والفقير
المختال (2) »
__________
(1) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
(2) الاختيال : الكِبْرُ والعُجْبُ والزَّهْو
1353
- حدثني عمرو بن يحيى بن عمر بن عفرة البجلي ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ،
عن سعيد الجريري ، عن أبي العلاء ، عن ابن الأحمسي ، قال : لقيت أبا ذر فقلت له :
بلغني أنك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ثلاثة يشنأهم الله ، قال : نعم
قد سمعته ، قال : قلت : « فمن الثلاثة الذين يشنأهم الله ؟ » قال : « التاجر
الحلاف ، أو قال : البيع الحلاف ، والبخيل المنان (1) ، والفقير المختال (2) »
__________
(1) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
(2) الاختيال : الكِبْرُ والعُجْبُ والزَّهْو
1354
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن
سليمان بن مسهر ، عن خرشة بن الحر ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: « ثلاثة لا يكلمهم الله : المنان (1) الذي لا يعطي شيئا إلا منه ، والمسبل (2)
إزاره (3) ، والمنفق سلعته بالحلف الفاجرة » وحدثنا محمد بن عمارة ، قال : حدثنا
عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن سليمان بن مسهر ، عن
خرشة بن الحر ، عن أبي ذر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه
__________
(1) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
(2) الإسبال : إرخاء الثوب وإطالته إلى أسفل الكعبين
(3) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن
1355
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن سليمان بن مسهر ، عن خرشة
بن الحر ، عن أبي ذر ، قال : « ثلاثة لا يكلمهم الله ، ولا ينظر إليهم ، ولا
يزكيهم يوم القيامة ، ولهم عذاب أليم : المنان (1) الذي لا يعطي شيئا إلا منه ،
والمسبل (2) الذي يسبل إزاره (3) ، والمنفق سلعته بحلف فاجر »
__________
(1) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
(2) الإسبال : إرخاء الثوب وإطالته إلى أسفل الكعبين
(3) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن
1356
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن علي بن
مدرك ، عن أبي زرعة ، عن خرشة بن الحر ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال : « ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ،
ولهم عذاب أليم » ، قال : فقالها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ، قال :
فقال أبو ذر : « خابوا وخسروا ، خابوا وخسروا ، خابوا وخسروا ، من هم يا رسول الله
؟ » قال : « المسبل (1) إزاره (2) ، والمنان (3) ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب »
__________
(1) الإسبال : إرخاء الثوب وإطالته إلى أسفل الكعبين
(2) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن
(3) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1357
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، ووكيع ، بنحوه عن الأعمش ، عن أبي
صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة لا ينظر
الله إليهم ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل بايع إماما لدنيا ، إن أعطاه وفى ،
وإن منعه نكث (1) ، ورجل كان له فضل ماء على الطريق ، فمنعه ابن السبيل ، ورجل
أقام سلعته بالبقيع بعد العصر ، فحلف : لقد أعطي كذا وكذا ، فسمعه رجل فاشتراها
يعني حلف كاذبا » حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن
سليمان ، عن ذكوان أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : « ثلاثة لا ينظر الله إليهم »
ثم ذكر مثله
__________
(1) النكث : نقض العهد
1358 - حدثني سعيد بن الربيع الرازي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن أبي صالح ، يرفعه : « ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم : رجل حلف على يمين بعد العصر ، فاقتطع بها مال مسلم ، ورجل حلف أنه أعطي بسلعته أكثر مما أعطي وهو كاذب ، ورجل منع فضل ماء ، فإن الله تبارك وتعالى يقول : اليوم أمنعك فضلي ، كما منعت فضل ماء لم تعمله يداك »
1359 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن مغيرة بن مسلم ، عن أبي الأسود نصير القصاب ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله بعثني نبيا برحمة وملحمة ، ولم يبعثني تاجرا ولا زراعا ، وإن شرار هذه الأمة التجار والزراعون ، إلا من شح على دينه » قال : « ويعني بالملحمة القتال »
1360
- حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن
سلمان ، عن عقيل بن خالد ، عن معبد بن كعب بن مالك ، أنه سمع أبا قتادة ، يحدث أنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إياكم وكثرة الحلف في البيع ، فإنه
ينفق ثم يمحق (1) »
__________
(1) المَحْق : النَّقْص والمَحْو والاستئصال والإبْطال
1361
- حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا محمد ، عن
معبد بن كعب بن مالك ، عن أبي قتادة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : « إياكم وكثرة الحلف في البيع ؛ فإنه ينفق ثم يمحق (1) »
__________
(1) المَحْق : النَّقْص والمَحْو والاستئصال والإبْطال
1362
- حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : أخبرني حفص بن ميسرة ،
عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : « اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ، ممحقة (1) للكسب »
__________
(1) المَحْق : النَّقْص والمَحْو والاستئصال والإبْطال
1363
- حدثني حوثرة بن محمد المنقري ، قال : حدثنا سفيان ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن
يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : «
اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ، ممحقة (1) للكسب » حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا
خالد بن مخلد ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ،
عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) المَحْق : النَّقْص والمَحْو والاستئصال والإبْطال
1364
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت
العلاء ، يحدث ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
« اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ، ممحقة (1) للبركة »
__________
(1) المَحْق : النَّقْص والمَحْو والاستئصال والإبْطال
1365
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : حدثنا فليح ، عن هلال ، عن
عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اليمين
الكاذبة منفقة للسلعة ، ممحقة (1) للربح »
__________
(1) المَحْق : النَّقْص والمَحْو والاستئصال والإبْطال
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول رفاعة : « فمدوا أعناقهم واشرأبوا ، يعني بقوله : واشرأبوا : تشوفوا ، وتطلعوا ، وتأهبوا للاستماع والنظر ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : » يؤتى بالموت يوم القيامة ، فيوقف بين الجنة والنار ، فينادى : يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون « وأما قول ابن الأحمسي لأبي ذر : بلغني أنك قلت : » ثلاثة يحبهم الله ، وثلاثة يشنأهم الله ، فإنه يعني بقوله : يشنأهم الله : يبغضهم « يقال منه : » شنئ فلان فلانا ، فهو يشنأه شنأ وشناءة ، وشنآنا ، وهو له شانيء ، كما قال الأعشى : ومن شانيء كاسف باله إذا ما انتسبت له أنكرن ومثله : شنفت له ، فأنا أشنف له شنفا
ذكر خبر آخر من أخبار علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1366 - حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : قلت لشريك : ما تقول في الرجل يقول لورثته : من يضمن عني ديني ؟ ضمنه بعضهم ، ولا يسمي ، فقال : من أجازه فهو أحسن قولا ممن لم يجزه ، حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد ، عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من يضمن عني ديني ، ويقضي عداتي ، ويكون معي في الجنة ؟ » _ أو نحو ذا _ قلت : أنا وحدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن زهير بن الأقمر ، إن شاء الله ، شك يحيى ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
1367
- وحدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا الأسود بن عامر ، قال : حدثنا شريك ، عن
الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي ، قال : لما نزلت
هذه الآية : « وأنذر عشيرتك الأقربين » (1) قال : جمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم عليه أهل بيته ، فاجتمعوا ثلاثين رجلا ، فأكلوا وشربوا ، وقال لهم : « من
يضمن عني ذمتي ومواعيدي ، وهو معي في الجنة ، ويكون خليفتي في أهلي » ؟ قال : فعرض
ذاك عليهم ، فقال رجل : أنت يا رسول الله كنت بحرا ، من يطيق هذا ؟ حتى عرض على
واحد واحد ، فقال علي : « أنا »
__________
(1) سورة : الشعراء آية رقم : 214
القول
في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين
سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : ما ذكرنا من اضطراب الرواة فيه على الأعمش ،
فيرويه شريك عنه ، عن المنهال ، عن عباد ، عن علي ، ويرويه أبو بكر بن عياش عنه ،
عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن زهير بن الأقمر ، عن علي ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، والثانية : أن الأعمش عندهم مدلس ، ولا يجوز عندهم من قبول
خبر المدلس إلا ما قال فيه : حدثنا أو : سمعت ، وما أشبه ذلك ، والثالثة : « أنهم
لا يرون الحجة تثبت بنقل المنهال بن عمرو » والرابعة : « أن شريكا عندهم غير معتمد
على روايته » ، والخامسة : « أن هذا الحديث حديث قد حدث به عن المنهال بن عمرو غير
الأعمش ، فقال فيه : عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن
عباس ، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والسادسة : » أن
الصحاح من الأخبار وردت في ديون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومواعيده بعده ، بأن
الذي تولى قضاءها وإنجازها عنه أبو بكر الصديق رحمة الله عليه « قالوا : » ولو كان
المتضمن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، لم يتول قضاءها
أبو بكر ، بل كان الذي يتولى ذلك بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ، لو
كان وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك قالوا : « فإن ظن أن من قضى عن ميت
دينه فقد برئ منه الميت ، قلنا له : ذلك كذلك ، إذا قضاه من مال نفسه ، فأما إذا
قضاه من فيء المسلمين ، فذلك مخالف حكمه حكم ما قضي من دين رسول الله صلى الله
عليه وسلم ومواعيده قالوا : فإن قال لنا قائل : » وكيف جاز أن يقضى دينه ومواعيده
من فيء المسلمين بعد مضيه لسبيله ، وذلك حق للمسلمين ؟ « قلنا له : إن قضاء أبي
بكر رحمة الله عليه ذلك كان من سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان الله
تبارك وتعالى جعله له بقوله : » ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول
ولذي القربى « الآية (1)
__________
(1) سورة :
ذكر من روى هذا الحديث عن المنهال بن عمرو فقال فيه : عنه ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخالف فيه الأعمش
1368 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بني عبد المطلب ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ، ووصيي ، وخليفتي فيكم ؟ قال : « فأحجم القوم عنها جميعا » وقلت : أنا يا نبي الله ، أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ، وقال : « هذا أخي ، ووصيي ، وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا »
ذكر الرواية عمن قال : إنما قضى ديون رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ومواعيده أبو بكر رحمة الله عليه
1369
- حدثني سعيد بن الربيع الرازي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ،
سمع جابر بن عبد الله ، يقول : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو قد
أتانا مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا » ، فلم يأت مال البحرين حتى قبض صلى
الله عليه وسلم ، فلما جاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر الصديق
أو أمر مناديا ينادي من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دين أو عدة
فليأتنا ، قال جابر : فأتيته فقلت له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي :
كذا وكذا ، قال لي أبو بكر : احث ثلاث حثيات (1) ، ثم أتيت أبا بكر بعد ذلك أسأله
، فلم يعطني ، ثم أتيته أسأله ، فلم يعطني ، فقلت له في الثالثة : سألتك فلم تعطني
، ثم سألتك فلم تعطني ، فإما أن تعطيني ، وإما أن تبخل علي ؟ قال : « وأي الداء
أدوى من البخل ؟ ما منعتك من مرة إلا وأنا أريد أن أعطيك »
__________
(1) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
1370
- حدثني سعيد بن الربيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، قال : أخبرني
محمد بن علي ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : حثيت (1) حثية ، فقال لي : «
عدها ، فعددتها ، فوجدتها خمسمائة » فقال : « خذ مثلها مرتين »
__________
(1) الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
1371 - حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أتي أبو بكر بمال بعث به العلاء بن الحضرمي من البحرين ، قال : فقال أبو بكر : من كان له قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم دين أو عدة فليأتنا ، قال : فأتيته ، فقلت : وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا وهكذا وهكذا ، وقال بكفيه يحثوهما ، يحكي أبو عاصم ذلك ، قال : « فأعطاني خمسمائة ، وخمسمائة ، وخمسمائة »
القول فيما في هذا الخبر من الفقه وفي معنى بعض ما فيه إن قال لنا قائل : قد قلت : إن الخبر الذي رويته عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من يضمن عني ديني ، ويقضي عداتي ، ويكون معي في الجنة » ، صحيح ، فإن كان صحيحا ، فما بالك تركت القول به ؟ وقلت : « لا يصح ضمان ضامن لآخر مالا غير مضمون له عنه ، إلا أن يكون محدود المبلغ ، معلوم القدر ، وأنكرت القول به على قائليه ، وهذا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم منبئ أنه عليه السلام عرض على من عرض عليه ضمان دينه أن يضمنه بغير تحديد المقدار ، ولا تعريف المبلغ ؟ قيل : » إن العلماء في ذلك قبلنا مختلفون ، نذكر اختلافهم فيه ، ثم نتبع ذلك البيان إن شاء الله «
ذكر من قال في ذلك نحو قولنا فيه ، فأبطل الضمان إذا لم يكن المضمون من المال معلوم المقدار
1372 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرني عمر بن أبي زائدة ، قال : حدثني رجل ، من العطارين قال : قال لي رجل : إئت امرأتي فبايعها بما أرادت من الطيب ، قال : فأتيت امرأته فبايعتها ، قال : ثم تقاضيتها الثمن بعد ذلك ، فقالت : عليك بزوجي ، فتقاضيته ، فقال : عليك بها ، هي التي اشترت منك ، ما اشترت ، قال : فخاصمتهم إلى شريح ، فقصصت عليه القصة ، فقال شريح : « خذ ثمن عطرك ممن تطيب به »
1373 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبيد ، قال : سئل الضحاك عن رجل ، يكفل على آخر اشترى غنما ، فقال : أنا قبيل عليه بما بعت ، فتبايعا الغنم ، فندم الكفيل ، فقال : لست من هذه القبالة في شيء ؟ فقال : « هذا فيما يختلف ، طائفة من الناس يقولون : لا تصلح قبالة في بيع إلى أجل »
1374
- وحدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، قال : قال سفيان
في رجل لقي رجلا وقد لزم رجلا ، فقال له : « خل (1) عنه ، وما كان عليه من حق فهو
علي » قال : « ليس بشيء حتى يسمي ما عليه » وعلة قائلي هذه المقالة : « أن ضمان
الضامن مالا مجهول المبلغ نظير ضمان الضامن مالا لمضمون له ، مجهول الشخص والعين ،
وقالوا : » ولا خلاف بين الجميع في أن الضمان لمجهول الشخص غير جائز « قالوا :
فكذلك ضمان مال مجهول المبلغ مثله ، في أنه غير جائز
__________
(1) خلى : ترك وابتعد وأفسح
ذكر من قال : « جائز ضمان الضامن مالا مجهول المبلغ » قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إذا قال الرجل لرجل : « بايع فلانا ، فما بعته به من شيء فهو علي فهو جائز ، وإن لم يوقت لذلك وقتا » قالوا : وإن باعه بألف درهم أو أكثر أو أقل فهو جائز ، قالوا : وكذلك لو باعه بالدنانير ، أو بتبر ذهب ، أو فضة ، أو شيء مما يكال ، أو يوزن ، فهو جائز ، والكفيل ضامن لذلك والصواب من القول عندنا في ذلك قول من قال : غير لازم الضامن مالا مجهول المبلغ لآخر بضمانه ذلك له شيء ، لإجماع الجميع على أن ضمانه لغير شخص معلوم باطل ، فكذلك ضمانه مالا غير معلوم القدر باطل ، ومعنى الخبر الذي روينا عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بعرضه ضمان دينه على من عرض ذلك عليه غير جائز أن يكون كان من النبي صلى الله عليه وسلم على وجه إلزامه ضمان من ضمن ذلك عنه ، إلا بعد بيانه مبلغ دينه لمن ضمنه عنه ، وبعد إبانته له شخص من له الدين المضمون . فإن ظن ظان أن ذلك ، إذ لم يكن في ظاهر الخبر الذي رويناه موجودا فغير جائز لنا أن نقضي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يلزم الضامن ذلك من دينه إلا بعد إبانته له مبلغه ، وإلزام الضامن ذلك نفسه ، بعد علمه بمبلغه للمضمون له ، فقد ظن خطأ ، وذلك أن ذلك لو كان غير جائز لنا أن نقضي به على الخبر الذي ذكرنا ، ما كان جائزا لنا أن نقضي عليه بأنه ضمن ذلك لأشخاص من غرامه بأعيانهم ، إذ لم يكن ذلك في ظاهر الخبر الذي رويناه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ضمنه ذلك لأشخاص بأعيانهم ، وفي إجماع الجميع على أن قول القائل لآخر : « كل حق عليك لكل أحد من الناس فهو علي ، وأنا له ضامن » غير لازمه به لأحد من غرمائه ، إذا لم يكن سمى منهم أحدا ، فضمن له ما له عليه من حق ، ضمان أدل الدليل على صحة ما قلنا من أن ضمان علي رحمة الله عليه ما ضمن من دين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنما كان على أحد وجهين : إما أن يكون كان دينا واجبا فسمى له مبلغه ، وعرف من هو له ، فضمنه عنه صلى الله عليه وسلم بعد علمه بمبلغه ، وبمن هو له وإما أن يكون كان ذلك عدة من علي رضوان الله عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يضمن عنه إن وجب عليه دين لغريم له ، ولم يكن في الوقت الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من يضمن عني ديني ، ويقضي عداتي ؟ » على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين لأحد ، وإنما عرض عليهم أن يضمنوا ذلك عنه إن لزمه يوما من الأيام في حياته ، ويقضوا عنه عدة إن وعد ذلك إنسانا ولا يكون ، إن كان الأمر كذلك ، في هذا الخبر حجة لأحد في إجازته ضمان مال غير محدود المبلغ ، فيحتج به محتج ، ويسأل من أجاز ضمان الضامن لرجل عن آخر مالا مجهول المبلغ ، فيقال له : « ما قلت فيمن ضمن مالا معلوم القدر لغير شخص معلوم » فقال لرجل عليه ألف درهم دينا لغرماء له : « ما عليك من دين ، وهو ألف درهم ، لغرمائك ، فهو علي لهم » ، فجاء غرماؤه فطالبوه بالألف الذي لهم ، هل عليه لهم ذلك الألف ؟ وهل يقضى لهم عليه به ، ولم يضمن لأحد منهم بعينه عنه شيئا من الألف ؟ فإن قال : يحكم بذلك عليه ، خرج من قول الجميع ، وإن قال : « غير لازمه بهذا القول ضمان لأحد منهم ، قيل له : فما الفرق بينك وبين من أجاز ما أبيت إجازته من الضمان لمجهول الشخص ، وأبى إجازة ما أجزت من ضمان المال المجهول المبلغ من أصل أو نظير ؟ فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله ، فإن اعتل في بطول الضمان لمجهول الشخص بإجماع الجميع على بطوله ، قيل له : فرد ضمان المال المجهول المبلغ عليه في البطول ، إذ كان له نظيرا »
ذكر ما لم يمض ذكره من أخبار أبي يحيى حكيم بن سعد ، عن علي رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مما صح عندنا سنده عنه ذكر خبر من ذلك
1375 - حدثني أحمد بن محمد بن حبيب الطوسي ، قال : حدثنا يحيى بن إسحاق البجلي ، قال : أخبرنا شريك ، عن عمران بن ظبيان ، عن أبي يحيى ، قال : لما أتي علي بابن ملجم قال : اصنعوا به كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل جعل له أن يقتله ، فقال : « اقتلوه ، وحرقوه »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يصح إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : « أن عمران بن ظبيان عندهم ليس ممن يثبت بمثله في الدين حجة » والثالثة : « أن شريكا عندهم كان كثير الغلط ، ومن كان كذلك من أهل النقل وجب التوقف في نقله » والرابعة : « أن الصحيح عندهم في أمر الذي كان جعل له جعل لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسلم وحسن إسلامه ، وكان له بلاء في ذات الله ، وقد قال بعضهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم » أمر بصلبه ، ولم يأمر بإحراقه « والخامسة : » أن أهل السير لا تدافع بينهم أن عليا رضوان الله عليه إنما أمر بقتل قاتله قصاصا ، ونهى عن أن يمثل به «
ذكر الرواية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصلب الذي أعطي جعلا على الفتك به
1376 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن الحسن ، في الذي « جعل له أواق على أن يقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأطلع الله نبيه عليه ، فأخذه فصلبه ، فكان أول من صلب في الإسلام »
1377
- حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال
: أخبرنا جرير بن حازم ، عن الحسن ، أن رهطا من قريش جلسوا في الحجر بعد بدر
فقالوا : قبح الله العيش بعد موت آبائنا ببدر ، ليتنا أصبنا رجلا يقتل محمدا ،
وجعلنا له ، فقال رجل : أنا والله جريء الصدر ، جواد الشد ، جيد الحديد أقتله ،
قال : فجعل له أربعة رهط ، كل رجل منهم أوقية من ذهب ، فخرج حتى قدم المدينة ،
فنزل على رجل من قومه مسلم ، فقال له : ما جاء بك ؟ قال : أسلمت فجئت . قال :
فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما في نفسه ، فبعث إلى الرجل الذي نزل
عليه ينظر ضيفه ، فيشده وثاقا ، ثم ابعث به إلي . قال : فجعل الرجل ينادي حين
خرجوا به : هكذا تفعلون بمن تبعكم هكذا تفعلون بمن اختار دينكم ؟ فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : « اصدقني » ، حتى ظن الناس أنه لو صدقه خلى عنه ، فقال : ما جئت
إلا لأسلم ، فقال : « كذبت » ، ثم قص رسول الله صلى الله عليه وسلم قصته في قصة
القوم ، فقال : « ما كان ذلك ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلب على
ذباب (1) ، فإنه لأول مصلوب
__________
(1) ذبابُ السَّيْف : حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ وما حَوْلَه من
حَدَّيْهِ
ذكر من قال : إن الذي جعل له الجعل على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم ، ولم يقتل ولم يصلب
1378 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، قال : قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، قال : جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش وهو في الحجر بيسير ، وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش ، وكان ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، ويلقون منه عناء وهم بمكة ، وكان ابنه وهيب بن عمير في أسارى بدر ، فذكر أصحاب القليب ومصابهم ، فقال صفوان : « والله إن في العيش خير بعدهم » فقال له عمير : « صدقت والله ، أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء ، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي ، لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لي قبله علة ، ابني أسير في أيديهم ، فاغتنمها صفوان منه ، فقال : فعلي دينك ، أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالي أسوتهم ما بقوا ، لا يسعهم شيء ، ويعجز عنهم ، قال عمير : » فاكتم علي شأني وشأنك « قال : أفعل ، قال : » ثم إن عميرا أمر بسيفه فشحذ له وسم ، ثم انطلق حتى قدم المدينة « فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين في المسجد يتحدثون عن يوم بدر ، ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم ، إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ بعيره على باب المسجد متوشحا السيف ، فقال : هذا الكلب عدو الله قد جاء متوشحا سيفه فدخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره ، قال : » فأدخله علي « ، قال : فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه ، فلببه بها ، وقال لرجال ممن كان معه من الأنصار : ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده ، واحذروا هذا الخبيث عليه ، فإنه غير مأمون ، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال : » أرسله يا عمر ، ادن يا عمير « ، فدنا ، ثم قال : انعموا صباحا ، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير ، بالسلام ، تحية أهل الجنة « ، قال : أما والله إن كنت يا محمد لحديث عهد بها ، قال : » ما جاء بك يا عمير « ؟ قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم ، فأحسنوا فيه ، قال : » فما بال السيف في عنقك ؟ « قال : قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت شيئا ؟ قال : » اصدقني ، ما الذي جئت له ؟ « قال : ما جئت إلا لذلك ، فقال : » بلى ، قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر ، فذكرتما أصحاب القليب من قريش ، ثم قلت : لولا دين علي ، وعيالي لخرجت حتى أقتل محمدا ، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له ، والله حائل بيني وبينك « ، فقال عمير : » أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء ، وما ينزل عليك من الوحي ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا ، وصفوان ، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله ، فالحمد لله الذي هداني للإسلام ، وساقني هذا المساق ، ثم شهد شهادة الحق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فقهوا أخاكم في دينه ، وأقرئوه ، وعلموه القرآن ، وأطلقوا له أسيره » ، قال : ففعلوا ، ثم قال : يا رسول الله ، إني كنت جاهدا في إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله ، وإني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة ، فأدعوهم إلى الله ، وإلى الإسلام ، لعل الله أن يهديهم ، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم ، قال : فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلحق بمكة ، وكان صفوان حين خرج عمير بن وهب يقول لقريش : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام ، تنسيكم وقعة بدر ، وكان صفوان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره بإسلامه ، فحلف ألا يكلمه أبدا ، ولا ينفعه بنفع أبدا ، فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ، ويؤذي من خالفه أذى شديدا ، فأسلم على يديه أناس كثير
ذكر من قال : إن عليا إنما أمر بقتل قاتله ولم يأمر بإحراقه ، ونهى عن المثلة به ، وأن الذي أحرق قاتله قوم من العامة
1379
- حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، قال : حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني ،
قال : أخبرنا إسماعيل بن راشد ، قال : ذكروا أن ابن الحنفية ، قال : والله إني
لأصلي الليلة التي ضرب علي فيها في المسجد الأعظم ، في رجال كثير من أهل المصر (1)
يصلون قريبا من السدة ، ما هم إلا قيام وركوع وسجود ، وما يسأمون من أول الليل إلى
آخره ، إذ خرج علي لصلاة الغداة (2) ، فجعل ينادي : أيها الناس ، الصلاة ، الصلاة
، فما أدري : أخرج من السدة فتكلم بهذه الكلمات ، أو نظرت إلى بريق السيف ، وسمعت
قائلا يقول : « الحكم لله لا لك يا علي ، ولا لأصحابك » فرأيت سيفا ، ثم رأيت ناسا
، وسمعت عليا يقول : « لا يفوتنكم الرجل ، وشد الناس عليه من كل جانب ، فلم أبرح
حتى أخذ ابن ملجم ، وأدخل على علي ، فدخلت فيمن دخل من الناس ، فسمعت عليا يقول :
» النفس بالنفس ، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيي « قال : وقد
كان علي نهى الحسن عن المثلة (3) ، وقال : يا بني عبد المطلب ، لا ألفينكم تخوضون
دماء المسلمين ، تقولون : » قتل أمير المؤمنين ، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي ، انظر
يا حسن ، إن أنا مت من ضربته هذه فاضربه ضربة ، ولا تمثل بالرجل « فلما قبض علي
رضوان الله عليه ، بعث الحسن إلى ابن ملجم ، فقال للحسن : » هل لك في خصلة (4) ؟
إني والله ما أعطيت عهدا إلا وفيت به ، إني كنت أعطيت الله عهدا عند الحطيم أن
أقتل عليا ومعاوية ، أو أموت دونهما ، فإن شئت خليت بيني وبينه ، ولك والله علي إن
لم أقتله أو قتلته ثم بقيت ، أن آتيك حتى أضع يدي في يدك ، فقال له الحسن : « أما
والله حتى تعاين النار فلا ، ثم قدمه فقتله ، ثم أخذه الناس فأدرجوه في بوار ، ثم
أحرقوه بالنار »
__________
(1) المصر : البلد أو القرية
(2) الغداة : الصبح
(3) المُثْلة : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد تنكيلا، وقد تطلق على النذر
بما يرهق النفس أو يشوهها
(4) الخصلة : خلق في الإنسان يكون فضيلة أو رزيلة
ذكر ما في هذا الخبر ، أعنى خبر علي رضوان الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه قبل ، من الفقه والذي فيه من ذلك ، الإبانة عن صحة قول القائلين بإطلاق إحراق جيفة المشركين ، ومن كان سبيله سبيلهم ، ممن قتل بحق وهو مقيم على الكفر ، أو الردة عن الإسلام ، مصر عليها غير تائب منها ، وفساد قول من أنكر إحراق جيفة من قتل كذلك إن قال لنا قائل : ما أنت قائل فيما
1380
- حدثكم به ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، قال :
حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن سليمان بن يسار ، عن
أبي إسحاق الدوسي ، عن أبي هريرة ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية
أنا فيهم ، فقال لنا : إن ظفرتم (1) بهبار بن الأسود ، أو بنافع بن عبد القيس فحرقوهما
بالنار ، فلما كان الغد بعث إلينا فقال : « إني قد كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين
إن أخذتموهما ، ثم رأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا الله ، فإن ظفرتم
بهما فاقتلوهما » وما أشبه ذلك من الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالنهي عن تحريق ذوات الأرواح ؟ قيل : هذا خبر صحيح غير مدافع ، معناه معنى
ما روى علي عن النبي صلى الله عليه وسلم في أمره بإحراق جيفة المشرك الذي جعل له
على قتله بعد قتله ، وذلك أنه لا تعذيب على مقتول أو ميت في إحراق جيفته ، وإنما
التعذيب له في إحراقه حيا ، وهو الإحراق الذي روى أبو هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه نهى عنه ، فغير جائز لأحد إحراق حي بالنار ، لنهي النبي صلى الله
عليه وسلم أمته أن يعذب أحد منهم أحدا بالنار ، مشركا كان أو مسلما ، فأما إحراق
جيفته فإنه غير محظور ، إذا كان المحرقة جيفته مات أو قتل على الشرك ، أو على
كبيرة مصر عليها ، ولا سيما إن كان القتل قتلا على الردة ، فقد فعل ذلك الصديق بين
ظهراني المهاجرين بكثير من أهل الردة ، فأحرق جيفهم بعد القتل ، وفعله أيضا من
بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بقوم ارتدوا عن الإسلام
__________
(1) ظفرتم به : قدرتم عليه
ذكر الأخبار الواردة بذلك
1381
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ،
قال : سمعت أبا عمرو الشيباني ، يقول : بعث عتبة بن فرقد إلى علي برجل تنصر ، ارتد
عن الإسلام قال : فقدم عليه رجل على حمار ، أشعر عليه صوف ، فاستتابه (1) علي
طويلا وهو ساكت ، ثم قال كلمة فيها هلكته ، قال : ما أدري ما تقول ، غير أن عيسى
كذا كذا ، فذكر بعض الشرك ، فوطئه علي ، ووطئه الناس ، فقال : كفوا ، أو أمسكوا ،
فما كفوا عنه حتى قتلوه ، فأمر به فأحرق بالنار ، فجعلت النصارى تقول : « شهيدا ،
شهيدا » يقولون : « شهيد وجعل أحدهم يأتي بالدينار أو الدرهم يلقيه ، ثم يجيء كأنه
يطلبه ، يعتل به ليصيبه من رماده أو دمه »
__________
(1) الاستتابة : طلب الرجوع عن المعصية إلى الطاعة
1382 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عمرو الشيباني ، أن رجلا ، من بني عجل كان طويل الجهاد ، فتنصر ، فكتب فيه عتبة بن فرقد إلى علي قال : « فكتب إليه أن يسرح به إليه » قال : فجيء به رجلا مكبلا في الحديد ، فوضع بين يدي علي ، فجعل علي يكلمه ويديره ، حتى تكلم بكلمة كانت فيها هلكته ، قال : « ما أدري ما تقول ، غير أنه شهد أن عيسى ابن الله ، قال : » فوثب عليه فوطئه ، ووطئه الناس « فقال : أمسكوا ، فأمسكوا ، فإذا هو قد مات ، فأمر به فحرق ، فجعلت النصارى تقول : » شهيدا ، فجعلوا يأخذون ما وجدوا من عظامه ، ومن دمه «
1383 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : حدثني نعيم بن أبي هند ، قال : حدثني سويد بن غفلة ، قال : ارتد ناس من السودان عن الإسلام قال : فأمر بهم علي أن يحرقوا ، قال : فجعل ينظر إلى السماء ، وينظر إلى الأرض ، ويقول : الله أكبر ، صدق الله ، وبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ، احفروا ها هنا ، ففعل ذلك مرة أو مرتين ، أو أكثر من ذلك ، قال : ثم انطلق فدخل ، قال : فانطلقت حتى ضربت عليه الباب ، قال : فقيل : من هذا ؟ قلت : سويد بن غفلة ، قال : فذهب ليجلس فأخذت بيده ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن هذه الشيعة قد شمتت بنا ، فأخبرني : أرأيت نظرك إلى السماء ، ونظرك إلى الأرض ، وقولك : الله أكبر ، صدق الله ، وبلغ الرسول ؟ عهد إليك نبي الله صلى الله عليه وسلم هذا ؟ قال : فقال : لأن أقع من السماء أحب إلي من أن أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل ، « هل علي بأس أن أنظر إلى السماء ؟ هل علي بأس أن أنظر إلى الأرض ؟ » قلت : لا ، قال : فهل علي بأس أن أقول : « صدق الله ورسوله ؟ » قلت : لا ، قال : « فإني رجل مكايد »
1384 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، ومحمد بن جعفر ، عن عوف ، وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا عوف بن أبي جميلة ، عن أبي رجاء ، أن ناسا من أهل اليمن ارتدوا عن الإسلام زمن علي بن أبي طالب ، فبعث علي جارية بن قدامة ، وبعث معه جيشا ، وكنت في ذلك الجيش ، قال : فسار حتى إذا بلغ حفر عدي وتيم ، أراد أن يسرع السير ، فأرذى رجالا ، وأرذاني فيهم ، ثم أسرع السير ، حتى إذا بلغ البلد جمع أولئك الذين ارتدوا عن الإسلام ، فضرب أعناقهم ، وحرق أجسادهم بالنار ، وبذلك أمره علي ، فقال القائل من أهل اليمن : ألا صبحاني قبل جيش محرق ومن قبل بين من سليمى مفرق
1385 - حدثني الحسين بن علي ، قال : حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة ، حدثنا نوح بن ربيع الأنصاري أبو مكين ، قال : حدثني شريح أبو أمية ، قال وكان خال أبي : أنهم « وجدوا ثلاثة نفر في سرب ، ومعهم أصنام » قال : فرفعوا إلى علي بن أبي طالب ، فأمر بهم علي ، فأدرجوا في بوار ، ثم أحرقهم
1386
- حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال :
حدثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن علي بن أبي طالب ، «
أتي بناس من الزط يعبدون ، وثنا (1) فأحرقهم »
__________
(1) الوَثَن : كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب
والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد. والصَّنَم : الصُّورة بِلا
جُثَّة. ومنهم من لم يَفْرُق بَيْنَهما.
1387 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، أن عليا ، « أحرق ناسا ارتدوا عن الإسلام » حدثني يعقوب بن إبراهيم ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، قالا : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن علي ، مثله
1388 - حدثنا محمد بن خلف ، قال : حدثنا خلف بن عمر ، عن علي بن هاشم ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، قال : أتي علي بقوم زنادقة ، فقالوا : أنت هو ، قال : من أنا ؟ قالوا : أنت هو ، قال : ويلكم من أنا ؟ قالوا : أنت ربهم ، فقال علي : إن قوم إبراهيم غضبوا لآلهتهم فأرادوا أن يحرقوا إبراهيم بالنار ، فنحن أحق أن نغضب لربنا ، ثم قال : يا قنبر ، دونكهم ، فضرب أعناقهم ، ثم حفر لهم حفر النار ، وألقاهم فيها ، فأنشأ النجاشي الحارثي يقول : لترم بي المنايا حيث شاءت إذا لم ترم بي في الحفرتين إذا ما قربوا حطبا ، ونارا فذاك الهلك نقدا غير دين
1389
- حدثني ابن خلف ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، عن سلام بن أبي القاسم ، عن أبيه ،
وحدثني ابن خلف ، قال : حدثنا نصر بن مزاحم ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ،
قال : أتي علي بناس من الزنادقة ، فقالوا : أنت ربنا ، فقال : « ويلكم ما تقولون ؟
فاستتابهم (1) ، فلم يرجعوا ، فأمر قنبرا فضرب أعناقهم ، ثم حفر لهم حفر النيران ،
فأضرمها (2) ، ثم ألقاهم فيها »
__________
(1) الاستتابة : طلب الرجوع عن المعصية إلى الطاعة
(2) أضرم : أشعل
1390
- كتب إلي السري بن يحيى الحنظلي يقول : حدثنا شعيب ، عن سيف ، عمن حدثه ، عن نافع
، قال : كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد في قتاله أهل الردة : « لا تظفرن بأحد قتل
المسلمين إلا قتلته ، ونكلت به عبرة ، ومن أحببت ممن حاد الله أو صاده ممن ترى أن
في ذلك صلاحا فاقتله ، فأقام على بزاخة شهرا يصعد عنها ويصوب ، ويرجع إليها في طلب
أولئك وقتلهم ، فمنهم من أحرق ، ومنهم من قمطه ورضخه (1) بالحجارة ، ومنهم من رمى
به من رءوس الجبال »
__________
(1) الرَّضْخ : الشَّدْخ. والرَّضْخ أيضا : الدّقُّ والكسر
1391 - وكتب إلي السري يقول : حدثنا شعيب ، عن سيف ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : « قتلهم ، والله كل قتلة : بالنيران ، والردي ، والرضخ ، والحرق على غير قصاص » فإن قال قائل : فهل من خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإذن بإحراق جيفة من قتل من المشركين أو من أهل الكبائر ، بعد قتله ، غير الذي رويت لنا عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقد علمت منازعة من ينازعك في صحة خبر علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل : إن فيما ذكرت من فعل الصديق ، وأمير المؤمنين من ذلك بين ظهراني المهاجرين والأنصار ، من غير نكيرهم ذلك ، أوضح البرهان على أن ذلك سنة ماضية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لولا ذلك لم يتقدم الصديق ، وأمير المؤمنين على فعل ذلك بينهم ، ولو كان فعلهما ما فعلا من ذلك غير سنة ماضية ، لكان من بحضرتهم من المهاجرين ، والأنصار قد أنكروا ذلك ، مع أن عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرا غير الذي روينا عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، نذكر ما صح عندنا منه سنده
1392
- حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي ، قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا أبو
حمزة ، عن عبد الكريم ، وسئل عن أبوال الإبل فقال : حدثني سعيد بن جبير ، عن
المحاربين قال : كان ناس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : نبايعك على
الإسلام ، فبايعوه وهم كذبة ، وليس الإسلام يريدون ، ثم قالوا : إنا نجتوي المدينة
: فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « هذه اللقاح تغدو (1) عليكم وتروح ، فاشربوا
من أبوالها وألبانها » ، قال : فبينا هم كذلك إذ جاء الصريخ يصرخ إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : قتلوا الراعي ، وساقوا النعم فأمر نبي الله صلى الله
عليه وسلم فنودي في الناس : أن « يا خيل الله اركبي » ، قال : فركبوا لا ينتظر
فارس فارسا ، قال : وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرهم ، فلم يزالوا
يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم ، فرجع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد
أسروا منهم ، فأتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله : « إنما جزاء الذين
يحاربون الله ورسوله » (2) الآية قال : فكان نفيهم أن نفوهم حتى أدخلوهم مأمنهم
وأرضهم ، ونفوهم من أرض المسلمين ، وقتل نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وصلب ،
وقطع ، وسمر (3) الأعين ، قال : فما مثل نبي الله صلى الله عليه وسلم قبل ، ولا
بعد ، قال : ونهى عن المثلة (4) ، وقال : « لا تمثلوا بشيء » ، قال : وكان أنس بن
مالك يقول نحو ذلك ، غير أنه قال : « أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم » قال : وبعضهم
يقول : « هم ناس من بني سليم ، ومنهم من عرينة ، وناس من بجيلة ، فإذ كان صحيحا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا من إحراق جيفة المشرك مرة ، وقذفه بها أخرى
في قليب (5) ، وتركه إياها ثالثة بالعراء ، وكان الله تعالى ذكره قد جعل لأمته
التأسي به في أفعاله ، فللمسلمين من الفعل بمن قتلوا من أعدائهم من المشركين ،
ولإمامهم من الفعل بمن قتله على ردة أو موبقة عظيمة ، مثل الذي فعل رسول الله صلى
الله عليه وسلم بمن ذكرنا من أهل الشرك والردة »
__________
(1) الغدو : السير والذهاب والتبكير أول النهار
(2) سورة : المائدة آية رقم : 33
(3) سمر العين : أحْمَى لهم مَساَمِير الحَديد ثم كَحَلَهم بها وفقأ أعينهم.
(4) المُثْلة : جدع الأطراف أو قطعها أو تشويه الجسد تنكيلا، وقد تطلق على النذر
بما يرهق النفس أو يشوهها
(5) القَلِيب : البِئر التي لم تُطْو
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمير بن وهب لرسول الله صلى
الله عليه وسلم وأصحابه : انعموا صباحا ، يعني بذلك : نعمتم عند الصباح ، وهي تحية
كان أهل الجاهلية يحيون بها ملوكهم ، وفيها لغتان : إحداهما انعم صباحا ، والآخر :
عم صباحا ، ومن اللغة الأولى قول امرئ القيس بن حجر : ألا انعم صباحا أيها الطلل
البالي وهل ينعمن من كان في العصر الخالي ؟ ومن اللغة الأخرى قول عنترة بن شداد
العبسي : يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحا دار عبلة واسلمي وأما قول شريح :
أنهم وجدوا ثلاثة نفر في سرب ، فإن السرب ها هنا ، بفتح السين والراء ، حفيرة تكون
في الأرض ، يقال منه : « انسرب الوحشي في سربه » ، إذا دخل في جحره ، والسرب أيضا
، بفتح السين والراء الماء يصب في القربة الجديدة أو المزادة ، حتى ينتفخ السير ،
وتستد مواضع الخرز ، يقال منه : سرب الماء يسرب سربا إذا سال ، ومنه قول ذي الرمة
: ما بال عينك منها الماء ينسكب ؟ كأنه من كلى مفرية سرب ومنها أيضا قول جرير بن
عطية : بلى فارفض دمعك غير نزر كما عينت بالسرب الطبابا يعني بقوله سرب سائل وأما
السرب بفتح السين وسكون الراء ، فمعنى غير ذلك ، وهو المال الراعي ، كالإبل ونحوها
، يقال منه : أغير على سرب القوم ، إذا ذهب بإبلهم ، وجاء سرب بني فلان ، إذا جاءت
إبلهم ، ومنه قولهم : « اذهبي ، فلا أنده سربك » يراد به : لا أرد إبلك ، كانت
الجاهلية تقول ذلك للمرأة إذا أرادوا فراقها وطلاقها ، يعنون بذلك : اذهبي فلا
حاجة لي فيك ، والسرب أيضا ، بفتح السين وسكون الراء ، الطريق ، يقال : « خل له
سربه ، يعني به طريقه » ومنه قول ذي الرمة : خلى لها سرب أولاها ، ونجنجها مخافة
الصيد حتى كلها هيم وأما الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
: « من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا
» فإنه يعنى بقوله : « في سربه : في نفسه ، وهو مكسور السين مسكن الراء ، ويقال :
فلان واسع السرب ، يعنى به : أنه رخي البال ، وأما قولهم : » مر بي سرب من قطا ،
وظباء ، ونساء ، فإنه بكسر السين وسكون الراء ، وهو القطيع من ذلك يجمع سروبا ،
ومنه قول أبي داود الإيادي : أوحشت من سروب قومي تعار فأروم ، فشابة فالستار بعدما
كان سرب قومي حينا لهم النخل كلها والبحار يقال منه : « سرب على الإبل » ، يعنى به
: أرسلها قطعة قطعة ، ومرت بي سربة من خيل وحمر وظباء ، بضم السين وسكون الراء ،
ومنه قول ذي الرمة : « سوى ما أصاب الذئب منه وسربة ، أطافت به من أمهات الجوازل »
وأما قولهم : فلان بعيد السربة ، فإنه يعنى به : بعيد المذهب ، وأما قول أبي رجاء
: حتى إذ بلغ حفر عدي وتيم ، أراد أن يسرع السير ، فأرذى رجالا ، وأرذاني فيهم ،
فإنه يعني بقوله : فأرذى رجالا خلفهم وترك الشخوص بهم معه ، لضعفهم ، ، وعجزهم عن
السير معه ، وأصله من قولهم للناقة التي قد ضعفت عن السير من الهزال ، والجهد الذي
بها ، إذا تركت فلم تستتبع : « رذية ، تجمع : رذايا ، ومنه قول أبي داود الإيادي :
وعنس قد براها لذة الموكب ، والشرب رذايا كالبلايا ، أو كعيدان من القضب ، وأما
قول سعيد بن جبير : ثم قالوا : » إنا نجتوي المدينة ، فإنهم عنوا بقولهم : « نجتوي
المدينة ، نستوبئها ، وإنما هو نفتعل من الجوى ، والجوى : فساد الجوف من داء يكون
به » يقال منه جوي فلان فهو يجوى جوى ، مقصور ، ومنه قول الطرماح بن حكيم : أيا
صاحبي هل من سبيل إلى هند وريح الخزامى غضة بالثرى الجعد وهل لليالينا بذي الرمث
رجعة فتشفي جوى الأحشاء من لاعج الوجد وأما قول سعيد بن جبير : فجاء الصريخ يصرخ
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه يعني بالصريخ : المستغيث ، يقال : جاء
صريخ القوم ، فأصرخهم بنو فلان ، يراد بذلك : جاء مستغيثهم فأغاثهم الآخرون ، ومنه
قول الله تعالى ذكره : « ما أنا بمصرخكم ، وما أنتم بمصرخي » (1) يعني به : « ما
أنا بمغيثكم ، وما أنتم بمغيثي »
__________
(1) سورة : إبراهيم آية رقم : 22
ذكر خبر آخر من أخبار أبي يحيى ، عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1393
- حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا عبد الصمد بن النعمان ، قال : أخبرنا عبد
الملك وهو أبو سلام ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد ، عن علي ، قال : كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يسير قال : « اللهم بك أصول (1) ، وبك أحل ،
وبك أسير »
__________
(1) أصول : أسطو وأقْهَر وأَثِبُ وأهجم
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلتين إحداهما : أنه خبر لا يعرف له مخرج من وجه يصح عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا من هذا الوجه ، والثانية : « أن المعروف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض هذا القول أنه إنما كان يقوله إذا كان في حرب ، فأما الذي كان يقول إذا أراد السفر ، فغير ذلك »
ذكر الرواية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقول بعض ما في خبر علي هذا ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا كان في حرب
1394
- حدثنا علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا الحسن بن بلال ، عن حماد بن سلمة ، قال :
أخبرنا ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان أيام حنين يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر ، فقيل : يا رسول الله : إنك تحرك
شفتيك بشيء ما كنت تفعله ، فما هذا الذي تقول ؟ قال : أقول : « اللهم بك أحول (1)
، وبك أصول ، وبك أقاتل »
__________
(1) أحول : أحتال وأدفع وأمنع
1395
- حدثنا القاسم بن بشر بن معروف ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد
بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان أيام حنين إذا سلم من صلاة الصبح حرك شفتيه ، فقيل : يا رسول الله ، إنك
لتفعل شيئا ما كنت تفعله ، فما هو ؟ قال : أقول : « اللهم بك أحاول ، وبك أصاول
(1) ، وبك أقاتل »
__________
(1) أصاول : أثب وأهاجم وأسطو وأقهر
1396
- وحدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
عمران ، عن أبي مجلز ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضر العدو قال : «
اللهم أنت عضدي (1) ، وأنت نصيري ، وبك أحول (2) ، وبك أصول ، ولك أقاتل »
__________
(1) العضد : الناصر والمعتمد والمستعان
(2) أحول : أحتال وأدفع وأمنع
ذكر الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان يقوله إذا أراد السفر وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أشياء نذكر ما حضرنا من ذلك ذكره ، فمن ذلك ما
1397
- حدثنا هناد بن السري ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج في السفر قال : «
اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من الضيعة في
السفر ، والكآبة في المنقلب ، اللهم اقبض لنا الأرض ، وهون علينا السفر » ، فإذا
أراد الرجوع قال : « آيبون تائبون ، لربنا حامدون » ، فإذا دخل بيته ، قال : «
توبا توبا ، لربنا أوبا ، لا يغادر علينا حوبا (1) »
__________
(1) الحوب : الإثم والذنب
1398
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا الوليد بن أبي ثور
، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
سافر يقول : « اللهم إني أعوذ بك من الضيعة في السفر ، والكآبة (1) في المنقلب ،
اللهم اقبض لنا الأرض ، وهون علينا السفر ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة
في الأهل » ، فإذا جاء مقبلا قال : « تائبون آيبون حامدون لربنا عابدون ، فإذا كان
يوم يدخل المدينة قال : توبا إلى ربنا توبا ، لا يغادر عليه منا حوبا (2) »
__________
(1) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(2) الحوب : الإثم والذنب
1399
- وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن عبد الله بن سرجس ، قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قال : « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء (1)
السفر ، وكآبة (2) المنقلب (3) ، والحور (4) بعد الكون ، ودعوة المظلوم ، وسوء
المنظر في الأهل والمال »
__________
(1) الوعثاء : الشدة والمشقة
(2) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(3) المنقلب : الرجوع أو العودة
(4) الحَوْر : النُّقْصَان بَعْد الزِّيادة. وقيل من فساد أمورِنا بعد صَلاحِها.
وقيل من الرُّجُوع عن الجماعة
1400
- حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا عاصم ، عن عبد
الله بن سرجس ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا قال : « اللهم
إني أعوذ بك من وعثاء (1) السفر ، وكآبة (2) المنقلب (3) ، والحور (4) بعد الكون ،
ودعوة المظلوم ، والمنظر في الأهل والمال » ، وإذا رجع قال مثل ذلك ، إلا أنه يقول
: « وسوء المنظر من الأهل والمال »
__________
(1) الوعثاء : الشدة والمشقة
(2) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(3) المنقلب : الرجوع أو العودة
(4) الحَوْر : النُّقْصَان بَعْد الزِّيادة. وقيل من فساد أمورِنا بعد صَلاحِها.
وقيل من الرُّجُوع عن الجماعة
1401
- وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربي ، عن عاصم الأحول ، عن عبد الله بن سرجس
، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : « اللهم أنت الصاحب في السفر ،
والخليفة في الأهل ، أعوذ بك من وعثاء (1) السفر ، وكآبة (2) المنقلب (3) ، والحور
(4) بعد الكون ، ودعوة المظلوم ، وسوء المنظر في الأهل والمال »
__________
(1) الوعثاء : الشدة والمشقة
(2) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(3) المنقلب : الرجوع أو العودة
(4) الحَوْر : النُّقْصَان بَعْد الزِّيادة. وقيل من فساد أمورِنا بعد صَلاحِها.
وقيل من الرُّجُوع عن الجماعة
1402
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، قال : حدثنا سعيد ، عن
عبد الله بن بشر الخثعمي ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا أراد سفرا قال : « اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في
الأهل ، اللهم أصحبنا بنصح ، وأقلبنا بذمة ، اللهم ازو (1) لنا الأرض ، وهون علينا
السفر ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء (2) السفر ، وكآبة (3) المنقلب (4) »
__________
(1) ازو : اطو والمراد تقصير السفر حتى لا تزداد المشقة
(2) الوعثاء : الشدة والمشقة
(3) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(4) المنقلب : الرجوع أو العودة
1403
- وحدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن عجلان ،
قال : حدثني سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا أراد السفر قال : « اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ،
اللهم إني أعوذ بك من وعثاء (1) السفر ، وكآبة (2) المنقلب (3) ، وسوء المنظر في
الأهل والمال ، اللهم اطو (4) لنا الأرض ، وهون علينا السفر »
__________
(1) الوعثاء : الشدة والمشقة
(2) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(3) المنقلب : الرجوع أو العودة
(4) اطو : قَرِّبْ لنا الأرض ، وسهل السير فيها
1404
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن فطر ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج في سفر قال : « اللهم بلاغا يبلغ خيرا ،
مغفرة منك ورضوانا ، بيدك الخير ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم أنت الصاحب في
السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم هون علينا السفر ، واطو لنا الأرض ، اللهم إني
أعوذ بك من وعثاء (1) السفر ، وكآبة (2) المنقلب »
__________
(1) الوعثاء : الشدة والمشقة
(2) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
1405
- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا ابن جريج ، عن أبي
الزبير ، عن علي الأزدي ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
استوى على بعيره خارجا إلى سفر ، كبر ثلاثا ، ثم قال : « سبحان الذي سخر لنا هذا ،
وما كنا له مقرنين (1) ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا
البر والتقوى ، والعمل بما ترضى ، اللهم هون علينا السفر ، واطو (2) عنا بعده ،
اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء (3)
السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والمال » ، وإذا رجع قالها ، وزاد
فيها : « آيبون ، تائبون ، لربنا حامدون » وحدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال
: أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن جريج ، أن أبا الزبير ، أخبره أن عليا الأزدي
أخبره ، أن عبد الله بن عمر علمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ، فذكر
نحوه ، إلا أنه قال : « ومن العمل ما ترضى »
__________
(1) أقرن للشيء : أطاقه وقوي عليه
(2) اطو عنا بعده : قربه لنا
(3) الوعثاء : الشدة والمشقة
1406
- وحدثني هلال بن العلاء الرقي ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الملك الحراني ، قال :
حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد ، عن أبي الزبير ، عن علي بن عبد
الله عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به
دابته كبر ثلاثا ، ثم قال : « سبحان الذي سخر لنا هذا ، وما كنا له مقرنين (1) ،
اللهم إنا نسألك البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم أنت الصاحب في السفر ،
والخليفة في الأهل ، اللهم هون علينا سفرنا هذا ، واطو (2) لنا عنا بعده ، اللهم أعوذ
بك من وعثاء (3) السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والمال » وكان إذا
دخلها قالها أيضا ، ثم قال : « آيبون تائبون ، لربنا حامدون » ومن ذلك أيضا مما
رواه آخرون ، ما
__________
(1) أقرن للشيء : أطاقه وقوي عليه
(2) اطو عنا بعده : قربه لنا
(3) الوعثاء : الشدة والمشقة
1407
- حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، وأبو هشام الرفاعي قالا : حدثنا المحاربي ، عن
عمر بن مساور العجلي ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك ، قال : لم يرد رسول الله صلى
الله عليه وسلم سفرا قط إلا قال حين ينهض من جلوسه : « اللهم بك انتشرت (1) ، وإليك
توجهت ، وبك اعتصمت ، اللهم أنت ثقتي ، وأنت رجائي ، اللهم اكفني ما همني ، وما لا
أهتم به ، وما أنت أعلم به ، اللهم زودني التقوى ، واغفر لي ذنبي ، ووجهني للخير
أينما توجهت » قال : ثم يخرج ومن ذلك ما رواه آخرون ، وهو ما
__________
(1) انتشرت : أي ابتدأت سفري
1408 - حدثني به محمد بن سنان القزاز قال : حدثنا إسحاق بن إدريس ، قال : حدثنا أبو إسحاق الأسلمي ، عن عبد العزيز بن عمر ، عن ريان بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان بن عفان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من خرج مخرجا فقال حين يخرج : بسم الله ، وآمنت بالله ، واعتصمت بالله ، وتوكلت على الله ، عصمه الله من شر مخرجه » واختلف فيما كان السلف يقولون في ذلك : نحو اختلاف الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه . نذكر ما حضرنا من ذلك ذكره
1409 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، أنه كان إذا سافر دعا بهذا الدعاء : « اللهم بلاغا يبلغه رضوانك والجنة ، إنك على كل شيء قدير » قال : فكان أبو إسحاق يزيد فيه : عن عبد الله بن عمر حديث أبي الأحوص : اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، والعون على الظهر ، والمستعان على الأمر
1410
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربي ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن
عبد الله بن مسعود ، أنه كان يقول : إذا أراد الرجل منكم السفر فليقل : « اللهم
بلاغا يبلغ خيرا ، مغفرة منك ورضوانا ، بيدك الخير ، أنت على كل شيء قدير ، اللهم
أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل . اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء (1) السفر
، وكآبة المنقلب ، اللهم اطو (2) لنا الأرض ، وهون علينا السفر »
__________
(1) الوعثاء : الشدة والمشقة
(2) اطو لنا الأرض : قربها لنا وسهل السير فيها
1411
- وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : كان أحدهم
إذا سافر قال : « اللهم بلغ بلاغا يبلغ مغفرة منك ورضوانا ، بيدك الخير ، إنك على
كل شيء قدير ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، وأنت الخليفة في الأهل ، هون علينا
السفر ، واطو (1) لنا الأرض ، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء (2) السفر ، وكآبة
المنقلب »
__________
(1) اطو لنا الأرض : قربها لنا وسهل السير فيها
(2) الوعثاء : الشدة والمشقة
1412
- وحدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم
، قال : « كان أصحاب عبد الله إذا أرادوا سفرا قالوا : » اللهم بلاغا يبلغ خيرا ،
مغفرة منك ورضوانا ، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ، اللهم أنت الصاحب في السفر
، والخليفة في الأهل ، اللهم اطو لنا الأرض ، وهون علينا السفر ، اللهم إنا نعوذ
بك من وعثاء (1) السفر ، وكآبة المنقلب «
__________
(1) الوعثاء : الشدة والمشقة
1413 - وكان آخرون يقولون في ذلك ما حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربي ، عن الأصبغ بن زيد الواسطي ، عن رجلين ، سماهما ، عن مكحول ، قال : ما أراد عبد سفرا فقال هؤلاء الكلمات إلا كلأه الله وكفاه ووقاه : اللهم لا شيء إلا أنت ، ولا شيء إلا ما شئت ، ولا حول ولا قوة إلا بك ، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، هو مولانا ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون ، حسبي الله لا إله إلا هو ، اللهم فاطر السموات والأرض ، أنت وليي في الدنيا والآخرة ، توفني مسلما ، وألحقني بالصالحين فإذا كان صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روينا عنه مما كان يقوله إذا أراد سفرا ، وعن أصحابه ما قد ذكرنا من قيلهم ، فأحب لمن أراد سفرا لحج ، أو عمرة ، أو غزو جهاد في سبيل الله ، أو تجارة ، أو فيما أراد ، مما لم يكن سفره في معصية لله ، أن يقول ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد بينا ، وأي الذي روي عنه من القيل الذي ذكرنا عنه أنه كان يقوله قاله قائل ، فقد أحسن ، وإن هو تعدى ذلك فقال بعض الذي ذكرنا أن ابن مسعود كان يقوله ، أو غيره ، فقد أجزأه وأحب الأقوال إلي أن يقوله ، إذا أراد ذلك مريد ، ما جمع جميع ذلك ، وهو أن يقول : بسم الله ، آمنت بالله واعتصمت به ، وتوكلت عليه ، اللهم إني بك أنتشر وأسير وأحل ، وإليك أتوجه ، وبك أعتصم ، فإنك ثقتي ورجائي ، اللهم اكفني أموري كلها ، ما همني منها ، وما لا أهتم به ، وما أنت أعلم به ، اللهم زودني التقوى ، واغفر لي ذنوبي ، ووجهني للخير أينما توجهت ، اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، والعمل بما ترضى ، اللهم بلغني بلاغا يبلغ خيرا ، مغفرة منك ورضوانا ، بيدك الخير ، إنك على كل شيء قدير ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم هون علي السفر ، واطو لي الأرض ، واصحبني منك بنصح ، وأقلبني بذمة ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والمال ، اللهم لا شيء إلا ما شئت ، ولا حول ولا قوة إلا بك ، لن يصيبني إلا ما كتبت لي ، أنت مولاي ، عليك أتوكل ، وبك أستعين في أموري كلها ، حسبي الله لا إله إلا هو ، اللهم فاطر السموات والأرض ، أنت وليي في الدنيا والآخرة ، توفني مسلما ، وألحقني بالصالحين . فإنه إذا قال ذلك جمع جميع ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نهوضه لسفره ، وما كان السلف يدعون به ، وإن لم يقل من ذلك شيئا لم يحرج إن شاء الله ، لأن ذلك غير فرض قيله على أحد بإجماع الجميع ، في حال عزمه على السفر
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : « اللهم إني بك أصول » ، يعني صلى الله عليه وسلم بقوله : « بك أصول » ، بك أسطو على أعدائك ، يقال للفحل من الإبل إذا عدا على آخر ، واثبا عليه بالعض : صال عليه ، ومنه قول عمرو بن كلثوم التغلبي : فصالوا صولهم فيمن يليهم وصلنا صولنا فيمن يلينا فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا يعني بقوله : آبوا : رجعوا . يقال منه : آب فلان من سفره فهو يؤوب أوبا وإيابا ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : « توبا لربنا أوبا » ، يعني بالأوب : الرجوع . وأما قوله « لا يغادر حوبا » ، فإنه يعني به : لا يدع ذنبا ، يقال منه : غادر فلان فلانا بموضع كذا : إذا تركه ، ومنه قول النابغة الذبياني : فغادرهن منعفرا زهيقا وآخر مثبتا يشكو الجراحا والحوب : مصدر من قول القائل : « حاب فلان فهو يحوب حوبا وحوبا » ، ومنه قول أمية بن الأسكر : وإن مهاجرين تكنفاه عباد الله ، قد خطئا وحابا وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر » فإنه يعني بالوعثاء الشدة والمشقة ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة : إذا كان هادي الفتى في البلاد صدر القناة أطاع الأميرا وخاف العثار إذا ما مشى وخال السهولة وعثا وعورا ومنه أيضا قول الكميت بن زيد : وأين ابنها منا ومنكم ، وبعلها خزيمة ، والأرحام وعثاء حوبها وإنما الوعثاء من الوعث ، وهو الدهس يشتد فيه المشي ، فيضرب مثلا في كل شديدة شاقة على عاملها . وأما الكآبة ، والحور بعد الكون ، وقوله : اللهم ازو لنا الأرض ، فقد بينت معاني ذلك كله قبل ، فيما مضى من كتابنا هذا
ذكر خبر آخر من أخبار علي رضوان الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1414 - حدثني إسماعيل بن موسى السدي ، قال : أخبرنا محمد بن عمر الرومي ، عن شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن الصنابحي ، عن علي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أنا دار الحكمة ، وعلي بابها » القول في علل هذا الخبر وهذا خبر صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلتين : إحداهما : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه . والأخرى : أن سلمة بن كهيل عندهم ممن لا يثبت بنقله حجة . وقد وافق عليا في رواية هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره
1415 - ذكر ذلك ، حدثني محمد بن إسماعيل الضراري ، قال : حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها » حدثني إبراهيم بن موسى الرازي - وليس بالفراء - قال : حدثنا أبو معاوية ، بإسناده ، مثله قال أبو جعفر : هذا الشيخ لا أعرفه ، ولا سمعت منه غير هذا الحديث
ذكر خبر آخر من أخبار علي رضوان الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1416 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن سعد يعني ابن إبراهيم أنه سمع عبد الله بن شداد ، يقول : سمعت عليا ، يقول : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي رجلا قط غير سعد بن أبي وقاص ، سمعته يقول يوم أحد : « ارم ، فداك أبي وأمي »
1417 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عبد الله بن شداد ، عن علي ، قال : ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد ، إلا لسعد ، فإنه قال : « ارم فداك أبي وأمي »
1418 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : سمعت عبد الله بن شداد ، يقول : قال علي : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد غير سعد بن مالك ، فإنه جعل يقول يوم أحد : « ارم ، فداك أبي وأمي »
1419 - حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا مسعر ، عن سعد بن إبراهيم ، عن ابن شداد ، قال : سمعت عليا ، يقول : « ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد غير سعد »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد وافق عبد الله بن شداد في رواية هذا الخبر عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره ، نذكر ما صح من ذلك عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
1420 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، وعلي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن علي ، قال : ما جمع النبي صلى الله عليه وسلم أبويه إلا لسعد قال : « ارم : فداك أبي وأمي ، أيها الغلام الحزور » وقد وافق عليا في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره من أصحابه . ذكر ذلك
1421 - حدثني أبو علقمة الفروي ، قال : حدثنا إسحاق ، يعني الفروي ، قال : حدثتني عبيدة بنت نابل ، عن عائشة ، عن سعد بن أبي وقاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أنبلوا سعدا ، فدى له أبي وأمي »
1422 - حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا يحيى الحماني ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عبد الله بن جعفر المخرمي ، عن إسماعيل بن محمد ، عن عامر بن سعد ، عن سعد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد للمسلمين : « أنبلوا سعدا ، ارم يا سعد ، رمى الله لك ، ارم ، فداك أبي وأمي » القول في البيان عن هذا الخبر ، وعما فيه من الفقه إن قال لنا قائل : أرأيت قول علي : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي رجلا قط غير سعد بن أبي وقاص ، أصحيح أم سقيم ؟ فإن كان سقيما ، فما السبب الذي أسقمه ؟ وإن كان صحيحا فما أنت قائل فيما
1423 - حدثكم به بحر بن نصر الخولاني قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن عبد الله بن الزبير ، قال يوم الخندق : للزبير : يا أبه ، لقد رأيتك وأنت تحمل على فرسك الأشقر . قال : هل رأيتني أي بني ؟ قال : نعم ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع حينئذ لأبيك أبويه ، يقول : « احمل فداك أبي ، وأمي »
1424
- حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا سليمان بن حرب الواشحي ، قال : حدثنا حماد بن
زيد ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، قال : « كنت
وعمر بن أبي سلمة في الأطم (1) يوم الخندق ، فكان يطأطئ (2) فأنظر إلى القتال ،
وأطأطئ له فينظر إلى القتال ، فرأيت أبي يجول في السبخة (3) ، يكر على هؤلاء مرة
وعلى هؤلاء مرة فقلت له : يا أبه ، قد رأيتك تكر في السبخة على هؤلاء مرة ، وعلى
هؤلاء مرة فقال : قد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم أبويه » وقال :
هذا الزبير بن العوام يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع له أبويه ؟ قيل
له : إن قول الزبير هذا غير دافع صحة ما قال علي ، ولا قول علي دافع صحة ما قال
الزبير ، لأن عليا إنما أخبر عن نفسه أنه لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم جمع
أبويه لأحد . وجائز أن يكون جمع للزبير أبويه ولم يسمعه علي ، وسمعه الزبير ،
فأخبر كل واحد منهما بما سمع . وليس في قول قائل : لم أسمع فلانا يقول كذا وكذا
نفي منه أن يكون سمع ذلك منه غيره ، ولا في قول قائل : سمعت فلانا يقول كذا وكذا ،
إيجاب منه أن يكون لا أحد إلا وقد سمع من فلان الخبر الذي أخبر عنه أنه سمعه منه ،
فكذلك خبرا علي والزبير رحمة الله عليهما اللذان ذكرنا عنهما . القول في البيان
عما في هذا الخبر من الفقه والذي فيه من ذلك : الدلالة على صحة قول القائلين
بإجازة تفدية الرجل بأبويه ونفسه ، وفساد قول منكري ذلك . فإن ظن ظان أن تفدية
النبي لله من فداه بأبويه ، إنما جاز لأن أبويه كانا مشركين ، فأما المسلم فإنه
غير جائز له أن يفدي مسلما ولا كافرا بنفسه ، ولا بأحد سواه من أهل الإسلام ،
اعتلالا منه بما
__________
(1) الأطم : البناء المرتفع
(2) طأطأ : خفض
(3) السَبَخة : الأرضُ التي تعْلُوها المُلُوحة ولا تكادُ تُنْبِت إلا بعضَ الشجَر
1425
- حدثني به يحيى بن داود الواسطي قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : أخبرني مبارك ، عن
الحسن ، قال : « دخل الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاك (1) ، فقال :
كيف تجدك ، جعلني الله فداك ؟ فقال له : » أما تركت أعرابيتك بعد ؟ « . قال الحسن
: لا ينبغي أن يفدي أحد أحدا »
__________
(1) الشاكي : المريض
1426 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن إسماعيل ، عن الحسن ، قال : قال الزبير بن العوام : كيف أصبحت يا نبي الله ، جعلني الله فداك ؟ قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أما تركت أعرابيتك بعد ، يا زبير » ؟
1427 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سوار بن عبد الله ، عن الحسن ، أن الزبير ، دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشتكي ، فقال : ما أكثر ما نعهدك جعلني الله فداك فقال له : « أما تركت أعرابيتك بعد ؟ » . أو كما قال :
1428 - حدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن منكدر ، عن أبيه ، قال : دخل الزبير على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كيف أصبحت ، جعلني الله فداك ؟ فقال : « ما تركت أعرابيتك »
1429 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا أبو حمزة ، عن جابر ، قال : قال رجل لعمر بن الخطاب : جعلني الله فداك ، قال : « إذن يهينك الله » قيل : هذه أخبار واهية الأسانيد ، لا تثبت بمثلها في الدين حجة ، وذلك أن مراسيل الحسن أكثرها صحف غير سماع ، وأنه إذا وصلت الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون . ومن كان كذلك فيما يروي من الأخبار ، فإن الواجب عندنا أن نتثبت في مراسيله ، وأن المنكدر بن محمد عند أهل النقل ممن لا يعتمد على نقله . وبعد ، فلو كانت هذه الأخبار التي ذكرناها عن المنكدر بن محمد عن الحسن ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحاحا ، لم يكن فيها لمحتج بها حجة في إبطال ما روينا عن علي ، والزبير رحمة الله عليهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الخبرين اللذين ذكرناهما عنه أنه فدى من فدى بأبويه ، ولا كان في ذلك دلالة على أن قيل ذلك غير جائز ، إذ لا بيان فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى الزبير عن قيل ذلك له ، بل إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : « أما تركت أعرابيتك بعد » ، والمعروف من قيل القائل إذا قال : إن فلانا لم يترك أعرابيته بعد ، أنه إنما نسبه إلى الجفاء لا إلى فعل ما لا يجوز فعله . فلو صح خبر الحسن الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قيله ما قال للزبير ، لم يعد أن يكون ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم نسبة لقول الزبير الذي قال له إلى الجفاء ، وإعلاما منه له أن غيره من القول والتحية ألطف وأرق منه ، هذا هذا . وقد روينا عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد لا تشبه أسانيد خبر الحسن في الصحة ، أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : جعلنا الله فداك ، فلم ينكر ذلك عليهم ، ولم يغير ، نذكر من ذلك ما حضرنا ذكره
1430 - ذكر ذلك : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا موسى بن داود ، قال : حدثنا عبد الله بن المؤمل ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أول من يهلك من الناس قومك » قلت : جعلني الله فداك ، أبنو تيم ؟ قال : « لا ، ولكن هذا الحي من قريش »
1431 - وحدثني عمران بن موسى القزاز ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن أبي إسحاق ، عن أنس بن مالك ، أن أبا طلحة ، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : « جعلني الله فداك يا رسول الله »
1432 - حدثنا محمد بن موسى الحرشي ، قال : حدثنا حماد بن عيسى الجهني ، قال : حدثنا محمد بن يوسف الصنعاني ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين وكان من أصحابه قال : جاء الجهني وهو عبد الله بن أنيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « مرني بليلة أجيء فأصلي خلفك ، جعلني الله فداك »
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب « فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد » ارم ، فداك أبي وأمي ، أيها الغلام الحزور « . والحزور من الغلمان هو الذي قد قوي واشتد وخدم ، يجمع : حزاورة ، وحزورين ، ومنه قول أبي النجم العجلي : لم يبعثوا شيخا ولا حزورا بالفأس إلا الأرقب المصدرا وقد تقول العرب للرجل الذي قد بلغ أشده : حزور ، ومنه قول نابغة بني ذبيان : وإذا نزعت نزعت من مستحصف نزع الحزور بالرشاء المحصد وأما قول سعد ، مخبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للمسلمين يوم أحد : » أنبلوا سعدا « فإنه يعني بقوله : » أنبلوا سعدا « ، أعطوه النبل . يقال منه : استنبلني فلان ، فأنبلته ، يراد به : سألني نبلا فأعطيته . فأما الرجل يكون معه النبل فإنه يقال : هو رجل نابل ونبال ، كما يقال للرجل الذي يكون معه سيف : هو رجل سائف ، وسياف ، وأما قولهم : » ما انتبلت نبله « ، فإنه معنى غير هذا ، وإنما يقال ذلك للرجل يأتيك فلا تكترث له ، ولا تعلم به ، وفيه لغات أربع ، يقال : ما انتبلت نبله ، ونبله ، ونباله ، ونبالته ، ومثله : ما مأنت مأنه ، ولا شأنت شأنه ، ولا ربأت ربأه ، كل ذلك بمعنى واحد ، وهو : ما اكترثت له ، ولا علمت به . وأما قول العرب للرجل : نبلني عرقا ، ونبلني أحجارا ، فإن معناه : أعطني . وأما النبل في الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : » اتقوا الملاعن ، وأعدوا النبل « ، فإنها الحجارة التي تعد للاستنجاء بها ، يقال ذلك لها كذلك لصغرها ، والعرب تسمي كل شيء صغير نبلة ، كما تسمي بها كل شيء كبير . وهو من الأضداد ، يجمع نبلا ، ومنه قول بيهس ، الذي كان يلقب نعامة : إن كنت أزننتني بها كذبا جزء ، فلاقيت مثلها عجلا أفرح أن أرزأ الكرام ، وأن أورث ذودا شصائصا نبلا ، وحكي عن الأصمعي أنه كان يقول : إنما هو : النبل ، بضم النون ، وفتح الباء ، فأما المحدثون فإنهم يروون ذلك بفتح النون والباء ، والصواب في ذلك عندي ما رواه المحدثون ، لأن الرواة يروون عن بيهس الذي ذكرت بفتح النون والباء لا يختلفون في ذلك ، وذلك وجه صحيح ، وفيه الدلالة على صحة رواية المحدثين إياه بفتح النون والباء »
ذكر خبر آخر من أخبار علي رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1433 - حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، قال : أخبرنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن ذي حدان ، عن علي ، قال : « سمى الله الحرب خدعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو على لسان محمد صلى الله عليه وسلم » القول في علل هذا الخبر وهذا الخبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يصح إلا من هذا الوجه . والثانية : أن المعروف من رواية ثقات أصحاب علي هذا الخبر عن علي الوقوف به عليه غير مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثالثة : أن سعيد بن ذي حدان عندهم مجهول ، ولا تثبت بمجهول في الدين حجة . والرابعة : أن الثقات من أصحاب أبي إسحاق الموصوفين بالحفظ إنما رووه عنه ، عن سعيد ، عن رجل ، عن علي . والخامسة : أن أبا إسحاق عندهم من أهل التدليس ، وغير جائز الاحتجاج من خبر المدلس عندهم مما لم يقل فيه : حدثنا ، أو سمعت ، وما أشبه ذلك
ذكر من روى هذا الخبر عن علي ، فوقفه عليه ، ولم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
1434 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : حدثنا أبو حصين ، عن سويد بن غفلة ، عن علي ، أنه قال : إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا حدثتكم عن الحرب ، فإنما الحرب خدعة
1435 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن سويد بن غفلة ، عن علي ، قال : إذا حدثتكم فيما بيني وبينكم ، فإن الحرب خدعة
1436 - حدثني عيسى بن عثمان الرملي ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن سويد بن غفلة ، قال : كان علي يمر بالنهر أو بالساقية فيقول : « صدق الله ورسوله ، فقلنا : يا أمير المؤمنين ، ما تزال تقول هذا ، قال : إذا حدثتكم فيما بيني وبينكم ، فإنما الحرب خدعة »
1437 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، عن علي ، قال : « إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ، فاعلموا أنى لأن أقع من السماء إلى الأرض ، أحب إلي من أن أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ، ولكن الحرب خدعة »
ذكر من روى هذا الخبر عن أبي إسحاق فقال فيه : عنه ، عن سعيد ، عن رجل ، عن علي ، ولم يقل : عن سعيد بن ذي حدان ، عن علي
1438 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن ذي حدان ، عمن سمع عليا ، يقول : « سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة » وقد وافق عليا رحمة الله عليه في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر من ذلك ما حضرنا ذكره ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
1439 - حدثنا الحسن بن الصباح البزار ، والحسن بن عرفة ، وعمرو بن مالك البصري قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، سمع جابر بن عبد الله ، يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة »
1440 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، قال : سمعت جابرا ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة » أو « خدعة »
590 - قال : ثنا يوسف عن أبيه عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، في « الحر : يتزوج أربع مملوكات إن شاء ، وثلاثا وثنتين »
1442 - وحدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة »
1443 - وحدثني محمد بن عبد الله بن سعيد ، وجابر بن الكردي الواسطيان ، قالا : حدثنا يعقوب بن محمد ، قال : حدثنا عبد الله بن الحارث بن فضيل ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة »
1444 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني ، قال : حدثني إبراهيم بن عقيل ، عن أبيه ، عن وهب ، قال : سألت جابرا : « هل قال النبي صلى الله عليه وسلم : » الحرب خدعة « ؟ قال : نعم »
1445 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة »
1446 - وحدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أبو أيوب الدمشقي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن بشير ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الحرب خدعة »
1447 - حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا يحيى بن خليف بن عقبة ، عن سفيان ، عن طلحة بن يحيى بن طلحة ، عن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يصلح الكذب إلا في ثلاث : الرجل يرضي امرأته ، وفي الحرب ، وفي صلح بين الناس »
1448 - حدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري ، قال : حدثنا أبو ثوابة فضالة بن مفضل بن فضالة قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن عجلان ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة »
1449
- حدثني محمد بن سهل ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ،
عن ابن كعب بن مالك ، عن أبيه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة
ورى (1) بغيرها وقال : « الحرب خدعة »
__________
(1) ورى : أخفى مراده وستر غايته وأوهمهم بأمر آخر
1450 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن مطر بن ميمون المحاربي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أصحابه إلى رجل من اليهود ، فأمره بقتله ، فقال له : يا رسول الله ، إني لا أستطيع ذلك ، إلا أن تأذن لي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنما الحرب خدعة ، فاصنع ما تريد »
1451 - وحدثني إسماعيل بن المتوكل الأشجعي ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا عبد الله بن واقد ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الطفيل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه « لا يصلح الكذب إلا في إحدى ثلاث : رجل كذب امرأته ليستصلح خلقها ، ورجل كذب ليصلح بين امرأين مسلمين ، ورجل كذب في خديعة حرب ، فإن الحرب خدعة »
1452
- وحدثني عمرو بن مالك النكري ، قال : حدثنا مسلمة بن علقمة المازني ، عن داود بن
أبي هند ، عن شهر بن حوشب ، عن الزبرقان ، عن النواس بن سمعان الكلابي ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مالي أراكم تتهافتون في الكذب كما يتهافت الفراش
في النار ألا إن كل كذب مكتوب على ابن آدم إلا في ثلاث : كذب الرجل امرأته ليرضيها
، وكذب الرجل في الحرب ، فإن الحرب خدعة ، وكذب الرجل في الإصلاح بين الرجلين ،
فإن الله يقول : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة ، أو معروف أو إصلاح
بين الناس (1) ) »
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 114
1453
- وحدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت
داود ، عن شهر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، فنزلوا على رجل ،
فأتاهم بعتود ، أو شاة ليذبحوها ، فقالوا : مهزولة فأبوا (1) أن يذبحوها ، وله ظلة
فيها غنم له ، قال : فقالوا : أخرج الغنم حتى نكون في الظل ، فقال : أخشى على غنمي
، أرض فيها السموم ، أن تخدج ، فقالوا : أنفسنا أحب إلينا من غنمك فأخرجوا الغنم ،
وكانوا في الظلة ، فأخدجت غنمه ، قال : فانطلق فأخبر بصنيعهم النبي صلى الله عليه
وسلم ، فلما جاءوا ذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال له الرجل ، فقالوا :
كذب وأثم ، ما كان مما يقول شيء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل منهم : « إن
يكن في أحد من أصحابك خير ، فعسى أن تكون أنت تصدقني » ، فأخبره كما أخبره الرجل ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تتهافتون في الكذب تهافت الفراش في النار »
. ثم قال : « إن الكذب يكتب كله ، لا محالة كذبا ، إلا أن يكذب الرجل في الحرب ،
فإن الحرب خدعة أو قال : خدعة وأن يكذب الرجل بين الرجلين ليصلح بينهما ، وأن يكذب
أهله » يعني امرأته
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
1454 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن شهر بن حوشب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، فانطلقوا حتى نزلوا على أعرابي معه غنيمة له ، فقالوا : اذبح لنا . فأتاهم بعتود له ، قال : فقالوا : هذا مهزول قال : ثم أتاهم بآخر فقالوا : هذا مهزول . قال : فأخذوا شاة سمينة فذبحوها فأكلوا ، قال : فلما انتصف النهار ، واشتد الحر ، قال : وله غنيمة له في ظلة له ، فقالوا : أخرج غنمك حتى نستظل في هذا الظل ، فقال : إن غنمي ولد ، وإني متى ما أخرجها فنفستها السموم تخدج ، فقالوا : أنفسنا أحب إلينا من غنمك ، قال : فأخرجها فخدجت . قال : وأتى جبريل إلى النبي صلى الله عليهما فأخبره بأمرهم ، فانتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءت السرية ، فسألهم ، فجعلوا يحلفون بالله ما فعلنا قال : وقال الأعرابي : والذي بعثك بالحق لقد فعلوا الذي أخبرتك ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إنسان منهم وقال : « إن يك في القوم خير فعند هذا » ، فدعاه فسأله ، فأخبره مثل الذي قال الأعرابي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « تتهافتون في الكذب تهافت الفراش في النار ، إن كل كذب مكتوب كذبا لا محالة ، إلا ثلاثة : الرجل يكذب في الحرب ، فإن الحرب خدعة ، والرجل يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما ، والرجل يكذب امرأته ليمنيها »
1455 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا سفيان بن عقبة السوائي ، عن سفيان الثوري ، عن ليث ، عن شهر ، عن أسماء ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يصلح الكذب إلا في ثلاث : كذب الرجل امرأته لترضى عنه ، وكذب في إصلاح بين اثنين ، وكذب في الحرب » قال أبو جعفر : فيما أظن أنا
1456 - وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي ، قال : حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، قال : حدثتني أسماء ابنة يزيد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أيها الناس ، ما يحملكم أن تتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار ؟ كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاث خصلات : إلا امرؤ كذب امرأته لترضى عنه . أو رجل كذب بين امرأين مسلمين ليصلح ذات بينهما ، ورجل كذب في خديعة حرب »
1457 - حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا عبيد الله بن عامر أبو عاصم ، عن داود ، عن شهر ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « كل كذب مكتوب على صاحبه لا محالة ، إلا أن يكذب الرجل بين الرجلين يصلح بينهما ، ورجل يعد امرأته ، ورجل يكذب في الحرب ، والحرب خدعة »
1458 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أبو المغيرة ، قال : حدثنا صفوان ، قال : حدثنا عمرو بن عثمان بن جابر ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الحرب خدعة »
1459 - حدثنا عمرو بن مالك النكري ، قال : حدثنا مبشر بن إسماعيل ، قال : حدثنا صفوان بن عمرو السكسكي ، عن عثمان بن جابر ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة »
1460 - وحدثني محمد بن عبد الله بن سعيد ، وجابر بن الكردي الواسطيان قالا : حدثنا يعقوب بن محمد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عمران ، قال : حدثنا إبراهيم بن صابر الأشجعي ، عن أبيه ، عن أمه : ابنة نعيم بن مسعود الأشجعي ، عن أبيها قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق : « خذل عنا ، فإن الحرب خدعة »
1461 - حدثنا عمرو بن مالك ، قال : حدثنا محمد بن الحارث الحارثي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الحرب خدعة »
1462 - وحدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا حيوة ، قال : حدثني ابن الهاد ، قال : حدثني عبد الوهاب بن أبي بكر ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أمه : أم كلثوم ابنة عقبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا أعده كذبا : الرجل يصلح بين الناس ، يقول القول يريد به الإصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب ، والرجل يحدث امرأته ، والمرأة تحدث زوجها »
1463
- حدثنا أبو كريب ، ويعقوب بن إبراهيم ، قالا : حدثنا ابن علية ، عن معمر ، عن
الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أمه أم كلثوم ابنة عقبة ، قالت : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا ، ونمى
(1) خيرا »
__________
(1) نمى : بلّغ
1464 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثنا ليث بن سعد ، عن ابن الهاد ، عن عبد الوهاب ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أمه أم كلثوم ابنة عقبة ، قالت : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لا أعده كذابا : الرجل يصلح بين الناس ، يقول القول لا يريد به إلا الإصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب ، والرجل يحدث المرأة ، والمرأة تحدث زوجها »
1465
- حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن معمر ، عن
الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أمه أم كلثوم ابنة عقبة ، قالت : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ليس الكاذب من أصلح بين الناس وقال خيرا ، أو
نمى (1) خيرا »
__________
(1) نمى : نقل الحديث بين الناس وبلغه بنية الإصلاح
1466 - حدثني محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أمه أم كلثوم ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يصلح الكذب إلا في إحدى ثلاث : الرجل يصلح بين الرجلين ، وفي الحرب » قال أبو جعفر : وأظنه قال : « والرجل يحدث امرأته »
1467
- حدثني أحمد بن المقدام العجلي ، قال : حدثنا الفضيل بن سليمان ، قال حدثنا عبد
الرحمن بن حميد ، عن أبيه ، قال : حدثتني أمي أم جندب أنها سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : « ليس الكاذب من أصلح بين اثنين ، وقال خيرا أو نوى (1)
خيرا »
__________
(1) نوى الأمر : قصده وعزم عليه
القول في البيان عن معاني هذه الأخبار « إن قال لنا قائل : أخبرنا عن هذه الأخبار التي ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيله : » الحرب خدعة « ، وأن الكذب فيها وفي المعنيين الآخرين اللذين رويت عنه أنه رخص فيهما الكذب ، أسقيمة أم صحيحة ؟ فإن كانت سقيمة ، فما الذي أسقمها ؟ وإن كانت صحيحة فما وجهها ؟ وما معناها ؟ وقد علمت ما »
1468 - حدثك به ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثني موسى بن عقبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ألا وإياكم وروايا الكذب ، فإن الكذب لا يصلح بالجد ولا بالهزل ، ولا يعد الرجل صبيه ما لا يفي له به ، ألا إن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، والصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة ، وإنه يقال للصادق : صدق وبر ، وللكاذب : كذب وفجر ، ألا إن العبد يكذب حتى يكتب عند الله كاذبا ، ويصدق حتى يكتب عند الله صديقا »
1469 - وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا إسحاق ، يحدث ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، أنه قال : إن « شر الروايا روايا الكذب ، إن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، ويقال للصادق صدق وبر ويقال للكاذب كذب وفجر ، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم قال : » إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقا ، ويكذب حتى يكتب كذابا «
1470 - وحدثني عمر بن إسماعيل الهمداني ، قال : حدثنا يعلى بن الأشدق ، عن عبد الله بن جراد ، قال : قال أبو الدرداء : يا رسول الله ، هل يسرق المؤمن ؟ قال : « قد يكون ذلك » . قال : فهل يزني المؤمن ؟ قال : « بلى ، وإن كره أبو الدرداء » قال : هل يكذب المؤمن ؟ قال : « إنما يفتري الكذب من لا يؤمن ، إن العبد يزل الزلة ثم يرجع إلى ربه فيتوب ، فيتوب الله عليه » قيل : قد اختلف السلف من علماء الأمة قبلنا في الكذب الذي أباح صلى الله عليه وسلم ، وفي معاني هذه الأخبار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نذكر في ذلك أقوالهم ، ثم نتبع جميع ذلك البيان عنه إن شاء الله . فقال بعضهم : الكذب محظور حرام على كل أحد ، غير جائز استعماله في شيء : لا في حرب ، ولا في غيرها . قالوا : والذي أذن النبي صلى الله عليه وسلم فيه من ذلك من معاني الكذب المتعارف بين الناس خارج . قالوا : وإنما الذي أذن فيه من ذلك ، كالذي فعله بالأحزاب عام الخندق ، إذ راسلت يهود قريظة أبا سفيان بن حرب ومن معه من مشركي قريش للغدر بمن في الآطام من ذراري المسلمين ونسائهم ، كالذي
1471 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أرسلت بنو قريظة إلى أبي سفيان ومن معه من الأحزاب يوم الخندق : أن اثبتوا ، فإنا سنغير على بيضة المسلمين من ورائهم . فسمع ذلك نعيم بن مسعود الأشجعي ، وهو موادع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان عند عيينة بن حصن حين أرسلت بذلك بنو قريظة إلى الأحزاب ، فأقبل نعيم إلى رسول الله فأخبره خبر ما أرسلت به بنو قريظة إلى الأحزاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « فلعلنا نحن أمرناهم بذلك » ، فقام نعيم بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من عند رسول الله ليحدث بها غطفان ، وكان نعيم رجلا لا يملك الحديث فلما ولى نعيم ذاهبا إلى غطفان ، قال عمر بن الخطاب : لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، هذا الذي قلت إما هو من عند الله فأمضه ، وإما هو رأي رأيته ، فإن شأن بني قريظة هو أيسر من أن يقول شيئا يؤثر عليك فيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بل هذا رأي رأيته ، إن الحرب خدعة » . ثم أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثر نعيم فدعاه ، فقال له رسول الله : « أرأيتك الذي سمعتني أذكر آنفا ؟ اسكت عنه فلا تذكره لأحد » . فانصرف نعيم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء عيينة بن حصن ومن معه من غطفان ، فقال لهم : هل علمتم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قال : شيئا قط إلا حقا ؟ قالوا : لا ، قال : فإنه قد قال لي فيما أرسلت به إليكم بنو قريظة : « فلعلنا نحن أمرناهم بذلك » ، ثم نهاني أن أذكره لكم ، فانطلق عيينة حتى لقي أبا سفيان بن حرب ، فأخبره بما أخبره نعيم عن رسول الله ، فقال : إنما أنتم في مكر من بني قريظة . قال أبو سفيان : فنرسل إليهم نسألهم الرهن ، فإن دفعوا إلينا رهنا منهم فصدقوا ، وإن أبوا فنحن منهم في مكر . فجاءهم رسول أبي سفيان يسألهم الرهن ، فقال : إنكم أرسلتم إلينا تأمرون بالمكث ، وتزعمون أنكم ستخالفون محمدا ، ومن معه ، فإن كنتم صادقين فأرهنونا بذلك من أبنائكم ، وصبحوهم غدا . قالت بنو قريظة : قد دخلت علينا ليلة السبت ، ولسنا نقضي في ليلة السبت ولا في يومها أمرا ، فأمهلوا حتى يذهب السبت . فرجع الرسول إلى أبي سفيان بذلك ، فقال أبو سفيان : ورءوس الأحزاب معه : هذا مكر من بني قريظة ، فارتحلوا . فبعث الله تبارك وتعالى عليهم الريح حتى ما كاد رجل منهم يهدي إلى رحله ، فكانت تلك هزيمتهم « فبذلك يرخص الناس الخديعة في الحرب
1472 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عطاء ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق : « قالوا كذا ، وفعلوا كذا ، صنعوا كذا » فذهب العين فأخبرهم ، فهزموا ، ولم يكذب ، ولكن قال : أفعلوا كذا ، أصنعوا كذا ؟ استفهام . قال : فذكرته لمغيرة فأعجبه « قالوا : فالذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم من الخديعة في الحرب ، نحو الذي روي عنه أنه فعله فيها من القول الذي يقول القائل فيها مما يحتمل معاني ، موهما بذلك من سمعه ما فيه الوهن على العدو ، كايدهم بذلك من قيله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنعيم بن مسعود إذ أخبره برسالة اليهود إلى أبي سفيان : » فلعلنا نحن أمرناهم بذلك « ، فقال قولا محتملا ظاهره أن يكون معناه أن اليهود فعلوا ما فعلوا ، من إرسالهم الرسل فيه إلى أبي سفيان بما أرسلوا به ، إما عن أمره ، أو عن غير أمره . وذلك ، لا شك ، أنه كما قال صلى الله عليه وسلم من أن القوم لم يفعلوا إلا عن أحد ذينك الوجهين ، إما عن أمره ، وإما عن غير أمره ، وذلك هو الصدق الذي لا مرية فيه . وإنما كان يكون ذلك كذبا لو قال : » إنما أرسلت اليهود إلى أبي سفيان بما أرسلت به إليه ، بأمرنا إياهم بذلك « ، فأما قوله : » فلعلنا نحن أمرناهم بذلك « ، فمن الكذب بمعزل قالوا : ومن الخديعة التي أذن صلى الله عليه وسلم فيها في الحرب ما روي عن كعب بن مالك أنه كان إذا أراد غزو قوم ورى بغيرهم . قالوا : وكالذي روي عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك ، كان يفعل أهل الدين والفضل في مغازيهم ، قالوا : ومن ذلك ما
1473 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي أيوب ، أن تميم بن سحيم ، شيخا من أهل مصر حدثهم قال : غزوت مع مالك بن عبد الله الخثعمي وعقد له على الصائفة مقتل عبد الله بن الزبير فسمعته يقوم في الناس كلما أراد أن يرتحل ، فيحمد الله ويثني عليه ، ثم يقول : إني دارب بالغداة ، إن شاء الله ، درب كذا وكذا . فتفرق عنه الجواسيس بذلك ، فإذا أصبح توجه إلى غيره . قال : وكان شيخا كبيرا ، فسمته الروم : الثعلب
1474 - وحدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا عبد الله بن عون ، قال : قيل عند محمد : إنه يصلح الكذب في الحرب ، فأنكر ذلك وقال : ما أعلم الكذب إلا حراما . قال ابن عون : فغزوت ، فخطبنا معاوية بن هشام فقال : اللهم انصرنا على عمورية وهو يريد غيرها ، فلما قدمت ذكرت ذلك لمحمد فقال : أما هذا فلا بأس وقال : ليس كل العلم أوتي محمد قالوا : وهذا النوع من الكلام جائز استعماله في الحرب وغيرها . قالوا : وقد استعمل مثل ذلك في غير الحرب أئمة من سلف الأمة
ذكر بعض من روي ذلك عنه
1475 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا قراد ، قال : حدثنا هشام ، عن معبد بن خالد ، قال : لقيني شريح فقال : قد أكلت اليوم ما قد أتى عليه عشر سنين ، قال : قلت : إنك لا تزال تجيئنا بالعجائب قال : كانت عندي ناقة منذ عشر سنين ، فنحرتها اليوم فأكلتها
1476 - حدثني سلم بن جنادة ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن طلحة بن مصرف ، قال : عاتبت إبراهيم امرأته في جارية ، وفي يده مروحة ، قال : فجعل إبراهيم يقول : اشهدوا أنها لها ويشير بالمروحة فلما قامت قال : على أي شيء أشهدتكم ؟ قالوا : أشهدتنا على أنها لها . قال : أو لم تروني وأنا أشير بالمروحة ؟
1477 - وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، في رجل مر على عشار فقال : أنا أمشي إلى البيت وهو يعني بيته ، قال : ليس عليه شيء
1478 - وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن مطرف ، أنه أبطأ على ابن زياد أو زياد فقال : « ما رفعت جنبي منذ وضعني الله ، أو نحوه »
1479 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، أنه كان يعلمهم إذا بعث السلطان إلى الرجل قال : « ما أبصر إلا ما بصرني غيري ، وما اهتدي إلا ما سددني غيري ، ونحو هذا »
1480 - وحدثني ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : « كان لهم كلام يتكلمون به إذا خشوا من شيء ، يكلمون به الناس ، يدرءون عن أنفسهم اتقاء الكذب »
1481 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : « كان لهم كلام يتكلمون به في المعاريض » وقال آخرون : بل الكذب الذي رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخلال الثلاث ، هو جميع معاني الكذب
ذكر من قال ذلك
1482 - حدثني أحمد بن المقدام العجلي ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن ابن عزرة ، أنه أخذ بيد ابن الأرقم فأدخله على امرأته فقال : أتبغضينني ؟ قالت : نعم . قال له ابن الأرقم : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : كبرت علي مقالة الناس . فأتى ابن الأرقم عمر بن الخطاب رحمة الله عليه فأخبره ، فأرسل إلى ابن عزرة فقال له : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : كبرت علي مقالة الناس . فأرسل إلى امرأته ، فجاءته ومعها عمة لها منكرة ، فقالت : إن سألك فقولي : إنه استحلفني ، فكرهت أن أكذب ، فقال لها عمر ما حملك على ما قلت ، قالت إنه استحلفني فكرهت أن أكذب ، فقال عمر : بلى ، فلتكذب إحداكن ولتجمل ، فليس كل البيوت يبنى على الحب ، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام
1483 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن محمد بن الزبير الحنظلي ، قال : سمعت الزهري ، يقول : قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لقيس بن مكشوح المرادي : أنبئت أنك تشرب الخمر . فقال : قد والله أراك يا أمير المؤمنين أسأت ، أما والله ما مشيت خلف ملك قط إلا حدثت نفسي بقتله . قال : فهل حدثت نفسك بقتلي ؟ قال : لو هممت لفعلت . فقال عمر : لو قلت نعم ، لضربت عنقك ، اخرج ، لا والله لا تبيت الليلة معي . فقال له عبد الرحمن بن عوف : يا أمير المؤمنين ، لو قال نعم ، لضربت عنقه ؟ قال : لا ، ولكني استرهبته بذاك
1484 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة الزراد ، عن النزال بن سبرة الهلالي ، قال : كنا في نفر عند عثمان بن عفان وحذيفة عنده ، فقال له عثمان : إنه بلغني عنك كذا وكذا ، وقلت كذا وكذا . فقال حذيفة : والله ما قلته - وقد سمعناه قبل ذلك يقوله - فلما خرج قلنا : أليس قد سمعناك تقوله ؟ قال : بلى . قلنا : فلم حلفت ؟ قال : « إني لأشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كله »
1485 - حدثني علي بن مسلم الطوسي ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا السري بن يحيى ، والحكم بن عطية ، سمعا محمد بن سيرين ، يقول : دخل الأحنف مع عمه على مسيلمة ، فلما خرجا قال له عمه : يا ابن أخي ، كيف رأيت الرجل ؟ فقال الأحنف : ما رأيت نبيا صادقا ، ولا كاذبا حازما . فقال رجل من أصحاب مسيلمة : لأخبرنه بما قلت . قال : إذا أخبره أنك قلته ، ثم ألاعنك
1486 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، قال : كنا ندخل على الحسن وهو مستخف ، فتأتيه الهدية من عند بعض إخوانه ، فيقول : أنا والله في سعة . فأعجب منه أنه خائف محروم ، وهو يقول : أنا في سعة ؟
1487 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا نافع بن يزيد ، قال : حدثني جعفر بن ربيعة ، عن ابن شهاب ، قال : « ليس بكذاب من درأ عن نفسه » وقال آخرون : الذي رخص في ذلك هو المعاريض دون التصريح
ذكر من قال ذلك
1488 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن أبي عثمان ، فيما أرى أنه قال : حسب امرئ من الكذب أن يحدث بكل ما سمع . وقال فيما أرى قال عمر : « أما إن في المعاريض ما يكفي الرجل من الكذب »
1489 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، قال : أحسب أبا عثمان ذكر عن عمر ، أنه قال : إن « في المعاريض لمندوحة عن الكذب »
1490 - حدثني مخلد بن الحسين ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن عبد الملك بن عقار ، عن محمد بن عبيد الله ، قال : قال عمر بن الخطاب : أما في معاريض الكلام ما يغنيكم عن الكذب
1491 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، قال : قال ابن عباس : « ما أحب أن لي ، بمعاريض الكلام كذا وكذا »
1492 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن بعض أصحابه ، قال : « ما يسرني أن لي بمعاريض الكلام كذا وكذا »
1493 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن حبيب بن الشهيد ، عن عمرو بن سعيد ، قال : قال حميد بن عبد الرحمن : ما أحب أن لي ، بنصيبي من المعاريض مثل أهلي ومالي
1494 - وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن ابن عون ، عن محمد ، قال : قال حميد بن عبد الرحمن : « ما يسرني بالمعاريض مائة ألف »
1495 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، قال : « سئل سفيان عن الرجل ، يزوره إخوانه وهو صائم ، فيكره أن يعلموا بصومه ، وهو يحب أن يطعموا عنده ، ففي أي ذلك الفضل : في ترك ذلك ، أو الدعاء لهم بالطعام ؟ قال : » إطعامهم أحب إلي ، وإن شاء قام عليهم وقال : قد أصبت من الطعام ، قيل له : ويقول : قد تغديت ، ينوي أمس أو قبل ذلك ؟ قال : نعم « وقال آخرون : لا يصلح الكذب في شيء تصريحا ولا تعريضا في جد ولا لعب
ذكر من قال ذلك
1496 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : « لا يصلح الكذب في هزل ولا جد ، ولا أن يعد أحدكم ولده شيئا ، ثم لا ينجزه »
1497 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله : « لا يصلح الكذب في جد ولا مزح »
1498
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا المسعودي ، عن عمرو بن
مرة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : « لا والذي لا إله غيره ، لا يصلح الكذب
في هزل ولا جد ، اقرءوا إن شئتم : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع
الصادقين (1) ) »
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 119
1499
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن
مرة ، قال : سمعت أبا عبيدة ، يحدث عن عبد الله بن مسعود ، قال : « الكذب لا يحل
منه جد ، ولا هزل ، اقرءوا إن شئتم ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع
الصادقين (1) ) وهي في قراءة عبد الله ( وكونوا من الصادقين ) ، فهل ترون من رخصة
في الكذب ؟ »
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 119
1500 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : إن « الكذب لا يصلح منه جد ، ولا هزل »
1501
- حدثني سلم بن جنادة ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، قال : حدثنا الأعمش ، عن مجاهد
، عن أبي معمر ، وعن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، قال : قال عبد الله : لا يصلح
الكذب هزله ولا جده ، ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئا ، ثم يخلفه ، ثم قرأ : ( يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (1) ) .
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 119
1502 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، قال : ذكرت لإبراهيم حديث أبي الضحى ، عن مسروق ، أنه قال : « رخص في الكذب في الإصلاح بين الناس ، فقال إبراهيم : كانوا لا يرخصون في الكذب في هزل ولا جد »
1503 - حدثني سلم بن جنادة ، قال : حدثنا حفص ، قال : حدثنا مسعر ، قال أبو السائب : أحسبه عن ابن عون بن عبد الله بن عتبة ، قال : « دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز ، فخرج وعليه ثوب قد كان دخل فيه ، فجعل الناس يقولون : هذا كساك أمير المؤمنين ؟ فجعل يمسحه ويقول : جزى الله أمير المؤمنين خيرا . قال : فقال لي أبي : يابني ، اتق الله ، وإياك والكذب وما يشبهه » والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال : إن الكذب الذي أذن النبي صلى الله عليه وسلم فيه : في الحرب ، وفي الإصلاح بين الناس ، وعند المرأة تستصلح به هو ما كان من تعريض ينحى به نحو الصدق ، غير أنه مما يحتمل المعنى الذي فيه الخديعة للعدو ، إن كان ذلك في الحرب ، أو مراد السامع إن كان في إصلاح بين الناس ، أو مراد المرأة إن كان ذلك في استصلاحها ، وذلك كالذي ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله في خديعة الحرب لنعيم بن مسعود : « فلعلنا أمرناهم بذلك » ، وكقول مالك بن عبد الله الخثعمي : إنا داربون غدا درب كذا ، ثم يصبح من الغد فيدرب غيره من الدروب وذاك أنه لما لم يقل : إنا داربون غد يومنا هذا ، فإنه متى أدرب بعد يومه فقد أدرب غدا ، لأن كل ما بعد يومه ذلك يسمى غدا . وكذلك قول معاوية بن هشام : اللهم انصرنا على عمورية وهو يريد غيرها من الكذب بمعزل . فما كان من تعريض على هذا الوجه ، فإنه جائز لا بأس به في الحرب . وأما الكذب في استصلاح الرجل المرأة ، فمثل قول إبراهيم النخعي حين وجدت عليه امرأته بسبب جاريته : اشهدوا أنها لها ، وهو يشير إلى المروحة التي هي في يده ، كقوله لها : هي حرة من غير أن يسمي الجارية باسمها ، وهو يعني بذلك امرأته الحرة أو أخته أو غيرهما من نسائه ، وما أشبه ذلك من الكلام الذي يظن السامع غير الذي نواه في نفسه ، إذ كان كلاما يتوجه لوجوه ، ويحتمل معاني . وأما ما روي عن عمر من قوله لامرأة ابن عزرة : فلتكذب إحداكن ولتجمل ، فإنه من هذا النوع الذي ذكرت أنه لا بأس به من المعاريض التي كان يرخص فيها . فأما صريح الكذب ، فذلك غير جائز لأحد في شيء ، كما قال عبد الله بن مسعود : لا يصلح الكذب في جد ولا هزل ، للأخبار التي ذكرتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما مضى بتحريمه الكذب . وأما قول حذيفة إذ قال له عثمان : إنه بلغني عنك كذا وكذا وحلفه أنه ما قاله ، وقول الأحنف للذي قال له : لأخبرن مسيلمة بما قلت : لئن أخبرته لأخبرنه أنك قلته ثم ألاعنك ، وما أشبه ذلك ، فإن ذلك من معاني الكذب التي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أذن فيها خارج « » وإنما ذلك من جنس إحياء الرجل نفسه عند الخوف عليها ببعض ما حرم الله عليه في غير حال الضرورة ، كالذي يضطر إلى الميتة ، أو الدم المسفوح ، أو لحم الخنزير ، فيأكل ذلك ليحيي به نفسه . فكذلك الخائف على نفسه من عدو أو لص ، أو غيرهما ، إذا خافه على نفسه أن يهلكها ، أو بعض حرمه أن ينتهكه ، أو مال له أن يسلبه ، فقال في ذلك قولا مما يرجو به النجاة منه ، أو السلامة ، فلا حرج عليه في ذلك ، وإن كان مبطلا في الذي قال من ذلك . وذلك أن الله تعالى ذكره قد أباح في حال الضرورة لخلقه ما منع في غيرها ، ووضع عنهم الحرج في ذلك ، فغير آثم من كذب في تلك الحال لينقذ نفسه من هلكة قد أشفت عليها ، كما غير آثم من خاف عليها عطبا لجوع ، أو عطش قد نزل به ، بحيث لا يقدر على دفع غائلة ذلك إلا ببعض ما حرم الله تعالى ذكره : من أكل ميتة ، أو لحم خنزير ، وما أشبه ذلك من المحرمات . وسواء هما ، لمن جعلت له دفع المكروه عن نفسه بالكذب في الحال التي جعلت ذلك له حلف مع كذبه أو لم يحلف ، في أنه لا حرج عليه ولا إثم «
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب « فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم
في الخبر الذي رواه النواس بن سمعان عنه : » ما لكم تتهافتون في الكذب كما يتهافت
الفراش في النار « ؟ يعني بقوله صلى الله عليه وسلم » تتهافتون « : تتساقطون ،
يقال منه : تهافت البق علي والذبان ، فهي تتهافت تهافتا . وتتهافت : تتفاعل من
الهفت ، يقال في السالم من فعله بغير زيادة : هفت البق علي فهو يهفت هفتا ، كما قال
رؤبة بن العجاج » ترى بها من كل مرشاش الورق كثمر الحماض من هفت العلق وأما الفراش
، فإنها جمع فراشة ، وهي في البرد وأيام الشتاء تبدأ ، فيما ذكر ، دودا ، فإذا
انحسر البرد وأقبلت أوائل الصيف ، والحر صار له أجنحة ، وإياه عنى الطرماح بقوله :
وانساب حيات الكثيب ، وأقبلت ورق الفراش لما يشب الموقد وإنما قال صلى الله عليه
وسلم : « كما يتهافت الفراش في النار » لأنها إذا أوقدت النار رمت بأنفسها فيها
وتساقطت . وأما الفراش ، في غير هذا ، فإنها العظام الرقاق التي يركب بعضها بعضا
في أعالي الخياشيم إلى الجمجمة ، وكل رقيق من عظم ، أو حديد ، أو غيره فهو فراشة .
ومن ذلك قيل لفراشة القفل : فراشة ، لدقتها ، يقال من ذلك ضرب فلان رأس فلان فأطار
فراشه ، إذا أطار العظام التي ذكرت ، ومنه قول نابغة بني ذبيان : يطير فضاضا بينها
كل قونس ويتبعها منهم فراش الحواجب والفراش أيضا : البقية من الماء تبقى في الغدر
، يقال منه : ما بقي في الغدير إلا فراشة ، إذا كان الذي بقي فيه القليل من الماء
، ومنه قول ذي الرمة : وأبصرن أن القنع صارت نطافه فراشا ، وأن البقل ذاو ويابس
وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أسماء ابنة يزيد : « أيها الناس ، ما يحملكم
على أن تتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار » ، فإن التتايع شبيه المعنى
بالتهافت ، ثم تستعمله العرب في التسرع أحيانا ، وفى اللجاج أحيانا ، وأحيانا في
متابعة الشيء بعضه في إثر بعض ، ولذلك تأول الشيباني قول رؤبة : فأيها الغاشي
القذاف الأتيعا إن كنت لله التقي الأطوعا فليس وجه الحق أن تبدعا أنه عنى بالأتيع
الذي يتبع بعضه بعضا ، وتأول أبو عبيدة معمر بن المثنى قول النبي صلى الله عليه
وسلم : « لولا أن يتتايع فيه الغيران والسكران » ، أنه بمعنى اللجاج ، وتأوله
آخرون أنه بمعنى التسرع . وكل ذلك قريب المعنى ، بعضه من بعض ، لأن المتسرع إلى
الأمر غير متثبت فيه ، كالذي يلج فيه فلا ينزع في حال ينبغي له النزوع عنه فيها ،
وإذا لج فيه تابع الأمر الذي هو فيه بعضه إثر بعض . وأما قول شهر بن حوشب : فأتاهم
بعتود ، فإن العتود الجذع من أولاد المعز ، ومنه الخبر الذي رواه البراء بن عازب
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لأبي بردة بن نيار : « عد لضحية أخرى » ، قال
: يا رسول الله عندي عتود جذع هي خير منها ، تجمع عتدانا ، وعتدا ، ومن جمعه على
عتدان قول الأخطل واذكر غدانة عتدانا مزنمة من الحبلق تبنى حولها الصير ويروى :
واذكر غدانة عدانا مزنمة بإدغام التاء في الدال . وأما قول إبراهيم النخعي : كان
لهم كلام يتكلمون به إذا خشوا ، يدرءون به عن أنفسهم ، فإنه عنى بقوله : يدرءون عن
أنفسهم ، يدفعون به عنها إذا خافوا عليها مكروها ممن لا طاقة لهم به ، ومنه قول
الله تعالى ذكره : ( قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (1) ) يعني بقوله
جل جلاله : ( فادرءوا ) ، فادفعوا . ومنه قول الشاعر : أقول إذا درأت لها وضيني
أهذا دينه أبدا وديني ؟ ويروى : تقول إذا درأت وأما قول عمر : إن في المعاريض
لمندوحة عن الكذب ، فإنه يعني بقوله : لمندوحة : لسعة ، يقال : قد اندح بطن فلان
واندحى ، ويعني به : استرخى واتسع ، ومنه قول الراجز : أنعتها إني من نعاتها
مندوحة البطون وادقاتها ويقال : لي عن هذا الأمر مندوحة ، ومنادح ، يعني به : سعة
، كما قال الطرماح : ولي في ممضات الهجاء عن الخنا منادح في جور من القول ، أو قصد
يعني بقوله : منادح ، سعة ، ويقال : قد انتدحت الغنم في مرابضها ، إذا تبددت
واتسعت من البطنة . ولي عن هذا الأمر مندوحة ، ومنتدح ، والمنتدح ، المكان الواسع
، وهو الندح ، وجمعه أنداح
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 168
ذكر خبر آخر من أخبار علي رحمة الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1504 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي ، قال : جاء عمار يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ائذنوا له ، مرحبا بالطيب المطيب »
1505 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، أراه عن علي ، قال : استأذن عمار على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « مرحبا ، ائذنوا للطيب المطيب »
1506 - حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي ، أن عمارا ، استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « الطيب المطيب ائذن له »
1507 - وحدثنا الحسن بن خلف الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي ، قال : استأذن عمار بن ياسر على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ائذنوا له » ، فلما دخل قال : « مرحبا بالطيب المطيب » «
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : أحدها : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أنه خبر قد حدث به عن أبي إسحاق ، عن هانئ ، عن علي غير من ذكرنا ، فوقف به على علي ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم . والثالثة : أنه قد حدث به عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، يحيى بن يمان فجعله بالشك ، وقال : عن هانئ بن هانئ ، أراه عن علي . والرابعة : أن أبا إسحاق عندهم مدلس ، ولا يحتج عندهم من خبر المدلس بما لم يقل فيه : حدثنا ، وسمعت ، وما أشبه ذلك . والخامسة أن هانئ بن هانئ عندهم مجهول ، ولا تثبت الحجة في الدين إلا بنقل العدول المعروفين بالعدالة .
ذكر من روى هذا الخبر فجعل هذا الكلام من كلام علي ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
1508 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثام ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، قال : كنا عند علي ، فدخل عليه عمار بن ياسر فقال : مرحبا بالطيب المطيب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن عمارا ملئ إيمانا إلى مشاشه »
ذكر خبر آخر من أخبار علي رضوان الله عليه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1509
- حدثني جعفر ابن ابنة إسحاق بن يوسف الأزرق ، قال : حدثنا جدي إسحاق بن يوسف قال
: حدثنا شريك ، قال : حدثنا سليمان بن مهران ، قال : سمعت شقيق بن سلمة ، يقول :
سمعت حلاما الغفاري ، يقول : سمعت علي بن أبي طالب يقول : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء (1) ، من ذي لهجة أصدق من أبي
ذر »
__________
(1) الغبراء : الأرض
القول في علل هذا الخبر هذا الخبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرج يصح إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أن حلاما الغفاري عندهم مجهول غير معروف في نقلة الآثار ، ولا يجوز الاحتجاج بمجهول في الدين . والثالثة : أن شريكا عندهم كثير الغلط ، ومن كان كذلك كان الواجب التوقف في خبره . وقد وافق عليا رحمة الله عليه في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا سنده مما حضرنا ذكره من ذلك
1510
- حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن
الأعمش ، عن عثمان أبي اليقظان ، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي ، عن عبد الله
بن عمرو ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما أظلت الخضراء ،
ولا أقلت الغبراء (1) من ذي لهجة أصدق من أبي ذر »
__________
(1) الغبراء : الأرض
1511 - وحدثني أبو شرحبيل الحمصي بن أخي أبي اليمان ، قال : حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج ، قال : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، قال : حدثني شهر بن حوشب ، قال : حدثني عبد الرحمن بن غنم ، أنه زار أبا الدرداء بحمص ، فمكث عنده ليالي ، فأمر بحماره فأوكف له ، فقال أبو الدرداء : لا أراني إلا مشيعك . فأمر بحماره فأسرج ، فسارا جميعا على حماريهما ، فلقيا رجلا شهد الجمعة بالأمس عند معاوية بالجابية ، فعرفهما الرجل ولم يعرفاه ، فأخبرهما خبر الناس . ثم إن الرجل قال : وخبر آخر كرهت أن أخبركماه ، أراكما تكرهانه فقال أبو الدرداء : فلعل أبا ذر نفي قال : نعم ، قال : فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا من عشر مرار ، ثم قال أبو الدرداء : ارتقبهم واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة ، اللهم إن كذبوا أبا ذر فإني لا أكذبه ، اللهم وإن اتهموه فإني لا أتهمه ، اللهم وإن استغشوه فإني لا أستغشه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتمنه حين لا يتمن أحدا ، ويسر إليه حين لا يسر إلى أحد ، أما والذي نفس أبي الدرداء بيده ، لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته ، بعد الذي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء ، من ذي لهجة أصدق من أبي ذر »
1512
- وحدثني أبو شرحبيل الحمصي ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا أبو بكر بن
أبي مريم ، عن حبيب بن عبيد ، عن غضيف بن الحارث ، قال : قال أبو الدرداء وذكرت له
أبا ذر : والله إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدنيه دوننا إذا حضر ،
ويتفقده إذا غاب ، ولقد علمت أنه قال : « ما تحمل الغبراء (1) ، ولا تظل الخضراء
لبشر يقول ، أصدق لهجة من أبي ذر »
__________
(1) الغبراء : الأرض
ذكر خبر آخر من أخبار علي رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1513
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى ، قالت : ذكر عبد
الله بن مسعود عند علي ، فذكر من فضله فقال : إنه ارتقى مرة شجرة أراك (1) يجتني
لأصحابه قال : رئيته قال : بريرا ، فضحك أصحابه من دقة ساقه ، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم : « ما يضحككم ؟ فلهو أثقل في كفة الميزان يوم القيامة من أحد »
__________
(1) الأراك : هو شجر معروف له حَمْلٌ كعناقيد العنب، واسمه الكباث بفتح الكاف،
وإذا نَضِج يسمى المرْدَ
1514
- وحدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن فضيل ، عن
مغيرة ، عن أم موسى ، قالت : سمعت عليا ، يقول : أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد
الله بن مسعود أن يصعد شجرة ، وأن يأتيه منها بشيء ، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله
حين صعد الشجرة ، فضحكوا من حموشة (1) ساقيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «
ما تضحكون ؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد »
__________
(1) الحموشة : دقة الساقين
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي رحمة الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم يصح ، إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أن أم موسى لا تعرف في نقلة العلم ، ولا يعلم راو روى عنها غير مغيرة ، ولا يثبت بمجهول من الرجال في الدين حجة ، فكيف مجهولة من النساء ؟ . وقد وافق عليا رضوان الله عليه في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه غيره .
ذكر ما صح عندنا سنده مما حضرنا من ذلك ذكره
1515
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سهل بن حماد أبو عتاب الدلال ، قال : حدثنا شعبة
، قال : حدثنا معاوية بن قرة ، عن أبيه قال : كان ابن مسعود على شجرة يجتني (1)
لهم منها ، فهبت ريح ، فكشفت لهم عن ساقيه ، فضحكوا من دقة ساقيه ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « والذي نفسي بيده ، لهما أثقل في الميزان يوم القيامة من
أحد »
__________
(1) جنى : حصد وجمع
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب والذي فيها من قول علي رحمة الله عليه مخبرا عن عبد الله : أنه ارتقى مرة شجرة أراك يجتني لأصحابه قال : رئيته قال : بريرا ، يعني بالبرير : ثمر الأراك ، غضا كان أو مدركا ، فأما الغض منه فإنه يدعى كباثا ، وإياه عنى الأعشى بقوله : ظبية من ظباء وجرة أدماء تسف الكباث تحت الهدال واحدتها كباثة . وأما المدرك منه فإنه يدعى مردا ، وإياه عنى الأعشى أيضا بقوله : تنفض المرد والكباث بحملا ج لطيف في جانبيه انفراق وأما قوله : فضحكوا من حموشة ساقيه ، فإنه عنى بقوله : من حموشة ساقيه ، من دقة ساقيه ، يقال للرجل إذا وصف بذلك : هو حمش الساق ، وساق حمش ، وسيقان حماش ، فأشبه قول الطرماح بن حكيم : إذا صاح لم يخذل ، وجاوب صوته حماش الشوى يصدحن من كل مصدح يعني بقوله : حماش الشوى ، دقاق السيقان والأطراف
ذكر خبر آخر من أخبار أم موسى ، عن علي رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1516 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن مغيرة ، عن أم موسى ، عن علي ، قال : كان آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم : « الصلاة الصلاة ، اتقوا الله فيما ما ملكت أيمانكم »
القول في علل هذا الخبر والقول في ذلك نحو القول في الذي قبله . وقد وافق عليا رحمة الله عليه في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا مما حضرنا من ذلك سنده .
1517
- ذكر ذلك ، حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا أبو عوانة ،
عن قتادة ، عن سفينة ، مولى أم سلمة ، عن أم سلمة ، قالت : كانت عامة وصية رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم » ، حتى جعل
يلجلجها (1) في صدره وما يفيض بها لسانه
__________
(1) يلجلج : اللجلجة والتلجلج التردد في الكلام
1518 - وحدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثني ابن زحر ، عن علي ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن كعب بن مالك ، قال : عهدي بنبيكم صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بخمس ليال ، فسمعته يقول : « الله الله فيما ملكت أيمانكم ، أشبعوا بطونهم ، واكسوا ظهورهم ، وألينوا القول لهم »
ذكر خبر آخر من أخبار أم موسى عن علي رضوان الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم
1519 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى أم ولد الحسن بن علي ، وكانت أم امرأة المغيرة بن مقسم قالت : سمعت عليا ، يقول : « ما رمدت ولا صدعت منذ مسح النبي صلى الله عليه وسلم وجهي ، وتفل في عيني يوم خيبر ، حين أعطاني الراية »
القول في علل هذا الخبر والقول في علل هذا الخبر نظير القول في علل الذي قبله ، وقد مضى قبل ذكر نظائر هذا الخبر ، فكرهنا إعادته .
ذكر خبر آخر من أخبار أم موسى ، عن علي رحمة الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1520
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى ، قالت : استأذن
قاتل الزبير على علي ، فقال : ليدخل النار سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: « لكل نبي حواري ، وإن حواري (1) الزبير بن العوام » والقول في علل هذا الخبر
نظير القول في علل الذي قبله ، وقد مضى أيضا ذكر من وافق عليا في رواية هذا الخبر
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبياننا ما فيه من الغريب
__________
(1) الحواري : الناصر والصديق والمعين
ذكر خبر آخر من أخبار علي رحمة الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1521
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن
جعفر ، قال : أخبرني العلاء بن عبد الرحمن ، قال : أخبرني أبي ، عن هانئ ، مولى
علي بن أبي طالب ، عن علي بن أبي طالب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «
لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من تولى غير مواليه ، لعن الله من غير منار
الأرض ، لعن الله من عق (1) والديه »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أن هانئا مولى علي غير معروف في أهل النقل ، فلا يجوز الاحتجاج بنقله في الدين . والثالثة : أن العلاء بن عبد الرحمن عندهم غير جائز الاحتجاج بنقله لتفرده بالرواية عن أبيه من الأخبار بما لا يشاركه فيه غيره . وقد وافق عليا رحمة الله عليه في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، غير أن بعضهم يروي ذلك بنحو اللفظ والمعنى الذي رواه ، وأن بعضهم يروي بعض ذلك بخلاف اللفظ الذي روي عنه ، وإن وافقه في معناه ، نذكر ما حضرنا من ذلك ذكره ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله .
ذكر من وافق عليا رحمة الله عليه في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن غير تخوم الأرض ، أو منارها ، أو أخذ منها شيئا بغير حق
1522
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، قال
: أخبرني عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « لعن الله من غير تخوم (1) الأرض »
__________
(1) التخوم : الحدود والمعالم الفاصلة بين الأرضين
1523
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن يزيد بن سنان أبي فروة الرهاوي
، قال : حدثنا أبو يحيى الكلاعي ، عن جبير بن نفير ، قال : دخلت على أميمة مولاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : حدثيني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله
عليه وسلم . فقالت : سمعته يقول لرجل : « لا تزدادن في تخوم (1) الأرض ، فإنك تأتي
يوم القيامة على عنقك مقدار سبع أرضين »
__________
(1) التخوم : المعالم والحدود والأنحاء
1524
- وحدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا علي بن هاشم بن البريد ، عن هشام بن
عروة ، عن أبيه ، عن سعيد بن زيد بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه (1) من سبع أرضين »
__________
(1) يطوقه : يجعل في عنقه طَوْقا يقلد به ، وقيل : المعنى من طَوْق التَّكْليف لاَ
من طَوْق التَّقْليد
1525
- وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن
الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، قال : كان بين سعيد بن زيد وبين ابنت أروى
خصومة ، فقال مروان : أصلحوا بين هذين . فقلنا له في ذلك : أنصف هذه المرأة ، فقال
: أتروني انتقصتها من حقها شيئا ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «
من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه (1) الله يوم القيامة من سبع أرضين » ؟
__________
(1) التطويق : أن يُجعل له ما غصبه ظلما مِثْلَ الطوق في العنق تنكيلا وتعذيبا ،
وقيل : هو أن يُطَوَّق حَمْلَه يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف
1526
- وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أسد بن موسى ،
قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، عن مروان ،
قال : اذهبوا فأصلحوا بين هذين يعني سعيد بن زيد وأروى فقال سعيد بن زيد : أترونني
أخذت من حقها شيئا ؟ فأشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول : « من
أخذ من الأرض شبرا بغير حقه طوقه (1) من سبع أرضين »
__________
(1) التطويق : أن يُجعل له ما غصبه ظلما مِثْلَ الطوق في العنق تنكيلا وتعذيبا ،
وقيل : هو أن يُطَوَّق حَمْلَه يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف
1527
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال عمرو بن الحارث :
حدثني بكير بن الأشج ، أن أبا إسحاق ، مولى بني هاشم حدثه أن علي بن الحسين الأكبر
وأبا سلمة بن عبد الرحمن اختصما عند حجرة عائشة ، فأرسلت إليهما : انظرا ما تقولان
وما تختصمان فيه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من أخذ شبرا من الأرض
بغير حقه طوقه (1) يوم القيامة » حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال :
أخبرني عمرو بن الحارث ، عن بكير بن الأشج ، عن غير واحد ، وأخبرني ابن أبي ذئب ،
عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، قال : وأخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن
أبي بكر بن حزم ، في أروى ابنة أويس مثل ذلك
__________
(1) التطويق : أن يُجعل له ما غصبه ظلما مِثْلَ الطوق في العنق تنكيلا وتعذيبا ،
وقيل : هو أن يُطَوَّق حَمْلَه يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف
1528
- حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن ابن شهاب ، عن طلحة
بن عبد الله بن عوف ، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سهيل ، عن سعيد بن زيد ، قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من ظلم من الأرض شبرا ، فإنه يطوقه
(1) من سبع أرضين »
__________
(1) يطوقه : يجعل في عنقه طَوْقا يقلد به ، وقيل : المعنى من طَوْق التَّكْليف لاَ
من طَوْق التَّقْليد
1530
- حدثني أحمد بن الفرج الحمصي ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، قال : حدثني الزبيدي
، عن الزهري ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل ، أخبره
أن سعيد بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من ظلم من الأرض
شيئا فإنه يطوقه (1) من سبع أرضين »
__________
(1) يطوقه : يجعل في عنقه طَوْقا يقلد به ، وقيل : المعنى من طَوْق التَّكْليف لاَ
من طَوْق التَّقْليد
1530
- حدثني أحمد بن الفرج الحمصي ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، قال : حدثني الزبيدي
، عن الزهري ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل ، أخبره
أن سعيد بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من ظلم من الأرض
شيئا فإنه يطوقه (1) من سبع أرضين »
__________
(1) يطوقه : يجعل في عنقه طَوْقا يقلد به ، وقيل : المعنى من طَوْق التَّكْليف لاَ
من طَوْق التَّقْليد
1531
- وحدثني ابن سنان القزاز ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ،
عن الحارث ، عن أبي سلمة ، قال : قال لنا مروان : اذهبوا فأصلحوا بين هذين لسعيد
بن زيد ، وأروى ابنة أويس فقلنا له : ما تريد إلى هذا ؟ فقال : أتروني أخذت من
حقها شيئا ، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أخذ شبرا من الأرض
طوقه (1) من سبع أرضين »
__________
(1) طُوِّقه : من التطويق ، وهو أن يُجعل له مثل الطوق في العنق
1532
- وحدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد
بن جعفر ، قال : أخبرني العلاء بن عبد الرحمن ، قال : أخبرني العباس بن سهل بن سعد
، أنه سمع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : « من انتقص شبرا من الأرض ظلما طوقه (1) الله إياه يوم القيامة من سبع
أرضين »
__________
(1) التطويق : أن يُجعل له ما غصبه ظلما مِثْلَ الطوق في العنق تنكيلا وتعذيبا ،
وقيل : هو أن يُطَوَّق حَمْلَه يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف
1533
- حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا سليمان
بن بلال ، قال : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن عباس بن سهل بن سعد ، أنه سمع
سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «
من اقتطع شبرا من الأرض بغير حقه طوقه (1) الله إياه من سبع أرضين »
__________
(1) التطويق : أن يُجعل له ما غصبه ظلما مِثْلَ الطوق في العنق تنكيلا وتعذيبا ،
وقيل : هو أن يُطَوَّق حَمْلَه يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف
1534
- وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عبد الله بن
عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن مروان ، أرسل إلى سعيد بن زيد ناسا يكلمونه في
شأن أروى ابنة أويس ، وخاصمته في شيء ، فقال : ترونني ظلمتها وقد سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : « من ظلم شبرا من الأرض طوقه (1) يوم القيامة من سبع
أرضين » اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها ، وتجعل قبرها في بئرها ،
فوالله ما ماتت حتى ذهب بصرها ، وخرجت تمشي في دارها ، وهي حذرة ، فوقعت في بئرها
فماتت ، فكانت قبرها «
__________
(1) التطويق : أن يُجعل له ما غصبه ظلما مِثْلَ الطوق في العنق تنكيلا وتعذيبا ،
وقيل : هو أن يُطَوَّق حَمْلَه يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف
1535 - وحدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : وحدثني عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن سعيد بن زيد ، بهذا ، قال في الحديث : « فرأيتها عمياء تلتمس الجدر وتقول : أصابتني دعوة سعيد بن زيد »
1536 - وحدثني العباس بن محمد ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، عن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من أخذ شبرا من الأرض من غير حق ، طوق به من سبع أرضين يوم القيامة »
1537
- وحدثني إسحاق بن شاهين الواسطي ، قال : حدثنا خالد الطحان ، عن سهيل ، عن أبيه ،
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أخذ شبرا من الأرض
بغير حقه ، طوقه (1) يوم القيامة إلى سبع أرضين »
__________
(1) طُوِّقه : من التطويق ، وهو أن يُجعل له مثل الطوق في العنق
1538
- وحدثني ابن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن
أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أخذ شبرا من الأرض
بغير حقه ، طوقه (1) من سبع أرضين »
__________
(1) طُوِّقه : من التطويق ، وهو أن يُجعل له مثل الطوق في العنق
1539
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن
أيوب ، وبكر بن مضر ، قالا : حدثنا ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : « من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه ، طوقه (1) من سبع
أرضين »
__________
(1) طُوِّقه : من التطويق ، وهو أن يُجعل له مثل الطوق في العنق
1540 - حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، قال : حدثنا أبو يعفور ، قال : حدثني أبو ثابت ، قال : حدثني يعلى بن مرة الثقفي ، قال : سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر »
1541 - وحدثني محمد بن معمر البحراني ، قال : حدثنا أبو هشام المخزومي ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا أبو يعفور ، قال : حدثنا أبو ثابت ، قال : سمعت يعلى بن مرة الثقفي ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر »
1542 - وحدثني هلال بن العلاء الرقي ، قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عبيد الله ، عن زيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن أبي ثابت أيمن ، عن يعلى الثقفي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سرق شبرا من الأرض ، أو غله ، جاء يحمله يوم القيامة على عنقه إلى أسفل الأرض » قال عبيد الله : وقد سمعته من إسماعيل
1543 - حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، عن أبي وهب الأسدي ، عن زيد بن أبي أنيسة ، وحدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، قال : حدثنا العلاء بن هلال الرقي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن أبي ثابت أيمن ، عن يعلى الثقفي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سرق شبرا من الأرض ، أو غله ، جاء يحمله يوم القيامة على عنقه إلى أسفل الأرضين » وحدثني سعيد بن عثمان التنوخي ، قال : حدثنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن أبي ثابت أيمن ، عن يعلى بن مرة الثقفي ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر مثله
1544
- وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن رجل ، ذكره عن أيمن
أبي ثابت ، أو ابن أبي ثابت عن يعلى بن مرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « أيما رجل ظلم شبرا من الأرض ، كلفه الله أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع
أرضين ، ثم يطوقه (1) يوم القيامة حتى يقضى بين الناس »
__________
(1) يطوقه : يجعل في عنقه طَوْقا يقلد به ، وقيل : المعنى من طَوْق التَّكْليف لاَ
من طَوْق التَّقْليد
1545
- وحدثني موسى بن سهل الرملي ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا حاتم بن
إسماعيل ، قال : حدثنا حمزة بن أبي محمد ، عن بجاد بن موسى بن سعد بن أبي وقاص ،
عن عامر بن سعد ، عن أبيه سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من
أحد أخذ شبرا من الأرض بغير حقه ، إلا طوقه (1) من سبع أرضين ، لا يقبل الله منه
صرفا (2) ولا عدلا »
__________
(1) طُوِّقه : من التطويق ، وهو أن يُجعل له مثل الطوق في العنق
(2) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
1546
- حدثني محمد بن خلف ، قال : حدثنا يونس بن محمد ، قال : حدثنا أبان ، عن يحيى بن
أبي كثير ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أنه دخل على عائشة وهو يخاصم في أرض ،
فقالت عائشة : يا أبا سلمة ، اجتنب الأرض ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « من ظلم شبرا من الأرض طوقه (1) من سبع أرضين »
__________
(1) التطويق : أن يُجعل له ما غصبه ظلما مِثْلَ الطوق في العنق تنكيلا وتعذيبا ،
وقيل : هو أن يُطَوَّق حَمْلَه يوم القيامة أي يُكلَّف، فيكون من طَوْق التَّكْليف
1547 - حدثني الحسين بن محمد الذارع ، قال : حدثنا محمد بن حمران ، قال : حدثنا عطية الدعاء ، قال : حدثنا الحكم بن الحارث السلمي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أخذ من طريق المسلمين شبرا جاء به يحمله من سبع أرضين »
1548
- حدثني محمد بن معمر ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا زهير ، عن عبد الله بن
محمد ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي مالك الأشجعي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: « إن أعظم الغلول (1) عند الله ذراع أرض ، تجدون الرجلين جارين في الأرض ، أو في
الدار ، فيقتطع أحدهما من صاحبه ذراعا ، فإذا اقتطعه طوقه (2) من سبع أرضين يوم
القيامة » حدثني أحمد بن منصور ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا زهير بن
محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله
__________
(1) الغلول : الخيانة والسرقة
(2) طُوِّقه : من التطويق ، وهو أن يُجعل له مثل الطوق في العنق
ذكر من وافق عليا رحمة الله عليه في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذم العاق والديه
1549
- حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ، قال : حدثنا خالد بن الحارث ، قال : حدثنا شعبة ،
قال : أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في
الكبائر قال : « الشرك بالله ، وعقوق (1) الوالدين ، وقتل النفس ، وقول الزور »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1550 - حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا الجريري ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، وحدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن الجريري ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ألا أحدثكم بأكبر الكبائر ؟ » ، قالوا : بلى ، قال : « الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين » ، قال : وجلس وكان متكئا ، قال : « وشهادة الزور ، وقول الزور » ، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها حتى قلنا : ليته سكت «
1551
- حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا عمر بن محمد ، عن
عبد الله بن يسار ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، وثلاثة لا يدخلون الجنة :
العاق (1) بوالديه ، والمرأة المترجلة (2) ، والديوث (3) . وثلاثة لا يدخلون الجنة
: العاق بوالديه ، ومدمن الخمر ، والمنان (4) بما أعطى »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المترجلة : المتشبهة بالرجال في زيِّها وهيئتها
(3) الديوث : الذي يرى العيب في أهله ولا يغار عليهم
(4) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1552
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني عمر بن محمد ،
عن عبد الله بن يسار ، أنه سمع سالم بن عبد الله ، يقول : قال عبد الله بن عمر :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق
(1) والديه ، ومدمن خمر ، والمنان (2) بما أعطى »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1553
- وحدثني عمرو بن محمد العثماني ، قال : حدثني إسماعيل بن أبي أويس ، عن أخيه ، عن
سليمان بن بلال ، عن عبد الله بن يسار الأعرج ، أنه سمع سالما ، يحدث ، عن أبيه ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة :
عاق (1) والديه ، ومدمن خمر ، ومنان بما أعطى »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1554
- وحدثني عمرو بن محمد العثماني ، قال : حدثني إسماعيل بن أبي أويس ، عن أخيه أبي
بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن عبد الله بن يسار الأعرج ، أنه سمع سالم
بن عبد الله ، يحدث ، عن أبيه عبد الله بن عمر ، عن عمر بن الخطاب ، أنه كان يقول
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق (1)
لوالديه ، والديوث (2) ، ورجلة النساء » قال أبو عثمان : قال إسماعيل : يعني
الفحلة
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) الديوث : الذي يرى العيب في أهله ولا يغار عليهم
1555
- وحدثنا ابن المثنى ، وابن بزيع قالا : حدثنا غندر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور
، عن سالم بن أبي الجعد ، عن نبيط ، عن جابان ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، قال : « لا يدخل الجنة منان (1) ، ولا عاق (2) ، ولا مدمن
خمر »
__________
(1) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
(2) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1556
- وحدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا عمر بن عبد الرحمن ، عن منصور ، عن عبد الله
بن مرة ، عن جابان ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «
لا يدخل الجنة أربعة مدمن خمر ، ولا عاق (1) لوالديه ، ولا منان ، ولا ولد زنية »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1557
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن
جابان ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «
لا يدخل الجنة مدمن خمر ، ولا عاق (1) بوالديه ، ولا ولد زنية »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1558
- وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا ابن إدريس ، عن يزيد بن أبي زياد ،
عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله بن عمرو ، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
قال : « لا يدخل الجنة عاق (1) ، ولا منان (2) ، ولا شارب خمر »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1559
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ،
عن سالم بن أبي الجعد ، أن عبد الله بن عمرو ، قال : « لا يدخل الجنة عاق (1) ،
ولا منان (2) ، ولا مدمن خمر ، ولا ولد زنى » حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن
أبي عدي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله بن عمرو ،
بمثله
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1560
- وحدثنا الرفاعي أبو هشام ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا شيبان ،
عن فراس ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله
عليه وسلم ، فقال : ما الكبائر ؟ قال : « الشرك بالله » ، قال : ثم مه ؟ فقال : «
وعقوق الوالدين » ، قال : ثم مه ؟ قال : « اليمين الغموس (1) » . قلت للشعبي : ما
اليمين الغموس ؟ قال : الذي يقتطع مال امرئ مسلم بيمينه ، وهو فيها كاذب «
__________
(1) الغموس : اليمين الكاذبة التي تغمس صاحبها في الإثم
1561
- حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا
عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « لا يدخل الجنة عاق (1) ، ولا منان (2) ، ولا مدمن خمر ، ولا
ولد زنى ، ولا من أتى ذات محرم ، ولا مرتدا أعرابيا بعد هجرة »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1562
- وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن عبد الكريم ، عن
مجاهد ، قال : « لا يدخل الجنة عاق (1) ، ولا منان (2) ، ولا مدمن خمر ، ولا من
أتى ذات محرم »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1563
- وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن يزيد بن
أبي زياد ، عن مجاهد ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال مرة
أخرى ، أحسبه عن أبي سعيد قال : « لا يدخل الجنة منان (1) ، ولا عاق (2) ، ولا
مدمن »
__________
(1) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
(2) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1564
- وحدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا عبيد بن إسحاق ، عن مسكين بن دينار
التيمي ، قال : حدثني مجاهد ، قال : حدثني أبو زيد الجرمي ، قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يدخل الجنة عاق (1) ، ولا منان (2) ، ولا مدمن خمر
»
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1565
- وحدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال :
حدثنا أبو إسرائيل ، عن منصور ، عن أبي الحجاج ، عن مولى ، لأبي قتادة ، عن أبي
قتادة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يدخل الجنة عاق (1)
لوالديه ، ولا ولد زنى ، ولا مدمن خمر »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1566
- وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن
صالح أبي الخليل ، عن مجاهد أبي الحجاج ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
« ثلاثة لا يجدون ريح الجنة ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام : العاق (1)
لوالديه ، ومدمن الخمر ، والبخيل المنان (2) »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) المنان : الفخور على من أعطى حتى يُفسِدَ عطاءَهُ
1567
- حدثني سليمان بن ثابت الخزاز الواسطي ، قال : حدثنا سلم بن سلام ، قال : حدثنا
أيوب بن عتبة ، عن طيسلة بن علي النهدي ، قال : أتيت ابن عمر وهو في ظل « أراك (1)
يوم عرفة ، وهو يصب الماء على رأسه ووجهه ، قال : قلت : أخبرني عن الكبائر قال :
هي تسع . قال : قلت : ما هن ؟ قال : الإشراك بالله ، وقذف المحصنة (2) ، قال : قلت
: قبل القتل ؟ قال : نعم ، ورغما وقتل النفس المؤمنة ، والفرار من الزحف ، والسحر
، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق (3) الوالدين المسلمين ، وإلحاد بالبيت
الحرام ، قبلتكم أحياء وأمواتا » حدثني سليمان بن ثابت ، قال : حدثنا سلم بن سلام
، قال : أخبرنا أيوب بن عتبة ، عن يحيى ، عن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم بمثله ، إلا أنه بدأ بالقتل قبل القذف
__________
(1) الأراك : هو شجر معروف له حَمْلٌ كعناقيد العنب، واسمه الكباث بفتح الكاف،
وإذا نَضِج يسمى المرْدَ
(2) المحصنة : العفيفة
(3) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
1568
- حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، سلام بن سليم ، عن أبي
إسحاق ، عن عبيد بن عمير ، قال : « الكبائر سبع ، ليس منهن كبيرة إلا وفيها آية من
كتاب الله : الإشراك بالله منهن ، ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء (1) ) ، و
( الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا (2)
) ، و ( الذين يأكلون الربا لا يقومون ، إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس
(3) ) ، و ( الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات (4) ) ، والفرار من الزحف : (
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار (5) ) والتعرب
بعد الهجرة : ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى (6) ) ،
وقتل المؤمن »
__________
(1) سورة : الحج آية رقم : 31
(2) سورة : النساء آية رقم : 10
(3) سورة : البقرة آية رقم : 275
(4) سورة : النور آية رقم : 23
(5) سورة : الأنفال آية رقم : 15
(6) سورة : محمد آية رقم : 25
1569
- وحدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني
الليث ، قال : حدثني هشام ، عن محمد بن زيد بن مهاجر بن قنفذ التيمي ، عن أبي
أمامة الأنصاري ، عن عبد الله بن أنيس الجهني ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال : « إن من أكبر الكبائر الشرك بالله ، وعقوق (1) الوالدين ، واليمين
الغموس (2) »
__________
(1) العقوق : الاستخفاف بالوالدين وعصيانهما وترك الإحسان إليهما
(2) الغموس : اليمين الكاذبة التي تغمس صاحبها في الإثم
ذكر من وافق عليا رحمة الله عليه في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما روى في ذم من تولى غير مواليه ، ومن وافق هانئا مولى علي في روايته ما روى في ذلك عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1570 - حدثني سلم بن جنادة ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، قال : خطبنا علي رحمة الله عليه فقال : من زعم أن عندنا كتابا نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ، فقد كذب . فإذا صحيفة معلقة في قراب سيفه ، فيها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا »
1571 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، قال : قيل لعلي : هل خصكم رسول الله بشيء ؟ قال : لم يخصنا رسول الله بشيء لم يعم به الناس كافة ، إلا ما في قراب سيفي . قال : فأخرج صحيفة فيها : « من تولى غير مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين »
1572 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن علي ، قال : ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من تولى مولى قوم بغير إذن مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل »
1573 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، عن سعيد بن زيد ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من تولى مولى قوم بغير إذنهم ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين »
1574 - حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : أخبرنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث ، عن أبي سلمة ، عن سعيد بن زيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من تولى مولى قوم بغير إذن مواليه ، فعليه لعنة الله ، لا يقبل منه صرف ولا عدل »
1575 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، عن مروان ، قال : قال سعيد بن زيد : أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول : « من تولى مولى بغير إذنه فعليه لعنة الله »
1576 - حدثني علي بن الحسين بن الحر ، قال : حدثنا علي بن عاصم ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، قال : حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من ادعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه ، فعليه غضب الله والملائكة والناس أجمعين »
1577 - وحدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، قال : حدثني شرحبيل بن مسلم ، قال : سمعت أبا أمامة الباهلي ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه ، فعليه لعنة الله البالغة إلى يوم القيامة »
1578
- حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا يعقوب بن
محمد بن طحلاء ، عن خالد بن أبي حيان ، قال : دخلت على جابر بن عبد الله فقال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من تولى غير مواليه ، فقد خلع ربقة
(1) الإسلام من عنقه »
__________
(1) الرّبْقة : في الأصل عُرْوة في حَبْل تُجعل في عُنُق البهيمة أو يَدِها
تُمسِكها ، فاسْتعارها للإسلام ، يعني ما يَشدُّ به المُسلم نفْسَه من عُرَى
الإسلام : أي حُدُوده وأحكامه وأومِره ونواهيه
1579
- وحدثني أبو عاصم الأنصاري عمران بن محمد قال : حدثنا سلم بن قتيبة ، قال : حدثنا
ابن طحلاء المدني ، قال : سمعت خالد بن أبي حيان ، سمع جابر بن عبد الله ، سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « من تولى غير مواليه ، فقد خلع ربقة (1) الإيمان
من عنقه »
__________
(1) الرّبْقة : في الأصل عُرْوة في حَبْل تُجعل في عُنُق البهيمة أو يَدِها
تُمسِكها ، فاسْتعارها للإسلام ، يعني ما يَشدُّ به المُسلم نفْسَه من عُرَى
الإسلام : أي حُدُوده وأحكامه وأومِره ونواهيه
1580
- حدثني محمد بن إسماعيل الضراري ، قال : حدثنا ابن أبي أويس ، قال : حدثني يعقوب
بن محمد ، عن خالد بن أبي حيان ، أنه دخل على جابر بن عبد الله وقد ذهب بصره ،
فقال جابر : يا ابن أخي أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : « من
تولى غير مولاه ، خلع ربقة (1) الإسلام من عنقه » ، وقال : بيده ثلاث مرار خلف
أذنه
__________
(1) الرّبْقة : في الأصل عُرْوة في حَبْل تُجعل في عُنُق البهيمة أو يَدِها
تُمسِكها ، فاسْتعارها للإسلام ، يعني ما يَشدُّ به المُسلم نفْسَه من عُرَى
الإسلام : أي حُدُوده وأحكامه وأومِره ونواهيه
1581 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، قال : أخبرني عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لعن الله من تولى غير مواليه »
1582 - حدثني موسى بن سهل الرملي ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، قال : حدثنا حمزة بن أبي محمد ، عن بجاد بن موسى بن سعد بن أبي وقاص ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من ادعى إلى غير أبيه ، أو ادعى إلى غير مواليه ، فقد كفر »
1583 - حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، قال : حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ، قال : حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ، قال : حدثني مالك بن محمد بن عبد الرحمن ، عن عمرة ابنة عبد الرحمن ، عن عائشة ، أنها قالت : « وجد في قائم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابان ، في أحدهما : » إن أشد الناس غلوا رجل ضرب غير ضاربه ، ورجل قتل غير قاتله ، ورجل تولى غير أهل نعمته ، ومن فعل ذلك فقد كفر بالله ورسوله ، لا يقبل الله منه صرفا ، ولا عدلا «
1584 - وحدثني محمد بن مرزوق البصري ، قال : حدثنا وهب بن جويرية السلمي ، قال : حدثنا عبيس بن ميمون ، قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من تولى غير مواليه فقد كفر »
1585
- وحدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا عبد
الرحمن بن إسحاق ، عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من تولى غير مواليه ، فعليه لعنة الله
وغضبه ، لا يقبل الله منه صرفا (1) ، ولا عدلا »
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
1586 - وحدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا محمد بن شعيب بن شابور ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن سعيد بن أبي سعيد المدني ، أنه حدثه عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ألا لا يتولين رجل غير مواليه ، ولا يدع إلى غير أبيه ، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله متتابعة إلى يوم القيامة »
1587 - وحدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا الوليد بن عتبة ، قال : حدثنا عمر بن عبد الواحد ، عن ابن جابر ، قال : حدثني سعيد بن أبي سعيد ، ونحن ببيروت ، عمن حدثه ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : « ولا يدع إلى غير أبويه ، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله المتتابعة »
1588
- وحدثني محمد بن معمر البحراني ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال :
أخبرني أبو الزبير ، سمع جابر بن عبد الله ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « من تولى مولى قوم بغير إذنهم ، أو آوى محدثا ، فعليه غضب الله ، لا يقبل
منه صرفا (1) ولا عدلا » قال أبو جعفر : قال لي ابن معمر : وحدثناه أبو عاصم مرة
أخرى فلم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) الصرف : التوبة وقيل : النافلة
1589 - وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، وهشام ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة ، أنه شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس وهو يقول : « من ادعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين » وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه
1590 - حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد ، قال : أخبرنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قتادة ، عن عمرو بن خارجة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه ، فعليه لعنة الله »
1591 - وحدثني مخلد بن الحسن ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن معاذ بن جبل ، قال : إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولغام دابته على فخذي ، فسمعته يقول : « لعن الله من ادعى إلى غير أبيه ، لعن الله من انتمى إلى غير مواليه »
1592 - وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا بشر بن بكر ، عن الأوزاعي ، قال : حدثني حصن ، قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثتني عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله قال : « من تولى غير مواليه ، فليتبوأ بيتا في النار »
1593 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن أيوب ، عن زبان بن فائد ، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من العباد عباد لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا يطهرهم ، ولا ينظر إليهم » ، قالوا : من أولئك يا رسول الله ؟ قال : « المتبرئ من والديه رغبة عنهما ، والمتبرئ من ولده ، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم ، وتبرأ منهم »
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب « فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي ذكرناه عن علي بن أبي طالب عنه : » لعن الله من غير منار الأرض « يعني صلى الله عليه وسلم بالمنار : المعالم ، وهو مفعل ، من قول القائل : قد نار لي هذا الأمر ، إذا استبان واتضح ، فهو ينور لي منارا ، انقلبت الواو التي هي عين الفعل ألفا ، إذ نقلت حركتها وهي فتحة إلى الحرف الذي قبلها ، كما فعل ذلك بقولهم : جلت مجالا ، ودرت مدارا ، وجزت مجازا ، ومن ذلك قول جرير بن عطية : خل الطريق لمن يبني المنار به وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر فإن قال قائل : وما معنى هذا الخبر ؟ أو مستحق اللعن من غير علما من أعلام الأرض ؟ قيل : قد اختلف من قبلنا في معنى ذلك ، نذكر ما قالوا فيه ، ثم نتبعه البيان عن الصواب لدينا فيه » فقال بعضهم : عنى بذلك صلى الله عليه وسلم : من غير حدود حرم الله التي حدها إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه . وقال آخرون : بل عنى به من غير معالم الأرض التي هي مجاورة أرضه ليسرق منها ، ويتحيف من حدودها ، كي لا يوقف على الحد الذي هو بين أرضه وأرض غيره عند دخوله في أرض غيره ، وأخذه منها ظلما ما ليس له . وهذا القول عندنا أولى بالصواب من القول الأول ، وذلك لدلالة الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن اقتطع شبرا من الأرض ، ولو كان معنى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك منار حرم مكة ، لم يكن صلى الله عليه وسلم ليدع بيان ذلك لأمته ، إما بنص ، أو بدلالة ، ولا شيء في الخبر يدل على أنه عنى بذلك معالم حرم إبراهيم ، بل ذلك منه عام ، فهو على عمومه في كل أرض غير منارها مغير ظلما ، أدخل بتغييره ذلك ضرا على مسلم أو معاهد ، إما بدخوله في حق غيره ، واستراقه من أرض غيره ما ليس له ، وإما بتلبيسه عليه ، بتغييره ذلك عليه الحق الذي هو له . وأما التخوم الذي روى ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لعن الله من غير تخوم الأرض » ، فإن أهل العلم بالعربية يقولون : هي واحدة ، ويفتحون التاء منها ، وينشدون في ذلك قول الشاعر : يا بني ، التخوم لا تظلموها إن ظلم التخوم ذو عقال بفتح التاء من التخوم . وأما المحدثون فإنهم يروون ذلك بضم التاء . ومن روى ذلك كذلك ، فينبغي أن يكون قصد بها إلى أنها جمع ، واحدتها تخم ، وقد زعم بعضهم أن ذلك لغة لأهل الشام
ذكر خبر آخر من أخبار علي رحمة الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم
1594 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا إسرائيل بن يونس ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن علي ، قال : « أهدى كسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل ، وأهدى قيصر لرسول الله فقبل ، وأهدت الملوك فقبل منهم »
1595 - حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي ، قال : حدثنا خلاد بن يزيد المقرئ ، قال : حدثنا إسرائيل ، قال : حدثنا ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن علي ، قال : « أهدى كسرى للنبي صلى الله عليه وسلم فقبل ، وأهدت له الملوك فقبل »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرج يصح ، إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أن ثوير بن أبي فاختة عندهم ممن لا يحتج بحديثه . والثالثة : أن إسرائيل بن يونس عندهم ممن لا يعتمد على نقله ، والواجب التثبت في أخباره عندهم
القول في معنى هذا الخبر وفيما فيه من الفقه إن قال لنا قائل : وما معنى الخبر وما وجهه ، إن كان صحيحا كما قلت ؟ وقد علمت ما
1596 - حدثك به أحمد بن عبد الرحمن قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة ، وعمر بن مالك ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « هدية الإمام غلول »
1597 - وما حدثك به عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، أن حكيم بن حزام ، خرج إلى اليمن ، فاشترى حلة ذي يزن ، فقدم بها المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأهداها له ، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : « إنا لا نقبل هدية مشرك »
1598
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن يزيد بن
عبد الله أبي العلاء ، عن عياض بن حمار ، أنه أهدى إلى النبي هدية أو ناقة ، فقال
: « أسلمت » ؟ قال : لا قال : « فإني نهيت عن زبد (1) المشركين » قيل : كلا
الخبرين صحيح ، وليس في أحدهما إبطال معنى ما في الآخر ، وذلك أن قبول النبي صلى
الله عليه وسلم ما قبل من هدية من قبل هديته من المشركين ، إنما كان نظرا منه
بفعله ذلك لأصحابه ، وعودا منه بنفعه عليهم وعلى المؤمنين به ، لا احتجانا منه
لذلك دونهم ، ولا إيثارا منه نفسه به عليهم . وللإمام فعل ذلك ، وقبول هدية كل مهد
إليه من ملوك أهل الشرك وغيرهم ، إذا كان قبوله ما يقبل منهم من ذلك نفعا للمسلمين
، ونظرا منه لهم . وأما رده صلى الله عليه وسلم ما رد من هدية من رد هديته منهم ،
فإنما كان ذلك منه من أجل أنه كان أهداها له في خاصة نفسه ، فلم ير قبوله ذلك منه
، تعريفا منه لأئمة أمته من بعده ، أنه ليس لهم قبول هدية مهد من رعيته لخاصة نفسه
. فإن ظن ظان أن الذي قلنا في ذلك بخلاف الذي قلنا ، إذ كان قوله صلى الله عليه
وسلم : « إنا لا نقبل هدية مشرك » ، وقوله : « هدايا الإمام غلول » ، قولا عاما
مخرجه ، لا دليل فيه على خصوصه ، فقد ظن خطأ . وذلك أنه لا خلاف بين الجميع في أن
الله تعالى ذكره قد أباح للمؤمنين أموال أهل الشرك من أهل الحرب لهم بالقهر
والغلبة بقوله : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله (2) ) ، فهو بطيب أنفسهم ، لا
شك أنه أحل وأطيب ، إذ كان كل مال كان حلالا لآخذه أخذه بالقهر لصاحبه ، والغلبة
له عليه ، فأخذه منه بطيب نفسه لاشك أنه أطيب وأحل . فإن قال : فهل من خبر بصحة ما
قلت من أن قبوله صلى الله عليه وسلم ما كان يقبل من هدايا أهل الشرك ، كان على
الوجه الذي ذكرت ، ورده ما كان يرده من ذلك كان على ما وصفت ؟ قيل : نعم . فإن قال
: فاذكر لنا بعض ذلك ، قيل
__________
(1) الزَّبد بسكون الباء : الرّفْد والعطاء والهبة
(2) سورة : الأنفال آية رقم : 41
1599 - حدثني عبد الملك بن محمد الرقاشي ، قال : حدثنا عمرو بن حكام ، قال : حدثنا شعبة ، عن علي بن زيد ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري ، أن « ملك الروم ، أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة من زنجبيل ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ، فأعطى كل رجل قطعة ، وأعطاني قطعة »
1600 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا قرة ، عن الحسن ، قال : « أهدى أكيدر دومة الجندل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة فيها المن الذي رأيتم ، وبالنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته يومئذ والله ، إليها حاجة ، فلما قضى الصلاة أمر طائفا فطاف بها على أصحابه ، فجعل الرجل يدخل يده فيستخرج فيأكل ، فأتى على خالد بن الوليد فأدخل يده ، فقال : يا رسول الله ، أخذ القوم مرة ، وأخذت مرتين فقال : » كل وأطعم أهلك « وكالذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله في ذلك وأشباهه ، فعل من بعده من الأئمة الراشدين
ذكر بعض ما حضرنا ذكره منهم
1601 - حدثني عبد الكريم بن أبي عمير ، قال : حدثني عمر بن صالح بن أبي الزاهرية ، قال : سمعت أبا جمرة ، يقول : سمعت ابن عباس ، يقول : « بعث ابن جلندى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية ، وبعثوا بصدقاتهم مع الهدية ، وبعث بوفد عشرة ، فيهم رجل يقال له أبو صفرة : أبو المهلب ، ورجل من أولاد ملك يقال له كعب بن سور ، فقدموا إلى المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر رحمة الله عليه ، فدفعت الهدية إلى أبي بكر والصدقة ، فوثب علي بن أبي طالب رحمة الله عليه فقال : هذه هدية ابن جلندى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليس هذه فدك ، قال ابن عباس : فلا يدرى أقسمها أم أدخلها بيت المال مع الصدقة ؟ ولو قسمها لعلمنا ذلك »
1602 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، قال : أهدى أليون ملك الروم إلى مسلمة لؤلؤتين وهو بالقسطنطينية ، فشاور أهل العلم من ذلك الجيش ، فقالوا : « لم يهدهما إليك إلا لموقعك من هذا الجيش ، فنرى أن تبيعهما ، وتقسم ثمنهما على هذا الجيش » فقد تبين بما ذكرنا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أهدى إليه المشركون ، وفيما فعل في ذلك من بعده الصديق ، وقال فيه أهل العلم ، أن الذي كان من رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رد من هدية حكيم بن حزام وهو مشرك ، كان لما وصفت من العلة ، إذ من المحال اجتماع الرد والقبول في الشيء الواحد في حال واحدة ، وإباحة ذلك وحظره في وقت واحد ، إذ كان أحدهما للآخر خلافا . وإذ كان ذلك كذلك ، كان معلوما أن سبب قبوله صلى الله عليه وسلم ما قبل من ذلك ، غير سبب رده ما رد منه فإن ظن ظان أن ذلك وإن كان كذلك ، فإن سبب اختلاف ذلك كان منه من أجل أن أحد فعليه كان نسخا للآخر فقد ظن خطأ . وذلك أن ذلك لو كان من أجل ذلك ، كان مبينا ذلك في النقل ، أو كان على الناسخ دليل مفرق بينه وبين المنسوخ ، إذ كان غير جائز أن يكون شيء من حكم الله تعالى ذكره في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم غير معلوم الواجب منه على عباده ، إما بنص عليه ، أو دلالة منصوبة لهم على اللازم لهم فيه فإذ كان صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روينا من قبوله هدايا المشركين في حال ، ورده إياها أخرى ، للأسباب التي ذكرت ، فبين بذلك أن سبيل الأئمة والقائمين من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الأمة في ذلك ، سبيله ، في أن لمن أهدى له ملك من ملوك أهل الحرب ، أو رئيس من رؤسائهم ، هدية ، فله قبولها وصرفها حيث جعل الله ما خول المؤمنين من أموالهم بغير إيجاف منهم عليه بخيل ولا ركاب وإن كان الذي أهدى من ذلك إليه أهداه وهو منيخ مع جيش من المسلمين بعقوة دارهم محاصرا لهم ، فله قبوله وصرفه فيما جعل الله من أموالهم مصروفا فيه ما خول المؤمنين من أموالهم بالغلبة لهم والقهر ، وذلك ما أوجفوا عليه بالخيل والركاب ، كالذي فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأموال بني قريظة ، إذ نزلوا على حكم سعد ، لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بهم محاصرين لهم من غير حرب ولا قتال فأما ما أهدى له مهد منهم من عامتهم لخاصة نفسه ، فإني أختار له أن يردها عليه ولا يقبلها ، كالذي فعل صلى الله عليه وسلم بحكيم بن حزام من رده عليه ما كان أهدى له وهو مشرك ؛ لأن أحق الناس بأن تظلف نفسه عن مثل ذلك ، من كثرت حاجة الناس إليه في أحكامهم وأمور دينهم ، من إمام ، أو عامل للإمام على الحروب ، أو الأحكام أو المظالم ، وغير ذلك من أمور المسلمين ، إذ كان لا يؤمن مع قبوله ذلك ممن قبل منه ، اغتماز من السلطان في أمر إن عرض له قبله . وسواء فيما أكره له من قبول مثل ذلك كان المهدي مشركا حربيا ، أو معاهدا ذميا ، أو كان مسلما ، لما ذكرت من السبب المخوف عليه منه ، وقد
1603 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثام بن علي ، قال : حدثنا أبو زياد الفقيمي ، عن أبي حريز ، أن رجلا ، كان أهدى لعمر رجل جزور ، ثم جاء يخاصم إليه ، فجعل يقول : « يا أمير المؤمنين ، افصل بيننا كما تفصل رجل الجزور . قال : فوالله ما زال يكررها علي حتى كدت أن أقضي له » فهذا عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، مع منزلته من الإسلام ، ومكانه من الدين ، قد عرض له من السلطان ما عرض في رجل جزور ، مع قلتها وخساستها ، أهديت له ، فكيف بمن لا يدانيه في شيء من أشيائه ، ولا يقاربه في فضله ودينه ، وقد قبل هدية مهد إليه من رعيته أو غير رعيته ، جليلا خطرها ، عظيما من قلبه موقعها ، خاصم إليه خصما له في ظلامة ظلمه إياها ؟ ما ترى السلطان فاعلا به ، وأي مذهب هو ذاهب ؟ وقد قال طاوس في ذلك ما
1604 - حدثنا به ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي المعلى ، قال : « سألت طاوسا عن هدايا السلطان فقال : » سحت ، قال ابن المثنى : قال غندر : خالفنا فيه أصحابنا ، فقالوا : هو عن أبي معاذ ، عن طاوس « غير أن الأمر وإن كان في ذلك كذلك ، فإني لا أرى حراما على الإمام ولا على عامل من عماله ، أهدى له مهد ممن كان يهاديه قبل ولايته أمور المسلمين ، هدية من رعيته في خاصة نفسه قبولها وإثابته عليها . فأما إن لم يكن كان يهاديه قبل ذلك ، فلا أرى له قبولها ، لما ذكرت من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك ، ولما أخشى عليه بقبوله إياها من الأسباب التي وصفت قبل . فإن قال : فما أنت قائل فيما
1605 - حدثك به ، إسحاق بن إبراهيم الصواف قال : حدثنا الهيثم بن الربيع ، قال : حدثني الأصبغ بن زيد ، عن سليمان بن الحكم ، عن محمد بن سعيد ، عن عبادة بن نسي ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ بن جبل ، قال : لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال : « إني قد علمت ما لقيت في الله ورسوله ، وما ذهب من مالك ، وقد طيبت لك الهدية ، فما أهدي لك من شيء فهو لك » قيل : هذا عندنا خبر غير جائز الاحتجاج بمثله في الدين ، لوهاء سنده ، وضعف كثير من نقلته . غير أن ذلك ، وإن كان كذلك ، فإن له عندنا لو كان صحيحا سنده ، عدولا نقلته مخرجا في الصحة ، وهو أن يكون صلى الله عليه وسلم جعل ما أهدي له من هدية في عمله له ، مكان ما كان يستحقه من الرزق على عمله ، إذ كان كل مشغول عن التصرف في خاصة نفسه وعارض حاجاته من المكاسب وغيرها مما هو لها نظير ، فإنه مستحق من مال الفيء ، ما فيه له ، ولمن تلزمه مؤونته ، الكفاية والغنى عن التصرف للمكسب وطلب المعاش ، وفيما
1606
- حدثني به ابن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عبد الوارث التنوري ، عن
حسين المعلم ، عن ابن بريدة ، قال أبو عاصم : لا أدري هو عن أبيه أم لا ؟ أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : « من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا ، فأخذ أكثر
من رزقه ، فهو غلول (1) »
__________
(1) الغلول : الخيانة والسرقة
1607
- وحدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي قال : حدثني عبد الله بن
شوذب ، قال : حدثني عامر بن عبد الواحد ، قال : كنت جالسا عند عطاء بن أبي رباح ،
فرأى شيخا هو أكبر منه ، فأقبل عليه عطاء ، فرحب به ووسع له ، فقال الشيخ : حدثتني
الصديقة ابنة الصديق وأحسب أنها رفعت الحديث قال : « أيما عامل أصاب في عمله فوق
رزقه الذي فرض له ، فإنه غلول (1) » ففي هذا دليل واضح على صحة ما قلنا في ذلك ،
وقد بينت هذه الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان فيها بعض النظر ،
وهي أحسن مخارج من خبر محمد بن سعيد المصلوب معنى ما روي ، عن معاذ ، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، من إباحته له ما أباح من هدايا رعيته : أنها كانت على وجه ما
ذكرت ؛ لأن ذلك لو كان أبيح له وهو للمسلمين عامل برزق يرتزقه من فيئهم بعد
استيفائه الرزق الذي رزقه على عمله ، لم يكن للأخبار المتواترة التي قد مضى
ذكرناها قبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه خطب أصحابه عند مقدم ابن
اللتبية عليه من عمله الذي كان ولاه إياه ، فبعث من يقبض منه ما أتى به ، فجعل
يقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فقال : « أما بعد ، فإني أستعمل رجالا منكم على
أمور مما ولاني الله ، فيقول أحدهم : هذا الذي لكم ، وهذا هدية أهديت إلي ، أفلا
جلس في بيت أبيه أو في بيت أمه فتأتيه هديته ؟ والذي نفسي بيده ، لا يأخذ أحدكم من
ذلك شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه ، فلا أعرفن ما جاء رجل يحمل بعيرا
له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر » ، ثم رفع يديه ، فقال : « ألا هل بلغت
» ؟ معنى . فلما كانت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بما ذكرنا ،
متواترة ، قد جاءت مجيء الحجة ، علم أن أمر معاذ ، فيما أباح له صلى الله عليه
وسلم من قبول هدية رعيته ، وتطييبه إياها له ، لو كان صحيحا ، ولم يصح ذلك عندنا
بخبر تثبت به حجة على من بلغه ، لكان معناه ووجهه ما قلنا ، دون ما يتوهمه أهل
الغباء . فإن قال قائل : ما بك قد أبحت للإمام وعماله قبول هدايا ملوك المشركين
على النظر منهم للمسلمين ، وصرف ما أهدوا إليهم في منافعهم اعتلالا منك في ذلك
بالأمور التي بينت ، ولم تبح لهم قبول هدية أحد من رعيتهم ممن لم يكن جرت بينهم
وبينه مهاداة قبل الولاية ، لما وصفت من الأسباب ؟ فما وجه الخبر الذي
__________
(1) الغلول : الخيانة والسرقة
1608
- حدثك عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا سليمان بن
بلال ، قال : حدثنا عمرو بن يحيى ، عن عباس بن سهل بن سعد ، عن أبي حميد ، قال : «
جاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب ، وأهدى له
بغلة ، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهدى له بردا » وقال : ولا ذكر
في هذا الخبر أنه صلى الله عليه وسلم باع البغلة التي أهداها له صاحب أيلة فقسم
ثمنها بين أصحابه ، ولا أنه أهدى البردة التي أهداها إليه من فيئهم ، وقد علمت أن
صاحب أيلة كان من أهل الجزية بالصلح الذي كان جرى بينه وبين رسول الله صلى الله
عليه وسلم ؟ . قيل : إن الذي قلت إنه غير مذكور في هذا الخبر ، وإن كان كذلك ،
فغير مذكور أيضا فيه أنه لم يبع ذلك ويصرف ثمنه في أصحابه ، ولا أنه أهدى البرد
إليه من مال نفسه ، فلا حجة لمدعي ما قلت بظاهر هذا الخبر ، بل الحجة فيه لمن قال
فيه ما قلنا ، للأسباب التي تقدم ذكرناها ، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كانت له حقوق في فيء المسلمين لقول الله تعالى ذكره : ( ما أفاء الله على رسوله من
أهل القرى فلله وللرسول (1) ) الآية ، وغير مستحيل أن يكون أخذه ما أخذ من ذلك
بالحق الذي جعله الله له فيه ، إن كان اختص به نفسه . هذا إن صح أنه أخذه لنفسه ،
ولا نعلم خبرا ورد بتصحيح ذلك ، فيجوز لمدع دعواه وقد مضى البيان عن نظائر ما في
هذه الأخبار من الغريب ، فكرهنا تطويل الكتاب بإعادة ذكره
__________
(1) سورة : الحشر آية رقم : 7
ذكر خبر آخر من أخبار علي رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1609
- حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن ثوير ،
عن أبيه ، عن علي ، « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب : ( سبح اسم ربك الأعلى
(1) ) » والقول في علل هذا الخبر نظير القول في علل الذي قبله
__________
(1) سورة : الأعلى آية رقم : 1
ذكر خبر آخر من أخبار علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1610 - حدثني العباس بن محمد ، قال : حدثنا أبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي ، قال : حدثنا شريك ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن زياد بن حدير ، قال : قال علي بن أبي طالب : « والله لئن عشت لنصارى بني تغلب ، لأقتلن المقاتلة ، ولأسبين الذرية ، وذاك أنى كتبت الكتاب بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينهم ، على ألا ينصروا أبناءهم »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أن إبراهيم بن مهاجر عندهم لا تثبت به في الدين حجة . والأخرى : أن شريكا عندهم كان يكثر غلطه ، فالواجب التوقف في أخباره . والثالثة : أن أبا نعيم النخعي عندهم غير مرتضى ، فغير جائز الاحتجاج بنقله . والرابعة : أن صلح بني تغلب عندهم إنما جرى بينهم وبين عمر بن الخطاب . قالوا : ومما يدل على ذلك الخبر الذي
1611 - حدثني به أحمد بن عمرو البصري قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، قاضى كرمان قال : حدثنا عبد الله بن عمر القرشي ، قال : حدثني سعيد بن عمرو بن سعيد ، أنه سمع أباه ، يوم المرج يقول : إنه سمع أباه ، يقول : سمعت عمر بن الخطاب ، يقول : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الله ليمنع الدين بنصارى من ربيعة على شاطئ الفرات » ما تركت بها عربيا إلا قتلته أو يسلم قالوا : فالصلح الذي كان بين بني تغلب وأهل الإسلام لو كان جرى عقده بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يكن بعمر حاجة إلى أن يجعل حجته في ترك قتالهم وقتلهم والحكم فيهم بحكم أهل الأوثان من العرب ، القول الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه كان يقول : لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد لهم ذمة ، وصالحهم على عهد جرى بينهم وبينه قالوا : ففي احتجاج عمر بما احتج به مما ذكرنا عنه ، دليل واضح على صحة ما قلنا من أن عقد الصلح ، إنما جرى بينهم وبين عمر ، وأن الذي روي عن علي من أنه كتب بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم كتاب الصلح ، غير صحيح سنده القول في البيان عما في هذا الخبر من الفقه ، وما وجهه ؟ إن قال لنا قائل : إنك قد قلت بتصحيح هذا الخبر ، فما وجهه ، إن كان صحيحا عندك ؟ وكيف تركهم المسلمون إلى يومهم هذا مقيمين معهم في دار الإسلام ؟ أم ما وجه قبول الأئمة منهم الجزية ؟ وهل لنا نكاح نسائهم ، وأكل ذبائحهم وهم كما روي عن علي أنهم قد نقضوا العهد الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهم ، بتنصيرهم أولادهم ، وإدخالهم إياهم في صبغة النصرانية ، وأنهم لم يتمسكوا من النصرانية بغير شرب الخمر ؟ قيل : قد اختلف السلف من أهل العلم قبلنا في ذلك ؟ فنذكر ما قالوا فيه ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
ذكر من حرم أكل ذبائحهم
1612 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : حدثنا هشام ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة ، قال : سألت عليا عن ذبائح ، نصارى العرب ، فقال : « لا تأكل ذبائحهم ، فإنهم لم يتعلقوا من دينهم إلا بشرب الخمر »
1613 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، عن علي ، قال : « لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب ، فإنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر »
1614 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن محمد ، عن عبيدة ، قال : قال علي : « لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب ، فإنهم إنما يتمسكون من النصرانية بشرب الخمر »
1615 - وحدثني علي بن سعيد الكندي ، قال : حدثنا علي بن عابس ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري ، قال : « نهانا علي عن ذبائح ، نصارى العرب »
1616 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي حمزة القصاب ، قال : سمعت محمد بن علي ، يحدث ، عن علي ، أنه « كان يكره ذبائح نصارى بني تغلب »
1617 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن عمرو ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، أنه « كره ذبائح نصارى العرب »
1618 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : أخبرنا أبو معيد ، قال : سئل مكحول عن ذبائح ، نصارى العرب ، فقال : « كلوا ذبائح تنوخ ، وبهراء ، وسليح ، فأما بنو تغلب فلا تأكلوا من ذبائحهم » فمن نهى عن أكل ذبائحهم ، فالواجب على مذهبه أن ينهى عن نكاح نسائهم ، لأن من حرم أكل ذبيحته من أهل الكفر ، بمعنى الكفر الذي هو عليه ، فحرام نكاح نسائه بذلك المعنى . فأما أخذ الجزية منه فغير حرام ، إذا كان كتابيا ، من العرب كان أو من العجم عندهم ، لما قد بينا في موضعه وقال آخرون : حلال أكل ذبائحهم ، ونكاح نسائهم
ذكر من قال ذلك
1619
- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال
: حدثنا خصيف ، قال : حدثنا عكرمة ، قال : « سئل ابن عباس عن ذبائح نصارى بني تغلب
، فقرأ هذه الآية : » ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء
بعضهم أولياء بعض ، ومن يتولهم منكم فإنه منهم (1) ) « الآية
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 51
1620
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم الأحول
، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان « لا يرى بذلك بأسا ، وقرأ : ( ومن يتولهم
منكم فإنه منهم (1) ) »
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 51
1621
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن
سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه « سئل عن ذبائح ، نصارى العرب ، فقال : لا بأس
به ، ثم قرأ : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم (1) ) »
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 51
1622
- وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في «
ذبائح نصارى العرب قال الله : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم (1) ) »
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 51
1623
- وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن عثمة ، قال : حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة
، عن الحسن ، وعكرمة ، أنهما « كانا لا يريان بأسا بذبائح نصارى بني تغلب ، وتزويج
نسائهم ، ويتلوان : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم (1) ) »
__________
(1) سورة : المائدة آية رقم : 51
1624 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، وسعيد بن المسيب ، أنهما « كانا لا يريان بأسا بذبيحة نصارى بني تغلب »
1625 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، أن الحسن ، كان « لا يرى بأسا بذبائح نصارى بني تغلب ، فكان يقول : انتحلوا دينا ، فذاك دينهم »
1626
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ،
عن الشعبي ، أنه « كان لا يرى بأسا بذبائح نصارى بني تغلب ، وقرأ : ( وما كان ربك
نسيا (1) ) »
__________
(1) سورة : مريم آية رقم : 64
1627 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : حدثني ابن شهاب ، عن ذبيحة نصارى العرب قال : « تؤكل من أجل أنهم في الدين أهل كتاب ، ويذكرون اسم الله »
1628 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : قال عطاء : « إنما يفرق بين ذلك الكتاب »
1629
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، قال : سألت إبراهيم عن ذبائح
نصارى العرب ، فقال : « كل ، ثم قرأ : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب ، إلا أماني
(1) ) قال : ومن هؤلاء أيضا من لا يحسن الكتاب »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 78
1630 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا عمرو ، عن سعيد ، عن ذبيحة ، نصارى العرب قال : قال مكحول والزهري : « تؤكل ، من أجل أنهم في دين أهل كتاب يذكرون اسم الله »
1631
- حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سألت الحكم
وحمادا وقتادة عن ذبائح نصارى بني تغلب فقالوا : « لا بأس بها . قال : وقرأ الحكم
: ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب ، إلا أماني (1) ) » فإذ كان الاختلاف بين السلف
في أمر بني تغلب موجودا على ما قد ذكرنا ، وكانت تغلب تدين النصرانية ، ولا تدفع
الأمة أن عمر أخذ منها الجزية بين ظهراني المهاجرين والأنصار ، عن غير نكير منهم
أخذه ما أخذ منهم ، وكان أخذه ذلك منهم بمعنى أنهم أهل كتاب ، لا بمعنى أنهم مجوس
، ولا بأنهم عجم - صح وثبت أنهم أهل كتاب ، وأن ذبائحهم ونساءهم للمسلمين حلال ،
لقول الله تعالى ذكره : ( اليوم أحل لكم الطيبات ، وطعام الذين أوتوا الكتاب حل
لكم ، وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات ، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن (2) ) فأما ترك الأئمة قتل مقاتلتهم ، وسبي ذراريهم ،
وقد نصروا أولادهم ، وخالفوا ما ذكر عن علي من العهد الذي كانوا عاهدوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم من ألا ينصروا ، أولادهم ، فإن ذلك ممكن أن يكون كان منهم ، من
أجل أنهم كانوا يرون أن أهل الجزية ما أقاموا في دارهم على الوفاء للمسلمين
بالجزية ، والإذعان لهم ، بأن يجري عليهم حكم الإسلام ، فلا سبيل عليهم ، وإن
خالفوا بعض الشروط التي شرطت عليهم في حال عقد الذمة لهم ، ولكنهم يؤخذون بالرجوع
إلى ما عليهم في ذلك ، من غير أن تستحل به دماؤهم وأموالهم ، فإن ذلك قول أكثر
المتفقهة . وممكن أن يكون ذلك كان منهم من أجل أن حكم كل مولود حكم أبويه ، ما دام
طفلا صغيرا ، حتى يصير إلى حد الاختيار ، ومن يلزمه الأحكام ، فلم يكن حكم الطفل
من بني تغلب خارجا من حكم أبويه النصرانيين إلى بلوغ الحلم ، فإذا بلغ المولود
منهم ذلك الحد ، لم يكن لأبويه عليه سبيل ، ولم يكن للمسلمين إكراهه على الإسلام ،
مع ما قد ثبت له من الحكم قبل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في أنه محكوم
له بحكم أبويه ، ولم يكن أبواه هما اللذين نصراه ، إذ كان الذي ينصر غيره إنما
ينصره بإكراهه عليه ، وإجباره له على التنصر ، وولد النصراني غير صائر نصرانيا
بإجبار أبويه إياه عليه ، وإنما له حكمهما ما دام طفلا صغيرا ، فإذا بلغ الحلم ،
فله الدين الذي يختاره حينئذ لنفسه ، دين أبويه اختار ، أو غير دينهما . فلم ير
الأئمة - إذ كان أمر بني تغلب وأمر أولادهم على ما وصفنا - أنهم نصروا أولادهم ،
فيستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم . فإن قال قائل : فما وجه قول علي رحمة الله عليه
إذن ، إن كان الأمر كما قلت : لئن عشت لنصارى بني تغلب ، لأقتلن المقاتلة ،
ولأسبين الذرية ، وذلك أني كتبت الكتاب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
على ألا ينصروا أولادهم ؟ . قيل : جائز أن يكون ذلك كان منه لأمر بلغه عنهم
استحقوا به ما توعدهم به ، فقال : ذلك وعيدا لهم ، أو أخبر عنهم بخلافهم بعض
الأمور التي عقدت عليها لهم الذمة ، وإن لم يكن ذلك كان هو الأمر الذي به استحل
دماءهم وأموالهم وذراريهم ، ثم راجعوا الوفاء بما لزمهم ، فأقروا على العهد الذي
عوهدوا ، ووفي لهم بالذمة
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 78
(2) سورة : المائدة آية رقم : 5
ذكر خبر آخر من أخبار علي رحمة الله عليه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1632 - حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا قبيصة ، قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن عبد الله بن أبي رزين ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قلت للعباس : سل لنا النبي صلى الله عليه وسلم الحجابة . فسأله ، فقال : « أعطيكم ما هو خير لكم منها ، السقاية ، ترزؤكم ولا ترزءونها »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، وذلك أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يصح ، إلا من هذا الوجه . والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه
ذكر خبر آخر من أخبار علي رحمة الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1633 - حدثني أيوب بن إسحاق ، قال : حدثنا قبيصة ، قال : حدثنا سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن عبد الله بن أبي رزين ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قلت للعباس : سل النبي صلى الله عليه وسلم يستعملك على الصدقة . قال : فقال : « ما كنت لأستعملك على غسالة ذنوب الناس » والقول في علة هذا الخبر كالقول في الذي قبله
ذكر ما لم يمض ذكره من أخبار أبي مريم ، عن علي رحمة الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1634 - حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري ، قال : حدثنا عبد الله بن داود ، عن نعيم بن حكيم ، عن أبي مريم ، عن علي ، قال : « انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأصنام التي فوق الكعبة لنكسرها ، فلم أقو على حمله ، فحملني ، فتناولتها ، فكسرتها ، ولو شئت ، أو أردت أن أتناول السماء لنلتها »
1635
- حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن نعيم بن حكيم ،
عن أبي مريم ، عن علي ، قال : انطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتينا
الكعبة ، فقال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم : « اجلس » وصعد على منكبي (1) ،
فنفضته ، فنزل وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « اصعد على منكبي »
قال : فنهض بي نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وإنه ليخيل إلي أني لو شئت لنلت أفق
السماء ، حتى صعدت على البيت ، وعليه تماثيل صفر أو نحاس ، فجعلت أزاوله يمينا
وشمالا ، ومن بين يديه ومن خلفه ، حتى إذا استمكنت منه ، قال لي رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « اقذف به » فقذفت به ، فتكسر كما تكسر القوارير ، ثم نزلت ،
فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن
يلقانا أحد من الناس «
__________
(1) المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد
1636
- حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا
نعيم ، عن أبي مريم ، قال : حدثني علي بن أبي طالب ، قال : « انطلقت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ليلا حتى أتينا الكعبة ، فقال لي : » اجلس « فجلست ، فصعد رسول
الله صلى الله عليه وسلم على منكبي (1) ، ثم نهضت به ، فلما رأى ضعفي تحته قال لي
: » اجلس « فجلست ، فنزل عني ، ثم جلس لي ، فقال : » اصعد على منكبي « فصعدت على
منكبه ، ثم نهض حتى إنه ليخيل إلي أني لو شئت نلت أفق السماء ، فصعدت على الكعبة ،
فأتيت صنما لقريش ، وهو تمثال رجل من صفر ، أو نحاس ، فلم أزل أعالجه يمينا وشمالا
وبين يديه وخلفه حتى استمكنت منه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي : » هي
هي « وأنا أعالجه ، ثم قال : » اقذفه « فقذفته ، فتكسر كما تتكسر القوارير ، ثم
نزلت ، فانطلقنا نسعى حتى استترنا بالبيوت ، خشية أن يعلم بنا أحد ، فلم يرفع
عليها بعد »
__________
(1) المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به ، عندهم منفرد ، وجب التثبت فيه . والثانية : أن راويه عن علي أبو مريم ، وأبو مريم غير معروف في نقلة الآثار ، وغير جائز الاحتجاج بمثله في الدين عندهم . والثالثة : أنه خبر لا يعلم أحد حدث به عن أبي مريم غير نعيم بن حكيم ، وذلك أيضا مما يوجب التوقف فيه
ذكر ما في هذا الخبر من الفقه والذي فيه من ذلك الدلالة على صحة قول من قال : لا بأس على الرجل المسلم إذا رأى بعض ما يتخذه أهل الكفر وأهل الفسوق والفجور من الأشياء التي يعصى الله بها ، مما لا يصلح لغير معصية الله به ، وهو بهيئته ، وذلك مثل الطنابير والعيدان والمزامير والبرابط والصنوج التي لا معنى فيها ، وهي بهيئتها ، إلا التلهي بها عن ذكر الله ، والشغل بها عما يحبه الله إلى ما يسخطه ، أن يغيره عن هيئته المكروهة التي يعصى الله به وهو بها ، إلى خلافها من الهيئات التي يزول عنه معها المعنى المكروه ، والأمر الذي يصلح معه لأهل معاصي الله العصيان به . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا بكسر الصنم الذي كانت قريش وضعته فوق الكعبة ، ومعلوم أن الصنم لا معنى فيه ، إذ كان تمثالا من صفر ، أو نحاس أو غير ذلك ، إلا كفر من يكفر بالله بعبادته إياه ، وتعظيمه له ، والسجود له من دون الله تعالى ذكره ، من غير أن يكون للصنم في ذلك من فعله إرادة ، ولا دعاء إليه ، ولا علم بما يفعل به ، إذ كان جمادا لا يعقل ، ولا يفقه ولا يسمع ولا يبصر ، ولا شيء فيه إلا الهيئة التي هيئت ، والصورة التي صورت لمعصية الله بها ، والكفر بالله من أجلها . والجوهر الذي ذلك فيه ، لا شك أنه يصلح ، إذا غير عنه ما هو به من الهيئة المكروهة ، لكثير من منافع بني آدم الحلال غير الحرام . فإذا كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا بكسره وتغييره عن هيئته المكروهة التي يعصى الله به من أجلها ، إنما كان لما وصفت ، مع الأسباب التي ذكرت ، فمعلوم أن ما ذكرت من الطنابير والعيدان والمزامير ، وما أشبه ذلك من الأشياء التي يعصى الله باللهو بها ، أولى وألزم للمرء المسلم تغييرها عن هيئتها المكروهة التي يعصى الله بها ، إذ كان فيها الأسباب التي توجب للاهي بها سخط الله وغضبه ، من تغيير التماثيل التي هي أصنام لا شيء فيها إلا ما يحدثه أهل الكفر في أنفسهم من الكفر بالله بسجودهم لها ، وتعظيمهم إياها ، عن هيئتها بكسرها ، إذا أمن على نفسه من أن تنال بما لا قبل لها به . وبنحو الذي قلنا في ذلك وردت الآثار عن السلف الماضين من علماء الأمة ، وعمل به التابعون لهم بإحسان
ذكر من حضرنا ذكره ، ممن فعل ذلك ، أو أمر به منهم
1637 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : « كان أصحاب عبد الله يستقبلون الجواري معهن الدفوف في الطرق فيخرقونها »
1638 - وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : « كانوا يستقبلون الجواري معهن الدفوف في الطرق فيخرقونها »
1639 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : كان عاصم بن هبيرة « إذا أخذ دفا شقه ، فأخذ بعد ما كبر دفا ، فجعل ينزو عليه ، ويقول : ما غلبني شيطان ما غلبني هذا »
1640 - وحدثني محمد بن خالد بن خداش الأزدي ، قال : حدثني سلم بن قتيبة ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي حصين ، « أن رجلا ، كسر طنبورا لرجل ، فاستعدي عليه شريح ، فقال شريح : لا أقضي في الطنبور بشيء »
1641 - وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، وعبد الرحمن ، قالا : حدثنا سفيان ، عن أبي حصين أن رجلا : ، خاصم إلى شريح في رجل كسر طنبورا ، « فلم يقض فيه بشيء »
1642 - وحدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : كنت مع مسروق بالسلسلة ، فمرت عليه سفينة فيها أصنام ذهب وفضة ، بعث بها معاوية إلى الهند تباع ، فقال مسروق : « لو أعلم أنهم يقتلوني لغرقتها ، ولكني أخشى الفتنة »
1643 - حدثني عبد الله بن أبي زياد القطواني ، قال : حدثنا زيد بن الحباب ، قال : حدثني الضحاك بن عثمان ، قال : حدثني نافع ، أن ابن عمر ، « دخل على جاريتين له تلعبان بهذه الشهارده ، فضربهما بها حتى انكسرت »
1644 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن نافع ، قال : « كان ابن عمر إذا وجد أحدا من ولده يلعب بالنرد ضربه ، وأمر بها فكسرت ، ثم أحرقت »
1645 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا يحيى ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع ، أن ابن عمر ، « رأى مع بعض أهله أربع عشرة ، فكسرها على رأسه » وفى هذا الخبر أيضا - أعني خبر علي الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - البيان البين : أن الذي أطلقنا من تغيير ما ذكرنا أنه ينبغي تغييره للمرء المسلم من هيئات الأشياء التي يعصى الله بها ، مما لا تصلح ، وهي بتلك الهيئات إلا لأن يعصى الله بها ، إنما ينبغي له فعل ذلك ، مع أمانه على نفسه من ظالم يعتدي عليه فينال منه ما لا قبل له به ، وأنه في سعة من ترك فعل ذلك ، مع خوفه على نفسه من الاعتداء عليها بما لا قبل لها به . وذلك أن عليا رحمة الله عليه أخبر أنه حين رمى بالصنم من فوق الكعبة فتكسر نزل فانطلق هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، يسعيان حتى استترا بالبيوت ، خشية أن يعلم بهما أحد . ولا شك أنهما لم يخشيا أن يعلم ما كان منهما من الفعل بالصنم أحد من المشركين ، إلا كراهة أذاهم على أنفسهما ، وأن يلحقهما منهم مكروه لما كان فعلا بصنمهم . وكذلك القول في كل خائف على نفسه من فرط أذى من لا طاقة له به أن يناله به في نفسه ، إذا هو غير هيئة بعض ما وجده معه ، أو مع بعض أشيائه من الأشياء التي لا تصلح إلا لأن يعصى الله به وهو بهيئته ، عن هيئته المكروهة في أنه في سعة من ترك تغييره عن هيئته حتى يأمن من ذلك على نفسه ، فإذا أمن على نفسه كان له تغييره من الهيئة المكروهة إلى غيرها من الهيئات التي يصلح لغير معصية الله معها . وفيه أيضا الدلالة الواضحة على صحة ما نقول من أن الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، إنما يلزم فرضهما المرء المسلم على قدر طاقته ، وعند أمانه على نفسه أن ينال منها ما لا قبل لها به ، فأما مع الخوف عليها أن تنال بما لا قبل لها به فموضوع عنها فرض ذلك ، إلا النكير بالقلب . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما تحين لكسر الصنم الذي كان فوق الكعبة وقت الخلوة من عبدته ومن يحضره لتعظيمه ، كراهة أن ينالوه بمكروه في نفسه لو حاول كسره بمحضر منهم ، أو أن يحولوا بينه وبين ما يحاول من ذلك ، ثم لم يقف بعد كسره إياه بموضعه ، ولكنه أسرع السعي منه إلى حيث يأمن على نفسه أذاهم ، وأن يعلموا أنه الذي ولي كسره ، أو كان الذي سبب كسره
ذكر خبر آخر من أخبار أبي مريم ، عن علي رضوان الله عليه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1646 - حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري ، قال : حدثنا عبد الله بن داود ، عن نعيم بن حكيم ، عن أبي مريم ، عن علي ، قال : « أتت امرأة الوليد بن عقبة النبي صلى الله عليه وسلم تشكوه ، فقالت : إنه يضربني . فقال : » قولي له : يقول لك النبي : لا تضربني « فجاءت فقالت : إنه قد ضربني فقال : » قولي له : يقول لك النبي : لا تضربني « ، فجاءت فقالت : إنه قد ضربني فأخذ هدبة من ثوبه ، فقال : » انطلقي بهذه الهدبة إليه « . فضربها ، فقال : » اللهم عليك الوليد ، اللهم عليك الوليد «
1647
- حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا
نعيم ، عن أبي مريم ، عن علي ، « أن امرأة الوليد بن عقبة ، جاءت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم تشتكي الوليد ، تزعم أنه يضربها ، فقال لها : » ارجعي فقولي :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجارني « . فانطلقت ، فمكثت ساعة ، ثم رجعت ،
فقالت : يا رسول الله ، ما أقلع عني قال : فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم هدبة
من ثوبه ، فقال لها : » اذهبي بهذه ، فقولي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
أجارني (1) ، وهذه هدبة من ثوبه « ، فانطلقت ، فمكثت ساعة ، ثم رجعت ، فقالت : يا
رسول الله ، ما زادني إلا ضربا فرفع يديه ، فقال : » اللهم ، عليك الوليد « ،
مرتين أو ثلاثا والقول في علل هذا الخبر نظير القول في علل الذي قبله
__________
(1) أجار جوارا وإجارة : أخذ العهد والأمان لغيره، ومنه معاني الحماية والحفظ
والضمان والمنع
ذكر خبر آخر من أخبار علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1648 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي ، قال : كان للمغيرة بن شعبة رمح ، كنا إذا خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه ، فيمر الناس فيحملونه ، فقلت : « لئن أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأخبرنه ، فقال : إنك إن فعلت ذلك لم ترد ضالة فتركته »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه . والثانية : أنه قد حدث به عن أبي إسحاق غير الثوري ، فقال فيه : عنه ، عن رجل من أصحاب علي ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم والثالثة : أنه من رواية أبي إسحاق ، وأبو إسحاق كان من أهل التدليس ، وخبر المدلس عندهم غير جائز الاحتجاج به في الدين ، إلا بما قال فيه : حدثنا أو سمعت ، وما أشبه ذلك من القول الذي يدل على السماع . ذكر من روى هذا الحديث فقال فيه : عن أبي إسحاق ، عن رجل من أصحاب علي ، عن علي رحمة الله عليه
1649 - حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي ، قال : حدثنا عمر بن حفص ، قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الأعمش ، قال : حدثني أبو إسحاق ، عن رجل من أصحاب علي ، عن علي ، قال : « كان المغيرة بن شعبة إذا ارتحل ترك رمحه ، فيمر به المسلمون فيحملونه ، فيجيئون به ، فيجيء فيقول : من يعرف الرمح ؟ فيأخذه ، فقلت له : تحمل على المسلمين مؤونتك ، أما لأخبرن رسول الله بصنيعك ، قال : ابن أبي طالب ، لا تفعل ، فإني أخاف إن قلت له أن يقول في اللقطة شيئا يمضي إلى يوم القيامة . قال علي : فعرفت أنه كما قال »
القول في ما في هذا الخبر من الفقه والذي فيه من ذلك الدلالة على أن من رمى بشيء في طريق من الطرق متعمدا رميه به ، أو تركه كذلك في منزل نزله ، على غير عزم منه على ألا يعود لأخذه والرجوع في تملكه ، ولكن على العزم منه على العودة لأخذه واسترجاعه ممن وجده معه قد أخذه فإنه له ، وإن ملكه عنه غير زائل برميه به ، أو تركه إياه عامدا على السبيل التي وصفت . لأن المغيرة بن شعبة كان بتركه رمحه عامدا تركه ، فإذا حمله غيره فوجده مع حامله في المنزل الآخر ارتجعه ، ولم يكن يرى تركه ذلك كذلك ، في الموضع الذي كان يتركه ، مزيلا ملكه عنه ، ولا كان يرى ذلك من كان يعلم تعمده تركه على ما وصفت ، وذلك بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . فإن قال قائل : فهل كان ملكه يزول عنه ، لو كان تركه إياه في المنزل الذي كان يتركه فيه ، على العزم على ألا يعود لأخذه ، وعلى ترك استرجاعه ممن وجده قد أخذه ؟ قيل : قد اختلف السلف قبلنا في ذلك ، فنذكر ما قالوا فيه ثم نبين الصواب من القول فيه عندنا . فقال بعضهم : إذا كان ترك التارك ، ورمي الرامي بما هو له ، وما هو أولى به من غيره على وجه العزم على إباحته لآخذيه ، وتركه العود لأخذه ، وألا يسترجعه ممن أخذه ، كالنوى الذي يرمي به آكل التمر ، وقشر الجوزة ، واللوزة ، وما أشبه ذلك ، والبلح الذي ترمي به الريح من النخل ، والنبق الذي تنفضه الريح من الشجر قبل إدراكه ، وبلوغ صلاحه ، فأخذه آخذ غير رب النخل والشجر ، وغير من كان له الثمر والجوز واللوز فإنه لآخذه دون ربه ، ولمن سبق إليه فحازه ، دون غيره من سائر الناس . وإن كان تركه ذلك في الموضع الذي تركه فيه ، على العزم منه للرجوع إليه وأخذه ، وعلى استرجاعه ممن وجده معه قد أخذه فهو له ، وله أخذه ممن وجده معه قد أخذه . قالوا : وإن لم يعلم على أي وجه كان رميه به وتركه ؟ نظر إلى الغالب من أمر أهل الناحية التي ترك ذلك فيها ، ورمى به ، فإن كان الغالب على أهلها الشح بمثل ذلك والضن به ، كان القول فيه قول الرامي مع يمينه ، وإن كان الغالب عليهم الرمي به ، وترك الاعتداد به من أموالهم ، كان ذلك للآخذ له دون الرامي به
ذكر من قال ذلك
1650 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن كثير ، قال : حدثنا قرة ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن معقل بن يسار ، قال : كان عمر بن الخطاب « يلتقط النوى ، فإذا أتى على دار فيها عليفة نبذه فيها »
1651 - حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا قرة بن خالد ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله ، قال : كان عمر بن الخطاب « يمر في الطريق فيلتقط النوى ، فإذا وجد دارا فيها عليف ألقاه فيها »
1652 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثني أبو داود ، قال : حدثنا قرة ، عن هارون بن رئاب ، قال : حدثنا سنان بن سلمة ، قال : إني لغلام زمن عمر بن الخطاب ، وأنا مع أغيلمة نلتقط البلح الذي يقال له الخلال ، إذ خرج علينا عمر بن الخطاب ، فشد علينا ، وفر الغلمان ، وبقيت أنا ، فقلت : « يا أمير المؤمنين ، هو مما ألقت الريح ، فقال : أرني ، فإنه لا يخفى علي . فأريته ، قال : صدقت . قلت : ترى هؤلاء الصبيان ؟ لو انطلقت أخذوا ما معي ، فمشى معي حتى بلغني أمي »
1653 - وحدثني ابن إسحاق ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق ، قال : سألت الأوزاعي عن الرجل ، تعيل دابته فيدعها ، أو يثقله سلاحه ، أو متاعه فيلقيه ، هل لأحد أن يأخذ من ذلك شيئا ؟ قال : لا ، إلا أن يأخذه فيرده عليه ، إلا أن يعلم أن صاحبه ألقاه ليأخذه من شاء ، فإذا كان كذلك ، فهو لمن أخذه . قلت : فإن أخذه رجل ثم جاء صاحبه فقال : إنما تركته رجاء أن يحمل لي ؟ قال : القول قوله ، وإن قال : تركته ليأخذه من شاء ، فليس له أن يرجع فيه ، فإن كان رجل في الساقة ، فوجد متاعا مطروحا ، لا يدرى ألقاه صاحبه ، أو سقط منه ؟ قال : فإن أخذه فليعرفه وعلة قائلي هذه المقالة : أن الحكم بين المسلمين في معاملاتهم ، وأخذهم ، وإعطائهم ، على المتعارف المستعمل بينهم . وذلك كالمتبايعين سلعة بمائة درهم ، ثم يختلفان في نقد الدراهم ، ومبلغ وزنها ، بعدما تواجبا البيع ، وافترقا بأبدانهما ، فيقول البائع : بعتها بمائة درهم خسروية ، وزنها وزن مائة مثقال ، ويقول المبتاع : ابتعتها بمائة طبرية ، وزن كل درهم منها ثلثا درهم من الدراهم التي وزن العشرة منها سبعة مثاقيل ، وهما يتصادقان على أنهما لم يسميا في عقد البيع جنسا من الدراهم بعينه أنه يحكم للبائع على المشتري بمائة درهم من نقد البلد الذي تبايعا فيه ، الغالب على أهله في معاملاتهم ، والمتعارف من الوزن والنقد بينهم . فكذلك الحكم عندهم فيما ذكرنا ، مما يرمي به الناس ولا يشحون به : أنه لمن أخذه ، ولا يصدق من كان ذلك له إن جاء يطلبه من آخذه أنه إنما سقط منه ولم يرم به ، إلا أن يكون ذلك مما الغالب على أهل الناحية التي وجد ذلك بها الشح به ، وترك الرمي به ، فيكون القول في ذلك حينئذ قول ربه ، مع يمينه أنه سقط منه ولم يرم به ، أو أنه تركه ليعود فيأخذه ، فيرد حينئذ عليه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر في إسناده نظر ، بنحو معنى ما قال قائلو هذه المقالة ، وهو ما
1654 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا هشام الدستوائي ، قال : حدثنا عبيد الله بن حميد الحميري ، عن الشعبي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من ترك دابة بمهلك ، فهي لمن أحياها » قالوا : وهذا إذا كان ترك صاحبها لها على إباحته إياها لمن أخذها ، وألا يرتجعها منه ، إن وجدها معه بعدما أخذها . وقال آخرون : غير جائز لأحد أخذ شيء من ذلك . قالوا : فإن أخذه آخذ ثم وجده صاحبه معه ، فادعى أنه لم يتركه على العزم على ألا يعود لأخذه ، ولا على ألا يسترجعه ممن وجده قد أخذه ، فإن القول في ذلك قوله ، وله أن يرتجعه ممن وجده معه
ذكر من قال : ذلك
1655 - حدثني علي بن سهل ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، قال : سئل سفيان عن القوم ، « يتبعون حصاد زرع الرجل ، وما تناثر منه بغير أمره ، وهم إن تركوه لم يصل إليه منه شيء ، ويتبعون مواضع الكدس قد كنسوها ؟ قال : يردونه إلى أهله ، وله أن يمنعهم إن شاء » وعلة قائلي هذه المقالة : أن ما تناثر من زرع الرجل من الحب عند الحصاد أو الدياس ، أو التذرية ، فهو لربه ، ولن يملك ذلك أحد إلا عنه ، بتمليكه إياه ، كما أنه لا يملك ما رفع من أرضه من الحب والثمر فأحرزه أحد ، إلا عنه بتمليكه إياه ، أو بميراث عنه بعد مهلكه ، لأن كل ذلك ملك له ، قل ذلك أو كثر . وكذلك عندهم نوى التمر ، وقشور الجوز ، واللوز ، والبلح المتناثر ، وغير ذلك مما أشبهه . وقال آخرون في الدابة تعيل على الرجل فيتركها ، أو الشيء من السلاح يثقل عليه فيلقيه ، مثل قول الثوري في حب الزرع الذي ذكرنا ، إلا أنهم قالوا في الدابة : إن جاء صاحبها بعدما أخذها الآخذ وقد صلحت في يده بقيامه عليها ونفقته ، فإنه يضمن له نفقته ويأخذها منه
ذكر من قال ذلك
1656 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن إسماعيل ، عن الحارث ، وابن شبرمة : فيمن « قامت دابته في الطريق ، فخلى عنها ، فأخذها رجل ، فأنفق عليها حتى برأت ، ثم جاء صاحبها ، قالا : يعطي النفقة ، ويأخذ دابته » والصواب من القول في ذلك عندنا ما قال الأوزاعي ، من أن صاحب الدابة إن أنكر أن يكون تركه إياها كان على وجه التمليك لمن أخذها ، والعزم منه على ألا يرتجعها من آخذها ، فإن القول قوله مع يمينه ، وحكم له بأخذها ممن كانت في يده ، ولم يلزمه غرم ما أنفق عليها الآخذ . فأما فيما بينه وبين الله ، فإنه حرام عليه ارتجاعها . فأما حكمنا بها له ، وتصييرنا القول في ذلك قوله مع يمينه ، بعد أن يثبت أن الدابة له ، وأنه الذي خلاها حيث خلاها ، فلما بينا قبل : من أن ملك مالك لا يزول عن ملكه إلا بإزالته إياه عنه ، أو بحكم الله بزواله ، ولم يزله صاحبه بما يزول به الإملاك ، ولا ورد بزوال ملكه عنه إذا كان الأمر كذاك ، خبر يوجب زواله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا قامت به حجة من أصل أو نظير . وأما تركنا تغريمه النفقة التي أنفقها عليها الآخذ ، فلأن الآخذ أنفق ذلك بغير أمر رب الدابة ، فهو متبرع بها ، وغير جائز له الرجوع بما تبرع به من ذلك على رب الدابة
ذكر خبر آخر من أخبار علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1657 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أبي ، وشعيب بن الليث ، عن الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن عمرو بن سليم الزرقي ، عن أمه ، أنها قالت : بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن هذه أيام طعم وشرب ، فلا يصم أحد » فاتبع الناس وهو على جمله ، يصرخ فيهم بذلك
1658 - وحدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال : حدثنا حيوة بن شريح ، قال : حدثني ابن الهاد ، قال : حدثني عبد الله بن أبي سلمة ، عن عمرو بن سليم الزرقي ، عن أمه ، قالت : بينما نحن بمنى ، إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن هذه أيام طعم وشرب ، فلا يصم أحد » فاتبعه الناس ، وهو على جمله يصرخ فيهم بذلك
1659
- وحدثني ابن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، قال : حدثنا
المسعودي ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن نافع ، عن بشر بن سحيم الأسلمي ، عن علي ،
قال : خرج منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق (1) ينادي : « إنها
لا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، وإن هذه أيام أكل وشرب »
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر حدث به جماعة عن علي ، فجعلوا الكلام موقوفا عليه ، ولم يرفعوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثانية : أنه خبر قد روي عن غير عمرو بن سليم ، عن أمه ، فقيل فيه : إن الذي كان ينادي بذلك بديل بن ورقاء ، وقال بعضهم : بل كان بلالا مولى أبي بكر رحمة الله عليه ، وقال بعضهم : بل كان عبد الله بن حذافة ، وقال بعضهم : بل كان بشر بن سحيم ، وقال بعضهم : بل كان كعب بن مالك ، وأوس بن الحدثان ، وقال بعضهم : بل كان معاذ بن جبل ، وقال بعضهم : بل كان سعد بن أبي وقاص . والثالثة : أن خبر بشر بن سحيم يجعله بعضهم : عن بشر بن سحيم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدخل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عليا . ذكر من روى هذا الخبر عن علي ، فوقف بالكلام الذي فيه على علي ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
1660 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن يوسف بن مسعود ، عن جدته ، قالت : « رأيت رجلا على جمل أورق بمنى يصيح : » إنها أيام أكل وشرب « قالت : وإذا الرجل علي بن أبي طالب
1661 - وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا الليث ، عن يحيى ، عن يوسف بن مسعود بن الحكم ، عن جدته ، أنها قالت : بينا نحن بمنى ، إذ أقبل راكب فسمعته ينادي : « إنهن أيام أكل وشرب » على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : فقلت : من هذا ؟ قالوا : علي بن أبي طالب
1662
- وحدثني أحمد بن الوليد القرشي ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ،
عن يحيى بن سعيد ، عن يوسف بن الحكم ، عن جدته أسماء : أنها رأت رجلا يوضع على
بعير (1) له وهو يقول : « لا تصوموا هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب » فإذا هو
علي بن أبي طالب
__________
(1) البعير : ما صلح للركوب والحمل من الإبل ، وذلك إذا استكمل أربع سنوات ، ويقال
للجمل والناقة
1663
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن
حكيم ، عن مسعود بن الحكم الزرقي ، عن أمه ، قالت : لكأني أنظر إلى علي على بغلة
(1) رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، حين وقف على شعب الأنصار وهو يقول : «
أيها الناس ، إنها ليست بأيام صيام ، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر »
__________
(1) البغلة : المتولدة من بين الحمار والفرس ، وهي عقيمة
1664 - وحدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث ، عن بكير ، عن سليمان بن يسار ، أن مسعود بن الحكم ، حدثه ، عن أمه ، أنها قالت : « مر بنا راكب ونحن بمنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي في الناس : » لا تصومن هذه الأيام ؛ فإنها أيام أكل وشرب « فقالت أختي : هذا علي بن أبي طالب . وقلت أنا : بل هو فلان
1665 - وحدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثني بكر بن مضر ، عن عمرو يعني ابن الحارث ، عن بكير يعني ابن عبد الله بن الأشج ، عن سليمان بن يسار ، حدثه أن مسعود بن الحكم حدثه ، عن أمه أنها قالت : مر بنا راكب ونحن بمنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي في الناس : « لا يصومن أحد هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب » فقال أخي : هذا علي بن أبي طالب ، فقلت أنا : بل هو فلان
1666 - وحدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن يوسف بن مسعود بن الحكم ، عن جدته ، أنها قالت : بينا نحن بمنى إذ أقبل راكب سمعته ينادي : « إنهن أيام أكل وشرب » على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت : من هذا ؟ قالوا : علي بن أبي طالب
ذكر من قال : الذي نادى بذلك بلال
1667
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، ومحمد بن جعفر ، قالا : حدثنا سعيد
بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سليمان بن يسار ، عن حمزة الأسلمي ، أنه رأى رجلا
على جمل آدم (1) وهو يتبع النبي صلى الله عليه وسلم ، ونبي الله صلى الله عليه
وسلم شاهد ، يقول : « لا تصوموا هذه الأيام ، إنها أيام أكل وشرب » قال قتادة :
وذكر لنا أن الذي كان ينادي بلال ، يعني أيام التشريق
__________
(1) الآدم : شديد البياض من الإبل
ذكر من قال : الذي كان ينادي بذلك بديل بن ورقاء
1668 - حدثني علي بن عبد الله الدهان ، قال : حدثنا المفضل بن صالح الأسدي أبو جميلة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي فنادى بمنى : « ألا لا تصوموا هذه الأيام ؛ فإنها أيام أكل وشرب »
1669 - وحدثني أحمد بن منصور ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء ، قال : أخبرنا سعيد وهو ابن سلمة قال : حدثني صالح بن كيسان ، عن عيسى بن مسعود الزرقي ، عن جدته ، حبيبة ابنة شريق : أنها كانت مع أمها ابنة العجماء ، في أيام الحج بمنى . قالت : فجاءهم بديل بن ورقاء على راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من كان صائما فليفطر ، فإنهن أيام أكل وشرب »
1670 - وحدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن جابر ، عن محمد بن علي ، عن بديل بن ورقاء ، قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أن أنادي : « إن هذه أيام أكل وشرب ، فلا يصومن أحد »
ذكر من قال : الذي نادى بذلك عبد الله بن حذافة
1671 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو بن شعيب ، عن الزهري ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة ، فأمره أن ينادي في الناس : « لا تصوموا أيام التشريق ، فإنها أيام أكل وشرب »
1672
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ،
قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بن قيس ، فنادى في أيام
التشريق (1) فقال : « إن هذه أيام أكل وشرب وذكر لله ، إلا من كان عليه صوم من هدي
»
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
1673
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن
أبي بكر ، وسالم أبي النضر ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن حذافة ، أن النبي
صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي في أيام التشريق (1) : « إنها أيام أكل وشرب »
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
1674 - حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا صالح ، قال : حدثني ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى : « لا تصوموا هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله »
ذكر من قال : كان الذي نادى بذلك بشر بن سحيم ، ومن روى هذا الخبر فجعله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يدخل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عليا
1675 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي ، قال : حدثنا شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : سمعت نافع بن جبير بن مطعم ، عن بشر بن سحيم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي أيام التشريق : « إنها أيام أكل وشرب ، وإن الجنة لا يدخلها إلا مؤمن »
1676 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن رجل ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشر بن سحيم الأنصاري أن ينادي : « إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وإنها أيام أكل وشرب » ، يعني أيام التشريق .
1677 - حدثنا عبد الحميد بن بيان القناد ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن مسعر بن كدام ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن بشر بن سحيم ، قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وإن هذه أيام أكل وشرب » ، يعني أيام التشريق
1678 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن نافع بن جبير ، عن بشر بن سحيم ، قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم في أيام الحج فقال : « إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، وإنها أيام أكل وشرب »
1679 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن حبيب ، عن رجل ، عن بشر بن سحيم ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر : « هذه أيام أكل وشرب »
1680
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن
عمرو بن دينار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بشر بن سحيم ينادي في أيام
التشريق (1) ، فقال : « إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله »
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
1681 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن عمرو بن دينار ، عن نافع بن جبير ، عن بشر بن سحيم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يؤذن في الناس : « إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، وهذه أيام أكل وشرب »
ذكر من قال : الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك : كعب بن مالك ، وأوس بن الحدثان
1682 - حدثني عبيد الله بن أبي زياد القطواني ، وزياد بن أيوب ، قالا : حدثنا محمد بن سابق ، قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، عن ابن كعب بن مالك ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ، وأوس بن الحدثان أيام التشريق ، فأذنا : « لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وأيام التشريق أيام أكل وشرب »
ذكر من قال : بل كان ذلك معاذ بن جبل
1683
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عطية ، قال : حدثنا مندل بن علي ، عن صفوان بن
مسلم الجمحي ، عن حكيم بن سلمة الثقفي ، عن جدته ، أنها رأت معاذا في أوسط أيام
التشريق (1) على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينادي : « أيها الناس ،
إنها أيام أكل وشرب وبضاع »
__________
(1) أيام التشريق : الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى
ذكر من قال : كان ذلك سعد بن أبي وقاص
1684 - حدثني محمد بن معمر البحراني ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا سعد » ، قال : قلت : لبيك يا رسول الله . قال : « قم فصح في الناس : إن هذه أيام أكل وشرب ، لا يصام فيها » ، أيام التشريق
ذكر من حدث هذا الحديث ، ولم يسم الذي نادى بذلك في حديثه
1685 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أيام منى صائحا يصيح : « ألا لا تصوموا هذه الأيام ، فإنها أيام أكل وشرب وبعال » ، قال : والبعال : وقاع النساء
1686 - حدثني محمد بن عمرو بن تمام الكلبي ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثني ميمون بن يحيى ، عن مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، قال : سمعت سليمان بن يسار ، يزعم أنه سمع ابن الحكم الزرقي ، يقول : حدثنا أبي أنهم ، كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ، فسمعوا راكبا وهو يصرخ يقول : « لا يصومن أحد ، فإنما هي أيام أكل وشرب »
1687 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد ، يعني ابن عبد العزيز ، عن الصوم في أيام التشريق أو يوم عرفة قال : قال مكحول : زعموا أن رجلا كان يطوف بمنى على بعير ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ، يتبع المنازل يقول : « لا يصم أحد ، فإنهن أيام أكل وشرب وذكر لله »
القول في البيان عن وجه اختلاف نقلة هذه الأخبار في الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى للنداء بما ذكر فيها إن قال لنا قائل : ما أنت قائل في هذه الأخبار التي رويتها لنا ؟ فإن قلت : إنها صحاح ، قلنا لك : فما وجه اختلاف رواتها في المنادي الذي نادى بالنهي عن صوم أيام التشريق ، عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بذلك ؟ وإن قلت : إنها غير صحاح ، قيل : فما وجه ذكرك لها ، وقد شرطت لنا في أول كتابك هذا أنك لا ترسم لنا فيه إلا ما كان عندك صحيحا ؟ قيل : أما الأخبار التي ذكرناها ، فإن منها عندنا صحاحا ، ومنها غير صحاح ، ولم نذكر ما كان منها عندنا غير صحيح استشهادا به على دين ، ولا على الوجه الذي شرطنا في أول كتابنا هذا أنا لا نذكره إذ كان الذي شرطنا في أول كتابنا هذا ترك ذكره فيه ، وهو ما لا نراه في الدين حجة ، إلا الحكاية عمن احتج به في توهين خبر ، أو تأييد مقالة هو بها قائل ، عند ذكرنا مقالته ، وما اعتل به لها . وإنما أحضرنا ذكر ما لم نر من هذه الأخبار صحيحا في هذا الموضع ، لاعتلال من اعتل به في توهين خبر يوسف بن مسعود الثقفي ، الذي رواه يحيى بن سعيد حكاية عنه ، لا احتجاجا به منا . على أن ذلك كله - لو كان صحيحا - لم يكن في اختلاف الرواة في اسم الذي سمعوه ينادي بما ذكرنا يومئذ ما يوهن الخبر ، ولا يزيله عن أن يكون حجة على من دان بتصحيح القول بخبر الواحد العدل ، وذلك أنه جائز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه ذلك اليوم كل رجل ممن ذكر أنه سمع ذلك اليوم ينادي بما كان ينادي به في ناحية من نواحي منى ، فسمع أهل كل ناحية منها من وجه إليها ، فأخبروا باسم من سمعوه ينادي بذلك . وذلك ، إذا كان كذلك ، لم يكن اختلافا ، بل يكون تأييدا وتوكيدا ، وغير جائز حمل ما حملته الثقات من الآثار على الفاسد من الوجوه ، ولها في الصحة مخرج . وقد مضى قبل ذكر الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن صوم الأيام المنهي عن صومها ، وذكر أخبار المختلفين من السلف في ذلك ، وذكر القول الذي نراه فيه صوابا ، بعلله وشواهده ، فكرهنا إعادته
ذكر خبر آخر من أخبار علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1688 - حدثنا أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن ضرار بن مرة ، عن شريح بن هانئ ، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا توضأ الرجل فهو في صلاة ما لم يحدث » . قال : وقال لنا علي : ولن أستحيكم مما لم يستحي منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحدث : أن تفسو أو أن تضرط ، قال أبو بكر : وعلي كان من أهل الحياء ، استحيى أن يتكلم حتى اعتذر إليهم منه
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا من هذا الوجه . والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد ، وجب التثبت فيه . والأخرى : أنه خبر إنما هو معروف عن علي بن طلق ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا عن علي بن أبي طالب . والثالثة : أن أبا بكر بن عياش عندهم ، كان قد ساء حفظه أخيرا ، وغير جائز الاحتجاج من نقله عندهم في الدين ، إلا بما حفظ عنه قبل تغير حفظه
ذكر من روى هذا الخبر عن علي بن طلق ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1689 - حدثنا هناد بن السري ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي ، فقال : يا رسول الله ، الرجل منا يكون بأرض الفلاة ، فتكون منه الرويحة ، ويكون في الفلاة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا فسا أحدكم فليتوضأ »
1690 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليعد للصلاة »
1691 - وحدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا أبو سلام عبد الملك بن مسلم بن سلام ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، أن أعرابيا ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، إنا نكون بهذه البادية ، وإنه يكون من أحدنا الرويحة ، وفي الماء قلة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا فسا أحدكم فليتوضأ » حدثني أحمد بن حازم الغفاري ، وأحمد بن منصور ، قالا : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا أبو سلام بن مسلم الحنفي ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي ، أن أعرابيا ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه
1692 - حدثنا هناد بن السري ، قال : حدثنا وكيع ، عن عبد الملك بن مسلم ، عن أبيه ، عن علي ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنا نكون بالبادية ، فيكون من أحدنا الرويحة ؟ فقال : إن الله لا يستحيي من الحق ، إذا فسا أحدكم فليتوضأ
ذكر خبر آخر من أخبار علي عن النبي صلى الله عليه وسلم
1693 - حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن زاذان ، عن علي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يغسله ، فعل به كذا وكذا من النار » ، قال علي : « فمن ثم عاديت شعري ، وكان يجز شعره
1694 - حدثنا أحمد بن منصور ، قال : حدثنا أبو سلمة ، قال : حدثنا حماد ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن زاذان ، عن علي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من ترك موضع شعرة من جسده » ، ثم ذكر مثله
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا من هذا الوجه . والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أن راويه عن زاذان : عطاء بن السائب ، وعطاء بن السائب عندهم كان قد تغير حفظه أخيرا ، فاضطرب عليه حديثه . فغير جائز الاحتجاج عندهم بحديثه . والثالثة : أن حماد بن سلمة كان قد استنكر حديثه أصحابه أخيرا ، حتى هموا بترك حديثه . والرابعة : أن المعروف عن علي أنه كان يقول : إذا اغتسلت من الجنابة ، أجزأك أن تصب على رأسك مرتين حدثني بذلك عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، . قالوا : ومعلوم أن ذا الجمة ، واللمة لا يصل الماء بصبه مرتين على رأسه ، وبدنه إلى جميع شعره وبشرته
القول
فيما في هذا الخبر من الفقه والذي فيه من ذلك البيان عن أن المعني بقول الله تعالى
ذكره : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون
ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا (1) ) غسل جميع الجسد في الجنابة ، وأن
المراد بقوله : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا (2) ) ، تطهير جميع البدن الظاهر الموصول
إلى تطهيره : شعره ، وبشره ، والشهادة لمعاني سائر الأخبار الواردة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه أمر المغتسل من الجنابة ببل الشعر ، وإنقاء البشرة ، وإن
كانت واهية الأسانيد . وذلك نحو الخبر الذي
__________
(1) سورة : النساء آية رقم : 43
(2) سورة : المائدة آية رقم : 6
1695 - حدثناه نصر بن علي الجهضمي ، وحميد بن مسعدة السامي ، قالا : حدثنا الحارث بن وجيه ، قال : حدثنا مالك بن دينار ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن تحت كل شعرة جنابة ، فبلوا الشعر ، وأنقوا البشر »
1696 - وحدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا العلاء أبو محمد الثقفي ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أنس ، يا بني ، الغسل من الجنابة فبالغ فيه ، فإن تحت كل شعرة جنابة » ، قال : قلت : يا رسول الله ، وكيف أبالغ فيه ؟ قال : رو أصول الشعر ، وأنق بشرتك ، تخرج من مغتسلك وقد غفر لك كل ذنب «
1697
- وحدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا محمد بن المبارك الصوري ، قال : حدثنا
يحيى بن حمزة ، قال : حدثني عتبة بن أبي حكيم ، قال : حدثني طلحة بن نافع ، قال :
حدثني أبو أيوب الأنصاري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « تحت كل شعرة جنابة
(1) » وبنحو الذي روي عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، قال جماعة من
السلف
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
ذكر من حضرنا ذكره منهم
1698
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن عثمة ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن يونس
بن جبير ، عن أبي الدرداء ، قال : تحت كل شعرة جنابة (1)
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
1699
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا قرة ، عن الحسن عن أبي
هريرة ، قال : تحت كل شعرة جنابة (1) ، فبلوا الشعر ، وأنقوا البشر
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
1700
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن
مرة ، عن أبي البختري ، قال : خرج حذيفة وقد طم رأسه ، فقال : إن تحت كل شعرة لا
يصيبها الماء جنابة (1) ، فما فوقها ، ولذلك عاديت رأسي كما ترون
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
1701 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث ، قال : قال حذيفة لامرأته : استأصلي شعرك ، لا تخلليه نارا قليلة البقيا عليك
1702 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : أخذ حذيفة بشعر امرأته ، ثم قال : خلليه بالماء ، لا تخلليه نارا قليلة البقيا عليه
1703 - حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن النخعي ، أن حذيفة ، قال لامرأته : خللي شعرك بالماء ، لا تخلله نار قليلة البقيا عليه ، فقلت لأبي معشر : أتنقضه ؟ قال : لا ، تخلله بأصابعها ، ولا تنقضه
1704 - وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث ، عن حذيفة ، أنه قال لامرأته : استأصليه ، لا تخلليه نارا قليلا بقياه عليها
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول أبي البختري : خرج حذيفة وقد طم رأسه ، يعني بقوله : وقد طم رأسه ، جز شعره واستأصله . وأما قول حذيفة لامرأته : استأصلي شعرك ، فإنه يعني به : روي أصوله بالماء في الغسل من الجنابة والحيض ، وابلغي بالماء أصوله
ذكر خبر آخر من أخبار علي رحمة الله عليه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1705 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، ومحمد بن إسماعيل الضراري ، قالا : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا الحسن بن أبي جعفر ، عن أيوب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما »
القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل إحداها : أن المعروف من رواية أصحاب علي هذا الخبر عن علي ، الوقف به على علي ، وترك رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثانية : أن حميد بن عبد الرحمن ، لا يعلم له سماع من علي . والثالثة : أنه خبر قد رواه حماد بن سلمة عن أيوب ، فجعله عنه ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . والرابعة : أن الحسن بن أبي جعفر عندهم ، ممن لا يجوز الاحتجاج بنقله في الدين . ذكر من روى هذا الخبر عن علي من أصحابه ، فوقفه عليه ولم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
1706 - حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حدثنا مصعب بن المقدام ، قال : حدثنا إسرائيل ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن هبيرة عن علي ، قال : أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما
1707 - وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عقيل بن طلحة ، قال : سمعت مولى ، لقرظة بن كعب قال : سمعت عليا ، يخطب وهو يقول : أحبب حبيبك هونا ما ، يكن بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، يكن حبيبك يوما ما
1708 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي البختري ، قال : قال علي بن أبي طالب : أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما
1709 - حدثني عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : حدثنا عبد الله بن بكير ، وبشر بن عمارة ، عن محمد بن سوقة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، قال : حدثني شيخ ، أن عليا ، قال لرجل : أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما
1710 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، زياد ، عن إبراهيم ، قال : قال علي : أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما
ذكر من روى هذا الحديث عن أيوب فقال فيه : عنه ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1711 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا سويد بن عمرو الكلبي ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما » وقد وافق عليا رحمة الله عليه جماعة من السلف في معنى هذا الخبر ، نذكر من حضرنا ذكره منهم
1712
- حدثنا الحسن بن الصباح البزار ، قال : حدثنا إسحاق الحنيني ، قال : حدثنا هشام ،
عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : قال عمر : لا يكن حبك كلفا ، وبغضك (1) تلفا
وحدثنا الحسن بن الصباح ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا أسامة بن زيد ، عن أبيه
، عن جده ، عن عمر ، مثل ذلك
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
1713 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني داود بن قيس ، وحفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب ، قال : « لا يكن حبك كلفا ، ولا يكن بغضك تلفا »
1714 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن ، قال : أحبوا هونا ، وأبغضوا هونا ، فقد أفرط أقوام في حب أقوام فهلكوا ، وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا ، لا تفرط في حبك ، لا تفرط في بغضك
القول
في البيان عما في هذا الخبر من الفقه والذي فيه من ذلك : الإبانة عن أن الحق على
كل مسلم : الاقتصاد في كل شيء من أمره ، وترك الإفراط والغلو فيه . وذلك أن التحاب
في الله من أفضل أعمال المسلمين ، ومما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
: « لا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا تحاسدوا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، كما
أمركم الله به » ، وقال جل ثناؤه في تنزيله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( لو
أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم (1) ) . يعرفه
تعالى ذكره منه عليه بتأليفه بين قلوب أهل الإيمان به
__________
(1) سورة : الأنفال آية رقم : 63
1715 - وكان أبو الدرداء يقول : ألا أخبركم بخير لكم من الصدقة والصيام ؟ صلاح ذات البين ؛ فإن البغضة هي الحالقة حدثني بذلك ، يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أن أبا إدريس ، حدثه أنه سمع أبا الدرداء ، يقول ذلك فإذ كان التحاب في الله من الله تعالى ذكره بالمكان الذي ذكرت ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بالاقتصاد فيه ، وترك الإفراط والغلو فيه فسائر أعمال المؤمنين التي منزلتها في الفضل دونه ، أولى وأحق أن يقتصد فيه ، ويترك الإفراط والغلو فيه ، عبادة الله كان ذلك أو غيرها . وأما قول الحسن البصري : فقد أفرط أقوام في حب أقوام فهلكوا ، وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا ، فإنه كما قال رحمة الله عليه : أفرطت النصارى في حب عيسى ابن مريم حتى قالوا : هو ابن الله ، جل الله عما قالوا وعز ، وأفرطت الغالية من الرافضة في حب علي رحمة الله عليه حتى قال بعضهم : هو إلههم ، وقال بعضهم : هو نبي مبعوث ، وقال آخرون فيه أقوالا عجيبة ، وأبغضت اليهود عيسى ابن مريم حتى قذفوا أمه بالفرية ، وأبغضت المارقة من الخوارج علي بن أبي طالب رضوان الله عليه حتى أكفروه
مسند عبد الله بن عباس قال أبو جعفر : وفيه البيان البين أن خلى مكة حرام اختلاؤه ، واختلف السلف من أهل العلم في الرعي في خلاها ، وهل ذلك من الاختلاء الذي دخل في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أم ذلك غير داخل فيه ؟ فقال بعضهم : ذلك غير داخل في نهيه عن اختلاء خلاها ، ولا بأس بالرعي فيها
ذكر من قال ذلك
1716
- حدثنا ابن حميد قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن عطاء ،
وطاوس ، ومجاهد ، قالوا : « لا بأس بالرعي فيها ، غير أنهم ، قالوا : لا يخبط (1)
»
__________
(1) الخبط : هز الشجر لإسقاط ورقه
1717 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلة ، قال : « لا بأس بالرعي في الحرم » وعلة قائل هذه المقالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما « نهى عن اختلاء خلى » مكة دون الرعي فيها ، والراعي فيها غير مختل فيها ، لأن المختلي هو الذي يقطع الخلى بنفسه ، فأما إذا رعى ماشيته فيها ، فغير مختل وقال آخرون : غير جائز الرعي في خلاها ، فإن الرعي فيه أكثر من الاختلاء
ذكر من قال ذلك قال : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : « لا يرعى إنسان في حشيش الحرم ، لأنه لو جاز أن يرعى فيه ، جاز أن يحتش ، إلا الإذخر » وعلة قائل هذه المقالة : تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالنهي عن احتشاش حشيش مكة بقوله : « ولا يجذ خلاها » ، واختلاء الخلى استهلاك له وإماتة ، وإرعاء المواشي فيه حتى ترعاه أكثر من احتشاشه في الاستهلاك والإماتة والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : غير جائز لأحد أن يرسل ماشيته في خلى الحرم لترعاه ، فأما إن أفلتت ماشيته فرعت فلا حرج عليه ، لأن إرعاء الماشية فيه تسبيب لاستهلاكه ، كما قطع ما فيه من الحشيش تسبيب لاستهلاكه ، وهو منهي عن ذلك ، فكذلك إرعاء الماشية فيه وقالوا جميعا : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اختلاء خلاها ، هو اختلاء ما نبت مما أنبته الله ، فلم يكن لآدمي فيه صنع ، فأما ما نبته المنبتون فلا بأس باختلائه ، وقد ذكر ذلك عن جماعة من السلف
ذكر من انتهى منهم إلينا قوله في ذلك
1718 - حدثني سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عطاء ، قال : « ما أنبت على مائك فهو لك حل »
1719 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : « ما أنبت ماؤك في الحرم من البقل وأشباهه فكل ، وما لم ينبته ماؤك من الشجر فلا تأكل » وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : « كل شيء أنبته الناس فلا شيء على قاطعه ، وكل شيء مما أنبته الناس فقطعه رجل ، فعليه قيمته » والصواب من القول في ذلك عندنا ما قالوه : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى أن يختلى خلاها ، والمعقول في متعارف الناس بينهم إذا نسبوا حشيشا إلى موضع فقالوا : « هذا حشيش بلدة كذا » ، أنه - يعني به الحشيش - الذي ينبته الله جل ثناؤه مما لا صنع فيه لبني آدم ، فأما ما ينبته الناس ويزرعونه لمنافعهم ، فإنهم يخصونه بأسماء معروفة لها ، فلذلك قلنا : إن الخلى الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختلائه ، هو ما أنبته الله جل ثناؤه ، مما لا صنع فيه للآدميين من الأحشة ، دون ما نبته الآدميون ، مع إجماع الجميع على أن ذلك كذلك ، فخلى مكة حرام اختلاؤه على الحلال والحرام ، خلا الإذخر ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استثناه مما حرم اختلاءه من خلاها فإن قال لنا قائل : فما أنت قائل في اجتناء الكمأة منها ؟ قيل : لا بأس فإن قال : أوليس ذلك مما أحدثه الله تعالى ذكره مما لا ينبته بنو آدم ، ولا صنع لهم فيه ؟ قيل : بلى ، ولكنا لم نشرط فيما أوجبنا تحريم إتلافه مما في الحرم كل ما أحدثه الله تعالى ذكره فيه مما لا صنع للآدميين فيه ، وإنما حرمنا من ذلك ما كان حشيشا أو شجرا مما ينبت أصله في الأرض ، فأما عدا ذلك فغير حرام . ولو وجب أن يكون كل ما أحدثه الله فيه ، مما لا صنع فيه لبني آدم حراما استهلاكه ، لوجب أن يكون حراما شرب ما في آباره التي أحدثها الله فيه ، وكسر أحجاره ، والانتفاع بترابه وفي إجماع الجميع على أن لا بأس بشرب مياه آباره الظاهرة ، والانتفاع بترابه ، الدليل الواضح على أن مما أحدث الله خلقه في حرمه مما لا صنع لآدمي فيه ، ما هو مطلق أخذه والانتفاع به واستهلاكه ، ومن ذلك الكمأة ، فإنها غير مستحقة اسم خلى ولا شجر ، وهو كبعض ما خلق فيها من الحجر والمدر والمياه وبالذي قلنا في ذلك قال بعض السلف
1720
- حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي ، قال : حدثنا أبو بحر البكراوي ، عن الحجاج ،
عن عطاء ، قال : « لا بأس بأن تجتنى الكمأة (1) من الحرم » حدثنا عبد الحميد بن بيان
القناد ، قال : أخبرنا أبو بحر البكراوي ، عن الحجاج ، عن عطاء ، مثله وحدثني عمرو
بن عبد الحميد الآملي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عثمان البكراوي ، عن الحجاج بن
أرطأة ، قال : كان عطاء لا يرى بأسا أن تجتنى الكمأة من الحرم . وحدثني يعقوب بن
إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء أنه كان لا يرى بأسا أن
تجتنى الكمأة من الحرم ، وقد خالف الحجاج ابن جريج في روايته عن عطاء هذا الخبر
__________
(1) الكمأة : واحدة الكَمْأ وهي نبت لا أوراق له ولا ساق يوجد في الأرض بغير زرع
1721
- حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن
ابن جريج « أنه كره أن تجتنى الكمأة (1) ، من الحرم » غير أنا ألحقنا الكمأة : إذ
كان لا أصل لها في الأرض ثابت بنظيرها مما أجمع المسلمون على أنه جائز استهلاكه
والانتفاع به من المياه وأشباهها وفيه أيضا البيان البين أنه غير جائز قطع أغصان
شجر مكة وفروعها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ولا يعضد شجرها » ، وإذا لم
يكن جائزا قطع أغصان شجرها التي أنشأ الله ، خلقها فيها مما لا صنع فيه لبني آدم ،
فقطع شجرها التي هي كذلك ، أحرى أن يكون النهي فيه أوكد ، والحظر فيه أثبت ، وإذا
كان ذلك كذلك ، وكان « الشجر » عند العرب ، كل ما قام على ساق فثبت من نبات الأرض
، كان صحيحا قول القائل : غير جائز لأحد قطع شجر الحرم الذي أنبته الله مما لا صنع
فيه لأحد من بني آدم فإن قال قائل : فإذ كان الأمر كالذي وصفت في شجر الحرم الذي لم
ينبته بنو آدم ، فما أنت قائل فيما :
__________
(1) الكمأة : واحدة الكَمْأ وهي نبت لا أوراق له ولا ساق يوجد في الأرض بغير زرع
1722 - حدثكم به ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن ابن أبي نجيح ، قال : كان عطاء « لا يرى بأسا أن يؤخذ من شجر الحرم ما عفا ، للسواك والعود »
1723 - حدثني علي بن الحسن بن سالم الأبي الأزدي ، قال : حدثنا المعافى بن عمران الموصلي ، عن الربيع ، عن الحسن : « أنه لم ير بأسا أن يقطع الشجر اليابس من الحرم » قيل : قد خالف من ذكرت في قولهم هذا من نظرائهم ، من قوله أولى بالصحة من قولهم ، وذلك ما :
1724 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد « أنه كره أن يؤخذ ، من شجر الحرم لدواء ولا لغيره »
1725 - حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق يعني الأزرق ، عن شريك ، عن العلاء بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، أنه قال : « لا يؤخذ من شجر مكة إلا ما سقط منها فيبس وذرته الريح »
1726
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن أبي سهل محمد بن سالم ، عن
الشعبي ، قال : « لا يحل للحلال أن يقطع من شجر الحرم إلا الإذخر (1) » وإن قال :
هل على من قطع من شجر الحرم شيئا شيء ؟ قيل : قد اختلف السلف قبلنا في ذلك ، فنذكر
ما قالوا فيه ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله فقال بعضهم : على من قطع من ذلك
شيئا جزاء وقد اختلف قائلو ذلك في ذلك الجزاء ، فقال بعضهم : في الدوحة العظيمة من
شجر الحرم إذا قطعها قاطع ، بقرة أو بدنة ، وفي الصغيرة منها طعام يطعمه المساكين
__________
(1) الإذخِر : حشيشة طيبة الرائِحة تُسَقَّفُ بها البُيُوت فوق الخشبِ ، وتستخدم
في تطييب الموتي
ذكر من قال ذلك
1727 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، قال : أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء : « في الدوحة تقطع في الحرم بقرة »
1728
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا بعض ، أشياخنا ، قال
: سمعت عطاء ، يقول : « فيمن قطع شجرة من شجر الحرم ، الدوحة ونحوها ، قال : عليه
بدنة (1) ، وما دون ذلك على قدر ذلك »
__________
(1) البُدْن والبَدَنَة : تقع على الجمل والناقة والبقرة، وهي بالإبل أشبه، وسميت
بدَنةً لِعِظَمِها وسِمْنَها.
1729 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : أخبرنا شريك ، عن العلاء بن المسيب ، عن عطاء ، قال : « في الشجرة الضخمة يقطعها المحرم بقرة ، وفي الشجر الصغار طعام يطعمه »
1730 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : « في الدوحة يصيبها المحرم بقرة ، وقال : الدوحة : الشجرة العظيمة » وعلة قائلي هذه المقالة : القياس على إجماع الجميع على أن في أعظم ما أصاب المصيب من الصيد في الحرم ، البدنة من البدن ، إذ كان ذلك مما نهى الله تعالى ذكره عن إصابته فيه ، فكذلك في أعظم ما أصاب المصيب من شجره فيه البدنة ، ثم فيما هو أصغر منه على قدره ، كما ذلك كذلك في الصيد يصيبه المصيب فيه على قدر كبر المصاب وصغره وقال آخرون منهم : إذا أصاب المصيب شيئا من شجر الحرم ، فإنه يحكم عليه في ذلك ذوا عدل
ذكر من قال ذلك
1731 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن محمد بن سالم أبي سهل ، عن الشعبي ، في الرجل يقطع من شجر الحرم ، قال : « يحكم عليه في ذلك ذوا عدل » وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : « إذا قطع رجل شجرة من شجر الحرم فعليه قيمتها بالغة ما بلغت ، فإن بلغت هديا كان عليه هدي ، وإلا قوم طعاما فأطعم كل مسكين نصف صاع من حنطة ، قالوا : والهدي بمكة ، والصدقة حيث شاء ، وقالوا : إذا لم يجد الهدي أو الطعام فلا يجزي فيها صيام ، وقالوا : إن أصابها القارن ، فقيمة واحدة ، وكذلك إن قطع ذلك رجلان فعليهما قيمة واحدة » وعلة قائلي هذه المقالة : القياس على إجماع الجميع فيما لا مثل له من الصيد من النعم يصيبه المصيب في الحرم : أن عليه قيمته ، يحكم بذلك ذوا عدل ، فكذلك الواجب في الشجرة يصيبها المصيب في الحرم : أن يحكم فيها ذوا عدل ، إذ كان لا مثل لها من النعم وقال آخرون : لا شيء على من قطع الشجرة من شجر الحرم إلا الاستغفار والتوبة
ذكر من قال ذلك
1732
- حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن حجاج ، قال : سألت عطاء بعد ذلك
مرارا : يعني بعد ما قال : فيمن قطع شجرة من شجر الحرم : الدوحة ونحوها عليه بدنة
(1) ، وما دون ذلك على قدر ذلك ، فقال : « يستغفر الله ويتوب ولا يعود ، ولا شيء
عليه »
__________
(1) البُدْن والبَدَنَة : تقع على الجمل والناقة والبقرة، وهي بالإبل أشبه، وسميت
بدَنةً لِعِظَمِها وسِمْنَها.
1733 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال : مالك بن أنس ، وذكر الذي ذكر في قطع الشجر في الحرم ، وما ذكره أهل مكة : في الدوحة بقرة ، وفي كل غصن شاة ، فقال : « لم يثبت ذلك عندنا ، ولا نعلم في قطع الشجر شيئا معلوما ، غير أنه لا يجوز لمحرم ولا حلال أن يعقر شيئا من شجر الحرم ، ولا يقطع شيئا منه » وقد روي عن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه في ذلك خبر يدل على أنه لم يكن يوجب فيه شيئا ، وذلك ما :
1734
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، وعبد الملك ،
عن عطاء ، عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب ، رضوان الله عليه رأى رجلا يقطع من
شجر الحرم ، ويعلفه بعيرا له ، قال : فقال : « علي بالرجل » فأتي به ، فقال : يا
عبد الله ، « أما علمت أن مكة حرام لا يعضد (1) عضاهها (2) ، ولا ينفر صيدها ، ولا
تحل لقطتها إلا لمعرف ؟ قال : فقال : يا أمير المؤمنين ، لا والله ما حملني على
ذلك إلا أن معي نضوا (3) لي ، فخشيت ألا يبلغني أهلي ، وما معي من زاد ولا نفقة
قال : فرق له بعد ما هم به ، قال : وأمر له ببعير من إبل الصدقة موقر طحينا ،
فأعطاه إياه ، وقال : لا تعودن أن تقطع من شجر الحرم شيئا » ، فهذا الخبر ينبئ عن
أن عمر رضي الله عنه إنما تقدم إلى الذي رآه يقطع من شجر الحرم ويعلفه بعيرا له ،
بالنهي عن العود لمثل ما فعل من قطعه ذلك ، ولم يأمره بجزاء ولا كفارة لما قطع منه
، والصواب من القول فيما على من قطع من شجر الحرم المنهي عن قطعه أن يقال : عليه
قيمة ما قطع منه ، وذلك لصحة الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي
عن قطعه ، نظير صحة الخبر عنه بالنهي عن تنفير صيده وقتله ، وقد أجمع الجميع من
سلف الأمة وخلفهم على أن على قاتل صيده المنهي عنه جزاء ، فكذلك الواجب من الحكم
على قاطع شجره المنهي عن قطعه : أن يكون عليه جزاؤه ، نظير ما على قاتل صيده
المنهي عن قتله ، لا فرق بين ذلك ، ومن فرق بين ذلك سئل البرهان على الفرق بين ذلك
من أصل أو نظير ، فلن يقول : في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله ، فإن اعتل
بالإجماع في الصيد والاختلاف في الشجر قيل : فرد حكم ما اختلف فيه من قطع الشجر ،
على ما أجمع عليه من حكم قتل الصيد فيه ، إذ كلاهما إتلاف ما قد نهي عن إتلافه ،
وفعل ما قد حظر فعله ، وإن اختلفا في أن أحدهما صيد والآخر شجر ، وإذ كان صحيحا ما
قلنا ، من إيجاب قيمة ما قطع من شجر الحرم على من قطعه بالغا ذلك ما بلغ ، فبين أن
على من قطع من فروع شجرة من شجر الحرم فرعا ، أو من أغصانها غصنا ، قيمة ذلك الغصن
، كما على من جرح صيدا من صيد الحرم ولم يتلفه ذلك الجرح ، فعليه قيمة ما نقص ذلك
الصيد ، إذ كان عليه غرم جزائه إذا أتلف جميعه ، فكذلك ذلك في حكم قاطع بعض فروع
شجر الحرم وأغصانها ، عليه قيمة ما أفسد منها بالقطع ، يحكم بذلك ذوا عدل ، كما
عليه قيمة جميعها إذا قطع جميعها ، وفيه أيضا البيان البين على أن صيد الحرم حرام
اصطياده ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم ، إذ كان صحيحا عنه النهي عن تنفير صيده ،
فاصطياده أوكد في التحريم من تنفيره ، فإن قال : لنا قائل : فإنك اعتللت في إيجابك
الجزاء على من قطع شيئا من شجر الحرم الذي لا ينبته بنو آدم ، بأن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عن قطعه ، وأنه لما صح النهي عنه بذلك ، وكان مجمعا على قاتل صيده
أن عليه جزاءه ، كان نظيرا له قاطع بعض أشجاره ، فيما يجب عليه من جزائه بقطعه ؟
وقد صححت نهيه عن تنفير صيده ، أفتقول فيما يجب على منفره من الجزاء ، مثل ما على
قاطع شجره وقاتل صيده ؟ قيل : أوجب ذلك إن أداه تنفيره إياه إلى هلاكه ، وكان
تنفيره ذلك سبب عطبه ، كما أوجب عليه في قطعه شجره الجزاء ، إذ كان قطعه إياه سببا
لموته وهلاكه ، فأما إن لم يكن تنفيره إياه سببا لهلاكه وعطبه ، أو هلاكا لشيء منه
، لم يكن بتنفيره شيء غير التوبة والندم وقد حكي عن عطاء أنه كان يقول : يطعم شيئا
__________
(1) يعضد : يقطع
(2) العضاه : نوع من الشجر عظيم له شوك
(3) النضو : الدابة الهزيلة
1735 - وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن الحجاج ، عن عطاء ، فيمن أخذ طائرا في الحرم ثم أرسله ، قال : « يطعم شيئا لما نفره » فإن فعل فاعل ما ذكرت ما قاله : عطاء ، فمحسن مجمل ، غير أن ذلك غير واجب عليه عندنا ، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه نحو القول الذي قلناه
1736 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن شيخ ، من أهل مكة : أن حماما ، كان على البيت فخري على يد عمر رضي الله عنه فأشار بيده ، فطار ، فوقع على بعض بيوت مكة ، فجاءت حية فأكلته ، « فحكم عمر كرم الله وجهه على نفسه بشاة » ، فلم ير عمر رحمه الله لما نفر الحمامة الواقعة على البيت بتنفيره إياها عليه شيئا حتى تلفت ، فلما تلفت ، وكان عنده أن سبب تلفها كان من تنفيره إياها ، ألزم نفسه جزاءها فجزاها « وذلك هو الحق ، وإنما استجاز عمر رضوان الله عليه تنفيره من الموضع الذي كان واقعا عليه ، مع علمه أن تنفير صيده غير جائز ، لأن الطائر الذي نفر ذرق على يده فكان له طرده عن الموضع الذي يلحقه أذاه في كونه فيه ، وكذلك كان عطاء يقول : في نحو معنى ذلك
1737 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : قلت : لعطاء : كم في بيضة من بيض حمام الحرم ؟ قال : « في بيضة نصف درهم ، وفي البيضتين درهم ، ويحكم فيه ، قال : وقال إنسان لعطاء : بيضة وجدتها على فراشي ، أميطها عن فراشي ؟ قال : » نعم « ، قلت : لعطاء : بيضة وجدتها في سهوة أو في مكان من البيت ؟ قال : » فلا تمطها « فرأى عطاء أن المميط عن فراشه بيضة من بيض حمام الحرم في الحرم غير حرج ، ولا لازمه في إماطته إياها شيء ، لأن في تركه إياها على فراشه عليه أذى ، ولم ير جائزة إماطتها عن الموضع الذي لا أذى عليه في كونها فيه ، فكذلك كان مما كان من فعل عمر رضي الله عنه في إطارته الحمامة التي طيرها إذ ذرفت على يده من الموضع الذي كانت واقعة عليه ، وأما قوله : » ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف « ، فإنه يقول : القائل فيه : وهل لملتقط في غير الحرم التقاط لقطة لغير التعريف ، فيخص الحرم بأن لقطتها لا تحل إلا لمعرف ؟ فيقال له : إن معنى ذلك بخلاف ما ظننت ، وإنما معنى ذلك : ولا يحل التقاط لقطتها إلا للتعريف خاصة ، دون الانتفاع بها ، وذلك أن اللقطة في غيرها ، لواجدها الانتفاع بها بعد تعريفها حولا ، على أنه ضامنها لصاحبها إذا حضر ، وليس ذلك لملتقطها في الحرم ، إنما له إذا التقطها فيه تعريفها أبدا ، من غير أن يكون له الانتفاع بها أو بشيء منها في وقت من الأوقات ، حتى يأتيه صاحبها ، وقد حكي شبيه بهذا المعنى في هذا الخبر عن عبد الرحمن بن مهدي
1738
- حدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ، قال : سألت عبد
الرحمن بن مهدي عن قوله : لا تحل لقطتها (1) إلا لمنشد (2) ، فقال : « إنما معناه
لا تحل لقطتها ، كأنه يريد ألبتة (3) » ، فقيل له : إلا لمنشد ، فقال : « إلا
لمنشد » ، وهو يريد المعنى الأول « ، قال : أحمد : قال : أبو عبيد : ومذهب عبد
الرحمن في هذا التفسير كالرجل يقول : والله لا فعلت كذا وكذا ، ثم يقول : إن شاء
الله ، وهو لا يريد الرجوع عن يمينه ، ولكن لقن شيئا فلقنه ، فمعناه أنه ليس يحل
للملتقط منها إلا إنشادها ، فأما الانتفاع بها فلا وهذا الذي رواه أبو عبيد عن عبد
الرحمن في قول النبي صلى الله عليه وسلم : » ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف « ،
والتفسير الذي فسره كما حكي عنه في ذلك ، وإن كان قد أصاب المعنى المراد من الخبر
، فلم يصب معنى الكلمة ، وذلك أن القائل إذا قال : والله لا فعلت كذا وكذا ، ثم
قال : إن شاء الله ، وهو لا يريد الرجوع عن يمينه ، ولكن لقن قوله إن شاء الله ،
فلقنه ، فإن استثناءه وقوله : إن شاء الله ، عند من يقول : لا يصح الاستثناء في
اليمين ، إلا أن يكون المتكلم به قاصدا الاستثناء ، مريدا به الثنيا عن يمينه ، لا
معنى له ، وإنما هو عنده بمنزلة الكلمة تجري على لسان المتكلم به لعادة جرت بلسانه
، وإذا كان ذلك كذلك ، لم يكن له معنى في الكلام ، وكان لغوا ، وليس كذلك قول
النبي صلى الله عليه وسلم : » ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف « ، بل لاستثناء المعرف
من ملتقطي لقط الحرم ، بإباحته له التقاطه دون غيره ، معنى مفهوم ، وفائدة ليست في
قوله : ولا تلتقط لقطتها » عظيمة أدركت بقوله « إلا لمعرف » ، وذلك أنه صلى الله
عليه وسلم لو كان قال : « لا تلتقط لقطتها » ، ولم يقل : « إلا لمعرف » ، لم يكن
لأحد من الناس التقاط لقطة مكة ، لا للتعريف ولا لغيره ، فلما قال : « إلا لمعرف »
، أبان بذلك من قوله أن لواجدها التقاطها للتعريف ، غير أنه لما كان من سنته عليه
السلام في اللقطة يلتقطها الملتقط في غير الحرم ، أن لملتقطها الاستمتاع بها بعد
تعريفها حولا ، وكان الحرم مخصوصا بما خص به بتحريم ما أطلق في غيره من سائر
البلاد غيره ، كتحريمه عضد شوكه وشجره وعضاهه ، وتنفير صيده ، كان الأغلب من نهيه
عن لقطتها أن يلتقطها إلا المعرف ، أنه قد خصه من ذلك بما لم يعم سائر البلاد غيره
، كما خصه في صيده وشجره وشوكه بما لم يعم به غيره من البلاد ، فلم يكن له وجه
يوجه إليه يصح معناه غير الذي قلناه ، من أنه صلى الله عليه وسلم إذ أباح للمعرف التقاط
لقطته ، ولم يطلق له الاستمتاع بها بعد تعريفه إياها مدة مؤقتة ، كما أطلق ذلك في
لقط سائر البلاد غيره ، أنه لا شيء له من التقاطها إلا التعريف ، وأنه إن أخذها
ليسلك بها سبيل لقط سائر البلاد وغيرها ، في أنه إذا عرفها سنة أو ثلاث سنين أو
أكثر من ذلك ، استمتع بها إن لم يأت صاحبها ، كان آثما متقدما على نهي رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وكان لها بأخذه إياها كذلك ضامنا ، إن هلكت في يده كان عليه
غرمها لصاحبها متى جاء ، عرفها بعد أخذه إياها كذلك أو لم يعرفها ، لأن أخذه إياها
مريدا بها الاستمتاع بعد مدة تأتي من تعريفه إياها ، أخذ منه لها بخلاف ما أذن له
بأخذها ، فحكمه في ذلك حكم أخذ لقطة في غيرها للاستمتاع بها ، لا لتعريفها المدة
التي أمر بتعريفها إليها ، وحكي عن آخر غير عبد الرحمن بن مهدي في ذلك أنه قال :
يعني صلى الله عليه وسلم بقوله : « لا تحل لقطتها إلا لمنشد » ، إلا للطالب الذي
يطلبها ، وهو ربها « ، وقال : يقول : فليست تحل إلا لربها ، ثم قال : أبو عبيد :
وهذا حسن في المعنى ، ولكنه لا يجوز في العربية أن يقال للطالب : » منشد « ، إنما
المنشد المعرف ، والطالب الناشد ، يقال منه : نشدت الضالة أنشدها نشدا ، إذا طلبتها
، فأنا لها ناشد ، ومن التعريف : » أنشدتها إنشادا فأنا منشد « قال : ومما يبين لك
أن » الناشد هو الطالب « ، حديث النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سمع رجلا ينشد
ضالة في المسجد ، فقال : » أيها الناشد ، غيرك الواجد « ، قال : ومعناه : لا وجدت
كأنه دعا عليه ، قال : وأما قول أبي دواد وهو يصف الثور ، فقال : ويصيخ أحيانا كما
استمع المضل لصوت ناشد فإن الأصمعي أخبرني عن أبي عمرو بن العلاء : أنه كان يعجب
من هذا قال : وأحسبه قال : هو أو غيره : أنه أراد بالناشد أيضا رجلا قد ضلت دابته
فهو ينشدها ، يطلبها ، ليتعزى بذلك ، وهذا الذي استشهد به أبو عبيد على فساد قول
من وجه قول النبي صلى الله عليه وسلم : » إلا لمنشد « إلا لطالب » ، علة لفساده
موضحة ، لو لم يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك رواية بغير اللفظ الذي رواه
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن أكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في
ذلك ، أنه قال : « ولا يلتقط لقطتها إلا معرف » ، أو « لمعرف » أو « لمن عرفها » ،
ففي ذلك مستغنى عن الاستشهاد على فساد قول القائل في تأويل قول النبي صلى الله
عليه وسلم : « إلا لمنشد » ، « إلا لطالب » ، لأن الطالب لا يقال له في لغة من اللغات
« معرف » وقد أبان قول النبي صلى الله عليه وسلم : « إلا لمعرف » ، أنه عنى به
الملتقط المعرف دون الطالب ، وأن لا وجه لقول القائل : عني بقول النبي صلى الله
عليه وسلم : « إلا لمنشد » ، الطالب ، يعقل وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معنى حديث ابن عباس عن النبي صلى
الله عليه وسلم الذي ذكرناه قبل زيادة معنى ليس في حديث ابن عباس ، وهو أن النبي
صلى الله عليه وسلم جعل ولي قتيل العمد مخيرا بين القود من قاتل وليه ، وأخذ الدية
منه بقوله : ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يودى ، وإما أن يقاد « ،
وفي ذلك من قوله عليه السلام ، تحقيق قول القائلين بإيجاب الخيار لولي قتيل العمد
بين القود والدية ، أحب ذلك القاتل أو كرهه ، وبطول قول المنكر الخيار له في ذلك
إلا عن اصطلاح من القاتل وولي القتيل عليه ، الزاعمين أن لا شيء لولي قتيل العمد
غير القود ، إذا لم يرض القاتل بإعطائه دية قتيله ، فإن سألنا سائل فقال : إن
الخبر بتخيير ولي قتيل العمد بين القود وأخذ الدية ، إنما رويته لنا عن يحيى بن
أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد رويت
عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير عكرمة عنه ، من وجوه
شتى ، وعن ابن عمر ، وأبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم خطبته في اليوم الذي
روى يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم
خطب فيه ، فذكر تخييره فيها ولي القتيل عمدا ، فلم يذكر أحد منهم ذلك عنه في خطبته
في ذلك اليوم ، وروى أيضا عن أبي سلمة محمد بن عمرو ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم ، ذلك فلم يذكر في حديثه عنه من ذلك ما ذكر يحيى بن أبي كثير في
حديثه عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل من خبر
تأثره لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير حديث يحيى بن أبي كثير ، أو حجة
يعتمد عليها سواه ؟ قيل : إن يحيى بن أبي كثير أمين على ما انفرد به ، من رواية
خبر ثقة غير متهم على ما نقل من أثر ، وفيه فيما روى من ذلك كفاية ، غير أن الأمر
، وإن كان كذلك ، فإن الذي روى من معنى ذلك ، لم ينفرد به دون جماعة من الثقات روت
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى ما روى من ذلك ، فإن قال : فاذكر لنا بعض
ذلك لنعرفه قيل :
__________
(1) اللقطة : الشيء الذي تعثر عليه من غير قصد أو طلب ولا تعرف صاحبه
(2) المنشد : المعرف
(3) ألبتة : اشتقاقُها من القَطْع، غير أَنه يُستعمل في كل أَمْرٍ يَمضي لا
رَجْعَةَ فيه ولا التواء
1739 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو يونس القشيري ، قال : حدثني سماك بن حرب ، أن علقمة ، حدثه ، عن أبيه ، قال : بينما أنا عند ، رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل رجل يقوده رجل بنسعة ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هذا قتل أخي ، قال : « أقتلته ؟ » ، قال : يا رسول الله ، إنه إن لم يعترف أقمت عليه البينة ، قال : « أقتلته ؟ » قال : نعم ، قال : « كيف قتلته ؟ » ، قال : كنا نحطب من شجرة فسبني ، فضربته بالفأس على قرنه ، فقتلته ، قال : « عندك مال تديه عن نفسك ؟ » ، قال : لا والله ما لي شيء إلا فأسي وكسائي ، قال : « أترى قومك يشترونك ؟ » ، قال : أنا أهون على قومي من ذاك ، قال : فرمى بنسعته ، وقال : « دونك صاحبك » ، فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن قتله فهو مثله » ، فأتاه آت فقال : ويلك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن قتله فهو مثله » ، فقال : يا رسول الله ، ما أخذته إلا بأمرك ، قال : « أما تريد أن يبوء بإثمك وإثم صاحبك ؟ » ، قال : بلى يا رسول الله ، قال : « فإنه كذلك » قال : فرمى بنسعته ، وقال : اذهب حيث شئت
1740
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عوف بن أبي جميلة ، قال : حدثني
حمزة أبو عمر ، قال : حدثنا علقمة بن وائل الحضرمي ، عن وائل الحضرمي ، قال : شهدت
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جيء بالقاتل يقوده ولي المقتول في نسعته ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لولي المقتول : « تعفو ؟ » ، قال : لا ، قال : «
تأخذ الدية ؟ » ، قال : لا ، قال : « أتقتله ؟ » ، قال : نعم ، قال : « اذهب » ،
فلما ذهب فولى من عنده دعاه ، فقال : أتعفو ؟ « قال : لا ، قال : » تأخذ الدية ؟ «
، قال : لا ، فقال : » تقتله ؟ « ، قال : نعم ، قال : » اذهب به ، فلما ذهب فولى
من عنده دعاه ، فقال : « أتعفو ؟ » ، قال : لا ، قال : « تأخذ الدية ؟ » ، قال :
لا ، قال : « فتقتله ؟ » ، قال : نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك :
« أما إنك إن عفوت عنه يبوء (1) بإثمك وإثم (2) صاحبك » فعفا عنه وتركه ، قال :
فأنا رأيته يجر نسعته
__________
(1) يبوء : يرجع عليه الإثم ويتحمله
(2) الإثم : الذنب والوزر والمعصية
1741
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثني يحيى ، قال : حدثنا جامع بن مطر الحبطي ، عن علقمة
بن وائل ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ابن بشار ، وقال يحيى :
وهو أحسن من حديث عوف ، وحدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، قال : حدثنا أبو أسامة
، قال : حدثني عوف ، وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن حمزة
أبي عمر ، عن علقمة بن وائل الحضرمي ، عن أبيه ، قال : شهدت رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين أتي بالقاتل يقاد في نسعته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لولي القتيل المقتول : « أتعفو ؟ » قال : لا ، قال : « أفتأخذ الدية ؟ » ، قال :
لا ، قال : « فتقتله ؟ » ، قال : نعم ، قال : فأعاد عليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم مرتين مثل القول الأول ، قال : له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنك إن
عفوت عنه فإنه يبوء (1) بإثمك وإثمه (2) » ، قال : فخلى عنه ، قال : فرأيته يجر
نسعته قد خلى عنه ، قال : عوف : وحدثنا الحسن بمثل ذلك ، إلا أنه زاد : « إنك إن
قتلته كنت مثله »
__________
(1) يبوء : يرجع عليه الإثم ويتحمله
(2) الإثم : الذنب والوزر والمعصية
1742 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، قال : حدثني ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي شريح ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إنكم ، يا خزاعة ، قد قتلتم هذا القتيل ، وأنا ، والله عاقله ، فمن قتل قتيلا بعده فأهله بين خيرتين : إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل »
1743 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي شريح ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قتل قتيلا فأهله بين خيرتين : إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل »
1744 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري ، قال : سمعت أبا شريح الخزاعي ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوم فتح مكة : « من قتل بعد يومي هذا ، فهو بخير النظرين : إن أحب فدم قاتله ، وإن أحب فعقله »
1745
- حدثني الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، عن أبي شهاب عبد ربه ، عن
محمد بن إسحاق ، عن الحارث بن فضيل ، عن سفيان بن أبي العوجاء ، عن أبي شريح
الخزاعي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أصيب بدم أو خبل (1) فهو
بالخيار بين أن يعفو أو يقتص (2) أو يقبل العقل ، فمن قبل واحدة منهن ، ثم عدا بعد
ذلك ، فله النار خالدا فيها مخلدا »
__________
(1) الخبل : فسادُ الأعضاء.
(2) قَصَّ منه أو اقتص : عاقبه بالمثل
1746
- حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : حدثنا جرير ، وحدثنا ابن بشار ، قال :
حدثنا ابن أبي عدي ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني الحارث بن الفضيل ، من
الأنصار ، عن سفيان بن أبي العوجاء السلمي ، عن أبي شريح الخزاعي ، قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أصيب بدم أو بخبل فهو بالخيار بين إحدى
ثلاث ، وإن أراد الرابعة فخذوا على يديه : أن يقتص (1) ، أو يعفو ، أو يأخذ العقل
، فإن قبل من ذلك شيئا ثم عدا بعد ذلك ، فإن له النار خالدا مخلدا فيها »
__________
(1) قَصَّ منه أو اقتص : عاقبه بالمثل
1747 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن الحارث ، عن ابن أبي العوجاء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أصيب بدم أو بخبل » قال : « والخبل الجراح فهو بالخيار بين إحدى ثلاث ، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه : بين أن يقتل ، أو يعفو ، أو يأخذ الدية ، فإن فعل شيئا من ذلك ثم عاد ، فإن له نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا » حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، وعبدة بن سليمان ، عن ابن إسحاق ، عن الحارث بن فضيل ، عن سفيان بن أبي العوجاء السلمي ، عن أبي شريح الخزاعي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكر نحوه
1748 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي شريح ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قتل قتيلا فأهله بين خيرتين : إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل »
1749
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الله عن محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ،
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من
قتل قتيلا متعمدا دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاءوا قتلوا ، وإن شاءوا أخذوا
الدية ، وهي ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة (1) ، وأربعون خلفة ، وذلك عقل العمد ، ما
صالحوا عليه ، فهو لهم »
__________
(1) الجذع : ما تم ستة أشهر إلى سنة من الضأن أو السنة الخامسة من الإبل أو السنة
الثانية من البقر والمعز
1750
- حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا عبد
الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يوم الفتح : « أيها الناس ارفعوا أيديكم ، إن خراشا قتال ، إن خراشا قتال ، من قتل
بعد مقالتي هذه فأهله بخير النظرين » فقتل خراش رجلا من بني بكر ، ومن هذيل ،
فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله إن خراشا قتل
رجلا منا ، فقال : « إن شئتم القود (1) أو الدية (2) » ، فاختاروا العقل ، فقال :
« قوموا يا بني كعب ، فأتوا بمائة ناقة » ، فخرجوا إلى مر فأتوه بها
__________
(1) القَوَد : القصاص ومجازاة الجاني بمثل صنيعه
(2) الدية : مال يعطى لولي المقتول مقابل النفس أو مال يعطى للمصاب مقابل إصابة أو
تلف عضو من الجسم
1751 - حدثني القاسم بن بشر بن معروف ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا يعقوب الطليقي ، عن أبيه ، عن نجيد بن عمران ، عن عمران بن حصين ، قال : لما كان يوم الفتح ، « نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتل ، فقتلنا رجلا من قريش يقال له الحارث ، برجل منا من خزاعة قتل في الجاهلية ، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : » أبعد النهي أم قبل ؟ « ، قالوا : يا رسول الله بعد النهي ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيناه ، قال : عمران : فهو أول معقول عقل في الإسلام فإن قال قائل : قال ذلك من السلف ، فتذكره لنا لنعرفه قيل : ذلك قول عامة السلف والخلف
1752
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ،
قال : « كان في بني إسرائيل القصاص (1) ولم تكن فيهم الدية ، فقال الله تبارك
وتعالى ذكره في هذه الآية : ( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد
بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء (2) ) ، فالعفو أن يقبل الدية في
العمد ، ذلك تخفيف من ربكم ، خفف عنكم ما كان على من كان قبلكم : أن يطلب هذا
بمعروف ، ويؤدى هذا بإحسان »
__________
(1) القصاص : أن يوقع على الجاني مثل ما جنى : النفس بالنفس والجرح بالجرح
(2) سورة : البقرة آية رقم : 178
1753
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان ، عن جويبر ، عن
الضحاك بن مزاحم ، في قوله : ( فقد جعلنا لوليه سلطانا (1) ) ، قال : « إن شاء عفا
، وإن شاء أخذ الدية »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 33
1754
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن
داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، في قوله : ( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع
بالمعروف (1) ) ، قال : « هو العمد ، يرضى أهله بالدية »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 178
1755
- وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا أشهب ، عن مالك ، في الرجل يقتل عمدا
، فيقول أولياء المقتول : نحن نعفو ، أو نأخذ الدية ، فقال القاتل : لا أعطيكم
شيئا أبدا ، وقال : اقتلوني ، فلا يكون لهم إلا القتل ، ولا تكون لهم الدية ، قال
الله : ( كتب عليكم القصاص (1) ) ، قال : يونس : قال : لنا أشهب : هذا الذي لم أزل
أسمعه من مالك ، وبلغني أنه قال : « الخيار إلى ولي المقتول ، فإن أحب قتل ، وإن
أحب استحيا على الدية (2) ، ولزم القاتل ذلك »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 178
(2) الدية : مال يعطى لولي المقتول مقابل النفس أو مال يعطى للمصاب مقابل إصابة أو
تلف عضو من الجسم
1756 - وحدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي ، عن الأوزاعي ، في الرجل يقتل عمدا ، قال : « الخيار إلى ولي المقتول ، فإن أحب قتل ، وإن أحب أخذ الدية » فإن قال : فهل من حجة لقائل هذا القول ، غير الأخبار التي رويت ، فتحتج بها على من أنكر القول بخبر الواحد ؟ قيل : نعم فإن قال : فاذكر لنا بعض ذلك . قيل : قد أجمع الجميع على أنه غير جائز لمن قدر على دفع المريد إتلاف نفسه بغير حق إمكانه من إتلافها ، فكان معلوما بذلك أنه إذا أراد مريد إتلافها بحق ، فقدر على دفعه عما يريد من ذلك بحق أنه غير جائز له إمكانه من إتلافها ، كما غير جائز له ، إذا أريد ذلك منه بغير حق فقدر على دفعه بحق ، إمكان مريد ذلك منه مما يريد منه ، وترك دفعه عنه بحق وهو على دفعه عنه قادر ، فالقاتل إذا كان الأمر كذلك ، إذا رضي منه أولياء المقتول بالدية ، قادر على دفع القتل عن نفسه ببذل ما رضوا به منه من الدية ، فغير جائز له إتلافها ، وهو على إحيائها بحق قادر ، كما كان غير جائز له إمكان من أراد قتله بغير حق ، إمكانه من ذلك وهو على دفعه عنه قادر ، لا فرق بين ذلك ، ومن فرق بينهما ، سئل الفرق بينهما من أصل أو قياس ، فلن يقول : في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله . فإن زعم منهم زاعم أن الفرق بين ذلك : أن المراد إتلاف نفسه بغير حق ، إذا دفع مريد ذلك منه عنه ، فإنه بدفعه إياه عنه ، مانعه من ركوب معصية يحلو له ركوبها ، فغير جائز له تركه وركوب ذلك ، وهو على منعه منه قادر ، وليس كذلك المريد إتلاف نفسه قودا . . . . . . المقتول ، أنا لم نمثل ذلك من جهة ما فرقت بينه ، من أن أحد المعنيين معصية ، والآخر طاعة ، وإنما مثلنا بين ذلك : من أن كل واحد من المراد إتلاف نفسه ، له السبيل إلى إحيائها ، وجعلنا حكم الجميع على أنه غير جائز له إتلافها وهو على إحيائها قادر ، فإن اختلف أحكامهما في معاني غير ذلك ، ولو كانت أحوال الشخصين اللذين ذكرت أمرهما متفقة في كل المعاني ، ومن كل الوجوه ، لم يكن أحدهما قياسا للآخر فيما قسناه به ، ولا كان ذلك هو الأصل المجمع على حكمه ، وإنما كان حكما لأحدهما بمثل حكم الآخر منهما ، لاتفاقهما فيما وفقنا بينهما فيه ، وإنما اختلفا في غير ذلك من المعاني . فإن قال : فهل خالف ما ذكرت من السلف أحد ؟ قيل : نعم فإن قال : فاذكر لنا بعضهم . قيل :
1757 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا هشام بن عبد الملك ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : « الدية لأهل المقتول خطأ ، وليس لأهل المقتول عمدا شيء »
1758 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا هشام بن حسان ، عن الحسن ، قال : « إذا قتل الرجل الرجل عمدا ، فرضي أولياء المقتول أن يصالحوه صالحوه على ما شاءوا ، وإن شاءوا خمسين ألفا ، وكانت في مال الرجل ، ليس على عاقلته شيء »
1759
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ،
أنه قال : « في العمد القصاص (1) ، إلا أن يصطلحوا على شيء بينهم ، فهم على ما
اصطلحوا عليه ، والخطأ على العاقلة »
__________
(1) القصاص : أن يوقع على الجاني مثل ما جنى : النفس بالنفس والجرح بالجرح
1760
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن ، ومغيرة ،
عن إبراهيم ، أنهما قالا : « في الخطأ : فيه الدية (1) ، والعمد فيه القود (2) ،
إلا أن يصطلحوا بينهم على شيء »
__________
(1) الدية : مال يعطى لولي المقتول مقابل النفس أو مال يعطى للمصاب مقابل إصابة أو
تلف عضو من الجسم
(2) القَوَد : القصاص ومجازاة الجاني بمثل صنيعه
1761 - حدثنا يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : أخبرنا محمد بن عمرو ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، إلى أمراء الأجناد : « لا يمنع سلطان ولي الدم أن يعفو إن شاء ، ويأخذ العقل إن شاء إذا اصطلحوا عليه ، ولا يمنعه أن يقتل إن أبى إلا أن يقتل في العمد »
1762
- حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، قال : قال : سفيان
: « ليس في العمد للولي إلا القصاص (1) أو العفو ، وليس فيه دية » فإن قال : فهل
من علة لقائل هذا القول ، يعذر بالقول به ؟ قيل : أما من كان دائنا بالقول بحجة
خبر الواحد العدل في الدين ، فلا عذر له في ذلك . وأما من كان للدينونة به منكرا ،
فبلى . فإن قال : وما علته التي يجعلها سببا لتصحيح القول به ؟ قيل : علته في ذلك
أن الله تعالى ذكره ذكر في كتابه قتل الخطأ فقال : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا
إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله (2) ) فجعل عز
ذكره الدية والكفارة في قتل الخطأ ، وألزم ذلك أهله ، وكان غير جائز عندهم أن يجعل
ما خص به قتل الخطأ من الحكم في العمد الذي هو خلاف الخطأ ، كما غير جائز ، عند
الجميع من سلف علماء الأمة وخلفهم ، أن يجعل ما خص به قتل العمد من الحكم في الخطأ
الذي هو خلاف العمد ، وجعلوا إجماع الجميع على أن حكم الله تعالى ذكره ، الذي حكم
به في قتل العمد ، من وجوب القصاص لأهله على من وجب عليه ذلك في قتل العمد ، غير
جائز الحكم به في قتل الخطأ دليلا لهم على أن حكم الله تعالى ذكره ، في قتل الخطأ
، مثله ، في أنه غير جائز الحكم بما حكم به في قتل العمد وقالوا : لو جاز أن يحكم
بالدية التي جعلها الله ، جل ثناؤه ، في قتل الخطأ ، في العمد ، جاز أن يحكم بالقصاص
، الذي جعله في قتل العمد ، في قتل الخطأ . فلما كان ذلك غير جائز في قول الجميع ،
كان كذلك غير جائز الحكم في قتل العمد الذي جعل الله تعالى ذكره فيه القصاص ،
بالدية ، لا فرق بين ذلك قالوا : ومن فرق بين ذلك كلف البرهان على قوله من أصل أو
نظير . وفي حديث أبي هريرة الذي ذكرنا في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم زيادة
معنى ليس في سائر الأخبار غيره ، وذلك قوله : فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو
شاه فقال : يا رسول الله ، اكتبه لي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
اكتبوا لأبي شاه » ، وذلك خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم بما خطب ،
ففي ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله أبو شاه أن يكتب له ،
البيان البين عن إذن النبي صلى الله عليه وسلم بتقييد كلامه وغيره من علوم الدين
بالكتاب ، وبطول قول من أنكر كتاب العلم وأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي حديث أبي شريح الذي ذكرناه في ذلك ، الذي رواه الزهري ، عن مسلم بن يزيد بن
قيس ، وسعيد المقبري عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم زيادة معنى ليس في غيره من
الأخبار ، وهو قوله عليه السلام لخزاعة : « وإني والله لأدين هذا الرجل الذي
قتلتموه » ، والمقتول كان مشركا قد بين ذلك من أمره أبو شريح في خبره الذي رواه
عنه سعيد بن أبي سعيد المقبري ، غير أنه كان ممن لحقه الأمان من النبي صلى الله
عليه وسلم بقوله : « من وضع سلاحه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن » ، وكان قتل
قاتله من خزاعة ، بعد أمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها برفع السلاح عمن كان أذن
لها بوضعه فيهم ، فأوجب صلى الله عليه وسلم ديته لأهله ، لما كان تقدم له منه من
الأمان ، وفي ذلك من فعله الدليل الواضح على أن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم
في كل قتيل في بلاد الإسلام من أهل الشرك ، ممن دخلها بأمان أن له دية مسلمة إلى
أهله ، عمدا كان قتله أو خطأ ، وأن لا قود على قاتله إذا كان مسلما ، وذلك أن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يقد أولياء الهذلي المقتول ، من الخزاعي الذي قتله ،
ولكنه أمر بأداء العقل إلى أوليائه ، أو يحمل ذلك لهم عنه ، إذ كان الخزاعي القاتل
كان مسلما ، والهذلي المقتول ذو أمان ، كافرا غير داخل في صبغة الإسلام ، وفي حديث
أبي شريح ، الذي رواه عنه سعيد بن أبي سعيد المقبري عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
البيان البين ، لمن وفق لفهمه ، عن صحة ما نقول به من خبر الواحد العدل في الدين ،
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذين شهدوا خطبته ذلك اليوم أن يبلغها
الشاهد منهم الغائب ، ومعلوم أن كل من شهد ذلك من أمره ، قد لزمه من فرض الإبلاغ
عنه على الانفراد ، ما لزمهم على الاجتماع وأنه لم يأمرهم بإبلاغ الغائب عنهم ذلك
، إلا والمبلغ ذلك عنه لازمه من فرض العمل بما أبلغ عنه من ذلك ، مثل الذي كان
لازم السامع لولا ذلك ، لم يكن للأمر بإبلاغه إياه ، إن كان غير لازمه به من فرض
العمل ، مثل الذي لزم المبلغ بسماعه منه عليه ، وجه معقول ، لأن المبلغ ذلك من لم
يشهده ، إن كان بهيئته قبل أن يبلغه ، في أنه لم يلزمه من فرض العمل بما أبلغ ما
لزم السامع ، فإنما كلف السامع أن يهذي في وجه الغائب الذي لم يشهد سماع ذلك من
النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك من قائله ، إن قاله وصف منه لرسول الله صلى الله
عليه وسلم بما يجل عن أن يوصف به ، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) القصاص : أن يوقع على الجاني مثل ما جنى : النفس بالنفس والجرح بالجرح
(2) سورة : النساء آية رقم : 92
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في
خطبته بمكة حين ذكر الحرم : « لا يعضد شجره » ، يعني بقوله عليه السلام : « لا يعضد
شجره » ، لا يفسد ولا يقطع ، وإنما ذلك مثل ، وأصله من : عضد الرجل الرجل ، إذا
أصاب عضده بسوء ، يقال في ذلك : عضد فلان فلانا فهو يعضده عضدا ، وللعضد معنى غير
ذلك ، وهو أن يكون الرجل للرجل عضدا وعونا ، وهو مصدر من قول القائل : عضدت فلانا
على أمره فأنا أعضده عضدا ، إذا أعنته ، فأما العضد بتحريك الضاد ، فإنه معنى غير
ذلك كله ، وهو داء يأخذ الإبل في أعضادها فتبط ، ومنه قول نابغة بني ذبيان : شك
الفريصة بالمدرى فأنفذها شك المبيطر إذ يشفي من العضد وأما قوله صلى الله عليه
وسلم : « لا يختلى خلاها » ، فإنه يعني بذلك ، ولا يقطع خلاها ، « والخلى » مقصورا
: كل كلأ رطب ، فإذا يبس كان حشيشا ، ولذلك تقول العرب : ألقت الناقة ولدها حشيشا
، إذا ألقته يابسا . ومنه قول المرأة التي سألها عمر رضوان الله عنه ، عن أمر
المرأة التي جاءت بولد عند زوج تزوجته : إن هذه امرأة كانت حملت من رجل ، ثم تركها
، فحش الولد في بطنها . فلما وطئها الآن الآخر ، تحرك في بطنها ، تعني بقولها :
فحش الولد في بطنها : يبس . ومن الخلى قول أعشى بني ثعلبة : وحولي بكر وأشياعها
فلست خلاة لمن أوعدن يقول : فلست في الضعف والذلة ، كالخلاة التي يتوطؤها الناس
بالأرجل . « والخلاة » ، واحدة الخلى « . وأما قوله : » ولا تعضد شجراؤها « ، فإن
» الشجراء « في كلام العرب ، الأرض الكثيرة الشجر ، كالغيضة وما أشبهها . أخرج
الكلام على الأرض ذات الشجر ، والمراد ما فيها من الشجر . ومن الدليل على أن »
الشجراء « ما قلت ، قول امرئ القيس بن حجر : وترى الشجراء من ريقها كرءوس قطعت
فيها خمر يعني بالشجراء ، الأرض ذات الشجر . وقد يحتمل قوله : » ولا تعضد شجراؤها
« ، أن يكون أريد به : ولا يقطع ما فيها من الشجر ، وذلك عضد وإصابة بالإفساد ،
لأن قطع ما فيها من الشجر إفساد لها ، فنهي المسلمون عن فعل ذلك بها وأما قوله : »
ولا يعضد عضاهها « ، فإن العضاه عند العرب : كل شجرة ذات شوك ، إلا القتاد والسدر
، وإياها عنى الأخطل بقوله : ولقد علمت إذا العشاء تروحت هدج الرئال تكبهن شمالا
ترمي العضاه بحاصب من ثلجها حتى يبيت على العضاه جفالا وأما قول العباس للنبي صلى
الله عليه وسلم : » إلا الإذخر ، فإنه لبيوتنا وقيوننا « ، فإنه يعني بالقيون في
هذا الموضع : الصاغة والشعابين وأشباههم . والقين عند العرب : كل ذي صناعة يعالجها
بنفسه ، ومن ذلك قول الشاعر : وعهد الغانيات كعهد قين ونت عنه الجعائل مستذاق ومنه
قول جرير بن عطية للفرزدق ، ورآه راكب فرس : يا عجبا هل يركب القين الفرس وعرق
القين على الخيل نجس والقين لا يصلح إلا ما جلس بالكلبتين والعلاة والقبس وأما
قوله صلى الله عليه وسلم : » إن أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله ، ومن قتل
بذحل الجاهلية « ، فإنه يعني صلى الله عليه وسلم بقوله : » بذحل الجاهلية « : بوغم
كان بين القاتل والمقتول ، وأصل » الذحل « : إساءة الرجل إلى آخر في الأمر ، فيؤخذ
بها المسيء ، يقال للمساء إليه : » له عند فلان تبل ، وذحل ، ووغم ، وطائلة ، ووتر
، وترة ، ودعث « وذلك كله إذا كانت له قبله طلبة بإساءته إليه ، وأما إذا كان الذي
له قبله طلبة بدم ، فإنه يقال : » له قبله ثأر ، وثؤرة « ، » والثؤرة « : المصدر
كما قال الشاعر : قتلت به ثأري ، وأدركت ثؤرتي وكنت إلى الأوثان أول راجع وأما قول
النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته : » ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، بين أن
يأخذ العقل أو يقتل « ، فإنه يعني بأخذ العقل ، أخذ الدية ، يقال منه : » عقل عن
فلان عشيرته « ، إذا أعطوا عنه دية قتيله ، وعقل فلان عن فلان : إذا غرم عنه دية
جنايته . ويقال : » بنو فلان على معاقلهم « ، يعني بذلك على دياتهم التي كانوا
عليها في الجاهلية ، وواحدة المعاقل معقلة ويقال : » صار دم فلان معقلة على قومه «
، أي صاروا يدونه في القتل ، فصاروا غرماء ويقال للقوم الذين تقسم عليهم الدية
ليؤدوها من أموالهم : عاقلة ، ومن العقل بهذا المعنى ، أعني بمعنى الدية ، قول
نابغة بني ذبيان : لما رأى واشق إقعاص صاحبه ولا سبيل إلى عقل ولا قود يعني بالعقل
: الدية . والعقل أيضا ، بسكون القاف : ضرب من الوشي ، والعقل أيضا بسكون القاف :
أن يستمسك بطن الرجل ، يقال منه : » عقل الطعام بطنه ، فهو يعقله عقلا « ، ويقال :
» أعطني عقولا أشربه « ، فيعطى دواء يمسك بطنه ، والعقل أيضا : العقل الذي هو خلاف
الحمق ، والعقل أيضا : أن تعقل يد البعير ، وهو أن يشد وظيفه إلى ذراعه ، والعقل
بحركة العين والقاف : غير ذلك كله ، وهو أن يفرط الروح في الرجلين حتى يصطك
العرقوبان ، ومنه قول الجعدي . . . . . . . . . . . . . . . . . . مفروشة الرجل
فرشا لم يكن عقلا يقال : ناقة عقلاء ، وبعير أعقل بين العقل ، إذا كان كذلك . وأما
قوله صلى الله عليه وسلم : » من أصيب بدم أو خبل فهو بخير النظرين « ، فإنه يعني
بقوله : » بخبل « : بجرح إما قطع يد أو رجل . وأصله فساد يكون في أعضاء الإنسان ،
يقال منه : بنو فلان يطالبون بني فلان بدماء أو خبل ، أي : بقطع أيد وأرجل ، ومن
الخبل بسكون الباء قول جرير : وما مارست من ذي ذباب شكيمتي فيفلت فوت الموت إلا
على خبل وأما الخبل بحركة الخاء والباء : فإنه الجنون ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة :
وعلقتني أخيرى ما تلائمني فاجتمع الحب حبا كله خبل يعني : جنون وأما قول ابن عمر
رضي الله عنه : ثم ارتجل قولا ، فإنه - يعني به أنه ابتدأه - عن غير تروية تقدمت
منه فيه ولا تدبر ، وكذلك يقال للرجل الذي ينفرد برأيه : » فلان مرتجل برأيه « .
وأما قول عطاء وطاوس ومجاهد : لا بأس بالرعي في الحرم غير أنه لا يخبط ، فإنهم
عنوا بقولهم : غير أنه لا يخبط : غير أنه لا يجمع أغصان شجرة فيضربها بعصاه حتى
ينتثر ما عليها من الورق ، وذلك هو الخبط ، وقد يقال للسائل الذي يسأل غيره شيئا
من ماله : اختبطه وخبطه ، تشبيها له في مسألته إياه من غير رحم بينه وبينه ولا
قرابة ، مستخرجا بذلك منه ماله ، بالذي يختبط من الشجرة ورقها ، ومن ذلك قول زهير
بن أبي سلمى : من يلق يوما على علاته هرما يلق السماحة منه والندى خلقا وليس مانع
ذي قربى ولا نسب يوما ، ولا معدما من خابط ورقا وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم
: » أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فتلت في يدي « ، فإنه يعني بقوله : » فتلت في يدي «
: رمي بها في يدي ووضعت ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ( فلما أسلما وتله للجبين
(1) ) ، يقول : صرعه للجبين . يقال منه : » تل فلان فلانا لوجهه ، فهو يتله تلا ،
وهو تليل لوجهه « ، - يعني مرمي به كذلك مصروع - . وأما قول عطاء : في الدوحة
يصيبها المحرم بقرة ، فإن » الدوحة « : كل شجرة عظيمة ، تجمع دوحا ، كما قال امرؤ
القيس بن حجر : فأضحى يسح الماء عن كل فيقة يكب على الأذقان دوح الكنهبل - يعني
بدوح الكنهبل عظامها - ، والكنهبل : العضاه وأما قول الأعرابي لعمر رضوان الله
عليه : » ما حملني على ذلك إلا أن معي نضوا لي ، - يعني بالنضو : بعيرا مسنا هزيلا
- . وأصل « النضو » : كل شيء يخلق ، فشبه هذا الأعرابي بعيره في هزاله ومرور
الأزمنة عليه بالشيء الخلق ، يجره معه ، ومن النضو قول ذي الرمة في صفة حية يشبهها
بحبل القربة الخلق : ومن حنش ذعف اللعاب كأنه على الشرك العادي نضو عصام وأما قول
مجاهد : « أرى أن يؤخذ برمته ، ثم يخرج من الحرم » ، فإنه يعني بقوله : « برمته »
بالقطعة من الحبل الذي هو به موثق ، ومن ذلك سمي غيلان بن عقبة : ذا الرمة ، وذلك
أنه فيما ذكر كان خشي عليه وهو صبي المس ، فأتي به بعض الحي ، فكتب له معاذة فعلقت
في عنقه أو عضده ، وشدت بخيط . وقيل : بل سمي بذلك لبيت قاله في أرجوزة له يصف
وتدا : أشعث باقي رمة التقليد نعم فأنت اليوم كالمعمود والرمة : هي القطعة من
الحبل ، وأما « الرمة » ، بكسر الراء : فإنه الشيء الخلق البالي ، ومنه قيل للعظم
البالي : « رمة » ، ومنه قول الله تعالى ذكره : قال : ( من يحيي العظام وهي رميم
(2) ) ، يجمع « رماما ، وأرماما » ، كما قال : خداش بن بشر البعيث : فلقد أنى لك
أن تودع خلة رثت ، وعاد حبالها أرماما وأما قول عطاء : لا بأس أن يؤخذ من شجر
الحرم وما عفا للسواك ، فإنه يعني بقوله : ما عفا : ما فضل عنها من أغصانها
وفروعها ، من قولهم : قد عفا مال فلان ، إذا كثر وصار فاضلا عن حاجته ، ومنه قول
الله جل ثناؤه : ( ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا (3) ) يعني بقوله : ( حتى
عفوا ) : حتى كثروا وأما قول وائل بن حجر : « كنت عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذ دخل رجل يقوده رجل بنسعة » ، فإنه يعني بالنسعة السير المضفور من الجلود .
وأما قول المقود بالنسعة : « فضربته بالفأس على قرنه » ، فإنه يعني القرن : قرن
الرأس ، وللرأس قرنان ، وهما حرفا الهامة المشرفان عن يمين وشمال ، والهامة بينهما
، فهي أعلى الرأس بين القرنين
__________
(1) سورة : الصافات آية رقم : 103
(2) سورة : يس آية رقم : 78
(3) سورة : الأعراف آية رقم : 95
ذكر ما صح عندنا مما لم يمض ذكره من حديث خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله
1763 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم « طاف على بعير ، كلما أتى الركن أشار إليه »
1764 - وحدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثني خالد الحذاء ، عن عكرمة ، قال : أظنه عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على راحلته ، كلما أتى على ركن أشار بشيء في يده إليه ، وكبر ثم قبله ، قال : ثم سار حتى أتى زمزم ، فقال : « إنكم على عمل صالح ، ولولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضعه على هذه - يعني عاتقه - » ، قال : ثم سار حتى أتى السقاية ، فقال « يا عباس اسقني » ، فقال : يا فضل : اذهب إلى أمك فاسقه ، قال : « لا ، اسقني من هذا » ، قال : « إن الأيدي تخوض فيه » ، قال : « اسقني من هذا »
1765 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا هياج بن بسطام ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير ، كلما أتى الركن اليماني أشار إليه وكبر » القول في علل هذا الخبر وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر قد حدث به عن خالد ، عن عكرمة ، غير من ذكرت فأرسله ، ولم يجعل بين عكرمة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس . والثانية : أنه من رواية عكرمة ، وقد ذكرت قولهم في عكرمة فيما مضى من كتابنا هذا . والثالثة : أن راويه عن عكرمة ، خالد ، وكان شعبة يغمص عليه
ذكر من روى هذا الخبر عن خالد الحذاء ، عن عكرمة ، فأرسله ، ولم يجعل فيه بين عكرمة والنبي صلى الله عليه وسلم أحدا
1766 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : أخبرنا خالد الحذاء ، عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم « طاف بالبيت على بعير ، فكان إذا أتى على الحجر أشار إليه » وقد حدث هذا الحديث عن عكرمة غير خالد الحذاء ، فوافق في روايته ذلك عنه من وصله
ذكر ذلك
1767
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال : « طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته على بعير ، وكان
يستلم بمحجنه (1) ، لأنه كان يشتكي »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1768
- وحدثنا ابن حميد ، وسفيان بن وكيع ، قالا : حدثنا جرير ، عن يزيد بن أبي زياد ،
عن عكرمة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنه ، قال : « طاف النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يشتكي على بعير ، ومعه محجن (1) يستلم الحجر بمحجنه »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1769
- حدثنا أبو كريب ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا ابن فضيل ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : اشتكى ، - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ، «
فطاف على بعير ومعه محجن (1) ، فكان يستلم الحجر كلما مر به ، فلما فرغ من طوافه
أناخ ، فصلى ركعتين » ، وقال ابن وكيع في حديثه : جاء النبي صلى الله عليه وسلم
وقد اشتكى ، وقد طاف بالبيت ومعه محجن ، واجتمعا على سائر الحديث بعده
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1770
- وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شاك (1) ،
وهو راكب ، معه محجن (2) له ، كلما مر بالحجر استلمه بالمحجن ، حتى إذا قضى طوافه
، نزل فصلى ركعتين »
__________
(1) الشاكي : المريض
(2) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1771
- حدثنا خلاد بن أسلم ، ويعقوب بن إبراهيم ، قالا : حدثنا هشيم ، عن يزيد ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « طاف بالبيت وهو على بعير
واستلم الحجر بمحجن (1) كان معه » ، وقد وافق عكرمة في رواية هذا الخبر ، عن ابن
عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، غير واحد من أصحاب ابن عباس
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
ذكر ذلك
1772
- ، حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس
، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم « طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن (1) »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1773
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو خالد ، عن حجاج ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « طاف على راحلته (1) واستلم الحجر بمحجنه »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1774 - حدثني ابن سنان القزاز ، قال : حدثنا حجاج ، عن حماد ، عن أبي عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت : لابن العباس : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد طاف بين الصفا ، والمروة على بعير ، وأن ذلك سنة ، قال : « صدقوا وكذبوا » ، قلت : ما صدقوا وكذبوا ؟ قال : « صدقوا ، قد طاف على بعير ، وكذبوا ، ليس بسنة ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدفع عنه الناس ولا يضربون عنه » ، فطاف على بعير ليسمعوا كلامه ، ويروا مكانه ، لا تناله أيديهم وقد وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
ذكر ذلك
1775
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا موسى بن أيوب ، عن شعيب بن إسحاق ، عن
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : « طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم
حول البيت على بعير يستلم الركن بمحجنه (1) ، كراهية أن يصرف عنه الناس »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1776
- حدثني أحمد بن موسى ، قال : حدثنا الحجبي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد
الدراوردي ، قال : أخبرنيه هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : « طاف رسول
الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح بالبيت على راحلته (1) يستلم الركن بمحجنه (2)
»
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(2) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1777 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أم سلمة أنها لم تكن طافت بالبيت طواف الخروج ، فقالت : ذاك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، « فأمرها أن تطوف إذا أقيمت الصلاة من وراء الناس » ، فلما أقيمت الصلاة طافت من وراء الناس على بعير
1778 - حدثني أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا هشام بن بلال ، قال : حدثني هشام ، عن أبيه ، قال : قالت : أم سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد أن يصدر : إني لم أطف بالبيت ، قال : « فإذا صليت فطوفي » ، فلما أقيمت الصلاة طافت على بعير
1779 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معلى بن منصور ، عن مالك بن أنس ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن زينب ، عن أم سلمة أنها مرضت ، « فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطوف من وراء الناس وهي راكبة »
1780 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، قال : حدثنا أبو الأسود ، عن عروة ، عن أم سلمة ، قالت : اشتكيت ، « فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أطوف على جمل وراء الناس وهم يصلون العشاء »
1781
- وحدثني علي بن مسلم الطوسي ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن معروف بن خربوذ ، وكان
عالما بمعايب قريش من بني عامر ، قال : حدثني أبو الطفيل ، قال : رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم « يطوف بالبيت على راحلته (1) ، يستلم الأحجار أو قال :
الأركان » ، قال : أبو جعفر : أنا أشك ، يقبل طرف محجنه
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1782 - حدثني محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا الحسن بن سوار أبو العلاء ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، عن ضمضم بن جوس ، عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم « يطوف بالبيت على ناقة ، لا ضرب ولا طرد ، ولا إليك إليك »
1783
- حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثنا ابن
أبي زائدة ، عن موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : « طاف
النبي صلى الله عليه وسلم على ناقة يوم فتح مكة معتجرا بشقة برد أسود ، في يده
محجن (1) يستلم به الأركان كلها »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1784
- حدثني محمد بن عوف ، قال : حدثنا عمرو ، عن الوليد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن
جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم « بدأ بالطواف ، فطاف على راحلته (1) ليشرف
على الناس »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1785
- حدثني عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد ، قال : أخبرنا ابن
المبارك ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد
الله ، يقول : « طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته (1)
بالبيت وبالصفا ، والمروة ، ليراه الناس ، وليشرف ، وليسألوه »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1786 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء : أن النبي صلى الله عليه وسلم « طاف على ناقته فاستلم » ، قال : لا أدري فزعم عطاء : أنه نزل فصلى على سبعه في الثياب ركعتين
1787
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، وعبد الملك ،
عن عطاء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « طاف على بعيره بالبيت ، واستلم
الأركان بمحجن (1) كان معه » ، قال : وذلك بعد ما أسن (2) وبدن
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
(2) أَسَن : كَبِرَتْ سِنُّه
1788 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، قال : حدثنا عبد الملك ، عن عطاء ، قال : « حج النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت على ناقته يمسح الأركان ، وطاف بين الصفا والمروة »
1789
- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، ومعمر
، قالا : أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : « طاف النبي صلى الله عليه وسلم
على ناقته يستلم الحجر بمحجنه (1) » قال : هشام ، قال : عروة : طاف على ناقته لأن
لا يضرب الناس عنه ، فجاءه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، فقال له النبي صلى
الله عليه وسلم : « كيف فعلت يا أبا محمد في استلام الحجر ؟ » قال : كل ذلك ،
استلمت وتركت ، قال : « أصبت » ، قال ابن جريج : قلت : لهشام : أفي حجة الوداع ؟
قال : نعم ، حسبت
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1790
- حدثني عبد الله بن محمد ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد ، قال : أخبرنا ابن المبارك
، قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، قال : « حج رسول الله صلى
الله عليه وسلم فطاف بالبيت على ناقته يمسح الأركان بالمحجن (1) ، وذلك بعد ما ثقل
وكثر لحمه »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1791
- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن
طاوس ، عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم « طاف على راحلته (1) وهو شاك (2) ،
يستلم الركن بمحجنه (3) ، ثم يقبل طرف المحجن »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(2) الشاكي : المريض
(3) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1792
- حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن حماد ، عن
سعيد بن جبير ، قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض ، « فطاف بالبيت
على راحلته ، يستلم الركن بمحجنه (1) ، ثم يقبل طرف المحجن »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1793
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني
حماد بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم « قدم وهو مريض
، فطاف على راحلته يستلم الركن بمحجنه (1) ، ويقبل طرفه »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
القول في البيان عما في هذا الخبر أعني خبر خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس من الفقه والذي فيه من ذلك الإبانة عن صحة قول من قال بإجازة الطواف راكبا ، ومحمولا على عواتق الرجال ورءوسهم ، وأن من طاف كذلك أو طيف به كذلك ، فقد أجزأه طوافه وأن لا إعادة عليه ، وبطول قول من قال : ذلك غير مجزئ من طوافه ، إلا أن يكون مريضا ، أو ذا علة لا يطيق معها الطواف راجلا ، وأوجب الإعادة على من طاف راكبا من غير عذر ما كان بمكة ، والدم على من كان قد رجع إلى الكوفة أو غيرها من البلدان وقول من أوجب عليه الإعادة بكل حال ، كان بمكة ، أو كان قد رجع إلى الكوفة . فإن سألنا سائل ذكر أعيان قائلي هذين القولين ، وما به اعتل كل قائل منهم لقوله ذلك ، وذكر من أجاز الطواف راكبا من غير عذر . قيل : نبدأ بذكر قول السلف في ذلك ، قبل قول من سألت ذكر قوله فيه ، ثم نذكر أقوالهم إن شاء الله ، وما يحتمل قول كل قائل منهم من العلة
ذكر من كره الطواف بالبيت راكبا من غير عذر ، ورخص فيه في حال العذر
1794 - حدثني عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، قال : كان مجاهد يقول : « لا يركب الطائف بالبيت إلا من ضرورة » ، فقلت لمجاهد : أخبرني من رأى أم سلمة « تطوف بعد ما أسنت ماشية ، وبغلتها تقاد معها ، قال : » فاشتهاه « حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا يحيى ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا محمد بن مسلم ، عن ابن أبي نجيح قال : أخبرني من رأى حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا ، والمروة ودابتها تقاد معها ، وذكر عن عطاء ومجاهد نحو حديث ابن عيينة
1795 - حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا يحيى ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه أنه كان يرى أقواما يطوفون بين الصفا ، والمروة على الدواب ، فيعتلون له بالمرض ، قال : فيقول : « خاب هؤلاء وخسروا »
1796 - حدثني أحمد بن موسى ، قال : أخبرنا عبيد الله بن معاذ ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الأشعث بن عبد الملك ، قال : قال الحسن « في المريض إذا طيف به فوجد إفاقة : نزل فطاف ما بقي من طواف ، واعتد بما طيف به » وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إن طاف الرجل راكبا من عذر أجزأه ، وإن طاف من غير عذر ، أعاد إن كان بمكة ، وإن كان قد رجع إلى الكوفة ، فعليه دم وعلة قائلي هذه المقالة : أن الطواف بالبيت صلاة ، وقد أجمع الجميع على أن الصلاة المكتوبة لا يجزئ من قدر على أدائها قائما ، أداؤها قاعدا ، وأنه إن صلاها قاعدا لغير عذر يعذر به في القعود منها ، فعليه إعادتها ، وكذلك الطواف بالبيت عندهم ، إذ كان بمنزلة الصلاة المكتوبة ، وقد كان يجب على هؤلاء ، إذ أوجبوا على الطائف راكبا لغير عذر إعادة الطواف ما دام بمكة مقيما ، أن يوجبوا عليه العود إليها ، وإن خرج فبعد منها ، لأن الواجب على المرء ، لا يزيله عنه بعده عن الموضع الذي وجب أداء ذلك عليه فيه . فإن كانوا مثلوا ذلك بالتارك رمي الجمرات حتى تنقضي أيامه ، في أن الفدية تجزئ منه ، وما أشبه ذلك من الأشياء التي يفوت وقتها من مناسك الحج ، فتقوم الفدية مقامها ، فإنهم قد أبعدوا التمثيل ، وأغفلوا موضع التشبيه ، وذلك أن لرمي الجمرات وقتا محدودا أوله وآخره فيه ترمى الجمرات ، فإذا انقضى ذلك الوقت ، لم يكن رميها من مناسك الحج إن رميت . والطواف الواجب بالبيت غير محدود آخره بحد لا يتجاوز ، ومتى طاف به من وجب عليه الطواف به في حجه أجزأه ، فالذي يشخص إلى الكوفة قبل الطواف به ، أو قبل العود للطواف من لزمه العود للطواف به ، له السبيل إلى العود إلى مكة حتى يطوف به ، ويجزيه طوافه ذلك . وإن كان قد تأخر عن أيام الحج ، فذلك مخالف سبيله سبيل تارك رمي الجمرات أيام منى حتى انقضت وأما الذي أوجب على الطائف راكبا لغير عذر قضاء طوافه ، مقيما كان بمكة أو منصرفا عنهما إلى حيث انصرف إليه من البلاد ، فإنه أم ركوب القياس ، فخالف بقياسه الأصل الذي عليه تقاس الفروع . وذلك أن القياس عند أهله : إلحاق الفروع الحادثة ، بالأصول المحكمة ، فأما إبطال الأصول بالفروع ، فذلك هو الجهل الأكبر ولا خلاف بين الجميع في أن العود لمن طاف راكبا بالبيت الطواف الواجب ثم انصرف إلى بلده من الكوفة أو البصرة ، غير واجب عليه ، فذلك أصل مجمع عليه ، وفي إيجاب من أوجب عليه العود لقضاء ذلك ، خروج منه من قول جميعهم ، وترك منه أصله ، لأن من قوله : أنه إذا لم يعلم خلافا في مسألة تكلم فيهما أهل العلم ، أن حجتها قد لزمت من انتهت إليه . فيقال له : من القائل قولك في ذلك ، فاستجزت فيه خلاف من خالفت فيه ؟ فإنه لا يقدر على ما يصدق ادعاءه ، على أحد ممن يقتدى به من أهل القدوة
ذكر من أجاز الطواف بالبيت راكبا لغير عذر
1797 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء ، أن أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم « طافت على بعير خلف الرجال » أو قال : خلف الناس حدثني عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، قال : يطوف الراكب إن شاء
1798 - وحدثني عبد الله ، قال : أخبرنا يحيى ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرت أن سعيد بن جبير لقي عكرمة مولى ابن عباس يطاف به على بعير بين الصفا ، والمروة ، فقال سعيد : « ما يحملك على هذا ؟ » ، فقال عكرمة : أما تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا ؟ قال : سعيد : « ولكنه طاف من شكوى كان به » حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا يحيى ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني عطاء ، قال : « ثم نزل فصلى ركعتين » وعلة قائلي هذه المقالة : تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه طاف بالبيت راكبا ، قالوا : ولم يأتنا عنه خبر أنه قال : إنما طفت لأني عليل ، أو لعجزي عن الطواف على قدمي ماشيا ، قالوا : وإذ كان ذلك كذلك ، فالطواف راكبا بالبيت والصفا ، والمروة جائز من عذر وغير عذر قالوا : فإن قال : لنا قائل : فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما طاف راكبا لوجع كان به ، أو لمرض كان مرضه . قيل : لم يجمع على أن ركوبه كان من أجل الوجع . وذلك أن بعضهم قال : إنما فعل ذلك ليشرف على الناس فيروه ويسألوه . وقال بعضهم : إنما فعل ذلك ليسمع الناس كلامه ولا يدفعوا عنه قالوا : فإذ كان السبب الذي من أجله ركب في طوافه بالبيت مختلفا فيه ، وكان ركوبه فيه مجمعا عليه من غير بيان منه سبب ذلك ، كان لنا العمل بما صح عندنا أنه عمل به بنقل الجميع ، وإلغاء السبب الذي ادعوا أنه من أجله ركب في طوافه ، إذ لم يكن عنه صلى الله عليه وسلم رواية بإبانته السبب في ذلك وقال آخرون : يكره الطواف من غير عذر ، وإن طاف راكبا من عذر ، فإنا نستحب إن قدر على قضائه أن يقضيه
ذكر من قال ذلك
1799 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال مالك في المريض يطاف به محمولا ثم يفيق : « إني لأحب أن يعيد ذلك الطواف » والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه طاف راكبا على بعيره ، ولم ينقل عنه ناقل أنه قال : إذ طاف كذلك : إنما طفت كذلك لعجزي عن الطواف على قدمي ، ولا أنه قال : إنما طفت راكبا ليسمع كلامي الناس ، ولا ليراني الناس ، ولا أنه ذكر أنه طاف كذلك لسبب أخبر به أمته ، وإنما ذكر سبب طوافه راكبا بعض أصحابه من قبل نفسه ، من غير رواية منه ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، على اختلاف منهم في السبب الذي من أجله ركب . وقد يجوز للمريض في حال مرضه فعل ما كان له فعله في حال صحته ، وغير مستنكر ، لو كان صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان في حال طوافه راكبا شاكيا ، أن يكون ذلك كان من الأفعال التي هي للصحيح وللمريض ، ففعله في حال المرض ، كما كان فعله في حال الصحة ، كما أنه لو صلى وهو مريض قائما ، لم يكن قيامه في صلاته في حال المرض دليلا على أن القيام فيها على الصحيح محظور . فكذلك طوافه راكبا في حال المرض ، لو صح أنه كذلك ، كان في حال طوافه راكبا ، غير دليل على أنه غير جائز الطواف راكبا للصحيح ، وأن ذلك إنما هو مخصوص به المريض ، إذ لم يكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الطواف راكبا لطائف صحيح الجسم ، أثر وارد من نقل الواحد ، ولا نقل الجماعة الممتنع منها السهو والخطأ والكذب ، وكان السلف في جوازه مختلفين . فإن قال قائل : إن طوافه في حال مرضه راكبا دون غيرها من الأحوال ، هو الدليل على أنه غير جائز لأحد من الناس الطواف كذلك وهو صحيح . قيل : ذلك لو كان منه صلى الله عليه وسلم تقدم إلى أمته بالنهي عن الطواف راكبا في حال الصحة ، أو إخبار منه عن أن من طاف راكبا فغير مجزئه طواف ، فأما ولا نهي منه عن ذلك ، ولا خبر عنه بأن ذلك عن الصحيح غير مجزئ ، فغير جائز دليلا على ما ذكرت . ويقال لجميع من أنكر الطواف بالبيت للصحيح راكبا : ما برهانكم على أنه غير جائز ذلك للصحيح ، وأنه للسقيم خاصة دون الصحيح ؟ أخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رويتم ، أم إجماع عن الأمة عليه عندكم ، أم ذلك قياس على أصل منكم ؟ فإن ادعوا بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرا ، كلفوا تثبيته ، ولا خبر ، وإن ادعوا إجماعا ، كلفوا تصحيحه ، ولا إجماع وإن ادعوا قياسا قيل لهم : وما الأصل الذي عليه قستم ؟ فإن زعموا أنهم قاسوه على الصلاة المفروضة أنها لا يجزئ مطيقا أداها قائما ، أداؤها قاعدا ، فكذلك الطواف لا يجزئ مطيقا أداه مشيا على قدميه ، أداؤه راكبا . قيل لهم : أبعدتم التشبيه ، وأخطأتم التمثيل ، وذلك أن الصلاة مجمع على أن الفرض على كل مكلف عملها في حال القدرة على أدائها قائما ، القيام فيها ، إذا لم يكن له حال تعذر بالقعود فيها . والطواف مشيا على القدمين لمن أطاقه ، غير مجمع على وجوبه عليه ، فيمثل بالقيام في الصلاة المفروضة والقعود فيها . وإنما كان جائزا قياس الطواف راكبا ، لمن أطاق الطواف مشيا على القدمين ، بالصلاة قاعدا لمن أطاق القيام فيها ، لو كان مجمعا على أن الفرض على الطائف الطواف مشيا على القدمين ، كما الفرض على المصلي فريضة القيام فيها ، إذا كان للقيام مطيقا ، فأما وهما مختلفا الحال ، بأن أحدهما مجمع على وجوبه بهيئة ، والآخر مختلف في وجوبه بهيئة ، وسؤال السائل إياكم البرهان على وجوبه بالهيئة التي ادعيتم وجوبه بها ، فإجابتكم إياه : بأن أحدهما لما كان غير مجزئ أداؤه عامله إلا بالمعنى الذي كلف أداءه به ، وجب أن يكون الآخر ، وهو المختلف فيه في وجوبه بالمعنى الذي تدعون وجوبه به ، مثله قياسا ، قياس وتمثيل منكوس ، وسؤال السائل عليكم واقف ، فما برهانكم على ما سألكم من وجوب الطواف على الصحيح مشيا على القدمين ؟ وما قلتم في رمي الجمار راكبا ، والوقوف بعرفة والمشعر كذلك ؟ فإن أنكروا ذلك ، خرجوا من حد المناظرة ، وخالفوا جميع الأمة . وإن قالوا : ذلك جائز . قيل لهم : وما الذي أجاز ذلك للراكب الصحيح الجسم ، القادر على الوقوف على قدميه والرمي راجلا ، وحظر الطواف راكبا على غير السقيم والعليل ؟ أخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رويتم بحظر ما حظرتم من ذلك على من حظرتموه عليه ، أم إجماع من الأمة ، أم قياس على أصل ؟ وهل بينكم وبين من استجاز مثل ما استجزتم من حظر ما حظرتموه على الصحيح الجسم من الركوب في طوافه ، فحظر الركوب على الصحيح الجسم في وقوفه بعرفات والمشعر ورمي الجمرات ، وأطلق له الركوب في طوافه بالبيت ، فرق من أصل أو قياس ، وقد ساواكم في حظره ما حظر بغير برهان من أصل أو قياس ؟ فلن يقولوا في أحدهما قولا ، إلا ألزموا في الآخر مثله . وإذ كان الطواف راكبا في حال العذر وغير العذر جائزا لما وصفنا ، فالطواف محمولا على رقاب الرجال مثله في أنه جائز ، لأنه في تلك الحالتين غير طائف على قدميه . وإذا كان له الطواف على حمار أو فرس ، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه طاف على بعيره ، فكذلك مثله الطواف محمولا على عواتق الرجال ، في أن له ذلك ، وأنه إذا طاف كذلك فلا قضاء عليه ولا فدية . وفي هذا الخبر ، أعني خبر ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه ، من طوافه بالبيت راكبا على بعيره ، البيان أن من سنته في الطواف به : استلام الحجر الأسود بيده إذا انتهى إليه الطائف في طوافه ، وقول : « لا إله إلا الله والله أكبر » عند استلامه أو تقبيله إن قدر على ذلك ، وإن لم يقدر عليه ؛ لعجزه عن الوصول إلى استلامه بيده وتقبيله ، فاستلامه بعصا إن كانت معه ، وقيل ما ذكرت من التكبير ، وتقبيل ما استلمه به . وإن لم يقدر على استلامه بيده وتقبيله ، ولم يكن معه ما يستلمه به من عصا أو عود وقضيب ، فالإشارة إليه بيده ، أو ما معه مما يشير به إليه ، وقيل ما ذكرت ، ثم تقبيل يده التي أشار إليه بها ، أو تقبيل ما أشار إليه به . لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أتى عليه وهو راكب ، أشار إليه بما معه وكبر ، ثم قبل الذي أشار به إليه . وكان فعله ذلك كذلك ، لأنه كان راكبا ، ولم يكن له السبيل إلى استلام الحجر بيده وتقبيله وهو راكب ، إلا بنزوله عن بعيره ، فأشار إليه بمحجنه ، وكبر ، وقبل محجنه ، فقام ذلك من فعله مقام استلامه بيده وتقبيله إياه . فكان بينا بذلك من فعله : أن سنة كل طائف به لم يكن له السبيل إلى استلام الحجر بيده وتقبيله إلا بكلفة مؤونة ومشقة عليه ، إما لحاجته إلى المزاحمة عليه ، واحتمال مشقة من أجل الوصول إلى استلامه بيده وتقبيله ، أو غير ذلك من الأسباب ، فأشار إليه بيده ، أو استلمه بما معه من قضيب أو عود ، وكبر ، ثم قبل ما استلمه به ، أو يده التي أشار بها إليه ، أن ذلك من فعله كذلك ، يقوم مقام استلامه بيده وتقبيله إياه . وبنحو القول الذي قلنا في ذلك وردت الأخبار عن السلف من أصحابه والتابعين ، أنهم كانوا يقولون أو يفعلون
ذكر من حضرنا ذكره ممن كان يقول ذلك أو يفعله منهم
1800 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا شريك ، عن زيد بن جبير ، قال : سأل رجل ابن عمر عن استلام الحجر ، قال : « كان أحدنا إذا لم يصل إليه قرعه بعصا ، فمضى »
1801
- حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال :
سمعت زيد بن جبير بن حرمل ، قال : سمعت ابن عمر ، وسأله رجل : كيف أصنع إذا حيل
(1) بيننا وبين الحجر ؟ قال : « كنا إذا حيل بيننا وبينه ، نقرعه بالعصا ، ثم
نقبله »
__________
(1) حيل : حجز ومنع
1802 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن المهدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن زيد بن جبير ، قال : سمعت ابن عمر ، وسأله رجل فقال : « إذا لم أستطع أن استلم الحجر ؟ فقال : كنا إذا لم نستطع أن نستلمه ، قرعناه بعصا »
1803
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن زيد بن جبير الجشمي ، قال :
سأل رجل ابن عمر ، فقال : حيل (1) بيني وبين الحجر أن أمسحه ، فقال ابن عمر : «
كنا عند ذلك نقرعه بالعصا »
__________
(1) حيل : حجز ومنع
1804 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني ابن جريج ، أن عطاء بن أبي رباح ، حدثه ، قال : « رأيت ابن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وأبا سعيد الخدري ، وأبا هريرة ، » إذا استلموا الركن قبلوا أيديهم «
1805 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن جده ابن عوف أنه كان « إذا أتى على الحجر الأسود ، فإذا رأى خلوة استلمه ، وإن رأى زحاما كبر وهلل ومضى »
1806
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن امرأة : أنها رأت ابن عمر «
يستلم الحجر بالمحجن (1) »
__________
(1) المحجن : العصا ذات الطرف المنحني
1807 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عبد الملك ، عن سعيد بن جبير أنه « كان إذا أتى على الحجر الأسود رفع يديه وكبر وهلل » ، قال : فذكرت ذلك لعطاء فقال : إن قدر عليه فليستلمه ، وإن لم يقدر عليه هلل وكبر وذكر الله ، ولا يرفع يديه
1808
- وحدثني به يعقوب مرة أخرى ، فقال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عبد الملك ، عن
عطاء ، قال : « لا ترفع يديك إذا حاذيت (1) بالحجر ، ولكن هلل وكبر وامض » ، قال :
وكان سعيد بن جبير إذا مر بالحجر فلم يقدر أن يستلمه ، رفع يديه ، وهلل وكبر وذكر
الله ، ومضى
__________
(1) حاذى : وازى وساوى وكان في مقابل غيره ومساواته
1809 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثام بن علي ، عن هشام ، قال : « ما مر 5594 أبي بركن من الأركان إلا استلمه وقبل يده ، وكان يستلم الأركان كلها »
1810 - حدثني يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن ابن جريج ، عن محمد بن المرتفع ، قال : رأيت ابن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز « استلما الحجر ، فقبل أحدهما يده ، ومسح الآخر يده على وجهه »
1811 - حدثني أبو معمر الهاشمي صالح بن حرب ، قال : حدثنا ثمامة بن عبيدة ، قال : حدثنا أبو الزبير ، قال : جئنا ابن عمر وقد دخل الطواف ، فدخلنا معه حتى انتهينا إلى الحجر ، فقام بحياله ، والناس يزدحمون على الحجر ، فلم يزل قائما حتى ظننت أنه لو قرأ رجل ، قرأ خمسمائة آية ، ثم وجد خلوة من الحجر فاستلمه وقبله ومضينا فقلنا لنافع : أفي كل طوافه يفعل هذا ؟ فقال : نعم ، لا يجاوزه حتى يستلمه ، قال : قلنا : لا والله ما نطيق نحن هذا ففرغنا من أسبوعنا ، ثم قعدنا بين زمزم والحجر ننتظره حتى فرغ من أسبوعه ، فخرج إلينا وقد دمي أنفه ، فقال له نافع : يا سيدي ، ألست تعلم أن الفضل ، إذا ازدحم الناس عليه ، أن نكبر ونمضي ؟ قال : بلى ، ويسك يا نافع ، غير أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم « لم يمر به قط إلا استلمه وقبله » ، فأنا أريد أن أصنع كما كان يصنع صلى الله عليه وسلم ، والنفس لا يقرها إلا ما أقرها
1812 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا خالد بن الحارث ، قال : حدثنا الأشعث ، عن الحسن ، قال : « إذا قدم فاستطاع أن يستلم الحجر استلمه ، وإلا رفع يده وكبر ثلاث تكبيرات ، ثم طاف سبعة أشواط ، حتى إذا فرغ من سبعة أشواط استلم الحجر في آخرها إن استطاع ، وإلا رفع يده وكبر ثلاث تكبيرات ، ثم أتى المقام فصلى ركعتين ، ثم أتى الصفا والمروة » وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأمره من لم يقدر على استلام الحجر من الطائفين بالبيت على قدميه ، أن يستقبله بوجهه ويكبر ، ثم يمضي خبر في إسناده نظر ، وذلك ما :=ج3=
ج3.تهذيب الاثار للطبري
1813 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، وعلي بن عبد الله الدهان ، قالا : حدثنا المفضل بن صالح أبو جميلة ، عن محمد بن المنكدر ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، رضوان الله عليه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا عمر ، » إنك رجل تؤذي الضعيف ، فإذا أردت أن تستلم الحجر « ، قال : محمد بن عبيد : فإن قدرت فاستلمه ، وقال علي : فإن خلا لك فاستلمه ، وإلا فاستقبله وكبر
1814 - حدثني أحمد بن حماد الدولابي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني أبو يعفور العبدي ، قال : سمعت أميرا كان على مكة ، منصرف الحجاج عنها ، يقول : كان عمر رضوان الله عليه رجلا قويا ، وكان يزاحم على الركن ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « يا أبا حفص ، » إنك رجل قوي ، وإنك تزاحم على الركن فتؤذي الضعيف ، فإذا رأيت منه خلوة فاستلمه ، وإلا فكبر وامضه «
1815 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني أبو يعفور ، عن شيخ ، عن عمر بن الخطاب ، رضوان الله عليه قال : قال : لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنك رجل شديد تزاحم على الحجر ، فإن رأيته خاليا فاستلمه ، وإن رأيت عليه زحاما فلا تستلمه »
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعيره يستلم الركن بمحجنه ، يعني بالمحجن : عصا في رأسها انعطاف ، وهو الصولجان ، يجمع محاجن ، ومنه قول الطرماح بن حكيم : لها تفرات تحتها ، وقصارها على مشرة لم تعتلق بالمحاجن ومنه قولهم : « احتجن فلان كذا » ، إذا أخذه فختره أو خانه ، وأصله : إمالته إلى نفسه ، كالمحجن قد أميل طرفه إلى معظمه وعطف إليه وأما قوله : « يستلم الحجر بمحجنه » ، فإنه يعني بقوله : « يستلم » ، يصيب السلام ، والسلام : هو الحجر بعينه بمحجنه ، وإنما « يستلم » : يفتعل منه ، فمعنى الكلام : طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على راحلته ، يومئ بالمحجن الذي معه إلى الحجر الأسود ، حتى يصيبه به ، ويكبر ، ثم يقبل من محجنه الموضع الذي أصاب الحجر منه
ذكر خبر آخر من أخبار خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1816
- حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، قال : « خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين ، والناس مختلفون ، فصائم
ومفطر ، فلما استوى على راحلته (1) دعا بإناء من لبن فوضعه على راحلته حتى نظر
الناس ، ثم شربه » ، فقال المفطرون للصوام : انظروا أو : أفطروا يا عصاة القول في
علل هذا الخبر : و هذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين
سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه من رواية عكرمة ، عن ابن عباس ، وقد ذكرنا
قولهم في عكرمة وفيما روى ، فيما مضى قبل فكرهنا إعادته . والثانية : أنه خبر قد
رواه عن عكرمة غير خالد فأرسله ولم يصله ، ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه
وسلم أحدا . والثالثة : أنه من نقل خالد ، عن عكرمة ، وخالد عندهم في نقله نظر
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
ذكر من روى هذا الخبر عن عكرمة فأرسله عنه ولم يصله
1817 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن أيوب ، عن عكرمة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم « كان في سفر في رمضان ، » فدعا بإناء من ماء فقال به ، حتى إذا رآه الناس شربه « وقد وافق في وصل هذا الخبر عن عكرمة ، عن ابن عباس خالدا من روايته عنه غير واحد
ذكر ذلك
1818
- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : أخبرنا أبو زرعة وهب الله
بن راشد ، قال : أخبرنا حيوة ، قال : أخبرنا أبو الأسود ، أن عكرمة ، مولى ابن
عباس حدثه ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان
، فصام حتى بلغ الكديد ، فبلغه أن الناس شق عليهم الصيام ، فدعا رسول الله صلى
الله عليه وسلم « بقدح فيه لبن » ، فأمسكه في يده حتى رآه الناس ، وهو على راحلته
(1) يلتفت حوله ، ثم شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر ، وناوله رجلا إلى
جنبه فشرب ، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1819
- حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، قال : حدثنا سهل بن بكار ، قال : حدثنا جرير
بن حازم ، عن الزبير بن الخريت ، عن عكرمة ، أن ابن عباس ، قال : خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم مسافرا فأفطر ، وصام ناس ، فأخذ إناء فشربه وهو على راحلته (1)
، وقال : « اشربوا ، يا معشر العصاة »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1820
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن أشعث ، عن عكرمة ، قال : « خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة من المدينة ، فصام حتى أتى قديدا ، فأتي بإناء
فأفطر وهو على راحلته (1) ، وهو في رمضان ، وأفطروا ، فقال الذين أفطروا للذين لم
يفطروا : أفطروا ، يا عصاة »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1821
- حدثني علي بن الحسن الأزدي ، قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن أشعث بن
سوار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان
وهو صائم حتى أتى أظنه عسفان ، « فدعا بماء وهو على راحلته (1) فأفطر » ، وأفطر
أناس معه ولم يفطر أناس ، فقال الذين أفطروا للذين لم يفطروا : أفطروا أيها العصاة
، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفطر ، وقد وافق عكرمة في رواية هذا الخبر
عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه جماعة
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
ذكر من وافقه في ذلك
1822 - حدثنا ابن حميد ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان ، ثم « دعا بإناء فشرب نهارا ، ثم أمر الناس ، ثم أهل حتى دخل مكة ، وافتتح مكة في رمضان » ، قال ابن عباس : فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا مفضل بن مهلهل ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه
1823 - وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : « صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر »
1824 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا سعد بن حفص ، قال : أخبرنا شيبان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة ، فصام حتى بلغ عسفان ، » ثم دعا بماء فرفعه على يده ليراه الناس ، فأفطر حتى قدم مكة ، وذلك في رمضان « ، قال : فكان ابن عباس يقول : صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر
1825
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ،
عن مجاهد ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « خرج من المدينة في
رمضان حين فتح مكة ، فصام حتى أتى عسفان » ثم دعا بعس (1) من شراب أو أتي به فشرب
« فكان ابن عباس ، يقول : من شاء صام ، ومن شاء فليفطر
__________
(1) العس : القدح الكبير وجمعه : عِساس وأعساس
1826 - حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم « صام حتى أتى عسفان ، ثم دعا بماء فشرب » . وكان ابن عباس يقول : من شاء صام ومن شاء أفطر
1827 - حدثني عمر بن محمد الأنصاري أبو عاصم ، قال : حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم « صام حتى أتى عسفان ، فأتي بشراب فشرب » وقال ابن عباس : من شاء صام ، ومن شاء فليفطر
1828 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا قبيصة ، عن ورقاء بن عمر ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ، فلما أتى قديدا دعا بشراب فشرب ليرى الناس أنه مفطر ، فمن شاء صام ومن شاء أفطر »
1829
- حدثني محمد بن عمر بن الهياج الهمداني ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الرحمن ، قال :
حدثني عبيدة بن الأسود ، قال : حدثنا القاسم بن الوليد ، عن سنان بن الحارث بن
مصرف ، عن طلحة بن مصرف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم في رمضان فصام ، حتى بلغ قديدا ، ثم أفطر ، قال : » ليصوم الناس في
السفر ويفطروا ، فمن صام أجزأ (1) عنه صومه ، ومن أفطر وجب عليه القضاء «
__________
(1) أجزأ : قضى وأغنى وكفى
1830 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ، فلما انتهى إلى عسفان أفطر ، وإنما كان إفطاره ليتقووا به على قتال المشركين »
1831 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن محمد بن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حين افتتحها في رمضان ، فقيل : إن الناس قد جهدوا ، قد أصابهم عطش ، فلما أتى قديدا دعا بماء وهو على بعيره فأفطر ، فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم » ، قال ابن عباس : وكانت رخصة ، من شاء صام ، ومن شاء أفطر
1832 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حين افتتحها ، وذلك في رمضان ، وهو صائم ، فسار حتى أتى قديدا ، فبلغه أن الناس قد أصابهم عطش وجهد وهم صيام ، فدعا بماء فشرب ، فأفطر يومئذ من شاء ، وصام من شاء »
1833 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة صائما ، فلما أتى قديدا أفطر ، فلم يزل مفطرا حتى دخل مكة »
1834 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم « صام عام الفتح ، حتى إذا بلغ الكديد أفطر »
1835 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة من المدينة ، فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر ، وإنما يؤخذ بالآخر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم »
1836 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر أو عشرين من رمضان عام الفتح من المدينة ، فصام حتى إذا كان بالكديد أفطر ، فكانوا يرون الآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الناسخ ، قال محمد : » والكديد « دون عسفان ، بين مكة والمدينة
1837 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، قال : « مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره عام الفتح ، واستخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصن بن عبيد بن خالد الغفاري ، فخرج لعشر مضين من رمضان ، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصام الناس معه ، حتى إذا أتى الكديد ، ما بين عسفان وأمج ، أفطر ، ثم مضى حتى أتى مكة مفطرا . فكان الناس يرون أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطر ، وأنه نسخ ما كان قبله »
1838 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس ، عن جعفر بن برقان ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة في رمضان ، فصام حتى انتهى إلى الكديد ، فدعا بإناء فيه لبن فشرب ، ثم رفعه ليرى الناس ، ثم لم يزل مفطرا حتى رجع » ، قلت للزهري : فأي ذلك أعجب إليك ؟ قال : الفطر ، لأنه كان آخر الأمرين
1839 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : « صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح حتى انتهى إلى الكديد فأفطر ، فلم يزل الناس مفطرين »
1840 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا مالك ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فصام وصام الناس حتى بلغ الكديد ، ثم أفطر وأفطر الناس ، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم »
1841
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا رشدين بن سعد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، قال :
أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن ابن عباس ، أخبره أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم « غزا غزوة الفتح في رمضان » ، قال ابن شهاب : فسمعت سعيد بن
المسيب يقول مثل ذلك ، فلا أدري : أخرج في الباقي من هلال شعبان فاستقبله رمضان ،
أم خرج في رمضان بعد ما دخل ؟ إن عبيد الله بن عبد الله أخبرني أن ابن عباس قال :
« صام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغ الكديد الماء الذي بين قديد ،
وعسفان أفطر ، فلم يزل مفطرا حتى انسلخ (1) الشهر ، ولم يبلغني أنه أهل بعمرة
__________
(1) انسلخ : انتهى
1842 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني يونس ، ومالك بن أنس ، والليث ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عبد الله بن عباس ، قال : « خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان ، فصام حتى بلغ الكديد ، ثم أفطر وأفطر الناس معه » وقد وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جماعة من أصحابه ، نذكر ما صح من ذلك عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
ذكر ذلك
1843 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا حميد ، قال : قال : أنس بن مالك : « سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ، فصام قوم ، وأفطر آخرون ، فلم يعب صائم على مفطر ، ولا مفطر على صائم »
1844 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس ، قال : « سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ، فمنا الصائم ومنا المفطر ، لا يعيب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم »
1845 - حدثني محمد بن مرزوق البصري ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، عن حميد ، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم « كان في سفر في رمضان فأتي بإناء فوضعه على يده ، فلما رآه الناس أفطر أفطروا »
1846
- حدثني محمد بن عبد الملك ، قال : حدثنا سعيد بن الحكم ، قال : أخبرنا يحيى بن
أيوب ، عن حميد ، أن بكر بن عبد الله المزني ، حدثه ، قال : سمعت أنس بن مالك ،
يقول : « إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مع أصحابه في سفر ، فشق عليهم الصوم
، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ماء ، فشرب وهو على راحلته (1) ،
والناس ينظرون »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
1847 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « سافر في رمضان فصام ، فرأى الناس مجهودين ، فأتي بإناء من لبن فشرب والناس ينظرون ، يريهم أنه مفطر »
1848 - حدثني محمد بن مقاتل الرازي ، قال : حدثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء الدوسي ، عن الأعمش ، قال : قال : أنس بن مالك : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، - يعني في شهر رمضان - ، فمنا الصائم ومنا المفطر ، وكان الصائم أفضل في أنفسنا من المفطر ، وكان المفطرون يتعلمون ويشتوون ، قال : فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ذهب المفطرون بالأجر »
1849
- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، قال : حدثنا محمد بن دينار ، عن سعد بن أوس ، عن ابن
مخراق ، قال : سألت أبي عن الصيام ، فقال : قال ابن عمر : « خرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم لأربع عشرة خلت من رمضان ، فأناخ (1) راحلته ، ووضع إحدى رجليه في
الغرز (2) وأخرى في الأرض ، ثم دعا بلبن من لبنها فشرب »
__________
(1) أناخ البعير : أَبْرَكَه وأجلسه
(2) الغرز : ركاب الجمل من الجلد أو الخشب
1850 - حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا عيسى بن المنذر الحمصي ، قال : حدثنا محمد بن حرب الأبرش ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ليس من البر الصيام في السفر »
1851 - حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي ، قال : سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني عمرو بن سعد ، قال : حدثني زياد النميري ، قال : حدثني أنس بن مالك ، قال : « وافق رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان في سفر فصامه ، ووافقه رمضان في سفر فأفطره »
1852 - حدثني طليق بن محمد بن السكن الواسطي ، قال : أخبرنا يزيد ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فمر بنا على نهر فيه ماء من ماء السماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بعير والقوم صيام : « اشربوا » ، فأبوا ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فشرب وشرب الناس
1853 - حدثني طليق ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : « كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصوم بعضنا ويفطر بعضنا ، فلا يعيب المفطر على الصائم ، ولا الصائم على المفطر ، فيرون أن من كانت به قوة فلا بأس أن يصوم ، ومن كان به ضعف فلا بأس أن يفطر »
1854 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سالم بن نوح ، قال : حدثنا عمر بن عامر ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : « خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لثماني عشرة مضت من رمضان ، فمنا الصائم ومنا المفطر ، فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم » حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه
1855 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال : « سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع عشرة أو لتسع عشرة مضت من رمضان ، فصام بعضهم وأفطر بعضهم ، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم »
1856 - حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا إسحاق بن الربيع العصفري ، عن عاصم الأحول ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : « كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيصوم بعضنا ويفطر بعضنا ، ولا يرى بعضنا على بعض عيبا »
1857
- حدثني بحر بن نصر الخولاني ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني معاوية
، عن ربيعة بن يزيد ، عن قزعة ، قال : أتيت أبا سعيد الخدري وهو يفتي الناس ، وهو
مكثور (1) عليه ، فانتظرت خلوته حتى خلا ، فسألته عن صيام رمضان في السفر ، فقال :
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان عام الفتح ، فكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يصوم ونصوم ، حتى إذا بلغ منزلا من المنازل قال : « إنكم قد دنوتم
(2) من عدوكم ، والفطر أقوى لكم » فأصبحنا منا الصائم ومنا المفطر ، قال : ثم سرنا
فنزلنا منزلا ، فقال : « إنكم تصبحون عدوكم ، والفطر أقوى لكم ، فأفطروا » فكان
عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبو سعيد : لقد رأيتني أصوم مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وبعد ذلك
__________
(1) مكثور عليه : تجمع حوله الناس
(2) الدنو : الاقتراب
1858 - حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : حدثني عطية بن قيس الكلابي ، عن قزعة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : « آذننا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل عام الفتح ، في ليلتين خلتا من رمضان ، فخرجنا صواما حتى بلغنا الكديد ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطر ، فأصبح الناس شرجين ، منهم الصائم ومنهم المفطر ، حتى إذا بلغنا مر الظهران آذننا بلقاء العدو وأمرنا بالفطر ، فأفطرنا أجمعون »
1859 - حدثني عبد الله بن الصباح العطار ، قال : حدثنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن سليمان بن يسار ، عن حمزة الأسلمي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر ، قال : « إن شئت صمت ، وإن شئت أفطرت »
1860
- حدثني سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن
عمران بن أبي أنس ، عن حنظلة بن علي ، وسليمان بن يسار ، وعن أبي مراوح ، عنهم
جميعا ، عن حمزة بن عمرو الأسلمي ، قال : كنت امرأ أسرد (1) الصوم على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فسألته ، فقلت : يا رسول الله ، إني أصوم فلا أفطر ،
أفأصوم في السفر ؟ فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
__________
(1) السرد : المتابعة بين الأيام في الصوم
1861
- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : أخبرنا أبو زرعة وهب الله
بن راشد قال : أخبرنا حيوة بن شريح ، قال : أخبرنا أبو الأسود ، أنه سمع عروة بن
الزبير ، يحدث ، عن أبي مراوح ، عن حمزة الأسلمي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه ، قال : يا رسول الله ، إني أسرد (1) الصيام ، أفأصوم في السفر ؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنما هي رخصة من الله للعباد ، فمن قبلها فحسن جميل
، ومن تركها فلا جناح عليه » فكان حمزة يصوم الدهر ، فيصوم في السفر والحضر ، وكان
عروة بن الزبير يصوم الدهر ، فيصوم في السفر والحضر ، حتى إن كان ليمرض فما يفطر ،
وكان أبو مراوح يصوم الدهر ، فيصوم في السفر وفي الحضر
__________
(1) السرد : المتابعة بين الأيام في الصوم
1862 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة ، وعمرو بن الحارث ، والليث بن سعد ، عن بكير ، عن سليمان بن يسار ، عن حمزة بن عمرو ، أنه قال : يا رسول الله ، إني أجد بي قوة على الصيام في السفر ، فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
1863 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي الأسود ، عن عروة بن الزبير ، عن أبي مراوح ، عن حمزة بن عمرو الأسلمي ، أنه قال : يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر ، فهل علي جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « » هي رخصة من الله ، فمن أخذ بها فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه « » حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة ، وعمرو بن الحارث ، عن أبي الأسود ، عن عروة بن الزبير ، عن أبي مراوح ، عن حمزة بن عمرو الأسلمي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
1864 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، قال : حدثني عمران بن أبي أنس ، عن سليمان بن يسار ، عن حمزة بن عمرو الأسلمي ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر ، فقال : « إن شئت أن تصوم فصم ، وإن شئت أن تفطر فأفطر »
1865 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سليمان بن يسار ، أن حمزة الأسلمي ، سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر ، فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
1866 - حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت الحجاج ، يحدث عن هشام بن عروة ، عن عائشة ، عن حمزة بن عمرو الأسلمي ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أصوم في السفر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
1867 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، وابن عرفة ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن عثمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها : أن حمزة الأسلمي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر ، فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
1868 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثني محمد بن عجلان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنهما قالت : سأل حمزة الأسلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصيام في السفر ، فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
1869 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : سأل حمزة بن عمرو الأسلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رجلا كثير الصوم فقال : يا رسول الله أصوم في السفر ؟ فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
1870 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، وأبو كريب ، قالا : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن حمزة بن عمرو الأسلمي ، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام في السفر ، فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
1871
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن هشام بن عروة
، عن أبيه ، أن حمزة ، رجلا من أسلم ، قال : يا رسول الله إني أسرد (1) الصوم فلا
أفطر ، أفأصوم في السفر ؟ فقال : « إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر »
__________
(1) السرد : المتابعة بين الأيام في الصوم
1872 - حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثنا أسامة بن زيد ، أن محمد بن عمرو بن عطاء ، وعطاء بن أبي رباح ، حدثاه ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « خرج عام الفتح ، فصام وصام الناس معه ، حتى إذا كان بالكديد ، أخذ قدحا فيه ماء فشرب والناس ينظرون ، فكان ذلك الصيام ، وكان الفطر »
1873 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة ، فصام حتى بلغ كراع الغميم ، وصام الناس ، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ، ثم شرب ، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ، فقال : « أولئك العصاة ، أولئك العصاة »
1874 - حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : حدثني عطية بن قيس الكلابي ، عن قزعة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : « آذننا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل عام الفتح في ليلتين خلتا من رمضان ، فخرجنا صواما حتى بلغنا الكديد ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطر ، فأصبح الناس شرجين ، منهم الصائم ، ومنهم المفطر ، حتى إذا بلغنا مر الظهران ، آذننا بلقاء العدو ، وأمرنا بالفطر ، فأفطرنا أجمعون »
1875 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن مغيرة بن زياد ، عن عطاء ، عن عائشة ، رضي الله عنهما : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر ويفطر
1876 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : « سافر النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام وأفطر » القول في البيان عن معاني هذه الأخبار ، وما فيها من الفقه إن قال لنا قائل : ما أنت قائل في هذه الأخبار ، أصحاح هي أم غير صحاح ؟ فإن قلت : إنها غير صحاح ، فما وجه سقمها ؟ ورواتها عندك ثقات ونقلتها عدول ؟ وإن قلت : إنها صحاح ، فما أنت قائل فيما
1877 - حدثتنا به ، عن يحيى بن عثمان بن صالح السهمي ، قال : حدثنا أبي قال : حدثنا ابن لهيعة ، قال : حدثني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الصائم رمضان في السفر ، كمفطره في الحضر »
1878 - حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي ، قال : أخبرنا يعقوب يعني الزهري ، قال : حدثنا عبد الله بن موسى ، عن أسامة بن زيد ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الصائم في السفر ، كالمفطر في الحضر »
1879 - حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا يزيد بن عياض ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الصائم في السفر ، كالمفطر في الحضر »
1880 - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا عبد الله بن ميمون ، قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس من البر الصيام في السفر »
1881 - حدثني أبو سعيد البغدادي ، محمد بن بزيع قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، عن خالد العبد ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ليس من البر الصوم في السفر »
1882 - حدثني حاتم بن بكر الضبي ، قال : حدثنا خلاد بن يزيد ، قال : حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس من البر الصوم في السفر »
1883 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن صفوان بن عبد الله ، عن أم الدرداء ، عن كعب بن عاصم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ليس من البر الصيام في السفر »
1884 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ليس من البر الصيام في السفر » قيل : قد اختلف السلف قبلنا في ذلك ، فقال بعضهم بتصحيح الأخبار التي ذكرناها قبل عن ابن عباس ومن وافقه في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صام في السفر وأفطر ، وتوهين الأخبار الواردة عنه أنه قال : « الصائم في السفر كالمفطر في الحضر » ، وأنه قال : « ليس من البر الصوم في السفر »
ذكر من قال ذلك
1885 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم الأحول ، عن أنس بن مالك ، أنه قال في الصوم في السفر : « إن شئت صمت ، وإن شئت أفطرت ، وأحب إلي أن تصوم »
1886 - حدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، قال : سئل أنس بن مالك عن الصوم في السفر ، فقال : « من أفطر فرخصة ، ومن صام فالصوم أفضل »
1887 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا سفيان يعني ابن حبيب ، عن العوام بن حوشب ، قال : قلت لمجاهد في الصوم في السفر ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم فيه ويفطر ، قال : قلت : فأيهما أحب إليك ؟ قال : « إنما هي رخصة ، وأن تصوم رمضان أحب إلي »
1888 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثني الحسين ، عن أبي هارون ، قال : سألت أبا سعيد : أكنتم تصومون في السفر ؟ فقال : « كنا نصوم إذا شئنا ، ونفطر إذا شئنا ، لا يعيب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم ، وذلك في شهر رمضان »
1889 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا سليم بن حيان ، قال : حدثنا سعيد بن ميناء ، قال : سمعت رجلا ، سأل ابن عمر عن الصوم في السفر ، فقال له ابن عمر : « لا آمرك ولا أنهاك ، وأما أنا فآخذ ، برخصة الله ، إن شئت صمت ، وإن شئت أفطرت »
1890 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : كان يزيد بن معاوية النخعي من أصحاب عبد الله بن مسعود ، وكان في سفر مع أصحاب عبد الله ، فأدركهم رمضان في بعض السواد ، فصاموا كلهم غيره ، فقال : أما أنا فأقبل « رخصة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن أحي قضيته ، وإن أمت فأنا في عذر » . فرجع أصحابه كلهم ولم يرجع هو
1891
- حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثني عبد الله بن
شوذب ، قال : حدثني أبو جمرة ، قال : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن الصيام في
السفر أو سئل عنه ، فقال : « خيرك الله بين اليسر والعسر ، فدع العسر (1) »
__________
(1) العسر : الشدة والضيق
1892
- حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني أسامة بن زيد ، أن
ابن شهاب ، حدثه عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، قال : خرجت مع أبي ، وسعد بن
أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري عام أذرح ، « فوقع الوجع
بالشام ، فأقمنا بسرغ خمسين ليلة ، فدخل علينا رمضان ، فصام المسور ، وعبد الرحمن
بن الأسود ، وأفطر سعد بن أبي وقاص فأبى (1) أن يصوم ، فقلت لسعد : يا أبا إسحاق ،
أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهدت بدرا ، والمسور يصوم وعبد الرحمن ،
وأنت تفطر ؟ فقال سعد : إني أنا أفقه منهما »
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
1893 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، قال : حدثني رجل ، قال : ذكروا الصوم في السفر عند عمر بن عبد العزيز ، فقال سالم : كان عبد الله لا يصوم ، وقال عروة : كانت عائشة تصوم ، قال : سالم : إني إنما أخذت عن عبد الله ، وقال عروة : إني إنما أخذت عن عائشة ، فارتفعت أصواتهما ، فقال عمر : « اللهم غفرا ، إذا كان يسرا فصوموه ، وإذا كان عسرا فأفطروه »
1894 - حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا المسعودي ، عن الحسن بن سعد ، عن أبيه ، قال : « خرجت مع علي رضوان الله عليه في شهر رمضان ، من ضيعة له ، وهو على حمار ، فمشيت ، فصام ، وأمرني فأفطرت »
1895 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن أشعث بن عبد الملك ، عن محمد ، عن عثمان بن أبي العاص ، قال : « الفطر في السفر رخصة ، والصوم أفضل »
1896 - حدثني أبو السائب ، سلم بن جنادة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : « جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين ، منا الصائم ومنا المفطر ، فلم يكن يعيب بعضنا على بعض »
1897 - حدثني علي بن الحسن الأزدي ، قال : حدثنا المعافى بن عمران ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، قال : « الفطر في السفر رخصة ، والصوم أفضل »
1898 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن شريك ، عن عامر بن شقيق الأسدي ، عن أبي وائل ، قال : غزونا غزوة فأهللنا هلال رمضان بحلوان ، وفينا اثنا عشر أو ثلاثة عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بدر ، فنادى المنادي : « إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأفطر ، فمن شاء فليصم ، ومن شاء فليفطر »
1899
- حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي ، قال : أخبرنا يعقوب ، قال : حدثنا
صالح بن محمد بن صالح ، عن أبيه ، قال : قلت للقاسم بن محمد : إنا نسافر في الشتاء
في رمضان ، وإن صمت فيه كان أهون علي من أن أقضيه في الحر ؟ قال : « قال الله
تبارك وتعالى : يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر (1) ما كان أيسر عليك
فافعل »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 185
2092 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني ابن أبي عدي ، عن داود ، عن سعيد ، قال : « كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون في رمضان ، فيصوم الصائم ويفطر المفطر ، لا يعيب المفطر على الصائم ، ولا الصائم على المفطر » حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن الحسن ، وسعيد بن المسيب أن نفرا ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون في رمضان ، فذكر نحوه
2093 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا داود ، عن عامر قال : « كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون ، فمنهم الصائم ومنهم المفطر ، فلا يعيب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم »
2094 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن الحسن « أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسافرون في رمضان ، فيصوم الصائم ويفطر المفطر ، فلا يعيب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم »
2095 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا كهمس ، قال : سألنا سالما عن صوم رمضان في السفر ، فقال : « إن صمتم فقد أجزأ عنكم ، وإن أفطرتم فقد رخص لكم »
2096 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، وإبراهيم ، ومجاهد أنهم قالوا : « الصوم في السفر إن شاء صام وإن شاء أفطر ، والصوم أحب إليهم »
2097 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : قال لي مجاهد في الصوم في السفر - يعني صوم رمضان : « والله ما منهما إلا حلال ، الصوم والإفطار ، وما أراد الله بالإفطار إلا التيسير بعباده »
2098 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله ، قال : خرج عمر بن الخطاب رضوان الله عليه في بعض أسفاره في ليال بقيت من رمضان ، فقال : « إن الشهر قد تسعسع - أو تسغسغ - فلو صمنا ، فصام وصام الناس معه ، ثم أقبل مرة قافلا حتى إذا كان بالروحاء أهل هلال شهر رمضان ، فقال : إن الله قد قضى السفر ، فلو صمنا ولم نثلم شهرنا ، قال : فصام وصام الناس معه »
2099 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم بن بشير ، قال : حدثنا بشير بن سلمان ، قال : سألت الحكم بن عتيبة عن الصوم في السفر في رمضان ، فقال : « خرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان صائما حتى أتى مكان كذا وكذا ، ثم أفطر » ، فقال رجل من القوم : ذاك نصف الطريق ، ثم أفطر حتى أتى مكة
2100 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، قال : حدثنا عروة ، وسالم أنهما كانا عند عمر بن عبد العزيز رحمه الله إذ هو أمير على المدينة ، فتذاكروا الصوم في السفر ، فقال سالم : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، قال : عروة : كانت عائشة تصوم ، فقال سالم : إنما أحدث عن ابن عمر وقال عروة : إنما أحدث عن عائشة ، حتى ارتفعت أصواتهما ، فقال عمر بن عبد العزيز : « اللهم غفرا ، إذا كان يسرا فصوموا ، وإذا كان عسرا فأفطروا »
2101 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن سالم ، قال : خرج عمر بن الخطاب رضوان الله عليه في عقب رمضان ، وقد بقيت منه ليال ، فقال : « لو أنا صمنا بقية شهرنا ، فإن الشهر قد تسعسع » ، قال : فصام وصام الناس معه قال : وأقبل في سفر له آخر ، حتى إذا كان بالروحاء أهل رمضان ، فقال : قد قضى الله السفر ، إنما هو يوم وليلة ، فلو أنا صمنا ولم نثلم شهرنا ، قال : فصام وصام الناس معه
2102 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن إبراهيم ، قال : « قدم قوم من أصحاب عبد الله من الجبل ، فلما قدموا حلوان أدركهم رمضان ، فصام بعضهم وأفطر بعضهم ، فلم يعب من أفطر على من صام ، ولا من صام على من أفطر » وقال : آخرون بتوهين الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه صام في السفر وأفطر ، وتصحيح الأخبار الواردة عنه أنه أفطر وأمر بالإفطار
ذكر من قال ذلك ، ومن اختار الإفطار في السفر على الصوم
2103 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، وحدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم جميعا عن سعيد ، عن قتادة ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، قال : « الإفطار في السفر عزمة »
2104 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عمر ، قال : « الإفطار في السفر ، صدقة تصدق الله بها على عباده »
2105 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن يعلى ، عن يوسف بن الحكم ، قال : سألت ابن عمر - أو سئل - عن الصوم في السفر ، قال : « أرأيت لو تصدقت على رجل بصدقة فردها عليك ، ألم تغضب ؟ فإنها صدقة من الله تصدق بها عليكم »
2106 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن نافع أن ابن عمر « كان لا يصوم في السفر ، ولا يكاد يفطر في الحضر إلا أن يمرض ، أو أيام يقدم »
2107 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، قال : قلت : لنافع : أكان ابن عمر يصحبه إنسان يصوم في السفر ؟ قال : « قد صحبه فلان الليثي وكان يصوم ، فكان يقيم عليه حتى يفطر ، وكان يأمر أن أعد له سحوره »
2108 - حدثنا ابن بشار ، قال : 0000 ، حدثنا أيوب ، قال : قال نافع : ما رأيت ابن عمر صام في السفر إلا يوما ، فقلت له : ما لك صمت ؟ فقال : « إني أردت أن أصبح بمكة ، فكرهت أن أقدمها مفطرا والناس صيام »
2109 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن مجاهد ، قال : قال : لي ابن عمر : « إذا سافرت فلا تصم ، فإنك إن تعمل » قالوا : اكفوا الصائم ، وإذا أكلوا شيئا ، قالوا : ارفعوا للصائم ، فيذهبوا بأجرك
2110 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا خبيب ، عن حفص بن عاصم ، قال : كان رجل يصحب ابن عمر ، فكان يصوم في السفر ، فقال ابن عمر : « إني لأحسب لو أفطرت كان خيرا لك »
2110 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا خبيب ، عن حفص بن عاصم ، قال : كان رجل يصحب ابن عمر ، فكان يصوم في السفر ، فقال ابن عمر : « إني لأحسب لو أفطرت كان خيرا لك »
2112 - وحدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا حيوة ، قال : أخبرنا عطاء بن دينار الهذلي أن أبا يحيى عامر بن يحيى المعافري حدثه أن بلال بن عبد الله بن عمر سأل أباه عبد الله بن عمر ، قال : إنا لنخرج إلى إفريقية فنكون في المحامل ، ونقدم السرادقات بين أيدينا ، فنجد الطعام والماء ميسورا ، فنصوم في السفر ؟ فقال له عبد الله : « إن سارت معك الجبال طعاما والأنهار شرابا ، فأفطر في السفر »
2113
- حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني أسامة ، عن نافع ،
قال : كان ابن عمر يسرد (1) الصوم ، فإذا سافر أفطر ، قال : نافع : ولم يكن ابن
عمر يصوم في السفر
__________
(1) السرد : المتابعة بين الأيام في الصوم
2114 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن نافع ، قال : أراه ، قال : « ما رأيت ابن عمر صائما في سفر ، ولا مفطرا في حضر »
2115 - حدثنا محمد بن مقاتل الرازي ، قال : حدثنا أبو زهير ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : قال ابن عمر : يا مجاهد ، « إذا سافرت فأفطر حتى لا يذهب المفطرون بالأجر » ، قال : قلت : وكيف ذلك ؟ قال : « لأنك إذا صمت قام المفطرون بأمرك ، فيقولون : فلان صائم فوصوه واعملوا له ، وما أشبه ذلك ، فيذهبوا بأجرك أو كلاما هذا معناه »
2116
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد - أحسبه أنا - عن
جنادة بن أبي أمية ، قال : دخلت على أبي ذر بفارس وهو يأكل كعكا وزيتا ، فقال : «
ادن (1) فاطعم » ، فقلت : إني صائم ، قال : « وما تريد بالصوم ؟ » ، قلت : أطلب
الأجر ، قال : « فلا تصم في السفر ، فإن القوم إن كان في الماء قلة » قالوا : إن
صاحبكم صائم ، فآثروك به ، وإن كان في الظل قلة قالوا : إن صاحبكم صائم ، فآثروك
(2) ، وإن كان عمل قالوا : إن صاحبكم صائم فاكفوه ، فيذهبوا بأجرك
__________
(1) الدنو : الاقتراب
(2) آثر : أعطى وأفرد وخص وفضل وقدم وميز
2117 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : أخبرنا أيوب ، عن نافع ، قال : « كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، ولا يكاد يفطر في الحضر ، إلا أن يمرض ، أو أيام يقدم ، فإنه كان رجلا كريما يحب أن يؤكل عنده ، قال : وكان يقول : » لأن أفطر في السفر فآخذ برخصة الله ، أحب إلي من أن أصوم «
2118 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال : حدثنا المحاربي ، عن عبد الملك بن حميد ، قال : قال : أبو جعفر : « كان أبي لا يصوم في السفر ، وينهى عنه »
2119 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا أبو الفيض ، قال : « كان علينا أمير بالشام ، فنهانا عن الصوم في السفر » ، فسألت أبا قرصافة - رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بني ليث - قال ابن المثنى : قال عبد الصمد : سمعت رجلا من قومه يقول : إنه واثلة بن الأسقع قال : لو صمت في السفر ما قضيت
2120 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبدة بن أبي لبابة ، قال : سمعت ابن أبي الجعد ، يقول : « ليس البر أن تصوموا في السفر »
2121 - وحدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت عبيد الله ، عن نافع أن عبد الله ، قال : « الفطر في السفر أحب إلي من الصوم »
2122 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبيد ، عن الضحاك أنه « كره الصوم في السفر »
2123 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا عبيد ، عن الضحاك أنه « كره الصوم في السفر »
2124
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثني أبي ، قال : سألت الزهري ، عن
الصوم في السفر ، فقال : « ليس من البر الصوم في السفر » وعلة قائلي هذه المقالة
الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ليس من البر
الصوم في السفر » وقالوا : كان آخر الأمرين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
في السفر الإفطار . قالوا : إنما يعمل بالآخر فالآخر من أفعال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ؛ لأن الآخر هو الناسخ ما قبله ، وما قبله هو المنسوخ ، قالوا : وقد قال
الله تعالى ذكره : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر (1) . قالوا : فإنما
ألزم المريض والمسافر في شهر رمضان صوم أيام من غير شهر رمضان . قالوا : فغير جائز
لهما صوم الأيام التي جعل فرض الصوم عليهما من غيرها وقال آخرون : إنما أراد الله
تعالى ذكره بقوله : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر التيسير على المريض
والمسافر والتخفيف عليهما بإرخاصه لهما الفطر ، لما علم من مشقة ذلك عليهما وثقل
مؤونته . فأما من لم يكن عليه منهما في الصوم فيه مشقة ولا مؤونة ثقيلة فإن الفضل
له في الصوم وترك الإفطار . وفي قول بعضهم : الواجب عليه الصوم وترك الإفطار
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 185
ذكر من كان يرى الصوم في السفر والمرض إذا كان يسرا ولم يكن عسرا هو الواجب
2125
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم بن بشير ، قال : حدثنا أبي بشير بن سلمان ،
عن خيثمة ، قال : سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر ، فقال : « قد أمرت غلامي أن
يصوم فأبى . قلت : فأين هذه الآية ؟ فقال : إنها نزلت ونحن نرتحل جياعا (1) ،
وننزل على غير شبع ، وإنا اليوم نرتحل شباعا وننزل على شبع »
__________
(1) جياع : جمع جائع
2126
- حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا بشير بن
سلمان ، عن خيثمة ، قال : أتينا أنس بن مالك فذكرنا له الصوم في السفر ، فقال : «
نعم ، أما إني قد أمرت غلامي فأبى (1) ، قلنا : فأين هذه الآية : ومن كان مريضا أو
على سفر (2) ؟ قال : نزلت ونحن يومئذ نرتحل جياعا (3) ، وننزل على غير شبع ، وإنا
اليوم نرتحل شباعا وننزل على شبع »
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
(2) سورة : البقرة آية رقم : 185
(3) جياع : جمع جائع
2127 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن موسى مولى بني عامر وليس بموسى السبلاني ، قال : سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر ، فقال : « كنا مع أبي موسى الأشعري بتستر نقاتلهم ، فصام وصمنا » حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا موسى بن عامر كذا ، قال : قال : سمعت أنسا ، وسئل عن الصوم في السفر ، فذكر مثله
2128 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا شعبة ، عن الأشعث بن سليم ، قال : « صحبت أبي ، والأسود بن يزيد ، وعمرو بن ميمون ، وأبا وائل إلى مكة ، فكانوا يصومون رمضان وغيره في السفر »
2129 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، أنه أتى حذيفة ، قال شعبة : قال : الحكم أو سليمان : لا آذن لك إلا أن تجعل لي أن تصوم في السفر ، قال : فإني أجعل لك ذلك ، وأتم الصلاة ، قال أحدهما : إذن لك على أن تقصر الصلاة ، قال : فإني أقصر وأصوم
2130 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أيمن بن نابل ، قال : قلت : لمجاهد ونحن بأرض الروم : ما ترى في الصوم ؟ قال : « أنا صائم »
2131 - حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا سفيان يعني ابن حبيب ، عن العوام بن حوشب ، قال : قلت : لمجاهد : الصوم في السفر ؟ قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم فيه ويفطر » ، قال : قلت : فأيهما أحب إليك ؟ قال : إنما هي رخصة ، وإن صوم رمضان أحب إلي
2132 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت عبيد الله ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، والقاسم بن محمد أنهما زعما أن عائشة رضي الله عنهما « كانت تصوم في السفر »
2133 - حدثني محمد بن عبد الله المصري ، قال : أخبرنا أبو زرعة ، قال : أخبرنا حيوة ، قال : أخبرنا أبو الأسود ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : « أنها كانت تصوم في السفر والحضر »
2134
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن ابن عون ، عن
القاسم بن محمد ، قال : « لقد رأيت أم المؤمنين تصوم في السفر حتى أذلقها (1) » ،
قال ابن عون : أو قال : أذرقها السموم
__________
(1) أذلق : أجهد وأقلق
2135 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، عن عبيد الله ، عن جابر بن زيد ، وعكرمة أنهما « كانا يصومان في السفر »
2136 - حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، قال : « كان أبي يصوم في الحضر والسفر »
2137 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد ، قال : أخبرنا حيوة بن شريح ، قال : أخبرنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن أبي مراوح ، عن حمزة الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان « يصوم الدهر ، فيصوم في السفر والحضر ، وكان أبو مراوح يصوم الدهر ، فيصوم في السفر والحضر ، وكان عروة بن الزبير يصوم الدهر ، فيصوم في السفر والحضر ، حتى إن كان ليمرض فما يفطر »
2138
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن سمي
أن أبا بكر بن عبد الرحمن « كان يصوم في السفر » وعلة قائلي هذه المقالة صحة الخبر
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صام في سفره عام شخص لحرب قريش ، فلم يفطر
حتى قارب مكة ودنا من عدوه ، فأفطر لما دنا منهم مريدا حربهم ؛ خشية الضعف على
أصحابه عند لقاء العدو صياما . قالوا : فالفطر الذي ندب إليه المسافر هو الذي يكون
بتركه على تاركه من الخوف على نفسه ، ما كان على أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم عند دنوهم للقاء عدوهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما من كان غير
مخوف عليه بصومه أذى ولا مكروه ، ولا على أحد بسببه ، فإنه غير جائز له الإفطار في
شهر رمضان لسفر ولا غيره . وقد ذكرنا قبل فيما مضى قول من أباح الإفطار في شهر
رمضان في السفر ، وإن كان غير مخوف عليه بالصوم مكروه ولا أذى ، ورأى أن الصوم له
أفضل . وعلة قائلي ذلك نظيرة قائلي هذه المقالة ، غير أنهم جعلوا لمطيق الصوم في
السفر الخيار بين الصوم والإفطار ، وقالوا : أفضل الأمرين له الصوم ؛ لأن الله
تعالى ذكره إنما أباح له الإفطار في سفره تيسيرا عليه بقوله : ( يريد الله بكم
اليسر ولا يريد بكم العسر (1) ) ، قالوا : فإذا لم يكن عليه في الصوم عسر ، فالفضل
له في الصوم ، والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال : الإفطار في شهر رمضان
في السفر الذي هو غير معصية لله رخصة من الله عز ذكره لعباده المؤمنين ، وتيسير
منه عليهم ، إذا كانوا للصوم مطيقين ، وعلى أنفسهم بالصوم غير خائفين ، عجزا عما
هو أولى بهم منه ، من أداء فرائض الله ، لقوله تعالى ذكره عقيب قوله : ( ومن كان
مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ،
فأخبره عز ذكره أنه إنما أطلق الإفطار في شهر الصوم في حال السفر والمرض ، وإبدال
عدة ما يفطر من ذلك من الأيام من أيام أخر من غيره ، إرادة اليسر منه بنا لا العسر
. فمن اختار رخصة الله له ، فأفطر في حال سفره أو مرضه لم يكن معنفا ، ومن اختار
الصوم وهو يسر غير عسر عليه ، فهو له أفضل ، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه صام حين شخص من مدينته متوجها إلى مكة لحرب قريش حتى بلغ عسفان أو
الكديد ، وصام معه أصحابه ، إذ كان ذلك يسرا عليهم لا عسرا ، وأنه أفطر وأمر
أصحابه بالإفطار لما دنا ودنوا من عدوهم لحربهم ، فصار الصوم عسرا لا يسرا ، إذ
كان لا شك أنهم لو كانوا لقوا عدوهم فحاربوهم وهو صيام ، لم يؤمن على كثير منهم
الضعف ودخول الوهن عليهم في أنفسهم ، فصومهم يكون سببا لعجزهم عن عدوهم ، وقوة
لعدوهم عليهم ، فكان ذلك حالا الإفطار فيها بهم أولى من الصوم ، وأفضل لهم عند
الله منه ، لما كانوا يرجون بالإفطار من قوة أبدانهم على حرب أعداء الله وأعدائهم
، وإعلاء كلمته على كلمة الذين كفروا . فكذلك الحق أن يكون الصوم للمسافر في طاعة
الله وفي غير معصيته أفضل له إذا كان ذلك يسرا عليه غير عسر ، وأن لا يكون حرجا
بالإفطار إن أفطر ؛ لعموم قول الله تعالى ذكره : ( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة
من أيام أخر ) ، كل من كان على سفر في غير معصية الله ، وأن يكون الإفطار له أفضل
إذا كان الصوم عسرا لا يسرا ، لما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
إفطاره وأمره أصحابه بالإفطار عند دنوه من عدوه لحربهم ، وقربه من لقائهم ، ومصير
الصوم فيه عسرا لا يسرا . وكالذي قلنا في معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم
أصحابه بالإفطار في سفرهم الذي سافروه معه في شهر رمضان حين أمرهم به ، وصومه في الحال
التي صام فيها هو وأصحابه ، معنى قوله الذي روي عنه : « ليس من البر الصوم في
السفر » ، ومعنى قوله : « الصائم في السفر كالمفطر في الحضر » ، وذلك صوم الصائم
في السفر في حال إن صام فيها ضيع بصومه فيها من فرض الله تعالى ذكره ما هو أولى به
منه ، أو خيف عليه بصومه فيها فيه من دخول المكروه عليه في نفسه ، ما إصلاحه
بالإفطار أوجب عليه من الصوم فيه ، فيكون حينئذ بصومه فيه وقد أذن الله بالإفطار ،
وجعل له السبيل إلى صوم عدة الأيام التي أفطرها من أيام أخر مضيعا فرضا عليه في
نفسه في حاله تلك ، غير جائز له التأخير عنها ، فيكون في إثمه تأخيره ذلك بصومه
وترك الإفطار فيها ، في معنى المفطر في الحضر ، في إثمه بإفطاره في حال حرم الله
عليه فيها الإفطار وبنحو الذي قلنا في ذلك وردت الأخبار عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 185
2139 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أيوب بن سويد ، عن الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فإذا برجل تحت ظل شجرة يرش عليه الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس من البر أن تصوموا في السفر ، فعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها »
2140 - حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي قال : سمعت الأوزاعي ، قال : حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن زرارة الأنصاري ، قال : حدثني من سمع جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فإذا برجل تحت شجرة يرش عليه الماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما بال صاحبكم هذا ؟ » ، قالوا : يا رسول الله إنه صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس من البر أن تصوموا في السفر ، فعليكم برخصة الله التي رخص لكم »
2141
- حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا روح بن عبادة البصري ، قال : حدثنا زكريا بن
إسحاق ، قال : حدثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال : كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها - وذلك في رمضان - فصام رجل من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم ، وضعف ضعفا شديدا ، وكاد العطش يقتله ، فجعلت ناقته تدخل تحت
العضاه (1) ، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : « إيتوني به » فأتي به ،
فقال له : ألست في سبيل الله ، ومع رسول الله ؟ « أفطر » ، فأفطر
__________
(1) العضاه : نوع من الشجر عظيم له شوك
2142
- حدثنا يوسف بن موسى القطان ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد
بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في رمضان
، فاشتد الصوم على رجل من أصحابه ، فجعلت راحلته (1) تهيم به تحت الشجر ، فأخبر
النبي صلى الله عليه وسلم بأمره ، « فدعاه ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بإناء من ماء فوضعه على يده » ، فلما رآه الناس ، شرب وشربوا
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2143 - حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، وسلم بن جنادة السوائي ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن جابر ، قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد ظلل عليه وهو في السفر ، فسأل عنه ، فقالوا : صائم فقال : « ليس من البر أن تصوموا في السفر »
2144 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري ، عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قد اجتمع الناس عليه ، وقد ظلل عليه ، فقالوا : هذا رجل صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ليس من البر أن تصوموا في السفر »
2145 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن كعب بن عاصم الأشعري ، قال : قفلنا مرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في حر شديد ، فإذا رجل من القوم قد دخل تحت ظل شجرة وهو يسطح كهيئة الوجع ، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما لصاحبكم ؟ أي وجع به ؟ » قالوا : ليس به وجع ، ولكنه صائم ، فاشتد عليه الحر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ : « ليس البر أن تصوموا في السفر ، عليكم برخصة الله التي رخص لكم »
2146 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « سافر في رمضان فصام ، فرأى الناس مجهودين ، فأتي بإناء من لبن فشرب والناس ينظرون ، يريهم أنه مفطر » فكان قول النبي صلى الله عليه وسلم : « ليس من البر الصوم في السفر » ، وقوله : « الصائم في السفر كالمفطر في الحضر » ، لمن كان بمثل الحال التي ذكر جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له فيها ، وذلك الحال التي قد بلغ منه العطش أو الضعف فيها ما قد كاد يقتله ، وراحلته تهيم به فلا يقدر على صرفها ، ولا يملك رأسها ، لما به من الجهد بصومه في سفره ، وصار إلى حال يحتاج أن يعلل فيها برش الماء عليه لئلا تتلف نفسه . ولا شك أن من كان قد بلغ به الصوم في سفره إلى مثل هذه الحال أن الإفطار أولى به من الصوم ، ولا بر في صومه وهو كذلك ، بل البر في الإفطار ليحيي به نفسه ، بل هو إن صام وهو كذلك في سفره ، في الإثم كالمفطر في الحضر ، كما قال صلى الله عليه وسلم . فأما إذا كان للصوم مطيقا وعليه قويا ، وعلى نفسه بالصوم غير خائف مكروها ، ولا على من هو معه من أصحابه مدخل بصومه ضرا ، فالصوم لا شك له أفضل ، وذلك أن :
2147 - العباس بن الوليد ، حدثني قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : حدثني إسماعيل بن عبيد الله ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، قال : « كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ، وإن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر ، وما منا صائم إلا ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعبد الله بن رواحة »
2148 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا هشام بن سعد ، عن عثمان بن حيان الدمشقي ، قال : أخبرتني أم الدرداء ، قالت : أخبرني أبو الدرداء ، قال : « لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر ، حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر ، وما في القوم صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعبد الله بن رواحة »
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر بن الخطاب رضوان الله
عليه : لو أنا صمنا بقية شهرنا فإن الشهر قد تسعسع ، يعني بقوله : « قد تسعسع » قد
أدبر ومضى أكثره ، فلم يبق منه إلا القليل . وكذلك يقال لكل ما ولي وأدبر ودنا
فناؤه : « قد تسعسع » ، ومنه قيل : لليل إذا أدبر ولم يبق منه إلا اليسير : « قد
سعسع ، وتسعسع ، وعسعس » ، ومن قولهم « تسعسع » قول رؤبة بن العجاج : يا هند ما
أسرع ما تسعسعا ولو رجا تبع الصبا تتبعا وذلك من لغة من قال : « سعسع الليل
والإنسان » ، إذا أدبر كبرا ، ودنا انقضاء أيامه ، وذلك عني رؤبة بقوله : « يا هند
ما أسرع ما تسعسعا » ، يقول : ما أسرع ما أدبر ودنا من الفناء . وأما من لغة من
قال : « عسعس » ، فقول علقة بن قرط حتى إذا الصبح له تنفسا وانجاب عنها ليلها
وعسعسا يعني بقوله : « عسعس » : أدبر ، وبهذه اللغة نزل القرآن وذلك قوله : (
والليل إذا عسعس (1) ) ، وأما قول القاسم بن محمد : « رأيت أم المؤمنين تصوم في
السفر حتى أذلقها أو قال : أذرقها السموم ، فإنه يعني بقوله : » أذلقها « هزلها ،
وجهدها ، من قولهم : » سهم مذلق « ، إذا كان محددا ، يقال منه : » ذلقت السهم ،
وأذلقته « إذا حددته ، » وذلق السهم يذلق ذلقا « ، إذا صار حديدا ، ومن قولهم : »
ذلق السهم « ، قول رؤبة بن العجاج : حجرية كالجمر من سن الذلق يكسين أرياشا من
الطير العتق
__________
(1) سورة : التكوير آية رقم : 17
ذكر خبر آخر من أخبار خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2149 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، وحدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا عبد الوهاب جميعا عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : « اللهم علمه الحكمة »
2150 - حدثني محمد بن إبراهيم بن صدران ، قال : حدثنا أبو معاوية العقيلي ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال : « اللهم علمه الحكمة »
2151 - وحدثنا عمران بن موسى القزاز ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، قال : حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال : « اللهم علمه الكتاب » القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه من رواية عكرمة ، عن ابن عباس ، وقد مضى ذكرى قولهم في نقل عكرمة ، والثانية : أنه من نقل خالد عنه ، وقد تقدم ذكري ما حكي عن شعبة بن الحجاج فيه ، والثالثة : أنه قد حدث بهذا الحديث عن ابن عباس جماعة غير عكرمة ، فخالفوه في لفظه ، ومعناه وذلك دليل عندهم على وهائه ، والرابعة : أنه قد حدث هذا الحديث عن عكرمة غير خالد ، وغير من وافقه في وصله ، فأرسله ولم يصله
ذكر من رواه كذلك
2152 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا نوح بن أبي مريم ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، قال : كان ابن عباس في العلم بحرا ينشق له من الأمور أمور ، قد حفظ وروى ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم ألهمه التأويل وعلمه الحكمة » وقد وافق خالدا في وصل هذا الخبر عن عكرمة ، عن ابن عباس غيره
ذكر من وافقه في ذلك
2153 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « أقعدني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ودعا لي بالحكمة » وقد وافق عكرمة في رواية معنى هذا الخبر عن ابن عباس جماعة ، وإن خالفه بعضهم في لفظه
ذكر من وافقه في رواية ذلك كذلك
2154 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن أبي الزبير ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم فقهه في الدين ، وعلمه التأويل »
2155 - وحدثنا به ابن حميد مرة أخرى ، فقال : حدثنا أبو تميلة ، عن الحسين بن واقد ، عن أبي الزبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم فقهه في الدين ، وعلمه التأويل »
2156 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن يحيى بن مهلب أبي كدينة ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : « رأيت جبريل عليه السلام مرتين ، ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتيني الحكمة مرتين »
2157 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن ليث ، عن أبي الجهضم ، عن ابن عباس أنه « رأى جبريل مرتين ، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين »
2158 - حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا شريك ، عن ليث ، عن أبي جهضم ، عن ابن عباس ، أنه قال : « رأيت الملك مرتين ، ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين »
2159 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عباءة بن كليب أبو غسان ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه كان في بيت ميمونة ، فوضع للنبي صلى الله عليه وسلم وضوءا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وضع ؟ » فقالت ميمونة : وضعه لك عبد الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين »
2160
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، وحفص بن بغيل ، عن زهير ، عن عبد
الله بن عثمان بن خثيم ، قال : أخبرني سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس يقول : وضع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على منكبي (1) أو بين كتفي وقال : « اللهم فقهه
في الدين وعلمه التأويل »
__________
(1) المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد
2161 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن كريب ، عن ابن عباس ، قال : « دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيدني علما وفهما »
2162 - حدثنا سفيان ، قال : حدثنا أبي ، عن ورقاء ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن ابن عباس قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت خالتي ميمونة ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : « ضع لي طهورا » ، فوضعته له ، فقال : « اللهم فقهه في الدين »
2163 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثني محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن إسماعيل بن مسلم المكي ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على ناصيتي وقال : « اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن »
2164 - حدثني إبراهيم بن عبد الله العبسي ، قال : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : حدثنا أبي ، عن إسماعيل بن سميع ، قال : حدثني حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : دخلت أنا وأبي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فسلم عليه أبي ، فلم يرجع إليه شيئا ، فلما رجع إلى البيت قلت : يا أبه ، أما رأيت الرجل عنده بين يديه يحدثه فرجع وهو ثقيل ، مخافة أن يكون عرض لي شيء ، قال : فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فسلم عليه وانبسط إليه ، وقال : دخلت عليك فسلمت فلم ترد علي ، وزعم ابني أنه رأى معك رجلا يحدثك ، فقال : « رأيته ؟ » ، قلت : نعم ، قال : « ذاك جبريل » ، ثم قال : « اللهم اجعله عليما أو حكيما » ، قال : فما نسيت بعد شيئا سمعته
القول في البيان عن معنى ما في هذا الخبر والذي فيه الإبانة عما خص الله تعالى ذكره به نبينا صلى الله عليه وسلم من الفضيلة بإجابته دعاءه ، وإعطائه مسألته ، وذلك أنه دعا عليه السلام لابن عمه عبد الله بن عباس بأن يعلمه الحكمة ، وتأويل القرآن ، وأن يفقهه في الدين ، فأعطاه ذلك ، وأجاب له دعاءه بما دعا به فيه ، فكان عالما بالحكمة وتأويل القرآن ، فقيها في الدين ، مقدما في ذلك ، نقابا مبرزا على أقرانه ، لا يتقدمه منهم أحد ، بل لا يدانيه ولا يقاربه منهم بشر في أيامه ، يشهد له بذلك الجلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان
ذكر بعض من كان يشهد له بذلك منهم
2165 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : « لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا أحد ، وقال : نعم ترجمان القرآن ابن عباس »
2166 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : قال : عبد الله : « لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا أحد »
2167 - حدثنا يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود أنه ذكر ابن عباس ، فقال : « لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد ، ونعم الترجمان ابن عباس للقرآن »
2168 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : « لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد »
2169 - حدثنا عثمان بن يحيى بن عثمان القرقساني ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن مسعود ، قال : « لو أدرك هذا الغلام من بني عبد المطلب ما أدركنا ما تعلقنا منه بشيء - يعني ابن عباس »
2170 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن سيف بن أخي الأشعث بن قيس ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : « من استعملوا على الموسم ؟ » قالوا : ابن عباس ، قالت : « هو أعلم » . قال : أبو جعفر : أظنه أنا قالت : « الناس بالسنة »
2171 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن سيف ، قال : قالت عائشة رضي الله عنها : « من استعمل على الموسم ؟ » قالوا : ابن عباس ، فقالت : « هو أعلم الناس بالحج »
2172
- حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني
الحسين ، قال : حدثني شيبان أبو معاوية ، عن جابر الجعفي ، عن عمرو بن حبشي ، قال
: قلت : لابن عمر : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا
جناح عليه أن يطوف بهما (1) ) ، قال : « انطلق إلى ابن عباس فاسأله ؛ فإنه أعلم من
بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم »
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 158
2173 - حدثني يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : « كان ابن عباس رضي الله عنه يسمى البحر من كثرة علمه »
2174 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، قال : سمعت ميمون بن مهران ، يقول : « ما رأيت أحدا قط أفقه من ابن عباس ، ولا رأيت أحدا قط أفضل من عبد الله بن عمر »
2175 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثني يحيى بن يمان العجلي ، عن عمار بن رزيق ، عن عمير بن بشر الخثعمي ، قال : قال ابن عمر : « ابن عباس أعلم الناس بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم »
2176 - حدثنا محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عمر بن سعيد ، قال : أخبرني إبراهيم بن عكرمة ، قال : كنت آتي ابن عباس أنا وحيي بن يعلى وسعيد بن جبير ، فكنت أسأله عن النسب ، ويسأله حيي عن أيام العرب ، ويسأله سعيد عن الفتيا ، والتأويل ، فكأنما نغرف من بحر
2177 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، قال : « ذكر ابن عباس يوما ، فقال : ما رأيت رجلا كان أعلم بالسنة ، وأجلد أو أجود ـ الشك من أبي جعفر ـ رأيا ، وأثقب نصيحة من ابن عباس ، وإن كانت الأقضية إذا جاءت عمر رضوان الله عليه عضلها ، يقول لعبد الله بن عباس : إنها قد طرأت علينا عضل أقضية وأنت لها ولأمثالها ، ثم يرضى بقوله ، قال : ثم يقول : عبيد الله : وعمر بن الخطاب عمر في جده في ذات الله ونظره للمسلمين »
2178 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا هناد بن سليم ، قال : حدثني أبي ، قال : « كان عبد الله بن عباس أفقه الناس ، وكان مكفوف البصر »
2179
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا ضماد بن عامر بن عوف ،
قال : حدثني الفرزدق بن جواس الخمامي ، قال : قدم علينا عكرمة جرجان ، فقلنا لشهر
بن حوشب : « ألا نأتيه ؟ فقال : بلى إيتوه ، فإنها لم تكن أمة إلا قد كان لها حبر
، وإن مولى هذا عبد الله بن عباس ، كان حبر (1) هذه الأمة »
__________
(1) الحبر : العالم المتبحر في العلم
2180
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ،
عن مجاهد ، قال : ما رأيت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس ، إلا أن يقول رجل : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ولقد مات يوم مات وهو حبر (1) الأمة »
__________
(1) الحبر : العالم المتبحر في العلم
2181 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى ، عن زهير ، عن ليث ، عن طاوس ، قال : « أدركت سبعين شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا تدارءوا في شيء أتوا ابن عباس حتى يقدرهم عليه »
2182 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى ، عن شريك ، عن الأعمش ، قال : « كان ابن عباس إذا رأيته قلت : أجمل الناس ، فإذا تكلم قلت : أفصح الناس ، فإذا حدث قلت : أعلم الناس »
2183 - حدثني يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا شبيب بن شيبة ، عن حميد الطويل ، عن سعيد بن جبير ، قال : « ما رأيت بيتا كان أكثر طعاما ، ولا شرابا ، ولا فاكهة ، ولا علما من بيت ابن عباس »
2184 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن صالح ، قال : حدثني يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، قال : « كان أصحاب ابن عباس يقولون : إن ابن عباس أعلم من عمر ، ومن علي ، ومن عبد الله رضي الله عنهم ويعدون ناسا ، فيثب الناس عليهم ، فيقولون : لا تعجلوا علينا إنه لم يكن أحد من هؤلاء إلا عنده من العلم ما ليس عنده ، وقد كان ابن عباس قد جمعه كله »
2185 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا جابر بن نوح ، قال : حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، قال : كنا مع ابن عباس بالموسم وهو الأمير ، فصعد المنبر فقرأ سورة النور وجعل يفسرها ، فقال رجل إلى جنبي : « ما رأيت كاليوم كلاما يخرج من رأس رجل ، لو سمعته الترك لأسلمت »
2186 - حدثني علي بن مسلم الطوسي ، قال : حدثنا أبو داود ، عن شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : « كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه النور »
2187 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا طلق ، عن جعفر بن سلام ، عن حكيم بن جبير ، عن ابن عباس أنه كان يقال له : قارح هذه الأمة
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم
لابن عباس : « اللهم علمه الحكمة » ، والحكمة : الفعلة من الحكم ، مثل الجلسة من
الجلوس ، والقعدة من القعود ، وقد تأولت جماعة من أهل التأويل من الصحابة رضوان
الله عليهم والتابعين الحكمة في قول الله تعالى ذكره : ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن
يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا (1) ) أنها القرآن ، وتأولت الحكمة في قوله تعالى
: ( ويعلمهم الكتاب والحكمة (2) ) أنها السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه
وسلم بوحي من الله جل ثناؤه إليه ، وكلا التأويلين في موضعه صحيح ، وذلك أن القرآن
حكمة ، أحكم الله عز ذكره فيه لعباده حلاله وحرامه ، وبين لهم فيه أمره ونهيه ،
وفصل لهم فيه شرائعه ، فهو كما وصفه به ربنا تبارك وتعالى بقوله : ( ولقد جاءهم من
الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة (3) ) ، وكذلك سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم
التي سنها لأمته ، عن وحي الله جل ثناؤه إليه ، حكمة حكم بها فيهم ، ففصل بها بين
الحق والباطل ، وبين لهم بها مجمل ما في آي القرآن ، وعرفهم بها معاني ما في
التنزيل ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « وعلمه التأويل » ، فإنه عنى بالتأويل
، ما يئول إليه معنى ما أنزل الله تعالى ذكره على نبيه صلى الله عليه وسلم من
التنزيل وآي الفرقان ، وهو مصدر من قول القائل : « أولت هذا القول تأويلا » ،
وأصله من آل الأمر إلى كذا ، إذا رجع إليه ، ثم قيل : أول فلان له كذا على كذا ،
إذا حملها على وجه جعل مرجعها إليه تأويلا ، ومن قولهم أول فلان له كذا على كذا
قول أعشى بن قيس بن ثعلبة لعلقمة بن علاثة العامري : وأول الحكم على وجهه ليس
قضائي بالهوى الجائر يعني بقوله : « وأول الحكم على وجهه » ، وجهه إلى وجهه الذي
هو وجهه من الصواب ، وأما قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « لو أدرك ابن
عباس أسناننا ما عاشره منا أحد » ، فإنه يعني بقوله : « ما عاشره منا أحد » : ما
بلغ عشيره منا أحد . يقال منه : « عشر فلان فلانا » ، إذا بلغ عشره ، « يعشره عشرا
» ، والعشر المصدر ، وهو « عشره وعشيره ، ومعشاره » ، ومن « المعشار » قول الله
تعالى ذكره : ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم (4) ) ، ومن « العشير » قول الشاعر :
فما بلغ المداح مدحك كله ولا عشر معشار العشير المعشر ويجمع « العشير » « أعشرا »
، « والعشر » « أعشارا » ، كما قال امرؤ القيس بن حجر في جمع « العشر » : وما ذرفت
عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتل وأما قول عبيد الله بن عبد الله : «
وإن كانت الأقضية إذا جاءت عمر عضلها » فإنه يعني بقوله : « عضلها » شدادها
وصعابها ، وأصل ذلك من قولهم للرجل المنكر الداهية : هو عضلة من العضل ، وأما
العضل ، بفتح العين وسكون الضاد فإنه معنى غير ذلك ، وهو منع ولي المرأة المرأة
التزويج ، من قول الله تعالى ذكره : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن
أن ينكحن أزواجهن (5) ) ، يقال منه : عضلها وليها فهو يعضلها عضلا ، وأما التعضيل
، فإنه معنى غير هذين ، وهو أن ينشب الولد فلا يسهل مخرجه ، يقال في ذلك : عضلت
الشاة والمرأة تعضيلا ، إذا أصابها ذلك ، وهي شاة معضل ، ومعضلة ، ومنه قول أوس بن
حجر : ترى الأرض منا بالفضاء مريضة معضلة منا بجمع عرمرم و أما « الإعضال » : فإنه
معنى غير ذلك كله ، وهو اشتداد الأمر ، يقال منه : « أعضل الأمر بين بني فلان وبني
فلان » إذا اشتد فغلبهم ، ويقال للشداد من الأمور : « المعضلات » ، ومن ذلك قول
أوس بن حجر : وليس أخوك الدائم العهد بالذي يذمك إن ولى ويرضيك مقبلا ولكن أخوك
النائي ما كنت آمنا وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا يعني بقوله : « أعضل » : اشتد ،
وأما قول شهر بن حوشب في عكرمة : « إن مولى هذا كان حبر هذه الأمة ، فإنه يعني بقوله
: » حبر هذه الأمة « : عالمها ، ومنه قيل لكعب الأحبار : » كعب الأحبار « ،
والأحبار جمع حبر ، وإنما قيل للعالم حبر نسبة له إلى الحبر الذي يكتب به ، يراد
بذلك وصفه بأنه صاحب كتب ، وذلك أنها تكتب بالحبر ، فكثر وصفهم إياه بذلك حتى قيل
للمبرز في العلم : حبر . وأما قول طاوس : » أدركت سبعين شيخا من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا تدارءوا في شيء أتوا ابن عباس حتى يقدرهم عليه ، فإنه يعني
بقوله : « إذا تدارءوا في شيء » إذا تماروا فيه ، من قول الله تعالى ذكره : ( وإذ
قتلتم نفسا فادارأتم فيها (6) ) ، يعني بقوله : ( ادارأتم ) اختصمتم وتماريتم ،
وأصله من قولهم : درأت الشيء إذا دفعته ، فأنا أدرأه درأ ، وإنما قيل للمتماريين
المختصمين : تدارآ ، وادرآ ؛ لدفع كل واحد منهما صاحبه عن صحة ما يقول ويدعي
حقيقته ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات
بالله إنه لمن الكاذبين (7) ) ، يعني بقوله : ( يدرأ ) : يدفع ، وأما قوله : « حتى
يقدرهم عليه » فإنه يعني به : حتى يجعل لهم السبيل إلى علم ذلك ، فيقدروا على
معرفة صحته
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 269
(2) سورة : البقرة آية رقم : 129
(3) سورة : القمر آية رقم : 4
(4) سورة : سبأ آية رقم : 45
(5) سورة : البقرة آية رقم : 232
(6) سورة : البقرة آية رقم : 72
(7) سورة : النور آية رقم : 8
ذكر خبر آخر من أخبار خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2188 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا حرب بن ميمون ، عن خالد يعني الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي ، يسجد ولا يضع أنفه على الأرض فقال : « ضع أنفك يسجد معك » القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلل : إحداها : إنه خبر لا يعرف له مخرج من حديث خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعا إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه ، والثانية : إنه من رواية عكرمة ، وفي نقل عكرمة عندهم نظر ، والثالثة : إنه من رواية خالد عنه ، وفي نقل خالد عندهم ما ذكرنا قبل ، والرابعة : إنه خبر قد رواه عن عكرمة غير خالد ، فأرسله عن ابن عباس ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وخالفه أيضا في اللفظ والمعنى ، والخامسة : إنه قد رواه أيضا بعضهم عن عكرمة فأرسله ، ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ، وخالفه في اللفظ والمعنى
ذكر من روى ذلك عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعله من كلام ابن عباس ، وخالفه في اللفظ والمعنى
2189 - حدثني عبد الله بن يوسف الجبيري ، قال : حدثنا سعيد بن الفضل ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « من سجد فلم يضع أنفه على الأرض فلم يصل »
ذكر من روى ذلك عن عكرمة ، فأرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يجعل بين عكرمة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس
2190 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن عكرمة ، قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على إنسان يسجد ولا يضع أنفه على الأرض ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « من صلى صلاة لا يصيب الأنف فيها ما تصيب الجبهة ، لم تقبل له صلاة »
2191 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : أخبرنا عاصم الأحول ، عن عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « في الذي لا يسجد على أنفه أنه لا صلاة له »
2192 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم ، عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من لم يضع أنفه في الصلاة فلا صلاة له »
2193 - حدثني أبو سفيان الغنوي يزيد بن عمرو ، قال : حدثنا سعيد بن الربيع أبو زيد الهروي ، قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم الأحول ، قال : سمعت عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من لم يضع أنفه على الأرض في سجوده فلا صلاة له » وقد وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه جماعة
ذكر من وافقه منهم في ذلك
2194 - حدثنا ابن بشار ، وابن معمر ، قالا : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا فليح ، عن عباس بن سهل ، قال : اجتمع محمد بن مسلمة وأبو أسيد ، وأبو حميد ، وسهل بن سعد ، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « حين سجد أمكن جبهته وأنفه من الأرض »
2195 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا فليح بن سليمان الخزاعي ، قال : أخبرني العباس بن سهل الساعدي ، قال : اجتمع ناس من الأنصار فيهم سهل بن سعد الساعدي ، وأبو حميد ، وأبو أسيد ، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو حميد الساعدي : دعوني أحدثكم ، فأنا أعلمكم بهذا ، قالوا : فحدث ، قال : « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فأمكن جبهته وأنفه من الأرض ، ونحى يديه عن جنبيه » ، فقال القوم كلهم : هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
2196 - حدثنا أبو كريب ، وابن المثنى ، وعلي بن الحسن الأزدي ، قالوا : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الحجاج ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه ، قال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع أنفه على الأرض مع جبهته »
2197 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن حجاج ، عن عبد الجبار ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « سجد على جبهته وأنفه »
2198 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن حجر ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الجبار ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أمه ، عن وائل بن حجر ، قال : « صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سجد تمكنت الراحتان من الأرض ، وتمكنت جبهته وأنفه ، حتى يرى أثر أنفه بالأرض »
2199 - حدثني أحمد بن عثمان المعروف بأبي الجوزاء ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا حفص ، عن الأعمش ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه ، قال : « رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الأرض واضعا جبهته وأنفه على الأرض »
2200 - حدثني إسماعيل بن موسى الفزاري ، قال : أخبرنا عيسى بن يونس ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد ، قال : « رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في طين ، فرئي أثر جبينه وترقوته في ماء وطين »
2201
- حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن محمد ، عن أبي سلمة
، عن أبي سعيد الخدري ، قال : « سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طين ، فكأني
أنظر إلى أثر الطين على جبهته وأرنبته (1) »
__________
(1) أرنبة : طرف الأنف من مقدمته
القول في البيان عما في هذا الخبر من الفقه فمما فيه من ذلك الإبانة عن صحة قول القائلين بأن وضع الأنف في السجود في الصلاة من سننها ، وأنه من الآراب السبعة التي قال صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أسجد عليها ، فإن قال لنا قائل : فإن كان الأمر في ذلك كالذي وصفت فما أنت قائل فيما :
2202
- حدثكم به محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ،
قال : حدثنا سليمان الشيباني ، قال : حدثنا عياش بن عمرو العامري ، قال : حدثنا
رجل ، قال : رأيت عبد الله بن عمر إذا سجد جافى (1) أنفه عن الأرض ، قال : قلت :
له : كأنك تجافي أنفك عن الأرض ؟ قال : « إن أنفي من حر وجهي ، وأكره أن أشين وجهي
»
__________
(1) جافى في سجوده : باعد عضديه عن جنبيه
2203 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن عياش العامري ، عن أبي الشعثاء أن ابن عمر رضي الله عنه رأى رجلا ينتحي في سجوده ، فقال : « لا تشينن صورتك » حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن ابن عمر بمثله
2204 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب ، عن أبي الشعثاء ، قال : قال : عبد الله حبيب يرى أنه ابن عمر ، قال : قال عمر رضوان الله عليه لرجل قد أثر السجود بأنفه : « لا تعلب صورتك »
2205 - وحدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا جرير ، قال : حدثنا قيس بن سعد ، قال : كان طاوس « يسجد على جبهته ، لا يبالي أن لا يضع أنفه إلى الأرض »
2206 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أبو زرعة يعني وهب الله بن راشد ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : « إن لم يسجد على الأنف فلن يضره ، إنما هو الجبهة »
2207 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري ، قال : كان الحسن « يرى السجود على الجبهة ، ولا يراه على الأنف » وقال أبو يوسف ، ومحمد : « إن وضع الساجد جبهته بالأرض ولم يضع أنفه أجزأه ، وإن وضع أنفه ولم يضع جبهته لم يجزئه » ، قيل : قد خالف من ذكرت جماعة مثلهم
ذكر من خالفهم في ذلك
2208 - حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري ، قال : حدثنا سعيد بن الفضل ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « من سجد فلم يضع أنفه على الأرض فلم يصل »
2209 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن وقاء بن إياس ، قال : سمعت سعيد بن جبير ، يقول : « ما تمت صلاة رجل لا يمس أنفه في سجوده ما تمس جبهته ، ولا في ركوعه حتى يعود كل عضو منه إلى مفصله من ظهر أو يد أو رجل ، ولا في قيامه بعد الركوع حتى يستوي صلبه »
2210 - حدثني علي بن مسلم الطوسي ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : حدثنا همام ، قال : حدثنا مالك بن دينار ، قال : سألت طاوسا عن السجود ، فقال : « هكذا ، ووضع يده على جبهته وأنفه »
2211 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الله بن عيسى ، قال : رآني جدي عبد الرحمن بن أبي ليلى أسجد ، فقال : « أمس أنفك الأرض »
2212 - حدثني علي بن عبد الأعلى المحاربي ، قال : حدثنا مطلب بن زياد ، عن عبد الله بن عيسى ، قال : مر علي ابن أبي ليلى وأنا ساجد ، فقال : « يا ابن عيسى ، ضع أنفك لله »
2213 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن عبد الله بن عيسى ، قال : كنت أسجد فلا أضع إلا جبيني ، فرآني عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فقال : « يا ابن عيسى ، ضع أنفك » وإذا اختلف أهل العلم في أمر من أمور الدين ، فالفاصل بينهم حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ، وقد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا من أمره المصلي في السجود بوضع أنفه بالأرض ، وتعليمه أمته ، إذ علمهم الصلاة التي فرضها الله عز ذكره عليهم ، أن من سنتها وضع الأنف فيها في حال السجود بالأرض ، فإن قال قائل : قد علمت أن الأخبار قد وردت عنه عليه السلام بالذي :
3251
- أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، ثنا إسحاق بن الحسن ، ثنا أبو حذيفة
، ثنا سفيان عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي
الله عنهما ، أنه سئل عن قوله عز وجل « وكان عرشه على الماء (1) على أي شيء كان
الماء ؟ قال : على متن الريح » « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »
__________
(1) سورة : هود آية رقم : 7
2215 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : « أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة » حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس مثله
2216 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أمرت أن أسجد على سبع »
2217 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، وابن وكيع ، قالا : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس ، عن ابن عباس « أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد منه على سبعة أعظم »
2218 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أمرت أن أسجد على سبع »
2219 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أسجد على سبعة »
2220
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا سويد بن عمرو الكلبي ، عن حماد بن زيد ، قال : قال
: عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : « أمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يسجد على سبعة ، ونهي أن يكف (1) شعره وثوبه »
__________
(1) الكف : الجمع والضم
2221 - حدثني محمد بن عمار الرازي ، قال : حدثنا إسحاق بن سليمان ، قال : حدثنا مغيرة بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : « أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي على سبعة أعضاء »
2222 - حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : « أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي على سبعة أعظم ، ونهى أن نكف شعرا أو ثوبا »
2223 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية ، عن طاوس اليماني ، عن ابن عباس ، قال : « أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نسجد على سبعة أعضاء ، ولا نكف شعرا ولا ثوبا : الجبين والراحتين والركبتين وصدور القدمين »
2224
- وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سقيف بن بشر الشيباني ، قال : سمعت
طاوسا ، قال : قال ابن عباس أو ابن عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
أوحي إلي أن أسجد في سبعة أعظم ، ولا أكف (1) شعرا ولا ثوبا »
__________
(1) الكف : الجمع والضم
2225 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن أبي الزبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ، ولا أكف لي شعرا ولا ثوبا »
2226 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أمرت أن أسجد على سبع »
2227 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربي ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الكريم ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : « أمرنا أن نسجد على سبعة أعضاء : على الوجه ، واليدين ، والركبتين ، وصدور القدمين »
2228
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبدة ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن عبد الكريم
، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أسجد على
سبعة أعظم (1) ، ولا أكف (2) شعرا ولا ثوبا » وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن
فضيل ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم نحوه
__________
(1) الأعظم : العظام والأعضاء التي يسجد عليها المصلي
(2) الكف : الجمع والضم
2229
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد القطواني ، قال : حدثنا محمد بن جعفر
، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن عبد الكريم المكي ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أسجد على سبعة أعظم (1) »
__________
(1) الأعظم : العظام والأعضاء التي يسجد عليها المصلي
2230 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أسجد على سبعة »
2231
- حدثنا عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا عتبة بن سعيد بن الرخص ، قال : حدثنا
ابن عياش ، قال : حدثني ابن جريج ، قال : حدثنا عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن
عباس ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أمرت أن أسجد على سبعة
أعظم (1) ، ولا أكف ثوبا ، ولا شعرا : الكفين ، والركبتين ، والقدمين ، والجبهة »
، قال : « ثم يمر بيده على جبهته »
__________
(1) الأعظم : العظام والأعضاء التي يسجد عليها المصلي
2232
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر قال : قرأت على فضيل ، عن أبي
حريز أن الحكم بن عتيبة حدثه ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه : أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان يقول : « نصيب في السجود على سبعة أعظم (1) ، وأمرت أن لا أكف
شعرا ولا ثوبا »
__________
(1) أعظم : جمع عظم وهي الأعضاء التي يسجد عليها المصلي
2233
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا زيد العكلي ، عن ابن لهيعة ، قال : حدثني يزيد بن
عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن عامر بن سعد بن
أبي وقاص ، عن العباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الرجل يسجد
على سبعة آراب (1) - أو كلمة نحوها : كفيه ، وقدميه ، وركبتيه ، وجبهته » وأن الذي
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالسجود عليه من الأعضاء سبعة ، وأن
الأنف إن كان داخلا فيما أمر بالسجود عليه من الآراب ، وجب أن يكون الذي كان أمر
بالسجود عليه من الآراب ثمانية ، لا سبعة . وذلك قول إن قلته ، خلاف ما وردت به
الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قيل : ليس الأمر في ذلك كالذي ظننت ،
بل ذلك وإن كان كذلك ، فغير زائد عدده على سبعة ، وذلك أن الجبهة والأنف بعض أجزاء
الوجه ، وإنما أمر الساجد في سجوده بإمساس الأرض من بدنه ، الآراب السبعة أحد تلك
الآراب ، ما أمكن الساجد إمساسه من وجهه الأرض محاذيا به القبلة . فلا شيء من
أجزاء وجه ابن آدم يمكنه إمساسه الأرض محاذيا به القبلة في سجوده غير جبهته وأنفه
. ولو أمكنه إمساس شيء منه كذلك لزمه إمساس ذلك مع الجبهة والأنف في حال سجوده
الأرض ، ولم يكن إذا لزمه ذلك يكون مأمورا بالسجود على تسعة آراب ، بل كان يكون
مأمورا بالسجود على سبعة ؛ لأن الوجه كله وإن فرقت أجزاؤه بأسماء مختلفة ، ومعان
مفترقة ، فهو في معنى الوجه عضو ، يجمع اسم الوجه تلك الأجزاء كلها . وقد بين أن
ذلك كذلك الخبر الذي
__________
(1) آراب : جمع إرب وهي الأعضاء
2234
- حدثناه ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا زمعة ، عن ابن طاوس ،
عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : « أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة ،
ولا يكف (1) شعرا ولا ثوبا : على الجبين ، والأنف ، والكفين ، والركبتين ، وأطراف
الرجلين »
__________
(1) الكف : الجمع والضم
ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم
ذكر بعض من حضرنا ذكره منهم
2236
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا التستري ،
قال : سمعت محمد بن سيرين ، قال : نبئت أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قال : «
يسجد من ابن آدم سبعة أعظم (1) : وجهه ، وكفاه ، وركبتاه ، وقدماه »
__________
(1) أعظم : جمع عظم وهي الأعضاء التي يسجد عليها المصلي
2237
- حدثنا حميد ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم ، قال :
سمعت الحسن ، يقول : قال : عمر بن الخطاب رضوان الله عليه : « يسجد من ابن آدم
سبعة أعظم (1) : وجهه ، وكفاه ، وركبتاه ، وقدماه »
__________
(1) أعظم : جمع عظم وهي الأعضاء التي يسجد عليها المصلي
2238 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا أيوب ، عن محمد ، قال : نبئت أن عمر قال : « السجود بسبعة : الوجه - أو قال : الجبهة - واليدين ، والركبتين ، والقدمين »
2239 - حدثنا عمران بن موسى القزاز ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا عمران بن حدير ، قال : رآني أبو مجلز - وأنا ساجد ، وقد رفعت إحدى قدمي - فقال لي : ضع قدمك بالأرض ، وقال : قال عمر : تجعلها خمسا وهي سبع ؟
2240 - حدثنا المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عمران بن حدير ، قال : رآني أبو مجلز - وقد شالت قدماي - فقال : رأى عمر بن الخطاب رضوان الله عليه رجلا ساجدا قد شالت قدماه ، فقال : « تجعلها خمسا وهي سبع » فإن قال قائل : فإن كان الأنف مما على المصلي إمساسه الأرض في سجوده كما عليه إمساسها جبهته إذ كان من أجزاء الوجه ؛ للعلة التي ذكرت ، أفرأيت إن ترك مصلي مكتوبة إمساسه الأرض في سجوده أتجزيه صلاته ، أم هي غير مجزيته حتى يسجد عليه سجوده على جبهته ؟ قيل : قد اختلف السلف قبلنا في ذلك ، على ما قد ذكرناه قبل . فأما الذي نقول به في ذلك : أن المصلي مكتوبة قد أمر بالسجود فيها على الآراب السبعة ، التي هي وجه ، ويدان ، وركبتان ، وقدمان ، محاذيا بكل ذلك القبلة ، فمن ترك السجود على إرب منها متعمدا تركه وهو عالم بوجوب ذلك عليه فلا صلاة له ، فإن سجد عليهن غير أنه ترك إمساس جميع أجزاء كل عضو من ذلك الأرض ، وأمس الأرض من كل عضو منه بعضا ، محاذيا به القبلة رأيناه مخطئا مسيئا مخالفا ما أمر بالعمل به ، غير أنا وإن رأيناه مخطئا مسيئا ، لم نر عليه إعادة صلاته ؛ لأنه قد جمع الجميع في بعض هذه الأعضاء السبعة التي أمرنا بالسجود عليها ، على أن ساجدا لو سجد على بعضه محاذيا به القبلة ، وترك السجود على ما سواه من أجزائه وهو للسجود عليه قادر ، أن صلاته ماضية جائزة ، وإن كان مخطئا بتركه السجود على ذلك عند كثير منهم ، وذلك كالساجد على جبهته تاركا السجود على أنفه وهو على السجود عليه قادر ، فلا خلاف بين الجميع من سلف الأمة وخلفهم أن صلاته ماضية لا إعادة عليه . فكذلك حكم الساجد من كل عضو من الأعضاء السبعة التي أمر بالسجود عليها ، إذا سجد منه على بعضه محاذيا به القبلة ، أجزأته صلاته ، ولم تلزمه إعادتها ، إن كان مخطئا بتركه السجود على جميع ما أمكنه السجود منه عليه ، وذلك كالواضع في سجوده بطن راحتيه على الأرض دون أصابعهما ، أو أصابعهما دونهما ، فيكون بتركه وضع ما لم يضع منهما على الأرض مخطئا مسيئا ، غير أنا وإن رأيناه مخطئا مسيئا ، فلا نأمره بإعادة صلاته لتركه وضع ذلك بالأرض ، إذا كان قد وضع بها بعضه ، كذلك الواضع جبهته بالأرض محاذيا بها القبلة ، وإن لم يضع أنفه بها في سجوده ، فإنه وإن كان مخطئا مسيئا بتركه وضعه بالأرض ، فإنا لا نأمره بإعادة صلاته ، وكذلك القول في الواضع أنفه بالأرض دون جبهته نظير القول في واضع راحتيه بالأرض دون أصابعهما ، أو أصابعهما دونهما ، لا فرق بين ذلك ، ومن فرق بينه فأوجب الإعادة في بعض ذلك على المصلي بتركه الوضع في الأرض بعض أجزاء عضو مما أمر بالسجود عليه ، مما هو قادر على السجود عليه محاذيا به القبلة ، ولم نر عليه في بعض أجزاء عضو آخر من ذلك ، والأمر فيهما متفق إعادة ، فإنه يسأل الفرق بين ذلك من أصل أو نظير ، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله وبنحو الذي قلنا قال جماعة من السلف
ذكر من قال ذلك
2241 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، قال : نبئت عن طاوس أنه سئل عن السجود على الأنف ، فقال : « أوليس أكرم الوجه ؟ »
2242
- حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا أبو هلال ، قال : سئل محمد بن
سيرين عن الرجل يسجد على أنفه ؟ فقال : أوما تقرأ : ( يخرون للأذقان سجدا (1) )
وقال أبو حنيفة : « إن وضع الساجد أنفه بالأرض ولم يضع جبهته ، أو وضع جبهته ولم
يضع أنفه أجزأه »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 107
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول أبي سعيد الخدري : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في طين ، فرئي أثر جبينه وأرنبته في الطين . « والأرنبة » طرف الأنف ، ومنه قول ذي الرمة : تثني الخمار على عرنين أرنبة شماء مارنها بالمسك مرثوم وهي الروثة أيضا ، وهي الخثرمة ، ومن الروثة قول أبي كبير الهذلي : حتى انتهيت إلى فراش عزيزة سوداء روثة أنفها كالمخصف وأما قوله في الخبر الآخر : فرئي أثر جبينه وترقوته في الماء والطين « فإن الجبين ما عن يمين الجبهة وشمالها من عظم الرأس ، والجبهة بينهما ، وأما قول ابن عمر للرجل الذي رآه قد أثر السجود بأنفه : لا تعلب صورتك ، فإنه يعني بقوله : لا تعلب صورتك : لا تؤثر فيه أثرا فتقبحه بذلك ، وأصل العلب : الأثر ، يقال منه : علبت الشيء إذا أثرت فيه ، فأنا أعلبه علبا وعلوبا ، ومنه قول عدي بن الرقاع : يتبعن ناجية كأن بدفها من غرض نسعتها علوب مواسم وأما قول أبي مجلز : » رأى عمر رجلا ساجدا قد شالت قدماه « ، فإنه يعني بقوله : » قد شالت قدماه « قد ارتفعتا عن الأرض ، يقال منه : شلت الحجر عن الأرض إذا رفعته عنها ، وشال الشيء : إذا ارتفع ، ومنه قول الأخطل في هجاء جرير بن عطية : وإذا وضعت أباك في ميزانهم قفزت حديدته إليك فشالا يعني بقوله فشال : ارتفع ، وأما قول أبي الشعثاء : رأى ابن عمر رجلا ينتحي في سجوده فإنه يعني بقوله : ينتحي : يعتمد ، يقال منه : انتحيت له بكذا ، إذا اعتمدته به وقصدته ، وهو انفعلت من قول القائل : نحوته بكذا ، إذا قصدت نحوه به ، كما قال : الطرماح : فنحا لأولاها بطعنة فيصل تمكو فرائصها من الإنهار وأما من الانتحاء ، فقول أبي البلاد الطهوي : فصدت وانتحيت لها بعضب حسام غير مؤتشب يمان وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : » ولا أكفت شعرا ولا ثوبا ، فإنه يعني بقوله « لا أكفت » : لا أكف ، يقال منه : كففت الشيء وكفته بمعنى واحد
ذكر خبر آخر من أخبار خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2243 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أيام منى ، فيقول : « لا حرج » فسأله رجل فقال : حلقت قبل أن أذبح ؟ فقال : « لا حرج » ، وقال رجل : رميت بعد أن أمسيت ، قال : « لا حرج »
2244
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن
سائلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : رميت بعد ما أمسيت ؟ قال : « لا حرج »
، قال : حلقت قبل أن أنحر (1) قال : « لا حرج » القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر
عندنا صحيح سنده ، لا علة فيه توهنه ، ولا سبب يضعفه ، وقد يجب أن يكون على مذهب
الآخرين سقيما غير صحيح لعلل : إحداها : أنه خبر قد حدث به عن عكرمة أيوب
السختياني فأرسله عنه ، ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ، وإن
كان بعض رواته قد وصله عنه ، والثانية : أنه خبر قد حدث به عن خالد الحذاء غير من
ذكرت ، فأرسله عنه عن عكرمة ، ولم يجعل بين عكرمة وبين النبي صلى الله عليه وسلم
ابن عباس ، والثالثة : أنه من نقل عكرمة ، وفي نقله عندهم نظر ؛ لأسباب قد بيناها
قبل ، والرابعة : أنه من رواية خالد عن عكرمة ، وفي رواية خالد عندهم ما قد تقدم
بيانه قبل
__________
(1) النحر : الذبح
ذكر من روى هذا الخبر عن أيوب ، عن عكرمة ، فأرسله ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس
2245 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن عكرمة ، قال : ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحد يومئذ قدم شيئا قبل شيء إلا قال وهو يومئ بيديه كلتيهما : « لا حرج ، لا حرج »
2246 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل : ذبحت قبل أن أرمي الجمرة ؟ قال : « لا حرج » ، قال : وقال له رجل : حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : « لا حرج » ، قال : فما سئل عن شيء يومئذ إلا جعل يومئ بيده ويقول : « لا حرج »
2247 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال : فرمى بيده ، وقال : « لا حرج » ، قالوا : رجل ذبح قبل أن يرمي ، قال : فرمى بيده ، وقال : « لا حرج » ، قال : فما سئل يومئذ عن شيء إلا رمى بيده وقال : « لا حرج »
ذكر من روى هذا الخبر عن خالد ، فجعله عنه ، عن عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، ولم يجعل بين عكرمة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس
2248 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن خالد ، عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل حلق قبل أن يذبح ، أو رمى بعدما أمسى ، فقال : « لا حرج »
ذكر من روى هذا الخبر عن أيوب ، عن عكرمة ، فوصله
2249 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : جاء قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يذكرون أنهم قدموا شيئا من أمر الحج بعضه قبل بعض ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا حرج » وقد وافق عكرمة في رواية هذا الخبر عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه جماعة ، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
ذكر ذلك
2250 - حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا أبو هشام يعني المخزومي ، قال : حدثنا وهيب ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الرمي والحلق في التقديم والتأخير ، فقال : « لا حرج »
2251 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن إسحاق ، عن وهيب البصري ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الذبح ، والحلق ، والتقديم والتأخير ، فقال : « لا حرج »
2252 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله النوفلي ، عن وهيب بن خالد ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذبح ، والحلق ، والرمي في التقديم والتأخير ، فقال : « لا حرج »
2253 - حدثني هلال بن العلاء الرقي ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا وهيب ، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن التقديم والتأخير في الحج ، فقال : « لا حرج »
2254 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الرحيم ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، قال : حدثني عطاء ، عن ابن عباس أن رجلا قال : يا رسول الله ، إني طفت بالبيت قبل أن أرمي ؟ فقال : « لا حرج »
2255 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، زرت قبل أن أرمي ؟ قال : « ارم ولا حرج » ، قال : حلقت قبل أن أرمي ؟ قال : « ارم ولا حرج »
2256 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الرحيم ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : جاءت الرعاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا شغلنا أن نرمي الجمار نهارا ؟ قال : « الآن ارموا ولا حرج » ، قال : ثم أتاه آخر ، فقال : إني ذبحت قبل أن أرمي الجمرة ؟ قال : « لا حرج » ، ثم أتاه رجل آخر ، فقال : إني حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : « لا حرج » وقد وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة ، نذكر ما صح عندنا من ذلك سنده
2257 - حدثنا محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا أسامة ، وحدثني القاسم بن بشر بن معروف ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : حدثنا أسامة ، عن عطاء ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى ثم جلس للناس ، فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ إني حلقت قبل أن أنحر ؟ قال : « لا حرج » ، ثم جاءه آخر ، فقال : حلقت قبل أن أرمي ؟ فقال : « لا حرج »
2258 - حدثني ابن سنان القزاز ، قال : حدثنا الحجاج ، عن حماد ، عن قيس ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله أن رجلا قال : يا رسول الله ذبحت قبل أن أرمي ؟ قال : « ارم ، ولا حرج » ، قال آخر : يا رسول الله ، حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : « اذبح ، ولا حرج »
2259
- حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء أن
النبي صلى الله عليه وسلم سئل يومئذ عن ست خصال (1) : عمن حلق قبل أن يذبح ، أو
ذبح قبل أن يرمي ، فجعل يقول : « لا حرج ، لا حرج »
__________
(1) الخصال : جمع خصلة وهي خلق في الإنسان يكون فضيلة أو رزيلة
2260 - أخبرنا عبد الحميد بن بيان القناد ، قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أفضت قبل أن أرمي ؟ قال : « ارم ، ولا حرج »
2261
- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، قال : أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث
المخزومي ، قال : حدثني أبي عبد الرحمن بن الحارث ، عن زيد بن علي ، عن أبيه علي
بن الحسين ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أن
النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فقال : إني رميت وأفضت وأمسيت ولم أحلق ؟ قال :
« فلا حرج ، فاحلق » ثم أتاه رجل آخر ، فقال : إني رميت وحلقت وأمسيت ولم أنحر ؟
فقال : « لا حرج ، فانحر (1) »
__________
(1) النحر : الذبح
2262
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن
مجمع ، عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ، عن زيد بن علي ، عن عبيد الله بن أبي
رافع ، عن أبي رافع ، عن علي رضي الله عنه ، قال : جاء رجل ، فقال : يا رسول الله
، حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : « لا حرج » ثم جاءه آخر ، فقال : نحرت (1) قبل أن أرمي
؟ قال : « لا حرج » ، ثم جاءه آخر ، فقال : أفضيت قبل أن أحلق ؟ قال : « لا حرج »
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن عبد العزيز الماجشون ، عن الزهري ، عن
عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
__________
(1) النحر : الذبح
2263 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن عبد العزيز الماجشون ، عن الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا حرج فيمن قدم وأخر »
2264
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال :
حدثنا الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : لما رمى رسول الله
صلى الله عليه وسلم العقبة ، وذبح ، وحلق ، وقف للناس ، فجعلوا يسألونه ، يقول
الرجل : يا رسول الله ، حلقت قبل أن أنحر ؟ ونحرت (1) قبل أن أرمي ؟ فما سألوه عن
شيء كان ينبغي لهم تأخيره ، ولا شيء أخروه ينبغي لهم تقديمه ، إلا قال : « افعلوا
، ولا حرج » ، حتى تصدع الناس عنه
__________
(1) النحر : الذبح
2265 - حدثني محمد بن عيسى الدامغاني ، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قالا : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رجل : يا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ حلقت قبل أن أذبح ؟ قال : « فاذبح ولا حرج » ، قال : وذبحت قبل أن أرمي ؟ قال : « فارم ، ولا حرج » حدثني أحمد بن حماد الدولابي ، قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حلقت قبل أن أذبح ؟ ثم ذكر نحوه
2266
- حدثني يونس ، عن عبد الله ، قال : أخبرني يونس أن ابن شهاب أخبره ، عن عيسى بن
طلحة بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقف للناس عام حجة الوداع يسألونه ، فجاء رجل فقال : يا رسول الله ، لم أشعر
، فنحرت (1) قبل أن أرمي ؟ قال : « ارم ، ولا حرج » ، قال رجل : يا رسول الله ، لم
أشعر ، فحلقت قبل أن أذبح ؟ قال : « اذبح ، ولا حرج » . فما سئل رسول الله صلى
الله عليه وسلم يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : « افعل ، ولا حرج »
__________
(1) النحر : الذبح
2267 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال : « لا حرج »
2268 - حدثنا بشر بن معاذ العقدي ، قال : حدثنا عمر بن علي ، قال : سمعت الحجاج يذكر عن عبادة بن نسي ، قال : حدثني أبو زبيد ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بين الجمرتين عن رجل طاف بالبيت قبل أن يرمي ، وحلق قبل أن يذبح ، قال : « لا حرج » ، ثم قال : « أيها الناس ، إن الله قد رفع عنكم الضيق والحرج ، ولكن تعلموا مناسككم ، فإنها من دينكم »
2269 - حدثني محمد بن إبراهيم بن صدران ، قال : حدثني عمر بن علي المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، عن عبادة بن نسي ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل حلق قبل أن يذبح ، فقال : « لا حرج ، لا حرج »
2270 - حدثني هلال بن العلاء الرقي ، قال : حدثنا أبي ، حدثنا عمر بن علي ، قال : حدثنا الحجاج ، عن عبادة بن نسي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الجمرتين عن رجل طاف قبل أن يرمي ، قال : « لا حرج » وعن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال : « لا حرج » ، وعن رجل حلق قبل أن يرمي ، قال : « لا حرج » ، ثم قال : « عباد الله ، إن الله قد رفع عنكم الضيق والحرج ، ولكن تعلموا مناسككم ، فإنها من دينكم »
2271 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم بن بشير ، قال : حدثنا عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : قعد النبي صلى الله عليه وسلم في حجته التي لم يحج بعدها ، فلم يسأل عن شيء قدمه أحد أو أخره ، زاده أو نقصه ، إلا قال : « لا حرج » حتى صدروا القول في البيان عما في هذه الأخبار من الفقه والذي فيها من ذلك الإبانة من النبي صلى الله عليه وسلم عن صحة قول القائلين بأن من قدم شيئا من نسك حجه عن وقته قبل شيء منه هو أولى بتقديمه عليه ، أو أخر شيئا منه عن موضعه على شيء هو أولى بتقديمه على ما قدمه عليه ، فلا حرج عليه ، ولا فدية ولا جزاء ، وذلك أن الفدية والجزاء في النسك ، إنما هو عوض من تقصير في واجب ، وتضييع للازم قد فات وقت عمله ، وحرج بتضييعه ، وأثم بتقصيره فيه ، وفي إعلام النبي صلى الله عليه وسلم أمته أنه لا حرج على من قدم شيئا من مناسك حجه التي صفتها ما ذكرت قبل شيء منها ، أو أخر شيئا منها عن موضعه أبين البيان وأوضح البرهان على أن لا كفارة على من أعلم أنه لا حرج عليه فيما فعل من ذلك ولا فدية ، إذ كان من زال عنه الحرج زائلا عنه البدل الذي كان له لازما لو كان حرجا ، وذلك الفدية والكفارة والجزاء ، فإن قال لنا قائل : فما أنت قائل فيما :
2272 - حدثكموه ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، قال : لقي ابن عمر رجلا من أهله وقد طاف بالبيت ، وهو راجع إلى منى طويل الشعر ، فقال له : « أما حلقت ولا قصرت ؟ ارجع إلى منى فاحلق أو قصر ، ثم اذهب إلى البيت فطف » حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا هشام ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه رمى الجمار ، وذبح ، وحلق ، وانطلق يزور البيت ، فلقي إنسانا من أهله راجعا ، فذكر نحوه
2273
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن نافع أن رجلا
رمى الجمرة ، ثم انطلق كما هو فطاف بالبيت ، وكان ابن عمر لا يسبقه أحد إلى البيت
إذا نحر (1) وحلق ، وأنه نحر في دار النحر ، ثم انطلق فلقيه الرجل فأنكره ، فقال :
يا ابن أخي : « كيف صنعت ؟ » ، قال : رميت ثم جئت فطفت بالبيت ، قال : « فارجع ،
واحلق أو قصر ، ثم ارجع فطف بالبيت »
__________
(1) النحر : الذبح
2274 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن مورق العجلي ، قال : سألت ابن عمر عن رجل حلق قبل أن يذبح ؟ قال : « إنك لضخم اللحية »
2275
- حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن ليث ، عن صدقة بن
يسار ، قال : سألت جابر بن زيد عن رجل حلق قبل أن ينحر (1) ، قال : « عليه فدية »
__________
(1) النحر : الذبح
2276
- حدثني أبو كريب ، قال : حدثنا عمر بن عبيد ، عن الأعمش ، ومغيرة ، عن إبراهيم ،
قال : سئل عن رجل حلق قبل أن يذبح ، قال : « أليس الله يقول تعالى ذكره : ( ولا
تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله (1) ) ، قال : » فكان يرى في ذلك دما «
__________
(1) سورة : البقرة آية رقم : 196
2277
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عبيدة ، عن إبراهيم
أنه كان يقول : « من قدم من نسكه شيئا قبل شيء فليهرق (1) دما »
__________
(1) الإراقة والهراقة : صب وسيلان الماء وكل مائع بشدة
2278
- حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو حرة ، عن الحسن أنه قال : «
من قدم شيئا من نسكه قبل شيء فليهرق (1) دما »
__________
(1) الإراقة والهراقة : صب وسيلان الماء وكل مائع بشدة
2279
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير ، قال : « من
قدم شيئا من نسكه أو أخر شيئا ، أو حلق قبل أن يذبح ، فعليه دم يهريقه (1) »
__________
(1) يهريق : يريق ويسيل ويسكب
2280 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير ، قال : « من قدم شيئا قبل شيء فعليه دم » قيل : قد خالف من ذكرت غيرهم من أهل القدوة فإن قال : فاذكر لنا بعضهم قيل :
2281 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن ليث ، قال : سألت مجاهدا ، وطاوسا عن رجل حلق قبل أن ينحر ، قالا : « ليس عليه شيء »
2445 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أيوب بن سويد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، في رجل نسي أن يرمي حتى أفاض ، قال : « إن ذكر قبل أن يستفتح بالطواف فليرجع ، وإن لم يذكر شيئا حتى استفتح الطواف ، فلا يرجع حتى يفرغ من طوافه » ، قال : وأقول مثل ذلك معتمر بدأ بالصفا قبل الطواف بالبيت
2446 - حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثني زيد بن أبي الزرقاء ، عن سفيان ، قال : كان عطاء ، يقول : « من سعى قبل الطواف أجزأه »
2447 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا نافع ، قال : أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء ، قال : « إن طاف إنسان بين الصفا ، والمروة قبل البيت ، فليطف بالبيت ولا يعد لطوافه بين الصفا ، والمروة » ، غير مرة سمعته يسأل عن ذلك
2448 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، سألت الثوري عن رجل ، بدأ بالصفا ، والمروة قبل البيت ، قال : أخبرني ابن جريج ، عن عطاء أنه قال : « يطوف بالبيت وقد أجزأ عنه » ، قال : وأما نحن ، فنقول : يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا ، والمروة
2449 - وحدثني عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك ، قال : أخبرنا زكريا ، عن ابن أبي نجيح ، قال : « لو أن رجلا ، طاف بالصفا ، والمروة قبل الطواف بالبيت جاهلا أو ناسيا ، أجزأ ذلك عنه » فإن قال : فإن كان الأمر في تقديم بعض المناسك قبل بعض ، كالذي ذكرت من جوازه عامدا أو ناسيا أو جاهلا ، فما أنت قائل فيما كان يقوله بعض المنتسبين إلى الفقه في رمي رامي الجمرة من الجمرات الثلاث الواجب رميها بسبع حصيات متفرقات ، أنه جائز رميها بسبع منهن مجتمعات رمية واحدة ، اعتلالا منه في إجازته ذلك ، بالأخبار التي ذكرتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من وضعه الحرج عن مقدم شيء من نسكه قبل شيء هو مؤخر عنه ، ومؤخر شيء منه عن شيء هو مقدم عليه ؟ قيل : ذلك من القول خطأ ، ومن التأويل غلط . وذلك أن رامي الجمرات مأمور برمي كل واحدة منهن بسبع حصيات متفرقات ، سبع رميات ، كل رمية بحصاة منهن ، كما الطائف بالبيت الطواف الواجب مأمور بالطواف به سبعة أشواط ، فلو طاف به شوطا واحدا ينوي به طوافا عن الأطواف السبعة ، لم يكن إلا شوطا واحدا ، كما لم يكن رمي الرامي الجمرة الرمية الواحدة بالحصيات السبع ، إلا بمعنى الرمية الواحدة بحصاة واحدة . فإن قال : وكيف يكون ذلك كذلك ، ورامي الجمرة مأمور برميها بسبع حصيات ، فجامعها برمية واحدة ، قد رماها بسبع حصيات كما أمر ، والطائف بالبيت مأمور بالطواف به سبعة أشواط ، والشوط الواحد لا يكون سبعة أشواط ، وذلك أنه لا يقال لطائف شوط واحد طاف سبعة أشواط . ولا يمتنع ممتنع أن يقول لرامي الجمرة بسبعة أحجار برمية واحدة : رماها بسبعة أحجار . قيل : ذلك إنما يكون كالذي قلت : لو كان الأمر في الرمي بسبع حصيات دون سبع رميات . فأما الأمر بالرمي بسبع حصيات ، كل حصاة منهن برمية غير الرمية بالأخرى ، فإنه نظير الأمر بطواف سبعة أشواط ، كل شوط منهن غير الأشواط الأخرى ، في أن الرمية الواحدة لا تكون سبع رميات ، وإن كانت الرمية بخمسين حصاة ، كما لا يكون طواف شوط واحد طواف سبعة أشواط . فإن قال : وما البرهان على أن على رامي الجمرة في حجه رميها سبع رميات سبع حصيات ، دون أن يكون الذي عليه ، رميها بسبع حصيات برمية واحدة رماها ، أو بسبع رميات بعد أن يرميها بسبع منها ؟ قيل : البرهان على ذلك ما لا يدفعه دافع ، ولا ينكره من أهل الإسلام منكر ، وهو نقل جميعهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علم أمته ، إذ علمهم مناسك الحج ، رمي كل جمرة من الجمرات الثلاث ، في حال وجوب رميهن على راميهن ، بسبع حصيات متفرقات ، كل حصاة من ذلك برمية بها غير الرمية بالآخر منها ، فكان وجوب إفراد رمي كل واحدة منهن برمية غير الرمي بالآخر منهن ، من الوجه الذي فيه وجوب رمي كل واحدة من الجمرات الثلاث بسبع حصيات ، لأن كل ذلك مما علم وجوبه بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته . فإن لم يكن سائغا للأمة تركها أحدها ، لم يكن لهم ترك الآخر منها ، وإن انساغ لهم ترك واحدة منها ، انساغ له ترك الآخر ، فيكون سائغا لهم رمي كل جمرة من ذلك بحصاة واحدة ، ومجزئا ذلك عنهم وإن لم يرموها بغيرها ، كما جاز لهم رميها عندكم بسبع حصيات برمية واحدة ، وقد علموا رميها بسبع حصيات متفرقات ، كل حصاة منهن برمية غير الرامي بالآخر منهن ، لا فرق بين ذلك . ومن فرق بينهما ، كلف البرهان على ما فرق ما بين ذلك من أصل أو نظير ، فلن يقول في أحدهما قولا ، إلا ألزم في الآخر مثله
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم إذ
سئل عمن قدم شيئا من نسكه قبل شيء : « لا حرج » ، يعني صلى الله عليه وسلم بقوله :
« لا حرج » ، لا ضيق في فعل ذلك ، أي أن ذلك واسع له في الدين ، مطلق غير مضيق فيه
. وأصل الحرج : الضيق ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ( وما جعل عليكم في الدين من
حرج (1) ) . وأما قوله إذ قال له : « أفضت قبل أن أرمي » ، فإنه يعني بقوله « أفضت
» ، رجعت إلى البيت زائره ، وإلى الموضع الذي بدأت السمو منه إلى عرفات للطواف
بالبيت . وكل عائد إلى أمر بعد بدء ، تسميه العرب : مفيضا . وكذلك قيل لضارب
القداح بين الأيسار : مفيض ، لجمعه القداح ، ثم ضربه بها بين المياسرين عودا بعد
بدء ، ومنه قول بشر بن أبي خازم الأسدي : فقلت لها : ردي إلي حياته فردت كما رد
المنيح مفيض ومنه قيل للقوم إذا تراجعوا القول بينهم : « أفاضوا في الحديث » وأما
قول عبد الله بن عمرو : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل يومئذ عمن قدم شيئا
من نسكه قبل شيء إلا قال : « لا حرج » ، حتى تصدعوا عنه ، فإنه عنى بقوله : حتى
تصدعوا عنه : حتى تفرقوا عنه ، وكل صدع فتفرق ، ومنه قيل لصدع الزجاجة أو الحائط
وغير ذلك صدع ، لمفارقة بعض أجزائه التي كانت ملتئمة قبل الانصداع بعضا ، ومنه قيل
: لافتراق المؤتلفين من القبائل : قد تصدع ما بين حي فلان وفلان ، ومنه قول الشاعر
: لعمري لقد أبقت وقيعة راهط لمروان صدعا بينا متنائيا
__________
(1) سورة : الحج آية رقم : 78
ذكر ما لم يمض ذكره من أخبار هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2450
- حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثني عباد بن العوام ، عن هلال بن خباب ، عن عكرمة
، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والتفت إلى أحد ، فقال
: « والله ما يسرني أن لآل محمد صلى الله عليه وسلم ذهبا أنفقه في سبيل الله ،
أموت يوم أموت وعندي منه دينار ، إلا دينارا أرصده لدين » ، قال : فمات رسول الله
صلى الله عليه وسلم وما ترك دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ، ولقد ترك درعه (1)
التي كان يقاتل فيها رهنا بثلاثين قفيزا (2) من شعير ، ثم قال ابن عباس : لقد كان
يأتي على آل محمد صلى الله عليه وسلم الليالي ، ما يجدون فيها عشاء
__________
(1) الدِّرْع : الزَّرَدِيَّة وهي قميص من حلقات من الحديد متشابكة يُلْبَس وقايةً
من السلاح
(2) القفيز : مكيال قديم، ويعادل حاليا ستة عشر كيلو جراما
2451
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مصعب بن المقدام ، عن بكر بن خنيس ، عن أبي محمد ،
عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم على أصحابه ذات يوم وفي يده قطعة من ذهب ، فقال : « يا عبد الله بن عمرو ، ما
كان محمد قائلا لربه لو مات وهذه عنده ؟ ثم قسمها قبل أن يقوم ، ثم قال : ما يسرني
أن لآل محمد صلى الله عليه وسلم مثل هذا الجبل وأشار إلى الجبل ، وأني مت وتركت
منه دينارين » ، قال ابن عباس : فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض ، فلم
يدع دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ، وترك درعه مرهونة بثلاثين صاعا (1) من
شعير كان يأكل منه ويطعم عياله عند رجل من اليهود القول في علل هذا الخبر : وهذا
خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلتين
: إحداهما : أن بعض ما فيه من معانيه لا مخرج له يصح عن ابن عباس عن النبي صلى
الله عليه وسلم ، إلا من هذا الوجه . والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد ، وجب
التثبت فيه . والثانية : أنه من نقل عكرمة ، عن ابن عباس ، وفي نقل عكرمة عندهم
نظر يجب التوقف فيه . وقد وافق ابن عباس في رواية بعض معاني هذا الخبر عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ، وفي بعضه البعض
__________
(1) الصاع : مكيال المدينة تقدر به الحبوب وسعته أربعة أمداد ، والمد هو ما يملأ
الكفين
ذكر من وافقه في روايته كراهية ادخار الذهب والفضة ثلاثا ، لغير ما استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم
2452 - حدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة عشاء ، ونحن ننظر إلى أحد ، فقال : « يا أبا ذر » ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : « ما أحب أن أحدا ذاك عندي ذهبا أمسي ثالثة ، عندي منه دينار إلا دينارا أرصده لدين ، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا عن يمينه ، وعن شماله ومن قدامه » ، قال : ثم مشى ، فقال : « يا أبا ذر » ، قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : « إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا عن يمينه ، وعن شماله ، ومن قدامه »
2453
- وحدثني محمد بن يحيى القطعي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال :
أخبرنا حماد الكوفي ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : كنت أنا ورسول الله صلى
الله عليه وسلم في بقيع الغرقد ، فالتفت إلي ، فقال : « يا أبا ذر » ، قلت : لبيك
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسعديك ، وأنا فداؤك ، فقال : « إن المكثرين هم
المقلون إلا من قال : هكذا وهكذا وهكذا وهكذا » وأومأ (1) عن يمينه وعن يساره ومن
بين يديه ومن خلفه في حق ، فقلت : الله ورسوله أعلم ، ثم مشى حتى طلع لنا أحد
فالتفت ، فقال : « يا أبا ذر » ، فقلت : لبيك وسعديك وأنا فداؤك ، فقال : « ما
يسرني أن أحدا أصبح لآل محمد ذهبا يمسي وعندهم منه دينار » وحدثني علي بن سهل
الرملي ، قال : حدثنا الحسن بن بلال ، عن حماد ، قال : أخبرنا حماد بن أبي سليمان
، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، وذكر نحو حديث محمد بن يحيى ، عن الحجاج ، غير أنه
قال في حديثه : ثم مشى حتى أشرف لنا أحد حدثني أبو الجماهر الحضرمي محمد بن عبد
الرحمن الحمصي ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش
، عن زيد بن وهب ، قال : أشهد لسمعت أبا ذر ، يقول : كنت أمشي مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم بحرة المدينة ، ثم ذكر نحو حديث سلم بن جنادة ، عن أبي معاوية
__________
(1) الإيماء : الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه
2454 - حدثني أبو الجماهر محمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة وهو يقول : « هم الأخسرون ورب الكعبة » ، فقلت : ومالي ؟ أنزل في شيء فقلت : ومن هم فداك أبي وأمي ، قال : « هم الأكثرون أموالا ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا » يعني من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله بكفيه جميعا ، « وقليل ما هم » ، ثم قال : « ما من رجل يموت وله إبل أو بقر أو غنم لم يؤد زكاتها ، إلا جاءت يوم القيامة أوفر ما كانت وأعظمه تعضه بأفواهها ، وتطأه بأخفافها ، كلما نفد آخرها عادت أولاها ، حتى يقضى بين الناس »
2455 - وحدثني مشرف بن أبان بن الخطاب ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستظل في الكعبة وهو يقول : « هلكوا ورب الكعبة » ، فما قاررت حتى قمت ، فقلت : من هم ؟ فداك أبي وأمي يا رسول الله ، قال : « هلك الأكثرون أموالا ، إلا من قال : هكذا وهكذا وهكذا »
2456
- وحدثني محمد بن يحيى القطعي ، قال : حدثنا بشر يعني ابن عمر ، قال : حدثنا شعبة
، عن عمرو بن مرة ، عن سويد بن الحارث ، عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، قال : « ما يسرني أن لي مثل أحد ذهبا ، أدع يوم أموت دينارا أو نصف دينار
إلا لغريم (1) »
__________
(1) الغريم : الذي له الدين والذي عليه الدين ، جميعا
2457
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ،
قال : سمعت سويد بن الحارث ، يقول : سمعت أبا ذر ، يقول : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « ما أحب أن لي أحدا ذهب ، أموت يوم أموت وعندي منه دينار ، إلا أن
أرصده لغريم (1) »
__________
(1) الغريم : الذي له الدين والذي عليه الدين ، جميعا
2458
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني وهب بن جرير ، قال : حدثني شعبة ، عن عمرو بن
مرة ، عن سويد بن الحارث ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ما أحب أن لي أحدا ذهب ، أدع يوم أموت فيه دينارا أو نصف دينار إلا أن أرصده
لغريم (1) »
__________
(1) الغريم : الذي له الدين والذي عليه الدين ، جميعا
2459
- وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن الجريري ، عن
أبي العلاء بن الشخير ، عن الأحنف ، قال : قال لي أبو ذر : إن خليلي أبا القاسم
صلى الله عليه وسلم دعاني فقال : « يا أبا ذر » ، فأجبته ، فقال : « ترى أحدا ؟ »
، فنظرت وأنا أظنه يبعثني في حاجة له ، فقلت : أراه ، فقال : « ما يسرني أن لي
مثله ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير ، ثم هؤلاء يجمعون الدنيا لا يعقلون شيئا »
، قلت : ما لك ولإخوانك من قريش لا تعتريهم (1) وتصيب منهم ؟ فقال : « لا وربك لا
أسألهم دنيا ، ولا أستفتيهم عن دين ، حتى ألحق بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) يعتريهم : أي يصيبهم
2460 - حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب المصري ، قال : حدثني عمي ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبيه الحارث بن يعقوب ، عن أبي الأسود الغفاري ، عن النعمان الغفاري ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يا أبا ذر ، اعقل ما أقول لك ، إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا »
2461 - وحدثني سليمان بن عبد الحميد البهراني ، قال : حدثنا حيوة ، ويزيد ، قالا : حدثنا بقية ، قال : حدثنا صفوان قال : حدثني أبو اليمان عامر بن عبد الله ، عن حبيب بن مسلمة ، عن أبي ذر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الأكثرين هم الأسفلون يوم القيامة في الجنة والنار ، إلا من قال بماله هكذا وهكذا »
2462
- وحدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا ابن فضيل ، قال : حدثنا سالم بن أبي حفصة
، وأبو منصور الجهني ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « أي جبل هذا ؟ » ، قلت : أحد ، قال : « والذي نفسي بيده ، ما يسرني
أنه لي ذهبا قطعا أنفقه في سبيل الله ، أدخر منه قيراطا (1) » ، قال : قلت :
قنطارا (2) ، قال : « قيراطا » ، قال : قلت : قنطارا ، قال : « قيراطا » ، قال :
قلت : قنطارا ، قال : مرارا ، فقال : « إنما أقول الذي هو أقل ، ولا أقول الذي هو
أكثر »
__________
(1) القيراط : عشر الدينار
(2) القنطار : قيل إنه ألف ومائتا أوقية ذهباً وقيل ملء مسك ثور ذهباً وقيل سبعون
ألف مثقال وقيل مائة رطل ذهبا
2463 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا روح بن أسلم ، قال : حدثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما أحب أن لي أحدا ذهب ، يكون عندي بعد ثلاث منه شيء ، إلا شيء أرصده لدين ، إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا ، عن يمينه ، وعن شماله ، ومن بين يديه ووراءه »
2464 - وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن عمار بن رزيق ، عن أبي إسحاق ، عن كميل بن زياد ، عن أبي هريرة ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في نخل المدينة ، فقال : « يا أبا هر ، هلك المكثرون ، إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا وهكذا ، وقليل ما هم »
2465 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا منصور بن سلمة ، قال : حدثنا بكر بن مضر ، قال : حدثني موسى بن جبير ، عن أبي أمامة بن سهل ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة ، يقول : ذلك ثلاثا إلا من قال بالمال هكذا وهكذا » وأشار أبو أمامة عن يمينه ، وعن شماله
2466 - حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا محمد بن سابق ، عن كامل ، عن أبي صالح ، قال : سمعت أبا هريرة ، وهو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الأكثرين هم الأذلون ، إلا من ، قال هكذا : من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله »
2467
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي ذئب ،
وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، قال :
حدثني ابن أبي ذئب ، عن أبي الوليد ، مولى عمرو بن خداش ، عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : « ما أحب أن لي أحدا ذهب ، تمر بي ثلاثة وعندي منه
دينار ، إلا شيئا أعده لغريم (1) »
__________
(1) الغريم : الذي له الدين والذي عليه الدين ، جميعا
2468 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « لو كان لي مثل أحد ذهب ، ما سرني أن يأتي علي ثلاث ليال وعندي منه شيء ، إلا شيء أرصده لدين »
2469 - حدثنا أحمد ، قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أن سليمان بن سنان المزني ، حدثه أنه ، سمع أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أحب أن لي أحدكم هذا ذهبا أنفق منه كل يوم ، فتمر بي ثلاث ، وعندي منه شيء إلا شيئا أرصده لدين »
2470 - وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا بكر بن مضر ، عن موسى بن جبير ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الأكثرون الأقلون يوم القيامة ، الأكثرون الأقلون يوم القيامة ، الأكثرون الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا » ، وأشار إلى أمامه ، وعن يمينه ، وعن يساره
2471 - وحدثني محمد بن حفص أبو عبيد الوصابي ، قال : حدثنا ابن حمير ، قال : حدثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « المكثرون في النار إلا من قال هكذا وهكذا » ، وأشار بكفه من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن يساره ، ثم قال : « وقليل ما هم » ، ثم قال يزيد : إن لم أكن سمعته من أبي هريرة فصمتا
2472 - وحدثني ابن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الأسفلون الأكثرون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا » ، كل ذلك يحكي أبو عاصم بيده : يمنة ، ويسرة ، وقداما ، وخلفا
2473 - وحدثني أبو الجماهر الحضرمي ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ، قال : حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الأكثرون الأسفلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا » ، يعني عن يمينه ، وعن شماله ، ومن رواء ظهره ، ومن بين يديه
2474 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا بكر بن مضر ، عن موسى بن جبير ، عن أبي أمامة بن سهل ، أنه قال : دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : لو رأيتما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرض له ، قالت : وكانت له عندي ستة الدنانير ، قال موسى : أو سبعة ، قالت : فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقها ، فشغلني وجع نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله ، قالت : ثم سألني عنها ، فقال : « ما فعلت ؟ أكنت فرقت الستة أو قالت : السبعة الدنانير ؟ قلت : لا والله ، لقد كان شغلني وجعك ، قال : فدعا بها ، ثم صبها في كفه ، فقال : » ما ظن نبي الله لو لقي الله وعنده هذه «
2475
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : أخبرنا الجريري
، عن أبي السليل ، قال : وقف على رجل ، فقال : حدثني أبي أو عمي ، قال : شهدت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « ويل لأرباب المئين (1) من الإبل ، ويل لأرباب
المئين من الإبل ، ويل لأرباب المئين من الإبل ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا
ونحا سعيد بيده يمينا وشمالا وقليل ما هم ، ثم قال : » قد أفلح المزهد المجهد ، قد
أفلح المزهد المجهد ، قد أفلح المزهد المجهد «
__________
(1) المئون : المئات
2476 - حدثني محمد بن معمر البحراني ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء ؟ فقال : « الأنبياء » ، قال : ثم من ؟ قال : « ثم الصالحون ، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها ، وإن كان أحدهم ليبتلى بالقمل حتى يقتله ، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء ، كما يفرح أحدكم بالرخاء »
2477
- حدثني أبو معمر ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سليمان ، عن حميد يعني ابن
هلال ، عن أبي بردة ، قال : دخلت على عائشة رضي الله عنها ، فأخرجت إلينا إزارا
(1) غليظا مما يصنع باليمن ، وكساء من التي يسمونها : الملبدة (2) ، فأقسمت بالله
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين
__________
(1) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن
(2) الملبد : المرقع ، وقيل الملبد الذي ثخن وسطه وصفق حتى صار يشبه اللبدة
2478
- وحدثني يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثني إبراهيم بن مردانبه ، قال : حدثنا
رقبة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن أم سلمة ، قالت : جاءت النبي
صلى الله عليه وسلم سبعة دنانير ليس لها ثامن ، أو ثمانية دنانير ليس لها تاسع ،
فوضعها تحت الفراش ، ثم جاء وقد تغير من لونه ، فقلت : ما لك يا رسول الله ؟ فقال
: « لا ، إلا أن الدنانير التي جاءتنا غدوة (1) أمسينا ولم ننفقها »
__________
(1) الغُدْوة : البُكْرة وهي أول النهار
2479
- حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن هشام ، عن قتادة ، عن أنس بن
مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : وحدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني
أبي ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : مشيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير
وإهالة (1) سنخة (2) ، ولقد رهن درعا له مع يهودي بعشرين صاعا (3) من طعام أخذه
لأهله ، ولقد سمعته ذات مرات يقول : « ما أمسى عند آل محمد صلى الله عليه وسلم صاع
تمر ، ولا صاع حب » ، وإن عنده لتسع نسوة يومئذ حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا
أبو عامر ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، بنحوه حدثنا ابن المثنى ، قال
: حدثني أبو عامر ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، بنحوه ، إلا أنه قال :
عند يهودي بالمدينة ، فأخذ شعيرا لأهله ، وقال : ما أصبح
__________
(1) الإهالة : ما أذبت من الشحم ، وقيل : الشحم والزيت ، وقيل : كل دهن اؤتدم به
إهالة
(2) السّنِخة : المتَغَيَّرة الرِّيح
(3) الصاع : مكيال المدينة تقدر به الحبوب وسعته أربعة أمداد ، والمد هو ما يملأ
الكفين
2480 - حدثنا أبو معمر الهاشمي صالح بن حرب ، قال : حدثنا إسماعيل بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن صهيب ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لا يدخل الجنة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا ، يمنة ، ويسرة »
2481 - حدثنا الحسن بن شاذان الواسطي ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، قال : أخبرني عبد الله بن عبد الواحد ، رجل من ثقيف ، عن أبي مجيب الشامي ، قال : كان نعل سيف أبي هريرة من فضة ، فقال له أبو ذر : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من ترك صفراء ، أو بيضاء كوي بها »
2482 - حدثني عمر بن إسماعيل الهمداني ، قال : حدثنا يعلى بن الأشدق ، عن عبد الله بن جراد ، قال : قلت : يا أبا هريرة ، كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهب والفضة ؟ قال : « تسأل عن رجل لم يجتمع عنده درهمان قط مصرورا »
2483 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن ميمون الزعفراني ، عن حميد الطويل ، أن أنسا ، حدثهم أنهم دخلوا على سلمان في مرضه الذي مات فيه ، فبكى ، فقالوا له : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ قال : أما والله ما أبكي صبابة إليكم ، ولا ضنا بصحبتكم ، ولكن أبكي لعهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نأخذ به ، قال لنا : « ليكن بلاغكم من الدنيا كزاد الراكب » ، فلم نرض بذلك حتى جمعنا ما ترون ، قال : فقلبنا أبصارنا في البيت ، فلم نر شيئا إلا إكافا وقرطاطا له
2484
- وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، وحسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن
عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم
، قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساهم (1) الوجه فخشيت ذاك من
وجع ، فقلت : يا رسول الله ما لي أراك ساهم الوجه ؟ قال : « من أجل الدنانير
السبعة التي أتتنا ، لم أنفقهن ، نسيتهن تحت خصم (2) الفراش »
__________
(1) ساهم : مُتَغيِّر
(2) الخصم : الجانب
2485 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبدة ، عن محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في وجعه الذي مات فيه : « يا عائشة ، ما فعلت الذهب ؟ » ، قالت : قلت : هي عندي ، قال : « ائتيني بها » فجئت بها ، وهي ما بين السبعة أو الخمسة ، فجعلها في كفه وقال : « ما ظن محمد بالله لو لقي الله وهذه عنده أنفقيها »
2486 - حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : « ما فعلت الذهبة ؟ » ، قلت : هي عندنا يا رسول الله ، قال : « ائتيني بها » فجئته بها ، فوضعها في يده ، فرفع بها يده ، وقال : « ما ظن محمد لو لقي الله وهذه عنده ؟ أنفقيها »
2487 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، عن محمد بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لو كان عندي أحد ذهبا ، لسرني أن لا تمضي ثالثة وعندي منه دينار ولا درهم ، أنفقه في سبيل الله ، إلا أن أمسك شيئا لدين إن كان علي »
2488 - وحدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أوليائي منكم المتقون ، فلا يأتين الناس بالأعمال يوم القيامة ، وتأتون بالدنيا تحملونها على أعناقكم ، وتقولون : يا محمد ، فأقول كذا وأقول كذا » وأعرض في عطفيه
2489
- حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، قال : حدثنا زائدة ،
عن منصور ، عن شقيق ، قال : حدثنا سمرة بن سهم ، قال : نزلت على أبي هاشم بن عتبة
وهو طعين (1) ، فدخل عليه معاوية يعوده ، فبكى ، فقال له معاوية : ما يبكيك ؟ أوجع
يشئزك (2) ؟ أم حرص على الدنيا ، فقد ذهب صفوها فقال : على كل لا ، ولكن رسول الله
صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا فوددت أني اتبعته ، إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، قال : « لعلك أن تدرك أموالا تقتسم بين أقوام ، وإنما يكفيك من جميع المال
خادم ومركب في سبيل الله » ، فوجدت فجمعت
__________
(1) الطعين : المصاب بالطاعون
(2) يشئزك : يقلقك ويؤلمك
2490 - حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي ، قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان « لا يدخر شيئا لغد »
2491 - وحدثني أبو زيد عمر بن شبة ، قال : حدثنا مسعود بن واصل ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما فعلت الذهب ؟ » ، قلت : ها هي ذه ، فجئته بها ، فوضعها في كفه ، وكانت ما بين السبعة إلى التسعة ، فقال : « ما ظن محمد بربه لو لقيه وهذه عنده »
2492
- وحدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني ابن
هانئ ، قال : أخبرني أبو عبد الرحمن الحبلي ، عن عامر بن عبد الله ، عن سلمان
الخير أنه حين حضره الموت عرفوا منه بعض الجزع (1) ، فقالوا : ما يجزعك يا أبا عبد
الله وقد كان لك سابقة في الخير شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغازي (2)
حسنة وفتوحا عظاما فقال : يحزنني حبيبنا صلى الله عليه وسلم ، حين فارقنا عهد
إلينا فقال : « ليكف المؤمن منكم كزاد الراكب » ، فهذا الذي حزنني ، فجمع مال
سلمان فكان قيمته خمسة عشر دينارا
__________
(1) الجزع : الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن
(2) المغازي : مواضع الغزو ، وقد تكون الغزو نفسه ، والمقصود بها هنا الغزوات
2493 - حدثنا علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا الحسن بن بلال ، عن حماد ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، وحماد ، عن حميد ، عن مورق ، أن سعد بن مالك ، وعبد الله بن مسعود ، دخلا على سلمان يعودانه فبكى ، فقالا : ما يبكيك يا أبا عبد الله ؟ فقال : عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحفظه أحد منا ، قال : « ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب » ، قال : فلما مات نظروا في بيته ، فإذا إكاف وقرطاط ومتاع ثمن عشرين درهما
2494 - حدثني حسان بن محمد بن عبد الرحمن الطائي ، من أهل حمص ، قال : حدثنا سلامة بن جواس ، عن محمد بن القاسم ، عن عبد الله بن بسر المازني ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس : « يا عم ، قليل يضنيك ، خير من كثير يطغيك »
2495 - حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا أسد ، قال : حدثنا محمد بن خازم ، عن موسى الصغير ، عن هلال بن يساف ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، قال : قلت له : ألا تبتغي لأضيافك كما يبتغي فلان لأضيافه ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن أمامكم عقبة كؤودا ، لا يجوزها المثقلون ، فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة »
2496 - حدثني الحسين بن أبي كبشة ، قال : حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال : حدثنا عباد بن راشد عن قتادة ، قال : حدثني خليد العصري ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من يوم طلعت فيه شمسه إلا وبجنبتيه ملكان يناديان ، يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين : يا أيها الناس ، هلموا إلى ربكم ، إن ما قل وكفى ، خير مما كثر وألهى »
2497 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن خليد بن عبد الله العصري ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « ما طلعت شمس ذات يوم إلا بعث الله بجنبتيها ملكين يناديان ، إنهما ليسمعان أهل الأرض غير الثقلين : اللهم عجل لمنفق خلفا ، وما غربت قط إلا وبعث الله بجنبتيها ملكين يناديان ، إنهما ليسمعان أهل الأرض غير الثقلين : اللهم عجل لممسك تلفا ، اللهم عجل لممسك تلفا »
2498 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا سليمان بن بلال ، قال : أخبرني معاوية بن أبي المزرد ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا »
2499 - حدثني زكريا بن أبان المصري ، قال : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من صباح إلا ملكان يناديان ، يقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا »
2500 - حدثنا صالح بن مسمار المروزي ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثنا أبي ، عن قتادة ، عن خليد بن عبد الله العصري ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما طلعت شمس قط إلا بعث الله بجنبتيها ملكين يناديان ، إنهما ليسمعان أهل الأرض إلا الثقلين : أيها الناس ، هلموا إلى ربكم ، فإن ما قل وكفى ، خير مما أكثر وألهى ، ولا غربت شمس قط إلا بعث الله بجنبتيها ملكين يناديان ، إنهما ليسمعان أهل الأرض إلا الثقلين : اللهم عجل لمنفق خلفا ، وعجل لممسك تلفا »
2501
- وحدثني عبد الرحمن بن البختري الطائي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي
، عن حماد بن شعيب ، عن يزيد بن زياد أو أبي زياد ، عن الحسن البصري ، قال : حدثني
قيس بن عاصم ، قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، ما المال
الذي لا يكون فيه تبعة من ضيف إن ضافني ، أو عدد إن كثروا ؟ قال : فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « نعم المال الأربعون ، والكثر الستون ، ويل لأصحاب المئين
(1) ، إلا من أعطى في رسلها ونجدتها ، وأفقر ظهرها ، وأطرق فحلها ، ومنح غزيرتها ،
ونحر (2) سمينتها ، فأطعم القانع والمعتر »
__________
(1) المئون : المئات
(2) النحر : الذبح
2502 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الأكرم ، رجل من أهل الكوفة ، عن أبيه ، عن سليمان بن صرد ، قال : « أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثنا ليالي لا نقدر أو لا يقدر على طعام »
2503
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، والأعمش ،
وعمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : لما نزلت : ( والذين يكنزون الذهب
والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله (1) ) ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : « تبا
للفضة » يقولها ثلاثا ، فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا :
فأي مال نتخذ ؟ قال عمر : أنا أعلم لكم ذلك ، فقال : يا رسول الله : إن أصحابك قد
شق عليهم ، وقالوا : أي المال نتخذ ؟ فقال : « لسانا ذاكرا ، وقلبا شاكرا ، وزوجة
تعين أحدكم على دينه » وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا إسرائيل
، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، بمثله
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 34
2504 - حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثني حرمي بن عمارة ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عمارة ، عن عكرمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها أنها ، قالت : لما فتحت خيبر قلنا : « الآن نشبع من التمر »
2505 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن عبد الله بن مولة ، عن بريدة الأسلمي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يكفي أحدكم من الدنيا خادم ومركب »
2506 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : حدثنا إسحاق ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها أنها ، قالت : « ما شبع آل محمد يومين من غداء أو عشاء حتى مضى لسبيله »
2507
- حدثني محمد بن الحارث ، قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، قال : حدثنا زهير ، عن
سماك بن حرب ، قال : سمعت النعمان بن بشير ، يقول على المنبر : « احمدوا ربكم ،
فربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوى (1) ، ما يشبع من الدقل (2) ،
وأنتم لا ترضون دون ألوان التمر والزبد »
__________
(1) تلوى : انثنى من الألم
(2) الدقل : الرديء اليابس من التمر
2508 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : « ما شبع آل محمد من خبز بر منذ قدموا المدينة »
2509 - حدثني يحيى بن طلحة ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : « ما استضاء آل محمد صلى الله عليه وسلم بنار شهرا »
2510 - حدثنا عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا المحاربي ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : « ما أشبع النبي صلى الله عليه وسلم أهله ثلاثا تباعا من خبز البر حتى فارق الدنيا » حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا الوليد بن القاسم ، عن يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، بمثله
2511 - حدثني عبد الله بن أبي زياد ، قال : حدثنا سيار ، قال : حدثنا سهل بن أسلم العدوي ، قال : حدثنا يزيد بن أبي منصور ، عن أنس بن مالك ، عن أبي طلحة ، قال : « شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ، ورفعنا عن بطوننا حجرا حجرا ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه حجرين »
2512
- حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا
شيبان ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي نصر ، قال : سمعت عائشة ، رضي الله
عنه تقول : إني لجالسة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أهدى له أبو بكر رجل
شاة فإني لأقطعها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظلمة البيت ، فقال لها قائل
: يا أم المؤمنين : أما كان لكم سراج (1) ؟ فقالت : « لو كان لنا ما نسرج به
أكلناه »
__________
(1) السراج : المصباح
2513 - حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا سهل بن عامر ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : بكت عائشة رضي الله عنها وبيني وبينها حجاب ، فقلت : يا أم المؤمنين ، ما يبكيك ؟ قالت : « يا بني ، ما ملأت بطني من الطعام فشئت أن أبكي إلا بكيت ، أذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان فيه من الجهد ، ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام بر في يوم مرتين حتى لحق بربه »
2514 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن منصور بن صفية ، عن أمه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : « قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبعنا من الأسودين ، من التمر والماء »
2515
- حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى ، قال : حدثنا عمي ، يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن
شقيق ، عن خباب ، قال : هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله ،
فوقع أجرنا على الله ، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا ، منهم مصعب بن عمير ،
قتل يوم أحد فلم يترك إلا نمرة (1) ، فكنا إذا غطينا رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطينا
رجليه خرج رأسه ، « فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ، ونجعل على
رجليه من الإذخر (2) ، ومنا من أينعت (3) له ثمرته فهو يهديها »
__________
(1) النمار : جلود النُّمور، وهي السِّباع المعروفة، واحِدُها : نَمِر. والنمار
أيضا : كلُّ شَمْلَةٍ مُخَطَّطة من مَآزِر وسراويل الأعراب فهي نَمِرة، وجمعُها :
نِمار.
(2) الإذخِر : حشيشة طيبة الرائِحة تُسَقَّفُ بها البُيُوت فوق الخشبِ ، وتستخدم
في تطييب الموتي
(3) أينع : نضج
2516 - حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ، إذ نزل في الذهب والفضة ما نزل ، فقال المهاجرون : فأي المال نتخذ ؟ فقال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه : أنا أسأل لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فمر بي عمر على بعير له يوضع نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقعدت على قعود لي ، فتبعته لأسمع ما يقول ، فلحقته ، فقال : يا رسول الله إنه لما أنزل في الذهب والفضة ما أنزل ، قال المهاجرون : فأي المال نتخذ ؟ قال : « لسانا ذاكرا ، وقلبا شاكرا ، وزوجة تعين أحدكم على دينه »
2517
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا محمد بن جعفر بن أبي
كثير ، قال : حدثني أبو حازم ، قال : سألت سهل بن سعد : أكل رسول الله صلى الله
عليه وسلم النقي (1) ؟ قال : لا والله ، ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
النقي حتى لقي الله ، قال : قلت : هل كان لكم مناخل ؟ قال : لا والله ، ما رأيت
منخلا حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فقلت : فكيف تصنعون بالشعير
، فقد كنتم تأكلونه ؟ فقال : « كنا ننفخه فيطير منه ما طار ، ونثري ما بقي منه » ،
قال : يعني نعجنه
__________
(1) النقي : خبز الدقيق الحوارى وهو النظيف الأبيض النقي من الغش والذي نخل دقيقه مرة
بعد مرة
2518
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن المقبري ، عن جده ، عن أبي هريرة أن
رجلا من الأنصار أبصر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهد ، فقال : ما لك
يا رسول الله ؟ قال : « الخمص » ، قال : فطلب في بيته فلم يجد شيئا ، فمر على
يهودي وهو يسقي حيطانه ، قال : أستقي لك ؟ قال : نعم ، فاستقى له ، كل دلو بتمرة
ليس فيها خدرة ولا يابسة ولا تارزة ، قال : فعمل حتى أكمل صاعين (1) ، قال : فأتى
بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فأرسل إلى أزواجه بصاع وأكل ، ثم قال
للأنصاري : « تحبني ؟ » ، قال : نعم ، قال : « اتخذ للفقر تجفافا (2) » ، ثم قال :
« اللهم من أحبني فامنعه المال والولد ، ومن أبغضني فارزقه المال والولد ، ثم قال
: » للفقر إلى من يحبني أسرع من الماء من أعلى الجبل إلى الحضيض «
__________
(1) الصاع : مكيال المدينة تقدر به الحبوب وسعته أربعة أمداد ، والمد هو ما يملأ
الكفين
(2) التجفاف : ما يجلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح
2519 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يحيى بن أبي بكير ، قال : حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها ولا يلقاه فيها أحد ، فأتاه أبو بكر ، فقال : « ما أخرجك يا أبا بكر ؟ » قال : خرجت للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والنظر في وجهه والتسليم عليه ، فلم يلبث أن جاء عمر ، فقال : « ما أخرجك يا عمر ؟ » ، قال : الجوع ، قال : « وأنا وجدت بعض الذي تجد »
2520
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن برد ، عن عبد الغفار بن قيس بن
محمد ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : « والذي نفسي بيده ، » ما شبع آل محمد
من خبز بر مأدوم (1) شبعتين في يوم حتى قبض صلى الله عليه وسلم «
__________
(1) الإدَام والأدْم : ما يُؤكَلُ مع الخُبْزِ أيّ شيء كان
2521
- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي ، قال : قال ابن إسحاق ، حدثني من
، سمع حميدا ، يحدث عن أنس بن مالك ، قال : ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل
في الخندق حتى زالت الشمس ، ثم أتي بطعام مأدوم (1) بودك (2) قد سنخ ، لو قربه رجل
منكم إلى مملوكه سب به ، فقال : « الحمد لله ، النعيم نعيم الآخرة » ، ثم دعا
المهاجرين والأنصار ، ثم سمى وأكل وأكلوا معه
__________
(1) الإدَام والأدْم : ما يُؤكَلُ مع الخُبْزِ أيّ شيء كان
(2) الوَدَك : دَسَم اللَّحْمِ ودُهْنُه الذي يُسْتَخْرَج منه.
2522 - حدثني عبيد الله بن سعد الزهري ، قال : حدثنا يونس بن محمد ، قال : حدثتنا أم الأسود ، قالت : حدثتني منية ، عن جدها أبي برزة ، قال : خرج رسول الله ، فقالوا : ما أخرجك يا رسول الله ؟ قال : « أخرجني الذي أخرجكم » - يعني الجوع - ، فقال أبو برزة : كانوا يشدون الحجر على بطونهم من الجوع ، ويقرءون القرآن حتى يشبعوا
2523 - حدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري ، قال : حدثنا أبو مسهر ، قال : حدثني صدقة بن خالد ، قال : حدثنا يزيد بن أبي مريم ، عن أبي عبيد الله ، عن عمرو بن غيلان الثقفي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « اللهم من آمن بي وصدقني ، وعلم أن ما جئت به الحق من عندك ، فأقل ماله وولده وحبب إليه لقاءك ، وعجل له القضاء ، ومن لم يؤمن بي ولم يصدقني ، ولم يعلم أن ما جئت به الحق من عندك ، فأكثر ماله وولده وأطل عمره »
2524 - حدثني أحمد بن منصور ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، قال : حدثني أبي ، عن عكرمة ، قال : قالت عائشة رضي الله عنها : « ما شبعنا من الأسودين ، وهما الماء والتمر ، حتى أجلى الله النضير وأهلك قريظة »
2525 - حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، قال : حدثني موسى بن يعقوب يعني الزمعي ، عن أبي حازم ، أن القاسم بن محمد ، أخبره أن عائشة أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم « لم يشبع شبعين في يوم حتى مات »
2526
- حدثني عبد الله بن محمد الرازي ، قال : حدثنا حجاج بن نصير ، قال : حدثنا شداد
بن سعيد أبو طلحة الراسبي ، عن أبي الوازع ، عن عبد الله بن مغفل ، قال : جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني لأحبك ، فقال : « انظر ، إن كنت صادقا
، فأعد للفقر تجفافا (1) ، للفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه »
__________
(1) التجفاف : ما يجلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح
2527 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا بهز بن أسد ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن عبد الله بن مولة ، عن بريدة الأسلمي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يكفي أحدكم من الدنيا مركب وخادم »
2528 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو صخر ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : « لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين »
2529 - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا عبد الله بن ميمون ، قال : حدثنا محمد بن أبي حميد ، عن محمد بن المنكدر ، قال : قال لي عروة ، قالت لي عائشة أم المؤمنين إن كنا لنمكث أربعين صباحا لا نوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مصباحا ولا غيره ، فقلت : يا أم المؤمنين بأي شيء كنتم تعيشون ؟ قالت : « بالأسودين ، التمر والماء إذا وجدنا »
2530 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا المحاربي ، عن عبيد الله بن الوليد ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : « ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث متابعات يشبع فيهن من خبز البر ، ولا نخلنا له طعاما بمنخل قط حتى مضى لسبيله »
2531 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن عائذ بن بشير العجلي ، قال : سمعت عمرو بن مرة ، قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مصفر الوجه ، فقال : ما لي أراك مصفر الوجه يا رسول الله ؟ قال : « نقوم الليل ونصوم النهار ، فلا نجد ما يملأ بطوننا »
2532
- حدثنا عبد الأعلى بن واصل الأسدي ، قال : حدثنا عمرو بن طلحة القناد ، عن مسهر
بن عبد الملك بن سلع الهمداني ، عن عتبة أبي معاذ البصري ، عن عكرمة ، عن عمران بن
حصين ، قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا ، إذ أقبلت فاطمة رحمها
الله فوقفت بين يديه ، فنظرت إليها وقد ذهب الدم من وجهها وغلبت الصفرة من شدة
الجوع ، قال : فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « ادني (1) يا
فاطمة » ، فدنت ، ثم قال : ادني يا فاطمة « ، فدنت ، ثم قال : » ادني يا فاطمة « ،
فدنت ، حتى قامت بين يديه ، فرفع يده فوضعها على صدرها في موضع القلادة ، وفرج بين
أصابعه ، ثم قال : » اللهم مشبع الجاعة ، ورافع الوضعة ، لا تجع فاطمة بنت محمد
صلى الله عليه وسلم « ، قال عمران : فنظرت إليها وقد غلب الدم على وجهها وذهبت
الصفرة ، كما كانت الصفرة قد غلبت على الدم ، قال عمران : فلقيتها بعد فسألتها ،
فقالت : ما جعت بعد يا عمران
__________
(1) الدنو : الاقتراب
2533
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال أبو هانئ ، حدثني
عمرو بن مالك الجنبي ، أنه سمع فضالة بن عبيد ، يقول : كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر (1) رجال من قامتهم في الصلاة ، مما بهم من الخصاصة
، وهم أصحاب الصفة ، حتى تقول الأعراب : إن هؤلاء لمجانين فإذا قضى رسول الله صلى
الله عليه وسلم الصلاة انصرف إليهم ، فقال : « لو تعلمون ما لكم عند الله ، أحببتم
لو أنكم تزدادون فاقة (2) وحاجة » ، قال فضالة : وأنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم يومئذ
__________
(1) خر : سقط وهوى بسرعة
(2) الفاقة : الفقر والحاجة
2534 - حدثني موسى بن سهل الرملي ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عمارة بن غزية ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن قتادة بن النعمان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « إذا أحب الله عبدا حماه الدنيا ، كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء »
2535 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا مجمع الصيدلاني ، قال : حدثنا ابن عياش ، عن عمارة بن غزية الأنصاري ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن رافع بن خديج ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله إذا أحب عبدا حماه الدنيا ، كما يحمي أحدكم سقيمه الماء »
2536 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، عن أبي هانئ ، عن أبي علي الجنبي ، عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اللهم من آمن بك وشهد أني رسولك ، فحبب إليه لقاءك ، وسهل عليه قضاءك ، وأقلل له من الدنيا ، ومن لم يؤمن بك ويشهد أني رسولك ، فلا تحبب إليه لقاءك ، ولا تسهل عليه قضاءك ، وأكثر له من الدنيا »
2537 - حدثني أبو علقمة الفروي عبد الله بن محمد بن عيسى ، قال : حدثني عبد الله بن نافع ، قال : حدثني المنكدر بن محمد ، عن أبيه ، عن عروة بن الزبير ، أنه قال : قالت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم : « يا بني ، إن كنا لنمكث أربعين ليلة ما يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنار » ، فقلت : يا أمه ، فبم كنتم تعيشون ؟ فقالت : « بالأسودين » ، قلت : وما الأسودان ؟ فقالت : « التمر والماء »
2538 - حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثتنا زينب ابنة أبي طليق أم الحصين الدثينية ، قالت : حدثنا حبان بن جزء ، قال : سمعت أبا هريرة ، يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيم ظهره بالحجر من الغرث ، فذكر له رجل من أصحابه يزرع شعيرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني منطلق ، فهل أنتم منطلقون ؟ » ، فخرجوا يتماشون ، فطحن لهم مدا من شعير ، فصنعه لهم ، فأكلوا ، فلما فرغوا أخذ برجل عنز كانت عنده فحلب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « احلب » ، حتى سقاهم أجمعين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والذي محمد عبده ورسوله لو حلبت ما أمرتك لحلبتها ما أمسكتها » ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والذي محمد عبده ورسوله ، لتسألن عن نعيم يومكم هذا »
2539 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : أخبرني مسلمة بن علي ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي سعيد الخدري ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قل ماله ، وكثر عياله ، وحسنت صلاته ، ولم يغتب المسلم ، جاء يوم القيامة وهو معي كهاتين » ، قال يونس : قال ابن وهب : يعني بإصبعيه وبنحو الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الأمر بترك ادخار الذهب والفضة والسعة في العيش ، مضى عليه الصالحون من السلف ، والمقتفون آثارهم من الخلف
ذكر بعض من حضرنا ذكره ممن فعل منهم ذلك
2540 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : حدثنا سيار ، عن أبي الدرداء ، أنه قال : يحلف أبو الدرداء على غيب سلمان أنه « لا يسره أن عنده ثلاثين ألفا ، فتبيت عنده ليلة فينفقها في سبيل الله غير ثلاثمائة درهم ، ثم تبيت عنده ليلة فينفقها غير ثلاثين درهما ، ثم تبيت عنده ليلة فينفقها إلا ثلاثة دراهم ، قال : » ثم الله أعلم أذكر درهما أم ثلاثة دراهم «
2541 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن عبد الله بن شقيق ، قال : قدمت المدينة فرأيت رجلا قائما على غرائر سود سود يقول : « بشر الكنازين بكي في الجباه والجنبين » ، قلت : من هذا ؟ قالوا : هذا أبو ذر رضي الله عنه
2542
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني
خالد ، قال : سمعت الحكم بن الأعرج ، عمن رأى أبا ذر « قد قرحت (1) ساعداه مما
يفترشهما »
__________
(1) قَرِح : جُرِح وجف ويبس من أكل اليابس والجلف من الطعام
2543
- حدثني سلم بن جنادة ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن أشعث ، وهشام ، عن ابن سيرين ،
قال : قال أبو ذر : « خرجت إلى الشام فقرأت هذه الآية : ( والذين يكنزون الذهب
والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (1) ) ، فقال معاوية : إنما
هي في أهل الكتاب ، قال : فقلت : إنها لفينا وفيهم ، فكتب إلى عثمان رضي الله عنه
: إن أبا ذر قال أبو السائب : سقط علي : وكتب إلى عثمان أن اقدم ، فلما خرج انتقل
متاعه ، فأخرج أهله مزودا ينوء باليد ، فقال الناس : هذا أبو ذر الذي كان يزهد في
الدنيا ، فقال أهله : والله ما هو بذهب ولا فضة ، إنما هي فلوس ، كان إذا خرج
عطاؤه اشتراها لأهله ، فلما قدمت على عثمان قال لي : » تروح عليك اللقاح « فقلت :
الدنيا لا حاجة لي فيها ، قال : فاعتزل ما هاهنا »
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 34
2544
- حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا أبو عامر ، قال
: أخبرنا حميد بن هلال ، عن الأحنف ، قال : أتيت المدينة على عهد ابن عفان ، فدخلت
المسجد ، قال : فجاء رجل آدم (1) طويل مخلوق شبيه بعضه ببعض ، فقال : « ألا ليبشر
أهل الكنوز بكي في جنوبهم يخرج من ظهورهم ، ألا ليبشر أهل الكنوز بكي في جباههم
يخرج من أقفائهم ، بم توعدني قريش » ، وقريش في المسجد حلقا حلقا ، قال : فاتبعته
، فأتى قوما في ناحية فجلس معهم ، قال : فذهبت فجلست في أدنى القوم ، قال : قلت من
هذا ؟ قالوا : كأنك غريب ، قال : قلت : أجل ، قالوا : هذا أبو ذر ، قال : قلت في
نفسي : ما كان ليجترئ على هذا إلا رجل له نحو
__________
(1) الآدم : الأسمر
2545 - وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن بيان ، عن حكيم بن جابر أن رجلا نال من رجل ، فأتى أبا الدرداء فشكاه ، فقال : إن الله سيديلك منه فلما كان بعد ذلك ، دعاه معاوية فحباه وأعطاه ، فأتى أبا الدرداء فذكر ذلك له ، فقال : أليس قد أديل لك منه
2546 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، قال : لما مات علي قال الحسن بن علي : « لقد فارقكم بالأمس رجل ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا تسعمائة درهم ، أو ثمانمائة درهم ، حبسها من عطائه ، يشتري بها فرسا أو خادما »
2547 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن غيلان بن بشر ، عن يعلى بن الوليد ، قال : قلت لأبي الدرداء : ما تحب لمن تحب ؟ قال : « الموت » ، قلت : أرأيت إن لم يمت ؟ قال : « أن يقل ماله وولده »
2548 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن أبي هذا ، وغسان ، إلى جنبه جالس ، قال غسان : أبي غيلان بن بشر ، عن أبي الدرداء ، قال : قيل : يا أبا الدرداء : ما تحب لمن تحب ؟ قال : « الموت » ، قيل : فإن لم يمت ، قال : « أن يقل ماله وولده »
2549
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مصعب بن سلام ، عن أبي حيان ، عن مجمع ، عن أبي
رجاء ، قال : جاء علي بسيف له ، فقال : « من يبتع مني هذا السيف ، فلو كان عندي
ثمن إزار (1) لم أبعه »
__________
(1) الإزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن
2550 - حدثنا الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا أبي ، عن الفضيل بن مرزوق ، عن زيد العمي ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم ، قال : لما قتل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، قام الحسن من الغد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : « إنه قد فارقكم أمس رجل والله ما ترك دينارا ولا درهما ، ليس سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله »
2551
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا المحاربي ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن
إبراهيم ، قال : كان بين عمار وبين رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تلاح ،
فقال عمار : « اللهم إن كان كاذبا فأكثر ماله وولده ، وأوطئ (1) عقبيه »
__________
(1) أوطئ عقبه : دعاء عليه بأن يكون مُقَدَّمًا متبوعا ذا سلطان أو مال فيتحمل مثل
عمل من يتبعه
2552
- حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال :
حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، قال : حدثنا زهير بن حيان العدوي ،
عن ابن عباس قال : دخلت على عمر رضوان الله عليه وبين يديه نطع (1) عليه الذهب
منثور (2) نثر (3) الحثى ، قال : « هلم فاقسم هذا بين قومك ، والله أعلم حين حبس
هذا عن نبيه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضوان الله عليه وأعطانيه إرادة خير
أرادني أو شر » ، قال : فجعلت أقسم وأزيل ، فسمعت صوت عمر كرم الله وجهه يبكي وهو
يقول في بكائه : « أما والذي نفسي بيده ، ما حبسته عن نبيك وعن أبي بكر إرادة الشر
لهما ، وأعطيتنيه إرادة الخير لي »
__________
(1) النطع : بساط من جلد ، والخوان والوعاء
(2) منثور : متفرق
(3) النثر : التساقط والتفرق
2553
- حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري ، قال : حدثنا حبان ، قال : حدثنا وهيب ، عن
يونس ، عن الحسن ، عن عثمان ، رضي الله عنه ، قال : « لولا أن أصل الرحم ، ما
ابتغيت (1) درهما إلى درهم »
__________
(1) الابتغاء : الاجتهاد في الطلب
2554
- حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن
الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، قال : وشى رجل بعمار إلى عمر
رضوان الله عليه ، فقال : « اللهم إن كان كذب علي فابسط له في الدنيا ، واجعله
موطأ العقبين (1) »
__________
(1) موطأ العقبين : كثير الأتباع ، دعا عليه بأن يكون سلطانا أو مقَدَّما أو ذا
مال ، فيتبعه الناس ويمشون وراءه
2555 - وحدثنا سهل بن موسى الرازي ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن بلال بن سعد ، قال : قال أبو الدرداء : « اللهم إني أعوذ بك من تفرقة القلب » ، قالوا : وما تفرقة القلب ؟ قال : « أن يجعل لي في كل واد مال »
2556 - قال : وقال الضحاك بن عبد الرحمن بن أبي حوشب النصري : سمعت من بلال بن سعد يحدث عن أبي الدرداء ، قال : « لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ، ما سقى فرعون منها شربة من ماء »
2557
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا المسعودي ، عن علي بن
بذيمة ، عن قيس بن حبتر ، عن ابن مسعود ، قال : « حبذا المكروهان ، الموت والفقر ،
وايم (1) الله ما هو إلا الغنى والفقر ، وما أبالي بأيهما بدأت ، إن حق الله في كل
واحد منهما واجب ، إن كان الغنى ففيه العطف ، وإن كان الفقر إن فيه الصبر »
__________
(1) وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله
2558 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا فطر بن خليفة ، عن موسى بن طريف ، عن عباية بن ربعي ، قال : سمعت عليا ، رضوان الله عليه ، يقول : « أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الفجار »
2559
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق « أن مسروقا حين
مات ، لم يوجد له شيء يكفن فيه ، حتى بيعت قبيعة (1) سيفه ، وكانت من فضة ، فكفن
بثمنها »
__________
(1) القبيعة : ما على مقبض السيف من فضة أو حديد
2560 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن إسماعيل ، عن عامر ، أن عمر بن الخطاب ، رضوان الله عليه خطب الناس ، فقال : « أيها الناس كونوا أوعية للكتاب ، وعدوا أنفسكم في الموتى ، وسلوا الله رزق يوم بيوم ، ولا عليكم ألا يكثر لكم »
2561 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرني العوام بن حوشب ، قال : حدثت أن ابن مسعود كان يقول : « إن لكل أمة فتنة ، وإن فتنة هذه الأمة الدراهم »
2562 - وقال لي يعقوب بن إبراهيم : سمعت معروفا الكرخي العابد أبا محفوظ ، يقول : قال الله تبارك وتعالى : « إن أحب عبادي إلي المساكين الذين سمعوا قولي وأطاعوا أمري ، ومن كرامتهم علي أن لا أعطيهم مالا فيشغلوا عن طاعتي »
2563 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : لما أتي عمر رضوان الله عليه بسواري كسرى أمر سراقة بن جعشم فجعلها في يديه ، قال : « يدان سوداوان محترقتان » ، ثم قال : « الله أكبر ، سوارا كسرى بن هرمز ، في يدي سراقة بن جعشم ، أعرابي من بني مدلج اللهم إني أعوذ بك أن تكون إنما أعطيتني هذا لتمكر بي » قال : « وجعل يبكي »
2564 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن سعيد ، عن قتادة ، قال : قال أبو هريرة : « لأن أدع علي ألف درهم دينا ، يعلم الله أني حريص على أدائها ، أحب إلي من أن أدعها بعدي »
2565 - حدثني أحمد بن سعيد بن يعقوب الكندي ، قال : حدثنا بقية ، قال : حدثني ضبارة بن أبي السليك ، عن دويد بن نافع ، قال : قال عيسى ابن مريم صلوات الله عليه فيما يقول : « يجمعون لدنيا صغيرة ، ويتركون الآخرة الكبيرة ، وعلى كلكم يمر الموت »
2566
- حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن يحيى بن العلاء ، قال
: كان طاوس ، يقول : « اللهم أجرني (1) من كثرة المال والولد »
__________
(1) أجرني : احمني وامنعني واحفظني
2567
- حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عبد الله بن عياش ، عن يزيد
بن قوذر ، عن كعب ، قال : « المؤمن الزاهد ، والمملوك الصالح آمنان من الحساب ،
وطوبى لهم ، كيف يحفظهم الله في ديارهم » وقال كعب : « إن الله إذا أحب عبده
المؤمن زوى عنه الدنيا ليرفعه درجات في الجنة ، وإذا أبغض (1) عبده الكافر أو
المنافق بسط له في الدنيا حتى يسفله درجات في النار » وقال كعب : « إن الله تعالى
يقول لعباده الصابرين الراضين بالفقر : » أبشروا ولا تحزنوا ، فإن الدنيا لو وزنت
عند الله جناح بعوضة مما لكم عندي ، ما أعطيتهم منها شيئا « وقال كعب : » إذا
اشتكى إلى الله عباده الفقر أو الحاجة ، قيل لهم : أبشروا ولا تحزنوا ، فإنكم سادة
الأغنياء ، والسابقون إلى الجنة يوم القيامة « وقال كعب : » كانت الأنبياء بالفقر
والبلاء أشد فرحا منكم بالرخاء ، وكان البلاء (2) عليهم مضعفا ، حتى إن كان أحدهم
ليقتله القمل ، فإذا رأى رخاء ظن أنه قد أصاب ذنبا « وقال كعب : » من تضعضع لصاحب
الدنيا والمال تضعضع دينه ، والتمس الفضل عند غير المفضل ، ولم يصب من الدنيا إلا
ما كتب الله له ، وإن الله ليبغض كل جماع للمال مناع للخير مستكبر ، ويبغض كل حبر
سمين « وقال كعب : قال موسى : » يا بني إسرائيل : تلبسون ثياب الرهبان ، وقلوبكم
قلوب الجبارين والذئاب الضواري ، فإن أحببتم أن تبلغوا ملكوت السماء ، فأميتوا
قلوبكم لله «
__________
(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت
(2) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
2568 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، قال : كان عبد الله بن مسعود يعطي الناس العطاء ، ويقول : « إن عادا فتنوا بكذا ، وإن ثمودا فتنوا بكذا ، قال : فجعل يعد ، ثم قال : ألا وإن فتنتكم هذه - يعني الدراهم - »
2569 - حدثنا عمرو ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن مغيرة بن مسلم الخراساني ، عن سويد بن عبد الرحمن ، قال : قال عبد الله بن مسعود : « من كسب مالا حراما لم تطيبه الزكاة ، ومن كسب مالا من طيب خبث ماله منع الزكاة ، ومن كثر ماله كثر حسابه ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا »
2570 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن أبي السليل ، قال : كان أبو هريرة ، يقول : « ما صدقتم أنفسكم تؤملون ما لا تبلغون ، وتجمعون ما لا تأكلون ، وتبنون ما لا تسكنون ، وللخراب تبنون ، وللموت تلدون »
2571 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير ، قال : « الدنيا هينة على الله ، يعطيها من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب »
2572 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير ، قال : كان عيسى ابن مريم عليه السلام لا يرفع غداء لعشاء ، ولا عشاء لغداء ، وكان يقول : « إن مع كل يوم رزقه » ، وكان يلبس الشعر ، ويأكل من الشجر ، وينام حيث أمسى
2573 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال : قال سليمان بن داود صلوات الله عليه : « قد جربنا العيش كله لينه وشديده ، فوجدناه يكفي منه أدناه »
2574
- وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن حسان بن القاسم بن حسان ،
عن أبيه ، عن ابن مسعود ، قال : « إن مثل هذه الأمة مثل أربعة رهط (1) : بر تقي
موسع عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة ، وبر تقي محظور عليه في الدنيا موسع
عليه في الآخرة ، وفاجر شقي موسع عليه في الدنيا محظور عليه في الآخرة ، وفاجر شقي
محظور عليه في الدنيا ، محظور عليه في الآخرة »
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
2575 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن سالم ، عن ابن مسعود ، وقال : « إن الشيطان يريد الإنسان على دينه ، فيمتنع منه ، فيجثم له عند المال ، فيأخذ بعقبه »
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول معاوية لخاله أبي هاشم بن
عتبة : يا خال ، أوجع يشئزك ، أم حرص على الدنيا ؟ يعني بقوله : يشئزك : يقلقك
ويزعجك ويحركك ، يقال منه : أشأز فلانا هذا الأمر : إذا أقلقه وأزعجه وحرك منه ،
يشئزه إشآزا ، ومنه قول ذي الرمة ، في صفة ثور أوى ليلا إلى مكان ثري ندي فأزعجه نداه
وأسهره وأقلقه : فبات يشئزه ثأد ويسهره تذؤب الريح والوسواس والهضب وأما قول أم
سلمة : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساهم الوجه ، فإنها تعني بقولها
: ساهم الوجه ، متغير الوجه بالضمور ، وأصل السهامة : الضمور ، ومنه قول الأخطل :
بالخيل ساهمة الوجوه كأنما خالطن من عمل الوجيف سلالا ومنه أيضا قول ذي الرمة ، في
صفة راكب ناقة ضامرة : كأنه بين شرخي رحل ساهمة حرف ، إذا ما استرق الليل مأموم
يعني بقوله : ساهمة : ضامرة ، يقال منه : قد سهم وجه فلان ، فهو يسهم سهامة وسهوما
، وهو مسهوم ، ومنه قول ذي الرمة : ترمي به القفر بعد القفر ناجية هوجاء ، راكبها
وسنان مسهوم وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : « إن أمامكم عقبة كئودا » ، فإن
العقبة : هي الجبل ، وإن الكئود : الشاقة على من صعدها وسار فيها ، ومنه قول عمر
بن الخطاب رضوان الله عليه : ما تكاءدني شيء ما تكاءدتني خطبة الحاجة ، يعني بقوله
: ما تكاءدني : ما شق علي . وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري الذي
رأى به جهدا ، فقال له : « ما لك ؟ » فقال : الخمص ، فإن الخمص : أصله اضطمار
البطن ، وقد يكون ذلك من الجوع وغيره . فأما في هذا الموضع فإن معناه الجوع ، يقال
للرجل إذا وصف باضطمار البطن : رجل خمصان ، وللمرأة خمصانة ، بضم الخاء فيهما ،
وقد حكي عن أبي عمرو الشيباني أنه كان يحكي عن العرب سماعا منها ، الفتح في
خاءيهما ، ومن الخمصانة قول ذي الرمة في صفة المرأة : عجزاء ممكورة خمصانة ، قلق
عنها الوشاح ، وتم الجسم والقصب يعني بقوله : « خمصانة » ضامرة البطن وأما قول
الأنصاري : فاستقى كل دلو بتمرة ليس فيها خدرة : فإنه يعني بالخدرة ، الفاسدة
المتغيرة الطعم . وأما قوله : « تارزة » فإنه يعني بالتارزة : الحشفة وأما قول كعب
: إن الله إذا أحب عبدا زوى عنه الدنيا : فإنه يعني بقوله زوى عنه الدنيا : قبضها
عنه ومنعها إياه ، ومنه الخبر الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « زويت
لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، يعني بقوله : » زويت لي الأرض « ، جمعت بضم
بعضها إلى بعض ، ومنه قول أعشى بني قيس بن ثعلبة : يزيد يغض الطرف دوني كأنما زوى
بين عينيه علي المحاجم فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى ولا تلقني إلا وأنفك راغم
يعني بقوله : » زوى بين عينيه علي المحاجم « : قبض وجمع ، يقال منه : » زوى فلان
عن فلان معروفه ، فهو يزويه عنه زيا وزويا وزييا « وأما قول النبي صلى الله عليه
وسلم : » إلا من أعطى في رسلها ونجدتها « ، فإنه يعني بقوله : » أعطى في رسلها «
أعطى من ألبانها في الحين الذي يكون لها لبن وأما قوله : » ونجدتها « ، فإن أصل »
النجدة « : الشجاعة والشدة ، يقال منه : رجل نجد ، بين النجدة ، من معشر أنجاد ،
إذا كان شجاعا ، ومنه قول لبيد بن ربيعة العامري : ولن يعدموا في الحرب ليثا محربا
وذا نجدة عند الرزية باذلا يعني بقوله : ذا نجدة : ذا بأس وشجاعة وإنما أراد صلى
الله عليه وسلم بقوله : » ونجدتها « ، في حال سمنها ، ووقت شدة نحرها على مالكها
وأما النجد ، بفتح النون والجيم ، فإنه معنى غير هذا ، وهو العرق ، يقال منه : نجد
الرجل ينجد نجدا ، إذا عرق ، ومنه قول نابغة بني ذبيان : يظل من خوفه الملاح
معتصما بالخيزرانة بعد الأين والنجد وأما الإنجاد فإنه معنى غير هذين ، وهو متوجه
لمعنيين : أحدهما : إنجاد القوم بعضهم بعضا ، وذلك إعانة بعضهم بعضا على الأمر ينزل
بهم ، يقال منه : أنجدت القوم على عدوهم ، فأنا أنجدهم إنجادا والثاني : ارتفاع
المرء من غور إلى نجد ، يقال منه : قد أنجد القوم ، إذا أتوا نجدا ، فهم ينجدون
إنجادا . وأما التنجيد ، فهو مصدر من قول القائل : نجد فلان بيته ، إذا زينه
بالفرش وغيره ، ومنه قول ذي الرمة : حتى كأن رياض القف ألبسها من وشي عبقر تجليل
وتنجيد وأما قوله صلى الله عليه وسلم : » وأفقر ظهرها « ، فإن إفقار الظهر عاريته
للركوب والحمل عليه ، يقال منه : أفقر فلان فلانا ظهر بعيره ، فهو يفقره إياه
إفقارا ، والإفقار في الظهر شبيه الإسكان في الدار وأما قوله : » ومنح غزيرتها « ،
فإنه يعني بقوله : » ومنح غزيرتها « : أعطى ذوات اللبن منها لتشرب ألبانها ، يقال
من ذلك : منح فلان فلانا ناقته ، إذا أعطاه إياها لشرب لبنها ، ومنه قول النبي صلى
الله عليه وسلم : » والمنحة مردودة ، والعارية مؤداة « ، ومنه قول الأعشى : ولقد
أمنح من عاديته كلما تقطع من داء الكشح يقال منه : منحه ناقته ، فهو يمنحها إياه
منحا ، والمنيحة هي الناقة الممنوحة ، صرفت من فعولة ، إلى » فعيلة « وأما »
الغزيرة « فإنها الكثيرة اللبن من الماشية ، تجمع » غزارا « ، كما قال امرؤ القيس
بن حجر : لنا غنم نسوقها غزار كأن قرون جلتها عصي يعني بالغزار : الكثيرة الألبان
. وأما قوله صلى الله عليه وسلم : » وأطعم القانع والمعتر « ، فإن القانع الذي
يقنع باليسير من العيش ، ولا يسأل الناس ولا يطلب منهم ما عندهم ، تجملا وتعففا ،
مع شدة حاجته ، وأما المعتر ، فإنه الذي يعتر بالذي يلتمس ما عنده ويطلب فضله ،
ومنه قول الله تعالى ذكره : ( فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر
(1) ) قال أبو جعفر : وأظن أن أصل ذلك من » عرار « ذكور النعام ، وذلك دعاؤها
بأصواتها إناثها ، كما قال الشاعر : في وصفه دعاءها إناثها : يدعو العرار بها
الزمار كما اشتكى ألم تجاوبه النساء العود فإن كان ذلك أصله : » فالاعترار « :
افتعال منه ، وينبغي أن يقال في فعل منه ، إذا كان سالما بغير زيادة : عر ، وفي
افتعل ، اعتر ، فهو يعتر اعترارا ، وأن يكون المعتر ، هو السائل الذي يسأل من أتاه
، كما يدعو ذكر النعام أنثاه بصوته ، وأن يكون أيضا من ذلك الخبر المروي عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا تعار من الليل تسوك ، وأن يكون تعار تفاعل
من العرار والاعترار وهو أن يتكلم بذكر الله والثناء عليه ، ونحو ذلك من الكلام ،
وأما قول ابن عباس : دخلت على عمر رضي الله عنهما وبين يديه نطع عليه الذهب منثور
نثر الحثى فإنه يعني بقوله : نثر الحثى نثر البعر والروث ، والحثى هو البعر ،
والروث نفسه ، ومنه قول الراجز : فلا خسا عديده ولا زكا كما شرار البقل أطراف
السفا كأنه حقيبة ملأى حثا ، قال أبو جعفر : السفا شوك البهمى إذا يبس
__________
(1) سورة : الحج آية رقم : 36
ذكر خبر آخر من أخبار هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2576
- حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو النعمان عارم قال : حدثنا ثابت بن زيد
أبو زيد ، قال : حدثنا هلال يعني ابن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قنت
(1) رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء
في دبر (2) كل صلاة ، إذ قال : « سمع الله لمن حمده » ، من الركعة الآخرة ، يدعو
عليهم على حي من بني سليم ، على رعل وذكوان وعصية ، ويؤمن من خلفه ، قال : أرسل
إليه يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم ، قال عكرمة : هذا مفتاح القنوت القول في علل هذا
الخبر : وهذا خبر صحيح عندنا سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير
صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن ابن عباس إلا من هذا الوجه
. والثانية : لأنه من نقل عكرمة عن ابن عباس ، وفي نقل عكرمة عندهم نظر يجب التثبت
فيه من أجله . والثالثة : أن المعروف عن ابن عباس من روايته القنوت في الصبح ،
إنما هو عن عمر رضي الله عنه ، دون الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) دبر الصلاة : عقبها
ذكر الرواية الواردة عن ابن عباس ، عن عمر رضي الله عنه ، بذلك :
2577
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا شعبة ،
عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : أن عمر ، رضي الله عنه كان « يقنت (1) في
الصبح بالسورتين : اللهم إنا نستعينك ، اللهم إياك نعبد »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2578 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس أن عمر ، رضي الله عنه « قنت بالسورتين »
2579
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ،
عن مقسم ، عن ابن عباس ، عن عمر ، رضي الله عنهما « أنه كان يقنت (1) في الغداة
(2) بالسورتين : اللهم إياك نعبد ، اللهم إنا نستعينك » حدثنا ابن حميد ، قال :
حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن الحجاج ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، عن عمر ،
رضي الله عنه ، نحوه حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، قال :
حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، عن عمر ، مثله وقد وافق ابن عباس
رضي الله عنه في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه
، نذكر ما صح من ذلك عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان عنه إن شاء الله
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) الغداة : الصبح
ذكر ذلك
2580
- حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن عاصم
الأحول ، قال : سألنا أنسا عن القنوت (1) ، قبل الركوع أو بعد الركوع ، فقال : لا
، بل قبل الركوع ، قلت : فإن أناسا يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت
بعد الركوع ، قال : « كذبوا ، إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على
أناس قتلوا أناسا من أصحابه يقال لهم » القراء «
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2581
- حدثني محمد بن مرزوق ، قال : حدثنا عمران بن ميسرة ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن
محمد ، عن أنس بن مالك ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، إما سبعين
، وإما ثمانين ، إلى قوم كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد فقتلوهم
، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على قوم كما وجد عليهم ، فقنت (1)
شهرا يدعو عليهم
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2582
- حدثني أحمد بن عثمان المعروف بأبي الجوزاء ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا
سفيان ، عن عاصم الأحول ، عن أنس ، قال : « قنت (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم
شهرا بعد الركوع » ، قلت لأنس : متى القنوت ؟ قال : قبل الركوع
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2583
- حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : حدثنا سعيد
، عن حنظلة ، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم « قنت (1) شهرا يدعو
عليهم بعد الركوع » حدثني أحمد بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا
هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، بمثل حديث حنظلة
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2584
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ،
قال : وحدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم « قنت (1)
شهرا » ، قال شعبة : يلعن ، وقال هشام : يدعو على أحياء من أحياء العرب ، ثم تركه
بعد الركوع ، قال : هذا قول هشام ، قال شعبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن النبي صلى
الله عليه وسلم قنت شهرا يلعن رعلا وذكوان ولحيان
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2585
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا هشام ، عن
قتادة ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قنت (1) شهرا يدعو على أحياء من
أحياء العرب ، ثم تركه »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2586
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس أن
نبي الله صلى الله عليه وسلم « قنت (1) شهرا في صلاة الصبح يدعو على هذه الأحياء :
رعل وذكوان وعصية وبني لحيان »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2587
- حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : حدثنا نوح ، يعني ابن قيس عن خالد ، عن قتادة
، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم « قنت (1) أربعين يوما يدعو على حي من أحياء
العرب ، ثم تركه »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2588
- حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن أنس بن سيرين ، عن
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قنت (1) شهرا بعد الركوع يدعو على
بني عصية »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2589
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ،
عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، أخبره وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، أنهما سمعا
أبا هريرة ، يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر
من الغداة (1) ويكبر ويرفع رأسه : « سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد » ، ثم
يقول وهو قائم : « اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي
ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك (2) على مضر واجعلها عليهم
سنين كسني (3) يوسف ، اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان ، وعصية عصت الله ورسوله » ثم
بلغنا أنه ترك ذلك لما نزل عليه : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم
فإنهم ظالمون (4) )
__________
(1) الغداة : الصبح
(2) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(3) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
(4) سورة : آل عمران آية رقم : 128
2590
- حدثني أحمد بن عثمان أبو الجوزاء ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ،
قال : سمعت النعمان ، يحدث عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، عن أبي
هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة إذا رفع رأسه من الركوع أو
قال : من آخر الركعة « اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي
ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك (1) ، واجعلها عليهم سنين
كسني (2) يوسف » ، قال : وضاحية مضر يومئذ مخالفو رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(2) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
2591
- حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي ، قال : سمعت الأوزاعي ، قال
: حدثني يحيى بن أبي كثير ، قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثني أبو
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قنت (1) في صلاة العتمة (2) ، في الآخرة
، بعد ما قال : » سمع الله لمن حمده « ، شهرا ، يقول في قنوته : » اللهم أنج
الوليد بن الوليد ، اللهم نج سلمة بن هشام ، اللهم نج عياش بن أبي ربيعة ، اللهم
نج المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك (3) على مضر ، اللهم اجعلها سنين
كسني يوسف «
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) العتمة : صلاة العشاء
(3) وطأتك : بطشك وعقوبتك
2592
- حدثني زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني الهقل
بن زياد ، قال : حدثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي
هريرة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الآخرة من صلاة
الصبح بعد ما يقول : « سمع الله لمن حمده » ، يقنت (1) ، ثم يقول : « اللهم أنج
عياش بن أبي ربيعة ، اللهم أنج الوليد بن الوليد ، اللهم أنج سلمة بن هشام ، اللهم
أنج المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك (2) على مضر ، اللهم اجعلها سنين
كسني (3) يوسف » فمكث شهرا يدعو بذلك ثم ترك الدعاء ، فقلت : ما بال النبي صلى
الله عليه وسلم ترك الدعاء ؟ فقيل لي : أوما تراهم قد جاءوا
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(3) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
2593 - حدثني عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا علي يعني ابن عياش ، قال : حدثنا شعيب ، قال : قال الزهري : حدثني ابن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن : أن أبا هريرة ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة حين يقول : « سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد » ، ثم يقول وهو قائم قبل أن يسجد : « اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم كسني يوسف » ، ثم يقول : « الله أكبر » ، فيسجد ، وضاحية مضر مخالفون لرسول الله صلى الله عليه وسلم
2594
- حدثني عمران بن بكار ، قال : حدثني بشر بن شعيب ، قال : أخبرني أبي ، عن الزهري
، قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وأبو سلمة بن عبد
الرحمن بن عوف ، قالا : قال أبو هريرة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
يرفع صلبه - يعني من الركوع - يقول : « سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد » ،
يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم ، ويقول : « اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن
هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك (1) على
مضر ، واجعلها عليهم كسني (2) يوسف » ، وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون
__________
(1) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(2) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
2595
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن
أبي هريرة ، قال : لما رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الآخرة في
صلاة الصبح ، قال : « اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي
ربيعة ، والمستضعفين بمكة ، اللهم اشدد وطأتك (1) على مضر ، واجعلها عليهم سنين
كسني يوسف »
__________
(1) وطأتك : بطشك وعقوبتك
2596
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن يحيى بن
أبي كثير ، قال : حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أنه سمع أبا هريرة ، يقول :
والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وكان « يقنت (1) في
الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح ، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2597
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا هشام ، عن يحيى ، عن أبي
سلمة ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة
الآخرة من صلاة العشاء الآخرة قنت (1) ، فقال : « اللهم نج الوليد بن الوليد ،
وسلمة بن هشام ، اللهم نج عياش بن أبي ربيعة ، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين ،
اللهم اشدد وطأتك (2) على مضر ، اللهم اجعلها سنين كسني (3) يوسف » حدثني محمد بن
عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا شيبان ، عن يحيى ،
عن أبي سلمة : أن أبا هريرة ، حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(3) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
2598
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا عبد العزيز بن عبد
الصمد ، قال : حدثنا عباد بن منصور ، عن القاسم بن محمد ، عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت (1) في صلاة الفجر إلا إذا دعا لقوم ، أو دعا
على قوم ، وأنه قنت مرة بعد الركوع ، فقال : « اللهم قال ابن المثنى نج الوليد بن
الوليد ، ولم يقل ذلك عمرو اللهم أنج سلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ،
والمستضعفين من المؤمنين والمسلمين من أهل مكة ، اللهم اشدد وطأتك (2) على مضر ،
وخذهم بسنين كسني (3) يوسف » ، قال : فابتلوا بالجوع حتى أكلوا العلهز ، قال عباد
، فقلت للقاسم : ما العلهز ؟ قال : الدم بالوبر
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(3) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
2599
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الركعة الآخرة من الفجر ،
قال : « اللهم أنج فلانا ، وعياش بن أبي ربيعة ، اللهم اشدد وطأتك (1) على مضر »
__________
(1) وطأتك : بطشك وعقوبتك
2600
- وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبدة ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا
أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم رفع رأسه
من الركوع ، فقال : « اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة ، اللهم أنج سلمة بن هشام ،
اللهم أنج الوليد بن الوليد ، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد
وطأتك (1) على مضر ، اللهم اجعلها سنين كسني (2) يوسف »
__________
(1) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(2) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
2601
- حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر ، قال : حدثنا عباد بن منصور
، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ، قال : حدثني أبي عبيد بن عمير ، عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت (1) في صلاة الصبح بعد الركوع ، ثم قال
: « اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ،
والمستضعفين من المؤمنين والمسلمين من أهل مكة » ، قال : فوافقه القاسم بن محمد
على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع ، فقال القاسم : كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا على قوم ، أو دعا لقوم ، قنت
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2602
- وحدثنا المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن
أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « سمع الله لمن
حمده ، اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، وضعفة
المسلمين من أيدي المشركين ، اللهم اشدد وطأتك (1) على مضر ، واجعلها عليهم سنين
كسني (2) يوسف »
__________
(1) وطأتك : بطشك وعقوبتك
(2) السني : جمع سنة والمراد سنوات القحط والجفاف السبع
2603
- حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة ، قال : حدثنا أبو حيوة شريح بن يزيد ،
قال : حدثنا خليد بن دعلج ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، قال : « قنت (1) رسول
الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة (2) بعد الركوع » ، وقنت أبو بكر رضي الله
عنه بعد الركوع ، وقنت عمر رضي الله عنه بعد الركوع ، وقنت عثمان رضي الله عنه بعد
الركوع صدرا من خلافته ، ثم طلب إليه المهاجرون والأنصار فقدم القنوت قبل الركوع
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) الغداة : الصبح
2604
- وحدثنا المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن أنس بن سيرين ، عن
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قنت (1) شهرا بعد الركوع يدعو على
بني عصية »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2605
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، وشعبة ، عن عمرو
بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه
وسلم « كان يقنت (1) في الصبح والمغرب »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2606
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن
مرة ، قال : سمعت ابن أبي ليلى ، يقول : حدثنا البراء بن عازب أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم « كان يقنت (1) في صلاة الصبح والمغرب »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2607
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ،
عن ابن أبي ليلى ، عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « قنت (1) في الصبح
والمغرب » ، قال : فذكرت لإبراهيم قول عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فقال : وهو كان
كأصحاب عبد الله إنما كان صاحب أمراء ، فتكلم الحي في القنوت ، فبلغ إبراهيم أني
قد قنت ، فقال : أما هذا فرجل قد غلب على صلاته
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2608
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، وشعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم « قنت (1) في الصبح
والمغرب »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2609
- حدثني أحمد بن منصور ، قال : حدثنا يزيد بن أبي حكيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن
عمرو بن مرة ، عن ابن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب ، قال : « قنت (1) رسول الله
صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب وصلاة الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2610
- حدثني أحمد بن يحيى الصوفي ، قال : حدثنا علي بن قادم ، قال : حدثنا علي بن صالح
، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن
البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « صلى الفجر فقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2611
- حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا حماد ، عن محمد بن
عمرو ، عن خالد بن عبد الرحمن بن حرملة ، عن خوات بن جبير أن النبي صلى الله عليه
وسلم قنت (1) ، فقال في قنوته : « غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله ، وعصية
عصوا الله ورسله ، اللهم العن رعلا وذكوان وبني لحيان » ، ثم قال : « الله أكبر »
، وسجد
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2612 - حدثنا المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن محمد بن عمرو ، عن خالد بن عبد الله بن حرملة ، عن خفاف بن إيماء الغفاري أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر إذا قال : « سمع الله لمن حمده » ، قال : « أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها ، وبني عصية عصت الله ورسوله ، اللهم العن رعلا وذكوان وبني لحيان » ، ثم قال : « الله أكبر » وسجد
2613 - وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن خالد بن عبد الله بن حرملة ، عن الحارث بن خفاف بن إيماء بن رحضة ، عن خفاف بن إيماء ، قال : ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رفع رأسه ، فقال : « غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله ، اللهم العن رعلا وذكوان وعصية » ، قال خفاف : فمن أجل ذلك لعنت الكفرة
2614 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عمران بن أبي أنس ، عن حنظلة الأسلمي ، عن خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ، فلما رفع رأسه من الركعة الآخرة ، قال : « لعن الله لحيان ورعلا وذكوان ، وعصية عصت الله ورسوله ، أسلم سالمها الله ، وغفار غفر الله لها » ثم يخر ساجدا ، فلما قضى الصلاة أقبل على الناس بوجهه فقال : « أيها الناس ، إني لست أنا قلت هذا ، ولكن الله تبارك وتعالى قاله »
2615
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن سماك بن حرب ، عن سعيد بن
جبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم « كان يقنت (1) في الفجر ، يدعو
على حي من بني سليم »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2616
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معاوية ، عن سفيان ، عن سليمان التيمي ، عن أبي
مجلز ، عن ابن عباس ، قال : « قنت (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا بعد
الركوع ، يدعو على رعل وذكوان ، وعصية عصت الله ورسوله »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2617
- حدثني أحمد بن هشام ، قال : حدثني معاذ بن معاذ ، قال : حدثنا سليمان ، عن أبي
مجلز ، عن أبي ، قال : « قنت (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا بعد الركوع ،
يدعو على رعل وذكوان »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2618
- حدثنا ابن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
عمران ، عن أبي مجلز أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قنت (1) يدعو بعد الركوع في
صلاة الفجر ، يقول : « اللهم عليك بني عصية عصوا ربهم ، وعليك بني ذكوان » ، فقنت
شهرا ثم تركه
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2619
- حدثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثني إسماعيل بن أبان ، قال : حدثنا عمرو بن
شمر ، عن جابر ، عن أبي الطفيل ، عن علي وعمار رضي الله عنهما : أنهما « صليا خلف
النبي صلى الله عليه وسلم ، فقنت (1) في الغداة (2) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) الغداة : الصبح
2620
- حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن علي بن زيد ، عن
عبد الله بن إبراهيم أو إبراهيم بن عبد الله القرشي ، عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر (1) صلاة الظهر : « اللهم خلص الوليد بن
الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين
الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا » القول في البيان عن هذه الأخبار إن قال
لنا قائل : ما أنت قائل في هذه الأخبار ، أصحاح هي أم غير صحاح ؟ فإن قلت : هي غير
صحاح . قيل لك : وما الذي أسقمها ، ورواتها عندك ثقات ؟ وإن قلت : هي صحاح . قيل
لك : فما أنت قائل فيما :
__________
(1) دبر الصلاة : عقبها
2621
- حدثك أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن أبي مالك ، عن أبيه
، قال : قلت لأبي : يا أبه صليت خلف أبي بكر ، وخلف عمر ، وخلف عثمان ، وخلف علي
رضوان الله عليهم ، فهل رأيت أحدا منهم قنت (1) ؟ قال : « يا بني ، هي محدثة (2) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) محدثة : أمر جديد لم يكن موجودًا
2622
- وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت سعد بن
طارق أبا مالك الأشجعي ، قال : قلت لأبي : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي رضي الله عنهم ، أكانوا يقنتون (1) ؟ قال : « لا
يا بني ، محدثة (2) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) محدثة : أمر جديد لم يكن موجودًا
2623
- حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا عباد ، عن أبي مالك ، قال : قلت لأبي
: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلف أبي بكر ، وخلف عمر ، وخلف علي
هاهنا بالكوفة ، فهل كانوا يقنتون (1) ؟ قال : « لا ، أي بني محدث » قيل : قد
اختلف السلف قبلنا في ذلك ، فنذكر أقوالهم فيه ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
. فقال بعضهم بتصحيح الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، وأن
ذلك من فعله سنة ثابتة ينبغي العمل بها ، على ما روينا عن ابن عباس رضي الله عنه ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي ذكرناه عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ،
عنه
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
ذكر من قال ذلك أو فعله
2624
- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن
إبراهيم ، قال : كان علي رضي الله عنه « يقنت (1) ويدعو على قوم في كل صلاة »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2625
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن يحيى بن
أبي كثير ، قال : حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ، قال : كان أبو هريرة « يقنت (1)
في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح ، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار » وقال آخرون
: إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب والصبح ، وأنكر القنوت في
غيرهما من الصلوات المكتوبات ، وقالوا بتصحيح خبر البراء بن عازب الذي ذكرناه قبل
، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه . وقالوا : القنوت فيهما
سنة ثابتة ينبغي العمل بها
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
ذكر من قال ذلك أو فعله من السلف
2626 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عبد الرحمن بن معقل ، قال : صلى علي رضي الله عنه المغرب ، فلما رفع رأسه من الركعة الثالثة ، قال : « اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا ، وأبو بردة حاضر وهو يحدث ، قال : يقول : إي والله ، وأبا سفيان »
2627
- حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن عبد
الله بن خالد ، عن عبد الرحمن بن معقل ، قال : صليت خلف علي المغرب ، فلما رفع
رأسه من الركعة الثالثة ، قال : « اللهم العن فلانا وفلانا وأبا فلان وأبا فلان »
، قال الأعمش : وكان معنا أبو بردة ، فاستحييت (1) أن أذكر أبا فلان ، فقال أبو
بردة : وأبو فلان كان فيهم
__________
(1) الحياء : الانقباض والانزواء
2628
- حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق يعني الأزرق ، عن شريك ، عن
حصين ، عن عبد الرحمن بن معقل المزني ، قال : صليت مع علي بن أبي طالب رضوان الله
عليه الفجر ، « فقنت (1) على سبعة نفر : منهم فلان وفلان وأبو فلان وأبو فلان »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2628
- حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا إسحاق يعني الأزرق ، عن شريك ، عن
حصين ، عن عبد الرحمن بن معقل المزني ، قال : صليت مع علي بن أبي طالب رضوان الله
عليه الفجر ، « فقنت (1) على سبعة نفر : منهم فلان وفلان وأبو فلان وأبو فلان »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2630
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن خالد ، عن أبي
قلابة ، عن أنس ، قال : « كان القنوت (1) في المغرب والفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2631
- حدثني عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : حدثنا السري بن عبد الله ، عن محمد بن علي ،
قال : « صليت خلف أبي جعفر محمد بن علي المغرب ، فقنت (1) فيها في الركعة الثالثة
» وقال آخرون : إنما قنت النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح ، دون غيرها من
الصلوات المكتوبات . قالوا : فالقنوت في صلاة الصبح سنة ثابتة ينبغي للمسلمين
العمل بها في مساجدهم
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
ذكر من قال ذلك أو فعله من السلف
2632
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ،
قال : حدثنا قتادة ، أن الحسن ، وبكر بن عبد الله ، حدثاه ، أن أبا رافع حدثهم أنه
كان مع عمر رضوان الله عليه صلاة الصبح فقنت (1) فيها بعد الركوع ، ويسمعهم الدعاء
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2633
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا سعيد ، عن
قتادة ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن أبي رافع ، قال : « قنت (1) عمر رضي الله
عنه في الصبح وأسمعنا ذلك »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2634
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا الربيع بن صبيح ، عن
الحسن ، عن أبي رافع أنه صلى خلف عمر بن الخطاب كرم الله وجهه سنتين ، « فقنت (1)
بعد الركوع »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2635
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عطاء بن
أبي ميمونة ، عن أبي رافع « أنه قنت (1) مع عمر في صلاة الصبح بعد الركوع ، يدعو
على الفجرة »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2636
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن
عطاء وهو ابن أبي ميمونة ، ومروان الأصفر ، سمعا أبا رافع ، يحدث : أن عمر ، « قنت
(1) بعد الركوع في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2637
- حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم
، عن مقسم ، عن ابن عباس أن عمر ، رضي الله عنه كان « يقنت (1) في الصبح بالسورتين
: اللهم إنا نستعينك ، اللهم إياك نعبد »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2638 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، رضي الله عنه أن عمر ، « قنت بالسورتين »
2639
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ،
عن مقسم ، عن ابن عباس ، عن عمر رضي الله عنه أنه كان « يقنت (1) في الغداة (2)
بالسورتين : اللهم إياك نعبد ، اللهم إنا نستعينك »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) الغداة : الصبح
2640
- حدثنا حميد ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا التيمي ، عن أبي عثمان أن
عمر ، « قنت (1) بعد الركوع في صلاة الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2641
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم
الأحول ، عن أبي عثمان أن عمر ، « قنت (1) في صلاة الصبح » ، قال : فقلت : بعد
الركوع ؟ قال : فقال : « بعد الركوع ، قدر ما يقرأ الرجل مائة آية »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2642
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم ، عن
أبي عثمان : أن عمر ، « كان يقنت (1) بعد الركوع قدر ما يقرأ الرجل مائة في رمضان
»
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2643
- حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، أن عمر
، « قنت (1) في صلاة الصبح بعد الركوع »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2644
- حدثني علي بن سهل الرملي ، عن أحمد بن محمد النسائي ، عن أبي سلمة ، قال أبو
جعفر أبو سلمة هذا هو المغيرة بن زياد الموصلي ، عن مطر ، عن أبي عثمان ، قال :
صليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه « فقرأ الأحزاب ، فركع ثم قنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2645
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن
بن أبزى ، قال : صليت خلف عمر رضي الله عنه صلاة الغداة (1) ، فلما فرغ من قراءة
السورة في الثانية ، كبر ثم رفع صوته : « اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك
ولا نكفرك ، ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى
ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق »
__________
(1) الغداة : الصبح
2646 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن الحجاج ، عن الحكم ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبيه أن عمر رضي الله عنه « كبر حين فرغ من القراءة في الركعة الثانية ، ثم قرأ هاتين السورتين ، ثم كبر حين ركع » حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو عن الحجاج ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، عن عمر ، رضي الله عنه ، مثله وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن الحجاج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، عن عمر ، مثله
2647
- وحدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، قال : حدثنا هشام بن
حسان ، عن ابن سيرين ، عن معبد بن سيرين ، قال : صليت خلف عمر بن الخطاب رضوان
الله عليه صلاة الصبح ، « فقنت (1) بعد الركوع بالسورتين »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2648
- حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، قال : حدثنا هشام ، عن محمد ، عن
معبد بن سيرين أن عمر رضي الله عنه « قنت (1) في الصبح بالسورتين »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2649 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن ابن أبي ليلى ، عن عثمان بن سعيد ، قال : لقي عبد الرحمن بن أبي ليلى عبد الله بن شداد ، فقال : هل حفظت صلاة عمر ؟ فقال : نعم ، صلى بنا عمر « فقرأ في الفجر بسورة يوسف حتى بلغ : فهو كظيم ، فبكى حتى انقطع ، ثم ركع ، ثم قام فقرأ سورة النجم ، فلما أتى على آخرها سجد ، ثم قام فقرأ : إذا زلزلت ، ثم رفع صوته ، فقنت بهاتين السورتين : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق »
2650
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن ابن سعيد ، عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى ، قال : « قنت (1) عمر رضوان الله عليه في الفجر ، فقال : اللهم اجعلنا
شاكرين لأنعمك ، راضين بقدرك ، مستمسكين بحبلك ، نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك
ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك
نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد ، إن عذابك بالكفار ملحق »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2651
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : كان عمر بن
الخطاب رضوان الله عليه « يقنت (1) في صلاة الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2652
- حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال : حدثنا هشيم يعني ابن أبي ساسان ، عن
محمد بن قيس الأسدي ، عن الشعبي ، عن سويد بن غفلة ، قال : « صليت خلف عمر بن
الخطاب الفجر فقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2653 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن ذر ، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، قال : صليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقنت بالسورتين : « اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ونؤمن بك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق » حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، مثله
2654 - حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري ، قال : حدثنا عمي ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن سلمة بن كهيل ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، أنه حدثه أن أباه حدثه ، أنه سمع عمر بن الخطاب ، يقول في صلاة الغداة حين يفرغ من القراءة : « اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخشع لك ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نخشى عذابك ونرجو رحمتك ، إن عذابك بالكفار ملحق »
2655
- حدثنا عبيد الله بن سعد ، قال : حدثنا عمي ، قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ،
عن سلمة بن كهيل « أنه قرأها في مصحف أبي بن كعب مع : ( قل أعوذ برب الفلق (1) ) و
( قل أعوذ برب الناس (2) ) مكتوبة »
__________
(1) سورة : الفلق آية رقم : 1
(2) سورة : الناس آية رقم : 1
2656
- حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا هشام بن حسان ، عن محمد
بن سيرين ، عن أخيه ، معبد بن سيرين أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه « قنت (1)
في الفجر مرة ، وقرأ بهاتين السورتين : اللهم إياك نعبد ، اللهم إنا نستعينك »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2657
- حدثنا أبو كريب ، وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت يزيد بن
أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عبد الرحمن بن أبزى ، أن عمر رضي الله
عنه « قنت (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2658
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبدة بن
أبي لبابة ، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضوان الله
عليه « كان يقنت (1) في الصبح قبل الركوع بهاتين السورتين : » اللهم إياك نعبد « و
» اللهم إنا نستعينك «
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2659
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن مخارق ،
قال : سألت طارق بن شهاب عن القنوت (1) ، فزعم « أنه صلى مع عمر الصبح فقنت حين
فرغ من القراءة »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2660
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن يزيد بن
أبي زياد ، عن زيد بن وهب ، قال : صليت خلف عمر ، « فكان يقنت (1) قبل الركوع »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2661
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن زيد بن وهب
، قال : « صليت خلف عمر رضي الله عنه الفجر فقنت (1) » ، قال زيد : وأخبرني من كان
أدنى إليه مني ، أنه جهر بهذه الكلمات : « اللهم إني أستعينك وأستغفرك »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2662 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : حدثنا سفيان ، عن مخارق ، عن طارق ، قال : كان عمر بن الخطاب « إذا فرغ من القراءة دعا ساعة »
2663
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد يعني ابن زريع ، قال : حدثنا
شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن عبد الله بن معقل ، قال : « قنت (1) بنا رجلان من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم علي ، وأبو موسى »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2664
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ،
عن عبد الله بن معقل ، قال : « كان رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
يقنتان (1) في صلاة الفجر ، علي ، وأبو موسى رضي الله عنهما »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2665
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي حصين ، عن
ابن معقل ، قال : « قنت (1) بنا رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، علي
وأبو موسى »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2666
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عمرو ، عن ابن أبي ليلى ، أن عليا
رضوان الله عليه « قنت (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2667
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبيد أبي
الحسن ، قال : سمعت ابن معقل ، يقول : « صليت خلف علي رضي الله عنه فقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2668
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا شعبة ، عن يزيد بن أبي زياد
، قال : حدثنا أشياخ ، من الأسد : « أنهم شهدوا عليا رضي الله عنه صلى الصبح فقنت
(1) قبل الركوع »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2669
- وحدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : حدثني أبي ، عن جدي ، قال : حدثني المشمرج بن
حمران الراسبي ، عن أبي سهيل أوس بن نعام الحداني ، قال جدي : وقد رأيت أوس بن
نعام ولم أسمع هذا منه ، قال : « صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاة
الفجر بالبصرة ، بعد ما ظهر على طلحة والزبير ، » فقنت (1) بعد الركوع « ، قال نصر
: قال لي أبي ، قال شعبة : لم أسمع في القنوت عن علي رضي الله عنه حديثا أثبت من
هذا الحديث ، وذلك أن أوس بن نعام كان يرى رأي الإباضية ، وهم لا يرون القنوت ،
فحكى الأمر على خلاف مذهبهم
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2670
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا الجريري
، عن بريد بن أبي مريم السلولي ، قال : « صليت مع أنس بن مالك صلاة الغداة فقنت
(1) قبل الركوع »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2671
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، وعبد الوهاب ، ومحمد بن جعفر ، عن
عوف ، عن أبي رجاء ، قال : « صليت مع ابن عباس الغداة (1) في مسجد البصرة ، فقنت
(2) بنا قبل الركوع »
__________
(1) الغداة : الصبح
(2) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2672
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا عوف ، عن أبي المنهال ،
عن أبي العالية ، عن ابن عباس « أنه صلى الغداة (1) في مسجد البصرة ، فقنت (2) قبل
الركوع »
__________
(1) الغداة : الصبح
(2) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2673
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون ، عن عنبسة ، وعمرو ، عن مطرف ، عن أبي الجهم
، عن البراء ، قال : « صليت خلفه صلاة الفجر ، فلما فرغ من القراءة ركعت ، فنظرت
فإذا القوم قيام يقنتون (1) ، فقنت معهم »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2674
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن محارب بن
دثار ، عن عبيد بن البراء أن البراء بن عازب ، « كان يقنت (1) في صلاة الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2675
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، وشعبة ، عن زبيد
الإيامي ، قال : سألت ابن أبي ليلى عن القنوت (1) ، قال : « سنة ماضية »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2676
- حدثني عباد بن يعقوب الأسدي ، قال : أخبرنا شريك ، عن زبيد الإيامي ، قال : سألت
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن القنوت (1) في الفجر ، قال : « سنة ماضية »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2677
- حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، قال : حدثنا موسى بن عمير ، عن زبيد ، عن مجاهد ،
قال : « القنوت (1) سنة ماضية »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2678
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا داود بن قيس ،
قال : « صليت خلف أبان بن عثمان ، وعمر بن عبد العزيز ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو
بن حزم ، فكانوا يقنتون (1) في الصبح »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2679
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا أنس بن عياض ، عن هشام ، عن أبيه أنه
كان « لا يقنت (1) في شيء من الصلوات ولا في الوتر ، غير أنه كان يقنت في صلاة
الفجر قبل أن يركع الركعة الآخرة ، ثم يقول لمن حوله : أقنت لأن أدعو ، فادعوا
الله »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2680
- حدثنا الفضل بن الصباح ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن النعمان بن قيس ، قال : «
صليت خلف عبيدة السلماني الفجر ، فقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2681
- حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، قال :
ذكروا عند سعيد بن المسيب قول ابن عمر في القنوت (1) ، فقال : « أما إنه شهد مع
أبيه ، ولكنه نسي »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2682
- وعلة قائلي هذه المقالة ما حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : حدثنا خالد بن
يزيد ، قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، قال : سئل أنس عن قنوت (1)
النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه قنت شهرا » ، فقال : ما زال النبي صلى الله عليه
وسلم يقنت حتى مات قالوا : فالقنوت في صلاة الصبح لم يزل من عمل النبي صلى الله عليه
وسلم حتى فارق الدنيا ، قالوا : والذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت
شهرا ثم تركه ، إنما كان قنوته على من روي عنه أنه دعا عليه من قتلة أصحاب بئر
معونة ، من رعل وذكوان وعصية وأشباههم ، فإنه قنت يدعو عليهم في كل صلاة ، ثم ترك
القنوت عليهم ، فأما في الفجر ، فإنه لم يتركه حتى فارق الدنيا ، كما روى أنس بن
مالك عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك وقال آخرون : لا قنوت في شيء من الصلوات
المكتوبات ، وإنما القنوت في الوتر
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
ذكر من قال ذلك أو فعله
2683
- حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد بن أبي
عروبة ، قال : حدثنا مسعر ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، والأسود « أنهما أقاما
عند عمر رضوان الله عليه سنتين ، أو حولين ، يصليان معه صلاة الصبح ، لا يقنت (1)
فيهما »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2684
- حدثنا حميد ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا شعبة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن
الأسود ، قال : « صليت مع عمر رضي الله عنه في السفر وفي الحضر (1) ما لا أحصي (2)
، فكان لا يقنت (3) ، - يعني في الصبح - »
__________
(1) الحضر : الإقامة والاستقرار
(2) أحصى : عرف العدد
(3) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2685
- حدثني سهيل بن إبراهيم الجارودي أبو الخطاب ، قال : حدثنا أبو داود ، قال :
حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي مجلز ، قال : سألت ابن عمر عن قنوت (1) ، عمر رضي
الله عنهما ، فقال : « ما شهدته وما رأيته »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2686
- حدثني أبو الخطاب الجارودي ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن
قتادة ، قال : سمعت أبا الشعثاء ، يقول : سألت ابن عمر عن قنوت (1) عمر ، فقال : «
ما شهدت ولا رأيت »
__________
(1) القنوت : القيام في الصلاة مع الدعاء والتضرع
2687
- حدثني أبو الخطاب ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن
إبراهيم ، عن علقمة ، قال : « صليت خلف عمر رضي الله عنه في السفر والحضر صلاة
الصبح ، فلم يقنت (1) في صلاة الصبح »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2688
- حدثني سهيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال
: أخبرنا حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، قال : « صليت خلف عمر رضي
الله عنه سنتين ، فلم يقنت (1) في الصبح »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2689
- حدثني أبو الخطاب ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن حماد ، عن
إبراهيم ، قال : « لم يقنت (1) أبو بكر ، وعمر حتى ذهبا »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2690
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ،
عن أبي الشعثاء ، قال : سألت ابن عمر عن قنوت (1) ، عمر ، فقال : « ما شهدت ولا
رأيت »
__________
(1) القنوت : القيام في الصلاة مع الدعاء والتضرع
2691
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن حماد ، عن
إبراهيم ، عن الأسود ، قال : « صليت خلف عمر في السفر والحضر (1) ما لا أحصي (2) ،
فلم نسمعه يقنت (3) في صلاة الغداة (4) »
__________
(1) الحضر : الإقامة والاستقرار
(2) أحصى : عرف العدد
(3) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(4) الغداة : الصبح
2692
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن
منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، وعمرو بن ميمون أن عمر ، رضي الله عنه كان « لا
يقنت (1) في الصبح »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2693
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن
إبراهيم أن عمر ، وابن مسعود « كانا لا يقنتان (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2694
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود سليمان بن داود ، قال : حدثنا شعبة ،
عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، وعمرو بن ميمون « أنهما صليا مع عمر الصبح
فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2695
- حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن
إبراهيم ، عن الأسود ، وعمرو بن ميمون ، قالا : « صلينا خلف عمر الفجر فلم يقنت
(1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2696
- وحدثني أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن
إبراهيم ، قال : كان أصحاب عبد الله إذا ذكر القنوت - يعني في الفجر - ، قالوا :
حفظنا من عمر رضي الله عنه أنه كان إذا افتتح الصلاة ، قال : « سبحانك اللهم
وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ، وإذا ركع كبر ووضع يديه على
ركبتيه ، وإذا انحط (1) للسجود انحط بالتكبير ، فيقع كما يقع البعير ، تقع ركبتاه
قبل يديه ، ويكبر إذا سجد وإذا رفع وإذا نهض ، لا نحفظ له أنه يقوم بعد القراءة
يدعو »
__________
(1) انحط : هبط ونزل
2697
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثام ، عن إسماعيل ، عن مسلم ، عن سعيد بن جبير ،
قال : « لم يكن عمر رضي الله عنه يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2698
- حدثنا أبو كريب ، وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت الحسن بن
عبيد الله ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، وعمرو بن ميمون « أنهما صليا خلف عمر رضوان
الله عليه الفجر فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2699
- حدثني أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا محمد بن
قيس ، قال : قال الشعبي : كان عبد الله لا يقنت (1) ، ولو قنت عمر لقنت عبد الله ،
وعبد الله ، يقول : « لو سلك الناس واديا وشعبا ، وسلك عمر كرم الله وجهه واديا
وشعبا ، لسلكت وادي عمر وشعبه »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2700
- حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا إدريس ، قال : أخبرنا شعبة ، عن الحكم ، عن أبي
الشعثاء ، قال : سألت ابن عمر عن قنوت (1) ، عمر ، فقال : « ما شهدت ولا رأيت »
__________
(1) القنوت : القيام في الصلاة مع الدعاء والتضرع
2701
- حدثني أبو الخطاب الجارودي سهيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو داود ، قال :
حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن زبان بن فائد ، عن الحارث العكلي ، عن علقمة قال :
سألت أبا الدرداء عن القنوت (1) في الصلاة ، فقال : « لا تقنت في صلاة الصبح »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2702
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال :
صليت بالحي صلاة الغداة (1) ، وصلى خلفي شيخ فلم أقنت ، فأعجبه الذي صنعت ، فلما
صلينا قام إلي ، فقال : صليت خلف عثمان صلاة الغداة فلم يقنت (2) قبل الركوع ولا
بعده
__________
(1) الغداة : الصبح
(2) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2703
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن غسان
التيمي ، قال : سمعت عمرو بن ميمون ، قال : « صليت خلف عمر الفجر فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2704
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ،
عن علقمة أن عبد الله ، « كان لا يقنت (1) في الفجر » حدثنا ابن بشار ، قال :
حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن علقمة ، عن عبد الله ،
بنحوه
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2705
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن سليمان التيمي
، عن منذر ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : كان أصحاب عبد الله لا يقنتون (1) ، قال :
قلت فهل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : « غضب الله عليهم إن كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قنت ولم يقنتوا »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2706
- حدثنا محمد بن عبيد الهمداني ، قال : حدثنا شجاع بن الوليد أبو بدر ، عن عبد
الله بن المحرر ، عن قتادة ، قال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر
رضوان الله عليهما لا يقنتون (1) في صلاة الغداة (2) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) الغداة : الصبح
2707
- حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال : حدثنا أحمد بن بشير ، عن ابن شبرمة ، عن
علقمة ، عن أبي الدرداء ، قال : « لا قنوت (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2708
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا محمد بن قيس ، عن الشعبي
، قال : « كان عبد الله لا يقنت (1) ، ولو قنت عمر لقنت عبد الله »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2709
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن محمد بن طلحة ، عن حماد ، عن
إبراهيم ، قال : « لم يقنت (1) أبو بكر ، ولا عمر حتى مضيا » وحدثنا أبو كريب ،
قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عنهما مثله
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2710
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن المسعودي ، عن عبد الرحمن بن
الأسود ، عن أبيه ، قال : كان عبد الله « لا يقنت (1) في شيء من الصلاة ، إلا في
الوتر قبل الركوع »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2711
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن مسعر ، عن عثمان بن المغيرة ، عن
عرفجة السلمي ، قال : كان عبد الله « لا يقنت (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2712
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو تميلة ، قال : حدثنا محل ، عن إبراهيم ، قال :
كان ابن مسعود « لا يقنت (1) في صلاة الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2713
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : كان عمر
وعبد الله « لا يقنتان (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2714
- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن حماد ،
عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، والأسود ، أنهما ، قالا : « صلى بنا عمر بن الخطاب
رضوان الله عليه زمانا لم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2715
- حدثنا المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن حماد عن إبراهيم ،
عن علقمة ، قال : « صليت خلف عمر سنتين فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2716
- حدثني المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن حماد ، عن
إبراهيم أن أبا بكر ، وعمر ، رضي الله عنهما « لم يقنتا (1) حتى ذهبا »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2717
- حدثني محمد بن معمر البحراني ، قال : حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا عبد الواحد ،
قال : حدثنا أبو عميس ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، أن ابن
مسعود ، « لم يقنت (1) في صلاة الصبح »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2718
- حدثني أبو الخطاب الجارودي ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : أخبرنا
محمد بن أبي إسماعيل ، قال : سألت سعيد بن جبير عن القنوت (1) ، فقال : « إذا فرغت
من القراءة فاركع » ، قلت : « فإن عليا كان يقنت ؟ قال : » كان يفعل ذلك في الحرب
«
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2719
- حدثني محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت عبيد الله
، عن نافع ، عن عبد الله « أنه لم يكن يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2720
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع
أن ابن عمر « كان لا يقنت (1) في الفجر ، ولا في شيء من صلاته »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2721
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، وعبد الرحمن ، قالا : حدثنا سفيان ، عمن
ذكره ، عن سعيد بن جبير ، قال : « صليت مع ابن عمر وابن عباس الصبح فكانا لا
يقنتان (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2722
- حدثني أبو الخطاب الجارودي ، قال : حدثنا شجاع بن الوليد ، قال : حدثنا عمر بن
قيس ، عمن حدثه ، عن ابن عمر ، وابن عباس « أنهما كانا لا يقنتان (1) في صلاة
الصبح »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2723
- وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي مجلز
، قال : « صليت مع ابن عمر الصبح فلم يقنت (1) » ، قلت : ما يمنعك من القنوت ؟ قال
: لا أحفظه عن أحد
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2724 - حدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي الشعثاء ، قال : سألت ابن عمر عن القنوت ، فقال : وما القنوت ؟ قال : قلت : يقوم الرجل بعد ما يفرغ من القراءة يدعو ، قال : « ما شعرت أن أحدا يفعل هذا »
2725
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا شعبة ، عن قتادة ، عن
أبي مجلز ، قال : قلت لابن عمر : الكبر (1) يمنعك من القنوت (2) ؟ قال : « لا
أحفظه عن أحد من أصحابي »
__________
(1) الكبر : إنكار الحق واحتقار الناس
(2) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2726
- حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا سليمان ، عن أبي مجلز ،
قال : قلت لابن عمر وابن عباس : الكبر (1) يمنعكما من القنوت (2) ؟ قالا : « لم
نأخذه عن أصحابنا »
__________
(1) الكبر : إنكار الحق واحتقار الناس
(2) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2727 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عمرو ، عن الزبير ، قال : أخبرني إبراهيم ، عن أبي الشعثاء المحاربي أنه سأل ابن عمر رضي الله عنه عن ذلك ، فقال : « هذا شيء أرى أنكم يا أهل العراق تفعلونه ، وما شعرنا أن أحدا يفعل هذا »
2728
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا واصل ، مولى أبي
عيينة قال : سمعت نافعا ، يقول : كان ابن عمر « لا يقنت (1) في فريضة ولا تطوع
أبدا »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2729 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن تميم يعني ابن سلمة ، قال : سأل رجل ابن عمر عن القنوت ، فقال : وما القنوت ؟ فقال الرجل : هو في الركعة الأولى من الفجر ، ثم يركع ، ثم يقوم في الركعة الآخرة ، فإذا فرغ من القراءة قام ساعة فدعا ، فقال : « ما سمعت ولا رأيت ، وإني أظنكم ، معشر أهل العراق ، تفعلونه »
2730
- حدثني الحسن بن زريق الطهوي ، قال : حدثنا يعلى ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ،
قال : « صلى ابن عباس - يعني الفجر - فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2731
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا حصين ، قال : أخبرني عمران
بن الحارث ، قال : « صليت مع ابن عباس مرارا الفجر ، فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2732
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سليمان بن داود ، عن شعبة ، عن حصين ، عن عمران
بن الحارث ، قال : « صليت خلف ابن عباس الصبح فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2733
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي مجلز ،
قال : « صليت مع ابن عباس الصبح فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : القيام في الصلاة مع الدعاء والتضرع
2734
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن
قتادة ، عن لاحق بن حميد « أنه صلى مع ابن عباس صلاة الصبح فلم يقنت (1) »
__________
(1) القنوت : القيام في الصلاة مع الدعاء والتضرع
2735
- حدثنا ابن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن منذر ، قال
: سألت عامرا عن القنوت (1) ، فقال : أما أصحاب عبد الله فلم يكونوا يقنتون ، قال
: فقلت : فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فقال : « غضب الله عليهم إن
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت وتركوه »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2736
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثني عبد الصمد ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ،
قال : سألت سعيد بن جبير عن القنوت (1) ، فقال : « بدعة »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2737
- وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سليمان أبو داود ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، قال
: سألت سعيد بن جبير عن القنوت (1) ، فقال : « ما أعلمه »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2738
- حدثني علي بن سعيد الكندي ، قال : حدثنا أحمد بن بشير ، عن ابن شبرمة ، قال :
سألت الشعبي عن القنوت (1) في الفجر ، فقال : كل الصلاة يقنت فيها ، قلت : قد عرفت
ما أردت ، كان علي رضي الله عنه يقنت يدعو على عدوه ، فقال : ما قنت حتى دعا بعضهم
على بعض
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2739
- حدثني أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ابن عون ، قال :
سألت عامرا عن القنوت (1) ، قال : « وما هو ؟ » ، قال : قلت : ( وقوموا لله قانتين
(2) ) ، قال : « مطيعين » ، قال : قلت : ( ومن يقنت منكن لله ورسوله (3) ) ، قال :
« يطعن »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
(2) سورة : البقرة آية رقم : 238
(3) سورة : الأحزاب آية رقم : 31
2740
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح ، قال : حدثنا إسماعيل بن
عبد الملك ، قال : كان سعيد بن جبير « لا يقنت (1) في شيء من الصلاة »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2741
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، عن
الضحاك ، قال : « القنوت (1) الذي ذكر الله ، إنما هو الطاعة »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2742
- حدثني سعيد بن الربيع الرازي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سألت ابن طاوس : ما
كان أبوك يقول في القنوت (1) ؟ فقال : « كان أبي لا يراه ، ويقول : القنوت طاعة
الله »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2743
- حدثنا محمد بن عبيد الهمداني ، قال : حدثنا أبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ ، قال :
حدثنا سليمان بن أسير ، قال : كان إبراهيم « لا يقنت (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2744 - حدثني محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت عمران ، قال : قال أبو مجلز : « القنوت : القيام »
2745
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، قال : كان منصور « لا يقنت (1) في الفجر »
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2746
- وعلة قائلي هذه المقالة لقولهم ، ما حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ،
قال : سمعت سعد بن طارق أبا مالك الأشجعي ، قال : قلت لأبي : « صليت خلف رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وعمر وعثمان ، وعلي رضي الله عنهم ، أكانوا يقنتون
(1) ؟ قال : » لا ، يا بني محدثة «
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
2747
- حدثني أبو السائب ، سلم بن جنادة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن أبي مالك ، عن
أبيه ، قال : قلت : يا أبه ، صليت خلف أبي بكر ، وخلف عمر ، وخلف عثمان ، وخلف علي
رضي الله عنهم ، فهل رأيت أحدا منهم قنت (1) ؟ فقال : « يا بني ، هي محدثة » والصواب
من القول في ذلك عندنا أن يقال : صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قنت يدعو على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة مدة ، إما شهرا ، وإما أكثر من ذلك ،
في كل صلاة مكتوبة ، ثم ترك فعل ذلك في كل صلاة ، وثبت قنوته في صلاة الصبح ، وصح
الخبر عنه عليه السلام أنه لم يزل يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا . وروى أبو
مالك الأشجعي ، عن أبيه أنه قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت .
وكل ذلك من الروايات والأخبار عندنا صحيح ، فالقنوت إذا نابت المسلمين نائبة ، أو
نزلت بهم نازلة ، نظيرة النائبة والنازلة التي نابت ونزلت بالمسلمين بمصابهم على
عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن قتل منهم ببئر معونة ، على من قتلهم وأعان
قاتليهم من المشركين ، في كل صلاة مكتوبة ، على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم من فعله في ذلك ، إلى أن يكشف الله عنهم النازلة التي نزلت ، إما بالظفر
بعدوهم الذي كان من قبلهم النازلة ، وإما بدخولهم في الإسلام ، أو باستسلامهم
للمسلمين ، أو بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الفرج للمسلمين من مكروه ما نزل
بهم ، سنة حسنة ، وإن كانت النائبة والنازلة سببا غير ذلك ، فإلى أن يزول ذلك عنهم
، وذلك أن أبا هريرة روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس ، قنوته على
كفار مضر شهرا ، وذكر أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك بعد ذلك ، قال :
فقلت : ما بال النبي صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء ؟ فقيل لي : أوما تراهم قد
جاءوا - يعني أن الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عليهم - قد جاءوا مسلمين
. فالقنوت في كل صلاة ، إذا نزلت بالمسلمين نائبة عامة أو خاصة ، وذلك الدعاء في
آخر ركعة من كل صلاة مكتوبة حسن جميل ، كما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
من قنوته كذلك في كل صلاة للسبب الذي ذكرنا قنوته له . ولسنا وإن رأينا ذلك حسنا
جميلا ، بموجبين على من تركه إعادة صلاته التي ترك ذلك فيها ، ولا سجود سهو ،
عامدا كان تركه ذلك أو ساهيا . وذلك أن الجميع من سلف علماء الأمة وخلفهم ، لا
خلاف بينهم أن ترك ذلك غير مفسد صلاة مصل ، وأن سجود السهو إنما يجب على المصلي ،
عند من يوجبه بدلا من نقص أو زيادة ، لم يكن له عملها في صلاته فعملها ، فترك
القنوت فيها خارج من كل هذين المعنيين ، فلا وجه لإيجاب البدل منه ، وأما إذا لم
يكن سبب يدعو المسلمين إلى القنوت في كل صلاة ، إما لنائبة أو نازلة بهم عامة أو
خاصة ، فترك القنوت في كل الصلوات المكتوبات ، خلا صلاة الصبح ، هو الحق . وذلك
لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ترك القنوت الذي كان يقنته في كل
صلاة مكتوبة ، بعد دخول القوم الذين كان يقنت عليهم في الإسلام ، إلا في صلاة
الصبح ، فإنه فيما ذكر أنس بن مالك ، لم يزل يقنت فيها حتى فارق الدنيا . ولا شك
أن دعاءه في ذلك كان على غير الذين دخلوا في الإسلام ، فترك القنوت والدعاء عليهم
في كل صلاة فإن قال قائل : فإنك قد صححت حديث أنس بن مالك ، وقلت به في جواز
القنوت في صلاة الصبح في كل حال ، وتركت القول بخبر طارق بن أشيم الأشجعي ، مع
قولك بتصحيحه ، وخلاف خبره خبر أنس ؟ قيل له : ليس الأمر في ذلك كالذي ظننت ، بل
نحن قائلون بتصحيحهما وتصحيح العمل بهما ، فإن قال : وكيف تكون مصححا لهما وللعمل
بهما ، وأحدهما يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يزل يقنت حتى فارق
الدنيا ، والآخر منهما يخبر عنه أنه لم يره قنت ، وكلاهما قد صلى معه ؟ قيل : إنا
لم نقل إنه لا بد من القنوت في كل صلاة صبح ، وإنما قلنا : القنوت فيها حسن ، فإن
قنت فيها قانت فبفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل ، وإن ترك ذلك تارك ،
فبرخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يقنت فيها أحيانا ، ويترك القنوت فيها أحيانا ، فأخبر أنس عنه أنه لم يزل يقنت
فيها ، على ما لم يزل يعهده من فعله في ذلك بالقنوت فيها مرة ، وترك القنوت فيها
أخرى ، معلما بذلك أمته أنهم مخيرون في العمل بأي ذلك شاءوا وعملوا به ، وأخبر
طارق بن أشيم أنه صلى معه فلم يره قنت ، وغير منكر أن يكون صلى خلفه في بعض
الأحوال التي لم يقنت فيها في صلاته ، فأخبر عنه بما رأى وشاهد ، وليس قول من قال
: لم أر النبي صلى الله عليه وسلم قنت ، بحجة يدفع بها قول من قال : رأيته قنت ،
ولاسيما والقنوت أمر مخير المصلي فيه وفي تركه ، كالذي ذكرنا عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم من عمله به أحيانا ، وتركه إياه أحيانا ، تعليما منه أمته صلى الله
عليه وسلم سبيل الصواب فيه . ولو كان قول من قال من أصحابه : « لم أر رسول الله
قنت » دافعا قول من قال : « رأيته يقنت » ، وجب أن يكون قول من قال : لم أره يرفع
يديه عند الركوع وعند رفعه رأسه من الركوع ، دافعا قول من قال : رأيته يرفع يديه
عندهما . وكذلك كان يجب أن يكون كل ما حكي عنه من اختلاف كان يكون منه في صلاته ،
مما فعله تعليما منه أمته في أنهم مخيرون بين العمل به وتركه ، غير جائز العمل إلا
بأحدهما ، وفي إجماع الأمة على أن ذلك ليس كذلك ، وأن رفع اليدين في حال الركوع
وحال رفع الرأس منه في الصلاة غير مفسد صلاة المصلي ، ولا تركه موجب عليه قضاء ولا
بدلا منه ، إذ كان ذلك من العمل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمله
أحيانا في صلاته ويتركه أحيانا . وكذلك ذلك في القنوت ، إذ كان من الأمر الذي كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله أحيانا في صلاة الصبح ، ويتركه أحيانا ، معلما
بذلك أمته أنهم مخيرون في العمل به والترك . وكذلك القول عندنا فيما روي عن أصحابه
في ذلك من الاختلاف ، فإن سبيل الاختلاف عنهم فيه ، سبيل الاختلاف عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم . وذلك أنهم كانوا يقنتون أحيانا على ما رأوا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يفعل ذلك ، وأحيانا يتركون القنوت على ما عهدوه يترك ، فيشهد
قنوتهم في الحال التي يقنتون فيها قوم ، فيروون عنهم ما رأوا من فعلهم ، ويشهدهم
آخرون في الحال التي لا يقنتون فيها ، فيروون عنهم ما رأوا من فعلهم ، وكلا
الفريقين محق صادق
__________
(1) القنوت : الدعاء في الصلاة قبل الركوع أو بعده
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمر رضوان الله عليه ، الذي
رواه عنه ابن أبي ليلى في قنوته : « ونخشى عذابك الجد » - يعني بقوله : « الجد » :
الحق - ، من قولهم : جد فلان في هذا الأمر ، إذا صحح عزمه فيه وحقق ، فهو يجد فيه
، ومنه قول الشاعر : أجدك لن ترى بثعيلبات ولابيدان ناجية ذمولا وأما قوله : « إن
عذابك بالكفار ملحق » ، فإن معناه : إن عذابك بالكفار ملحق أنت ، فاستغنى بذكره
مكنيا عنه في قوله « عذابك » ، من إعادته مع قوله « ملحق » ، كما قال الفرزدق :
ترى أرباقهم متقلديها إذا صدئ الحديد على الكماة يريد : ترى أرباقهم متقلديها هم ،
فاكتفى بذكر هم في قوله : أرباقهم ، من إعادته بعد متقلديها ، ومنه قول الآخر :
أمسلمتي للموت أنت فميت يريد : فميت أنا ، فاكتفى بذكره الذي جرى في قوله :
أمسلمتي مكنيا عنه ، من إعادته بعد قوله فميت وأما قوله : « وإليك نسعى » ، فإنه
يعني بقوله : « نسعى » ولك نعمل ، والسعي « نفسه هو العمل ، يقال منه : » سعى فلان
لكذا « ، » وسعى هو يسعى سعيا « ، كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة : وسعى لكندة سعي
غير مواكل قيس فضر عدوها وبنى لها يعني بقوله : » وسعى لكندة « ، وعمل لها ، ومنه
قول زهير بن أبي سلمى : سعى ساعيا غيظ بن مرة بعد ما تبزل ما بين العشيرة بالدم
وأما قوله : ونحفد ، فإنه يعني : وإياك نخدم ، والحفد : هو الخدمة ، وترك ذكر إياك
، لتقدم إليك مع قوله نسعى ، فاستغنى بدلالة قوله وإليك نسعى : على معنى ونحفد ،
من إعادة وإياك مع نحفد ، إذ كان غير حسن إعادة إليك ، مع قوله نحفد ، وذلك كثير
في كلامهم مستفيض ومنه قول الشاعر : علفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناها
والماء لا يعلف ، ولكن لما كان قد تقدم في أول الكلام ما يدل على معنى ما أراد
بذلك ، وأن مراده منه : » وسقيتها ماء باردا « : استغنى بدلالة قوله : » علفتها
تبنا « ، على مراده من قوله : » وماء باردا « ، عن ذكر » وسقيتها « فكذلك ذلك في
قوله : ونحفد ، لما كان في قوله » وإليك نسعى « دلالة على مراده من قوله : » ونحفد
« ، وأن معناه » وإياك نحفد « ، استغنى بدلالة قوله : وإليك نسعى على ذلك من ذكره
. ومن ذلك قول الله تعالى ذكره : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون . بأكواب وأباريق (1)
) ، ثم قال : ( ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون (2) ) ،
والحور العين لا شك أنه لا يطوف بهن الولدان ، وأن معنى الكلام : ولهم حور عين ،
أو عندهم حور عين ، ولكنه لما كان فيما تقدم من الكلام دلالة على المراد من ذلك ،
أجرى الكلام في آخره على ما تقدم في أوله ، ومن قوله : نحفد قول الشاعر : حفد
الولائد حولهن وأسلمت بأكفهن أزمة الأجمال يقال منه : » حفدت الرجل أحفده حفدا « ،
» و « حفدة الرجل : خدمه وأعوانه » ، ومنه قول الله جل ثناؤه : ( وجعل لكم من
أزواجكم بنين وحفدة (3) ) ، فتأوله قوم أنهم أختان الرجل وأصهاره ، وآخرون : أنهم
خدمه وأعوانه ، وكلا القولين غير بعيد من الصواب ، وذلك أن أعوان الرجل بمعنى خدمه
، في معونتهم إياه ، وكذلك أصهاره وأختانه ، بمعنى خدمه ، في معونتهم له
__________
(1) سورة : الواقعة آية رقم : 17
(2) سورة : الواقعة آية رقم : 21
(3) سورة : النحل آية رقم : 72
ذكر خبر آخر من أخبار هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2748 - حدثني محمد بن معاوية الأنماطي ، قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه : « أكثر الدعاء بالعافية » قد تقدم ذكري نظائر هذا الخبر ، والبيان عن جميعها ، فيما مضى من كتابي هذا ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع
ذكر خبر آخر من أخبار هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2749
- حدثني محمد بن إسحاق ، قال : أخبرنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا عباد ، عن
هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الآية وأصحابه عنده : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم
(1) ) ، إلى آخر الآية ، فقال : « هل تدرون أي يوم ذاك ؟ » ، قالوا : الله ورسوله
أعلم ، قال : « ذاك يوم يقول الله لآدم : يا آدم ، قم فابعث بعث النار » ، قال :
فيقول : يا رب ، من كل كم ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، وواحدا إلى
الجنة « فشق ذلك على القوم ، ووقعت عليهم الكآبة (2) والحزن ، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : » إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة « ، ثم قال : » إني لأرجو
أن تكونوا ثلث أهل الجنة « ، ثم قال : » إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة «
ففرحوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » اعملوا وأبشروا ، فإنكم بين
خليقتين لم تكونا مع أحد إلا كثرتاه ، يأجوج ومأجوج ، وإنما أنتم في الناس أو قال
: في الأمم كالشامة (3) في جنب البعير ، أو كالرقمة (4) في ذراع الدابة ، وإنما
أمتي جزء من ألف جزء « القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد
يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلتين : إحداهما : أنه خبر لا
يعرف له مخرج عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يصح إلا من
هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أنه من
نقل عكرمة ، عن ابن عباس ، وفي نقل عكرمة عندهم نظر يجب التثبت فيه من أجله وقد
وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من
أصحابه ، نذكر ما صح من ذلك عندنا سنده
__________
(1) سورة : الحج آية رقم : 1
(2) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(3) الشامة والشأمة : العلامة في الجسد وتعرف بالخال ومنه : جميل الخال والقوام
(4) الرقمة : الهَنَة الناتِئة في ذِراع الدابة من داخِل، وهما رَقْمتان في
ذراعَيها
ذكر ذلك
2750
- حدثني محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن
أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، قال : دخلت على ابن مسعود بيت المال ، فقال
: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ » ،
قلنا : نعم ، قال : « أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ » ، قلنا : نعم ، قال : «
فوالذي نفسي بيده ، إني لأرجو أن تكونوا شطر (1) أهل الجنة ، وسأخبركم عن ذلك ،
إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، وإن قلة المسلمين في الكفار يوم القيامة ،
كالشعرة السوداء في الثور الأبيض ، أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود »
__________
(1) الشطر : النصف
2751
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق
، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
قبة (1) نحوا من أربعين رجلا ، فقال : « أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ » ، قال
: قلنا : نعم ، قال : « أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ » ، فقلنا : نعم ، فقال
: « والذي نفس محمد بيده ، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ، وذلك أن الجنة لا
يدخلها إلا نفس مسلمة ، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشامة البيضاء في جلد الثور
الأسود ، أو الشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر »
__________
(1) القبة : هي الخيمة الصغيرة أعلاها مستدير أو البناء المستدير المقوس المجوف
2752
- حدثني أحمد بن المقدم ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي يحدث ،
عن قتادة ، عن صاحب له حدثه عن عمران بن حصين ، قال : بينما رسول الله صلى الله
عليه وسلم في بعض مغازيه وقد فاوت السير بأصحابه ، إذ نادى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بهذه الآية : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم (1)
) ، قال : فحثوا المطي (2) حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «
هل تدرون أي يوم ذلك ؟ » ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : « ذلك يوم ينادي آدم
، يناديه ربه : ابعث بعث النار ، من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار » ،
قال : فأبلس (3) القوم ، فما وضح منهم ضاحك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «
ألا اعملوا وأبشروا ، فإن معكم خليقتين ما كانتا في قوم إلا كثرتاه فيمن هلك من
بني آدم ، ومن هلك من بني إبليس ، ويأجوج ومأجوج » ، ثم قال : « ألا أبشروا ، ما
أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير ، أو كالرقمة (4) في ذراع الدابة » حدثنا
محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن
قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه حدثنا
ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، قال ابن بشار : وحدثني
ابن أبي عدي ، عن هشام ، جميعا ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم بمثله حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن
سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن العلاء بن زياد ، عن عمران بن حصين ، عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بنحوه
__________
(1) سورة : الحج آية رقم : 1
(2) المطي : جمع مطية وهي الدابة التي يركب مطاها أي ظهرها ، أو هي التي تمط في
سيرها أي تمدُّ
(3) أبلس : سكت
(4) الرقمة : الهَنَة الناتِئة في ذِراع الدابة من داخِل، وهما رَقْمتان في
ذراعَيها
2753
- وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، قال
: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة العسرة ومعه أصحابه بعد
ما شارف المدينة قرأ : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم . يوم
ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم
بسكارى ولكن عذاب الله شديد (1) ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتدرون
أي يوم ذلك ؟ » ، قيل : الله ورسوله أعلم ، فذكر نحوه إلا أنه زاد : « وإنه لم يكن
رسولان إلا كان بينهما فترة في الجاهلية ، فهم أهل النار ، وإنكم بين ظهراني
خليقتين لا يعادهما أحد من أهل الأرض إلا كثروهم ، يأجوج ، ومأجوج ، وهم أهل النار
، وتكمل العدة من المنافقين »
__________
(1) سورة : الحج آية رقم : 1
2754 - وحدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يقال لآدم : أخرج بعث النار ، قال : فيقول : وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين » ، فعند ذلك يشيب الصغير ، وتضع الحامل حملها ، وترى الناس سكرى وما هم بسكرى « ، قال : فقلنا : فأين الناجي ، يا رسول الله ؟ قال : » أبشروا ، فإن واحدا منكم ، وألفا من يأجوج ، ومأجوج « ، ثم قال : » إني أطمع أن تكونوا ربع أهل الجنة « ، فكبرنا وحمدنا الله ، ثم قال : » إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة « فكبرنا وحمدنا ، ثم قال : » إني لأطمع أن تكونوا نصف أهل الجنة ، إنما مثلكم في الناس كمثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود ، أو كمثل الشعرة السوداء في الثور الأبيض « وحدثني أبو السائب سلم بن جنادة ، قال أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله لآدم يوم القيامة ثم ذكر نحوه حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحشر ، قال : يقول الله تبارك وتعالى يوم القيامة : يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ، والخير بيديك ، فيقول : ابعث بعثا إلى النار » ، ثم ذكر نحوه
2755
- وحدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح ، قال : حدثنا
سليمان بن عطاء ، عن مسلمة بن عبد الله الجهني ، عن عمه أبي مشجعة ، قال : كنا مع
عمر بن الخطاب رضوان الله عليه في مسير له ذات يوم ، قال : فتنفس نفسا شديدا حتى
كاد تنقطع حيازيمه ، قال : ثم بكى ، فقلنا : ما لك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ذكرت
مسيرا (1) لنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كسيركم معي ، فأنشأ فتلا هذه
الآيات : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم . يوم ترونها تذهل
كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن
عذاب الله شديد (2) ) ، قال : « أتدرون أي يوم هذا ؟ » ، فقلنا : الله ورسوله أعلم
، فقال : « هذا يوم يبعث الله آدم فيقول : يا آدم ، اقطع على ولدك بعثا إلى النار
، فيقول : يا رب ، على الرجال أم على النساء ؟ فيقول : على الرجال ، فيقول : يا رب
من كل كم ؟ فيقول : من كل ألف واحدا إلى الجنة وسائرهم إلى النار ، قال : ثم يقول
: يا آدم ، اقطع على ولدك بعثا ، فيقول : يا رب ، على الرجال أم على النساء ؟
فيقول : من كل كم ؟ فيقول : من كل عشرة آلاف ، واحدة إلى الجنة وسائرهن (3) إلى
النار » ، قال : فبكى الناس ، وأكب كل إنسان منهم على راحلته (4) ، حتى أتينا
المنزل ، فلم يلتفت رجل لا إلى طعام ولا إلى شراب ولا إلى راحلته ، قال : فجعلنا
نقول : فيم العمل ؟ ومن الناجي بعد الرجل من كل ألف واحد في الجنة ، وسائرهم في
النار ، ومن النساء من كل عشرة آلاف واحدة إلى الجنة ، وسائرهن في النار ؟ قال : فبلغه
ما نحن عليه ، وكان رءوفا رحيما ، فقال : يا بلال : ناد في الناس الصلاة جامعة « ،
قال : فاجتمعنا ، فقام فحمد الله وأثنى عليه فقال : » قد بلغني الذي بكم والذي
أنتم عليه ، اعملوا وسددوا وقاربوا وأبشروا ، فإنكم في أمتين لم تكونا في شيء إلا
كثرتاه ، يأجوج ومأجوج ، ومن وراء يأجوج ومأجوج تاريس وتاويل ومنسك ، لا يعلم
عددهم إلا الله ، هم في القدرة ، إن الرجل منهم لا يموت حتى يولد له ألف ذكر ، وما
أنتم في سائر الأمم إلا كالرقمة (5) البيضاء في جلد أسود ، أو كرقمة في ذراع « -
يعني الرقمة (6) التي في ذراع الفرس - »
__________
(1) المسير : السير والسفر
(2) سورة : الحج آية رقم : 1
(3) سائر : باقي
(4) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(5) الرقمة : الشعرة
(6) الرقمة : الهَنَة الناتِئة في ذِراع الفرس من الداخِل وهي تشبه الظفر
القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عمران بن الحصين : فحثوا المطي حتى كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، - يعني بالمطي جمع مطية - ، والمطية كل ما امتطي ظهره ، وهو في هذا الموضع الإبل ، ومنه قول الشاعر : ظللنا نخبط الظلماء ظهرا لديه والمطي له أوام وأما قوله : « فأبلس القوم » ، فإنه يعني أنهم حزنوا ، وعلت وجوههم كآبة الحزن كما قال العجاج : وخمست يوم الخميس الأخماس وفي الوجوه صفرة وإبلاس وأما قول أبي مشجعة : كنا مع عمر بن الخطاب رضوان الله عليه في مسير له ذات يوم ، فتنفس نفسا شديدا حتى كاد تنقطع حيازيمه ، فإنه يعني بالحيازيم - جمع الحيزوم ، والحيزوم الصدر ، ومنه قول أعشى بني قيس بن ثعلبة : مهلا بني فإن المرء يبعثه هم إذا خالط الحيزوم والضلعا
ذكر خبر آخر من أخبار هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2756
- حدثني محمد بن إسحاق ، قال : أخبرنا أبو النعمان ، قال : أخبرنا ثابت يعني ابن
يزيد ، قال : حدثنا هلال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : أسري بالنبي صلى الله
عليه وسلم إلى بيت المقدس ، وجاء من ليلته يحدثهم بمسيره ، وبعلامة بيت المقدس ،
وبعيرهم ، فقال أناس : نحن نصدق محمدا صلى الله عليه وسلم بما يقول فارتدوا كفارا
، وضرب الله أعناقهم مع أبي جهل ، قال : وقال أبو جهل : يخوفنا محمد بشجر الزقوم
هاتوا زبدا وتمرا تزقموا ، قال : ورأى الدجال في صورته رؤيا عين ليس رؤيا منام ،
وعيسى وموسى وإبراهيم صلى الله عليهم فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال ،
فقال : « رأيته فيلمانيا (1) أقمر هجانا (2) ، إحدى عينيه قائمة ، كأنها كوكب دري
، كأن شعر رأسه أغصان شجرة ، ورأيت عيسى عليه السلام شابا أبيض جعد الرأس ، حديد
البصر ، مبطن الخلق ، ورأيت موسى أسحم (3) آدم كثير الشعر شديد الخلق ، ورأيت
إبراهيم عليهما السلام ، فلا أنظر إلى إرب (4) من آرابه (5) إلا نظرت إليه مني ،
كأنه صاحبكم ، قال : وقال جبريل عليه السلام : سلم على أبيك ، فسلمت عليه » القول
في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين
سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن ابن عباس ، على
ما روي عن هلال بن خباب ، عن عكرمة عنه ، إلا من هذا الوجه وإن كان قد روي بعض ذلك
عن عكرمة ، عن ابن عباس ، من غير حديث هلال بن خباب . والثانية : أنه من نقل عكرمة
، وقد ذكرت ما يقولون في عكرمة في غير هذا الموضع من كتابي هذا وغيره . والثالثة :
اختلاف الرواة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، من ذكر فيه أنه رآهم من
الأنبياء تلك الليلة ، فمن راو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآهم ببيت المقدس
، ومن راو عنه أنه رأى أرواحهم ببيت المقدس ، ومن راو عنه أنه رآهم في السماء بعد
أن عرج به إليها ، وذلك مما يجب عندهم التوقف فيه ، لاختلاف الرواية به
__________
(1) الفيلماني : العظيم الجثة من الرجال
(2) الهجان : الشديد البياض
(3) الأسحم : الشديد السواد
(4) الإرب : العضو من أعضاء الجسد
(5) آرابه : أعضاء جسده
ذكر من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : رأيت الأنبياء ، الذين ذكر عنه أنه رآهم ليلة أسرى به ، ببيت المقدس
2757
- حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني يعقوب بن
عبد الرحمن الزهري ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، عن
أنس بن مالك ، قال : لما أتى جبريل بالبراق (1) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : « فكأنها صرت أذنيها » ، فقال لها جبريل عليه السلام : مه يا براق ، والله
إن ركبك مثله . فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو بعجوز على جنب الطريق
، فقال : « ما هذه يا جبريل ؟ » ، قال : سر يا محمد فسار ما شاء الله أن يسير ،
فإذا شيء يدعوه متنحيا عن الطريق : هلم يا محمد قال له جبريل : سر يا محمد . فسار
ما شاء الله أن يسير ، قال : ثم لقيه خلق من الخلق ، فقال أحدهم : السلام عليك يا
أول ، والسلام عليك يا آخر ، والسلام عليك يا حاشر . فقال له جبريل : اردد السلام
يا محمد ، قال : فرد السلام ، ثم لقيه الثاني ، فقال له مثل مقالة الأول ، ثم لقيه
الثالث فقال له مثل مقالة الأولين ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فعرض عليه الماء
واللبن والخمر ، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن ، فقال له جبريل عليه
السلام : أصبت الفطرة ، لو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك ، ولو شربت الخمر لغويت
وغويت أمتك ، ثم بعث له آدم فمن دونه من الأنبياء ، فأمهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم تلك الليلة ، ثم قال له جبريل عليه السلام : أما العجوز التي رأيت من على جنب
الطريق ، فلم يبق من الدنيا إلا ما بقى من تلك العجوز ، وأما الذي أراد أن تميل
إليه ، فذاك عدو الله إبليس أراد أن تميل إليه ، وأما الذين سلموا عليك ، فذاك
إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم
__________
(1) البراق : الدَّابة التي ركبها النبي ليلة الإسراء والمعراج
2758
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ،
عن ابن شهاب ، قال : أخبرني ابن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم « أسري به على البراق (1) ، وهي دابة إبراهيم التي كان يزور
عليها البيت الحرام ، يقع حافرها (2) موضع طرفها ، قال : » فمررت ببعير من عيرات
قريش بواد من تلك الأودية ، فنفرت العير ، ومنها بعير عليه غرارتان (3) سوداء
وورقاء « ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء ، فأتي بقدحين ، قدح لبن
وقدح خمر ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن ، فقال له جبريل عليه
السلام : هديت إلى الفطرة ، لو أخذت قدح الخمر غوت أمتك ، قال ابن شهاب ، فأخبرني
ابن المسيب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي هناك إبراهيم ، وموسى وعيسى
صلوات الله عليهم ، فنعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : » أما موسى فضرب
رجل الرأس ، كأنه من رجال شنوءة ، وأما عيسى فرجل أحمر كأنما خرج من ديماس (4) ،
فأشبه من رأيت به عروة بن مسعود الثقفي ، وأما إبراهيم فأنا أشبه ولده به . فلما
رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث قريشا أنه أسري به ، قال : فارتد ناس كثير
بعد ما أسلموا ، قال أبو سلمة : فأتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فقيل له : هل
لك في صاحبك ؟ يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة قال أبو بكر
: أو قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : فأشهد ، إن كان قال ذلك ، لقد صدق ، قالوا :
أفتشهد أنه جاء الشام في ليلة واحدة ؟ قال : إني أصدقه بأبعد من ذلك ، أصدقه بخبر
السماء
__________
(1) البراق : الدَّابة التي ركبها النبي ليلة الإسراء والمعراج
(2) الحافر : من الدواب ما يقابل القدم عند الإنسان
(3) الغرارة : وعاء أو جراب لحفظ الأشياء
(4) الديماس : الحمَّام
2759 - قال أبو سلمة ، سمعت جابر بن عبد الله ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لما كذبتني قريش ، قمت فمثل الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه »
2760
- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري
، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصف لأصحابه ليلة أسري به إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله عليهم قال : « أما
إبراهيم ، فلم أر رجلا أشبه بصاحبكم منه ، وأما موسى فرجل آدم طوال جعد أقنى كأنه من
رجال شنوءة ، وأما عيسى فرجل أحمر بين القصير والطويل ، سبط (1) الشعر ، كثير
خيلان الوجه ، كأنه خرج من ديماس (2) ، تخال رأسه يقطر ماء ، وما به ماء ، أشبه من
رأيت به عروة بن مسعود » حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد ، عن الزهري
، عن سعيد بن المسيب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ولم يقل عن أبي
هريرة
__________
(1) الشعر السبط : المنبسط المسترسل
(2) الديماس : الحمَّام
ذكر من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى من ذكرت في السموات
2761
- حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن
شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يحدثنا عن ليلة أسري برسول الله صلى
الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه وهو نائم في
المسجد الحرام ، فقال أولهم : أيهم هو ؟ وقال أوسطهم : هو خيرهم ، فقال آخرهم :
خذوا خيرهم ، وكانت تلك ، فلم يرهم حتى جاءوا ليلة أخرى ، فيما يرى ، ثلاثة ،
والنبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه ، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم
ولا تنام قلوبهم ، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم ، فتولاه منهم
جبريل عليه السلام ، فشق جبريل صلوات الله عليه بطنه من نحره (1) إلى لبته (2) ،
حتى فرج عن صدره وجوفه ، فغسله من ماء زمزم حتى أنقى جوفه ، ثم أتى بطست (3) من
ذهب فيه تور (4) محشو إيمانا وحكمة ، فحشي به صدره وجوفه ولغاديده ، ثم أطبقه ثم
عرج به إلى السماء الدنيا ، فضرب بابا من أبوابها ، فناداه أهل السماء : من هذا ؟
قال : هذا جبريل ، قالوا : من معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : أوقد
بعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : فمرحبا به وأهلا ، يستبشر به أهل السماء ، لا يعلم
أهل السماء بما يدبر الله في الأرض حتى يعلمهم ، فوجد في السماء الدنيا آدم صلوات
الله عليه ، فقال له جبريل : هذا أبوك فسلم عليه ، فرد عليه آدم ، فقال : مرحبا بك
وأهلا يا بني ، فنعم الابن أنت ، ثم مضى به إلى السماء الثانية ، فإذا هو في
السماء الثانية بنهرين يطردان ، فقال : « ما هذان النهران يا جبريل ؟ » ، فقال :
هذا النيل والفرات عنصرهما ، ثم مضى به في السماء الثانية ، فإذا هو بنهر آخر عليه
قصر من لؤلؤ وزبرجد (5) ، فذهب يشم ترابه فإذا هو مسك ، قال : « يا جبريل ، ما هذا
النهر ؟ » ، قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك في الآخرة ، ثم عرج به إلى السماء
الثالثة ، فقالت له الملائكة مثلما قالت له في الأولى : من هذا معك محمد ؟ قال :
نعم ، قالوا : أوقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث ، قالوا : مرحبا به وأهلا ، ثم عرج به
إلى الرابعة ، فقالوا مثل ذلك ، ثم عرج إلى الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج
به إلى السادسة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السابعة ، فقالوا له مثل ذلك
، وكل سماء فيها أنبياء قد سماهم أنس ، فوعيت منهم إدريس في الثانية ، وهارون في
الرابعة ، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه وإبراهيم في السادسة ، وموسى في السابعة ،
بفضل كلامه الله تبارك وتعالى ، فقال موسى : لم أظن أن يرفع علي أحد ، ثم علا به
فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء سدرة (6) المنتهى ، ودنا (7) الجبار رب
العزة فتدلى ، فكان قاب (8) قوسين أو أدنى ، فأوحى الله إليه ما شاء ، وأوحى الله
إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كل يوم وليلة ، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه ،
فقال : يا محمد ، ماذا عهد ربك ؟ قال : « عهد إلي خمسين صلاة على أمتي كل يوم
وليلة » ، قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك ، فارجع فليخفف عنك وعنهم ، فالتفت إلى
جبريل عليه السلام كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار أن نعم ، إن شئت ، فعلا به جبريل
حتى أتى إلى الجبار وهو مكانه ، فقال : « يا رب ، خفف عنا فإن أمتي لا تستطيع هذا
» ، فوضع عنه عشر صلوات ، ثم رجع إلى موسى صلى الله عليه وسلم فاحتبسه ، فلم يزل
يردده موسى إلى ربه ، حتى صارت إلى خمس صلوات ، ثم احتبسه عند الخمس ، فقال : يا
محمد قد والله ، راودت بني إسرائيل على أدنى من هذه الخمس فضيعوه وتركوه ، فأمتك
أضعف أجسادا وقلوبا وأبصارا وأسماعا ، فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك يلتفت إلى
جبريل صلوات الله عليه ليشير عليه ، فلا يكره ذلك جبريل فيرفعه عند الخمس ، فقال :
« يا رب ، إن أمتي ضعاف أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم فخفف عنا » ، فقال الجبار
، إن كان قاله : يا محمد ، فقال : « لبيك وسعديك » ، فقال : إني لا يبدل القول لدي
، هي كما كتب عليك في أم الكتاب ، ولك بكل حسنة عشر أمثالها ، وهي خمسون في أم
الكتاب ، وهي خمس عليك ، فرجع إلى موسى ، فقال : كيف فعلت ؟ فقال : « خفف عني ،
أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها » ، فقال : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من
هذا فتركوه ، فارجع فليخفف عنك أيضا ، قال : « يا موسى ، قد والله استحييت من ربي
مما أختلف إليه » ، قال : فاهبط باسم الله ، فاستيقظ وهو في المسجد الحرام
__________
(1) النحر : موضع الذبح من الرقبة
(2) اللبة : موضع الذبح واللهزمة التي فوق الصدر
(3) الطست : إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه
(4) التور : وعاء مصنوع من الحجارة أو غيرها
(5) الزبرجد : حجر كريم من الجواهر وهو الزمرد
(6) سِدْرَةُ المُنْتهى : شجرة في أقْصَى الجنة إليها يَنْتهي عِلُم الأولّين والآخِرين
ولا يتعدَّاها.
(7) دنا : اقترب
(8) قاب : قَدْر وقُرْب
2762
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا هارون بن المغيرة ، وحكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن
أبي هاشم الواسطي ، عن ميمون بن سياه ، عن أنس بن مالك ، قال : لما كان حين نبئ
النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان ينام حول الكعبة ، وكانت قريش تنام حولها ، فأتاه
ملكان جبريل ، وميكائيل ، فقال : بأيهم أمرنا ؟ فقال : أمرنا بسيدهم ، ثم ذهبا ،
ثم جاءوا من القابلة وهم ثلاثة ، فألفوه وهو نائم ، فقلبوه لظهره وشقوا بطنه ، ثم
جاءوا بماء من زمزم فغسلوا ما كان في بطنه من شك أو شرك أو جاهلية أو ضلالة ، ثم
جاءوا بطست (1) من ذهب ملئ إيمانا وحكمة ، فملئ بطنه وجوفه إيمانا وحكمة ، ثم عرج
(2) به إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل عليه السلام ، فقالوا : من هذا ؟ قال :
جبريل ، فقالوا : من معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : أوقد بعث ؟
قال : نعم ، قالوا : مرحبا فدعوا له في دعائهم ، فلما دخل فإذا هو برجل جسيم وسيم
، فقال : « من هذا يا جبريل ؟ » فقال : هذا أبوك آدم ، ثم أتوا به السماء الثانية
، فاستفتح جبريل ، فقيل مثل ذلك ، وقالوا في السموات كلها كما قال وقيل له في
السماء الدنيا ، فلما دخل إذا هو برجلين ، فقال : « من هؤلاء يا جبريل ؟ » ، فقال
: يحيى وعيسى ابنا الخالة ، ثم أتى به السماء الثالثة ، فلما دخل إذا هو برجل ،
فقال : « من هذا يا جبريل ؟ » ، فقال : هذا أخوك يوسف فضل بالحسن على الناس ، كما
فضل القمر ليلة البدر على الكواكب ، ثم أتى به السماء الرابعة ، فإذا هو برجل ،
فقال : « من هذا يا جبريل ؟ » ، فقال : هذا إدريس ، ثم قرأ : ( ورفعناه مكانا عليا
(3) ) ، ثم أتى به السماء الخامسة ، فإذا هو برجل فقال : « من هذا يا جبريل ؟ »
فقال : هذا هارون ، ثم أتى به السماء السادسة ، فإذا هو برجل ، فقال : « من هذا يا
جبريل ؟ » فقال : هذا موسى ثم أتى به السماء السابعة فإذا هو برجل ، فقال : « من
هذا يا جبريل ؟ » قال : هذا أبوك إبراهيم ، ثم انطلق به إلى الجنة فإذا هو بنهر
أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، بجنبتيه قباب (4) الدر ، فقال : « ما هذا يا
جبريل ؟ » ، فقال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، وهذه مساكنك ، قال : « وأخذ جبريل
بيده من تربته ، فإذا هو مسك أذفر (5) » ، ثم خرج إلى سدرة المنتهى ، وهي سدرة (6)
نبق أعظمها أمثال الجرار ، وأصغرها أمثال البيض ، فدنا ربك فكان قاب (7) قوسين أو
أدنى ، فجعل يتغشى (8) السدرة من دنو ربها أمثال الدر والياقوت (9) والزبرجد
واللؤلؤ ألوان ، فأوحى إلى عبده وفهمه وعلمه وفرض عليه خمسين صلاة ، فمر على موسى
، فقال : ما فرض على أمتك ؟ فقال : « خمسون صلاة » ، قال : ارجع إلى ربك فسله
التخفيف لأمتك ، فإن أمتك أضعف الأمم قوة وأقلها عمرا ، وذكر ما لقي من بني
إسرائيل ، فرجع فوضع عنه عشرا ، ثم مر على موسى ، فقال : ارجع إلى ربك فسله
التخفيف ، كذلك حتى جعلها خمسا ، فقال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فقال : لست
براجع غير عاصيك « ، وقذف في قلبه أن لا يرجع ، فقال الله تبارك وتعالى : لا يبدل
كلامي ، ولا يرد قضائي »
__________
(1) الطست : إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه
(2) العروج : الصعود
(3) سورة : مريم آية رقم : 57
(4) القبة : الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف
(5) أذفر : جيد إلى الغاية رائحته شديدة
(6) سِدْرَةُ المُنْتهى : شجرة في أقْصَى الجنة إليها يَنْتهي عِلُم الأولّين
والآخِرين ولا يتعدَّاها.
(7) قاب : قَدْر وقُرْب
(8) الغشاء : الغطاء
(9) الياقوت : حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس ، خاصة ذو اللون
الأحمر
2763 - قال : أنس : « ما وجدت ريحا ولا ريح عروس قط ، أطيب ريحا من جلد نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ألزقت جلدي بجلده وشممته »
2764
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا هشام الدستوائي ، عن قتادة
، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « بينا
أنا عند البيت بين النائم واليقظان ، إذ أقبل أحد الثلاثة بين الرجلين ، فأتيت
بطست (1) من ذهب قد ملئ حكمة وإيمانا ، فشق من النحر (2) إلى مراق البطن ، ثم أخرج
القلب فغسل بماء زمزم ، وملئ حكمة وإيمانا ، وأتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار
أبيض ، يقال له : البراق ، فانطلقت أنا وجبريل حتى أتينا السماء الدنيا ، فاستفتح
جبريل ، فقيل : من هذا ؟ فقال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ، قال : نعم ، فقالوا
: مرحبا ولنعم المجيء جاء ، ففتح لنا فدخلنا ، فأتيت على آدم فسلمت عليه ، فقال :
مرحبا بك من ابن ونبي ، ثم أتينا السماء الثانية فاستفتح جبريل ، فقيل : من معك ؟
فقال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : مرحبا به ، ولنعم المجيء
جاء ، ففتح لي ، فأتيت على عيسى ابن مريم ، فسلمت عليه ، فقال : مرحبا بك من أخ
ونبي ، ثم أتينا السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل ، فقيل : من معك ؟ فقال : محمد ،
قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، فأتيت
على يوسف فسلمت عليه فقال : مرحبا بك من أخ ونبي ، ثم أتينا السماء الرابعة
فاستفتح جبريل ، فقالوا : من معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال :
نعم ، قالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، فأتيت على إدريس فسلمت عليه ، فقال :
مرحبا بك من أخ ونبي ، قال هشام : وكان قتادة إذا أتى على هذا الموضع تلا هذه
الآية : ( ورفعناه مكانا عليا (3) ) ثم أتينا السماء الخامسة فاستفتح جبريل ، قيل
: من معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : مرحبا به
ولنعم المجيء جاء ، فأتيت على هارون فسلمت عليه ، فقال : مرحبا بك من أخ ونبي ، ثم
أتينا السماء السادسة فاستفتح جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد
أرسل إليه ؟ قال : نعم ، فقالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء ، فأتيت على موسى فسلمت
عليه ، فقال : مرحبا بك من أخ ونبي ، فلما جاوزته بكى ، فقيل : ما يبكيك ؟ فقال :
يا رب ، هذا قد بعث بعدي ، يدخل من أمته الجنة أكثر مما يدخل من أمتي ثم أتينا
السماء السابعة فاستفتح جبريل ، فقالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل
إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : مرحبا ، ولنعم المجيء جاء ، فأتيت على إبراهيم فسلمت
عليه ، فقال : مرحبا بك من ابن ونبي ، ثم رفعت لنا سدرة (4) المنتهى ، فسألت جبريل
، فقال : هذه سدرة المنتهى ، وإذا ثمرها كالقلال (5) ، وورقها كآذان الفيلة ،
ورأيت في أصلها أربعة أنهار ، نهران باطنان ، ونهران ظاهران ، فسألت جبريل ، فقال
: أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ، ورفع لنا البيت
المعمور فسألت جبريل ، فقال : هذا البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا
خرجوا منه لا يعودون فيه آخر ما عليهم ، وفرضت علي خمسون صلاة ، فانطلقت حتى أتيت
على موسى ، فقال لي : ما صنعت ؟ فقلت : » فرضت علي خمسون صلاة « ، فقال : إني أعلم
بالناس منك ، وقد عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق ذلك ، فارجع
إلى ربك فسله أن يخفف عنك ، فرجعت فسألته أن يخفف عني ، فجعلها أربعين ، فأتيت على
موسى ، فقال : ما صنعت ؟ فقلت : » جعلها أربعين « ، فقال : إني أعلم بالناس منك ،
وقد عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فسله
أن يخفف عن أمتك ، فرجعت فسألته أن يخفف عني ، فجعلها ثلاثين ، فأتيت على موسى ،
فقال : ما صنعت ؟ فقلت : » جعلها ثلاثين « ، قال : إني أعلم بالناس منك ، وقد
عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فسله أن
يخفف عنك ، فرجعت إلى ربي فسألته أن يخفف عني ، فجعلها عشرين ، فأتيت على موسى ،
فقال : ما صنعت ؟ فقلت : » جعلها عشرين « ، فقال : أنا أعلم بالناس منك ، وقد
عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فسله أن
يخفف عنك ، فرجعت إلى ربي فسألته أن يخفف عني ، فجعلها خمس عشرة ، فأتيت على موسى
، فقال : ما صنعت ؟ قلت : جعلها خمس عشرة » ، فقال : إني أعلم بالناس منك ، وقد
عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فسله أن
يخفف عنك ، فرجعت إلى ربي فسألته أن يخفف عني ، فجعلها عشرا ، فأتيت على موسى ،
فقال : ما صنعت ؟ فقلت : « جعلها عشرا » ، قال : إني أعلم بالناس منك ، وقد عالجت
بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فسله أن يخفف
عنك ، فرجعت إلى ربي فسألته ، فوضع عني خمسا ، فأتيت على موسى ، فقال : ما صنعت ؟
فقلت : « حط عني خمسا » ، فقال : إني أعلم بالناس منك ، وقد عالجت بني إسرائيل أشد
المعالجة ، وإن أمتك لن تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فسله أن يخفف عنك ، فقلت : « قد
استحييت ، كم أرجع إلى ربي وقد رضيت وسلمت ، قال : فنودي : إني قد أمضيت فريضتي ،
وخففت عن عبادي ، وأجزي بالحسنة عشر أمثالها »
__________
(1) الطست : إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه
(2) النحر : المراد أعلى الصدر أو الرقبة
(3) سورة : مريم آية رقم : 57
(4) سِدْرَةُ المُنْتهى : شجرة في أقْصَى الجنة إليها يَنْتهي عِلُم الأولّين
والآخِرين ولا يتعدَّاها.
(5) القلال : جمع القلة وهي الجرة الكبيرة
2765
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، وابن أبي عدي ، عن سعيد بن أبي
عروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة رجل من قومه ، قال : قال
نبي الله صلى الله عليه وسلم : « أنا عند البيت بين النائم واليقظان ، إذ سمعت
قائلا يقول : أحد الثلاثة ، فأتيت بطست (1) من ذهب فيها من ماء زمزم ، قال : »
فشرح صدري إلى كذا وكذا « ، قال قتادة ، قلت : ما - يعني به ؟ - ، قال : إلى أسفل
بطنه ، قال : » فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ، ثم أعيد مكانه ، ثم حشي إيمانا
وحكمة ، ثم أتيت بدابة أبيض يقال له البراق ، فوق الحمار ودون البغل ، يقع خطوه
أقصى طرفه ، فحملت عليه ، ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الدنيا « ثم ذكر نحو حديث
ابن حميد ، عن أبي داود ، عن هشام ، حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ،
عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، رجل من قومه قال : قال
نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه حدثني ابن المثنى ، قال : حدثنا خالد
بن الحارث ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ،
رجل من قومه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه
__________
(1) الطست : إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه
2766
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن
أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد
الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : أخبرني أبو هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري
، ولفظ الحديث ، للحسن بن يحيى في قوله سبحانه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من
المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله (1) ) ، قال : حدثنا النبي صلى
الله عليه وسلم عن ليلة أسري به ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : « أتيت
بدابة هي أشبه الدواب بالبغل ، له أذنان مضطربتان ، وهو البراق (2) وهو الذي كان
تركبه الأنبياء قبلي ، فركبته ، فانطلق بي يضع يده عند منتهى بصره ، فسمعت نداء عن
يميني : يا محمد ، على رسلك أسألك فمضيت ولم أعرج عليه ، ثم سمعت نداء عن شمالي :
على رسلك أسألك فمضيت ولم أعرج عليه ، ثم استقبلت امرأة في الطريق ، فرأيت عليها
من كل زينة من زينة الدنيا ، رافعة يدها تقول : يا محمد على رسلك أسألك ، فمضيت
ولم أعرج عليها ، ثم أتيت بيت المقدس ، أو قال : المسجد الأقصى فنزلت عن الدابة
فأوثقتها (3) بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها ، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ،
فقال لي جبريل : ماذا رأيت في وجهك ؟ فقلت : سمعت نداء عن يميني أن يا محمد على
رسلك أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليه » ، قال : ذلك داعي اليهود ، أما إنك لو وقفت
عليه تهودت أمتك ، قلت : « ثم سمعت نداء عن يساري أن يا محمد على رسلك أسألك ،
فمضيت ولم أعرج عليه » ، فقال : ذلك داعي النصارى ، أما إنك لو وقفت عليه تنصرت
أمتك ، قلت : ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة من زينة الدنيا ، رافعة يدها
تقول : على رسلك أسألك ، فمضيت ولم أعرج عليها ، قال : تلك الدنيا تزينت لك ، أما
إنك لو وقفت عليها لاخترت الدنيا على الآخرة ، « ثم أتيت بإناءين أحدهما : فيه لبن
، والآخر فيه خمر ، فقال : اشرب أيهما شئت ، فأخذت اللبن فشربته ، قال : أخذت
الفطرة (4) » ، قال معمر : وأخبرني الزهري ، عن ابن المسيب أنه قيل له : « أما إنك
لو أخذت الخمر غوت (5) أمتك » ، قال أبو هارون ، في حديث أبي سعيد : « ثم جيء
بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح بني آدم ، فإذا هو أحسن ما رأيت ، ألم تر إلى الميت
كيف يحد بصره إليه ؟ فعرج بنا فيه حتى انتهينا إلى باب السماء الدنيا ، فاستفتح
جبريل ، فقيل له : من هذا ؟ فقال : جبريل : قال : ومن معه ؟ قال : محمد ، قال :
أوقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، ففتحوا وسلموا علي ، وإذا ملك موكل يحرس السماء يقال
له إسماعيل ، معه سبعون ألف ملك ، مع كل ملك منهم مائة ألف ، ثم قرأ : ( وما يعلم
جنود ربك إلا هو (6) ) وإذا أنا برجل ، كهيئته يوم خلقه الله ، لم يتغير منه شيء ،
وإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته ، فإذا كان روح مؤمن ، قال : روح طيبة وريح طيبة ،
اجعلوا كتابه في عليين (7) ، وإذا كان روح كافر ، قال : روح خبيثة وريح خبيثة ،
اجعلوا كتابه في سجين ، فقلت : » يا جبريل ، من هذا ؟ « ، قال : أبوك آدم فسلم علي
ورحب بي ، ودعا لي بخير ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح ، ثم نظرت
فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل ، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ، ثم يجعل
في أفواههم صخرا من نار ، يخرج من أسافلهم ، قلت يا جبريل : » من هؤلاء ؟ « ، قال
: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ، ثم نظرت
فإذا أنا بقوم يحذى من جلودهم ويرد في أفواههم ، ويقال : كلوا كما أكلتم ، فإذا
أكره ما خلق الله لهم ذلك ، قلت : » من هؤلاء يا جبريل ؟ « ، قال : هؤلاء الهمازون
اللمازون الذين يأكلون من لحوم الناس ويقعون في أعراضهم بالسب ، ثم نظرت فإذا أنا
بقوم على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم ، وإذا حولهم جيف ، فجعلوا
يميلون على الجيف (8) يأكلون منها ويدعون ذلك اللحم ، قلت : » من هؤلاء يا جبريل ؟
« ، قال : هؤلاء الزناة ، عمدوا إلى ما حرم الله عليهم وتركوا ما أحل الله لهم ،
ثم نظرت فإذا أنا بقوم لهم بطون كأنها البيوت ، وهي على سابلة آل فرعون ، فإذا مر
بهم آل فرعون ثاروا ، فيميل بأحدهم بطنه فيقع فيتوطؤهم آل فرعون بأرجلهم ، وهم
يعرضون على النار غدوا وعشيا ، قلت : » من هؤلاء يا جبريل ؟ « ، قال : هؤلاء أكلة
الربا ، ربا في بطونهم ، فمثلهم كمثل الذي يتخبطه (9) الشيطان من المس ، ثم نظرت
فإذا أنا بنساء معلقات بثديهن ، ونساء منكسات بأرجلهن ، قلت : » من هؤلاء يا جبريل
؟ « ، قال : هؤلاء اللائي يزنين ويقتلن أولادهن ، قال : ثم صعدنا إلى السماء
الثانية ، فإذا أنا بيوسف وحوله تبع من أمته ووجهه كالقمر ليلة البدر ، فسلم علي
ورحب بي ، ثم مضينا إلى السماء الثالثة ، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى يشبه
أحدهما صاحبه ثيابهما وشعرهما ، فسلما علي ورحبا بي ، ثم مضينا إلى السماء الرابعة
، فإذا أنا بإدريس ، فسلم علي ورحب بي ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( ورفعناه
مكانا عليا (10) ) ، ثم مضينا إلى السماء الخامسة ، فإذا بهارون المحبب في قومه ،
وحوله تبع كثير من أمته ، فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم ، » طويل اللحية تكاد
لحيته تمس سرته « ، فسلم علي ورحب بي ، ثم مضينا إلى السماء السادسة ، فإذا أنا
بموسى بن عمران ، فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : » رجل كثير الشعر ، لو
كان عليه قميصان خرج شعره منهما « ، وقال موسى : تزعم الناس أني أكرم الخلق على
الله ، فهذا أكرم على الله مني ، ولو كان وحده لم أكن أبالي ، ولكن كل نبي ومن
تبعه من أمته ، ثم مضينا إلى السماء السابعة ، فإذا أنا بإبراهيم وهو جالس مسند
ظهره إلى البيت المعمور ، فسلم علي ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح ،
فقيل لي : هذا مكانك ومكان أمتك ، ثم تلا : ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه
وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين (11) ) ، ثم دخلت البيت المعمور فصليت
فيه ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يعودون إلى يوم القيامة ، ثم نظرت
فإذا أنا بشجرة إن كادت الورقة لمغطية هذه الأمة ، فإذا في أصلها عين تجري قد
تشعبت شعبتين ، قلت : » ما هذا يا جبريل ؟ « ، قال : أما هذا فهو نهر الرحمة ،
وأما هذا فهو الكوثر الذي أعطاكه الله ، فاغتسلت في نهر الرحمة ، فغفر لي ما تقدم
من ذنبي وما تأخر ، ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة ، فإذا فيها ما لا عين رأت
ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقببة ،
وإذا فيها طير كأنها البخت (12) » ، فقال أبو بكر : إن تلك الطير لناعمة ، قال : «
آكلها أنعم منها يا أبا بكر ، وإني لأرجو أن تأكل منها ، قال : ورأيت فيها جارية
فسألتها : » لمن أنت ؟ « ، فقالت : لزيد بن حارثة فبشر بها رسول الله صلى الله
عليه وسلم زيدا ، ثم إن الله تبارك وتعالى أمرني بأمره ، وفرض علي خمسين صلاة ،
فمررت على موسى ، فقال : بم أمرك ربك ؟ قلت : فرض علي خمسين صلاة ، قال : ارجع إلى
ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك لن يقوموا بهذا ، فرجعت إلى ربي فسألته فوضع عني عشرا
، ثم رجعت إلى موسى ، فلم أزل أرجع إلى ربي إذا مررت بموسى ، حتى فرض علي خمس
صلوات ، فقال موسى : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فقلت : » لقد رجعت إلى ربي حتى
استحييت أو قال : قلت : ما أنا براجع « ، فقيل لي : فإن لك بهذه الخمس صلوات خمسين
صلاة ، الحسنة بعشر أمثالها ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن عملها
كتبت عشرا ، ومن هم بسيئة ثم لم يعملها ، لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت واحدة »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 1
(2) البراق : الدَّابة التي ركبها النبي ليلة الإسراء والمعراج
(3) أوثق : ربط
(4) الفطرة : السنة ، والخلقة الأولى ، والطبيعة السليمة لم تشب بعيب ، ودين الله
: الإسلام
(5) غوت : ضلت وانهمكت في الشر
(6) سورة : المدثر آية رقم : 31
(7) عِلِّيُّون : اسم للسماء السابعة، وقيل : هو اسمٌ لدِيوَان الملائكة
الحَفَظَة، تُرْفَع إليه أعمالُ الصالحين من العباد، وقيل : أراد أعْلَى
الأمْكِنَة وأشْرَفَ المرَاتِب من اللّه في الدار الآخرة.
(8) الجيف : جمع جيفة وهي جثة الميتة إذا أنتن
(9) يتخبطه : يصرعه ويلعب به
(10) سورة : مريم آية رقم : 57
(11) سورة : آل عمران آية رقم : 68
(12) البُخْتِية : الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال
الأعناق
2767
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني
روح بن القاسم ، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، وحدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : وحدثني أبو جعفر ، عن أبي هارون ، عن أبي
سعيد ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « لما فرغت مما كان في بيت
المقدس ، أتي بالمعراج ، ولم أر شيئا قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه
إذا حضر ، فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى بي إلى باب من الأبواب يقال له : الحطيم ،
عليه ملك يقال له إسماعيل تحت يديه اثنا عشر ألف ملك ، تحت يدي كل ملك منهم اثنا
عشر ألف ملك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث هذا الحديث : ( وما يعلم
جنود ربك إلا هو (1) ) ، ثم ذكر نحو حديث معمر ، عن أبي هارون ، إلا أنه قال في
حديثه ، قال : ثم دخل بي الجنة ، فرأيت فيها جارية لعساء ، فسألتها : » لمن أنت ؟
« وقد أعجبتني حين رأيتها ، فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشر بها رسول الله صلى الله
عليه وسلم زيد بن حارثة ثم انتهى حديث ابن حميد ، عن سلمة ، إلى هنا
__________
(1) سورة : المدثر آية رقم : 31
ذكر من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى أرواح من ذكرت من الأنبياء ببيت المقدس ، دون أجسامهم
2768
- حدثنا علي بن سهل ، قال : حدثنا حجاج يعني ابن محمد الأعور ، قال : حدثنا أبو
جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة ، أو
غيره شك أبو جعفر الرازي ، في قول الله تبارك وتعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده
ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو
السميع البصير (1) ) ، قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ميكال ،
فقال جبريل لميكال : ايتني بطست (2) من ماء زمزم كيما أطهر قلبه ، وأشرح له صدره ،
قال : فشق عنه بطنه فغسله ثلاث مرات ، واختلف إليه ميكائيل بثلاث طساس من ماء زمزم
، فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل ، وملأه حلما وعلما وإيمانا ويقينا وإسلاما
وختم بين كتفيه بخاتم النبوة ، ثم أتاه بفرس فحمل عليه ، كل خطوة منه منتهى بصره ،
أو أقصى بصره ، قال : فسار وسار معه جبريل ، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون
في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « يا جبريل ،
ما هذا ؟ » ، قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف
، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ، ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم
بالصخر ، كلما رضخت (3) عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، فقال : « ما
هؤلاء يا جبريل ؟ » ، قال : هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة ، ثم
أتى على قوم على أقبالهم رقاع ، وعلى أدبارهم (4) رقاع ، يسرحون كما تسرح الإبل
والنعم ، ويأكلون الضريع (5) والزقوم ورضف جهنم وحجارتها ، قال : « ما هؤلاء يا
جبريل ؟ » ، قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم ، وما ظلمهم الله شيئا وما الله
بظلام للعبيد ، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج (6) في قدر ، ولحم آخر نيئ قذر
خبيث ، فجعلوا يأكلون من النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب ، فقال : « ما هؤلاء يا
جبريل ؟ » ، قال : هذا الرجل من أمتك تكون عنده المرأة الحلال الطيب ، فيأتي امرأة
خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا ، فتأتي رجلا
خبيثا فتبيت معه حتى تصبح ، قال : ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا
شقته ولا شيء إلا خرقته ، قال : « ما هذا يا جبريل ؟ » ، قال : هذا مثل أقوام من
أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ، ثم تلا : ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون
عن سبيل الله (7) ) الآية ، ثم أتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها
وهو يزيد عليها ، فقال : « ما هذا يا جبريل ؟ » ، فقال : هذا الرجل من أمتك تكون
عنده أمانات الناس ، لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها ، ويريد أن يحملها ، ثم
أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاهم بمقاريض من حديد ، كلما قرضت عادت كما كانت ، لا
يفتر عنهم من ذلك شيء ، قال : « ما هؤلاء يا جبريل ؟ » قال : هؤلاء خطباء أمتك
خطباء الفتنة يقولون ما لا يفعلون ، ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم ، فجعل
الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، فقال : « ما هذا يا جبريل ؟ » ، قال :
هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ، ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها ، ثم أتى
على واد فوجد ريحا طيبة باردة وريح المسك ، وسمع صوتا ، فقال : « يا جبريل ما هذه
الريح الطيبة الباردة ، وهذه الرائحة التي كريح المسك ، وما هذا الصوت ؟ » ، قال :
هذا صوت الجنة ، تقول : يا رب آتني ما وعدتني ، فقد كثرت عرفي (8) وإستبرقي وحريري
وسندسي وعبقريي ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي ، وفواكهي
ونخلي ورماني ومائي ولبني وخمري ، فآتني ما وعدتني ، فقال : لك كل مسلم ومسلمة ،
ومؤمن ومؤمنة ، ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحا ، ولم يشرك بي ، ولم يتخذ من دوني
أندادا ، ومن خشيني فهو آمن ومن سألني أعطيته ، ومن أقرضني جزيته ، ومن توكل علي
كفيته ، فإني أنا الله لا إله إلا أنا ، لا أخلف الميعاد ، وقد أفلح المؤمنون ،
وتبارك الله أحسن الخالقين ، قالت : قد رضيت ، قال : ثم أتى على واد فسمع صوتا
منكرا ووجد ريحا منتنة ، فقال : « ما هذه الريح يا جبريل ؟ وما هذا الصوت ؟ » ،
قال : هذا صوت جهنم ، تقول : يا رب آتني ما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري
وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي ، وقد بعد قعري ، واشتد حري ، فآتني ما وعدتني ، قال
: لك كل مشرك ومشركة ، وكافر وكافرة ، وكل خبيث وخبيثة ، وكل جبار لا يؤمن بيوم
الحساب ، قالت : قد رضيت ، قال : ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى
صخرة ، ثم دخل فصلى مع الملائكة ، فلما قضيت الصلاة ، قالوا : يا جبريل ، من هذا
معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أرسل محمد ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ
ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : ثم لقي أرواح
الأنبياء فأثنوا على ربهم ، فقال إبراهيم : الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني
ملكا عظيما ، وجعلني أمة قانتا لله يؤتم بي ، وأنقذني من النار ، وجعلها علي بردا
وسلاما ، ثم إن موسى صلوات الله عليه أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي كلمني
تكليما ، وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي ، وجعل من أمتي قوما يهدون
بالحق وبه يعدلون ، ثم إن داود أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملكا
عظيما ، وعلمني الزبور ، وألان لي الحديد ، وسخر لي الجبال يسبحن والطير ، وأعطاني
الحكمة وفصل الخطاب ، ثم إن سليمان أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي سخر لي
الرياح ، وسخر لي الشياطين يعملون لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب
وقدور راسيات (9) ، وعلمني منطق الطير ، وأتاني من كل شيء فضلا ، وسخر لي جنود
الشياطين والإنس والطير ، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين ، وأتاني ملكا عظيما
لا ينبغي لأحد من بعدي ، وجعل ملكي ملكا طيبا ليس علي فيه حساب ، ثم إن عيسى أثنى
على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته ، وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ،
ثم قال له : كن فيكون ، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ، وجعلني أخلق من
الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طائرا بإذنه ، وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص
وأحيي الموتى بإذنه ، ورفعني وطهرني ، وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم ، فلم يكن
للشيطان علينا سبيل ، قال : ثم إن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه ، فقال :
« كلكم أثنى على ربه ، وإني مثن على ربي ، فقال : الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين
وكافة للناس بشيرا ونذيرا ، وأنزل علي الفرقان (10) فيه تبيان لكل شيء ، وجعل أمتي
خير أمة أخرجت للناس ، وجعل أمتي أمة وسطا ، وجعل أمتي هم الأولين وهم الآخرين ،
وشرح لي صدري ، ووضع عني وزري ورفع لي ذكري ، وجعلني فاتحا وخاتما ، فقال إبراهيم
: بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم ، قال أبو جعفر يعني الرازي : خاتم بالنبوة
، وفاتح بالشفاعة يوم القيامة ، ثم أتي بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها ، فأتي بإناء
منها فيه ماء ، فقيل : اشرب ، فشرب منه يسيرا ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن ،
فقيل : اشرب ، فشرب منه حتى روي ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه خمر ، فقيل له : اشرب
، فقال : » لا أريده ، قد رويت « ، فقال له جبريل عليه السلام : أما إنها ستحرم
على أمتك ، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل ، قال : ثم صعد به إلى السماء
، فاستفتح ، فقيل : من هذا يا جبريل ؟ فقال : محمد ، فقالوا : أوقد أرسل ؟ قال :
نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء
جاء ، فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من خلق الناس ،
على يمينه باب تخرج منه ريح طيبة ، وعن شماله باب تخرج منه ريح خبيثة ، إذا نظر
إلى الباب الذي عن يمينه ضحك واستبشر ، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله بكى وحزن
، فقلت : » يا جبريل : من هذا الشيخ التام الخلق الذي لم ينقص من خلقه شيء ، وما
هذان البابان ؟ « قال : هذا أبوك آدم ، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة ، إذا
نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر ، والباب الذي عن شماله باب جهنم ، إذا نظر
إلى من يدخله من ذريته بكى وحزن ، ثم صعد به جبريل إلى السماء الثانية ، فاستفتح ،
فقيل : من هذا معك ؟ قال : محمد رسول الله ، فقالوا : أوقد أرسل محمد ؟ قال : نعم
، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء
، قال : فإذا هو بشابين ، فقال : » يا جبريل : من هذان الشابان ؟ « ، قال : هذا
عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا ابنا الخالة ، قال : فصعد به إلى السماء الثالثة ،
فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا
: أوقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم
الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس في الحسن ،
قال : » من هذا يا جبريل ؟ « قال : هذا أخوك يوسف ثم صعد به إلى السماء الرابعة ،
فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا :
وقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم
الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل ، قال : » من هذا يا جبريل ؟
« ، قال : هذا إدريس ، رفعه الله مكانا عليا ، ثم صعد به إلى السماء الخامسة ،
فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا
: وقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم
الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم ، قال
: » من هذا يا جبريل ؟ ومن هؤلاء الذين حوله ؟ « ، قال : هذا هارون المحبب في قومه
، وهؤلاء بنو إسرائيل ، ثم صعد به إلى السماء السادسة فاستفتح ، فقيل له : من هذا
؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أرسل ؟ قال : نعم ،
قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء
فإذا هو برجل جالس ، فجاوزه فبكى ، فقال : » يا جبريل من هذا ؟ « ، قال : موسى ،
قال : » ما له يبكي ؟ « ، قال : يقول : تزعم بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على
الله ، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنياه وأنا في آخرتي ، فلو أنه بنفسه لم
أبال ، ولكن مع كل نبي أمته ، قال : ثم صعد به إلى السماء السابعة فاستفتح ، فقيل
له : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل ؟ قال
: نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم
المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل أشمط (11) جالسا عند باب الجنة على كرسي ،
وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس ، وقوم في ألوانهم شيء ، فقام هؤلاء
الذين في ألوانهم شيء فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه ، فخرجوا قد خلص من ألوانهم شيء ،
ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهرا
آخر فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، فصارت مثل ألوان أصحابهم ،
فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : » يا جبريل : من هذا الأشمط ؟ ثم من هؤلاء
البيض الوجوه ؟ ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ؟ وما هذه الأنهار التي دخلوا
فجاءوا وقد صفت ألوانهم ؟ « ، قال : هذا أبوك إبراهيم صلوات الله عليه ، أول من
شمط على الأرض ، وأما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، وأما
هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا فتاب الله
عليهم ، وأما الأنهار فأولها رحمة الله ، والثاني نعمة الله ، والثالث سقاهم ربهم
شرابا طهورا ، قال : ثم انتهى إلى السدرة (12) ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها
كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن
(13) وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل
مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها مغطية
الأمة كلها ، قال : فغشيها نور الخلاق وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن
على الشجر ، قال : فكلمه عند ذلك فقال له : سل ، فقال : » إنك اتخذت إبراهيم خليلا
وأعطيته ملكا عظيما ، وكلمت موسى تكليما ، وأعطيت داود ملكا عظيما وألنت له الحديد
وسخرت له الجبال ، وأعطيت سليمان ملكا عظيما وسخرت له الجن والإنس والشياطين ،
وسخرت له الرياح وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وعلمت عيسى التوراة
والإنجيل ، وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك ، وأعذته وأمه من
الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل ، فقال له ربه تبارك وتعالى : وقد
اتخذتك حبيبا وخليلا ، وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن ، وأرسلتك إلى الناس كافة
بشيرا ونذيرا ، وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت
معي ، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس ، وجعلت أمتك أمة وسطا ، وجعلت أمتك هم
الأولين وهم الآخرين ، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي ،
وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم ، وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا ،
وأولهم يقضى له ، وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك ، وأعطيتك خواتيم
سورة البقرة من كنز تحت عرشي ، لم أعطها نبيا قبلك وأعطيتك الكوثر ، وأعطيتك
ثمانية أسهم : الإسلام ، والهجرة ، والجهاد ، والصلاة ، والصدقة ، وصوم رمضان ،
والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وجعلتك فاتحا وخاتما ، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم : « فضلني ربي بست : أعطاني فواتح الكلام وخواتيمه ، وجوامع الحديث ،
وأرسلني إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وقذف في قلوب عدوي الرعب من مسيرة شهر ،
وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وجعلت لي الأرض كلها طهورا ومسجدا » ، قال :
« وفرض عليه خمسين صلاة » ، فلما رجع إلى موسى ، قال : بم أمرت يا محمد ؟ قال : «
بخمسين صلاة » ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، فقد
لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله
التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، ثم رجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « بأربعين »
، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني
إسرائيل شدة ، فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال
: بكم أمرت ؟ قال : « أمرت بثلاثين » ، فقال له موسى : ارجع إلى ربك فسله التخفيف
، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله
التخفيف فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « أمرت بعشرين »
، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم وقد لقيت من بني إسرائيل
شدة ، قال : فرجع فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم
أمرت ؟ قال : « بعشر » ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ،
وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع على حياء إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع
عنه خمسا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « أمرت بخمس » ، قال : ارجع
إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال
: « قد رجعت إلى ربي حتى استحييت ، فما أنا راجعا إليه » ، فقيل له : أما إنك كما
صبرت نفسك على خمس صلوات ، فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة ، فإن كل حسنة بعشر أمثالها
، قال : فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا ، قال : وكان موسى أشدهم عليه حين
مر به ، وخيرهم له حين رجع إليه « القول في البيان عما في هذه الأخبار من الخبر ،
عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وعن
صلاته فيه بمن ذكر أنه صلى به فيه من الأنبياء ، إن قال لنا قائل : إنك قد رويت
لنا في بعض هذه الأخبار التي قدمت ذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه
صلى في بيت المقدس ليلة أسري به إليه من مكة بالأنبياء الذين سموا في الأخبار التي
رويت لنا بذلك ، وأنه رآهم رؤية عيان لا رؤيا منام ، فما أنت قائل فيما
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 1
(2) الطست : إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه
(3) الرَّضْخ : الشَّدْخ. والرَّضْخ أيضا : الدّقُّ والكسر
(4) الأدبار : جمع الدبر ودبر كل شيء عقبه ومؤخره
(5) الضريع : نبات الشبرق لا تقربه دابة لخبثه
(6) النضيج : ما اكتمل طهوه
(7) سورة : الأعراف آية رقم : 86
(8) العرف : الريح الطيبة
(9) راسيات : ثابتات
(10) الفرقان : القرآن لأنه يفرق بين الحق والباطل
(11) الشَّمَط : الشيبُ، والشَّمَطاَت : الشَّعَرات البيض التي كانت في شَعْر
رأسِه
(12) سِدْرَةُ المُنْتهى : شجرة في أقْصَى الجنة إليها يَنْتهي عِلُم الأولّين
والآخِرين ولا يتعدَّاها.
(13) الآسن : ما تغيرت رائحته
2769
- حدثكموه محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، قال : حدثنا سفيان ،
قال : حدثني عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن حذيفة بن اليمان ، أنه قال في هذه
الآية : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (1) ) ،
قال : « لم يصل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو صلى فيه لكتب عليكم الصلاة
فيه ، كما كتب عليكم الصلاة عند الكعبة »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 1
2770
- حدثنا أبو كريب ، قال : سمعت أبا بكر ، ورجل ، يحدث عنده بحديث حين أسري بالنبي
صلى الله عليه وسلم فقال له : لا يجيء بمثل عاصم ولا زر ، قال : قال حذيفة لزر بن
حبيش ، قال : وكان زر رجلا شريفا من أشراف العرب قال : قرأ حذيفة : « ( سبحان الذي
أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من
آياتنا إنه هو السميع البصير (1) ) ، وكذا قرأ عبد الله ، قال : وهذا كما يقولون
أنه دخل المسجد فصلى فيه ، ثم دخل فربط دابته ، قال : قلت : قد والله دخله ، قال :
من أنت ؟ فإني أعرف وجهك ، ولا أدري ما اسمك ؟ قال : قلت زر بن حبيش ، قال : ما
علمك بهذا ؟ قال : قلت : من قبل القرآن ، قال : من أخذ بالقرآن فلج (2) ، قال :
قلت : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي
باركنا حوله ) ، قال : فنظر إلي ، فقال : يا أصلع ، هل ترى دخله ؟ قال : قلت : لا
والله ، قال حذيفة : » أجل والله الذي لا إله إلا هو ما دخله ، ولو دخله لوجبت
عليكم صلاة فيه ، لا والله ما نزل عن البراق (3) حتى رأى الجنة والنار ، وما أعد
الله في الآخرة أجمع ، وقال : تدري ما البراق ؟ قلت : لا ، قال : دابة دون البغل
وفوق الحمار ، خطوه مد البصر «
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 1
(2) الفلج : الظفر والفوز
(3) البراق : الدَّابة التي ركبها النبي ليلة الإسراء والمعراج
2771
- حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا حماد
بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : « أتيت بالبراق وهو دابة طويل حافره (1) عند منتهى طرفه
» ، فلم يزل على ظهره هو وجبريل حتى أتى بيت المقدس وفتحت لهما أبواب السماء ورأيا
الجنة والنار
__________
(1) الحافر : من الدواب ما يقابل القدم عند الإنسان
2772 - حدثني أيوب بن إسحاق ، قال : حدثنا قبيصة ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زر ، عن حذيفة ، قال : « لم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت المقدس ، فأنكرت ذلك عليه ، فقال : يا أصلع ، أين تقرأ أنه صلى فيه ، لو صلى فيه كتب عليكم الصلاة فيه » ، وتقولون : ربطه ، ما زال عن ظهره حتى رأى وعد الآخرة وفيما :
2773 - حدثكم ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ، أن معاوية بن أبي سفيان ، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « كانت رؤيا من الله صادقة »
2774
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد ، قال : أخبرني بعض آل أبي بكر :
أن عائشة رضوان الله عليها كانت ، تقول : « ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، ولكن الله أسرى بروحه » ، وقال : هذا حذيفة بن اليمان ينكر أن يكون رسول
الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الأقصى ، ويحلف على ذلك وهذا معاوية وعائشة
يذكران الذي ذكر الله تبارك وتعالى من مسرى رسوله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى
المسجد الأقصى ، إنما كان مسرى روحه دون جسده ، وأن الذي روي عن النبي صلى الله
عليه وسلم من إخباره عما عاين من الأنبياء ورأى من العجائب في السموات ، ووحي الله
إليه ما أوحى في تلك الليلة ، وافتراضه ما افترض عليه فيها من الصلوات المكتوبات ،
إنما كان ذلك كله رؤيا نوم لا رؤيا يقظة ؟ قيل له : أما ما روي عن حذيفة بن اليمان
من قوله : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في المسجد الأقصى ليلة أسري به ،
ولا نزل عن البراق حتى عاين من عظيم قدرة الله عز وجل ما عاين ، ثم رجع إلى المسجد
الحرام ، فقول منه قاله تأولا منه ظاهر ما في التلاوة ، وذلك أنه لا ذكر في القرآن
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الأقصى ، فقال في ذلك بحسب ما كان
عنده من علم ذلك ، ولعله أن لا يكون كما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم إخباره
عن نفسه أنه صلى في المسجد الأقصى تلك الليلة ، أو أن يكون سمعه يخبر بذلك ثم نسيه
. فالصواب كان له أن يقول من القول في ذلك وفي غيره ما هو الصحيح عنده . وليس
إنكاره ما أنكر من ذلك ، إن كان صحيحا عنه ما روي في ذلك عنه ، بدافع شهادة من شهد
على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يخبر عن نفسه أنه صلى في المسجد الأقصى
ليلة أسري به ، وأن الأنبياء جمعوا له هنالك فصلى بهم . وذلك أن العدل إذا شهد
شهادة على شهود عليه ، لم تبطل شهادته عند أحد من علماء الأمة ، بقول قائل : لا
صحة لهذه الشهادة ، أو لا حقيقة لها ، إذا لم يكن لقائل ذلك حجة غير قوله : « لا
صحة لها ولا حقيقة » فحذيفة رحمة الله عليه ، إنما احتج لقوله : إن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يصل في المسجد الأقصى ليلة أسري به على من أنكر قوله ، بأن الله تعالى
ذكره لم يذكر في كتابه أنه صلى فيه ، وإنما ذكر فيه إسراء به ، فقال : ( سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه
من آياتنا (1) ) . وليس للقائل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه تلك الليلة
في ذلك من الحجة ، إلا وفيه لمن قال إنه صلى فيه مثلها ، وذلك أنه لا خبر فيه من
الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم على أنه صلى فيه ، ولا أنه لم يصل فيه ،
ولا أنه نزل عن البراق ، ولا أنه لم ينزل عنه ، ولا أنه ربطه ، ولا أنه لم يربطه ،
وإنما فيه الخبر عن أنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليريه من
آياته ، وإنما قال من قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد الأقصى تلك
الليلة ، رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخبرا عنه أنه ، قال : صليت فيه ،
وليس في خبره عن نفسه بذلك خلاف لشيء من إخبار الله عنه الذي ذكره في قوله : (
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله
) ، بل بأن يكون ذلك تحقيقا لما في هذه الآية ، أشبه من أن يكون له خلافا ، وذلك
أن الله تعالى ذكره أخبر فيها أنه أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
الذي بارك حوله ليريه من آياته ، ومن عظيم آياته أن يكون جمع له من خلقه من مات
قبل ذلك بآلاف أعوام أحياء فصلى بهم ، وخاطبوه وخاطبهم ، وكلموه وكلمهم ، فأعظم
بها آية وأجلل بها عبرة ، فإن قال : فهل من خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
صلى ليلة أسري به في المسجد ، غير هذا الخبر الذي ذكرت ، فإن سائر الأخبار غيره
ليس فيه ذلك ؟ قيل : نعم . فإن قال : فاذكر لنا بعض ذلك . قيل له :
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 1
2775
- حدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم زبريق الزبيدي ،
قال : حدثني عمرو بن الحارث ، قال : حدثني عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي ، قال :
قال : حدثني الوليد بن عبد الرحمن ، أن جبير بن نفير ، قال : حدثنا شداد بن أوس ،
قال : قلنا : يا رسول الله ، كيف أسري بك ليلة أسري بك ؟ قال : « صليت لأصحابي
صلاة العتمة (1) بمكة معتما ، فأتاني جبريل بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل ،
فقال : اركب ، فاستصعبت علي فردها بأذنها ، ثم حملني عليها ، فانطلقت تهوي بنا ،
تضع حافرها حيث أدرك طرفها ، حتى بلغنا أرضا ذات نخيل ، فقال : انزل فنزلت ، قال :
صل فصليت ، ثم ركبنا ، فقال : أتدري أين صليت ؟ قال : قلت : الله أعلم ، قال :
صليت بيثرب ، صليت بطيبة ، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى
بلغنا أرضا بيضاء ، فقال : انزل فنزلت ، ثم قال : صل ، فصليت ، ثم ركبنا ، فقال :
أتدري أين صليت ؟ قال : قلت : الله أعلم ، قال : صليت بمدين ، صليت عند شجرة موسى
صلى الله عليه ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثم بلغنا أرضا بدت
قصورها ، ثم قال : انزل فنزلت ، قال : صل فصليت ثم ركبنا ، قال : أتدري أين صليت ؟
قال : قلت : الله أعلم ، قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم صلوات
الله عليه ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني ، فأتى قبلة المسجد
فربط فيه دابته ، ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر ، فصليت من المسجد
حيث شاء الله ، فأخذني من العطش أشد ما أخذني ، فأتيت بإناءين في أحدهما اللبن ،
فشربت حتى قدعت به جبيني ، وبين يدي شيخ متكئ على متكأ له ، فقال : أخذ صاحبك
الفطرة ، إنه لمهدي ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي في المدينة ، فإذا جهنم
تكشف عن مثل كذا » ، فقلنا : يا رسول الله ، كيف وجدتها ؟ فقال : « مثل الحمة (2)
السخنة ، ثم انصرف بي ، فمررنا بعير بمكان كذا وكذا ، قد أضلوا بعيرا لهم قد جمعه
فلان ، فسلمت عليهم ، فقال بعضهم : هذا صوت محمد ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة ،
فأتاني أبو بكر فقال : يا رسول الله ، أين كنت الليلة ؟ قد التمستك في مظانك فقال
: » أعلمت أني أتيت بيت المقدس الليلة ؟ « ، فقال : يا رسول الله إنه مسيرة شهر
قال : فصفه لي ، قال : ففتح لي صراط حتى كأني أنظر إليه ، لا يسألوني عن شيء إلا
أنبأتهم ، فقال أبو بكر : أشهد أنك رسول الله ، وقال المشركون : انظروا إلى ابن
كبشة ، يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة قال : فقال : إن من آية ما أقول لكم أني
مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم ، فجمعه فلان ، وإن مسيرهم لكم ،
ينزلون بكذا ثم كذا ، ويأتونكم يوم كذا وكذا ، يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود ،
وغرارتان سوداوان » فلما كان ذلك اليوم ، أشرف الناس ينظرون ، حتى كان قريبا من
نصف النهار أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل ، كالذي وصف رسول الله صلى الله عليه
وسلم
__________
(1) العتمة : صلاة العشاء
(2) الحمة : عين وبئر يخرج منها الماء الحار الساخن
2776
- حدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، قال :
حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا يزيد بن أبي مالك ، عن أنس بن مالك ، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوتها
عند منتهى طرفها ، فركبت ومعي جبريل ، فسارت » ، وقال : انزل فصل فنزلت فصليت ،
فقال : أتدري أين صليت ؟ صليت بطيبة وإليها المهاجر إن شاء الله ، ثم قال : انزل
فصل ، قال : فنزلت فصليت ، فقال : أتدري أين صليت ؟ صليت بطور سيناء حيث كلم الله
موسى ، ثم قال : انزل فصل فصليت ، فقال : أتدري أين صليت ؟ صليت ببيت لحم حيث ولد
عيسى ثم دخلت بيت المقدس فجمع لي الأنبياء ، قال : فقدمني جبريل فصليت بهم ، قال :
ثم صعد بي إلى السماء الدنيا ، فإذا فيها آدم ، فقال جبريل : سلم عليه ، فقال :
مرحبا بابني الصالح والنبي الصالح ، ثم دخلت السماء الثانية ، فإذا فيها ابنا
الخالة يحيى وعيسى ، قال : ثم دخلت السماء الثالثة فوجدت فيها يوسف ، قال : ثم
دخلت السماء الرابعة فوجدت فيها هارون ، ثم دخلت السماء الخامسة فوجدت فيها إدريس
( ورفعناه مكانا عليا (1) ) ، قال : ثم دخلت السماء السادسة فوجدت فيها موسى ، قال
: ثم دخلت السماء السابعة فوجدت فيها إبراهيم ثم صعدت فوق سبع سموات فغشيتني ضبابة
فخررت ساجدا ، فقيل لي : إني يوم خلقت السموات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة
، فقم بها أنت وأمتك ، فمررت على إبراهيم فلم يسلني شيئا ، ثم مررت على موسى ،
فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قال : قلت : « خمسين صلاة » ، قال : فقال : لا
تستطيع أن تقوم بها أنت ولا أمتك ، فاسأل ربك التخفيف ، قال : فرجعت فأتيت سدرة
المنتهى (2) فخررت ساجدا ، قلت : « يا رب فرضت علي وعلى أمتي خمسين صلاة ، فلن
أستطيع أن أقوم بها أنا ولا أمتي » ، قال : فخفف عني عشرا ، قال : فمررت على موسى
فسألني ، فقلت : خفف عني عشرا ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، قال : فخفف
عني عشرا ، ثم قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، قال : فخفف عني عشرا قال : ثم
قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، قال : فأتيت سدرة المنتهى فخررت ساجدا ، فقال
: إني يوم خلقت السموات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة ، خمس بخمسين ، فقم
بها أنت وأمتك ، فعلمت أنها من الله صرى ، فمررت على موسى ، فقال : كم فرض عليك ؟
قلت : خمس صلوات ، فقال : فرض على بني إسرائيل صلاتين فما قاموا بها ، فعلمت أنها
من الله صرى أي حتم فلم أرجع وأما ما روي عمن روي عنه أن ما ذكر عن النبي صلى الله
عليه وسلم من إسراء الله عز وجل به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وما ذكر
عنه أنه عاين هنالك وفي السموات السبع من عظيم قدرته ، إنما كان ذلك كله رؤيا نوم
لا رؤيا يقظة فقول ظاهر كتاب الله على خلافه دال ، والتنزيل على فساده شاهد ،
والأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغيره متظاهرة ، والروايات ببطوله واردة
فأما دليل ظاهر كتاب الله على خلافه ، فقوله : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من
المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا (3) ) ، فأخبر
تبارك ، وتعالى أنه أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، معلما بذلك
خلقه قدرته على ما فعل به ، مما لا سبيل لأحد من خلقه إلى مثله ، إلا لمن مكنه من
ذلك مثل الذي مكن منه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ودالا بذلك من فعله به على
صدقه وحقيقة نبوته ، إذ كان ذلك من المعجزات التي لا يقدر من البشر عليه أحد ، إلا
من خصه الله بمثل ما خصه به ، ولو كان ذلك رؤيا نوم ، لم يكن في ذلك على حقيقة
نبوة رسول الله دلالة ، ولا على من احتج عليه به من مشركي قوم رسول الله _ صلى
الله عليه وسلم _ لرسوله حجة ولا كان لإنكار من أنكر من المشركين مسراه من مكة إلى
المسجد الأقصى ورجوعه إليها في ليلة واحدة وجه معقول ، إذ كان معقولا عند كل ذي
فطرة صحيحة أن الإنسان قد يرى في منامه في الساعة ، ما على مسيرة سنة من موضع
منامه من البلاد أو أكثر ، وأنه يقضي هنالك أوطارا وحاجات ، فدع ما على مسيرة شهر
، وفي تظاهر الأخبار عن مشركي قوم رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بإنكارهم ما
أخبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسراه من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى ، أوضح البرهان وأبين البيان أن ذلك كان منهم ، لإخبار رسول الله صلى الله
عليه وسلم إياهم من الخبر بما كان ممتنعا عندهم فعله على من كان بمثل خلقتهم
وبنيتهم من جميع البشر ، فأما ما كان جائزا وجوده وممكنا كونه من كل من كان بمثل
هيئتهم ومفطورا مثل فطرتهم ، فغير جائز منه التكذيب به ، ومستحيل من رسول رب
العالمين أن يكون احتج عليهم به ، ولا شك أن النائم قد يرى في نومه مما هو أبعد من
مسافة ما بين مكة وبيت المقدس ، أنه به ، وأنه يعاني به أمورا ويقضي به أوطارا ،
والأنبياء صلوات الله عليهم لا تحتج على من أرسلت إليه لصدقها فيما ينكره المرسلون
إليهم من نبوتها ، إلا بما يعجز عن مثله جميع البشر ، إلا من أيده الله جل ثناؤه
بمثل ما أيدهم به من الأعلام والأدلة ، وأما الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، فمتظاهرة بأنه ، قال : « أتاني جبريل بالبراق ، فحملني عليه فسار بي حتى
أتينا بيت المقدس ، ولا شك أن الأرواح لا تحمل على الدواب وإنما تحمل عليها
الأجسام ذوات الأرواح وغير ذوات الأرواح ، وفي إخباره صلى الله عليه وسلم أنه حمل
على البراق ، الإبانة عن خطأ قول من ، قال : إن خبر الله تعالى ذكره عن نبيه صلى
الله عليه وسلم أنه أسرى به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، إنما هو
خبر منه عن أنه أسرى بروحه دون جسمه ، مع أن في خبر شداد بن أوس عن أبي بكر الصديق
رحمة الله عليه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة ليلة أسري به : طلبتك
يا رسول الله البارحة في مظانك فلم أصبك ، وإجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
إياه بأن جبريل حمله في تلك الليلة إلى بيت المقدس البيان الواضح أنه سار بنفسه
تلك الليلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، والإبانة عن خطأ قول من ، قال :
إنما كان ذلك رؤيا منام ، وبنحو الذي قلنا في ذلك تتابعت الأخبار عن عامة السلف
__________
(1) سورة : مريم آية رقم : 57
(2) السدرة : شجرة عظيمة في الملأ الأعلى عندها ينتهي علم الخلائق
(3) سورة : الإسراء آية رقم : 1
ذكر بعض ما حضرنا ذكره من ذلك
2777
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن
عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة
للناس (1) ) ، قال : « هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري
به ، وليست برؤيا منام »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2778
- حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، سئل عن قوله : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة
للناس (1) ) ، قال : « هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به »
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن
عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، نحوه
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2779
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أبي رجاء ، عن
الحسن ، في قوله : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس (1) ) ، قال :
أسري به عشاء إلى بيت المقدس ، فصلى فيه ، فأراه الله ما أراه من الآيات ، ثم أصبح
بمكة ، فأخبرهم أنه أسري به إلى بيت المقدس ، فقالوا : يا محمد ؟ ما شأنك أمسيت
فيه ، ثم أصبحت فينا تخبرنا أنك أتيت بيت المقدس ؟ فعجبوا من ذلك حتى ارتد بعضهم
عن الإسلام
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2780
- حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله
: ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس (1) ) ، قال : قال كفار أهل مكة
: « أليس من كذب ابن أبي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين في ليلة »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2781
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، قال : حدثنا عمرو ، عن الفرات
القزاز ، عن سعيد بن جبير ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس (1) ) ،
قال : « كان ذلك ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، فرأى ما رأى ، فكذبه المشركون حين
أخبرهم »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2782
- حدثنا أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : حدثنا عبثر ، قال : حدثنا حصين
، عن أبي مالك ، في هذه الآية : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
(1) ) ، قال : « مسيره إلى بيت المقدس »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2783
- حدثنا بشر بن معاذ العقدي ، قال : حدثنا يزيد يعني ابن زريع ، قال : حدثنا سعيد
، عن قتادة ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس (1) ) ، يقول : « أراه
الله من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس ، ذكر لنا أن ناسا ارتدوا بعد
إسلامهم ، حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيره ، أنكروا ذلك وكذبوا به
، وقالوا : تحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2784
- حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن
أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس (1) )
، قال : « هو ما رأى في بيت المقدس ليلة أسري به »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2785
- حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ( وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك (1) ) ، قال : « الذي أراه الله من الآيات في طريق بيت
المقدس حين أسري به ، نزلت فريضة الصلاة ليلة أسري به ، وأسري به قبل أن يهاجر
بسنة ، ولتسع سنين من العشر التي مكثها بمكة ، ثم رجع من ليلته ، فقالت قريش :
لتعشى فينا وأصبح فينا ثم يزعم أنه جاء الشام في ليلة ثم رجع وايم (2) الله إن
الحدأة لتحثها شهرين ، شهرا مقبلة ، وشهرا مدبرة »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
(2) وايم الله : أسلوب قسم بالله تعالى وأصلها ايمُن الله
2786
- حدثنا عبدان بن محمد المروزي ، قال : حدثنا الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا
معاذ ، يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك ، يقول في قوله : ( وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس (1) ) « يعني ليلة أسري به إلى بيت
المقدس - ، ثم رجع من ليلته ، فكانت فتنة لهم »
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
2787
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله :
( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس (1) ) ، قال : هذا حين أسري به إلى
بيت المقدس ، افتتن فيها أناس ، فقالوا : يذهب إلى بيت المقدس ويرجع في ليلة ،
وقال : لما أتاني جبريل صلوات الله عليه بالبراق (2) ليحملني عليها ، صرت بأذنيها
وانقبض بعضها إلى بعض ، فنظر إليها جبريل عليه السلام ، فقال : والذي بعثني بالحق من
عنده ، ما ركبك أحد من ولد آدم خير منه ، قال : فصرت بأذنيها وارفضت عرقا حتى سال
ما تحتها ، وكان منتهى خطوها عند منتهى طرفها ، فلما أتاهم بذلك ، قالوا : ما كان
محمد لينتهي حتى يأتي بكذبة تخرج من أقطارها فأتوا أبا بكر ، فقالوا : هذا صاحبك
يقول كذا وكذا ، فقال : أوقد قال ذلك ؟ قالوا : نعم ، فقال : إن كان قال ذلك فقد
صدق ، فقالوا : تصدقه أن ، قال : ذهب إلى بيت المقدس ورجع في ليلة ، فقال أبو بكر
: نزع الله عقولكم ، أصدقه بخبر السماء ، والسماء أبعد من بيت المقدس ، ولا أصدقه
بخبر بيت المقدس ؟ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إنا قد جئنا بيت المقدس فصفه
لنا ، فلما قالوا ذلك ، رفعه الله عز ذكره ومثله بين عينيه ، فجعل يقول هو كذا ،
وفيه كذا ، فقال بعضهم : وأبيكم ، إن أخطأ منه حرفا قال : فقالوا : هو رجل ساحر
__________
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 60
(2) البراق : الدَّابة التي ركبها النبي ليلة الإسراء والمعراج
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : «
رأيت موسى صلوات الله عليه آدم أسحم » ، يعني بالآدم ، في لونه ، وأنه يضرب إلى
البياض ، وكذلك كل لون ضرب إلى البياض من أي لون كان أحمر أو غيره ، ولذلك قيل
للظباء أدم ، لميل حمرتها إلى البياض ، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى في وصفه
الظباء بذلك : بها العين والآرام والأدم خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم يعني
بالأدم ، جمع أدماء ، وهي ما وصفت من الظباء التي تضرب حمرتها إلى البياض ، ويروى
ذلك : بها العين والآرام يمشين خلفة وأما الأسحم ، فإنه الأسود ، ومن ذلك قول أعشى
بني قيس بن ثعلبة : إذا بزلت من دنها فاح ريحها وقد أخرجت من أسحم الجوف أدهما
يعني بأسحم الجوف ، أسوده ، ومنه أيضا قول العجاج : يمده آذي بحر عيلم خضراء ترمي
بالغثاء الأسحم ومنه قيل لابن السحماء : ابن السحماء ، لسواد أمه ، فنسب إليها ،
وإنما وصفه صلى الله عليه وسلم بالسحمة ، وقد وصفه بالأدمة ، مريدا بوصفه إياه
بالسحمة سحمة شعره إن شاء الله ، وبوصفه بالأدمة أدمة بشرة جسده وأما وصفه صلى
الله عليه وسلم في حديث ابن المسيب بأنه ضرب من الرجال ، فإنه عنى بذلك أنه خفيف
اللحم غير غليظ ولا ثقيل ، وبذلك يوصف كل خفيف الجسم ذكي القلب من الرجال ، ومن
ذلك قول طرفة بن العبد في وصفه نفسه بذلك : أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش
كرأس الحية المتوقد وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو
هريرة عنه ، في وصفه موسى صلوات الله عليه بأنه جعد أقنى ، فإن عنى بقوله : أقنى ،
أنه مرتفع وسط الأنف عن طرفيه ، سائلة أرنبته ، وذلك صفة القنا في الأنف ، يقال
للرجل إذا كان أنفه كذلك : رجل أقنى ، وللمرأة امرأة قنواء ، بينة القنا ، من قوم
قنو ، ومن ذلك قول كعب بن زهير في صفة ناقة : قنواء في حرتيها للبصير بها عتق مبين
وفي الخدين تسهيل وأما قوله صلى الله عليه وسلم في وصفه إبراهيم صلوات الله عليه :
« ولا أنظر إلى إرب من آرابه إلا نظرت إليه مني » ، فإنه يعني بالإرب : العضو من
أعضائه ، وهو من قولهم : قطعه إربا إربا ، إذا قطعه عضوا عضوا ، ومنه قولهم : فلان
عظيم الآراب ، مراد به عظيم الأعضاء ، ويقال : أعطه عظما مؤربا ، فيعطي عظما تاما
لم يكسر ، ومنه قول الكميت بن زيد الأسدي : ولا انتشلت عضوين منها يحابر وكان لعبد
القيس عضو مؤرب وقول أبي زبيد الطائي : وأعطى فوق النصف ذو الحق منهم وأظلم بعضا
أو جميعا مؤربا وأما « الأرب » بفتح الألف والراء ، فإنه الحاجة ، يقال منه : « لي
فيه أرب وإربة » ، إذا كانت لك فيه حاجة ، ومن « الإربة » قول الله جل ثناؤه : (
أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال (1) ) ، وأما الأربة بضم الألف وسكون الراء
فإنها العقدة ، يقال من ذلك ، « أرب عقدتك » ، إذا أمره بشدها وأما قول النبي صلى
الله عليه وسلم في خبره عن جبريل صلوات الله عليه : فشق من النحر إلى مراق البطن ،
فإنه يعني بالنحر ، اللبة وهي الثغرة ، وهو موضع القلادة من صدر المرأة ، ومنه قول
الشاعر : والزعفران على ترائبها شرقا به اللبات والنحر وقول عنترة بن شداد : مازلت
أرميهم بثغرة نحره ولبانه حتى تسربل بالدم وأما المراق ، فإنه أسفل البطن والذكر
وما حوله ، حيث استرق الجلد ومجامع أوصال الإنسان وعروقه في بطنه . وأما قول النبي
صلى الله عليه وسلم : دخلت الجنة فرأيت فيها جارية لعساء ، فإن اللعس سواد في
الشفتين ، يقال منه : شفة لعساء ، وحماء ، ولمياء ، وحواء ، وشفاه لعس ، وحم ،
ولمي ، وحو ، وذلك مما يستحب في الشفاه ، ومن اللعس واللمى والحوة قول ذي الرمة في
صفة امرأة : لمياء في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي أنيابها الشنب ومنه أيضا قول
العجاج : بفاحم دوي حتى اعلنكسا وبشر مع البياض ألعسا ومنه قول رؤبة : يضحكن عن
مثلوجة الأفلاج فيها لمى من لعسة الإدعاج وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في
خبره عن جبريل عليه السلام ، عن الجنة أنها تقول : رب آتني ما وعدتني ، فقد كثرت
عرفي وإستبرقي وأكوابي وصحافي ، فإن العرف ، في كلام العرب ، الرائحة من كل شيء ،
وقد يكون ذلك طيبا وغير طيب ، وأما في هذا الموضع فإنه الرائحة الطيبة ، ومن العرف
قول الشاعر : أبصرت عيني عشاء ضوء نار من سناها عرف هندي وغار يعني بالعرف :
الرائحة . وأما « الأكواب » ، فإنها جمع « كوب » ، والكوب : كل إناء لا عروة له ،
ومنه قول أعشى بني قيس بن ثعلبة : صريفية طيبا طعمها لها زبد بين كوب ودن ومنه قول
الله تبارك وتعالى : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون . بأكواب وأباريق (2) ) وأما قوله
مخبرا عن قول ، جهنم فقد كثر ضريعي وغساقي ، فإن الضريع : نبت يسمى ما دام رطبا
شبرقا ، فإذا يبس سمي ضريعا ، وهو فيما يقال سم ، وأما الغساق ، فإن فيه لغتين :
التشديد في سينه ، فإذا شدد كان صفة ، من قولهم : غسق الشيء يغسق غسوقا ، وذلك إذا
سال ، وقيل : إن ذلك هو ما يسيل من صديد أهل جهنم ، فيجتمع في بعض حياضها ،
والتخفيف فيها ، وإذا خففت كان اسما موضوعا لذلك ، وقيل : إنه الشيء المنتن بلسان
أهل بخارستان ، وقيل : إنه الشيء الذي قد تناهت شدة برده ، فلا شيء أبرد منه وأما
قول النبي صلى الله عليه وسلم : صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما ، فإنه -
يعني بالمعتم - ، المبطئ ، يقال منه : عتم فلان في هذا الأمر ، إذا أبطأ فيه ،
ومنه قول رؤبة بن العجاج : سهل يلين بابه وخدمه لذي غنى أو لضعيف يرحمه لا يقطع
الرفد ولا يعتمه يعني بقوله : ولا يعتمه : لا يبطئ بالرفد وأما قوله : « فشربت حتى
قدعت به جبيني » ، فإنه - يعني بقوله : « قدعت به » - : ضربت به ، ودفعت به ، وأصل
القدع ، الدفع والكف ، ومنه قول رؤبة بن العجاج : أقدعه عني لجام يلجمه وعض مضاغ
مجد معذمه يدق أعناق الأسود فرصمه ومنه أيضا قول الطرماح بن حكيم : إذا ما رآنا شد
للقوم صوته وإلا فمدخول الخباء قدوع وأما قول أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم :
« لقد التمستك في مظانك ، فإنه - يعني بالمظان : المواضع التي يظن أنه يكون بها ،
واحدتها : مظنة - وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : » فإنها من الله صرى « ،
فإنه يعني صلى الله عليه وسلم بذلك أن ذلك من الله عز وجل عزيمة . من قول القائل :
» أصر فلان على هذا الأمر « ، إذا ثبت عليه ، وعزمت عليه نفسه ، ومن قول الله
تعالى ذكره : ( ولم يصروا على ما فعلوا (3) ) بمعنى : لم يثبتوا عليه ، ولكنهم
تابوا منه من قريب ، ومنه قول سؤر الذئب : لما رأيت أنها أصري وأنما يراودون ضري
قلت : بأشخاب عقاب دري
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 31
(2) سورة : الواقعة آية رقم : 17
(3) سورة : آل عمران آية رقم : 135
ذكر ما لم يمض ذكره من حديث عباد بن منصور الناجي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك ما :
2788 - حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : « كانت للنبي صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل بها ثلاثا في كل عين »
2789
- وحدثني عبد الله بن الصباح العطار ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، قالا : حدثنا
عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن عباد بن منصور ، وحدثني سليمان بن عبد الجبار
، قال : حدثنا الحسن بن عطية ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن عباد بن منصور ، عن عكرمة
، عن ابن عباس ، قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم » يكتحل قبل أن ينام
بالإثمد (1) ، ثلاثا في كل عين « القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح
سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه
خبر لا يعرف له مخرج يصح من حديث عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه .
والثانية : أنه من رواية عكرمة ، عن ابن عباس ، وقد بينا قولهم في عكرمة فيما مضى
بما أغنى عن إعادته هاهنا والثالثة : أنه من رواية عباد بن منصور ، عن عكرمة ، وفي
نقل عباد عندهم معان يجب التثبت فيه من أجلها القول في البيان عما في هذا الخبر من
الفقه : والذي فيه من ذلك ، الإبانة عن خطأ قول من أنكر الاكتحال نهارا للرجال ،
وذلك أن الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قد ورد بأنه كان يكتحل من غير حظر منه
فعل ذلك في وقت من الليل والنهار فإن قال قائل : فإنه قد روي عنه أنه إنما كان
يكتحل قبل النوم ، وأنه ندب أمته إلى فعل ذلك عند النوم ، واعتل لقيله ذلك بالخبر
الذي ذكرناه عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من رواية إسرائيل ، عن
عباد بن منصور ، عن عكرمة عنه وبما :
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
2790
- حدثنا أحمد بن منيع ، قال : حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن
إسحاق ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« عليكم بالإثمد (1) عند النوم ، فإنه يجلو (2) البصر ، وينبت الشعر » وما :
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
(2) يجلو : يقوي
2791
- حدثني محمد بن حاتم السعدي ، قال : حدثني علي بن ثابت ، عن عبد الرحمن بن
النعمان بن معبد بن هوذة الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان « يأمرنا بالإثمد (1) بالليل »
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
2792
- حدثني الحسن بن عرفة ، قال : حدثني علي بن ثابت ، عن عبد الرحمن بن النعمان بن
معبد بن هوذة الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده ، قال : « أمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالإثمد (1) المروح عند النوم »
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
2793
- حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا عبد العزيز بن الخطاب ، قال : حدثنا
علي بن ثابت ، عن عبد الرحمن بن النعمان بن هوذة القرشي ، عن أبيه ، عن جده ، قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عليكم بالإثمد (1) المروح (2) عند النوم »
قيل : إن ندب النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى الاكتحال عند النوم ، غير نهي منه
عليه السلام لهم عن الاكتحال في غير ذلك من أوقات الليل والنهار ، وإنما كان ندبه
إياهم إلى الاكتحال في ذلك الوقت ، لعلمه بنفعه لهم فيه ، ولو كان من الأوقات وقت
هو أنفع لهم استعمال ذلك فيه ، لكان قد عرف ذلك ، إن شاء الله ، أمته . فإن ظن ظان
أن أمره باستعمال ذلك ليلا عند النوم ، إنما كان من أجل كراهته استعماله نهارا ،
لا من أجل ما ذكرنا من نفعه في ذلك الوقت دون سائر الأوقات غيره ، فإن فيما روينا
من الخبر عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : « عليكم بالإثمد عند
النوم ، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر » ، البيان البين أنه عليه السلام إنما ندبهم
إلى استعماله في ذلك الوقت ، للنفع الذي فيه عند ذلك ، لا لكراهته استعماله في
غيره من الأوقات :
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
(2) المروح : المطيب
2794 - وقد حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أحمد بن يونس الحمصي ، قال : حدثنا أبو بكر بن عاصم من ولد عبد الرحمن بن عوف ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل حتى يكثر ، فقلت : يا رسول الله : إنك تكثر من الكحل قال : « إنه يجلي وينبت أشفار العين » فقد بين ذلك من فعله عليه السلام أنه إنما يقصد بالاكتحال طلب نفعه به وفيه أيضا تصحيح الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره المكتحل إذا اكتحل ، أن يجعل اكتحاله وترا ، وذلك ما :
2795 - حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة ، أن أبا يونس ، حدثه ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا اكتحل أحدكم فليكتحل وترا »
2796 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي العالية ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « الكحل وتر » قال : ووجدته في مكان آخر عن أم الهذيل ، عن أنس « موقوفا
2797 - حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا وضاح بن حسان الأنباري ، قال : حدثنا سلام أبو الأحوص ، عن عاصم بن سليمان ، عن حفصة بنت سيرين ، عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكتحل وترا ، وكان ابن سيرين يكتحل مرتين في كل عين ، ويقسم بينهما واحدة
2798 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن عاصم ، عن حفصة بنت سيرين ، عن أنس بن مالك ، قال : « الكحل وتر » وكان ابن سيرين يكتحل في إحدى عينيه ميلين ، وفي الأخرى ميلين ، ويقسم ميلا بينهما
2799 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة ، والحارث بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه كان إذا اكتحل اكتحل وترا »
2800 - حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا أبي ، عن إبراهيم بن فروخ ، مولى عمر ، عن أبيه ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « كان يكتحل في كل عين ثلاثا ، يبدأ باليمنى ثم باليسرى »
2801 - حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثني يحيى بن أبي بكير ، عن حسام بن مصك ، قال : حدثنا عطاء بن أبي رباح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا اكتحلتم فاكتحلوا وترا »
2802 - حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ، قال : حدثنا الضحاك بن مخلد ، ومحمد بن القاسم ، قالا : حدثنا ثور بن يزيد ، قال : حدثني حصين الحميري ، عن أبي سعد الخير ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من اكتحل فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، وإلا فلا حرج » وفي خبر إسرائيل ، عن عباد بن منصور الذي ذكرنا قبل ، زيادة معنى ليست في حديث يزيد بن هارون ، وهي أنه كان صلى الله عليه وسلم يكتحل بالإثمد ، وفي ذلك دليل على تصحيح الأخبار عنه في وصفه الإثمد ، من بين الأكحال ، بفضيلة النفع
2803
- وذلك نظير ما حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ،
ويحيى بن سليم الطائفي ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن
عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خير أكحالكم الإثمد (1) ، ينبت
الشعر ويجلو (2) البصر » حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، وجرير ،
عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم ، مثله
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
(2) يجلو : يقوي
2804
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن المسعودي ، عن ابن خثيم ، عن سعيد بن
جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خير أكحالكم
الإثمد (1) »
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
2805
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن ميسر ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن
عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « إن من خير أكحالكم الإثمد (1) ، يجلو (2) العين وينبت الشعر » حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن عبد الله بن خثيم ، عن
سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
(2) يجلو : يقوي
2806
- حدثني بشر بن دحية ، قال : حدثنا قزعة بن سويد ، قال : حدثني محمد بن المنكدر ،
عن جابر بن عبد الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « عليكم بالإثمد (1) ،
فإنه ينبت الشعر ويجلو (2) البصر »
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
(2) يجلو : يقوي
2807
- حدثني إبراهيم بن المستمر ، قال : حدثنا الضحاك بن مخلد ، قال : حدثنا عثمان بن
عبد المؤمن ، قال : حدثني سالم ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « عليكم بالإثمد (1) ، فإنه يجلو (2) البصر وينبت الشعر » حدثني العباس بن
محمد ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عثمان بن عبد الملك ، قال : حدثنا سالم ، عن ابن
عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
(2) يجلو : يقوي
2808
- حدثني مروان بن الحكم الحراني ، قال : حدثنا النفيلي ، قال : حدثنا يونس بن راشد
، عن عون بن محمد ابن الحنفية ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : « عليكم بالإثمد (1) ، فإنه مذهبة للقذى ، منبتة للشعر ،
مصفاة للبصر »
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
2809
- حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا أبي ، قال : أخبرنا يزيد أبو خالد ،
مولى زيد بن علي ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نعم الكحل الإثمد (1) ، فاكتحلوا به ، فإنه ينبت
الشعر ، ويقطع الدمعة ، ويجلو (2) البصر »
__________
(1) الإثمد : نوع من الكحل
(2) يجلو : يقوي
ذكر خبر آخر من أخبار عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2810
- حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، قال : حدثنا زياد بن الربيع ، وحدثنا سفيان بن وكيع
، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، جميعا ، عن عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس
، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما مررت بملأ من الملائكة ليلة أسري بي إلا
، قالوا : عليك بالحجامة (1) » وزاد ابن وكيع في حديثه عن يزيد قال : وقال النبي
صلى الله عليه وسلم : « خير يوم تحتجمون (2) فيه ، خمس عشرة ، وسبع عشرة ، وتسع
عشرة وإحدى وعشرون »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2811
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حيث عرج به ، لم يمر بملأ
من الملائكة إلا قالوا : » عليك بالحجامة (1) يا محمد « القول في علل هذا الخبر :
وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ،
لمثل العلل التي ذكرناها في الخبر الذي مضى ذكره قبل هذا الخبر ، من خبر عباد ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقد وافق عكرمة في رواية
معنى هذا الخبر والندب إلى الحجامة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
من أصحابه غيره
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
ذكر ذلك
2812
- حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا قدامة بن محمد ، قال : حدثنا
إسماعيل بن شيبة ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، قال : « الحجامة (1) من الجنون والجذام (2) والبرص والأضراس
والنعاس »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف
2813
- حدثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدثنا قدامة بن محمد ، قال : حدثنا إسماعيل بن
شيبة بن تميم الطائفي ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس
، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من سنن المرسلين الحلم ، والحياء ،
والحجامة (1) ، والسواك ، والتعطر ، وكثرة الأزواج »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2814
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن
عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن كان في شيء مما يصنعون
خير ، ففي بزغة حجام (1) » حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يعلى ، عن طلحة ، عن عطاء
، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
2815
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسن بن عطية ، قال : أخبرنا قيس ، عن ليث ، عن عبد
الرحمن بن فلان ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « خير ما
تداويتم به شرطة حجام (1) »
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
2816
- حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : حدثنا أبي ، عن إبراهيم بن فروخ ، عن أبيه
، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « خير ما تداويتم به
الحجامة (1) »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2817
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو داود الحفري ، عن يعقوب القمي ، عن ليث ، عن
مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن يكن في شيء شفاء ،
ففي مصة الحجام (1) ومصة العسل » وقد وافق أيضا ابن عباس في رواية معنى هذا الخبر
، في الندب إلى الحجامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، جماعة من أصحابه ، نذكر ما
صح من ذلك عندنا سنده ، ثم نتبع جميعه البيان عنه إن شاء الله
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
ذكر ذلك
2818
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا سفيان بن حبيب ، قال : حدثنا حميد ،
عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « خير ما تداويتم به الحجامة (1)
والقسط البحري (2) »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) القسط البحري : نوع من البخور المستخدم في التداوي
2819
- حدثنا موسى بن سهل الرملي ، قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا
سليمان بن حيان ، قال : حدثنا حميد الطويل ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « إذا هاج بأحدكم الدم فليحتجم ، فإن الدم إذا تبيغ (1) بصاحبه
يقتله »
__________
(1) التبيغ : هيجان الدم واضطرابه في الجسد
2820
- حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني عبد الله
بن عمر ، عن حميد الطويل ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه حجام (1)
يقال له : أبو طيبة ، فحجمه (2) في رأسه بقرن وشرطه بشفرة ، فمر به رجل من العرب ،
فقال : ما هذا الذي يبطط رأسك ؟ قال : « هذا الحجم ، وهو خير ما تدووي به »
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
(2) حجم : داوى غيره بالحجامة وهي نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج
الدم الفاسد منه
2821
- حدثني محمد بن مرزوق البصري ، قال : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، قال : حدثنا عبد
الله بن عمر ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، قال : حجم (1) أبو طيبة رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فأعطاه صاعا (2) من تمر ، وكلم مواليه أن يخففوا عنه من ضريبته ،
فدخل عليه عيينة أو الأقرع ، فقال : ما هذا الذي يبطك ؟ قال : وهو يمصه بقرن ويبطه
بشفرة ، فقال : « هذا الحجم (3) ، وهو خير ما يتداوى به »
__________
(1) حجم : داوى غيره بالحجامة وهي نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج
الدم الفاسد منه
(2) الصاع : مكيال المدينة تقدر به الحبوب وسعته أربعة أمداد ، والمد هو ما يملأ
الكفين
(3) الحجم والحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
منه
2822
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أمثل ما تداويتم به الحجامة (1) ، والقسط
البحري (2) لصبيانكم من العذرة ، ولا تعذبوهم بالغمز (3) »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) القسط البحري : نوع من البخور المستخدم في التداوي
(3) الغمز : هو أن تسقط اللهاة فتغمز باليد ، أي تكبس
2823
- وحدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد
الملك ، عن حصين بن الحر ، عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: « إن من خير ما تداوى به الناس الحجم (1) »
__________
(1) الحجم والحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
منه
2824
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حفص بن بغيل الهمداني ، قال : حدثنا زهير عن عبد
الملك بن عمير ، قال : حدثنا حصين بن أبي الحر ، قال : أبو جعفر إنما هو ابن الحر
، ولكن غلط الشيخ عن سمرة ، قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حجام
(1) ، فأمره أن يحجمه ، فأخرج محاجم (2) من قرون (3) فألزمها إياه ، وشرطه بطرف
الشفرة ، ثم صب الدم في إناء عنده ، فدخل عليه رجل من بني فزارة ، فقال : ما هذا
يا رسول الله ؟ على ما تمكن هذا من جلدك يقطعه ؟ فسمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « هذا الحجم (4) » ، قال : وما الحجم ؟ قال : « هو خير ما تداووا به »
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن زهير ، عن عبد الملك بن
عمير ، عن حصين بن الحر ، عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن
عمير ، قال : حدثنا حصين بن الحر ، قال : سمعت سمرة بن جندب ، قال : إني عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر نحوه ، إلا أنه قال : « خير ما تداوى به الناس »
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
(2) المحاجم : الأدوات التي يستخدمها الحجام في تشريط الجلد
(3) القرن : مادة صلبة ناتئة بجوار الأذن وفي كل رأس قرنان، وهي حادة تستخدم في
القطع
(4) الحجم والحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
منه
2825
- حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا شيبان ، قال :
حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن حصين بن أبي الحر العنبري ، عن سمرة بن جندب ، قال :
إني لجالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ دعا حجاما (1) فألزمه قرونا ،
ثمت دعا بشفرة فجعل يشرطه بها ، وأتى بإناء فجعل يهريق (2) دمه فيه ، فدخل أعرابي
، فقال : يا رسول الله على ما تعطي هذا يقطع ظهرك ؟ ما هذا يا رسول الله ؟ قال : «
هذا الحجم (3) » ، قال : وما الحجم ، يا رسول الله ؟ قال : « خير ما تداوى به
الناس »
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
(2) يهريق : يريق ويسيل ويسكب
(3) الحجم والحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
منه
2826
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن عبد الملك بن عمير ، عن حصين بن أبي
الحر ، عن سمرة بن جندب ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من خير ما
تداويتم به الحجم (1) »
__________
(1) الحجم والحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
منه
2827
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، ومحمد بن جعفر ، قالا ، حدثنا عوف ،
قال حدثني شيخ ، من بني بكر بن وائل ، قال : دخلت على سمرة بن جندب وهو يحتجم (1)
، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن خير دوائكم الحجامة (2) »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2828
- حدثني عبد الملك بن محمد الرقاشي ، قال : حدثنا عبد الصمد ، عن شعبة ، عن عوف ،
عن رجل ، من ولد أبي بكرة ، عن سمرة بن جندب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« خير ما تداويتم به الحجم (1) »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2829
- حدثني محمد بن معمر ، ومحمد بن مرزوق البصريان ، قالا ، حدثنا أبو عامر ، قال :
حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الغسيل ، قال : حدثنا عاصم بن
عمر بن قتادة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : « إن كان في شيء من أدويتكم هذه خير ، ففي شرطة (1) محجم (2) أو شربة عسل ،
أو لذعة نار يوافق داء ، وما أحب أن أكتوي »
__________
(1) شرطة محجم : أثر المشرط الذي يشق به
(2) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد
2830
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث
، أن بكير بن عبد الله ، حدثه أن عاصم بن عمر بن قتادة حدثه أن جابر بن عبد الله
عاد المقنع ، ثم قال : لا أبرح حتى تحتجم (1) ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « إن فيه شفاء »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2831
- حدثني سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال :
أخبرت عن صفوان بن سليم ، عن عاصم ، عن أبي قتادة ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : « إن كان شيء مما تعالجون به يصيب الداء أو يطلب الداء ففي الحجامة (1)
»
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2832
- حدثني أحمد بن يحيى الأزدي ، قال : حدثنا عون بن سلام ، عن يعقوب القمي ، عن ليث
، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن كان في شيء من
أدويتكم شفاء ، ففي مصة حجام (1) »
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
2833
- حدثني العباس بن أبي طالب ، قال : حدثنا محمد بن أسعد بن سعيد التغلبي ، قال :
حدثنا زهير بن معاوية أبو خيثمة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن كان في شيء ، ففي شرطات حجام (1) ،
أو حبيبات سود ، أو شربة من عسل ، أو لذعات نار تصيب الداء ، وما أحب أن أكتوي »
يعني : شفاء
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
2834
- حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا أبو سعيد التغلبي محمد بن أسعد ،
قال : حدثنا زهير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن كان الشفاء في شيء ، ففي ثلاث : في شربة عسل ،
أو شرطة حجام (1) ، أو حبيبات سود ، أو لذعات نار ، وما أحب أن أكتوي » حدثني علي
بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي ، قال : حدثنا أبو سعيد التغلبي ، قال : حدثنا
زهير بن معاوية ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : « إن كان في شيء مما تداوون شفاء ، ففي شرطة محجم ، أو
شربة عسل » ثم ذكر نحوه
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
2835
- حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا المقرئ ، قال :
حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سويد بن قيس ، عن معاوية بن
حديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن كان شفاء ، ففي شرطة محجم (1) ،
أو شربة من عسل ، أو كية بنار تصيب ألما ، وما أحب أن أكتوي »
__________
(1) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد
2836
- حدثني الحسن بن شاذان الواسطي ، والفضل بن الصباح ، قالا : حدثنا أبو عبد الرحمن
المقرئ ، قال : حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سويد بن قيس ،
عن معاوية بن حديج ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن كان في شيء من
أدويتكم شفاء ، ففي شربة عسل ، أو شرطة محجم (1) ، أو كية بنار » ، قال الفضل بن
الصباح في حديثه : « أو كية بنار تصيب الداء » ولم يقل ذلك ابن شاذان وما أحب أن
أكتوي
__________
(1) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد
2837
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عبد الله بن يزيد
، قال : حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، قال : حدثني عبد الله بن الوليد ، عن أبي الخير
مرثد بن عبد الله اليزني ، عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، قال : « إن كان في شيء شفاء ففي ثلاث ، شربة عسل ، أو شرطة من محجم (1) ،
أو كية بنار تصيب ألما ، وأنا أكره الكي ولا أحبه »
__________
(1) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد
2838
- حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا يحيى بن إسحاق البجلي ، قال :
حدثنا يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، أن سويد بن قيس ، أخبره عن رجل ، من
الأنصار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن كان في شيء مما تعالجون به
شفاء ، ففي شربة عسل ، وشرطة محجم (1) ، وكية نار تصيب ألما ، وما أحب أن أكتوي »
__________
(1) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد
2839
- حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا محمد ، عن
يزيد بن أبي حبيب ، عن رجل ، من الأنصار من بني سلمة ، قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : « إن يك في شيء مما تعالجون به شفاء ، ففي شرطة محجم (1) ، أو
شربة من عسل ، أو لذعة من نار تصيب ألما ، وما أحب أن أكتوي »
__________
(1) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد
2840
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن الحارث ،
عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سويد بن قيس ، عن رجل ، من الأنصار أنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « إن كان في شيء مما تعالجون شفاء ، فشربة عسل أو شرطة
محجم (1) »
__________
(1) المحجم : المشرط الذي يستخدمه الحجام لتشريط موضع الحجامة من الجلد
2841
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا عمرو يعني ابن أبي سلمة ، قال :
أخبرنا أبو معيد ، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن ثابت بن ثوبان ، عن أبي
كبشة الأنماري ، أنه حدثه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان يحتجم (1) على
هامته (2) وبين كتفيه ويقول : « من أهراق (3) منه هذه الدماء ، فلا يضره أن لا
يتداوى بشيء لشيء »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الهامة : الرأس
(3) الإراقة والهراقة : صب وسيلان الماء وكل مائع بشدة
2842
- حدثني هلال بن العلاء الرقي ، قال : حدثنا أبي وعبد الله بن جعفر ، قالا : حدثنا
عبيد الله بن عمرو ، عن زيد ، وحدثني هلال ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الملك
الحراني ، قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد ، عن محمد
النخعي ، عن أبي الحكم البجلي ، قال : دخلت على أبي هريرة وهو يحتجم (1) ، فقال لي
: « يا أبا الحكم ، أما تحتجم ؟ » ، قال : قلت : ما احتجمت قط ، قال : « حدثني
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن جبريل حدثه أنه أنفع أو خير ما تداوى به الناس
»
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2843
- حدثنا الحسن بن الصباح ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي ، قال : حدثنا عبيد
الله بن عمرو ، عن زيد ، عن محمد بن قيس النخعي ، عن أبي الحكم البجلي ، قال :
دخلت على أبي هريرة وهو يحتجم (1) ، فقلت : تحتجم يا أبا هريرة ؟ ما احتجمت قط ،
فقال أبو هريرة : أخبرنا أبو القاسم صلى الله عليه وسلم « أن جبريل أخبره أن
الحجامة (2) من أفضل ما يتداوى به الناس »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2844
- حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن الحباب ، عن عبد الرحمن بن ثابت بن
ثوبان ، عن أبيه ، عن أبي هزان ، عن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد أنه احتجم (1)
في رأسه وبين كتفيه ، فقيل له : ما هذا ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : « من أهراق (2) منه هذه الدماء ، فلا يضره أن لا يتداوى بشيء لشيء »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الإراقة والهراقة : صب وسيلان الماء وكل مائع بشدة
2845
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن
أبي الموال ، عن فائد ، مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع ، عن مولاه ، عن جدته
سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : ما كان إنسان يأتي رسول الله صلى
الله عليه وسلم فيشكو إليه وجعا في رأسه إلا قال : « احتجم (1) » حدثني يونس ، قال
: أخبرنا وهب ، قال : وأخبرنيه أيضا عبد الرحمن ، عن عبد الله بن حسن بمثل ذلك عن
النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2846
- وحدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن
أبي الموال ، عن أيوب بن حسن بن علي بن أبي رافع ، عن جدته سلمى ، قالت : ما سمعت
أحدا قط يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع في رأسه إلا ، قال : «
احتجم (1) »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2847
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، قال :
أخبرني أبي محمد ، عن أبيه عبيد الله ، عن سلمى ، مولاة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، قال : وهي جدتي ، قالت : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إذ
أتاه رجل فشكا إليه وجعا يجده في رأسه ، « فأمره بالحجامة (1) وسط رأسه »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2848
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أبو صالح ، كاتب الليث ، قال : حدثنا
العطاف بن خالد ، عن نافع ، أن ابن عمر ، قال له : يا نافع ، تبيغ (1) بي الدم
فابغني حجاما (2) ، ولا تجعله صبيا ولا شيخا كبيرا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، يقول : « الحجامة (3) على الريق فيها شفاء وبركة ، وهي تزيد في العقل
، وتزيد في الحفظ ، وتزيد الحافظ حفظا »
__________
(1) التبيغ : هيجان الدم واضطرابه في الجسد
(2) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
(3) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2849
- حدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا حفص يعني ابن غياث ، قال : حدثنا
الأشعث ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنكم لابد لكم أن
تداووا وخير ما تداويتم به الحجامة (1) »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2850
- حدثني سلم ، قال : حدثنا حفص ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : دخل عيينة على
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم (1) بقرن ، فقال : ما هذا ؟ قال : « خير
ما تداوت به العرب »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2851
- حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال :
جاء عيينة بن حصن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم (1) ، فقال : ما هذا ؟
قال : « هذا خير ما تداوى به العرب »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2852
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، قال :
حدثنا عمر بن محمد الأسلمي ، عن مليح بن عبد الله الخطمي ، عن أبيه ، عن جده ، قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خمس من سنن المرسلين : الحياء ، والحلم ،
والحجامة (1) والسواك ، والتعطر » حدثني سلمان بن ثابت الخزاز الواسطي ، قال :
أخبرنا محمد بن أبي فديك ، قال : حدثنا عمر بن محمد الأسلمي ، عن مليح بن عبد الله
الخطمي ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله ولم يقل :
« عن جده » وفي حديث « ابن وكيع ، عن يزيد » ، زيادة معنى ليست في حديث « نصر بن
علي ، عن زياد بن الربيع » ، وهو قوله : « خير يوم تحتجمون فيه خمس عشرة وسبع عشرة
وتسع عشرة وإحدى وعشرون » . وذلك مما قد وافق في روايته عن ابن عباس عن النبي صلى
الله عليه وسلم ، عكرمة وغيره من أصحاب ابن عباس ، ووافق ابن عباس في روايته عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، غيره من أصحابه ، نذكر ما صح من ذلك عندنا سنده ، ثم
نتبع جميعه البيان إن شاء الله
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
ذكر من وافق عكرمة في رواية ذلك عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2853
- حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا أبو داود الحفري ، عن يعقوب يعني القمي ، عن
ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « احتجموا
في خمس عشرة ، أو سبع عشرة ، أو تسع عشرة ، أو إحدى وعشرين ، لا يتبيغ (1) بأحدكم
الدم فيقتله »
__________
(1) التبيغ : هيجان الدم واضطرابه في الجسد
ذكر من وافق ابن عباس في رواية ذلك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2854
- حدثني الحسن بن شبيب المكتب ، قال : حدثنا محمد بن جعفر المدائني ، قال : حدثنا
سلام ، عن زيد العمي ، عن معاوية بن قرة ، عن معقل بن يسار ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « الحجامة (1) يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر ، دواء لداء
سنة » القول في البيان عن معاني هذه الأخبار إن قال لك قائل : ما أنت قائل في هذه
الأخبار التي رويتها لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من ندبه أمته إلى
الحجامة ، وقوله عليه السلام : « ما مررت بملأ من الملأ الأعلى إلا أمروني
بالحجامة ، وقالوا : مر أمتك بالحجامة » ، وقوله صلى الله عليه وسلم « احتجموا
لخمس عشرة ، وسبع عشرة ، وتسع عشرة ، وإحدى وعشرين » أعلى العموم أم على الخصوص ؟
فإن قلت : إنها على العموم ، فما أنت قائل فيما :
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2855
- حدثك يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن ابن عون ، عن محمد ، قال :
كان يقول : « إذا بلغ الرجل أربعين ، لم يحتجم (1) » قال ابن عون : فتركت الحجامة
(2) ، وكانت نعمة من الله وإن قلت : هي على الخصوص ، فما الدليل على خصوصها ، وأنت
ممن لا يرى إحالة ظاهر إلى باطن إلا بحجة يجب التسليم لها ؟ قيل : إن أمر النبي
صلى الله عليه وسلم أمته بذلك ، إنما هو أمر ندب ، لا أمر إيجاب وإلزام ، وهو عام
فيما ندبهم إليه من معناه . وذلك أنه صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بالحجامة حضا
منه لهم بذلك على ما فيه نفعهم وصلاح أجسامهم ، ودفع ما يخاف من غائلة الدم على
أبدانهم إذا كثر وتبيغ ، لا على وجه إلزام فرض ذلك لهم . فإذ كان ذلك كذلك ،
فمعلوم أن معنى أمره صلى الله عليه وسلم أمته بإخراج ذلك من أبدانهم ، إنما هو ندب
منه لهم إلى استعمال ذلك ، في الحين الذي إخراجه صلاح لأبدانهم وقد بين ذلك صلى
الله عليه وسلم في الخبر الذي ذكرناه عن حميد ، عن أنس ، عنه بقوله : « إذا هاج
بأحدكم الدم فليحتجم ، فإن الدم إذا تبيغ بصاحبه قتله » ، ففي ذلك من قوله عليه
السلام البيان البين أن معناه في أمره أمته بالحجامة لما ذكرنا من المعاني . وإذا
كان ذلك كما وصفنا ، فغير بعيد ما روي عن ابن سيرين من نهيه ابن أربعين سنة عن
الحجامة ، وما ذكر عن ابن عون من اعتداده ترك الحجامة بعد بلوغه أربعين سنة من
نعمة الله عليه من الصواب . وذلك أن ابن آدم ، بعد بلوغه أربعين سنة ، في انتقاص
من عمره ، وانحلال من قوى جسمه ، والدم أحد المعاني التي بها قوام بدنه وتمام
حياته إذا كان معتدلا فيه قدره ، وفي أخذ الليالي والأيام من قوى بدن ابن الأربعين
ومنته ، وإنقاصها من جسمه ، غناء له عن معونتها عليه ، بما يزيده وهنا على وهن ،
يرد به إلى العطب والتلف إلا أن يتبيغ به الدم حتى يكون الأغلب من أمره خوف الضر
بترك إخراجه ، ورجاء الصلاح ببزغه ، فيحق عليه حينئذ إخراجه والعمل بما ندبه إلى
العمل به نبيه صلى الله عليه وسلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « احتجموا لخمس
عشرة ، أو سبع عشرة ، أو تسع عشرة » فإن ذلك اختيار منه عليه السلام للوتر من أيام
الشهر على الشفع منها ، لفضل الوتر على الشفع منها وأما ندبه أمته إلى الاحتجام في
حال انتقاص الهلال من تناهي تمامه ، دون حين استهلاله وبدء نمائه ، فلأن ثوران كل
ثائر وتحرك كل علة مكروهة ، فإنما يكون فيما يقال من حين استهلال الهلال إلى حين
تناهي تمامه وانتهاء نمائه ، فإذا تناهى نماؤه ، وتم تمامه ، استقر حينئذ كل ذلك
وسكن ، فكره صلى الله عليه وسلم لهم الاحتجام في الوقت المخوفة غائلته ، وندبهم
إلى ذلك في الحال التي الأغلب منه السلامة ، إلا أن يتبيغ الدم ببعضهم في الوقت
المكروه لهم الحجامة ، إذا كان الأغلب من تركها السلامة ، فيتقدم على الحجامة
حينئذ ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا تبيغ بأحدكم الدم فليحتجم » وبنحو
ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اختياره لأمته الحجامة في الوتر من
الشهر ، وفي الوقت الذي اختار ذلك لهم ، روي عن جماعة من السلف اختيارهم ذلك
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك عنهم
2856
- حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن
أنس ، قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم « يحتجمون (1) لوتر من الشهر »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2857
- حدثنا محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا هارون بن إسماعيل ، قال : حدثنا علي بن
المبارك ، قال : حدثنا أنس بن سيرين ، قال : حدثني رفيع أبو العالية ، قال : «
كانوا يستحبون الحجامة (1) لوتر من الشهر »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2858
- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، قال : أخبرنا سليم يعني ابن أخضر ، قال : أخبرنا ابن
عون ، قال : « كان يوصي بعض أصحابه أن يحتجم (1) لسبع عشرة وتسع عشرة » قال أحمد :
قال سليم : وأخبرنا هشام ، عن محمد أنه زاد فيه : وإحدى وعشرين
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2859
- حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : أخبرنا ابن عون ، قال : كان محمد «
يحب أن يحتجم (1) الرجل لسبع عشرة » قال أبو جعفر : وفي حديث أبي كبشة الأنماري ،
وفي حديث سلمى زوجة أبي رافع ، زيادة معنى ليست في سائر الأخبار التي ذكرناها قبل
، وهو إخبار أبي كبشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يحتجم على هامته وبين
كتفيه ، وإخبار سلمى عنه أنه كان يأمر من شكا إليه وجعا في رأسه بالحجامة وسط رأسه
. ذكر البيان عن معنى ذلك - إن قال لنا قائل : ما وجه ما رويت لنا من ذلك عن أبي
كبشة وسلمى ، من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم على رأسه وبين كتفيه ، وقد
علمت أن الصحيح من الآثار أنه كان يحتجم على الكاهل والأخدعين ، كالذي :
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2860
- حدثني ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثني أبي ،
عن قتادة ، عن أنس ، قال : « احتجم (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكاهل
والأخدعين »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2861
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن جابر ، عن
الشعبي ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « كان إذا احتجم (1) احتجم
في الأخدعين »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2862
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن
ابن عباس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم « يحتجم (1) في الأخدعين (2)
وبين الكتفين »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الأخدعان : عِرقان في جانب العنق
2863
- حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عامر ، عن ابن
عباس ، قال : « احتجم (1) رسول الله في الأخدعين (2) وبين الكتفين »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الأخدعان : عِرقان في جانب العنق
2864
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عامر ، عن ابن
عباس ، قال : « احتجم (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخدعين (2) والكتفين
»
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الأخدعان : عِرقان في جانب العنق
2865
- حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا أبو مسعود أيوب بن سويد ، عن سفيان ، عن
جابر ، عن الشعبي ، عن ابن عباس ، قال : « احتجم (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الأخدعين (2) وبين الكتفين » قيل : إن صحة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
غير مبطلة صحة الخبر عنه أنه احتجم على رأسه وكاهله . وذلك أن حجم المحتجم ما يحجم
من جسده ، لما ذكرت قبل من طلب النفع لنفسه ودفع الضر عنها . فإذ ذلك كذلك ، فالحق
على كل محتجم أن يحجم من جسده أحرى أماكنه بسوق النفع بحجمه إياه إليه ، ودفع الضر
عنه ، فاحتجامه عليه السلام في أخدعيه وبين كتفيه في بعض أحايينه ، غير موجب علينا
إحالة احتجامه على هامته ونقرته ، وغير ذلك من سائر أماكن جسده في حال أخرى ، إذا
كانت أماكن الحاجة إلى ذلك من أجساد بني آدم مختلفة ، لاختلاف عللهم فيها . وقد
ذكر عن المقدمين في العلم بعلاج أدواء الأجسام ، أن حجامة الأخدعين ، نفعهما
للعارض من الأدواء في الصدر والرئة والكبد ، لأنها تجذب الدم منها وأن الحجامة على
النقرة ، للعارض من الأدواء في العينين والعنق والرأس والظهر وأن الحجامة على
الكاهل نفعها من الأدواء العارضة في الجسد كله وأن الحجامة على الهامة فوق القحف ،
نفعها من السدر وقروح الفخذ واحتباس الطمث . فإذا كانت منافع الحجامة ، لاختلاف أماكنها
من أجساد بني آدم ، مختلفة ، على ما وصفت ، فمعلوم أن اختلاف حجم النبي صلى الله
عليه وسلم من جسده ما حجم ، كان على قدر اختلاف أسباب الحاجة إليه ، فحجم مرة أو
مرارا الأخدعين والكاهل ، ومرة أعلى هامته وبين كتفيه ، ومرة الأخدعين دون غيرهما
. وليس حجمه بعض ذلك دون بعض ، في الحال التي حجمه فيه بدافع صحة الخبر عنه حجمه
مرة أخرى موضعا غيره من جسده ، إذ كان فعله ما كان يفعل من ذلك التماس نفعه ، ونفي
الأذى عن نفسه . وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أن حجمه هامته كان لوجع أصابه في
رأسه من أكله ما أكل بخيبر من الطعام المسموم ، وأنه كان يصف حجم ذلك لعامة علل
الرأس وما اتصل به من الأعضاء
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الأخدعان : عِرقان في جانب العنق
ذكر الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
2866
- حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، قال : حدثنا آدم بن أبي إياس ، قال : حدثنا شيبان
، عن جابر ، عن محمد بن علي ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : « احتجم (1) رسول الله
صلى الله عليه وسلم على قرنه (2) بعد ما سم » حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معاوية
بن هشام ، عن شيبان ، عن جابر ، عن محمد بن علي ، عن عبد الله بن جعفر ، قال :
احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) القرن : جانب الرأس
2867
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، عن عباد بن عباد ، عن جعفر
بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أنه
احتجم (1) من ألم وجده برأسه وهو محرم ، وضعه على الذؤابة بين القرنين »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2868
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن خالد بن عثمة ، قال : حدثني سليمان بن
بلال ، قال : حدثني علقمة بن أبي علقمة ، أنه سمع عبد الرحمن الأعرج ، يحدث ، أنه
سمع عبد الله بن بحينة ، يقول : « احتجم (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحي
جمل من طريق مكة وهو محرم ، وسط رأسه »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2869 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسن ، يقول : جاءت امرأة من اليهود يقال لها : أم الربيع بشاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأكل القوم وأكل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أمسكوا ، فإنها مسمومة » ، قال : فدعاها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : « ما حملك على ما فعلت ؟ » ، فقالت : أحببت إن كنت نبيا علمت ، وإن كنت كاذبا أرحت الناس منك قال : فضحك نبي الله صلى الله عليه وسلم وتركها ، قال : فاحتجم القوم في رءوسهم
2870
- حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري أبو جعفر ، قال حدثنا عمر بن رياح ، عن ابن
طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الحجامة
(1) في الرأس شفاء من سبع : من الجنون ، والجذام ، والبرص ، والصداع ، والنعاس ،
وظلمة العينين ، ووجع الضرس أو : الأضراس »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2871
- حدثني عبيد الله بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا عبد الله بن ميمون ، قال :
حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : « احتجم (1) رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثلاثا ، النقرة ، والكاهل (2) ووسط الرأس ، وسمى واحدة النافعة ،
والأخرى المغيثة ، والأخرى منقذة »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) الكاهل : مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق وهو الثلث الأعلى فيه ست فقرات
2872
- حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا عون بن عمارة ، عن الحارث بن عبيد
الأنماري ، عن أبي المغيرة بن صالح ، عن مولى لأم سلمة ، عن أم سلمة ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : « الحجامة (1) في الرأس من الصداع ، والدوار ، ووجع
الضرس ، قال : وعد أشياء كثيرة »
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2873
- حدثني سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي ، قال : قال ابن إسحاق ، أخبرني
الزهري ، أن رجلا ، من الموالي أخبره ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : «
احتجم (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكله من الشاة -
يعني الشاة التي سمتها اليهودية - حجمه (2) أبو هند ، مولى بني بياضة ، حي من
الأنصار ، بالقرن والشفرة (3) » قال الزهري : وأخبرنيه أيضا ابن المسيب ، ومحمد بن
كعب القرظي
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) حجم : داوى غيره بالحجامة وهي نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج
الدم الفاسد منه
(3) الشفرة : السكين العريضة
2874
- حدثني أبو السائب ، سلم بن جنادة قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت حصينا ، عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : لما طب رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه (1) رجل
من الأنصار ، قال : « والطب » : الوجع وفي خبر معقل بن يسار ، عن النبي صلى الله
عليه وسلم الذي روي عن معاوية بن قرة عنه ، زيادة معنى ليست في سائر الأخبار التي
ذكرناها قبل ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : « واحتجموا يوم الثلاثاء لسبع عشرة
من الشهر ، فإنه دواء لداء السنة » القول في البيان عن ذلك إن قال لنا قائل : ما
أنت قائل في هذا الخبر ، أصحيح هو أم سقيم ؟ فإن قلت : هو صحيح ، فما وجه صحته ،
ورواية سلام المدائني ، وقد علمت حال سلام المدائني فيما روى ونقل من أثر في الدين
عند أهل النقل وإن قلت : هو سقيم ، فما وجه إحضارك ذكره في كتابك هذا مع سقمه ،
وقد شرطت في كتابك أنك لا تذكر فيه من الأخبار إلا ما صح عندك سنده قيل : أما سند
هذا الخبر ، أعنى خبر معقل بن يسار ، فإنه عندنا واه لا تثبت بمثله في الدين حجة
وأما إحضارنا ذكره في كتابنا هذا ، فلشرطنا في كتابنا هذا أنا إذا ذكرنا خبرا من
أخبار رجل من أصحاب رسول الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ابنا عن حاله ،
أهو مما انفرد به ، أم هو مما وافقه عليه غيره ، ولم نشترط في سند الموافق أو
المخالف ما شرطناه في خبر الذي نذكر خبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
أصحابه ، من أن لا نحضر كتابنا هذا منه إلا ما صح عندنا فإن قال لنا : فهل لما ذكر
في هذا الخبر أعنى خبر معقل بن يسار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : «
واحتجموا يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر فإنه دواء لداء السنة » وجه في الصحة ،
وإن كان إسناد هذا الخبر في نفسه عندك غير مرتضى ؟ قيل : أما عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلا نعلمه يصح ، ولكنه قد روي عن بعض السلف ، وذلك ما
__________
(1) حجم : داوى غيره بالحجامة وهي نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج
الدم الفاسد منه
2875
- حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يحيى بن
أيوب ، عن حكيم بن فروخ ، عن عبد الكريم ، قال : كان يقال : « إذا وافق يوم
الثلاثاء سبع عشرة ، كان دواء السنة يريد الحجامة (1) » فإن قال : فهل في الحجامة
يوم الثلاثاء رواية تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بها ، أو النهي عنها ؟
قيل : لا نعلم ذلك ، ولكن قد روي عنه في الأمر بذلك وبالنهي عنه ، أخبار في جميعها
نظر فمما روي عنه بالأمر بذلك فيه ، ما قد مضى ذكرى بعضه ، وسأذكر ما لم يمض ذكريه
منه
__________
(1) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
ذكر ما حضرنا ذكره من ذلك ، مما فيه الندب إلى الحجامة يوم الثلاثاء
2876
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا أبو صالح ، كاتب الليث ، قال : حدثنا
العطاف بن خالد ، عن نافع ، أن ابن عمر ، قال له : يا نافع ، إني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : « من كان محتجما (1) فليحتجم على اسم الله يوم الخميس ،
واجتنبوا الحجامة (2) يوم الجمعة ، ويوم السبت ويوم الأحد ، واحتجموا (3) يوم
الاثنين ويوم الثلاثاء ، فإنه اليوم الذي صرف عن أيوب فيه البلاء ، واجتنبوا
الحجامة يوم الأربعاء ، فإنه اليوم الذي ضرب فيه أيوب بالبلاء ، ولا يبدو جذام ولا
برص إلا في يوم الأربعاء ، أو في ليلة الأربعاء ، قال : وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : » إن في يوم الجمعة ساعة لا يحتجم فيه محتجم إلا عرض له داء لا شفاء
منه «
__________
(1) المحتجم : من يتداوى بالحجامة وهي علاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم
الفاسد
(2) الحجامة : نوع من العلاج بتشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(3) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
2877
- ويوهي هذا الخبر ويضعفه ما حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي ، قال : حدثنا عبد
الله بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن أيوب ، عن نافع ، قال : قال لي ابن عمر : يا
نافع ، ائتني بحجام (1) ، ولا تأتني بشيخ كبير ولا غلام صغير ، وقال : احتجموا يوم
الخميس ويوم الاثنين على بركة ، ولا تحتجموا (2) يوم السبت والأحد والثلاثاء فلم
يرفعه أيوب عن نافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبر عنه عن ابن عمر أنه كان
ينهى عن الحجامة يوم الثلاثاء ، وذلك خلاف ما روي عن عطاف بن خالد ، عن نافع ، عن
ابن عمر
__________
(1) الحجام : من يعالج بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد
من البدن
(2) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
ذكر ما حضرنا ذكره مما فيه النهي عن الحجامة فيه ، مما لم يمض ذكره قبل
2878
- حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن بكار ، عن أبيه ، أن أبا
بكرة ، كان « ينهى أهله أن يحتجموا (1) يوم الثلاثاء ، ويقول : فيه ساعة لا يرقأ
(2) فيها الدم »
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) رقأ : سكن وجف وانقطع بعد جريانه
2879
- حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا عمرو ، عن زهير ، عن هشام بن إسماعيل
« أنه بلغه أن في يوم الثلاثاء ساعة لا يحتجم (1) فيها أحد يوافق تلك الساعة إلا
مات » قال زهير : قد مات عندنا ثلاثة ممن احتجم يوم الثلاثاء ، ثم قال زهير : من
أول من سماه يوم الدم ؟ إنما مروان أول من سماه يوم الدم وقال ابن البرقي ، قال
أبو حفص : فحدثت أبا معيد حديث زهير في الثلاثاء ، فقال : بلغنا أن تلك الساعة في
يوم الجمعة ذكر البيان عما في هذه الأخبار من الغريب : فمن ذلك قول ابن عباس عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليلة عرج به : « ما مررت بملأ من الملأ
الأعلى إلا أمروني بالحجامة » ، يعني بقوله : « ليلة عرج به » صعد به ، يقال منه :
عرج فلان إلى كذا ، إذا صعد إليه ، وعلا عليه ، وهو يعرج إليه ، عرجا وعروجا ،
ومنه قول الله تبارك وتعالى : تعرج الملائكة والروح إليه (2) . ولقولهم : « عرج »
وجه ومعنى غير ما ذكرنا ، وهو أن يمشي الرجل مشية العرجان ، يقال : إذا فعل ذلك :
« عرج فلان » ، بفتح العين والراء ، فهو يعرج عرجانا « ، فأما إذا صار العرج منه
خلقة ، قيل : » عرج ، بفتح العين وكسر الراء ، فهو يعرج عرجا « . وإن شددت الراء
منه كان معنى غير ذلك ، فيقال : عرج فلان على القوم فهو يعرج عليهم تعريجا ، إذا
مال واحتبس عليهم فإن فعل ذلك فاعل بغيره قيل : » عرج فلان فلانا علينا فهو يعرجه
علينا تعريجا « ، وذلك إذا حبسه عليهم وميله إليهم
__________
(1) احتجم : تداوى بالحجامة وهي تشريط موضع الألم وتسخينه لإخراج الدم الفاسد منه
(2) سورة : المعارج آية رقم : 4
ذكر خبر آخر من أخبار عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مما لم يمض ذكره
2880
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبو عتاب الدلال قال : حدثنا عباد بن
منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم « كان يوتر على
راحلته (1) » القول في علل هذا الخبر والقول في علل هذا الخبر نظير القول في علل
الخبر الذي قبله . القول فيما في هذا الخبر من الفقه : والذي فيه من ذلك ، الإبانة
عن صحة قول من أجاز الوتر راكبا لغير علة ، وفساد قول من أنكره وفي صحة ذلك عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الدليل الواضح على صحة قول من قال : إن الوتر تطوع
، وأنكر أن يكون فرضا وفساد قول من قال إنه فرض ، لأنه لا خلاف بين الجميع من سلف
علماء الأمة وخلفهم أنه غير جائز لأحد أن يصلي مكتوبة راكبا في غير حال العذر ،
فلو كان الوتر فرضا واجبا ، ما صلاه النبي صلى الله عليه وسلم راكبا لغير عذر
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2881
- فإن قال قائل : فما أنت قائل فيما حدثكم به ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم بن
بشير ، قال : حدثنا عمر بن ذر ، عن مجاهد ، قال : كنت أصحب ابن عمر ، فكان « لا
يزيد في السفر على ركعتي المكتوبة (1) ، ويحيي الليل صلاة على ظهر بعيره أينما كان
وجهه ، وينزل قبل الفجر فيوتر بالأرض »
__________
(1) المكتوبة : المفروضة
2882
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الصباح ، عن الفضيل بن غزوان ، عن نافع ، قال :
كان ابن عمر « يصلى أينما توجهت به راحلته (1) عليها ، وكان إذا أراد أن يوتر نزل
فأوتر على الأرض »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2883
- حدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن نافع ، عن
ابن عمر ، « أنه كان يصلى على راحلته (1) أينما توجهت به ، فإذا كان الوتر نزل
فأوتر »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2884
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن سعيد أن ابن
عمر ، كان « يصلى على راحلته (1) تطوعا حيث توجهت به ، فإذا أراد أن يوتر نزل »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2885
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : « كانوا
يصلون على إبلهم حيث كانت وجوههم ، إلا المكتوبة (1) والوتر »
__________
(1) المكتوبة : المفروضة
2886
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني منصور ،
عن إبراهيم ، قال : « كانوا يصلون على ظهور رواحلهم (1) أينما توجهت ، إلا الفريضة
والوتر » وقال هذا ابن عمر وإبراهيم ينكران أن يصلى الوتر على ظهور الرواحل مع من
قال في ذلك مثل قولهما من أهل العراق ، اعتلالا منهم بقول النبي صلى الله عليه
وسلم : « إن الله زادكم صلاة ، وهي الوتر ، فأوتروا » ، وأن ذلك فرض كسائر الصلوات
المكتوبات وأن المكتوبة من الصلاة ، لما كان غير جائز أداؤها على ظهور الرواحل في
غير حال العذر ، وكان الوتر صلاة مكتوبة عندهم كان مثلها في أنه غير جائز أداؤه
على الظهر في غير حال العذر . قيل له : أما اعتلال من اعتل بأن الوتر فرض ، وأن
سبيله سبيل سائر الصلوات المكتوبات ، في أنه غير جائز أداؤه على ظهر ، فقد أتينا
على البيان عن فساده في كتابنا هذا وغيره ، بما أغنى عن إعادته أو الزيادة فيه لمن
وفق لفهمه وأما ما روي في ذلك عن ابن عمر : أنه كان يصلي التطوع على راحلته بالليل
، فإذا أراد أن يوتر نزل فأوتر على الأرض ، فإنه لا حجة فيه لمحتج بأن ابن عمر كان
يفعل ذلك من أجل أنه كان لا يرى جائزا للمرء أن يوتر راكبا ، وأنه كان يرى أن
الوتر فرض كسائر الصلوات المكتوبات وذلك أنه جائز أن يكون نزوله للوتر إلى الأرض ،
كان اختيارا منه ذلك لنفسه ، وطلبا للفضل لا على أن ذلك كان عنده الواجب عليه الذي
لا يجوز غيره ، هذا لو لم يكن ورد عن ابن عمر بخلاف ذلك خبر ، فكيف والأخبار عنه
بخلاف ذلك من الفعل متظاهرة ؟ فإن قال : فاذكر لنا الأخبار الواردة عن ابن عمر
بخلاف ذلك
__________
(1) الرواحل : جمع راحلة وهي ما صلح للأسفار والأحمال من الإبل
2887
- قيل حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، قال :
أخبرني نافع ، أن ابن عمر ، « كان يوتر على راحلته (1) » حدثنا ابن المثنى ، قال :
حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، بنحوه
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2888
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا أيوب ، وحدثنا ابن
بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن نافع ، أن ابن عمر ، « كان
ربما أوتر على راحلته (1) ، وربما نزل »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2889 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم ، عن ابن عمر ، « أنه كان يوتر وهو راكب حيث كان وجهه »
2890 - حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : أخبرني ابن دينار ، قال : رأيت ابن عمر « يصلي على البعير حيث توجه ، ويوتر عليه » فإن قال : فهل تذكر عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ابن عمر أنه كان يفعل ذلك ؟ وما وجه فعل ابن عمر ذلك ، على ما روي عنه من اختلاف ؟ قيل : أما وجه فعل ابن عمر ذلك على ما روي عنه من اختلافه فيه ، فإن الوتر لما كان عند ابن عمر من الصلاة المتطوع بها ، وكان المتطوع بها مخيرا في عملها عنده إن شاء راكبا ، وإن شاء بالأرض كان يصلي ذلك أحيانا راكبا ، وأحيانا بالأرض ، إذ كان تطوعا وكان مع ذلك ، فيما ذكر عنه ، كان يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رآه يوتر على الراحلة وأما الخبر عن غير ابن عمر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك :
2891
- فحدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ،
قال : حدثنا ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، قال : رأيت عليا أو قال : كان علي «
يوتر على راحلته (1) » فإن قال : فهل من السلف أحد وافق هؤلاء في الوتر راكبا
فتذكره لنا ؟ قيل : نعم
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2892 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، عن عمر بن نافع ، عن أبيه « أنه كان يوتر على الراحلة »
2893 - حدثني علي بن سهل ، قال : حدثنا زيد ، قال : قال سفيان : « أعجب إلى أن يوتر على الأرض ، وأي ذلك فعل أجزأه » والصواب من القول في الوتر راكبا ، قول من أجازه ، لمعان : أحدها : صحة الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك ، وهو الإمام المقتدي به ، وذلك ما :
2894 - حدثني سليمان بن ثابت الخزاز الواسطي ، قال : حدثنا معن بن عيسى المدني ، قال : حدثنا مالك ، عن أبي بكر بن عمر ، عن سعيد بن يسار ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « أوتر على البعير »
2895
- حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا حجاج بن رشدين ، قال
: أخبرنا حيوة ، عن ابن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم « يصلي على الراحلة (1) صلاة نافلة (2) ، ويوتر أينما توجه شرقا وغربا »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(2) النافلة : ما كان زيادة على الأصل الواجب
2896
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن
شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم « يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه ، ويوتر عليها ، غير أنه لا يصلي عليها
المكتوبة (1) »
__________
(1) المكتوبة : المفروضة
2897 - حدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا حيوة ، قال : حدثنا ابن الهاد ، قال : حدثنا نافع مولى عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم « يصلي في السفر على بعيره ، ويوتر بالليل وهو راكب »
2898
- حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثني أسامة ، عن نافع ،
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « كان يوتر على راحلته (1) »
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
2899
- حدثنا عمرو بن عبد الحميد ، قال : حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز ، عن ابن جريج
، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
« يصلي على راحلته (1) ، يومئ (2) إيماء ، وكان يوتر عليها » والثاني : الأدلة
التي ذكرناها قبل في حديث علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الدالة على أن
الوتر سنة وليس بفرض ، مع الأخبار التي رويناها بذلك عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، وفي صحته أنه سنة غير فرض واجب ، صحة القول بإجازة أدائه راكبا وذلك أنه لا
خلاف بين الجميع في جواز الصلاة المتطوع بها راكبا ، وفي جواز عملها راكبا ، صحة
القول بجواز الوتر راكبا ، إذ كان تطوعا كسائر الصلاة التطوع . والثالث : أن القول
بإجازة عمله راكبا ، من النقل المستفيض الذي يستغنى بوروده عن رواية الآحاد فيه ،
وعن طلب صحته من جهة القياس القول في البيان عما في هذا الخبر من الغريب : فمن ذلك
قول ابن عمر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة ، يعني بقوله
يسبح يصلي التطوع ، ويقال للصلاة التطوع السبحة ، يقال : سبح فلان سبحة الضحى
يسبحها تسبيحا إذا صلى صلاة الضحى . وللتسبيح وجه آخر ، فمن ذلك قولهم : « سبحان
الله » ، يعنى به تنزيه الله مما ينسب إليه المشركون من اتخاذ الصاحبة والولد ،
وتبرئة له مما أضافوه إليه مما تعالى عنه وتنزه . ومنه : الاستثناء ، كما قال تبارك
وتعالى ، مخبرا عن قول بعض أصحاب الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون
(3) ، إذ قال : ألم أقل لكم لولا تسبحون (4) يعني بذلك : لولا تستثنون في قسمكم
وقولكم ليصرمنها مصبحين . ومنه : الفراغ من الأمر يكون فيه الرجل لحاجات نفسه ،
يقال فيه بالتشديد والتخفيف ، والتخفيف أغلب عليه ، ومنه قول الله تعالى ذكره إن
لك في النهار سبحا طويلا (5) ، يعني بالسبح الفراغ والاتساع للتصرف في أمور نفسه
__________
(1) الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(2) الإيماء : الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه
(3) سورة : القلم آية رقم : 17
(4) سورة : القلم آية رقم : 28
(5) سورة : المزمل آية رقم : 7
ذكر خبر آخر من أخبار عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2900 - حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثني عون بن عمارة ، عن عباد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « اقتلوا مواقع البهيمة والبهيمة ، والفاعل والمفعول به في اللوطية ، واقتلوا كل مواقع ذات محرم » القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ؛ للعلل التي ذكرناها قبل من قولهم في نقل عباد بن منصور وأخرى : وهي أن هذا خبر قد حدث عن عباد بن منصور به غير عون بن عمارة ، فقال : عنه عن الحكم ، عن ابن عباس وجعله من كلام ابن عباس ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وثانية : وهي أن المعروف عن ابن عباس من القول أنه لا يرى على من أتى بهيمة حدا ، ولو كان عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روي عن عباد ، عن عكرمة عنه ، لم يكن يعدوه إلى خلافه إن شاء الله
ذكر من روى هذا الخبر عن عباد فجعله عنه عن الحكم عن ابن عباس مرسلا غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
2901 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال حدثنا يزيد يعني ابن هارون ، قال : أخبرنا عباد بن منصور ، عن الحكم ، عن ابن عباس ، قال : « من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة معه ، واقتلوا الفاعل والمفعول به في اللوطية ، واقتلوا كل من أتى ذات محرم »
ذكر الخبر عن ابن عباس أنه كان لا يرى على آتى البهيمة حدا
2902 - حدثنا أبو كريب ، والفضل بن إسحاق قالا : حدثنا أبو بكر يعنيان ابن عياش ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس قال : « من أتى بهيمة فلا حد عليه »
2903 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان عن عاصم بن بهدلة عن أبي رزين عن ابن عباس قال : « ليس على من أتى بهيمة حد »
2904 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، في الذي يأتي البهيمة ، قال : « ليس عليه حد » وقد وافق عبادا في رواية هذا الخبر عن عكرمة غيره من أصحابه
ذكر من وافقه في ذلك
2905 - حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من وجدتموه يأتي بهيمة ، فاقتلوه واقتلوا البهيمة معه ، ومن وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به »
2906 - حدثني إسماعيل بن مسعود الجحدري ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، عن داود بن حصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من وقع على ذات محرم فاقتلوه ، ومن وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة » حدثني موسى بن سهل الرملي ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه إلا أنه ، قال : « واقتلوا البهيمة معه »
2907 - حدثنا أبو كريب ، ومحمد بن المثنى ، وجعفر بن محمد ، قالوا : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري ، عن داود بن حصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اقتلوا الفاعل والمفعول في اللوطية ، ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه »
2908
- حدثني عبد الله بن محمد بن عيسى الفروي أبو علقمة ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد
الفروي ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من وقع على الرجل فاقتلوه » - يعني
عمل قوم لوط القول في البيان عما في هذا الخبر من الفقه : والذي فيه من ذلك ،
الإبانة عن صحة قول القائلين بأن من أتى فرجا محرما عليه إتيانه ، عالما بتحريم
الله إياه عليه ، أن عليه من الحد مثل الذي أوجبه الله عليه ، إذا أتى ذلك من ابن
آدم في حال حرام عليه إتيانه فيها منه فإن قال قائل ، فإن الله تعالى ذكره إنما
أوجب على من أتى ذلك من ابن آدم ، وإذا أتاه وهو بالصفة التي ذكرت ، جلد مائة ،
إذا كان بكرا حرا بقوله : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (1)
والرجم إذا كان ثيبا محصنا ، بحكم الله ذلك على لسان رسوله ، دون قتله قيل : إن
الرجم قتل ، وفي رجمه صلى الله عليه وسلم الحر المحصن إذا زنى ، إبانة عن معنى
قوله : « من أتى بهيمة فاقتلوه » ، وعن المراد منه ، وأن معناه في ذلك : اقتلوه
القتل الذي قتلته من فعل نظير فعله ، من الزناة الذين أتوا الفروج المحرم عليهم
إتيانها من بنى آدم . فإن قال : فإن الذي قلت من ذلك غير موجود في الخبر . قيل :
ولا الذي تقوله من أنه يقتل بالسيف موجود في الخبر ، ولكنه موجود معناه في فعله
بالزاني المحصن من الأحرار وكان معلوما بذلك من فعله : أن حكم كل من أتى فرجا
محرما عليه إتيانه ، ممن هو غير مالك ولا هو له زوج ، وهو بالصفة التي وصفنا ، إذا
كان الذي أتى ذلك وهو بالصفة التي وصفنا : أن حكمه فيما يلزمه من العقوبة ، حكم
الذي حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم الذي وصفنا ، إذا كان الذي أتى
ذلك بالصفة التي ذكرنا ، إذ كان الذي أتى ذلك من البهيمة ، راكبا من معصية ربه
نظير الذي ركبه الذي أتى ذلك من ابن آدم حراما ، وهو بالصفة التي وصفت ، فإن قال :
وهل للسلف من أهل العلم في ذلك قول فتذكره لنا ؟ قيل : نعم ، وهم فيه مختلفون فمن
قائل قال فيه مثل قولنا ، ومن قائل : عليه التعزير ولا حد ، ومن قائل : يحرق
بالنار ، ومن قائل : يقام عليه أدنى الحدين ، ومن قائل : يرجم ، أحصن أو لم يحصن ،
ومن قائل : لا حد عليه ، ومن قائل : عقوبته إلى السلطان
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 2
ذكر من قال في ذلك قولنا
2909
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، عن
الحسن ، في الرجل يغشى (1) البهيمة ، قال : « عليه الحد » حدثنا ابن بشار ، قال :
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : عليه
حد الزاني
__________
(1) يغشاها : يطؤها ، ويجامعها
2910
- حدثنا ابن بشار ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن الحسن ، في
الذي يخالط البهيمة ، قال : « إن كان أحصن (1) ، جلد ورجم ، وإن لم يكن أحصن ، جلد
ونفي »
__________
(1) الإحْصان : المَنْع، والمرأة تكون مُحْصَنة بالإسلام، وبالعَفاف،
والحُرِّيَّة، وبالتَّزْويج وكذلك الرجُل
2911 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت جابرا ، يحدث عن الشعبي ، أنه قال : « في الذي يأتي البهيمة ، ويعمل عمل قوم لوط : عليه الحد » وعلة قائلي هذه المقالة ، العلة التي ذكرناها قبل
ذكر من قال : عليه التعزير ، ولم يوجب عليه حدا
2912 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن الحجاج ، عن عطاء ، قال : « يعزر الذي يأتي البهيمة »
2913 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن الحكم ، في الذي يأتي البهيمة ، قال : « لا أرى أن يبلغ به الحد ، ويجلد »
2914
- حدثني العباس بن الوليد العذري ، قال : أخبرني أبي ، قال : سئل سعيد عن الذي
يأتي البهيمة وهو محصن (1) ، قال : « لا يرجم ، ولكن يضرب مائة وتعقر البهيمة من
ماله ، ولا يؤكل لحمها أبدا »
__________
(1) المحصن : المتزوج
ذكر من قال : يرجم ، أحصن أو لم يحصن
2915 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، قال : قال مسروق في الرجل يأتي البهيمة ، قال : « يرجم ، وترجم ، وترجم الحجارة التي رجم بها ، ويعفى الأثر » وعلة القائلين : عليه التعزير دون الحد ، أن الله تعالى إنما أوجب حد الزاني على من زنى بآدمية ، ولا تعرف العرب في كلامها الزاني إلا ذلك ، فأما إتيان البهائم فإنه لا يسمى عندهم زنا ، وإن كان فاعله قد فعل ما حرم الله عليه ، ولكن عليه عقوبة ركوبه معصية من معاصي الله عظيمة وعلة قائل المقالة الأخرى في قولهم : « على فاعل ذلك الرجم بكل حال » ، أن الله عز ذكره رجم قوم لوط بالحجارة ، بإتيانهم ما أتوا من الفاحشة ، وإن كان ذلك منهم كان غير الزنا المعروف في كلام العرب فحكم كل من أتى فرجا غير الفرج الذي من أتاه استحق به اسم الزاني في كلام العرب ، حكم من رجمه الله بالحجارة من قوم لوط ، في أنه مرجوم كذلك والذي يأتي البهيمة ، قد أتى فرجا غير الفرج الذي يسمى في كلام العرب من أتاه زانيا ، فحكمه حكم قوم لوط فيما يستحق من العقوبة
ذكر من قال : يحرق بالنار ، أو فعله
2916 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، قال : أخذ عبد العزيز بن مروان « رجلا فعل ذلك - يعني خالط البهيمة - فحرقه » قال قتادة : وقول الحسن أعجب إلي وهذا فعل لا أعلم له في الصحة وجها يوجه إليه ، إلا أن يقول قائل : للسلطان أن يعاقب بما يرى من العقوبة من فعل ذلك ، ليردع به رعيته عن ركوب مثله من الفواحش وذلك قول ، إن قاله ، خارج من أقوال أهل العلم ، ولما ورد به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه أن يعذب أحد أحدا بعذاب الله تعالى ذكره إلا أن يقول : يقتل ثم يحرق ، أو يرجم ثم يحرق ، فيكون ذلك وجها محتملا ، فعل كثير ممن تقدم من أئمة الدين فقد ذكر عن الصديق رحمة الله عليه وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، أنهما أحرقا بعد القتل قوما ارتدوا عن الإسلام
ذكر من قال : عقوبته إلى السلطان
2917 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا منصور بن زاذان ، عن الحسن ، أنه كان يقول : في الذي يأتي البهيمة عقوبته إلى السلطان ولم يذكر أن عليه حدا وعلة قائل هذه المقالة ، نظير علة القائلين : عليه العقوبة دون الحد ، وقد ذكرنا ذلك قبل
ذكر من قال : يجلد أدنى الحدين
2918 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، قال : حدثني ابن أبي ذئب ، قال : قال ابن شهاب « إن الذي يقع على البهيمة يجلد أدنى الحدين » وهذا القول أيضا شبيه بمعنى قول من أوجب عليه عقوبة دون الحد وعلة قائله ، نظيرة علة قائلي ذلك
ذكر قول من قال : لا حد عليه قد ذكرت بعض قائلي ذلك قبل ، وأذكر من لم يمض ذكره منهم
2919
- حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن أبي معاذ ، عن
محمد بن خلف ، أنه سأل الحسن عمن أتى بهيمة ، فقال : « إن الله ذكر الزنا ولم يذكر
البهائم ، وما كان ربك نسيا (1) » وعلة قائلي هذه المقالة : أن حد الزاني ، إنما
يجب على من زنى ، والزنا ، هو ما وصفت قبل ، من إتيان الرجل امرأة حراما ، دون
إتيان البهائم وفي هذا الخبر أيضا أعني خبر عباد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، نظيرة
علة القائلين : « حد من أتى ذات محرم منه ، القتل بالسيف » ، وخالف بين حكمه وحكم
من فجر بغير ذوات محارمه فإن قال لنا قائل : بين لنا من قائل ذلك من أهل القدوة
لنعرفه
__________
(1) سورة : مريم آية رقم : 64
2920 - قيل حدثني قتادة بن سعيد بن قتادة السدوسي ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، قال : أتي الحجاج بن يوسف برجل زنى بأخته ، فسأل عنها مطرف بن عبد الله بن الشخير ، فقال : « يضرب بالسيف فأمر به الحجاج فضرب »
2921 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : حدثني أبي ، عن قتادة ، قال : رفع إلى الحجاج بن يوسف رجل زنى بأخته ، فسأل عنه عبد الله بن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، فقال : « يضرب ضربة بالسيف فأمر به فضربت عنقه »
2922 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن مطرف ، قال : سألني الحجاج بن يوسف : ما تقول في رجل زنى بأخته ؟ قلت : « ضربة بالسيف » ، أخذت ما أخذت ، وأبقت ما أبقت
2923 - حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا محمد بن سواء ، قال : سمعت خالدا الحذاء ، يحدث ، عن جابر بن زيد ، قال : « من أتى ذات محرم فعليه ضربة عنق »
2924 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن بكر ، قال : رفع إلى الحجاج بن يوسف رجل زنى بابنته ، فقال : ما أدري بأي عقوبة أعاقبه ؟ وهم أن يصلبه ، فقال عبد الله بن مطرف بن عبد الله ، وأبو بردة بن أبي موسى : « استر هذه الأمة ، أيها الأمير ، واستر الإسلام واقتله » ، فقال : صدقتما فأمر به فضربت عنقه فإن قال : فهل لقائلي هذه المقالة حجة يعتمدون عليها لقولهم هذا ، غير حديث عباد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، الذي ذكرت ؟ فقد علمت ما في هذا الحديث من المعاني التي للطاعنة فيه بسببها من المقال قيل : نعم فإن قال : فاذكر لنا بعض ذلك لنعرفه
2925
- قيل حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، قال :
أخبرنا أشعث ، قال : أخبرني عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال : مر بي عمي
الحارث بن عمرو ، ومعه لواء (1) قد عقده له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
فسألته ، قال : « بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب عنق رجل تزوج امرأة
أبيه »
__________
(1) اللواء : الراية أو العَلَم
2926 - حدثني محمد بن إبراهيم المعروف بابن صدران ، قال : حدثنا الفضل بن العلاء ، قال : حدثنا أشعث بن سوار ، عن عدي بن ثابت ، عن يزيد بن البراء عن البراء ، قال : حدثني عمي ، قال : « بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من بني تيم بلغه أنه تزوج امرأة أبيه ، فأمرني أن أقتله ، فقتلته ثم رجعت »
2927
- حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا يوسف بن المنازل ، قال : حدثنا حفص بن
غياث ، قال : أخبرنا أشعث ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال : مر بي
خالي أبو بردة معه لواء (1) ، قلت : إلى أين يا خال ؟ قال : « بعثني النبي صلى
الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه أجيء برأسه »
__________
(1) اللواء : الراية أو العَلَم
2928
- حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، قال : حدثنا مطرف ، عن أبي
الجهم ، عن البراء بن عازب ، قال : « إني لأطوف على إبل ضلت لي ، على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فأنا أجول (1) في أبيات ، فإذا أنا بركب وفوارس ، إذ
جاءوا فأطافوا بفنائي ، فاستخرجوا منه رجلا ، فما سألوه ولا كلموه حتى ضربوا عنقه
فلما ذهبوا سألت عنه ، قالوا : عرس بامرأة أبيه »
__________
(1) أجول : أمر وأطوف
2929 - حدثني عبد الله بن وضاح ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن خالد بن أبي كريمة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « بعثه إلى رجل عرس بامرأة أبيه ، فقتله وخمس ماله »
2930 - حدثني يحيى بن بشير القرقساني ، قال : حدثنا يوسف بن منازل ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن خالد بن أبي كريمة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أباه جد معاوية ، إلى رجل عرس بامرأة أبيه أن يضرب عنقه ويخمس ماله فقال القائلون ما ذكرت عنهم ، من إيجابهم قتل من أتى ذات محرم منه : قد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره بقتل الذي عرس بامرأة أبيه ، وذلك كان من فاعله إتيان ذات محرم منه . قالوا : فكل من أتى ذات محرم منه ، فحكمه فيما يجب عليه من العقوبة حكم الذي عرس بامرأة أبيه ، في أن حده القتل بالسيف فإن قال : فهل لهؤلاء مخالفون فيما ذكرت فتذكره لنا ؟ قيل : نعم
2931
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : حدثنا سفيان بن حبيب ، قال : حدثنا يونس ، عن
الحسن ، في رجل زنى بأخته ، قال : « حده حد الزاني » فإن قال : وما علة قائلي هذه
المقالة ؟ قيل : علتهم فيها أن الله تعالى ذكره أوجب في كتابه على الزناة الأبكار
الأحرار جلد مائة ، وعلى لسان رسوله تغريب عام وعلى المحصنين منهم بالأزواج الرجم
، ولم يخص بحكمه على من حكم بذلك عليه الزناة بالأجنبيين ، دون الزناة بذوات
المحارم . قالوا : فالزاني بذات محرمه زان لحكمه حكم الزاني بغير ذات المحرم منه ،
وأنكروا صحة الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أمر بضرب عنق المعرس بامرأة
أبيه . وقالوا : أما حديث البراء ، فإنه رواه أشعث النقاش ، عن عدي بن ثابت وأشعث
« » وعدي « ممن لا يحتج في الدين بنقلهما . وأما » أبو الجهم « ، الذي روى عنه »
مطرف « ، فإنه شيخ مجهول . قالوا : وحديث » معاوية بن قرة « أوهى وأضعف ، لأنه خبر
لا يعرف له مخرج إلا من حديث خالد بن أبي كريمة ، ومثل خالد بن أبي كريمة ، لا
يحتج به في الدين قالوا : ويزيد حديث خالد وهاء ، ما فيه من أن النبي صلى الله
عليه وسلم أمر أن يخمس مال من عرس بامرأة أبيه بعد قتله . قالوا : وذلك مما لا
خلاف بين جميع علماء الأمة أنه غير جائز أن يحكم به على من فعل ذلك ، ما دام على
الإسلام مقيما والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : أمر الله تعالى ذكره بجلد
الزاني الحر البكر مائة جلدة ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحر المحصن الثيب
من الزناة ولم يخصص الله تعالى ذكره بحكمه ذلك ، الزناة بالغرائب منهم دون ذوات
المحارم في كتابه ولا على لسان رسوله ، بل عم به جميع الزناة في كتابه فقال :
الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (1) ولا صح خبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم بخصوصه بالرجم بعضهم دون بعض ، فذلك عام في كل زانية وزان ، بغريبة
منه زنى الزاني أو بذات محرم منه ، فإن قال لنا قائل : فإنك قد قلت بتصحيح خبر
عباد بن منصور الذي ذكرته قبل ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من وقع
على ذات محرم فاقتلوه » . قيل : قد بينا معنى قوله عليه السلام « فاقتلوه » ، وما
يحتمل ذلك من الوجوه ، وأولى وجوهه بالصواب في قوله : « ومن وقع على بهيمة فاقتلوه
» ، وقد مضى بيان ذلك قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . فإن قال : فإنك وجهت
معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « ومن وقع على بهيمة فاقتلوه » ، إلى أنه قتل
بالرجم إذ كان حرا محصنا ، والأخبار التي ذكرتها آنفا عن البراء بن عازب وغيره ،
واردة عنهم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بضرب عنق الذي عرس بزوجة
أبيه ، وذلك غير الرجم . قيل : إن الذي أمر عليه السلام بضرب عنقه ، لم يكن أمرا
بضرب عنقه على إتيانه زوجة أبيه فقط دون معنى غيره ، وإنما كان لإتيانه إياها بعقد
نكاح كان بينه وبينها وذلك مبين في الأخبار التي ذكرتها قبل ، وذلك قول الرسول
الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الذي فعل ذلك للبراء إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أرسلني إلى رجل تزوج امرأة أبيه لأضرب عنقه ولم يقل : إنه
أرسلني إلى رجل زنى بامرأة أبيه لأضرب عنقه وكان الذي عرس بزوجة أبيه ، متخطيا
بفعله حرمتين ، وجامعا بين كبيرتين من معاصي الله إحداهما : عقد نكاح على من حرم
الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء (2)
والثانية : إتيانه فرجا محرما عليه إتيانه وأعظم من ذلك تقدمه على ذلك بمشهد من
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإعلانه عقد النكاح على من حرم الله عليه عقده
عليه بنص كتابه الذي لا شبهة في تحريمها عليه ، وهو حاضره . فكان فعله ذلك من أدل
الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتاه به عن الله تعالى ذكره
، وجحوده آية محكمة في تنزيله فكان بذلك من فعله كذلك ، عن الإسلام إن كان قد كان
للإسلام مظهرا مرتدا ، أو إن كان من الكفار الذين لهم عهد ، كان بذلك من فعله
وإظهاره ما ليس له إظهاره في أرض الإسلام للعهد ناقضا ، وكان بذلك من فعله ، حكمه
القتل وضرب العنق . فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وضرب عنقه إن
شاء الله ، لأن ذلك كان سنته في المرتد عن الإسلام ، والناقض عهده من أهل العهد
وفي خبر البراء الذي ذكرناه قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بضرب عنق الذي
تزوج امرأة أبيه الدليل الواضح والبيان البين ، عن خطأ قول من زعم أن رجلا من
المسلمين لو تزوج أخته أو عمته أو غيرها من محارمه التي نص الله على تحريمها في
كتابه ، وعقد عليها عقدة نكاح ، ثم وطئها وهو بتحريم الله ذلك عليه عالم أن
للمنكوحة من محارمه مهر متاعها وأنه لا حد عليه ، ولا عليها عقوبة ولا تعزير وأن
النكاح الذي عقد عليها شبهة توجب درأ الحد عنهما ، ويلزم الرجل لها به مهر إذا
وطئها وذلك أن فاعل ذلك على علم منه بتحريم الله ذلك على خلقه إن كان من أهل
الإسلام ، إن لم يكن مسلوكا به في العقوبة سبيل أهل الردة بإعلانه استحلال ما لا
لبس فيه على ناشيء نشأ في أرض الإسلام أنه حرام ، فغير مقصر به عن عقوبة الزناة
الذين جعل الله عقوبة البكر غير المحصن منهم الجلد ، والثيب المحصن منهم الرجم ،
لأنه بفعله ذلك آت فرجا حرم الله عليه إتيانه ، على علم منه بتحريم الله ذلك عليه
في حال إتيانه إياه ويسأل : قائلو هذه المقالة عن صفة « الزنا » ، فلن يصفوا : ذلك
بصفة إلا أوجدوها في الناكح ذات المحرم منه ، فإنها موجودة فيه . فإن قالوا : إن
شرطنا في الزنا أن لا يكون فيه عقد نكاح فاسد ولا صحيح . قيل لهم : فما أنتم
قائلون في فاسق دعا فاسقة إلى الفجور بها ، فامتنعت عليه إلا بأن يبذل لها درهما
أو دينارا ، على أن تمكنه من نفسها ، وهما يعتقدان أن ذلك حرام عليهما ، ففعل ذلك
وبذل ذلك لها ، فأمكنته من نفسها حتى أتاها ، أتوجبون عليهما من العقوبة ما
توجبونه على من فعل مثل فعلهما بغير بذل شيء لها ، أم لا ترون عليهما حدا ولا
عقوبة ، ولا ترونهما زانيين ؟ فإن قالوا : لا حد عليهما ولا عقوبة ، وللمفعول بها
ذلك مهر مثلها تركوا قولهم في ذلك . وإن قالوا : بل نرى عليهما حد الزنا ، وغير
مزيل عنهما حد الزنا ما بذل لها على إمكانها إياه من نفسها . قيل لهم : فما الفرق
بينكم وبين قائل مثل قولكم : في الذي يأتي ذات محرم منه ، على السبيل التي وصفنا
عليه حد الزنا وغير مزيل عنه الحد الذي أوجبه الله تعالى على من أتى فرجا محرما من
الغرائب ، إتيانه ذلك من ذات محرم منه ، العقد الذي عقده عليها على علم منهما
بفساده ، وأن ذلك غير محل لهما شيئا كان حراما عليهما قبل ذلك ، وقال فيه قولكم في
الراكب ذلك من غريبة ببذل ما بذل لها . وفي راكب ذلك من الغريبة ببذل ما يبذل لها
على إمكانها إياه من نفسها ، ما قلتم في فاعل ذلك بذات محرم منه من أصل أو قياس ؟
فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله
__________
(1) سورة : النور آية رقم : 2
(2) سورة : النساء آية رقم : 22
ذكر ما لم يمض ذكره من حديث أبي أسامة زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1900 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا جنيد أبو عبد الله ، عن أبي أسامة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن » القول في علل هذا الخبر وهذا القول عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج عن ابن عباس إلا من نقل عكرمة ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أنه من نقل عكرمة ، وفي نقله عندهم نظر يجب التثبت فيه من أجله . والثالثة : أنه خبر قد حدث به عن عكرمة غير واحد ، فاضطربوا في روايته عنه ، فمن راويه عنه ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن راويه عنه عن أبي هريرة موقوفا به عليه غير مرفوع ، ومن راويه عنه عن ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
ذكر من حدث هذا الحديث عن عكرمة فوافق فيه أبا أسامة ، وجعله عنه عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1901
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال حدثنا عبد الله بن داود ، قال حدثنا فضيل بن
غزوان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزني
الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب (1) النهبة
(2) التي يشرف المسلمون أعينهم إليها وهو مؤمن » ، فقال ابن عباس : فإن فعل وهو يرى
أن ذلك محرم عليه فهو مؤمن ، فإن فعل ذلك وهو يرى أن ذلك ليس بمحرم عليه فليس
بمؤمن ، إن شاء الله عذبه ، وإن شاء رحمه
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
ذكر من حدث هذا الحديث عن عكرمة فقال فيه : عنه ، عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1902 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وعن ابن عمر ، وعن أبي هريرة ، قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ، فإن تاب تاب الله عليه »
1903 - حدثني محمد بن عمار الرازي ، قال : حدثنا سهل بن بكار ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يغل حين يغل وهو مؤمن » ، قال جابر ، قلت : فإن تاب ؟ قال : « إن تاب ، تاب الله عليه »
ذكر من حدث هذا الحديث عن عكرمة فقال فيه عنه ، عن أبي هريرة ، وجعله من كلام أبي هريرة ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
1904 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا حرمي بن عمارة ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عمارة ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة ، أنه قال : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، وخصلتين نسيتهما » ، وقد وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر ما حضرنا من ذلك ذكره ، ثم نتبع جميعه البيان ، إن شاء الله
1905 - حدثني يوسف بن سلمان البصري ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن محمد بن عجلان ، قال : حدثنا القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن » ، قيل لأبي هريرة : كيف ذاك ؟ قال : الإيمان فوقه هكذا ، فإن هو استغفر ونزع راجعه الإيمان ، وإن هو أصر ومضى فارقه حدثني يوسف بن سلمان ، قال : حدثنا حاتم ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، وعن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثل قول القعقاع ، غير أنه لم يذكر خروج الإيمان منه
1906
- حدثني يوسف بن سلمان ، قال : حدثنا حاتم ، عن ابن عجلان ، عن أبي الزناد ، عن
أبي عثمان النهدي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ولا ينتهب (1) نهبة (2)
يرفع الناس إليها أبصارهم وهو مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
1907
- حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج
، عن أبي هريرة ، رواية : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق
وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو يشربها وهو مؤمن ، ولا ينتهب (1) نهبة (2) ذات شرف
(3) وهو مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
(3) ذات شرف : لها مكان عال وقدر وقيمة كبيرة، تجعل الناس يهتمون بها ويتألمون
لفقدها
1908 - حدثني مخلد بن الحسن ، قال : حدثنا أبو وهب عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن زيد يعني ابن أبي أنيسة ، عن سليمان يعني الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولكن أبواب التوبة معروضة »
1909 - حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا أبان ، قال : حدثنا عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ينزع الإيمان منه ، فإذا تاب رد إليه الإيمان »
1910 - حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، وأبو الأسود ، قالا : حدثنا نافع بن يزيد ، قال : حدثني ابن الهاد ، أن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، حدثه أنه سمع أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة ، فإذا انقلع من عليها رجع إليه الإيمان » حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا نافع بن يزيد ، قال : حدثني ابن الهاد ، أن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، حدثه أنه ، سمع أبا هريرة ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله سواء
1911
- حدثنا العباس بن الوليد البيروتي ، قال : أخبرنا أبي قال : حدثنا الأوزاعي ، قال
: حدثني الزهري ، قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وسعيد بن المسيب ، وأبو
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : « لا يزني الزاني وهو حين يزني مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو حين يسرق
مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو حين يشربها مؤمن ، ولا ينتهب (1) نهبة (2) ذات شرف (3)
يرفع الناس إليه أبصارهم وهو حين ينتهبها مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
(3) ذات شرف : لها مكان عال وقدر وقيمة كبيرة، تجعل الناس يهتمون بها ويتألمون
لفقدها
1912
- حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن الزهري
، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، وحميد ، وغيره - ذكر أربعة ، عن أبي هريرة ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني وهو حين يزني مؤمن ،
ولا يسرق السارق وهو حين يسرق مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو حين يشربها مؤمن ، ولا
ينتهب (1) نهبى يرفع إليها الناس أبصارهم وهو حين ينتهبها مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
1913
- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثني عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني
يونس ، عن الزهري ، قال : أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ،
عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزني الزاني حين
يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها
وهو مؤمن » ، وكان أبو بكر يلحق بهن : « ولا ينتهب (1) نهبة (2) ذات شرف (3) يرفع
الناس إليها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
(3) ذات شرف : لها مكان عال وقدر وقيمة كبيرة، تجعل الناس يهتمون بها ويتألمون
لفقدها
1914 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن الزهري ، قال : حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وابن المسيب ، أن أبا هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن »
1915
- حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي ، قال : حدثني أبي عمر بن خالد ، عن معقل بن
عبيد الله الجزري ، عن الزهري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني
الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر
حين يشربها وهو مؤمن ، ولا ينتهب (1) المنتهب (2) نهبة (3) يشار إليه منها وهو
مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) المنتهب : الذي يأخذ ما لا يجوز له قهرا وظلما
(3) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
1916
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، عن محمد بن جعفر ، عن العلاء ، عن
أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني
حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب (1) المنتهب
(2) نهبة (3) ذات شرف (4) حين ينتهب وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر الشارب حين يشرب
وهو مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) المنتهب : الذي يأخذ ما لا يجوز له قهرا وظلما
(3) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
(4) ذات شرف : لها مكان عال وقدر وقيمة كبيرة، تجعل الناس يهتمون بها ويتألمون
لفقدها
1917 - حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا أبو إسرائيل ، عن السدي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن » ، قال عبد الأعلى : قال أبو غسان في هذا الحديث أو غيره : الإيمان أكرم على الله من ذلك
1918 - حدثني القاسم بن دينار القرشي ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، عن أبي إسرائيل ، عن السدي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن ، الإيمان أكرم على الله من ذلك »
1919
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، وسفيان بن وكيع بن الجراح - واللفظ لعمرو - قالا :
حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله
بن الزبير ، عن أبيه ، قال : بينا أنا عند عائشة ، إذ سمعت جلبة (1) ، فقالت : ما
هذا ؟ قلت : رجل ضرب في الخمر ، فقالت : سبحان الله سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : « لا يشرب الرجل الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو
مؤمن ، ولا يزني وهو مؤمن ، ولا ينتهب (2) منتهب (3) نهبة (4) يرفع الناس أبصارهم
إليها وهو مؤمن ، فإياكم وإياكم » حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا يزيد ، قال :
أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن بعجة الجهني ، عن أبي هريرة ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثله
__________
(1) الجلبة : اختلاط الأصوات وارتفاعها
(2) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(3) المنتهب : الذي يأخذ ما لا يجوز له قهرا وظلما
(4) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
1920
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ،
عن رجل ، عن عبد الله بن أبي أوفى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزني
الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر
حين يشربها وهو مؤمن ، ولا ينتهب (1) نهبة (2) ذات شرف (3) - أو ذات سرف - وهو
مؤمن » حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، قال :
أخبرني فراس ، قال : سمعت مدرك بن عمارة ، يحدث عن ابن أبي أوفى ، عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
(3) ذات شرف : لها مكان عال وقيمة كبيرة، يجعل الناس يهتمون بها ويتألمون لفقدها
1921
- حدثني محمد بن علي بن ميمون الرقي ، قال : حدثنا الحسن بن بشر الكوفي ، قال :
حدثنا قيس بن الربيع ، عن أشعث بن سوار ، عن علي بن مدرك ، عن رزاح العجلي ، عن
عبد الله بن مغفل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني
حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو
مؤمن ، ولا ينتهب (1) نهبة (2) يشرف إليه وهو مؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(2) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
1922 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما زنى زان وهو مؤمن ، وإنه إذا فعل من ذلك شيئا رفع عنه الإيمان ، فإن أحدث له توبة ، وعرف الله منه الصدق ، رد فيه الإيمان »
1923 - حدثني محمد بن علي بن ميمون الرقي ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ، ثم التوبة معروضة »
1924 - حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطفاوي ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن شريك بن عبد الله ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان إذا اشترى عبدا أو أمة قال له : أزوجك ؟ فإن قال : لا أو نعم ، قال ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من زنى نزع الله نور الإيمان من قلبه ، فإن شاء أن يرده عليه رده ، وإن شاء أن يمسكه أمسكه »
1925 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن ، قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن » ، قال : وكان يقول : « يجانبه الإيمان فإذا رجع راجعه » قال عوف : أظن الحسن قال : هذا من قبله القول في البيان عن معاني هذه الأخبار إن قال لنا قائل : ما أنت قائل في هذه الأخبار التي رويت لنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاح أم غير صحاح ؟ فإن قلت : هي غير صحاح ، قيل لك : ما وجه سقمها ورواة أكثرها عندك ثقات ؟ وإن قلت : هي صحاح ، قيل لك : أفخارج من الإيمان كل من زنى في حال زناه ، وكل من سرق في حال سرقته ، وكل من شرب الخمر في حال شربه إياها ، وكل من انتهب نهبة في حال انتهابه إياها ؟ قيل : قد اختلف من قبلنا في معنى ذلك ، فنذكر اختلافهم فيه ، ثم نتبع البيان عن أولى قولهم في ذلك بالصواب ، إن شاء الله . فأنكر بعضهم أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا القول على ما رويناه عمن ذكرنا روايته ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : غلط الرواة في أداء لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
ذكر من روي ذلك عنه
1926 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا أبي قال : سئل محمد بن زيد عن تفسير هذا الحديث : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن » فقال : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يزنين مؤمن ، ولا يسرقن مؤمن » ، وقال آخرون : معنى ذلك : لا يزني الزاني ، وهو للزنا مستحل ، غير مؤمن بتحريم الله ذلك عليه وهو مؤمن . فأما إن زنى وهو معتقد تحريمه فهو مؤمن
ذكر من قال ذلك
1927
- حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثنا حفص بن عمر العدني ،
قال : حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قال : « إن فعل ذلك -
يعني إن زنى ، أو سرق ، أو انتهب (1) - وهو يرى أن ذلك محرم عليه فهو مؤمن ، وإن
فعل ذلك وهو يرى أن ذلك ليس بمحرم عليه ، فليس بمؤمن »
__________
(1) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
1928 - وعلة قائلي هذه المقالة من الأثر ، ما حدثني أحمد بن عثمان البصري المعروف بأبي الجوزاء قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني حبيب بن أبي ثابت ، وعبد العزيز بن رفيع ، والأعمش ، سمعوا زيد بن وهب ، يحدث ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة » ، قال قلت : وإن زنى ، وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى ، وإن سرق »
1929 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن حبيب ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قال لي جبريل إنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، أو : لم يدخل النار » ، قال : قلت : وإن زنى ، وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى ، وإن سرق »
1930
- حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة السوائي قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن
زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة
المدينة عشاء ، فقال : يا أبا ذر ، كما أنت حتى آتيك قال : فانطلق رسول الله صلى
الله عليه وسلم حتى توارى (1) عني ، قال : فسمعت صوتا ، قلت : لعل رسول الله صلى
الله عليه وسلم عرض له ، فهممت أن أتبعه ، ثم ذكرت قوله : « لا تبرح (2) حتى آتيك
» قال : فانتظرته حتى جاء ، فذكرت له الذي سمعته « قال فقال : » ذاك جبريل أتاني «
- قال أبو جعفر : أظنه قال - فقال : » من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل
الجنة « ، قال : قلت : وإن زنى ، وإن سرق ؟ قال : » وإن زنى ، وإن سرق «
__________
(1) توارى : استتر واختفى وغاب
(2) برح المكان : زال عنه وغادره
1931 - حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثني مؤمل يعني ابن إسماعيل ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة » ، قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى وإن سرق » ، قاله أربع مرات ، ثم قال في الرابعة : « وإن رغم أنف أبي ذر »
1932 - حدثني علي بن سهل ، قال : حدثنا الحسن بن بلال ، عن حماد ، قال : حدثنا حماد بن أبي سليمان ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بقيع الغرقد ، فمضى وتبعته فدخل واديا ، فظننت أنه يريد حاجة ، فجلست على شفير الوادي ، فأبطأ علي فسمعت كأنه يخاطب رجلا ، فلما خرج قلت : يا رسول الله ، لقد أبطأت حتى خشيت عليك ، وسمعت كأنك تخاطب رجلا ، فقال : « أوسمعت ؟ » فقلت : نعم قال : « ذاك جبريل أتاني ، فبشرني » ، فقال : إن ربك يقول : « من مات من أمتك لا يشرك بي شيئا دخل الجنة » ، فقلت : وإن زنى وسرق ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وإن زنى وسرق » فقلت : وإن زنى وسرق ؟ فقال : « نعم ، وإن زنى وسرق » . فقلت : وإن زنى وسرق ؟ فقال : « نعم »
1933
- حدثني محمد بن يحيى القطعي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال :
أخبرنا حماد الكوفي ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : كنت أتلو رسول الله صلى
الله عليه وسلم في بقيع الغرقد ، فمشى حتى أتى واديا ، فظننت أنه يريد حاجة ،
فقعدت على شفير (1) الوادي ، فأبطأ حتى خشيت عليه ، فسمعت كأنه يخاطب رجلا ، ثم
خرج إلي فقلت : يا رسول الله ، من كنت تخاطب ؟ قال : « أوسمعت ؟ » ، قلت : نعم ،
قال : « ذاك جبريل أتاني فبشرني أنه من قال : لا إله إلا الله ، صادقا بها دخل
الجنة » ، فقلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى وإن سرق » ، قلت : وإن زنى
وسرق ؟ قال « وإن زنى وسرق » ، قلت : وإن زنى وسرق ؟ قال : « وإن زنى وسرق »
__________
(1) الشفير : الحرف والجانب والناحية
1934
- حدثني علي بن الحسن الخزاز ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : حدثنا
حاتم يعني ابن أبي صغيرة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، أن أبا سليمان الجهني ، حدثه ،
أن أبا ذر حدثه ، أنه ، خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مقمرة حتى
سند في حرة من حرار المدينة فقال : يا أبا ذر : اجلس . فجلست ، وأبطأ علي رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فأردت أن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنظر ما
بطأه ، فذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « اجلس » ، فكرهت أن أبرح (1)
، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « وإن ، وإن ، وإن » ثلاث مرات ،
ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا ذر ، لعلي أبطأت عليك ؟ قلت :
يا رسول الله ، قد كان بعض ذاك ، قال : إني لم أعد أن فارقتك ، فلقيت الملك ،
فأخبرني أنه « من مات يشهد ألا إله إلا الله ، فإن له الجنة » ، فما زلت أقول : «
وإن » حتى قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « نعم »
__________
(1) برح المكان : زال عنه وغادره
1935 - حدثني محمد بن يحيى القطعي ، قال : حدثنا حماد ، قال : أخبرنا حماد الكوفي ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : كنت أتلو رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقيع الغرقد ، يمشي حتى أتى واديا ، فظننت أنه يريد حاجة ، فقعدت على شفير الوادي ، فأبطأ حتى خشيت عليه ، فسمعت كأنه يخاطب رجلا ، ثم خرج إلي فقلت : يا رسول الله ، من كنت تخاطب ؟ قال : « أوسمعت ؟ » قلت : نعم ، قال : « ذاك جبريل أتاني فبشرني أنه من قال : لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة » ، فقلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى وإن سرق » ، قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى وإن سرق » ، قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى وسرق »
1936
- حدثنا عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال :
حدثنا هشام الدستوائي ، قال : حدثنا حماد ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : مشى
النبي صلى الله عليه وسلم نحو بقيع الغرقد ، وانطلقت خلفه ، ثم عرض له واد ،
فاستبطنه (1) النبي صلى الله عليه وسلم ونزل فيه ، وجلست على شفيره (2) ، وظننت أن
له حاجة ، وأبطأ علي وساء ظني ، وسمعت مناجاة ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقلت له : يا نبي الله ، لقد أبطأت ، وساء ظني ، وسمعت مناجاة ، قال : « ذاك جبريل
يخبرني لأمتي ، أن من شهد منهم ألا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، دخل
الجنة » ، فقلت : يا نبي الله وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى وإن سرق »
__________
(1) استبطن الوادي : قصد بطن الوادي ووقف في وسطه
(2) الشفير : الحرف والجانب والناحية
1937 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا حيوة ، قال : حدثنا بقية ، قال : حدثنا صفوان ، عن ماعز التميمي ، عن جابر ، قال : قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الموجبتين ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، ومن لقي الله يشرك به دخل النار »
1938 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، ويحيى بن داود الواسطي ، قال نصر : أخبرنا أبو أحمد ، وقال يحيى : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، قال : نزل على مسروق ضيف ، فقال : سمعت عبد الله بن عمرو ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، ولم يضره معه خطيئة ، كما لو لقيه وهو يشرك به دخل النار ، ولم ينفعه معه عمل »
1939 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معاوية يعني ابن هشام ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، قال : نزل شيخ على مسروق من أهل المدينة ، فحدثه عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من لقي الله لا يشرك به شيئا لم يضره معه خطيئة ، كما أنه لو لقيه يشرك به شيئا لم تنفعه معه حسنة » ، قال : فقالت قمير : لا تحدثوا بهذا شبابكم
1940
- حدثني سعيد بن عثمان التنوخي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا مهدي بن
ميمون ، قال : حدثنا غيلان بن جرير ، عن شهر بن حوشب ، عن معدي كرب ، عن أبي ذر ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه ، قال : « قال ربكم : ابن آدم إن دعوتني
ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ، ابن آدم إنك إن تلقني بقراب (1) الأرض خطايا
ألقك بقرابها مغفرة ، بعد أن لا تشرك بي شيئا ، ابن آدم إن أذنبت حتى تبلغ ذنوبك
عنان السماء ثم تستغفرني ، أغفر لك ولا أبالي (2) »
__________
(1) قُراب الأرض : ما يقارب ملأها
(2) المبالاة : الاهتمام والاحتفال بالأمر
1941
- حدثنا عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني ، قال : حدثنا عارم أبو النعمان ، قال :
حدثنا مهدي بن ميمون ، قال : حدثنا غيلان بن جرير ، عن شهر بن حوشب ، عن معدي كرب
، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه ، قال : « يا ابن آدم إنك
ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ، يا ابن آدم إنك إن تلقني بقراب (1)
الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة ، بعد أن لا تشرك بي شيئا ، يا ابن آدم إنك إن
تذنب حتى يبلغ ذنبك أعنان السماء ثم تستغفرني أغفر لك ولا أبالي (2) »
__________
(1) قُراب الأرض : ما يقارب ملأها
(2) المبالاة : الاهتمام والاحتفال بالأمر
1942 - حدثني عبد الله بن إسحاق الناقد الواسطي ، قال : حدثنا يحيى بن إسحاق ، عن مهدي بن ميمون ، عن واصل الأحدب ، عن المعرور ، عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني آت من ربي - فإما قال : بشرني ، وإما قال : أخبرني - أن من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة » . قال : قلت : يا رسول الله فإن زنى وإن سرق ؟ قال : « نعم ، وإن زنى وإن سرق »
1943 - حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا مهدي بن ميمون ، قال : حدثنا واصل الأحدب ، قال : حدثني المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني آت من ربي ، قال : فبشرني ، أو أخبرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة » ، قال أبو ذر فقلت : يا رسول الله وإن زنى وسرق ؟ قال : « وإن زنى وسرق »
1944
- حدثني الفضل بن سهل ، قال : حدثنا يحيى بن إسحاق ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي
حصين ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر ، رواية ، قال : قال الله : « ابن آدم إنك
ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ، ولو لقيتني بقراب (1) الأرض خطيئة - أو قال : ذنوبا -
لجعلتها لك هدى ومغفرة »
__________
(1) قُراب الأرض : ما يقارب ملأها
1945
- حدثني سهل بن محمد السجستاني ، قال : حدثنا المقرئ ، قال : حدثنا همام ، عن عاصم
، عن المعرور بن سويد ، أن أبا ذر ، قال : حدثنا الصادق المصدوق ، فيما يروي عن
ربه ، أنه قال : « الحسنة بعشر أمثالها أو أزيد ، والسيئة واحدة أو أغفرها ، ولو
لقيتني بقراب (1) الأرض خطايا ما لم تشرك بي شيئا ، لقيتك بقرابها مغفرة » ، قال :
وقراب الأرض : ملء الأرض
__________
(1) قُراب الأرض : ما يقارب ملأها
1946
- حدثني محمد بن يحيى القطعي ، قال : حدثنا عمر بن علي بن مقدم ، عن موسى بن
المسيب الثقفي ، قال : سمعت سالم بن أبي الجعد ، عن المعرور بن سويد الأسدي ، عن
أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يقول ربكم عز وجل : يا ابن آدم إنك
إن تلقني بقراب (1) الأرض خطيئة بعد أن لا تشرك بي شيئا جعلت لك قرابها مغفرة ، لا
أبالي (2) »
__________
(1) قُراب الأرض : ما يقارب ملأها
(2) المبالاة : الاهتمام والاحتفال بالأمر
1947 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن واصل الأحدب ، عن المعرور بن سويد ، قال : سمعت أبا ذر ، يحدث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة » ، قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى وإن سرق » حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا همام بن يحيى ، قال : حدثنا عامر الأحول ، عن شهر بن حوشب ، عن معدي كرب ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه ، قال : « يا ابن آدم » ، ثم ذكر نحو حديثه عن عارم
1948 - وحدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا عبد العزيز عن عمارة بن غزية ، عن عطاء بن أبي مروان ، عن أبيه ، قال : رأيت أبا ذر يصلي على قطعة حصير ، فسلمنا عليه ، فرد علينا وقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « من لقي الله لا يعدل به شيئا في الدنيا ، ثم كانت ذنوبه مثل الرمال ، غفر له »
1950 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني أبي قال : حدثني ضمضم ، عن شريح بن عبيد ، قال : كان عمر بن نعيم القيسي يحدث ، أن أسامة بن سلمان ، حدثهم ، أن أبا ذر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب » قال له رجل : يا رسول الله ، وما وقوع الحجاب ؟ قال : « أن تموت النفس وهي مشركة »
1950 - حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني أبي قال : حدثني ضمضم ، عن شريح بن عبيد ، قال : كان عمر بن نعيم القيسي يحدث ، أن أسامة بن سلمان ، حدثهم ، أن أبا ذر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب » قال له رجل : يا رسول الله ، وما وقوع الحجاب ؟ قال : « أن تموت النفس وهي مشركة »
1951 - حدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : حدثنا علي بن عياش الحمصي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن عمر بن نعيم ، عن أسامة بن سلمان ، أن أبا ذر حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الله يقبل توبة العبد ما لم يقع الحجاب » ، قالوا : يا رسول الله ، ما وقوع الحجاب ؟ قال : « أن تموت النفس وهي مشركة »
1952 - حدثني محمد بن عوف ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، قال : كان جبير بن نفير يحدث أن رجالا ، سمعوا نواس بن سمعان ، يقول : « من مات وهو لا يشرك بالله ، فقد حلت له مغفرته ، إن شاء أن يغفر » ، ثم قال نواس عند ذلك : إني لأرجو أن لا يموت أحد تحل له مغفرة إلا غفر الله له ، وقال آخرون : معنى ذلك لا يزني الزاني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن ، ولكنه ينزع منه الإيمان ، فيزول عنه اسم المدح الذي يسمى به أولياء الله من المؤمنين ، والذي يمدحون به ، ويستحق به اسم الذم الذي يسمى به المنافقون فيذمون ، فيقال له : منافق ، فاسق
ذكر من قال ذلك أو ما في معناه
1953 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام يعني ابن سلم ، عن أبي يحيى ، عن أبي خلف ، عن الحسن ، قال : « النفاق نفاقان : نفاق تكذيب لمحمد صلى الله عليه وسلم ، فذلك لا يغفر ، ونفاق خطايا وذنوب يرجى لصاحبه »
1954 - حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : سمعت أبا عمرو ، يقول : « كانوا لا يكفرون أحدا بذنب ، ولا يشهدون على أحد بشرك ، ويتخوفون نفاق الأعمال على أنفسهم ، ولا يسمون به أمتهم ، فإذا نزل بأحدهم شيء مما خافوا فيه النفاق ، كان في قوله كمن صدق بالحديث ، أنه من فعل كذا فهو منافق » قال علي ، قال الوليد ، وأقول : إن مما يصدق قول أبي عمرو هذا ويثبته لنا ، أنه كان من قول السلف ما :
1955 - حدثنا به أبو عمرو ، عن هارون بن رئاب ، أن عبد الله بن عمرو ، قال في مرضه : « زوجوا فلانا فلانة - ابنة له - فإني كنت قلت له فيها قولا شبيها بالعدة ، وإني أكره أن ألقى الله بثلث النفاق »
1956 - ومن ذلك أيضا ما حدثنا أبو عمرو ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، إذ يقول لعبد الله بن عمر : الرجل منا يدخل على الإمام فيراه يقضي بالجور ، فيسكت عليه ، وينظر إلى أحدنا ، فيثني عليه بذلك ؟ فقال عبد الله : « أما نحن معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنا كنا نعد هذا نفاقا ، فلا أدري كيف تعدونه ؟ »
1957 - حدثني محمد بن إسماعيل الضراري ، قال : حدثنا المؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، قال : حدثنا أبو المقدام ، عن أبي يحيى الأعرج ، قال : قلت لحذيفة : من المنافق ؟ قال : « الذي يتكلم بالإسلام ولا يعمل به »
1958 - حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن ثابت أبي المقدام ، عن أبي يحيى ، قال : قيل لحذيفة : ما النفاق ؟ قال : « الرجل يتكلم بالإسلام ولا يعمل به »
1959
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : سمعت معتمرا ، يقول : حدثنا أبو كعب ، قال :
سمعت الحسن ، يقول : « اللهم إن الناس قد قالوا : إنا مؤمنون ، وقد قلنا ذلك ،
اللهم فحقق ذلك بقول وعمل » وعلة قائلي هذه المقالة أن معنى النفاق إنما هو إظهار
المرء بلسانه قولا ما هو مستبطن خلافه ، كنافقاء اليربوع الذي يتخذه لنفسه كي إن
طلبه صائده من مدخله منها ، قصع من قاصعائه ، ومنه قول الله تبارك وتعالى لنبيه
صلى الله عليه وسلم : فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض (1) وهو السرب للدخول
فيها ، فكذلك نفاق المنافق ، هو اتخاذه ما يظهر من القول بلسانه بالإيمان ، خداعا
للمؤمنين بذلك ، وهو مستبطن بقلبه غير الذي يظهره لهم بلسانه ، كفعل اليربوع
باتخاذه النافقاء لطالب اصطياده منه ، وهو معد للهرب عند الطلب منه القاصعاء خداعا
للصائد ، قالوا : فإذ ذلك معنى النفاق ، وكان الإيمان عندنا قولا باللسان بما يحقن
به المرء دمه ، وعملا بالجوارح بما يستوجب بالعمل به حقيقة اسم الإيمان ، وكان من
ذلك العمل الذي به يستوجب مع القول بما ذكرنا حقيقة اسم الإيمان اجتناب الكبائر ،
ثم رأيناه غير مجتنب ركوب ما حرم الله عليه من الفواحش ، ولا مقصر فيما نهاه الله
عنه من المآثم ، علمنا أن إظهاره ما أظهر بلسانه من القول الذي هو سبب لحقن دمه ،
إنما أظهره خداعا للمؤمنين من استحلال قتله ، واستفاء ماله ، وذلك هو النفاق الذي
وصفنا صفته ، وأن من كان ذلك صفته ، فهو منافق فاسق لا مؤمن ، قالوا : فلا اسم له
هو أولى به مما سميناه به ، قالوا : إذ الأخبار بعد عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم متظاهرة أنه قال : « ثلاث من علامات المنافق ، إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ،
وإذا ائتمن خان » ، قالوا : والزنا والسرق وشرب الخمر ، أعظم في الدلالة على نفاق
المنافق من إخلاف الوعد ، وخيانة الأمانة ، والكذب في الحديث ، قالوا : وفي ذلك
مكتفى عن الاستشهاد على صحة تسميتنا الزاني والسارق ، والشارب الخمر ، والمنتهب
النهبة ، التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم منافقا بغيره . وقال آخرون : معنى
ذلك : لا يزني المؤمن ، ولا يسرق المؤمن ، ولا يشرب المؤمن الخمر ، وذلك أن ذلك من
فعل أهل الكفر ، قالوا : ومن فعل ذلك فهو كافر خارج عن الإيمان
__________
(1) سورة : الأنعام آية رقم : 35
ذكر من قال ذلك
1960
- حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي ، قال : حدثنا أبي عمر بن خالد ، عن معقل بن
عبيد الله الجزري العبسي ، قال : أول من قدم علينا بالإرجاء سالم الأفطس ، قال :
فنفر أصحابنا منه نفارا شديدا ، وكان أشدهم نفارا ميمون بن مهران ، وعاهد ربه عبد
الكريم أن لا يؤويه (1) وإياه سقف بيت إلا المسجد ، قال : فخرجت حاجا حتى أتيت مكة
قال معقل : ثم انصرفت إلى المدينة ، فلقيت نافعا مولى ابن عمر ، فجلست إليه في
المسجد ، فقلت له : إن لي إليك حاجة ، فقال : سر أم علانية ؟ ، فقلت : بل سر ، قال
: رب سر لا خير فيه ، وأقيمت الصلاة ، صلاة العصر ، فصلينا فلما سلم الإمام انصرف
ولم ينتظر القاص ، فأخذ بيدي فخرجت معه ، ومعه فتى شاب ، قلت : أخلني ، قال : فانصرف
يا عمرو ، فذكرت له بدو ما أخذوا فيه ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« اضربوهم بالسيف حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فإذا
فعلوا ذلك عصموا (2) مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله » ، قلت :
فإن قال ذلك وزنى وسرق ونكح الأم ، وزعم أن ذلك عليه حرام ؟ فنتر يده من يدي ،
وقال : من فعل هذا فهو كافر ، فلقيت الزهري ، فذكرت له بدو ما أخذوا فيه ، فقال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا
يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا ينتهب
(3) المنتهب (4) نهبة (5) يشار إليه فيها وهو مؤمن »
__________
(1) أوى وآوى : ضم وانضم ، وجمع ، حمى ، ورجع ، ورَدَّ ، ولجأ ، واعتصم ، ووَارَى
، وأسكن ، ويستخدم كل من الفعلين لازما ومتعديا ويعطي كل منهما معنى الآخر
(2) عصم : حمى ومنع وحفظ
(3) انتهب : أخذ وسلب ما لا يجوز له ولا يحق ظلما
(4) المنتهب : الذي يأخذ ما لا يجوز له قهرا وظلما
(5) النهبة : كل ما يؤخذ بلا حق قهرا وظلما كالمال المنهوب من الغنيمة وغيرها
1961 - حدثنا علي بن حرب الموصلي ، قال : حدثنا ابن داود الهمداني ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، قال : قال حذيفة : « إني لأعرف مكان أهل دينين في النار ، قوم يزعمون أن الإيمان قول ، وإن زنى وإن سرق ، وقوم يلعنون أوليتهم يقولون : إنما افترض الله صلاتين »
1962
- حدثنا الفضل بن الصباح ، قال : حدثنا الوليد يعني ابن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن
يحيى بن أبي عمرو السيباني ، أن حذيفة بن اليمان ، كان يقول : « إني لأعرف أهل
دينين ، أهل ذينك الدينين في النار ، قوم يقولون : إن الإيمان كلام ، وقوم يقولون
: ما بال (1) الصلوات الخمس ، وإنما هما صلاتان » وعلة قائلي هذه المقالة من الأثر
: الخبر الذي ذكرناه قبل عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
: « إذا فعل ذلك - يعني إذا زنى ، أو سرق أو شرب الخمر - نزع منه الإيمان ، فإن
تاب رد إليه » ، قالوا : ومن نزع منه الإيمان فهو كافر ؛ لأنه لا منزلة بين
الإيمان والكفر ، قالوا : ومن لم يكن من المكلفين مؤمنا فهو كافر ، كما أن من لم
يكن منهم كافرا فهو مؤمن ، قالوا : فإن زعم زاعم أنه جائز أن يكون شخص واحد من أهل
التكليف لا مؤمنا ولا كافرا ، قلنا لهم : أفتجيزون أن يكون لا عاصيا ولا مطيعا ،
مع قيام الحجة عليه ، وارتفاع الموانع ، ولزوم الأمر والنهي إياه ؟ قالوا : فإن
أجازوا ذلك ، خرجوا من معقول أهل العقل ، وإن قالوا : ذلك محال ، لأن من قامت عليه
حجة الله تعالى ذكره بأمره ونهيه ، فغير جائز أن يكون خارجا من إحدى الصفتين ، إما
تصديق أو تكذيب ، وطاعة باجتنابه ، أو معصية بإقدامه عليه ، إذا كانت الموانع عنه
زائلة ، قلنا له : وكذلك كل من قامت عليه حجة الله تعالى ذكره بوحدانيته وشرائعه ،
فإنه غير خارج ، مع قيام الحجة عليه بها ، من الإيمان أو الكفر ، قالوا : وفي
إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان ينزع من الزاني ، والسارق وشارب الخمر
، والمنتهب النهبة التي وصفها حتى يتوب ، البيان البين أنه قد أوجب له الكفر حتى
يتوب ، إذ كان محالا أن يكون مأمورا منهيا ، غير كافر ولا مؤمن ، قالوا : وفي
مفارقة الإيمان إياه ، وجوب الكفر له ، واعتلوا أيضا لقولهم ذلك بعلل كثيرة غير ما
ذكرنا ، كرهنا إطالة الكتاب بذكرها ، إذ لم يكن كتابنا هذا مقصودا به قصد الإبانة
عن مذاهب المخالفين ، ونقض علل المعتلين بما لبس عليهم الشيطان ، بل قصدنا فيه ذكر
الصحيح من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والبيان عن معانيه ، على ما شرطنا
ذلك في مبتدئه ، وقال آخرون : الموحد المصدق بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم
مؤمن ما لم يغش كبيرة ، فإذا غشيها نزع منه الإيمان ، فإذا فارقها عاد إليه
الإيمان
__________
(1) ما بال كذا : ما شأنه
ذكر من قال ذلك أو ما في معناه
1963 - حدثنا عمران بن بكار الكلاعي ، قال : حدثنا يحيى يعني ابن صالح الوحاظي ، قال : حدثنا سعيد يعني ابن عبد العزيز قال : حدثنا بلال بن سعد ، عن أبي الدرداء ، قال : كان عبد الله بن رواحة يقول : « إن مثل الإيمان مثل قميصك ، بينما أنت وقد نزعته إذ لبسته ، وبينما أنت قد لبسته إذ نزعته »
1964 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : وأخبرني عمرو يعني ابن الحارث ، عن يزيد يعني ابن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران ، أنه سمع أبا أيوب ، يقول : « إنه لتمر على المرء ساعة ، وما في جلده موضع إبرة من إيمان ، وإنه لتمر عليه ساعة ، وما في جلده موضع إبرة من النفاق » وعلة قائلي هذا القول : أن الإيمان هو التصديق غير أن التصديق معنيان : أحدهما قول ، والآخر عمل ، هو اجتناب الكبائر ، فإذا ركب المصدق كبيرة ، فارقه الإيمان ، وزال عنه الاسم الذي كان له قبل ركوبه إياها ، كما يقال للاثنين إذا اجتمعا : اثنان ، فإذا افترقا فانفرد كل واحد منهما على حدة ، لم يقل لواحد منهما إلا واحد ، وزال عنهما الاسم الذي كان لهما في حال اجتماعهما ، وكما يقال للرجل وزوجته : زوجان ، فإذا فارقها زال عن كل منهما الاسم الذي كان لهما في حال الاجتماع ، قالوا : فكذلك القول في الإيمان ، إنما هو اسم للتصديق الذي معناه ما ذكرنا من الإقرار ، والعمل الذي هو اجتناب الكبائر ، فإذا واقع المقر كبيرة ، زال عنه اسم الإيمان في حال مواقعته إياها ، فإذا كف عنها عاد له الاسم الذي كان له قبل المواقعة ، لأنه في حال كفه عن غشيان الكبيرة ، لها مجتنب ، وباللسان مصدق ، وذلك هو معنى الإيمان عندهم ، وغير جائز أن يكون للإيمان فاعلا ، وهو بخلافه موصوفا ، لأن الصفات موجبة لأهلها الوصف بها ، قالوا : وذلك هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق ، وهو مؤمن » ، ينزع منه الإيمان ، فإذا انقلع من عليها رجع إليه ، والصواب من القول في ذلك عندنا في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن » ، قول من قال : يزول عنه الاسم الذي هو معنى المدح إلى الاسم الذي هو بمعنى الذم ، فيقال له : فاسق ، فاجر ، زان ، سارق ، وذلك أنه لا خلاف بين جميع علماء الأمة أن ذلك من أسمائه ، ما لم يظهر منه خشوع التوبة مما ركب من المعصية ، فذلك اسمه عندنا حتى يزول عنه بظهور التوبة مما ركب من الكبيرة ، فإن قال لنا قائل : أفتزيل عنه اسم الإيمان بركوبه ذلك ؟ قيل له : نزيله عنه بالإطلاق ونثبته له بالصلة والتقييد ، فإن قال : وكيف تزيله عنه بالإطلاق ، وتثبته له بالصلة والتقييد ؟ قيل : نقول : مؤمن بالله ورسوله ، مصدق قولا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا نقول مطلقا : هو مؤمن ، إذ كان الإيمان عندنا معرفة وقولا وعملا ، فالعارف المقر ، المخالف عملا ما هو به مقر قولا ، غير مستحق اسم الإيمان بالإطلاق ، إذ لم يأت بالمعاني التي يستوجب بها ذلك ، ولكنه قد أتى بمعان يستحق التسمية به موصولا في كلام العرب ، ونسميه بالذي تسميه به العرب في كلامها ، ونمنعه الآخر الذي تمنعه دلالة كتاب الله وآثار رسوله صلى الله عليه وسلم وفطرة العقل ، وقد دللنا على أن ذلك كذلك فيما مضى من كتابنا هذا ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع القول في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم مخبرا عن ربه تبارك وتعالى : « إن أذنبت حتى تبلغ ذنوبك أعنان السماء » يعني بقوله : « أعنان السماء » أرجاءها ونواحيها ، كذلك حكي عن يونس بن حبيب الجرمي أنه كان يقوله ، وأنه كان يقول : أعنان كل شيء ، نواحيه ، وأما أبو عمرو الشيباني والأصمعي وغيرهما من أهل العلم بكلام العرب ، فإنهم فيما حكي عنهم كانوا يقولون : إنما يقال لنواحي الشيء أعناؤه ، ولا نعلم راويا روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخبر على ما حكي عن الشيباني ، ومن ذكرت من أهل الغريب ، بل الرواية عن كل من حدثنا به : « حتى يبلغ أعنان السماء » ، بالنون على ما ذكر عن يونس الجرمي
ذكر خبر من أخبار عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
1965 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن سلام بن أبي عمرة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب ، المرجئة والقدرية » القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداهما : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن ابن عباس إلا من حديث عكرمة ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أنه من رواية عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي نقل عكرمة ، عندهم نظر يجب التثبت فيه من أجله . والثالثة : أن سلام بن أبي عمرة من أهل النقل ، ليس في أهل الرواية المعروفين بها ، فالواجب التوقف في نقله ، وقد وافق سلام بن أبي عمرة في رواية هذا الخبر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس جماعة نذكر ما حضرنا من ذلك ذكره
1966 - حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن القاسم بن حبيب ، وعلي بن نزار ، عن نزار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية » حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن القاسم بن حبيب ، وعلي بن نزار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحوه حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن ابن نزار ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه
1967 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، والعباس بن أبي طالب ، قالا : حدثنا يونس بن محمد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد الليثي ، قال : حدثنا نزار بن حيان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وعن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « صنفان من أمتي ليس لهما في الإيمان نصيب ، أهل الإرجاء والقدر » ، وقد وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ، نذكر من ذلك ما حضرنا ذكره ، ثم نتبع جميعه البيان إن شاء الله
ذكر ذلك
1968 - حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثني علي بن ثابت الجزري ، عن إسماعيل بن إسحاق ، عن ابن أبي ليلى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية »
1969 - حدثني أحمد بن الفرج الحمصي ، قال : حدثنا بقية ، قال : حدثنا سليمان بن جعفر الأزدي ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صنفان من أمتي لا يردان علي الحوض القدرية والمرجئة »
1970 - حدثني علي بن حرب الموصلي ، قال : حدثني أحمد بن نصر الخراساني ، قال : حدثنا زيد بن أبي موسى ، عن أبي غانم ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا » ، قيل : يا رسول الله : وما المرجئة ؟ قال : « قوم يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل »
1971
- حدثني محمد بن مرزوق البصري ، قال : حدثنا محمد بن جعفر الجرمي أبو محمد ، قال :
حدثنا حماد الصانع ، عن الحسن ، عن حذيفة ، وأنس ، قالا : سمعنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : « صنفان من أمتي لا تنالهم شفاعتي : المرجئة والقدرية »
القول في البيان عما في هذه الأخبار من المعاني إن قال لنا قائل : وما المرجئة ؟
وما صفتهم ؟ قيل : إن المرجئة : هم قوم موصوفون بإرجاء أمر مختلف فيما ذلك الأمر ،
فأما إرجاؤه ، فتأخيره وهو من قول العرب : أرجأ فلان هذا الأمر ، فهو يرجئه إرجاء
، وهو مرجئه ، بهمز ، وأرجاه فلان يرجيه إرجاء ، بغير همز فهو مرجيه ، ومنه قول
الله تعالى ذكره : وآخرون مرجون لأمر الله (1) يقرأ بالهمز ، وغير الهمز بمعنى
مؤخرون لأمر الله ، وقوله مخبرا عن الملأ من قوم فرعون : قالوا أرجه وأخاه (2)
بهمز أرجه ، وبغير الهمز ، فأما الأمر الذي بتأخيره سميت المرجئة مرجئة ، فإن ابن
عيينة كان يقول فيه ، فيما :
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 106
(2) سورة : الأعراف آية رقم : 111
1972 - حدثني عبد الله بن عمير الرازي ، قال : سمعت إبراهيم بن موسى يعني الفراء الرازي قال : سئل ابن عيينة عن الإرجاء ، فقال : « الإرجاء على وجهين : قوم أرجوا أمر علي وعثمان ، فقد مضى أولئك ، فأما المرجئة اليوم فهم قوم يقولون : الإيمان قول بلا عمل ، فلا تجالسوهم ، ولا تؤاكلوهم ، ولا تشاربوهم ، ولا تصلوا معهم ، ولا تصلوا عليهم »
1973 - وقال آخرون في ذلك ما حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام يعني ابن سلم ، قال : سألت سفيان عن تفسير هذا الحديث : « صنفان ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة والقدرية » ، قال : هم الذين يقولون الإيمان قول ولا عمل ، وقوم يزعمون أن لا قدر
1974
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن المغيرة ، عن أبي وائل ، قال : قوم
يسألوني عن السنة ، فأقرأ عليهم : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب (1) ) حتى
قوله : ( ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة (2) ) يعرض بالمرجئة
__________
(1) سورة : البينة آية رقم : 1
(2) سورة : البينة آية رقم : 5
1975 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي ، قال : سمعت إبراهيم بن الأشعث ، يقول : سمعت الفضيل يعني ابن عياض يقول : « أهل الإرجاء يقولون : الإيمان قول لا عمل ، وتقول الجهمية : الإيمان المعرفة بلا قول ولا عمل ، ويقول أهل السنة : الإيمان المعرفة والقول والعمل »
1976 - وسمعت عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي ، قال : سمعت أبا رجاء ، يقول : سمعت وكيعا ، يقول : « ليس بين كلام الجهمية والمرجئة كبير فرق قالت الجهمية : الإيمان المعرفة بالقلب ، وقالت المرجئة : الإقرار باللسان ، والصواب من القول في المعنى الذي من أجله سميت المرجئة مرجئة أن يقال : إن الإرجاء معناه ما بينا قبل من تأخير الشيء ، فمؤخر أمر علي وعثمان رضي الله عنهما إلى ربهما ، وتارك ولايتهما والبراءة منهما : مرجئا أمرهما ، فهو مرجئ ، ومؤخر العمل والطاعة عن الإيمان مرجئهما عنه ، فهو مرجئ » ، غير أن الأغلب من استعمال أهل المعرفة بمذاهب المتخلفين في الديانات في دهرنا هذا ، هذا الاسم فيمن كان من قوله : الإيمان قول بلا عمل ، وفيمن كان من مذهبه أن الشرائع ليست من الإيمان ، وأن الإيمان إنما هو التصديق بالقول دون العمل المصدق بوجوبه فإن قال لنا قائل : فما أنت قائل إن كان الأمر في معنى الإرجاء ما ذكرت فيما :
1977 - حدثني به أبو السائب سلم بن جنادة ، قال : حدثني ابن إدريس ، قال : سمعت داود بن أبي هند ، يذكر ، عن شهر بن حوشب ، قال : لما أصيب معاذ أتاه أخ يقال له الحارث بن عميرة ، فبينا هو عنده أفاق معاذ وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي على العلم الذي يدفن معك ، قال : فقال له معاذ : « إن كنت طالب العلم لا بد ، فاطلبه من ثلاثة : من ابن أم عبد ، وعويمر أبي الدرداء ، وسلمان الفارسي ، وإياك وزلة العالم » ، قال : وكيف تكون زلة العالم ؟ قال : إن على الحق نورا يعرف به ، قال : فأتى الحارث الكوفة فبينا هو على باب عبد الله بن مسعود ينتظر خروجه ، إذ قال رجل من القوم لرجل : أمؤمن أنت ؟ قال : نعم ، قال : أفي الجنة أنت ؟ قال : ما أدري ، قال : تزعم أنك مؤمن ولا تدري في الجنة أنت أم لا ؟ قال : فخرج عليهم عبد الله فقالوا : ألا ترى إلى هذا يزعم أنه مؤمن ، ولا يزعم أنه من أهل الجنة فقال عبد الله : لو قلت إحداهما لأتبعتها الأخرى ، فقال له الحارث : صلى الله على معاذ ، فقال عبد الله : من معاذ ؟ قال : معاذ بن جبل ، قال : وما قال ؟ قال : « إياك وزلة العالم ، وقال : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ورسله ، والبعث بعد الموت ، والجنة والنار ، ولكن لي ذنوب لا أدري ما يفعل الله فيها ، فلو علمت أن الله غفر لي لقلت إني في الجنة » ، فقال ابن مسعود : صدقت والله لقد كانت مني زلة
1978
- حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الشيباني ، عن ثعلبة
، عن أبي قلابة ، قال : حدثني الرجل الذي سأل عبد الله بن مسعود فقال : أنشدك
بالله تعلم أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أصناف :
مؤمن السريرة (1) ، مؤمن العلانية ، كافر السريرة ، كافر العلانية ، مؤمن العلانية
كافر السريرة ؟ فقال : « اللهم نعم » ، فقال : أنشدك بالله ، من أيهم كنت ؟ قال :
« اللهم مؤمن السريرة ، مؤمن العلانية ، أنا مؤمن » ، قال الشيباني : فلقيت ابن
معقل فقلت له : إن قبلنا قوما نعدهم من أهل الصلاح ، إذا قلنا : نحن مؤمنون عابوا
ذلك علينا فقال : « لقد خبت (2) وخسرت إن لم تكن مؤمنا »
__________
(1) السريرة : ما يكتمه المرء ويخفيه ويسره في نفسه
(2) خاب : لم يظفر بما طلب
1979 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن مسعر ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله : « أنا مؤمن »
1980 - حدثني أبو السائب ، سلم بن جنادة قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، قال : « نظرت في أمر هؤلاء الخوارج ، فإذا شر قوم ، ونظرت في أمر هؤلاء الخشبية ، فإذا شر قوم ، ونظرت في أمر هؤلاء المرجئة ، فإذا هم أمثل أو خير ، فأنا مرجئ ، قلت : يا أبا عبد الله ، ولم تسمى باسم غير الإسلام ؟ قال : أنا كذلك »
1981 - حدثني أحمد بن بديل الإيامي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا مسعر ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله : « أنا مؤمن »
1982 - حدثني أحمد بن بديل ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا يوسف بن ميمون ، قال : قلت لعطاء : إن قبلنا قوما نعدهم من أهل الصلاح ، فإذا قلنا : نحن مؤمنون ، عابوا ذلك علينا ، فقال عطاء : « المؤمنون المسلمون » ، وكذلك أدركنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
1983 - حدثني أحمد بن بديل ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن مسعر ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، أنه سأل رجلا : « أمؤمن أنت أو مسلم ؟ » ، فقال : نعم ، إن شاء الله ، فقال : « لا تقل : إن شاء الله »
1984 - حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا مسعر ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، أنه رأى رجلا في لسانه عجمة ، فقال : « أمسلم أنت ؟ » ، فقال : إن شاء الله ، فقال : « لا تقل إن شاء الله »
1985 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن مسعر ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : « إذا سئل أحدكم : أمؤمن أنت ؟ فلا يشكن »
1986 - حدثني أحمد بن بديل ، قال : قال أبو معاوية : قال أصحابنا : كان عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن يزيد الأنصاري ومحمد ابن الحنفية وإبراهيم - اختلف علينا فيه - وعمرو بن مرة وعون بن عبد الله بن عتبة وعاصم بن كليب الجرمي والضحاك المشرقي وعطاء بن أبي رباح ، وعمر بن ذر ومقاتل بن حيان وعبد العزيز بن أبي رواد وعبد الكريم وأيوب بن عائذ وعلقمة بن مرثد ومحارب بن دثار وعبد الأعلى ومسلم النحات وحماد بن أبي سليمان ومسعر بن كدام وأبو إسحاق الشيباني وذر وسعيد بن جبير وطلق بن حبيب « كلهم يثبت الإيمان »
1987
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثام ، قال : حدثنا الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن
سلمة بن سبرة ، قال : خطبنا معاذ فقال : « أنتم المؤمنون ، وأنتم أهل الجنة ،
والله إني لأرجو أن من تصيبون من فارس ، والروم يدخلون الجنة ، ذلك بأن أحدهم إذا
عمل لأحدكم العمل قال : أحسنت رحمك الله ، أحسنت غفر الله لك ، ثم قرأ : ويستجيب
الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله (1) » وقال : هؤلاء جلة العلماء ،
وأئمة السلف يشهدون لأنفسهم بأنهم مؤمنون ، ولا شك عندنا وعندك أنه لا أحد من بني
آدم لزمته فرائض الله - تعالى ذكره - ثم أتت عليه سنون بعدها حيا خلا من تفريط في
بعض الأزمنة من فرائضه ، وتقصير في بعض الواجب عليه من طاعته ، أو ركوب بعض ما قد
نهاه عن ركوبه من معاصيه ، إلا خاص من خلقه ، فإن كان الإيمان كما قلت بالإطلاق ،
إنما هو المعرفة بالقلب ، والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح ، واجتناب الكبائر ،
وترك الإصرار على الصغائر ، فقد أخطأ الذين ذكرنا قولهم في قولهم : إنا مؤمنون ،
بغير وصل ذلك بما قلت الحق فيه الوصل به من الشرط ، وخالف الحق فيه من أنكر
الاستثناء فيه ، فإن كان جائزا عندك إنكار ما روينا عن هؤلاء ، فما أنت قائل فيما
__________
(1) سورة : الشورى آية رقم : 26
1988 - حدثني أحمد بن بديل اليامي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا مسعر ، عن زياد بن علاقة ، عن عبد الله بن زيد الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا سئل أحدكم أمؤمن ؟ فلا يشك » قيل : إن لكل من ذكرت عنه من السلف ما ذكرت عنه من قولهم : إنهم مؤمنون ، بغير وصل ذلك باستثناء ولا شرط من أشكالهم مخالفين فيما قالوا من ذلك ، وللخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي استدللت به على حقيقة ما حكيت عنهم ، تأويل هو أولى به من تأويلك ، والقول إذا وقع فيه التنازع بين أهل العلم كان أولاهما بالقضاء له بالصواب ما قامت على صحته الحجة ، وشهدت له بالحقيقة الأدلة ، فإن قال : فاذكر لنا مخالفيهم من السلف في ذلك لنعرفهم ، وبين لنا التأويل الذي هو أولى بالخبر الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تأويلنا . قيل : أما مخالفو من ذكرت من السلف ، فمن أنا ذاكره :
1989
- حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، قال : حدثنا عثام بن علي ، عن الأعمش ، عن شقيق
، قال : أتى عبد الله رجل ، فقال : « لقيت ركبا (1) » ، فقال : من القوم ؟ فقالوا
: نحن المؤمنون ، فقال : أفلا قالوا : نحن أهل الجنة ؟ لو قلت : « إنهم مؤمنون » ،
لقلت : « إنهم في الجنة »
__________
(1) الرَّكْبُ : الراكبون للسفر وغيره
1990 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : قال الفضيل بن عمرو لأبي وائل : أكان عبد الله بن مسعود يقول : « من شهد أنه مؤمن ، فليشهد أنه من أهل الجنة ؟ » قال : نعم
1991
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي
وائل ، أن عبد الله ، كان في سفر فمر به ركب (1) ، فقال : « ما أنتم ؟ » ، قالوا :
نحن المؤمنون ، قال : قولوا : « إنا في الجنة »
__________
(1) الرَّكْبُ : الراكبون للسفر وغيره
1992 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، ومحمد بن جعفر ، قالا : حدثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله : أن رجلا ، قال عنده : إني مؤمن ، قال : فقل : « إني في الجنة »
1993 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة ، قال : قال رجل لأبي وائل : أسمعت عبد الله بن مسعود يقول : « من شهد أنه مؤمن ، فليشهد أنه في الجنة ؟ » قال : نعم
1994 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : قال عبد الله بن مسعود : « يقولون ما فينا كافر ، ولا منافق ، جذ الله أقدامهم »
1995 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن واصل ، قال : سمعت إبراهيم ، يحدث قال : قال رجل عند عبد الله بن مسعود : إني مؤمن ، فقال عبد الله : « قل إني في الجنة »
1996 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال رجل لعلقمة : أمؤمن أنت ؟ قال : « أرجو »
1997 - حدثنا ابن بشار ، قال : . . . . . . . . . . حدثنا إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : قال رجل لعلقمة : أمؤمن أنت ؟ قال : « أرجو إن شاء الله »
1998
- حدثني سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم
، عن علقمة ، قال : تكلم رجل عنده من الخوارج بكلام كرهه قال : فقال علقمة : « إن
( الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا ، فقد احتملوا بهتانا وإثما
مبينا (1) ) » قال : فقال له الخارجي : أمنهم أنت ؟ قال : « أرجو »
__________
(1) سورة :
1999 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن ، أن رجلا ، قال عند ابن مسعود : إنه مؤمن ، فقال : « ما يقول » : قالوا : يقول : إنه مؤمن ، قال : « فسلوه في الجنة هو ؟ » ، فقالوا : أفي الجنة أنت ؟ قال : الله أعلم ، قال : « أفلا وكلت الأولى إلى الله كما وكلت الآخرة »
2000
- حدثني يعقوب قال : حدثنا إسماعيل ، عن غالب القطان ، قال : قال بكر بن عبد الله
: لو انتهيت إلى هذا المسجد ، وهو غاص (1) بأهله ، مفعم من الرجال ، فقيل لي : أي
هؤلاء خير ؟ لقلت لسائلي : « أتعرف أنصحهم لهم ؟ » فإن عرفه عرفت أنه خيرهم ، ولو
انتهيت إلى هذا المسجد ، وهو غاص بأهله ، مفعم من الرجال ، فقيل لي : أي هؤلاء شر
؟ لقلت لسائلي : « أتعرف أغشهم لهم ؟ » فإن عرفه عرفت أنه شرهم ، « وما كنت أشهد
على خيرهم أنه مؤمن مستكمل الإيمان ، لو شهدت له بذلك شهدت أنه في الجنة ، وما كنت
لأشهد على شرهم أنه منافق برئ من الإيمان ، لو شهدت عليه بذلك شهدت أنه في النار ،
ولكني أخاف على خيرهم ، وأرجو لشرهم ، فإذا أنا خفت على خيرهم ، فكم خوفي لشرهم ؟
وإذا أنا رجوت لشرهم ، فكم رجائي لخيرهم ؟ هكذا السنة »
__________
(1) غص المكان بأهله : امتلأ بهم وضاق
2001 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام يعني ابن سلم ، عن جسر بن فرقد ، عن بكر بن عبد الله المزني قال : لو أتيت المسجد وهو مملوء مفعم بالرجال ، فقيل : من خيرهم ؟ لقلت : أنصحهم لهم ، ولو قيل : أتشهد أنه مؤمن مستكمل الإيمان ، ما شهدت ، ولو شهدت أنه مؤمن مستكمل الإيمان ، لشهدت أنه من أهل الجنة ، ولو أتيت المسجد وهو مملوء مفعم بالرجال ، فقيل : من شرهم ؟ لقلت : « أغشهم لهم » ، ولو قيل لي : أتشهد أنه منافق برئ من الإيمان ؟ « ما شهدت ، ولو شهدت أنه منافق شهدت أنه من أهل النار ، إني لأرجو لشرهم ، وأخاف على خيرهم ، فإذا رجوت لشرهم ، فكم رجائي لخيرهم ؟ وإذا خفت على خيرهم ، فكم خوفي لشرهم ؟ إنما أقرب السنة »
2002
- حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا عكرمة بن عمار ، عن
محمد بن أبي عبد الله الفلسطيني ، قال : حدثني عبد العزيز أخو حذيفة ، عن حذيفة ،
قال : إن أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون الصلاة ، ولتنقضن عرى
(1) الإسلام عروة (2) عروة ، وليصلين النساء وهن حيض (3) ، ولتسلكن طريق من كان
قبلكم حذو (4) القذة بالقذة (5) ، وحذو النعل بالنعل ، لا تخطئون طريقهم ، ولا
يخطأ بكم ، حتى يبقى قرن من قرون كثيرة يقولون : ما بال الصلوات الخمس ؟ لقد ضل من
كان قبلنا ، قال الله تبارك وتعالى : « وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل
(6) » ، ثم لا يصلون إلا ثلاثا ، وتقول الأخرى : إنا لمؤمنون بالله كإيمان
الملائكة ، ما فينا كافر ولا منافق ، حق على الله أن يحشرهم مع الدجال
__________
(1) العروة : ما يُستمسك به ويُعتصم من الدين
(2) العروة : ما يُستمسك به ويُعتصم من الدين وأحكامه وشرائعه
(3) الحيض : جمع الحائض وهي التي ينزل الدم من رحمها في أيام معلومة من كل شهر
(4) حذوَ الشيء : في موازاته ومقابلته ومساواته
(5) القذة بالقذة : المراد أنهم يسيرون على نهج واحد ولا يختلفان ويتبع بعضهم بعضا
(6) سورة : هود آية رقم : 114
2003
- حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن يزيد بن الوليد ، عن رجل من
أهل الشام ، عن عمه ، عن حذيفة قال : إن أول ما تفقدون من دينكم التخشع ، وآخر ما
تفقدون منه الصلاة ، ولتقوضن عرى (1) الإسلام عروة عروة ، ولتتبعن سنن من كان
قبلكم حذو (2) النعل بالنعل ، لا تخطئون ولا يخطأ بكم ، وليجيئن قوم يقولون : إنما
ضل من ضل قبلنا بأنهم صلوا خمسا ، والله يقول : « أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من
الليل (3) » ، وليجيئن قوم يصلي نساؤهم وهن حيض (4) ، وليجيئن قوم يشهدون على من
صلى إلى القبلة بالإيمان ، ويزعمون أن لا نفاق
__________
(1) العروة : ما يُستمسك به ويُعتصم من الدين
(2) حذوَ الشيء : في موازاته ومقابلته ومساواته
(3) سورة :
(4) الحيض : جمع الحائض وهي التي ينزل الدم من رحمها في أيام معلومة من كل شهر
2004 - حدثنا الفضل بن الصباح قال : حدثنا الوليد يعني ابن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني أن حذيفة كان يقول : « إني لأعرف أهل دينين ، أهل ذينك الدينين في النار : قوم يقولون : إن الإيمان كلام ، وقوم يقولون : ما بال الصلوات الخمس ؟ وإنما هما صلاتان »
2005 - حدثنا علي بن حرب الموصلي قال : سألت عبد الله بن داود عن الإيمان ، فقال قول ابن مسعود ، وحذيفة ، والنخعي ، والثوري : « قول وعمل ، يزيد وينقص » ، قلت : ألست ترى سمجا من الرجل يسأل : أمؤمن أنت ؟ فلا يدري ، قال : « أنا مؤمن عند نفسي ، لا أدري كيف أنا مكتوب عند ربي »
2006
- ثم قال : حدثنا محل ، عن إبراهيم : أنه كان إذا سئل : أمؤمن أنت ؟ قال : ( آمنا
بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم (1) ) إلى آخر الآية
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 84
2007 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم قال : إذا قيل لك : « أمؤمن أنت ؟ » قل : « أرجو »
2008 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن محل ، قال : قال إبراهيم : إذا قيل لك : « أمؤمن أنت ؟ » فقل : « آمنت بالله » حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه بمثل ذلك
2009 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الحسن بن عمرو ، عن إبراهيم قال : إذا قيل لك : « أمؤمن أنت ؟ » فقل : « لا إله إلا الله »
2010
- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا أبو سفيان المعمري قال : حدثنا الصلت بن
دينار قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : قد أتى علي برهة (1) من الدهر وما أراني
أدرك رجلا يقول : « أنا مؤمن ، فما رضي بذلك حتى قال : على إيمان جبريل وميكائيل ،
وما كان محمد عليه السلام يتفوه بذلك ، وما زال الشيطان يتلعب بهم حتى قالوا :
مؤمن ، وإن نكح أمه وأخته وابنته ، والله لقد أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم رجالا ما مات منهم أحد إلا وهو يخشى النفاق »
__________
(1) البرهة : الزمان الطويل
2011
- حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سلام بن أبي مطيع ، قال :
سمعت أيوب ، وعنده رجل من المرجئة ، فجعل الرجل يقول : إنما هو الكفر والإيمان قال
: وأيوب ساكت ، قال : فأقبل عليه أيوب ، فقال : « أرأيت قول الله : ( وآخرون مرجون
لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم (1) ) » ، أمؤمنون أم كفار ؟ قال : فسكت الرجل
، قال : فقال له أيوب : « اذهب فاقرأ القرآن ، فقل آية في القرآن فيها ذكر النفاق
، فإني أخافها على نفسي »
__________
(1) سورة : التوبة آية رقم : 106
2012 - حدثني محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت الفضيل بن عياض يقول : « يا سفيه ، ما أجهلك لا ترضى أن تقول أنا مؤمن حتى تقول : أنا مستكمل الإيمان لا والله لا يستكمل العبد الإيمان حتى يؤدي ما افترض الله عليه ، ويجتنب ما حرم الله عليه ، ويرضى بما قسم الله له ، ثم يخاف مع ذلك أن لا يتقبل منه »
2013 - حدثني أحمد بن أبي سريج الرازي قال : سألت أبا سلمة الخزاعي ، فقلت : يا أبا سلمة ، إذا سئلت : أمؤمن أنت ؟ ما تقول ؟ قال : « أقول مؤمن إن شاء الله » ، قلت : من أدركت ممن يستثني ؟ قال : « الناس ، إلا من قل » ، قلت : سمهم لي ، قال : « شريك ، وأبو بكر بن عياش ، وحماد بن زيد ، والناس إلا من لا يعبأ به »
2014 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن أبي جعفر جسر بن فرقد قال : قال ابن سيرين : إذا سئل أحدكم : أمؤمن أنت ؟ فليقل : « آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله »
2015 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن أبي سنان ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : « لولا أنهم يطلبون مني أختها لأعطيتهم الأولى عفوا » ، يقولون : مؤمن ، ثم يقولون : حقا
2016 - حدثني علي بن سهل الرملي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : سمعت أبا عمرو ، ومالكا ، وسعيد بن عبد العزيز ينكرون على من يقول : « إنه مستكمل الإيمان ، وأن إيمانه كإيمان جبريل » ، قال سعيد : « هو إلى أن يكون إذا أقدم على هذه المقالة إيمانه كإيمان إبليس ؛ لأنه أقر بالربوبية ، وكفر بالعمل ، أقرب إلى ذلك من أن يكون كإيمان جبريل »
2017 - وحدثني علي بن سهل قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء قال : سألت ابن أبي ذئب : أكان أحد من أشياخكم يقولون : إنا مؤمنون كإيمان جبريل ؟ قال : « لا » ، وكره ذلك
2018
- حدثنا ابن حميد قال : حدثنا ابن المبارك ، عن سلام بن أبي مطيع ، عن غالب ، عن
بكر بن عبد الله المزني قال : لو جمع قوم في مسجد - أو قال : في بيت - فقيل :
أخبرنا بخيرهم ، لقلت : أخبروني بأنصحهم لهم ، فإن أخبروني به قلت : « هو خيرهم »
، فإن قالوا : أخبرنا بشرهم ، قلت : « أخبروني بأغشهم (1) لهم » ، فإن أخبروني به
قلت : « هو شرهم ، وما كنت لأشهد على خيرهم إنه من أهل الجنة ، ولا على شرهم إنه
من أهل النار ، وإني لأرجو لشرهم وأخاف على خيرهم ، فما ظنك برجائي لخيرهم ، وأنا
أرجو لشرهم ؟ وما ظنك بخوفي على شرهم ، وأنا أخاف على خيرهم ؟ إنما أقرب السنة »
__________
(1) الغش : نقيض النصح ، وإظهارك غير ما تضمر
2019 - قال أبو جعفر : سمعت عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي قال : سمعت أبا خيثمة قال : قال عبد الرحمن يعني ابن مهدي « أصل الإرجاء من قال : إني مؤمن » فهؤلاء الذين حضرنا ذكرهم ممن روي عنه إنكار قول القائل : أنا مؤمن بغير وصل بالاستثناء ، أو تقييد بشرط ، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتأييد قولهم في ذلك ما :
2020
- حدثنا أبو كريب ، وأبو هشام الرفاعي ، قالا : حدثنا ابن يمان ، عن معمر ، عن
الزهري ، عن عامر بن سعد ، عن سعد قال : قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة ،
فأعطى رجلا ولم يعط الآخر ، فقيل يا رسول الله ، أعطيت فلانا وهو مؤمن ، وتركت
فلانا وهو مؤمن - قال : أو مسلم ؟ قال : « إني لأعطي أقواما ، وأدع أقواما مخافة
أن يكبهم (1) الله على وجوههم في النار »
__________
(1) الكب : الإلقاء والطرح
2021 - حدثنا سلمان بن عمر بن خالد الرقي قال : حدثنا أبو عمر الضرير ، عن عدي بن الفضل ، عن بعض أصحاب الحسن ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال : أنا في النار فهو مؤمن ، ومن قال : أنا في الجنة فهو في النار ، ومن قال : أنا مؤمن حقا فهو كافر حقا »
2022 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن موسى بن زياد أبي الديلم ، عن الحسن ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قال : إني مؤمن فهو كافر ، ومن زعم أنه عالم فهو جاهل ، ومن زعم أنه في الجنة فهو في النار »
2023
- حدثني محمد بن عوف الطائي ، قال : حدثنا عمر بن حفص بن شليلة ، قال : حدثنا ابن
شابور ، عن سعيد بن عبد الجبار ، عن عمر بن المغيرة ، حدثهم ، عن أيوب السختياني ،
عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبوح
بهذا الكلام ، يقول : « إيماني كإيمان جبريل وميكائيل » فإن قال : فما الدلالة على
أن قول القائلين كما ذكرت - من إنكارهم قول القائل : إني مؤمن بغير وصل باستثناء
ولا تقييد شرط - أولى بالصواب من قول من خالفهم في ذلك ، غير الخبر الذي رويت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فإنا قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خبرا بخلافه ، وقد قلت لنا : إن القول إذا تنازع فيه العلماء كان أولى ذلك بالصواب
ما قامت حجته وثبتت في العقول صحته قيل : أما الدلالة على صحة قولهم من كتاب الله
تعالى ذكره فقوله تبارك وتعالى : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ،
وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما
رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا (1) ، فأخبر جل ثناؤه أن المؤمن إنما هو من
كانت هذه الصفة صفته دون من قال ولم يعمل ، ولكنه ضيع ما أمر به وفرط
__________
(1) سورة : الأنفال آية رقم : 2
2024 - وأما من قول رسول الله ، فما حدثني أبو يونس المكي محمد بن أحمد بن يزيد قال : حدثنا عبد السلام بن صالح قال : حدثني علي بن موسى بن جعفر ، عن موسى بن جعفر ، عن جعفر بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حسين ، عن حسين بن علي ، عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الإيمان معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وتصديق بالعمل »
2025 - حدثني عامر بن حرب الموصلي قال : حدثنا عبد السلام بن صالح قال : حدثني الرضا علي بن موسى ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن حسين ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الإيمان معرفة بالقلب ، وتصديق باللسان ، وعمل بالجوارح »
2026 - حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال : حدثنا ابن الوليد العدني قال : حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد ، عن مجاهد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الإيمان قول وعمل ، أخوان شريكان »
2027
- حدثنا أحمد بن الحسن قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، قال : حدثنا حكام بن سلم
، عن أبي سنان ، عن عمرو بن مرة ، عن محمد بن علي قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : « الإيمان قول وعمل ، ولا يستقيم هذا إلا بهذا ، ولا هذا إلا بهذا »
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن اسم الإيمان المطلق إنما هو للمعرفة بالقلب ،
والإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح دون بعض ذلك ، وأما من النظر مما لا يدفع صحته
ذو فطرة صحيحة . وذلك الشهادة لقول قائل قال قولا أو وعد عدة ، ثم أنجز وعده ،
وحقق بالفعل قوله : صدق فلان قوله بفعله . ولا يدفع مع ذلك ذو معرفة بكلام العرب ،
صحة القول بأن الإيمان التصديق ، فإذا كان الإيمان في كلامها التصديق ، والتصديق
يكون بالقلب واللسان والجوارح ، وكان تصديق القلب العزم والإذعان ، وتصديق اللسان
الإقرار ، وتصديق الجوارح السعي والعمل ، كان المعنى الذي به يستحق العبد المدح
والولاية من المؤمنين هو إتيانه بهذه المعاني الثلاثة ، وذلك أنه لا خلاف بين
الجميع أنه لو أقر وعمل على غير علم منه ومعرفة بربه أنه لا يستحق اسم مؤمن ، وأنه
لو عرف وعلم وجحد بلسانه ، وكذب وأنكر ما عرف من توحيد ربه أنه غير مستحق اسم مؤمن
، فإذ كان ذلك كذلك ، وكان صحيحا أنه غير مستحق غير المقر اسم مؤمن ، ولا المقر
غير العارف مستحق ذلك ، كان كذلك غير مستحق ذلك بالإطلاق ، العارف المقر غير
العامل ، إذ كان ذلك أحد معاني الإيمان التي بوجود جميعها في الإنسان يستحق اسم
مؤمن بالإطلاق . فإن قال قائل : فإنا لا نزعم أن العمل من الإيمان ، فنجعله من
شرائطه التي لا يستحق المؤمن أن يسمى مؤمنا إلا بها ، قيل له : إن كان من القائلين
أن الإيمان قول ، ولا سلم لك أن القول من الإيمان ، فيجعله من شرائطه التي لا
يستحق أن يسمى المؤمن مؤمنا إلا بها ، فإن قال : إن ذلك وإن كان كذلك ، فإن العرب
لا تعرف في منطقها الإيمان إلا التصديق ، واستشهد لقيله ذلك بقول الله تعالى ذكره
، مخبرا عن قول إخوة يوسف لأبيهم يعقوب صلوات الله عليهم : ( وما أنت بمؤمن لنا
ولو كنا صادقين (1) ) وما أشبه ذلك من الشواهد ، قيل له : فإن كان التصديق هو
الإيمان ، أفرأيتم إن صدق وهو غير عارف بحقيقة صحة ما صدق ، أمؤمن هو بالإطلاق ؟
فإن قال : نعم ، أوجب اسم الإيمان لكل من لا يعرف ربه بقلبه ، ولكل من اعتقد بقلبه
أن الله ثالث ثلاثة بالإطلاق على الحقيقة ، وذلك خلاف نص حكم الله في خلقه . وذلك
أن الله تبارك وتعالى سمى من قال بلسانه مثل قول المؤمنين بألسنتهم ، وهو معتقد
بقلبه خلافه منافقا ، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاءك المنافقون قالوا
نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون (2) )
فكذبهم الله جل ثناؤه في دعواهم ما ادعوا أنهم يشهدون ، إذ كانت قلوبهم منطوية على
خلاف ما أبدته ألسنتهم ، وإن قال : بل هو غير مؤمن حتى يصدق بالقول ما هو معتقد
حقيقة بقلبه ، قيل : فقد تركت قولك : إن الإيمان هو التصديق بالقول ، والإقرار
باللسان ، وخالفت ما ادعيت في قول الله تعالى ذكره : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا
صادقين ) من التأويل ، وقيل له : فإذا كان التصديق بالقلب ومعرفة الرب به من
الإيمان الذي لا يستحق أحد عندك اسم الإيمان إلا بإتيانه بهما ، والمعرفة لا شك
أنها من معنى الإقرار باللسان بمعزل فما أنكرت أن يكون العمل بسائر الجوارح الذي
هو لله طاعة من معاني الإيمان التي لا يستحق أحد التسمية بأنه مؤمن إلا بإتيانه به
، مع التصديق باللسان ، والمعرفة بالقلب ، وهل بينك وبين من قال : إنما الإيمان
الإقرار باللسان ، والعمل بالجوارح ، دون المعرفة بالقلب ، أو قال : إنه العمل
بالجوارح والمعرفة بالقلب ، دون الإقرار باللسان فرق ؟ فلن يقول في شيء من ذلك
قولا إلا ألزم في الآخر مثله ، وأما الذين قالوا : إن الإقرار والعمل هو الإيمان
دون المعرفة بالقلب ، والذين قالوا : إن المعرفة بالقلب هي الإيمان دون الإقرار
باللسان والعمل بالجوارح ، والذين قالوا : إن الإيمان هو الإقرار دون المعرفة
والعمل ، فإن للبيان عن خطأ قولهم كتابا يفرد إن شاء الله ، إذ كان كتابنا هذا
مخصوصا بالبيان عن آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم على مذاهب السلف من أهل
النقل دون أقوال أهل الجدل ، وكانت هذه المذاهب الثلاثة الأخر من مذاهب أهل الجدل
__________
(1) سورة : يوسف آية رقم : 17
(2) سورة : المنافقون آية رقم : 1
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول عبد الله بن مسعود : يقولون :
ما فينا كافر ولا منافق ، جذ الله أقدامهم . يعني بقوله : جذ الله أقدامهم قطع
الله أقدامهم ، وأصل الجذ القطع ، يقال منه : جذذت الحبل فأنا أجذه جذا ، وهو حبل
مجذوذ ، ومنه قول الله تعالى ذكره : ( إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ (1) ) يعني
بقوله : ( عطاء غير مجذوذ ) غير مقطوع ، ولكنه دائم لأهله متصل ، ومنه قيل للفتيت
من الخبز : جذيذة ؛ لأنه مكسر مفتت ، صرفت من مجذوذة ، وهي مفعولة إلى فعيلة ،
فقيل : جذيذة ، والجذ ، والجد ، والجذم ، والجزل ، والقصل والقصب بمعنى واحد ، وأما
قول بكر بن عبد الله المزني : لو انتهيت إلى المسجد وهو غاص بأهله ، مفعم من
الرجال ، فإنه يعني بقوله : مفعم من الرجال ، مملوء منهم ، يقال منه للعظيم الخلق
من الإنس والبهائم الممتلئ لحما : فعم ، وللساق الممتلئ من اللحم : فعم ، ومنه قول
نابغة بني ذبيان في صفة فرس : فعما نبيل الخلق يسبق عدوه نظر البصير غياية وبراحا
وقول العجاج في وصفه بحرا بالامتلاء من الماء : أراح بعد الغم والتغمغم خشب نفاها
دلظ بحر مفعم يمده آذي بحر عيلم ويقال : أفعم فلان القربة ، إذا ملأها ماء ، وقربة
مفعمة ، إذا كانت مملوءة وأما قول حذيفة بن اليمان : لتسلكن سنن من كان قبلكم حذو
القذة بالقذة . فإنه يعني بالقذة الريشة الواحدة من ريش السهم ، تجمع قذذا ، كما
روي عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر قوما يمرقون من
الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فقال : فأخذ سهمه ، فنظر في نصله فلم ير شيئا ،
ثم نظر في رصافه ، فلم ير شيئا ، ثم نظر في القذذ ، فتمادى أيرى شيئا أم لا ،
فالقذذ الذي أخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا الرامي نظر إليها ، هي جمع القذة ،
والقذة هي ما وصفت ، وإنما أراد حذيفة بقوله : لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة
بالقذة أن أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيتبعون آثار من قبلهم من الأمم حذو
القذة بالقذة ، وذلك كما يقدر باري السهام الريش التي يركبها عليها حتى يكون بعضها
مساويا بعضا ، متحاذيات غير مختلفات بالاعوجاج ، فكذلك أنتم أيتها الأمة ، في
مشابهتكم من قبلكم من الأمم فيما عملوا به في أديانهم ، وأحدثوا فيها من الأحداث ،
وابتدعوا فيها من البدع والضلالات ، تسلكون سبيلهم ، وتستنون في ذلك سنتهم
__________
(1) سورة : هود آية رقم : 108
ذكر ما لم يمض ذكره من أخبار سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك ما :
2028 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثني أبي ، عن سفيان ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الماء لا ينجسه شيء »
2029
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن سماك
بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من
جنابة (1) ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ من فضلها ، وقال : « إن الماء لا
ينجسه شيء »
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2030
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس أن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت منه ، فقال : «
إن الماء لا يجنب (1) »
__________
(1) لا يجنب : لا يَصِيرُ الشيء جُنُبا يَحْتَاج إلى الغُسْل لِمُلاَمَسَة الجُنُب
إيَّاها
2031
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك
، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الماء لا
يجنب (1) »
__________
(1) لا يجنب : لا يَصِيرُ الشيء جُنُبا يَحْتَاج إلى الغُسْل لِمُلاَمَسَة الجُنُب
إيَّاها
2032
- حدثنا أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم ، قال : حدثنا محمد بن سعيد بن
الأصبهاني ، ومسدد بن مسرهد ، ويوسف بن عدي ، قالوا : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك
، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : اغتسل بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم
من جفنة (1) ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليغتسل منها أو ليتوضأ ، فقالت
له : يا رسول الله ، إني كنت جنبا (2) ، فقال : « إن الماء لا ينجس »
__________
(1) الجفان : جمع جفنة وهي القصعة أو البئر الصغيرة
(2) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2033
- حدثني محمد بن سهل بن عسكر البخاري ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا
الثوري ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
اغتسلت غسلها من الجنابة (1) ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها فقالت
: يا رسول الله ، هذا فضل غسلي من الجنابة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إن الماء لا ينجسه شيء » القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ،
وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلل ، إحداهن : أنه خبر قد حدث
به عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس جماعة ، فجعلوه عنه ، عن ميمونة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعله بعضهم عن ابن عباس ، عن
بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، عن النبي عليه السلام ، وذلك مما ينبئ عن أن
ابن عباس لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، والثانية : أنه حدث به بعضهم ،
عن سماك ، عن عكرمة ، فأرسله عنه ، ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم
ابن عباس ولا غيره ، وذلك مما يدل عندهم على وهائه ، والثالثة : أنه حدث به عن ابن
عباس غير عكرمة ، فجعله من كلام ابن عباس ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، والرابعة : أنه من رواية عكرمة ، عن ابن عباس ، وفي نقل عكرمة عندهم نظر
يجب التثبت فيه من أجله ، والخامسة : أنه خبر قد رواه عن ابن عباس غير عكرمة ،
فوقف به على ابن عباس ، مخالفا معناه معنى ما روى عكرمة عنه من ذلك ، والسادسة :
أنه خبر قد حدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير رواية ابن عباس مخالفا
معناه معنى ما روى عكرمة ، عن ابن عباس ، والسابعة : أن الأمة مجمعة على خلاف
ظاهره ، وفي ذلك كفاية من الاستشهاد على وهائه بغيره
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
ذكر من حدث هذا الحديث فجعله : عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2034
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أسود ، عن شريك ، عن سماك ، عن ابن عباس ، عن
ميمونة قالت : اغتسلت في جفنة (1) وفضلت مني فضلة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه
وسلم يريد أن يغتسل أو يتوضأ ، فقلت : إني قد اغتسلت منه فقال : « إن الماء لا
ينجسه شيء »
__________
(1) الجفان : جمع جفنة وهي القصعة أو البئر الصغيرة
2035
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا فردوس ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة
، عن ابن عباس قال : قالت : أجنبت (1) أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فاغتسلت من جفنة (2) ففضلت فيها فضلة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل
منها ، فقلت : إني قد اغتسلت منها فقال : « ليس عليه جنابة (3) »
__________
(1) أجنب : من الجنابة وهي فقد الطهارة عن طريق نزول المني أو الجماع
(2) الجفان : جمع جفنة وهي القصعة أو البئر الصغيرة
(3) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2036
- حدثني محمد بن سهل بن عسكر ، قال : حدثني يحيى بن حسان ، والحسن بن الربيع ،
قالا : حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن ميمونة مثل حديث عبد
الرزاق ، عن الثوري ، أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت غسلها من
الجنابة ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها فقالت : يا رسول الله هذا
فضل غسلي من الجنابة (1) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الماء لا
ينجسه شيء »
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2037
- حدثنا عبيد الله بن عبد الكريم ، قال : حدثنا الحسن بن عطية القرشي ، قال :
حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن ميمونة ، قالت : أجنبت (1)
أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلت من جفنة (2) ، ففضلت (3) منها فضلة ،
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يغتسل منه ، فقلت : يا رسول الله ، إني قد
اغتسلت منه فقال : « ليس على الماء جنابة (4) »
__________
(1) أجنب : من الجنابة وهي فقد الطهارة عن طريق نزول المني أو الجماع
(2) الجفان : جمع جفنة وهي القصعة أو البئر الصغيرة
(3) فضل : بقي وزاد عن الحاجة
(4) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
ذكر من حدث هذا الحديث ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، فقال فيه ، عن ابن عباس ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
2038
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، قال : حدثنا سفيان ، عن سماك ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، عن بعض ، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنها اغتسلت من
الجنابة (1) ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ من فضلها ، فقالت له : إني
اغتسلت منه ، فقال : « إن الماء لا ينجسه شيء »
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
ذكر من حدث هذا الحديث فقال فيه عن سماك ، عن عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسله ، ولم يجعل بينه وبين النبي عليه السلام أحدا
2039 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه أراد أن يتوضأ ، فقالت امرأة من نسائه : إني توضأت منه فتوضأ منه وقال : « إن الماء لا ينجسه شيء »
2040 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك ، عن عكرمة ، قال : إن المرأة قالت : يا رسول الله ، فضل غسلي فقال : « إن الماء لا ينجس »
2041 - حدثنا المقدمي ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل مع المرأة من نسائه ، فجاء ذات يوم يغتسل ، فقالت إحداهن : إنه بقية غسلي قال : « إن الماء لا ينجس » ذكر من حدث هذا الحديث عن ابن عباس ، فجعله من كلام ابن عباس ، ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
2042
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا شعبة ، عن
سليمان ، عن يحيى بن عبيد ، عن ابن عباس قال : سأله رجل قال : الحمام يغتسل في
الحوض الرهط (1) ، فيهم الجنب (2) ؟ فقال : « إن الماء لا ينجسه شيء »
__________
(1) الرهط : الجماعة من الرجال دون العشرة
(2) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2043
- حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن
يحيى أبي عمر ، قال : سئل ابن عباس عن الغسل من ماء الحمام يغتسل فيه الجنب (1)
قال : « الماء لا ينجسه شيء »
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2044 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن ابن عباس ، قال : « أربع لا تنجس : الأرض ، والثوب ، والماء ، والإنسان »
2045 - حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا شريك ، عن جابر ، عن عامر ، عن ابن عباس قال : « لا ينجس الثوب ، ولا الماء ، ولا الإنسان ، ولا الأرض »
2046 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عطية ، قال : حدثنا زهير ، عن العلاء بن مسيب ، قال : سمعت حبيب بن أبي ثابت ، قال : قال ابن عباس : « لا ينجس الماء ، ولا الأرض » ولهذا الحديث عندهم علة ثامنة ، وهي أن الذي يروى عن عكرمة من فتياه في ذلك غير ظاهر هذه الرواية ، وفي ذلك عندهم دليل على أنه لو كان عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر بذلك ، لما خالفه إلى غيره
ذكر ذلك
2047
- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عمر
بن عطاء ، عن عكرمة ، قال : « إذا كان الماء ذنوبا (1) أو ذنوبين ، لم ينجسه شيء »
__________
(1) الذَّنُوب : الّدَلْو العظيمة
2048
- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال :
أخبرني عمرو بن مسلم أنه سمع عكرمة ، يقول : « إذا كان الماء ذنوبا (1) أو ذنوبين
، لم ينجسه شيء »
__________
(1) الذَّنُوب : الّدَلْو العظيمة
2049
- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال :
أخبرني عمرو بن مسلم ، أنه سمع عكرمة ، يقول : « إذا كان الماء ذنوبا (1) أو
ذنوبين ، لم ينجسه شيء » ، وقد وافق ابن عباس في رواية هذا الخبر عن النبي صلى
الله عليه وسلم من أصحابه جماعة
__________
(1) الذَّنُوب : الّدَلْو العظيمة
ذكر من وافقه منهم في ذلك
2050 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن سليط بن أيوب بن الحكم ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري سعد بن مالك يقول : قلت : يا رسول الله ، إن بئر بضاعة يستقى لك منها ، وإنه يلقى فيه المحايض ، والجيف ، وعذر الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « الماء طهور لا ينجس »
2051 - حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرني محمد ، قال : أخبرنا رجل من الأنصار ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي ، عن أبي سعيد الخدري قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه يستقى لك من بئر يقال لها بضاعة - وهي بئر في بني ساعدة - يطرح فيها لحوم الكلاب ، ومحايض النساء فقال : « الماء طهور لا ينجسه شيء »
2052
- حدثنا أبو زرعة الرازي ، قال : حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني ، قال : حدثنا
محمد بن سلمة ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن سليط بن أيوب ، عن عبد الرحمن بن
رافع الأنصاري ، عن أبي سعيد ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال
له : إنه يستقى لك من بئر بضاعة وهو يلقى فيها لحوم الكلاب ، والمحايض ، وعذرة (1)
الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الماء طهور لا ينجسه شيء »
__________
(1) العذرة : الغائط والبراز
2053 - حدثني عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرني ابن أبي ذئب ، عمن لا يتهم ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قيل : يا رسول الله ، إنك تتوضأ من بضاعة ، وهو يطرح فيها ما ينجي الناس ، والمحايض ، ولحوم الكلاب ، فقال : « إن الماء لا ينجسه شيء »
2054 - حدثنا عبيد الله بن عبد الكريم ، قال : حدثنا داود بن بلال السعدي أبو سليمان ، قال : حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن مطرف ، عن خالد بن أبي نوف ، عن سليط ، عن ابن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، وحدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا الحسن بن سهل الجعفري ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، وأسباط بن محمد ، قالا : حدثنا مطرف ، عن خالد السجستاني ، عن محمد بن إسحاق ، عن سليط ، عن أبي سعيد - والحديث حديث داود - قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بضاعة ، فقلت : يا رسول الله ، أتتوضأ منها ويلقى فيها ما يلقى من النتن فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الماء لا ينجسه شيء »
2055
- حدثني عبد الله بن محمد ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال :
أخبرنا هشام بن حسان ، عن واصل ، عن خالد بن كثير الهمداني ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « إذا بلغ الماء قلتين (1) لم يحمل نجسا »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2056 - حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، قال : حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة ، قال : حدثني الوليد بن كثير المخزومي ، قال : قيل : يا رسول الله ، أتتوضأ من بئر بضاعة ؟ قال : وهي بئر يطرح فيها النتن ، والمحايض ، ولحوم الكلاب ، فقال : « الماء طهور ، لا ينجسه شيء »
2057 - حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قيل : يا رسول الله ، إنك تتوضأ من بئر بضاعة ، وهي يطرح فيها ما ينجي الناس ، والمحايض ، ولحوم الكلاب ، فقال : « إن الماء لا ينجسه شيء »
2058
- حدثنا أبو زرعة ، قال : حدثنا محمد بن الصباح ، قال : حدثنا شريك ، عن طريف ، عن
أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال أبو زرعة : وحدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، قال
: حدثنا شريك ، عن طريف البصري ، عن أبي نضرة ، عن جابر ، أو أبي سعيد - والحديث
لابن الصباح - قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرنا ، فانتهينا إلى
غدير فيه جيفة - قال : أراه حمارا - فلم نمسه حتى جاء رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : « ما لكم ؟ » قلنا : هذه جيفة (1) قال : « إن الماء لا ينجسه شيء » ،
فاستقينا (2) وأسقينا
__________
(1) الجِيفَة : جُثة الميت إذا أنْتَن
(2) استقى الماء ومنه : أخذ منه
2059
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، قال : حدثنا قرة بن سليمان ، عن سليمان بن أبي داود
، حدثنا أبو مسكين ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : « نزلنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم منزلا ، وإلى جانبنا غدير فيه جيفة (1) ، فاستأذنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن نتوضأ به وفيه جيفة ، فأذن لنا »
__________
(1) الجِيفَة : جُثة الميت إذا أنْتَن
2060
- حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، قال : حدثنا ابن أبي أويس ، قال : حدثني عبد الرحمن
بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض (1) التي بين مكة والمدينة ، وقالوا : تردها
السباع (2) والحمير ، والكلاب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما في
بطونها لها ، وما بقي فهو لنا طهور »
__________
(1) الحياض جمع الحوض وهو : موضع تجمع الماء
(2) السبع : كل ما له ناب يعدو به
2061 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني عبد الرحمن بن زيد ، عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن الحياض بين مكة والمدينة ، فقيل : إنها تردها الكلاب ، والسباع ، والحمير ، فكيف لنا بالطهور منها يا نبي الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لها ما في بطونها منه ، وما غبر فهو لنا طهور »
2062 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا شريك ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الماء لا ينجسه شيء »
2063
- حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد
بن إسحاق ، قال : حدثني سليط بن أيوب بن الحكم الأنصاري ، عن عبيد الله بن عبد
الرحمن بن رافع الأنصاري ، ثم أخي بني عدي بن النجار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال :
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه يستقى لك من بئر بضاعة - بئر بني ساعدة -
وهي بئر يطرح فيها محايض النساء ، ولحم الكلاب ، وعذر (1) الناس ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « إن الماء طهور لا ينجسه شيء »
__________
(1) العذرة : الغائط والبراز
2064
- حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثنا يعقوب ، قال : حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، قال
: وحدثني عبد الله بن أبي سلمة أن عبد الله بن عبد الله بن رافع حدثه أنه سمع أبا
سعيد الخدري يحدث أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، أتتوضأ
من بئر بضاعة ، وهي بئر يطرح فيها المحيض (1) ، ولحم الكلاب ، والنتن فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « إن الماء طهور لا ينجسه شيء » القول في البيان عما في
هذا الخبر من الفقه ، وعن معناه إن قال لنا قائل : فما أنت قائل في هذا الخبر ،
أصحيح عندك أم سقيم ؟ فإن قلت : هو سقيم ، قيل لك : وما الذي أسقمه ، ورواته عندك
ثقات ؟ وإن قلت : هو صحيح ، قيل لك : أفتقول : إن الماء لا ينجسه شيء ؟ وإن قلت :
نعم ، قيل لك : فما أنت قائل في الماء إذا غلب عليه لون النجاسة ، وريحها أو طعمها
، أنجس هو أم غير نجس ؟ فإن قلت : هو نجس ، قيل لك : فقد خالفت ظاهر هذا الخبر ،
وذلك أن ظاهره أنه لا ينجسه شيء ، وقد قضيت أن النجاسة قد نجسته بغلبتها عليه
باللون أو الطعم أو الريح ، وإن قلت : هو غير نجس ، وأجزت التطهر به ، خالفت بذلك
من القول ما عليه الأمة مجمعة من حكمها له بالنجاسة ، وراثة عن نبيها ، وقيل لك مع
ذلك : ما جعله إذا غلبت عليه النجاسة حكم الماء به أولى من حكم النجاسة ؟ قيل له :
إن السلف من علماء الأمة مختلفون في معنى هذا الخبر ، أو في حكم الماء إذا حلت فيه
نجاسة ، فلم تغير له لونا ، ولا طعما ، أو غيرت ذلك منه . فقال بعضهم بتصحيحه
واستعمال ظاهره ، وقال : الماء لا ينجسه شيء
__________
(1) المحيض : الحيض وهو الدم الذي يسيل من رحم المرأة في أيام معلومة كل شهر وهو
علامة بلوغ الفتاة
ذكر من قال ذلك
2065
- حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال :
قرأت على فضيل ، عن أبي حريز أن عامرا حدثه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال
لبعض أصحابه : إيتني بطهور ، فذهب الرجل ليأتيه ، فإذا هو بسقاء معلق ، فقالت له
امرأة : إنه ميتة ، قال : ارجع إليها فسلها ، فقالت : نعم ، فأتاه منه بطهور فتطهر
، قال : ودفع عمر رضي الله عنه يوما إلى ضحضاح (1) من ماء السماء ، فقال بعضهم :
إن هذا قد ولغت (2) فيه الكلاب ، والسباع ، لو تقدمت ، فقال : « إنما أسقت في
بطونها ، ولا يجنب (3) الماء شيء »
__________
(1) الضحضاح : ما رق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين
(2) ولغ : شرب منه بأطراف لسانه أو أدخل فيه لسانه فحركه
(3) لا يجنب : لا يَصِيرُ الشيء جُنُبا يَحْتَاج إلى الغُسْل لِمُلاَمَسَة الجُنُب
إيَّاها
2066 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن داود ، قال : قال سعيد بن المسيب : « أنزل الله الماء طهورا ، فلا ينجسه شيء »
2067 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن داود ، عن سعيد بن المسيب ، قال : « أنزل الله الماء طهورا ، لا ينجسه شيء »
2068 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن داود ، قال : سألت سعيد بن المسيب عن الحياض يكون فيها أبوال الإبل وأبعارها ، فقال : « الماء طهور لا ينجسه شيء »
2069 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة السوائي قال : حدثني حفص بن غياث ، قال : حدثنا داود بن أبي هند ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : هذه الغدران التي بطريق مكة تروث فيها الدواب وتبول ، حتى إنا لنجد طعمه وريحه ؟ قال : « الماء طهور لا ينجسه شيء »
2070 - حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا داود ، قال : سمعت ابن المسيب ، يقول : « الماء طهور لا ينجسه شيء »
2071
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، قال : حدثني عبيد الصيد
، قال : سألت الحسن عن جرتين (1) - أو قلتين (2) - من ماء وقع فيهما جيفة (3) ،
وشرب منهما كلب ، وبال فيهما حمار ؟ قال : « توضأ واشرب »
__________
(1) الجرُّ والجِرَار : جمع جَرَّة، وهو إناء من الفَخَّار أو الخزف
(2) القلتان : نحو أربعين دلوا
(3) الجِيفَة : جُثة الميت إذا أنْتَن
2072 - حدثنا أبو كريب ، وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، عن عيسى بن المغيرة أنه سأل سعيد بن جبير ، فقال : الماء الذي يدخل الناس فيه أيديهم ؟ فقال : « إن الماء لا ينجسه شيء »
2073 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عيسى بن المغيرة ، قال : سألت سعيد بن جبير عن المطهرة ؟ فقال : « الماء لا ينجسه شيء »
2074
- حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال :
سألت عطاء عن الوضوء الذي بباب المسجد ، فقال له إنسان : إن أناسا يتوضئون منه ،
قال : لا بأس به ، قلت له : أكنت متوضئا منه ؟ قال : نعم ، فراددته في ذلك ، فقال
: لا بأس ، قد كان على عهد ابن عباس ، وهو جعله ، وقد علم أنه يتوضأ منه النساء
والرجال ، والأسود ، والأحمر ، فكان لا يرى به بأسا ، ولو كان به بأس لنهى عنه ؟
قلت له : فإني رأيت إنسانا ليلة متكشفا مشرفا على الوضوء يغرف بيده على فرجه ثم
ينصب في الوضوء ، مما يغرف على فرجه قال : فتوضأ منه فليس عليك ، قلت : وقد رأيته
؟ قال : نعم ، إن الدين سمح (1) ، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « اسمح
يسمح لك » ، وقد كان من مضى لا يتثبتون في هذا ، ثم قال : وأنا أراجعه (2) في
الوضوء الذي بباب المسجد قال : وهذه الإضاء تلغ فيها الحمر ، والكلاب ، والذئاب ،
والسباع ، والناس يشربون منها ، ويغتسلون ويتوضئون
__________
(1) سَمُح : لان وسهل
(2) المراجعة : معاودة الكلام ورده والمحاورة فيه
2075 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا مندل بن علي ، عن ابن جريج ، قال : قلنا لعطاء : ما ترى من الوضوء في الحوض الذي بباب المسجد الحرام ؟ قال : « توضأ منه » ، ثم ذكر نحو حديث الحسن بن يحيى ، عن عبد الرزاق
2076
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة بن مقسم ، عن حماد بن أبي سليمان
، عن إبراهيم ، قال : « لأن أتوضأ بالطرق أحب إلي من أن أتيمم بالصعيد (1) » ، قال
المغيرة : « الطرق الماء المستنقع يكون فيه أبوال الدواب ، وأرواثها (2) والقذر »
وقال آخرون منهم : هذا خبر مجمل قد فسرته أخبار أخر وردت عن النبي صلى الله عليه
وسلم بتفسيره ، ثم اختلف قائلو هذا القول ، فيما بينهم ، مع إجماع جميعهم على أن
الماء ينجس بغلبة لون النجاسة عليه ، أو طعمه ، أو ريحه ، فقال بعضهم : لا ينجس
الماء الطاهر ، وإن قل إلا بتغير لونه أو طعمه ، أو ريحه بغلبة النجاسة عليه ،
فأما ما لم يتغير له لون أو طعم أو ريح بذلك ، فهو طاهر جائز شربه ، والاغتسال به
، والوضوء ، قالوا : وإنما ينجس بغلبة لون النجاسة عليه ، أو طعمه ، أو ريحه ؛
لأنه إذا غلب ذلك عليه ، فإنه غير مستحق اسم ماء ، بل إنما هو مسمى بما غلب عليه ،
قالوا : وإنما أمر الله تعالى ذكره عباده المؤمنين إذا قاموا إلى صلاتهم بغسل ما
أمرهم بغسله بالماء ، فقال : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا (3) ) ، قالوا :
وما غلبت النجاسة فيه باللون ، أو الطعم ، أو الريح ، فليس بالماء الذي يجوز
التطهر به
__________
(1) الصعيد : التراب
(2) الروث : رجيعُ ذوات الحافرِ من الحيوانات
(3) سورة : النساء آية رقم : 43
ورووا بذلك أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبارا ، منها ما :
2077 - حدثني به أبو شرحبيل الحمصي عيسى بن خالد قال : حدثنا خالد بن خلي ، قال : حدثنا بقية ، عن ثور ، عن خالد أن معاذ بن جبل ، قال : « أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجدنا الماء لم يتغير طعمه ، ولا ريحه أن نتوضأ منه ونشرب »
2078 - حدثني أبو شرحبيل ، قال : حدثنا مروان بن محمد الطاطري ، قال : حدثنا رشدين بن سعد ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الماء طهور إلا ما غلب على ريحه ، وطعمه »
2079 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا محمد بن يزيد ، قال : حدثنا رشدين بن سعد ، عن معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا ينجس الماء إلا ما غير ريحه أو طعمه » وقال آخرون ممن وافق هؤلاء في أن خبر ابن عباس الذي ذكرناه قبل خبر مجمل له مفسر من الأخبار : قد ينجس الماء ، وإن لم يتغير له لون ولا طعم ، ولا ريح ، بمخالطة النجاسة إياه ، إلا أن يكون الماء الذي تخالطه النجاسة ، فلا يغلب عليه لونها ، ولا طعمها ، ولا ريحها ، كمياه المصانع ، والبرك التي بين مكة والمدينة ، فإن النجاسة إذا خالطت مثل ذلك الماء فلم تغير له لونا ، ولا طعما ، ولا ريحا لم تنجسه
ذكر من قال ذلك
2080 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا أبان بن صمعة ، قال : حدثنا عكرمة أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه مر بحوض فقال لأصحابه : « اسقوني » ، فقالوا : يا أمير المؤمنين بل نسقيك من الركاء ، قال : بل اسقوني من هذا الحوض ، بات تسفقه الرياح ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن السباع قد باتت تلغ فيه ، قال : « ما شربت منه السباع ، فقد حملته في بطونها ، فاسقوني منه » ، قال : فسقوه منه
2081
- حدثنا هناد بن السري ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال : مر
عمر بحوض ، فأراد أن يتوضأ منه ، قال : فقال أصحاب الحوض : إنه تلغ فيه السباع ،
والكلاب ، قال : فقال عمر : « ما ولغت (1) في بطونها » ، ثم توضأ
__________
(1) ولغ : شرب منه بأطراف لسانه أو أدخل فيه لسانه فحركه
2082 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، قال : مر عمر بن الخطاب رضوان الله عليه على حوض مجنة ، فأراد أن يتوضأ فقيل له : إنه تلغ فيه السباع ، والكلاب ، فقال : « لها ما أخذت في بطونها »
2083
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا أيوب ،
عن عكرمة أن عمر أتى على حياض ، أو حوض ، فقيل : إن الكلاب قد ولغت (1) فيها ،
فقال : « قد ذهبت بما ولغت في بطونها » ، قال أيوب : وأحسبه قال : وبقي ما تلغ فيه
، قال : وقال عمرو بن دينار : إنما ولغت بألسنتها
__________
(1) ولغ : شرب منه بأطراف لسانه أو أدخل فيه لسانه فحركه
2084 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن توبة العنبري يحدث أنه سمع سلمان بن عتاب يحدث عن جده ، قال : سألت أبا هريرة ، قال : قلت : إنا نرى الحوض يكون فيه السؤرة من الماء ، فيلغ فيه الكلب ، ويشرب منه الحمار ؟ قال : « توضأ منه ، فإن الماء لا يحرمه شيء »
2085
- حدثني يعقوب ، قال : حدثنا إسماعيل ، قال : حدثنا حبيب بن شهاب ، عن أبيه ، قال
: سألت أبا هريرة عن سؤرة (1) الحوض يشرب منها الحمار ، ويلغ فيه الكلب ، قال : «
لا يحرم الماء شيء »
__________
(1) السؤر : سؤر كل شيء بقيته
2086 - حدثني الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، عن عكرمة مولى ابن عباس : أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه جاء ماء مجنة ، فقيل له : إن الكلب قد ولغ في حوض مجنة ، قال : « وهل ولغ فيه إلا بلسانه ؟ فشرب منه واستقى »
2087
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا أشهب بن عبد العزيز ، قال : سئل مالك ،
عن البرك العظام ، مثل برك ما بين مكة والمدينة العظام ، يكون فيها الماء الكثير
يغتسل فيها الجنب (1) ؟ فقال : « لا أرى به بأسا إذا كثر هكذا » فقيل له : إذا كثر
ماؤها ؟ فقال : « نعم »
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2088
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا أشهب ، قال : سئل مالك عن الجرة (1)
فيها الماء توجد فيه الوزغة ميتة ، أيتوضأ منه ؟ فقال : « لا » ، فقيل له : أرأيت
إن توضأ به وصلى ، أيعيد الصلاة ؟ فقال : « نعم ، يعيدها ما كان في الوقت » وعلة
قائلي هذه المقالة : أن ما كان من الماء بقدر ما حدوه من ذلك ، لو كان يحتمل
النجاسة ما كان جائزا التطهر بماء واقف بحال ؛ لأنه لا ماء واقف يخلو من سقوط بعض
ما ينجس بسقوطه فيه القليل من الماء ، وفي إجماع الجميع على أن من المياه الواقفة
ما هو طاهر لا ينجسه سقوط نجاسة فيه ، ما يقضي لما حدوه من الماء بالطهارة إذا
سقطت فيه النجاسة وقال آخرون منهم : إذا كان الواقف من الماء ، ما إذا حرك أحد
جوانبه لم يتحرك سائر جوانبه ، ولم يخلص بعضه إلى بعض ، كان في معنى البطائح ،
والبحر ، فإذا كان كذلك ، فسقطت فيه نجاسة ، نجس منه الموضع الذي سقطت فيه النجاسة
دون سائره . قالوا : وإن كان ذلك الواقف ما إذا حرك بعض نواحيه لم يتحرك سائر
نواحيه ، ووصل بعضه إلى بعض ، إذا تنجست ناحية منه وامتزج بعضه ببعض بسقوط ما يسقط
فيه من النجاسة ، نجس جميعه إذا سقطت فيه النجاسة . وهذا قول يروى عن أبي حنيفة ،
وأبي يوسف ، ومحمد أنهم كانوا يقولونه ، وعلتهم فيما قالوا من ذلك نظيرة علة قائلي
القول الذي قبله ، وقال آخرون منهم : إنما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : «
الماء لا ينجسه شيء » إذا كان أربعين قلة أو أربعين غربا ، فأما إذا كان أقل من
ذلك فإنه ينجسه ما وقع فيه من نجاسة
__________
(1) الجرُّ والجِرَار : جمع جَرَّة، وهو إناء من الفَخَّار أو الخزف
ذكر من قال ذلك
2089 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ، قال : حدثني أيوب بن سويد ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : « إذا كان الماء أربعين قلة فلا ينجسه شيء »
2090 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : « إذا بلغ الماء أربعين قلة ، لم ينجسه شيء »
2091 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا روح بن القاسم ، عن محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : « إذا بلغ الماء أربعين قلة ، لم ينجسه شيء »
2282 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن أيوب ، عن محمد بن المنكدر ، قال : « إذا بلغ الماء أربعين قلة ، فلا ينجسه شيء »
2283 - حدثني عبد الله بن محمد الحنفي ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي أيوب ، قال : حدثنا بشير بن أبي عمرو الخولاني ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، عن أبي هريرة ، قال : « إذا كان الماء أربعين غربا لم يفسده شيء »
2284
- حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا ابن
لهيعة ، قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن عمرو بن حريث ، عن أبي هريرة ، قال : «
لا يجنب (1) أربعين دلوا (2) شيء »
__________
(1) لا يجنب : لا يَصِيرُ الشيء جُنُبا يَحْتَاج إلى الغُسْل لِمُلاَمَسَة الجُنُب
إيَّاها
(2) الدلو : إناء يُستقى به من البئر ونحوه
2285
- حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا
ابن لهيعة ، قال : حدثني يزيد ، أن ابن عباس ، قال : « الحوض لا يغتسل فيه الجنب
(1) إلا أن يكون أربعين غربا »
__________
(1) الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم،
وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع
الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
2286 - حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي ، يقول : « إذا كان الماء أربعين غربا فلا بأس »
2287 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن محمد بن المنكدر ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : « إذا كان الماء أربعين قلة لم ينجسه شيء » وقال آخرون منهم : إنما معناه : إذا كان الماء كرا لم ينجسه شيء
ذكر من قال ذلك
2288 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : أخبرنا ليث ، عن يزيد ، عن مسروق ، قال : « إذا بلغ الماء كرا فلا ينجسه شيء »
2289 - حدثني عبد الله بن محمد ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا سفيان ، عن ليث ، عن يزيد بن أبي سليمان ، عن مسروق ، قال : « إذا كان الماء كرا لم ينجسه شيء »
2290 - حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا سفيان ، وذكر بعض أصحابنا أن إبراهيم كان يقول : « إذا كان الماء كرا لم ينجسه شيء »
2291 - حدثني عبد الله ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا حماد بن زيد ، عن سعيد بن أبي صدقة ، عن محمد ، قال : « إذا بلغ الماء كرا لم ينجس »
2292 - حدثني نجيح بن إبراهيم ، قال : أخبرنا علي بن حكيم ، قال : أخبرنا حميد بن عبد الرحمن ، قال : كان حسن بن صالح « لا يرى بالوضوء من الطرق بأسا » ، قال حميد : والطرق : الذي تخوضه الدواب ، وتبول فيه وتروث ، الآجن المتغير ، إذا كان كثيرا فوق الكر وقال آخرون منهم : إنما معناه : إذا كان قلتين من قلال هجر لم يحتمل نجسا
ذكر من قال ذلك
2293
- حدثني محمد بن سنان القزاز ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني
لوط ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : « إذا كان الماء قلتين (1)
لم يحمل نجسا »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2294
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ،
عن مجاهد ، قال : « إذا بلغ الماء قلتين (1) لم ينجسه شيء »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2295
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو تميلة ، قال : حدثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن
مجاهد ، قال : « إذا كان الماء قلتين (1) لم ينجسه شيء »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2296
- حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عاصم بن المنذر ،
عن رجل ، عن ابن عمر ، قال : « إذا كان الماء قلتين (1) فإنه لا ينجس »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2297
- حدثني عبد الله بن محمد ، قال : أخبرنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال :
أخبرنا ابن لهيعة ، عن سعيد بن نشيط مولى بني نصر ، عن سليم بن عبد الله بن جنادة
الفهمي ، عن أبي هريرة ، قال : « إذا وردت - يعني الكلاب - الماء الجاري فسم الله
واشرب ، وإذا وردت الركية (1) فانضح منها ثلاثا ، ثم اشرب ، وإذا وردت الحكر
الصغير فلا تطعمه »
__________
(1) الركية : البئر
2298
- وعلة قائلي هذه المقالة من الأثر ، ما حدثني موسى بن عبد الرحمن الكندي ، قال : حدثنا
أبو أسامة ، قال : حدثنا الوليد بن كثير ، عن محمد بن جعفر ، عن عبد الله بن عبد
الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما
ينوبه (1) من الدواب والسباع فقال : « إذا كان قلتين (2) لم ينجسه شيء »
__________
(1) نابه : قصده
(2) القلتان : نحو أربعين دلوا
2299
- حدثني به موسى مرة أخرى بإسناده فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «
إذا كان الماء قلتين (1) لم يحمل الخبث (2) »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
(2) الخبث : النجس
2300
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن الوليد بن كثير ، عن محمد بن عباد
بن جعفر ، عن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن
الماء وما ينوبه (1) من السباع ، والدواب ، فقال : « إذا كان الماء قلتين (2) لم
يحمل الخبث (3) »
__________
(1) نابه : قصده
(2) القلتان : نحو أربعين دلوا
(3) الخبث : النجس
2301
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر
بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : سمعت النبي صلى
الله عليه وسلم وهو يسأل عن الماء يكون في أرض الفلاة (1) وما ينوبه (2) من السباع
، والدواب ، فقال : « إذا كان الماء قدر قلتين (3) لم يحتمل الخبث (4) »
__________
(1) الفلاة : الصحراء والمفازة ، والقفر من الأرض ، وقيل : التي لا ماء بها ولا
أنيس
(2) نابه : قصده
(3) القلتان : نحو أربعين دلوا
(4) الخبث : النجس
2302
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، وجرير ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن
جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم ، وقوم من الأعراب يسألونه عن المياه التي تكون في الفلاة (1)
وما ينتابه وما ينوبها من الدواب والسباع ، فقال : « إذا كان الماء قلتين (2) لم
يحمل الخبث (3) »
__________
(1) الفلاة : الصحراء والمفازة ، والقفر من الأرض ، وقيل : التي لا ماء بها ولا
أنيس
(2) القلتان : نحو أربعين دلوا
(3) الخبث : النجس
2303
- حدثنا حميد بن مسعدة السامي ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا محمد بن
إسحاق ، قال : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ،
عن عبد الله بن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الماء يكون
بالفلاة من الأرض ، وما ينوبه (1) من السباع والدواب فقال : « إذا كان الماء قلتين
(2) لم يحمل الخبث (3) »
__________
(1) نابه : قصده
(2) القلتان : نحو أربعين دلوا
(3) الخبث : النجس
2304
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن حماد بن سلمة ، عن عاصم بن المنذر ، عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول
: « إذا كان الماء قلتين (1) أو ثلاثا لم ينجسه شيء »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2305
- حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا ابن سلمة ، عن عاصم بن
المنذر بن الزبير ، قال : دخلت مع عبيد الله بن عبد الله بن عمر بستانا وفيه مقرى
، فيه جلد بعير ميت ، فذهب يتوضأ منه ، فقلت له : توضأ منه وهو جلد بعير ميت
فحدثني عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا بلغ الماء قلتين (1) أو
ثلاثا لم ينجسه شيء »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2306
- حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا زيد بن حباب ، عن حماد بن سلمة ، عن رجل ، عن سالم
، قال : حدثني أبي أنه ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « إذا كان الماء
قلتين (1) أو ثلاثا لم ينجسه شيء »
__________
(1) القلتان : نحو أربعين دلوا
2307
- حدثنا عمرو بن علي الباهلي ، ومجاهد بن موسى ، قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، قال
: أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله
بن عمر ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء يكون
بفلاة (1) من الأرض تنتابه الدواب والسباع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إذا بلغ الماء قلتين (2) لم ينجسه شيء » وقال آخرون : معنى ذلك : إذا كان الماء
ذنوبا أو ذنوبين لم يحتمل نجسا ، وقد ذكرنا قائلي ذلك فيما مضى . وقال آخرون منهم
بظاهره ، غير أنهم قالوا : إذا غلب على الماء الطاهر لون النجاسة أو ريحها أو
طعمها ، فغير جائز التطهر به ، لأنه قد استحال عن معنى الماء إلى ما عليه من
النجاسة ، والنجاسة لا يتطهر بها ، وإنما يتطهر منها
__________
(1) الفلاة : الصحراء والمفازة ، والقفر من الأرض ، وقيل : التي لا ماء بها ولا
أنيس
(2) القلتان : نحو أربعين دلوا
ذكر من قال ذلك
2308
- حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ،
عن ابن شهاب ، أنه قال في الماء الراكد (1) : « كل ما فيه فضل عما يصيبه من الأذى
(2) حتى لا يغير ذلك طعمه ، ولا لونه ، ولا ريحه ، طاهر يتوضأ منه »
__________
(1) الراكد : ماء غير متجدد وهو الساكن
(2) الأذى : القذارة والأوساخ
2309 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عبد الجبار بن عمر ، قال : قال ربيعة « إذا وقعت الميتة في البئر ، فلم يتغير ريحها ، ولا لونها ، ولا طعمها ، فلا بأس أن يتوضأ منها ، وإن رئي فيها الميتة ، وإن تغيرت نزح منها قدر ما يذهب الرائحة عنها »
2310 - حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، قال : قال سفيان في الماء : « ما لم يتغير طعمه ، ولا لونه ، فأرجو أن يكون واسعا » وعلة قائلي هذه المقالة ظاهر خبر ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الماء لا ينجسه شيء » والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال : خبر ابن عباس الذي ذكرناه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الماء لا ينجسه شيء » ، خبر مجمل فسره وبين معناه خبر ابن عمر الذي رويناه قبل عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا » ، وإنما قلنا ذلك كذلك ، لأن كلا الخبرين عندنا صحيح ، وإذ كان ذلك كذلك ، فغير جائز لأحد إبطال أحدهما والقضاء عليه بالفساد ، مع وجود السبيل إلى تصحيحهما ، إذ كان من أعظم الخطأ أن يظن ظان برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول في وقت واحد : الماء لا ينجسه شيء ، بل تنجسه النجاسات ، أو يقول : الماء لا ينجسه شيء في وقت ، فينفذ العمل بذلك من قوله في أمته حينا ، ثم يقول بعد حين : الماء ينجسه كل ما وقع فيه من النجاسة ، إلا أن يكون قدر قلتين فصاعدا ، فإنه إذا كان قدر ذلك لم ينجسه شيء إلا أن تغير النجاسة لونه أو طعمه ، أو ريحه ، ثم لا ينقل الذين شاهدوا قوليه أي قوليه كان أولا ، وأيهما كان آخرا إلى من بعدهم ، أو لا يبين هو لأمته صلى الله عليه وسلم أن حكم قوله الثاني قد نسخ حكم قول الأول في ذلك ، لأن في ترك تبيين ذلك ، لو كان الأمر في هذين الخبرين على ما ظنه بعض الأغبياء ، تلبيسا على الأمة أمر دينهم في ذلك ، واللازم لهم العمل به فيه ، ولكن الأمر في ذلك بخلاف ما يتوهمه كثير من الجهلة من أن أحد هذين الخبرين ناسخ الآخر ، أو أن أحدهما معارض الآخر ودافع معناه ، أو أن أحدهما صحيح والآخر سقيم ، بل هما عندنا صحيحان ، لعدالة رواتهما ، ومخرجهما كان إن شاء الله من نبي الله صلى الله عليه وسلم ، والقول بهما منه في وقتين ، أحدهما بعد الآخر بغير فصل له بأوقات ، وقد بينا في غير موضع من كتبنا فساد قول من قال بإجازة حكمين من النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما : ناسخ الآخر بغير بيان للأمة الناسخ منهما من المنسوخ ، وخطأ قول الزاعمين بإجازة ورود أخبار تصح مخارجها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معارضا بعضها بعضا . وإذ كان ذلك فاسدا بالأدلة التي استشهدنا بها على فسادها في أماكنها ، فلم يبق قول يصح في هذين الخبرين ، إذ كانا صحيحي المخرج ، إلا القول الذي قلناه ، وهو أن يقال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « الماء لا ينجسه شيء إذا كان قلتين » ، أو أن يقال قال : « إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء ، ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه ، فيزول عنه معنى الماء » ، فروى عنه بعض من سمعه يقول ذلك لبعض سائليه الذين قد عرفوا أن قليل الماء الذي هو أقل من قلتين يتنجس بما يحل فيه من النجاسة عما حلت فيه النجاسة مما هو أكثر من قلتين أنه قال : « الماء لا ينجسه شيء » ، وهو يعني غير الماء الذي قد عرفه السائل والمسئول : أنه ينجس بما حل فيه من النجاسة ، وروى عنه بعض سائليه الذين جهلوا حكم قليل ما حلت فيه النجاسة من الماء وكثيره ، على حسب ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ذلك من قوله : « إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء » فإن قال لنا قائل : قد فهمنا وجه تصحيحك الخبرين الواردين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذين أحدهما عن ابن عباس عنه أنه قال : « الماء لا ينجسه شيء » والآخر منهما عن ابن عمر أنه قال : « إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء » ، ووقفنا على ما وصفت من معنييهما ، وأن أحدهما مبين معنى الآخر ، فما قدر القلتين الذي إذا كان به الماء لم يحتمل نجسا إلا باستحالته عن معنى الماء ؟ قيل له : قدر ذلك قدر خمس قرب فيما قيل بالقرب العظام ، فإن قال : وما الدلالة أن ذلك قدره ، دون أن يكون قدر قربه ، أو بعض قربه ، إذ كانت القربة الواحدة معروفا لها أنه قد يكون فيها من الماء قدر قلال كثيرة من قلال العراق ؟ قيل : الدلالة على صحة ما قلنا من ذلك ، دون ما خالفه ، نقل الحجة وراثة عن نبيها صلى الله عليه وسلم أن قدر القلتين من قلال العراق من الماء ، لو حلت فيه نجاسة لم تغير له طعما ، ولا لونا ، ولا ريحا ، أنه نجس غير جائز التطهر به . فإذ كان ذلك كذلك كان معلوما أن القلال التي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم تحديد قدر الماء الذي لا يحتمل النجاسة بقلتين منها ، غير قلال العراق ، وما أشبهها من قلال سائر البلاد ، ولكنها القلال التي وصفت صفتها ، إذ كان الماء إذا كان بقدر ذلك ، وهو قدر قلتين من قلال هجر ، فهو المختلف في جواز التطهر به ، وما دون ذلك ، فمحكوم له بالنجاسة بقليل ما يحل فيه من النجاسة وكثيره ، بنقل الحجة التي يقطع مجيئها العذر وراثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن قال : وكيف تدعي على الحجة نقلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكرت ، ومن رويت لنا عنه من السلف أنه قال : « الماء لا ينجسه شيء ؟ » ومن قال بخلاف ما اخترت من القول في ذلك أكثر ممن وافقك منهم فيه ؟ قيل : إن من روي عنه خلاف قولي في ذلك أحد رجلين : إما رجل قال بتنجيس قدر الماء الذي قضيت بطهارته ، إذا حلت فيه النجاسة ما لم تغير النجاسة لونه ، أو طعمه ، أو ريحه بالقليل من النجاسة فيه وكثيرها ، فهو مخالف بقوله ما وردت الأخبار الثانية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : « إذا كان الماء قلتين لم يحتمل نجسا » ، فالمناظرة بيني وبينه في تصحيح الخبر الوارد عنه بذلك وتسقيمه دون غيره ، وإما رجل قال بتطهير قدر الماء الذي قضيت بتنجيسه بحلول النجاسة فيه إذا حلت فيه ، فذلك رجل مخالف ما جاءت به الحجة وراثة عن نبيها صلى الله عليه وسلم ، ويسأل من حكم لما قضينا من الماء بالنجاسة بحلول ما فيه من النجاسة التي لم تغير له لونا ، ولا طعما ، ولا ريحا بالطهارة ، إذا حلت فيه النجاسة ، وذلك كرطل من ماء حل فيه نصف رطل من بول ، فلم يغير له لونا ، ولا طعما ، ولا ريحا ، فيقال له : أليس هو عندك طاهرا ؟ فإن قال : لا ، ترك في ذلك قوله ، وقال فيه الحق ، وإن قال : بلى ، قيل له : فما قولك في الوضوء به ، أليس جائزا ؟ فإن قال : لا ، قيل له : وما شأنه لم يجز الوضوء به ، وهو ماء طاهر عندك ، وأي ماء طاهر وجدت لا يجوز الوضوء به ؟ على أنه إن قال ذلك ، ترك أصله ونقض بقوله ذلك قوله : « الماء لا ينجسه شيء » ، لأنه كان عنده قبل حلول النجاسة طاهرا جائزا الوضوء به ، وإذا أبى إجازة الوضوء به بعد حلول النجاسة فيه ، ولم تكن النجاسة غيرته عن حاله الأولى التي كان بها قبل أن تحل فيه ، فقد أبى إجازة الوضوء بالماء الطاهر ، وذلك نقض قوله ، وخروج من قول جميع أهل العلم . وإن قال : بل الوضوء به جائز . قيل له : أوليس القائم إلى صلاته من المؤمنين قد أمر بغسل أعضاء الوضوء بالماء إذا كان له واجدا ، وكان قبل قيامه إليها محدثا حدثا يوجب عليه غسل ذلك ؟ فإن قال : نعم . قيل له : فأخبرنا عن المتوضئ بالرطل من الماء الذي قد خالطه من النجاسة قدر ما ذكرت ، أمتوضئ هو بالماء ، أم بالماء والبول ؟ . فإن قال : بالماء . قيل له : أوليس الماء كان رطلا فصار بالبول الذي حل فيه رطلا ونصفا ، فهل الزيادة على الرطل من الماء إلا البول ؟ . فإن قال : إن البول لما حل في الماء صار ماء طاهرا ، قيل له : وما الذي أوجب مصيره ماء وهو قبل مصيره في الماء بول ؟ وهل بينك وبين من خالفك في ذلك ، فزعم أن النصف الرطل من البول قد حول بحلوله في الطاهر من الماء مقداره من الماء بولا ، إذ كان أعيان الأشياء بامتزاجها يستحيل بعضها عن معناه إلى معنى ما مازجه ، وأن الذي فيما مازجه البول من الرطل الماء نصف رطل ، بمصير النصف الرطل الآخر بولا بامتزاج النصف الرطل من البول به فرق من أصل ، أو نظير ؟ فإن قال : الفرق بيني وبينه وجودي ، غلبة طعم الماء ، ولونه ، وريحه على الذي حل فيه من البول بكثرة أجزائه ، فعلمت بذلك أن البول هو الذي استحال ماء دون الماء ، لأن الماء لو كان هو المستحيل بولا لكان طعم البول ، ولونه ، وريحه هو الغالب على الماء . قيل له : فإن كان البول قد استحال ماء عندك ، فقد ازدادت أجزاء الماء كثرة لا قلة ، وصار الماء رطلا ونصفا . فإن قال : الأمر كذلك . قيل له : فإن نحن ألقينا على جميع ذلك أوقية أخرى من البول ، فتغير طعم الماء ، ولونه ، وريحه ، فصار بلون البول وطعمه ، وريحه ، أترى الرطل والنصف من الماء الذي كان عندك ماء طاهرا ، استحال جميعه بولا نجسا بقدر الأوقية من البول الذي حل فيه ؟ فإن قال : ذلك كذلك ، كفى خصمه مؤونته بإجابته إياه إلى ما لا يخفى على سامعه فساده ، وجهل قائله ، وإجازته استحالة الرطل والنصف الرطل من الماء الطاهر بالأوقية أو النصف الأوقية من البول يحل فيه ، بولا نجسا مع زعمه أن الرطل من الماء الطاهر إذا حل فيه مثل نصفه بول ، فلم يظهر للبول فيه طعم ، ولا لون ، ولا ريح ، أنه قد استحال البول كله ماء طاهرا ، وعدمت عين البول ، وصار الماء الذي كان رطلا قبل حلول البول فيه ، رطلا ونصف رطل بحلول النصف الرطل من البول فيه . فلو كان الأمر كما زعم ، كان استحالة الأوقية من البول في الرطل والنصف الرطل من الماء الطاهر ماء أولى وأحق من استحالة النصف الرطل من البول في الرطل من الماء الطاهر ماء ، إلا عند من كابر عقله ، وأضحك من نفسه خصومه . وإن قال : إذ وضح له فساد قوله في ذلك : بل المتوضئ بالماء الذي قد خالطته النجاسة المائعة ، متوضئ بماء ونجاسة . قيل له : أفأمر القائم إلى الصلاة من المؤمنين بالوضوء بالماء أم بالماء والبول النجس ؟ فإن قال : بالماء والبول النجس ، كفى خصمه مؤونته . وإن قال : بل أمر بالماء وحده ، ترك قوله في ذلك ، ودخل في قول من أنكر الوضوء بالماء الذي قد خالطته النجاسة . فإن قال بعض من سألناه هذا السؤال ممن زعم أن الماء لا ينجس وإن قل ، بمخالطة النجاسة إياه ، حتى يغلب عليه طعمها أو لونها ، أو ريحها ، فيستحيل عن معنى الماء : إن الذي ألزمتنا بهذا السؤال ، لك لازم مثله في قولك : إن الماء إذا كان قلتين لم ينجسه إلا ما غير لونه ، أو طعمه أو ريحه ، فأحاله عن معنى الماء ، لأنك تقول : إذا كان الماء قلتين من قلال هجر ، فوقعت فيه نجاسة مائعة ، لم تغير له طعما ، ولا لونا ، ولا ريحا ، وإن كثرت أجزاء النجاسة فيه ، فالوضوء به جائز ، فلم تعمل في سؤالك إيانا في القليل من الماء إذا دخلت فيه نجاسة ، وإلزامك إيانا ما ألزمتنا أكثر من أن نبهتنا على مطالبتك ، وموضع العورة في مذهبك وقولك في الماء إذا كان قدر قلتين فخالطته نجاسة ، ونحن نقلب عليك هذا السؤال بعينه ، فنقول لك : أرأيت قدر القلتين من الماء الطاهر ، بالقلال التي ذكرت ، إن انصب فيه مثل ربعه من البول أو غيره من النجاسات ، لم يتغير له طعم ، ولا لون ، ولا ريح ، فتوضأ به متوضئ ، أيجزيه وضوءه به ؟ فإن قلت : لا ، تركت قولك في ذلك وهدمت ما تبني فيه ، وإن قلت : نعم ، قيل لك : أخبرنا عنه ، أتوضأ بماء وحده أم بماء وبول ؟ وسألناك مثل سؤالك إيانا ، فما أنت قائل لنا ؟ وما المعنى الذي لزمنا من قولك ؟ بل نلزمك مثله في قولك الذي خالفتنا به . قيل : لو كان الأمر في ما قلنا ، كالذي ظننت ، لكان سؤالنا عما سألناكم عنه ظلما ، ولكن الأمر في ذلك بخلاف الذي ظننت ، بل قولنا في ذلك : النجاسة المائعة ، إذا خالطت ماء ، فإن الماء لم تستحل عينه عما كان عليه من معنى الماء ، غلب طعم النجاسة ، ولونها عليه ، وريحها عليه ، أو لم يغلب عليه شيء من ذلك ، ولا النجاسة استحالت عينها عما كانت عليه من معنى النجاسة إلى معنى الماء ، ولكنهما عينان ممتزجتان ، ورد الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجازته التطهر بذلك ، وكان الغالب عليه لون الماء وطعمه ، دون طعم النجاسة ، ولونها ، وريحها ، فقلنا بإجازته كما ورد الخبر به عنه . ولو كنا قلنا ما قلنا في ذلك استنباطا واستخراجا ، كنا قد ساويناكم ، ولكنا فصلنا منكم بأنا قلنا ما قلنا في ذلك اتباعا للوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأثر ، وقلتم ما قلتموه استنباطا من النظر ، فأريناكم عيب ما قلتم من جهة النظر لتعلموا فساده . فإن قال : إنا وإن كنا أيدنا قولنا بالنظر ، فإن معنا أيضا من الأثر ما قد روينا عن ابن عباس وغيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : « الماء لا ينجسه شيء » . قيل : قد بينا معنى ذلك ، وأنه خبر مجمل قد فسرته الأخبار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك إذا كان قلتين ، وأريناكم الشواهد على فساده من جهة النظر وأما الذين قالوا : ينجس الماء بما حل فيه من قليل النجاسة وكثيرها ، وإن كان قدر قلتين من قلال هجر ، إلا أن يكون الذي حل فيه قدر بركة عظيمة ، إذا حرك أحد جوانبها ، لم تتحرك الجوانب الأخرى بتحرك ما حرك منها ، فيكون حينئذ بمعنى البطائح والبحر ، فإنه يقال لهم : أخبرونا عن تنجيسكم الماء الذي هو أقل من قدر ما قلتم إنه لا يحتمل النجاسة بما حل فيه من قليل النجاسة وكثيرها ، أبنص قلتم بتنجيسه أم القياس ؟ فإن زعموا أنهم قالوا بالنص ، سئلوا عن تبيين ذلك من جهة النص من كتاب أو خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إما من نقل العامة أو نقل الخاصة ، وعزيز ذلك عليهم . وإن قالوا : قلناه قياسا ، قيل لهم : ما الأصل الذي قستم عليه ؟ فإن قالوا : قسناه على إجماع الجميع على أن قليل الماء ، الذي هو قلة أو أقل من قلة بقلال العراق ، ينجس بقليل ما حل فيه من النجاسة ، إذا كان مجتمعا راكدا في موضع ، وذلك قدر من الماء لا شك فيه أنه إذا حركت ناحية منه تحركت نواحيه كلها ، وكان معلوما بذلك أن النجاسة إذا حلت في موضع منه ، أو في جانب من جوانبه ، امتزج بعضه ببعض ، فنجس جميعه ، وهم مع اجتماعهم على ما ذكرنا ، مجمعون على البطيحة ، والبحر أنه لو وقعت فيهما نجاسة ، قلت أو كثرت ، أنهما لا ينجسان ، وهما ماءان إذا حرك جانب من جوانب أحدهما لم يتحرك الجانب الآخر منه ، فألحقنا حكم كل ماء راكد إذا حرك جانب منه لم يتحرك الجانب الآخر ، بحكم البطيحة الراكد ماؤها ، والبحر الدائم ماؤه ، وألحقنا كل ماء قائم إذا حرك جانب منه تحرك الجانب الآخر منه ، بحكم الماء القليل ، الذي هو قدر قلة من قلال أهل العراق ، المجمع على أن النجاسة القليلة إذا دخلت فيه ينجس جميعه ، وإن لم تغير له لونا ولا طعما ، ولا ريحا . قيل لهم : أخبرونا عن الذي رأيتموه نجسا من الماء بحلول النجاسة فيه ، أليس الماء ينجس عندكم بامتزاج بعضه ببعض ، إذا وقعت النجاسة في جانب منه ؟ فإن قالوا : لا ، تركوا في ذلك قولهم ؛ لأنهم زعموا أن الذي إذا حرك جانب منه لم يتحرك الجانب الآخر ، إنما حكموا لهم بالطهارة ، إذا حلت فيه النجاسة ، يتنجس الجانب الذي حلت فيه النجاسة ، ولا يتنجس الجانب الآخر ؛ لإنه لا يمتزج بعضه ببعض ، وأنه إنما يتنجس منه الموضع الذي حلت فيه النجاسة ، وما حوله دون جميعه . وإن قالوا : بلى ، قيل لهم : أخبرونا عن الماء الذي صفته ما ذكرتم ، وأنه إذا كان بها لم يحتمل نجسا ، وكان كالبطيحة ، والبحر إذا دخلت النجاسة في جانب منه وناحية ، أليس الموضع الذي حلت فيه منه نجس عندكم ؟ فإن قالوا : لا ، تركوا في ذلك قولهم ، وإن قالوا : بلى ، قيل لهم : فأخبرونا عن موضع النجاسة من ذلك الماء ، هل يجزئ متوضئا إن توضأ به مما عليه من فرض الطهارة للصلاة ؟ فإن قالوا : بلى : تركوا قولهم في ذلك ، وإن قالوا : لا ، قيل لهم : فأخبرونا عنه إذا كان ذلك عندكم نجسا لا يجزئ متوضئا لو توضأ به مما عليه من فرض الطهارة ، وكان ينجس ما لاقى من بدن من لاقى بدنه ، فما أنتم قائلون فيما ولي ذلك الماء المتنجس ، فيما حل فيه من النجاسة ، وفيما لاقاه منه من الماء . أطاهر هو عندكم أم نجس ؟ فإن زعموا أنه طاهر ، تركوا قولهم . وقيل لهم : ما جعل ما لاقي من الماء طاهرا ، وما لاقاه من أبدان بني آدم وثيابهم نجسا ينجس ما لاقاه من الأشياء المستجسدة ، والمائعة من غير نوعه ؟ فهو لنوعه أشد تنجيسا . فإن قالوا : بل هو نجس . قيل لهم : وكذلك كل جزء ما لقي النجس صار نجسا ، بتنجيس الجزء الذي لقي الجزء النجس منه ، لا يبقى جزء من الماء الراكد إلا صار نجسا بتنجيس أقل قليله . فإن قالوا : الأمر كذلك ، قضوا على الماء الذي زعموا أنه لا يحتمل النجاسة ، وهو الذي إذا حرك أحد جوانبه لم يتحرك الجانب الآخر منه ، بأن جميعه نجس بأقل قليل النجاسة الذي تحل في بعضه ، وعلى ماء البطيحة ، والبحر نجاسته جميعه بذلك . وقد ذكر عن بعض من كان يتعاطى الجدل من أهل هذه المقالة ، أنه ألزم هذا السؤال ، فرأى أنه لازم ، فمضى عليه وألزمه نفسه ، وقضى على ماء البحر والبطيحة بالنجاسة ، إذا علم أن نجاسة قد حلته . وبحسب امرئ من الجهل أن يستجيز لنفسه ما يستقبحه العالم ، فضلا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وإن قالوا في بعض ذلك : هو طاهر ، وفي بعضه هو نجس . قيل لهم : أوليس الذي ينجس منه إنما صار نجسا بملاقاة النجاسة إياه ؟ فإن قالوا : نعم ، قيل لهم : فإن كان ذلك إنما صار نجسا بملاقاته النجاسة ، فلا شك أن الجزء الذي يلي ذلك الجزء الذي لاقي النجاسة ، لم يلاقه إلا بعدما صار الجزء الذي يلي النجاسة نجسا ، فكيف جاز لكم أن تحكموا بما حكمتم له بالطهارة أنه طاهر ، وقد لاقى ماء نجسا ، وإنما حكمتم الذي ولي النجاسة بأنه نجس لملاقاته ما لاقى من النجاسة ؟ وهذا قول إذا تدبره ذو فهم بعقله ، لم يخف تناقضه ، وإفساد بعضه بعضا . فإن قال لنا منهم قائل : فإنا نرد عليك هذا السؤال بعينه في قولك : إذا كان الماء قلتين لم يحتمل الماء نجسا ، فنقول : أخبرونا عن قلتي ماء من قلال هجر حلت فيه نجاسة لم تغير له طعما ، ولا لونا ، ولا ريحا ، أتقول إن الموضع الذي حلت فيه النجاسة منه طاهر ؟ فإن قلت : نعم ، قيل لك : وكيف يكون طاهرا ، وأنت تزعم أن عين النجاسة التي حلت فيه لم تنقلب ؟ أم كيف يكون شيء نجسا ، ما لم يختلط بغيره ، فإذا اختلط بغيره صار طاهرا هو بحاله لم يحل عن معناه ؟ . قيل : إن الأشياء التي قضينا لأعيانها بالنجاسة ، إنما حكمنا لها بذلك لحكم الله - جل ثناؤه - لها به ، تسليما منا لقضائه ، وكذلك كان الأمر منا فيما حكمنا له بالطهارة ، فجعلنا النجاسة إذا لاقت طاهرا إلى الأشياء ، وهي رطبة أو لاقته وهي يابسة ، وما لاقته رطب نجسا بحكم الله - تعالى ذكره - بذلك حكمنا للماء إذا كان قدر قلتين من قلال هجر بالطهارة ، وإن حلت فيه
القول
في البيان عما في هذه الأخبار من الغريب فمن ذلك قول أبي سعيد الخدري أنه قال :
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه يستقى لك من بئر بضاعة ، فإنه يلقى فيها
ما ينجي الناس والمحايض ، يعني بقوله : وإنه يلقى فيها ما ينجي الناس ، يعني ما
يحدثون من القذر ، وهو النجو ، يقال منه : أنجى فلان ، إذا خري ، فهو ينجي إنجاء ،
وهو نجو فلان ، ويقال : ضرب فلان فلانا حتى أنجى ، وللنجو أيضا معنى آخر ، وهو
مصدر من قولهم : نجا فلان أغصان الشجر فهو ينجوها نجوا ، إذا قطعها ، والنجو أيضا
السحاب الذي قد هراق ماءه ، فإن أدخلت فيه هاء التأنيث ، كانت بخلاف هذه المعاني
كلها ، وذلك قولهم : فلان بنجوة من هذا الأمر ، إذا كان بارتفاع منه حيث لا يصيبه
منه أذى ولا مكروه ، كما قال : أوس بن حجر في صفة غيث : فمن بعقوته كمن بنجوته
والمستكن كمن يمشي بقرواح والنجوة : ما ارتفع من الأرض وأما قوله في الخبر الآخر :
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه يستقي لك من بئر بضاعة ، وإنه يلقى فيها
المحايض وعذر الناس ، فإن العذر جمع عذرة وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في
الخبر الذي رواه أبو هريرة عنه ، أنه سئل عن الحياض بين مكة والمدينة ، فقيل له :
يردها الكلاب والسباع : « لها ما في بطونها منه وما غبر فهو لنا طهور » ، فإنه
يعني بقوله : « وما غبر » ، وما بقي ، ومنه قول العجاج : فما ونى محمد مذ أن غفر
له الإله ما مضى وما غبر وأما قول عاصم بن المنذر : دخلت مع عبد الله بن عبد الله
بن عمر بستانا وفيه مقرى ، فإنه يعني بالمقرى : الحوض يجمع فيه الماء ، يقال للرجل
إذا جمع الماء في الحوض : « قرى فلان الماء في الحوض فهو يقريه قرى » ، والحوض
نفسه المقرى ، ويقال للقرد إذا جمع الطعام في شدقه : « قد انقرى قريا ، ومنه قول
الراجز : يا عجبا من صلتان يقري وكان لا يفري فأمسى يحري والقري : مجرى الماء إلى
الرياض ، والمقرى ، أيضا إناء يقرى فيه الضيف ، يقال منه : قريت الضيف فأنا أقريه
قرى - مقصور - وأما إذا همز ، فإنه يصير بمعنى غير هذا ، وذلك إذا قيل : ما قرأت
هذه الناقة سلا قط ، يعني به : إذا لم يشتمل رحمها على ولد ، كما قال عمرو بن
كلثوم : تريك إذا دخلت على خلاء وقد أمنت عيون الكاشحينا ذراعي عيطل أدماء بكر
هجان اللون ، لم تقرأ جنينا والقرو بغير همز ، غير ذلك كله ، وهو أصل النخلة ينقر
، ثم ينتبذ فيه ، ومنه الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن
النقير ، وأصله منقور صرف إلى نقير ، وهو أصل النخلة المنقور . والقرا بفتح القاف
- مقصور - الظهر ، ومنه قول الطرماح بن حكيم : كصياح نوتي يظل على قرا قيدوم قرواء
السراة يندد يقال منه : ناقة قرواء ، إذا كانت طويلة الظهر ، ومنه قول رؤبة بن
العجاج في صفة ناقة : تنشطته كل مغلاة الوهق مضبورة قرواء هرجاب فنق أما قول جد
سلمان بن عتاب : سألت أبا هريرة ، فقلت : إنا نرى الحوض يكون فيه السؤرة من الماء
- يعني بالسؤرة البقية منه - وسؤرة كل شيء بقيته ، ومنه قول سؤر الذئب : ناهزت سؤر
الذئب عنه الذيبا يقال للرجل إذا شرب فأبقى في الإناء منه بقية : » أسأر يسئر
إسآرا « ومنه قول الأعشى : بانت وقد أسأرت في النفس حاجتها بعد ائتلاف ، وخير الود
ما نفعا وهو رجل سآر إذا كان من شأنه الإفضال في الإناء إذا شرب ، ورجل سوار ، إذا
كان وثابا ، من سار فهو يسور سورا ، ورجل سيار ، إذا كان ذا منة على السير ، من
سار فهو يسير سيرا وأما قول أبي هريرة : » فإذا كان الماء أربعين غربا لم ينجسه
شيء « ، فإن الغرب ، هو الدلو العظيمة ، يتخذ من مسك ثور ينوء بها البعير ، يجمع
غروبا ، ومنه قول زهير بن أبي سلمى : كأن عيني في غربي مقتلة من النواضح تسقي جنة
سحقا وللغرب أيضا وجوه غير ذلك ، منها قولهم : في لسان فلان غرب ، إذا كانت فيه
حدة ويقال لحد كل شيء غربه ، كقولهم لحد السيف غربه ، ولأطراف الأسنان غروبها ،
كما قال عنترة : إذ تستبيك بذي غروب واضح عذب مقبله لذيذ المطعم ومنها : » فرس غرب
« ، إذا كان كثير العدو ، ومنها قولهم : » بعين فلان غرب « ، إذا كانت كثيرة سيلان
الدمع لا تنقطع غروبها . وأما » الغرب « ، بتحريك الغين والراء ، فمعنى غير ذلك
كله ، وهو الموضع الذي يسيل فيه الماء بين البئر والحوض ، » والغرب « أيضا : الفضة
، في قول معمر بن المثنى ، ومنه قول أعشى بني قيس بن ثعلبة : باكرتها الأغراب في
سنة النوم فتجري خلال شوك السيال » والغرب « أيضا ، نوع من الشجر ، ومنه أيضا قوله
: إذا انكب أزهر بين السقاة تراموا به غربا أو نضارا وأما قول أبي هريرة إذ سئل عن
الكلاب ترد الحياض : إذا وردن الحكر الصغيرة فلا تطعمه » ، فإنه يعني بالحكر
الصغيرة ، محبسا للماء صغيرا كالحوض الصغير ، ومنه قول الراجز : يا ليتها قد لبست
وصواصا وعلقت حاجبها تنماصا حتى تجيء عصبة حراصا فيجدوني حكرا حياصا معنى قوله : «
فيجدوني حكرا » ، حابسا لها عن التزويج ، ومنه احتكار الطعام ، وهو حبسه على
المشتري بترك بيعه ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : « الجالب مرزوق ،
والمحتكر ملعون » ، يعني بالمحتكر : المحتبس وأما قول عطاء : وهذه الإضاء تلغ فيها
الحمر ، والكلاب « ، يعني بالإضاء ، جمع أضاة ، وهو الغدير من الماء ، ومنه قول
الأعشى : وكل دلاص كالأضاة حصينة ترى فضلها عن ربها يتذبذب وأما قول الشعبي : دفع
عمر إلى ضحضاح من ماء السماء ، فإنه يعني بالضحضاح ، الماء الرقيق القليل الواقف ،
ومنه الخبر الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : » هو في ضحضاح من نار ،
في رجليه نعلان من نار ، يغلي منهما دماغه « يعني بقوله : » في ضحضاح من نار « :
في نار رقيقة قليلة وأما قول عكرمة : إذا كان الماء ذنوبا أو ذنوبين لم ينجسه شيء
» ، فإن الذنوب : الدلو العظيمة ، ومنه قول الله - تبارك وتعالى - : فإن للذين
ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون (1)
__________
(1) سورة : الذاريات آية رقم : 59
ذكر خبر آخر من أخبار سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم
2311 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال : حدثنا أبو أسامة ، عن زائدة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أبصرت الهلال الليلة ، فقال : « تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ؟ » فقال : نعم ، فقال : « قم يا فلان ، فأذن في الناس فليصوموا » حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : « قم يا بلال أذن » وسائر الحديث مثله القول في علل هذا الخبر : وهذا خبر عندنا صحيح سنده ، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح ، لعلل : إحداها : أنه خبر لا يعرف له مخرج يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ، والخبر إذا انفرد به عندهم منفرد وجب التثبت فيه . والثانية : أنه من نقل عكرمة ، وفي نقله عندهم نظر يجب التثبت فيه . والثالثة : أنه خبر قد حدث به عن سماك غير زائدة ، فأرسله عن عكرمة ، ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحدا
ذكر من حدث هذا الحديث عن عكرمة فأرسله ، ولم يجعل بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحدا
2312 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني رأيت الهلال قال : « تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ؟ » ، قال : نعم ، فأمر بلالا ، فنادى في الناس أن يصوموا القول في البيان عما في هذا الخبر من الفقه : والذي فيه من ذلك ، الدليل الواضح على حقيقة قول القائلين بإيجاب العمل بخبر الواحد العدل ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خبر الأعرابي ؛ إذ صح عنده أنه مسلم ، ولم يكن علم منه أمرا تسقط به عدالته ، وكان ظاهره الصدق فيما أخبر به من الخبر ، وعلى ذلك من منهاجه كان عمل الخلفاء الراشدين المهديين الأئمة الصالحين
ذكر من حضرنا ذكره ممن سلك من ذلك سبيل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله فيه
2313 - حدثني الحسن بن مدرك الطحان ، قال : حدثنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب ، أن عمر خرج يطلب الهلال فإذا راكب مقبل ، فقال : « من أين أقبلت ؟ » قال : من الشام ، قال : « أهللت ؟ » قال : نعم . قال : « الله أكبر ، يكفي المسلمين أحدهم »
2314 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ، ومؤمل ، قالا : حدثنا سفيان ، عن عبد الأعلى ، عن ابن أبي ليلى ، عن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه : أنه « أجاز شهادة رجل على رؤية الهلال في فطر أو أضحى »
2315 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا حسن بن الربيع ، عن أبي عوانة ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : خرج عمر رضوان الله عليه ينظر إلى الهلال ، فإذا راكب ، فقال : « من أين أقبلت ؟ » فقال : من الشام ، قال : « أهللت ؟ » قال : نعم . فقال عمر : « الله أكبر ، يكفي المسلمين أحدهم »
2316 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهواري ، قال : حدثنا عامر بن مدرك الحارثي ، قال : حدثنا إسرائيل ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : شهدت عمر ، وجاء راكب ، فشهد عنده أنه رأى هلال شوال ، « فأمر عمر الناس أن يفطروا »
2317
- حدثني علي بن سهل الرملي ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا
عبد الأعلى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : « شهد رجل عند عمر رضوان الله
عليه على رؤية الهلال في أضحى أو فطر ، فأجاز (1) عمر شهادته »
__________
(1) أجاز الأمر : أنفذه وأمضاه وجَعَله جائزا
2318 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي رجاء ، مولى أبي قلابة : أن رجلين قدما المدينة ، وقد رأيا الهلال ، وقد أصبح الناس صياما ، ولم يروا الهلال ، فأتيا عمر ، فذكرا ذلك له ، فقال لأحدهما : « أصائم أنت أم مفطر ؟ » ، فقال : بل مفطر ، فقال : « ما حملك على ذاك ؟ » قال : لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال ، وقال للآخر : « فما أنت ؟ » قال : أنا صائم ، قال : « فما حملك على أن تصوم وقد رأيت الهلال ؟ » ، فقال : إني رأيت الناس صياما ، فلم أكن لأفطر والناس صيام ، فقال للذي أفطر : « لولا مكان هذا لأوجعت رأسك » ، ثم نودي في الناس أن اخرجوا
2319 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، أن رجلين رأيا الهلال ، وهما بطريق مكة ، فتعجلا ، فقدما المدينة ، فإذا الناس صيام ، فأتيا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فأخبراه أنهما قد رأيا الهلال ، فقال لأحدهما : « أصائم أنت أم مفطر ؟ » ، فقال : مفطر ، قال : « وما حملك على ذلك ؟ » ، قال : إني لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال ، فسأل الآخر فقال : أنا صائم ، قال : « ولم ؟ » ، قال : رأيت الناس صياما ، فلم أكن لأخالف عليهم ، فقال عمر : « لولا هذا لأوجعت لك رأسك » ، ثم أمر الناس ، فخرجوا بعدما ارتفع الضحى
2320 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا عبد الملك بن ميسرة ، قال : شهدت المدينة في عيد ، قال : فلم يشهد على الهلال إلا رجل واحد ، « فأمرهم عبد الله بن عمر ، فقبلوا شهادته »
2321 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : حدثني الشيباني ، عن عبد الملك بن ميسرة ، قال : قدمت المدينة فرئي الهلال ، فلا أدري فطر أو صوم ، فلم يشهد عليه إلا رجل ، « فأمرهم ابن عمر يقبلون شهادته »
2322 - حدثني أبو السائب ، سلم بن جنادة السوائي قال : حدثنا حفص بن غياث ، قال : حدثنا الشيباني ، عن عبد الملك ، قال : كنت بالمدينة ، فجاء رجل يشهد على رؤية الهلال ، فقال ابن عمر : « أجيزوا شهادته » ، وقال آخرون : لا يجوز في ذلك أقل من شهادة شاهدين عدلين
ذكر من قال ذلك أو حكم به
2323
- حدثني ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن شقيق ، قال : كنا مع عتبة بن
فرقد السلمي في أناس بالجبل ، فرأينا هلال شوال نهارا ، فأفطرنا ، وكتب إلى عمر
رضوان الله عليه في ذلك ، فكتب عمر : « إن الأهلة بعضها أعظم من بعض ، فإذا أصبحتم
صياما ، فلا تفطروا حتى تمسوا ، إلا أن يشهد رجلان مسلمان يشهدان أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أنهما أهلاه بالأمس عشيا (1) »
__________
(1) العشي : ما بين زوال الشمس وغيابها
2324 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا مغيرة ، والأعمش ، أن عمر رضي الله عنه كتب : « إذا رأيتم الهلال في صدر النهار فأفطروا ، وإذا رأيتموه في آخر النهار فلا تفطروا ، إلا أن يجيء شاهدان يشهدان أنهما رأياه بالأمس » وقال أبو كريب : قيل لأبي بكر : حديث مغيرة ، عن إبراهيم ، وحديث الأعمش ، عن أبي وائل قال : نعم ، إلا أن يجئ شاهدان ، ذكره أخيرا
2325 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين ، فمنا الصائم ، ومنا المفطر ، فلم يكن يعيب بعضنا على بعض ، وقال في كتابه : « إن الأهلة بعضها أكبر من بعض ، فإذا رأيتم الهلال ، فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان مسلمان أنهما قد رأياه بالأمس »
2326 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل ، قال : كتب إلينا عمر رضوان الله عليه ، ونحن بالقادسية : « إن الأهلة بعضها أعظم من بعض ، فإذا رأيتم الهلال أول النهار ، فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس »
2327
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن
أبي وائل ، قال : جاءنا كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ونحن بخانقين : « إن
الأهلة بعضها أكبر من بعض ، فإذا رأيتم الهلال فلا تفطروا حتى تمسوا ، أو يشهد
رجلان مسلمان أنهما أهلا بالأمس عشية (1) »
__________
(1) العشي : ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها
2328 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي في رؤية الهلال قال : « إذا شهد رجلان عدلان جازت شهادتهما »
2329
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عمرو بن
دينار ، أن عثمان « أبى (1) أن يجيز شهادة هاشم بن عتبة الأعور وحده على رؤية هلال
شهر رمضان »
__________
(1) أبى : رفض وامتنع
2330 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني روح ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : سمعت عمرو بن دينار ، يزعم : أن عثمان « أبي أن يجيز شهادة هاشم بن عتبة الأعور وحده على رؤية شهر رمضان » وعلة قائلي هذه المقالة : أن الشهادة على رؤية الهلال شهادة كسائر الشهادات التي لا يجوز قبولها إلا أن يقوم بها عدلان من المسلمين ، وقالوا : إنما قبل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شهادة اثنين ، فغير جائز قبول شهادة أقل منهما
ذكر من روي عنه أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قبول شهادة عدلين في ذلك
2331
- حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا هشيم بن بشير الواسطي ، قال : أخبرني أبو بشر ، عن
أبي عمير بن أنس ، قال : حدثني عمومة لي من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم قال : أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صياما ، فجاء ركب (1) من آخر النهار
فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمر النبي صلى
الله عليه وسلم الناس « أن يفطروا يومهم ، ويخرجوا لعيدهم من الغد »
__________
(1) الرَّكْبُ : الراكبون للسفر وغيره
2332
- حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن ربعي ، قال : أصبح الناس
صياما لتمام ثلاثين يوما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء أعرابيان ،
فشهدا أنهما أهلاه بالأمس عشيا (1) ، « فأمر الناس ، فأفطروا »
__________
(1) العشي : ما بين زوال الشمس وغيابها
2333
- حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن
ربعي بن حراش ، عن بعض ، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : أصبح الناس لتمام
ثلاثين يوما ، فجاء أعرابيان ، فشهدا أنهما أهلاه بالأمس عشية (1) ، « فأمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا »
__________
(1) العشي : ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها
2334
- حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ،
عن ربعي ، أن أعرابيين شهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهما رأيا الهلال ، «
فأجاز (1) شهادتهما » وقال آخرون : ليس ذلك شهادة ، إذ كان الشاهد إنما شهد لغيره
على آخر غيره بحق له ، فأما ما كان خبره عن أمر يلزمه في نفسه فرض الله ، فإنه
مخبر لا شاهد . وقالوا : إذا كان مخبرا لا شاهدا ، وكان خبره ذلك ، إذا صح ، لزمه
، وغيره به فرض ، فإنه غير واجب العمل به حتى يستفيض ذلك الخبر وينتشر ، ويرد
ورودا يوجب العلم بصحته واعتل قائلو ذلك بأن الصوم فرض من فرائض الله ، وأن الفرض
لا يلزم من لزمه إلا بعد قطع عذره بوجوبه عليه
__________
(1) أجاز الأمر : أنفذه وأمضاه وجَعَله جائزا
2335 - وقالوا فيما حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبد الحميد الحماني ، قال : حدثنا محمد بن ربيعة البجلي ، عن رافع بن سلمة ، قال : رأيت علي بن أبي طالب رضوان الله عليه يسأل الناس في آخر يوم من شعبان يقول : « هل رأيتم الهلال ؟ » كلما دخلت جماعة من الناس يقول : « هل رأيتم الهلال ؟ » بيان أن العمل إنما جرى في أول الأمر وقديم الأيام بذلك ، وذلك أن عليا رضي الله عنه إنما اعترض بالمسألة عن رؤية الهلال الجماعة من الناس بعد الجماعة ، دون اثنين عدلين . قالوا : ولو كان سبيل ذلك سبيل الشهادات ، لما قصد بمسألته عن ذلك ، إلا عدلين أو عدولا تجوز شهادتهم على ما شهدوا عليه ، دون كل من ورد عليه من جماعات الناس الذين لا يعرفون ، ولا يوقف على دياناتهم وأمانتهم على ما شهدوا عليه والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الخبر عن رؤية الهلال خبر نظير المنقول عن الحجة التي يلزم العمل به من أورده عليه العدل الصادق واحدا كان الذي أورده عليه ، أو جماعة ، ذكرا كان أو أنثى ، حرا كان أو عبدا ، بعد أن يكون بالصفة التي وصفناها ، وهو أن يكون عدلا صادقا لما ذكرنا في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبوله خبر الأعرابي ، ولقيام الحجة بوجوب العمل بخبر الواحد العدل في الدين ، التي ذكرناها في كتابنا المسمى : « لطيف القول » في البيان عن أصول الأحكام المغنية عن إعادتها في هذا الموضع فإن ظن ظان أن الخبر عن رؤية الهلال مخالف الخبر عن الحجة برسالة أداها عن الله - تعالى ذكره - إليه في شريعة شرعها وفريضة فرضها على عباده ، من أجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا بلغ رسالة ربه ، فإنما يودعها ويبلغها من يقوم من بعده مقام الحجة على من انتهى إليه فيما بلغه وأودعه ؛ لأن ما أمر بتبليغه من الشرائع دين ثابت وفرض لازم العباد إلى قيام الساعة ، وليس كذلك الخبر عن رؤية الهلال ، بل المخبر عن رؤية الهلال غير مأمور بالإخبار عن رؤيته ، ولا أقيم خبره - إن أخبر - مقام الحجة ، فكما كان مخيرا في إخباره غيره برؤيته الهلال ، بين إخباره إياه ذلك وتركه إخباره ، فكذلك المخبر خبره ، مخير بين قبوله خبره وتركه قبوله ، كما لم يكن لمن أبلغ الشريعة وأودعها ترك إبلاغها وكتمانها ، فكذلك الذي أبلغه ذلك المودع ، غير مرخص له في ترك قبولها ، فقد ظن خطأ وذلك أن الذي تنتهي إليه الشريعة التي أودعها الرسول صلى الله عليه وسلم من أودعها إياه ، لن يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون الذي أنهى إليه ذلك واحدا أو جماعة في معنى الواحد ، بأنهم لا يقطعون عذر من أبلغوه الشريعة ، وإما أن يكونوا جماعة يقطع خبرهم عذر من بلغه . فإن كان الذي أبلغه ذلك واحدا أو جماعة بمعنى الواحد في أنهم لا يقطعون عذر من أبلغوه الشريعة ، فإنه إن لم يكن فيهم عدل صادق ، فغير لازمه العمل ، ولا العلم بخبرهم ، وإن كان فيهم عدل صادق ، فإنما يوجب خبره الذي أبلغه من أبلغ ذلك ، العمل دون العلم ، فقد تبين بذلك أنه لم يقم فيما أدى من الشريعة التي كان أودعها وأمر بإبلاغها مقام الحجة التي أودعها ذلك ، وأمره بإبلاغها ، لأن مودع ذلك قد قطع عذره بلقاء الحجة ، وسماعه الشريعة منه شفاها ، والذي أبلغه ذلك المأمور بإبلاغه إياه ، لم يقطع عذره مجيء المخبر به عن الحجة ، وإنما يقبله منه ، إن كان من أهل الصدق ، على التصديق له ، فهو نظير الذي أخبره صادق عن رؤيته الهلال ، في أنه يلزمه من فرض العمل بخبره كما يلزم من فرض العمل بخبر الصادق المخبر عن الحجة بشريعة الله - تعالى ذكره - لا فرق بين ذلك ، ومن فرق بينهما سئل البرهان عن الفرق بين ذلك من أصل ، أو نظير ، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله==
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق